منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 27 Dec 2017, 08:29 PM
أبو عبد الرحمن فتحي المستغانمي أبو عبد الرحمن فتحي المستغانمي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2014
الدولة: الجزائر - مستغانم
المشاركات: 41
افتراضي انتقاص علماء السُّنّة موافقة لأهل البدع ونصرة لأعدائهم

[ انتقاص علماء السُّنّة موافقة لأهل البدع ونصرة لأعدائهم ]

هذا مقال كنتُ نشرته بالتاريخ المبيّن المذكور أسفله في منتديات التصفية والتربية (فيما أحسب).
وكنت هممت أن أشارك بإعادة نشره في هذا الفضاء إخواني للمناسبة, فبحث عنه ولم أجده.
فعمدتُ إلى حقيبتي واستخلصته منها لأُعيد نسخه وبَثّه مع بعض الإضافة في آخره تذكيرا لنفسي وليعُمّ النّفع والله من وراء القصد..

الحمد لله ربّ العالمين والعاقبة للمتقين وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبد ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أما بعد،
فإنّ الله تبارك وتعالى قال: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ () إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} فذكر غير واحد من المفسرين أن ذلك في الأمم السابقة من أهل الكتاب اليهود والنصارى ويلحق بهم أهل النحل الزائغة والأهواء المضلة والآراء الفاسدة، كما قال أبو جعفر رحمه الله في التفسير: وأولى الأقوال في تأويل ذلك، بالصواب قولُ من قال: معنى ذلك: "ولا يزال الناس مختلفين في أديانهم وأهوائهم على أديان وملل وأهواء شتى، إلا من رحم ربك"
وأما المرحومة من تلك كلها فأتباع الرسول صلى الله عليه وسلم في كل وقت، ففازوا بسعادة الدنيا والآخرة؛ لأنهم الفرقة الناجية، كما جاء في الحديث المروي في المسانيد والسنن". وقال السّعدي رحمه الله في التفسير: "فهداهم إلى العلم بالحق والعمل به والاتفاق عليه، فهؤلاء سبقت لهم سابقة السعادة، وتداركتهم العناية الربانية والتوفيق الإلهي. وأما من عداهم، فهم مخذولون موكولون إلى أنفسهم"
الحاصل أن الموفقين من أتباع الرسول محمد صلى الله عليه وسلم المتمسكين بأمر الله ورسوله المعتصمين به، لا يلتفتون إلى من خالفهم أو من خذلهم. فاستثناهم الله جل وعز ووصفهم بأنهم المرحومون، فإذا دب فيهم داء الأمم، مالوا إلى الاختلاف والتنازع.
وإنّ داء الأمم قبلنا، في اختلافهم على أنبيائهم ورسلهم. وإن منازعة العلماء الذين هم ورثة الأنبياء، اختلافٌ عليهم وردٌ للحق واتباع للهوى. فالناصح لنفسه الطامع في رضوان ربه تعالى لازم لغرزهم ملازم لمجالسهم سائل عن قولهم راجع في نوازله إليهم، فهم القوم لا يشقى جليسهم. فمن استنصحهم دلوه وأرشدوه، ومن سألهم أجابوه. فإنهم كالنجوم، إذا ذهبت أتى السماء ما توعد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا».
فالعاقل الحريص على ما ينفعه، أمّ علماء السنة فيما استجد له من الأمور المتعلقة بالديانة، فلا يأمن غيرهم على دينه وليكن شحيحا في ذلك وليتحرى، فإنه حري به أن ينجو من مضلات الفتن بتوفيق الله -تبارك وتعالى- له.
وقد بوّب الخطيب البغدادي رحمه الله في [الفقيه والمتفقه] بخصوص هذا المعنى، فقال: باب أدب المستفتي؛ وقال: "أول ما يلزم المستفتي إذا نزلت به نازلة أن يطلب المفتي، ليسأله عن حكم نازلته فإن لم يكن في محلته وجب عليه أن يمضي إلى الموضع الذي يجده فيه فإن لم يكن ببلده لزمه الرحيل إليه، وإن بعدت داره، فقد رحل غير واحد من السلف في مسألة".
وقال أيضا رحمه الله: "وإذا قصد أهل محلة للاستفتاء عما نزل به، فعليه أن يسأل من يثق بدينه ويسكن إلى أمانته عن أعلمهم وأمثلهم، ليقصده ويؤم نحوه، فليس كل من ادعى العلم أحرزه، ولا كل من انتسب إليه كان من أهله" ا ه.
فعن محمد بن سيرين رحمه الله قال: "إن هذا العلم دين، فلينظر أحدكم عمن يأخذه" وكان يزيد بن هارون رحمه الله يقول: "إنّ العالم حجتك بينك وبين الله تعالى، فانظر من تجعل حجتك بين يدي الله عز وجلّ" ا ه.
فإذا عرفت ذلك، فالواجب عليك توقيرهم وإعظام حقوقهم، وإن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما مكث سنة يريد أن يسأل عمرا رضي الله عنه عن آية فما استطاع أن يسأله، هيبة له. وأمسك بالركاب لزيد بن ثابت رضي الله عنه، فقال: تنح يا ابن عم رسول الله، قال: «لا؛ هكذا يفعل بالعلماء والكبراء» وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "من حق العالم: أن تجلس أمامه، وإذا أتيته خصصته بالتحية وسلمت على القوم عامة. وأن العالم بمنزلة النخلة تنتظر متى يسقط عليك منها شيء، والعالم أفضل من الصائم القائم الغازي في سبيل الله، وإذا مات العالم انثلم بموته في الإسلام ثلمة لا تسد إلى يوم القيامة" ا ه.

ولا شك أن انتقاص العلماء موافقة لأهل البدع ونصرة لأعدائهم. فعيبهم مِن سننهم على مدّ الأعصار، وقد ذكر الشيخ الفقيه محمد بازمول حفظه الله في "معاملة العلماء" (63) قال أنّ ذلك "موافقة أهل البدع والأهواء ومشابهتهم وذلك أن من سنن أهل البدع والأهواء انتقاص العلماء. وانظر ما شئت من الفرق والجماعات المخالفة لهدي الرسول صلى الله عليه وسلم ولمِا كان عليه الصحابة رضوان الله عليهم تجد هذا فيهم. فالشيعة أمرهم مشهور والخوارج حالهم في ذلك مذكور والمعتزلة شأنهم معروف والصوفية ونبزهم علماء الشرع أمره ملحوظ. وهكذا فلا تجد فرقة ولا جماعة ولا طائفة تخالف الصراط المستقيم وتخرج عن سبيل المؤمنين إلا وهي تتكلم في العلماء وتطعن فيهم وتضع من شأنهم وتضيع حقهم وتتخذ رؤساء جهال" ا ه.
ثم اجزم أن من انتقص علماءنا ممن عُرفوا بالعلم والديانة والأمانة وشهد له مَن هم مِن أكابر علماء هذه الأمة بذلك، كالشيخ الوالد الإمام ربيع المدخلي حفظه الله، لا يكون إلا من هذا الصنف مِن أهل الأهواء والبدع، أو مِن أولئك المغرر بهم من أشباه العوام. فإن السلف كانوا يعدّون الطعن على أهل السنّة والذابين عنها؛ من علامات أهل البدع والضلال، بل قد يعدّون الرّجل من أهل البدع بمجرد طعنه عليهم.
فإنّ هذه علامة واضحة كاشفة عن حال المنحرفين والمتسترين، لا تخفى عن الحاذق من السلفيين. وفي الأثر عن أبي حاتم [أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي (1/200)]: "وعلامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر". وقال الإمام أبو عثمان الصابوني [عقيدة السلف (101)]: "وعلامات البدع على أهلها بادية ظاهرة، وأظهر آياتهم وعلاماتهم: شدة معاداتهم لحملة أخبار النبي صلى الله عليه وسلم واحتقارهم واستخفافهم بهم". وقال أبو زرعة كما في طبقات الحنابلة: إذا رأيت الكوفي يطعن على سفيان الثوري وزائدة: فلا تشك أنّه رافضي، وإذا رأيت الشامي يطعن على مكحول والأوزاعي: فلا تشك أنّه ناصبي، وإذا رأيت الخراساني يطعن على عبد الله بن المبارك: فلا تشك أنّه مرجئ، واعلم أنّ هذه الطوائف كلها مجمعة على بغض أحمد بن حنبل؛ لأنّه ما من أحد إلا وفي قلبه منه سهم لا بُرْء له"
وليس غريبا عنك أن في هذا الزمان المتأخر ما من أحد من هؤلاء الحزبيين إلا وفي قلبه من علمائنا سهم لا بُرْء له، فلا يزالون يشغبون عليهم بشتى الأراجيف؛ ولا يضرهم. وقد أحسن القائل (وأظنه السفاريني رحمه الله) قال: "ولسنا بصدد ذكر مناقب أهل الحديث فإنَّ مناقبهم شهيرة ومآثرهم كثيرة وفضائلهم غزيرة، فمن انتقصهم فهو خسيس ناقص، ومن أبغضهم فهو من حزب إبليس ناكص".

كذلك ولا يفوتك في هذا المقام أن تعلم أنّ طبقات المتصدرين للعلم والإفادة تتفاوت وهم يتفاضلون فيه بحسب رتبهم، قال ابن عبد البر رحمه الله في كتاب العلم: "إنما العلماء: أهل الأثر والتفقه فيه، ويتفاضلون فيه بالإتقان والميز والفهم" ا ه.
فليس كل من تصدر للنّاس، وتكلم في العِلم سُمّي عالما؛ "لأن المتصدرين على طبقات:
- فمنهم طبقة العلماء المجتهدين اجتهادا مطلقا، وهؤلاء هم أهل الفتوى العامة والمرجع في النوازل العامة.
- ومنهم طبقة العلماء المجتهدين إجتهادا جزئيا.
- ومنهم طبقة طلاب العلم الذين لم يبلغوا درجة العلماء.
- ومنهم طبقة تعلمت شيئا يسيرا من العلم، ثم تصدروا للخطابة والدعوة، فهذه الطبقة لا يؤخذ منها العلم إلا في باب الوعظ والإرشاد العام.
فهذه الطبقات يجب أن تعرف وأن نميز بينها. ويجب أن نعلم أنه ليس كل من تصدّر للنّاس صلح لئن يفتيهم" (وأنظر في ذك صيانة السلفي للشيخ بازمزل [20])

فالواجب إذن على طالب الحق -والحالة هذه- ألا يتساهل فيما لا يقوم دينه إلا به، فعليه أن يصدق في نيته وليتحرى الصدق ويلزم الصادقين، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} قال ابن كثير رحمه الله: "قال ابن عمر رضي الله عنههما: مع محمد و أصحابه. وقال الضحاك رحمه الله: مع أبي بكر وعمر وأصحابهما".
وقال ابن القيم رحمه الله في اعلام الموقعين (4/107): "قال غير واحد من السّلف هم أصحاب محمد ولا ريب أنهم أئمة الصادقين وكل صادق بعدهم فبهم يأتم في صدقه، بل حقيقة صدقه إتباعه لهم وكونه معهم، ومعلوم أنّ من خالفهم في شيء وإن وافقهم في غيره لم يكن معهم فيما خالفهم فيه" ا ه.

وإنا لا نشك أن حامل لواء السُّنّة في هذا الوقت بحق وصدق هو الشيخ العلّامة إمام الجرح والتعديل ربيع المدخلي حفظه الله وأطال عمره في طاعته. ولا نعلمه إلا وهو يثني خيراً على شيخنا العلّامة أبي عبد المعز فركوس حفظه الله ورعاه وإخوانه ويصفهم من أهل العلم والفضل والسابقة حفظ الله الجميع. وهذه التزكيات العطرات لمشايخنا أسعدت السلفيين، أهل الصدق والديانة، وسُروا بها. ولكنها في نفس الوقت شرق بها أهل الزيغ والضلال، وغاضت المتحزبة والمدسوسين، فقاموا في جبهة يصدون عنهم بشتى التهويلات والطعونات يتنقصونهم ويزدرون بجهودهم. وهم في ذلك يستعملون صنوف من الخطط الماكرات وقد يدفعون بأولئك الأغرار ممن جربوا عليه حبّ الفخر والاستعلاء على الخلق كأمثال الرويبضات الفويسقات، مهما أفل بريق أحدهم حتى ينبت مثله أو أشد انحلالا وأعظم جرأة.
لعمرك ما يهوى لأحمد نكبة ... من النّاس إلا ناقص العقل معور
هو المحنة اليوم الذي يبتلى به ... فيعتبر السني فينا ويسبر

ولا غرابة أن يهجم على هذه الطائفة الظاهرة على الحق الحافظة لبيضة الإسلام المدافعة عن مذهب السلف من أولئك الأشكال، فهم من أحلاس الحزبية، أرغم الله أنوفهم، ففي محاضنها تربوا على الطعن في العلماء، وتربوا على الشغب على علماء السّنّة في كل مكان وزمان، وقد بدؤا بالفتن {كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ}. وإنما الشدائد أن يتحوّل الصديق إلى ركن الأعداء ويتحامل المنتسب على ما إليه انتسب ويتنكّر لمِا قد عرف ومنه اغترف.
ألم يعلم أنّ علماء السّنّة قد شرّفهم الله وفضّلهم وأعلى منزلتهم، فهم بيضة الدين، ومنار الحجة؟! وكيف لا يستوجبون الفضيلة، ولا يستحقون الرتبة الرفيعة؟! وهم الذين حفظوا على الأمة هذا الدّين، وأخبروا عن أنباء التنزيل!
فإنّ الأمر كما قال الإمام أبو محمد الرامهرمزي في مقدمة كتابه ((المحدِّث ال)): --فمن عرف للإسلام حقّه وأوجب للرسول حرمته أكبر أن يحتقر من عظم الله شأنه، وأعلى مكانه، وأظهر حجته، وأبان فضيلته، ولم يرتق بطعنه إلى حزب الرسول وأتباع الوحى وأوعية الدين ونقلة الأحكام والقرآن الذين ذكرهم الله عز وجل في التنزيل فقال: { وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ }.
ولكنها الرزيّة كما قال ابن مسعود رضي الله عنه، أنْ تَعرف ما كنتَ تُنكر وتنكر ما كنت تَعرف، وصدق والله! فإنّ الجيّ لا تؤمن عليه الفتنة ومن كان مستنا فليستن بمن قد مات.
هذا وإنّ من استيقن ذلك ولزم غرز العلماء وثبت عند المحن وصبر على الإحن لا يحفل بمن يعترض عليه حسدًا على ما آتاه الله من فضله.
وكان الحسن البصري : يقول: "السنة، والذي لا إله إلا هو بين الغالي والجافي، فاصبروا عليها رحمكم الله، فإن أهل السّنّة كانوا أقل النّاس فيما مضى وهم أقلّ النّاس فيما بقي: الذين لم يذهبوا مع أهل الإتراف في إترافهم، ولا مع أهل البدع في بدعهم، وصَبروا على سُنَّتهم حتى لقوا ربهم، فكذلك إن شاء الله فكونوا".
فرحم الله عبداً قال بالحق واتّبع الأثر وتمسك بالسّنّة واقتدى بالصالحين..
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

وكتب/ حميد بن عبود الجزائري
كان الله في عونه
يوم 6 رجب 1434 – مستغانم-
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
منهج

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013