منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 16 Jul 2017, 04:27 PM
أبو حـــاتم البُلَيْـــدِي
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي العَصَا وَالمُخَذِّلُونَ!

العَصَا وَالمُخَذِّلُونَ!




بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَحِيمِ

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالعَاقِبَةُ لِلمُتَّقِينَ، وَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ كَالمُخَذِّلَةِ وَالمُرْجِفِينَ..

وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلاَّ اللهُ وَلِيُّ المُتَّقِينَ الصَّادِقِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الصَّادِقُ الأَمِينُ.
أَمَّا بَعْدُ:

فَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « إِنَّ الإِسْلَامَ بَدَأَ غَرِيبًا، وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ، فَطُوبَى لِلغُرَبَاءِ » قِيلَ: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: « الَّذِينَ يَصْلُحُونَ إِذَا فَسَدَ النَّاسُ » [ الصَّحِيحَة: ١٢٧٣ ].
وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ وَنَحْنُ عِنْدَهُ: « طُوبَى لِلْغُرَباءِ »، قِيلَ: وَمَنِ الغُرَبَاءُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: « نَاسٌ صَالِحُونَ قَلِيلٌ فِي نَاسِ سَوْءٍ كَثِير، مَنْ يَعْصِيهِمْ أَكْثَرُ مِمَّنْ يُطِيعُهُمْ » [ الصَّحِيحَة: ١٦١٩ ].

وَإِنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ اليَوْمَ يَعِيشُونَ الغُرْبَةَ بَيْنَ بَعْضِ المُنْتَسِبِينَ لِلسُّنَّةِ، فَفِي المَوَاقِفِ الَّتِي تَسْتَوْجِبُ النُّصْرَةَ وَالنَّفِيرَ لِبَيَانِ اِجْتِمَاعِ الكَلِمَةِ وَاِتِّفَاقِ الرَّأْيِ فِي مُوَاجَهَةِ المُخَالِفِ تَجِدُ بَعْضَ إِخْوَانِكَ مِمَّنْ ضَعُفَ وَجَبُنَ عَنِ المُوَاجَهَةِ يَلْوُونَ رُؤُوسَهُمُ اشْمِئْزَازًا مِنْ ظُهُورِ المُوَاجَهَةِ مَعَ أَصْنَافٍ ( مُعَيَّنَةٍ ) مِنْ أَهْلِ الأَهْوَاءِ، وَلَيْتَهُمْ سَكَتُوا وَاكْتَفَوْا بِجُبْنِهِمْ، لَكِنَّهُمْ تَعَدَّوا ذَلِكَ إِلَى إِنْكَارِ الكَلَامِ فِي بَيَانِ حَالِ ( بَعْضِ ) المُبْطِلِين، بَلْ مِنْهُمْ مَنْ يَعُدُّهُ فِتْنَة!، وَهُمْ فِي ذَلِكَ عَلَى خَطَرٍ عَظِيمٍ -وَالعِيَاذُ بِاللهِ- فَالسَّلَفُ كَانَ حُكْمُهُمْ جَلِيًّا فِيمَنْ يُثَبِّطُ عَنِ التَّحْذِيرِ مِنْ أَهْلِ الأَهْوَاءِ، فَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَلْقَمَةَ قَالَ: كُنْت عِنْدَ أَرْطَأةَ بْنِ المُنْذِرِ فَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ المَجْلِسِ: مَا تَقُولُونَ فِي الرَّجُلِ يُجَالِسُ أَهْلَ السُّنَّةِ وَيُخَالِطُهُمْ، فَإِذَا ذُكِرَ أَهْلُ البِدَعِ قَالَ: دَعُوْنَا مِنْ ذِكْرِهِمْ لَا تَذْكُرُوهُمْ؟، قَالَ أَرْطَأَة: " هُوَ مِنْهُمْ لَا يُلَبِّسْ عَلَيْكُمْ أَمْرَهُ "، قَالَ: فَأَنْكَرْتُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ أَرْطَأَة قَالَ: فَقَدِمْتُ عَلَى الأَوْزَاعِيِّ، وَكَانَ كَشَّافًا لِهَذِهِ الأَشْيَاءِ إِذَا بَلَغَتْهُ، فَقَالَ: " صَدَقَ أَرْطَأَة وَالقَوْلُ مَا قَالَ؛ هَذَا يَنْهَى عَنْ ذِكْرِهِمْ، وَمَتَى يُحْذَرُوا إِذَا لَمْ يُشَدْ بِذِكْرِهِمْ ؟! " [ تَارِيخُ دِمَشْقَ: ٨/١٥ ].

وَفِي هَذَا رَدٌّ صَرِيحٌ عَلَى أَدْعِيَاءِ ( الصَّمْتُ حِكْمَةٌ )!!

وَمِنْ عَجِيبِ صَنِيعِ المُخَذِّلَةِ أَنَّ حِكْمَةَ ( الصَّمْتِ ) تَذْهَبُ فَجْأَةً! إِذَا تَعَلَّقَ الأَمْرُ بِخَطَأٍ يَصْدُرُ مِنْ بَعْضِ إِخْوَانِهِمْ مِمَّنْ يُحَذِّرُونَ مِنْ أَهْلِ الأَهْوَاءِ -وَخَاصَّةً مِنْ طَائِفَةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْهُمْ- وَيُقَارِعُونَ بَاطِلَهُمْ بِالحَقِّ، فَتَجِدُهُمْ يَصُبُّونَ عَلَيْهِمْ جَامَ غَضَبِهِمْ بِدَعْوَى الحِفَاظِ عَلَى الدَّعْوَة!!

لِذَلِكَ أَعُودُ وَأُذَكِّرُ إِخْوَانَي الأَفَاضِلَ بِأَنْ يَرْتَقُوا لأَنَّ القَاعَ قَدِ ازْدَحَم!!
وَأَقُولُ لِإِخْوَانِي -حَفِظَهُمُ اللهُ- إِنَّهُ لَيْسَ لَنَا اليَوْمَ عُذْرٌ فِي عَدَمِ تَعَلُّمِ أُصُولِ السُّنَّةِ، فَإِنَّ الوَسَائِلَ الحَدِيثَةَ قَدْ يَسَّرَتْ بَيْنَ أَيْدِينَا العِلْمَ كَمَا لَمْ يَتَيَسَّرْ فِي زَمَنِ مَنْ قَبْلَنَا..
وَلَيْسَ لَنَا أَنْ نَرْتَقِيَ عَنْ أَهْلِ الأَهْوَاءِ المُخَالِفِينَ وَعَنِ الأَصْحَابِ المُخَذِّلِينَ إِلَّا بِالحِرْصِ عَلَى كُتُبِ السُّنَّةِ لِتَزْدَادَ بَصِيرَتُنَا بِالمَنْهَجِ السَّلَفِيِّ، وَلَا تَكُنْ عَزَائِمُنَا ضَعِيفَةً تَرْضَى بِمَنْشُورٍ فِي ( مَطْوِيَّة! ) بَلْ بِـ ( بِطَاقَةٍ دَعَوِيَّة! ) عَلَى أَنَّهَا قَدْ حَصَّلَتْ أُصُولَ الدَّعْوَةِ السَّلَفِيَّة!

وَاعْلَمُوا -رَعَاكُمْ اللهُ- أَنَّنَا بِهَذَا التَّمَسُّكِ بِكُتُبِ السُّنَّةِ سَنَكُونُ سَبَبًا -بِإِذْنِ اللهِ- فِي إِسْقَاطِ العَصَا مِنْ يَدِ المُخَذِّلِينَ، لأَنَّ شَوَهِدَ الاِمْتِحَانِ فَضَّاحَة، وَهُمْ يَهْوَوْنَ إِمْسَاكَهَا مِنَ الوَسَطِ وَحَيْثُمَا مَالَتْ مَالُوا!، فَلْنَكُنْ عَوْنًا لِمَشَايِخَ السُّنَّةِ عَلَى نَشْرِهَا وَبَيَانِهَا..

رَوَى ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: " مَا كَانَ الرَّجُلُ يُعَدُّ رَجُلًا حَتَّى يَعْرِفَ السُّنَّةَ " [ تهذيب التهذيب: ٣٧٧/٧ ].

وَقَدْ كَانَ الثَّبَاتُ فِي ( شَوَاهِدِ الاِمْتِحَانِ ) هُوَ مَنْ يَرْفَعُ رِجَالًا وَيَضَعُ آخَرِينَ، فَانْظُرْ إِلَى تَعْظِيمِ الإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ لِمُحَمَّدِ بْنِ نُوحٍ رَحِمَهُمَا الله، فَكَثِيرًا مَا كَانَ يَدْعُو لَهُ وَيَذْكُرُ ثَبَاتَهُ فِي المِحْنَةِ وَتَثْبِيتَهُ لِلإِمَامِ أَحْمَد، وَكَانَ الإِمَامُ أَحْمَدُ يُعَظِّمُ شَأْنَهُ وَيُعْلِي مَكَانَتَهُ، مَا لَمْ يَقُلْهُ فِي كَثِيرٍ مِنْ أَئِمَّةِ زَمَانِهِ، لِأَنَّ العِبْرَةَ عِنْدَ السَّلَفِ بِالمَوَاقِف، لَا بِكَثْرَةِ الجُلُوسِ وَالرِّوَاية!

وَعَلَيْنَا أَلَّا نَرْكَنَ إِلَى الرَّاحَةِ وَالدَّعَة، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: « المُتَمَسِّكُ بِسُنَّتِي عِنْدَ اخْتِلَافِ أُمَّتِي كَالقَابِضِ عَلَى الجَمْرِ » [ الصَّحِيحَة: ٩٥٧ ].
فَمَنْ لَمْ يَجِدْ حَرَّ الجَمْرِ فِي يَدِهِ فَلْيَعْلَمْ أَنَّ فِي تَمَسُّكِهِ بِالسُّنَّةِ خَلَلًا عَلَيْهِ مُعَالَجَتُهُ، وَلَنْ يُدْرِكَ هَذَا الأَمْرَ إِلَّا بِتَعَلُّمِ أُصُولِ المَنْهَجِ السَّلَفِيِّ مِنْ مَظَانِّهِ المَعْرُوفَةُ، كَــ " أُصُولِ السُّنَّةِ " لِلإِمَامِ أَحْمَد، وَ " السُّنَّة " لِاِبْنِهِ عَبْدِ الله، وَ " الإِبَانَة " لِاِبْنِ بَطَّة، وَ " أُصُولِ الِاعْتِقَادِ " لِلاَّلَكَائِي، وَ " الشَّرِيعَةِ " لِلآجُرِّي، وَ " شَرْحِ السُّنَّةِ " لِلبَرْبَهَارِي، وَغَيْرِهَا مِنْ كُتُبِ السُّنَّةِ الَّتِي اعْتَنَى بِهَا العُلَمَاءُ شَرْحًا وَتَعْلِيقًا..

وَإِيَّاكُمْ وَالوَحْشَة، وَالتَّرَاجُعَ عَنْ عَزِيمَتِكُمْ بِسَبَبِ التَّخْذِيل.

قَالَ ابْنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ الله:
" قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: ( عَلَيْكَ بِطَرِيقِ الْحَقِّ، وَلَا تَسْتَوْحِشْ لِقِلَّةِ السَّالِكِينَ، وَإِيَّاكَ وَطَرِيقَ الْبَاطِلِ، وَلَا تَغْتَرَّ بِكَثْرَةِ الْهَالِكِينَ )، وَكُلَّمَا اسْتَوْحَشْتَ فِي تَفَرُّدِكَ فَانْظُرْ إِلَى الرَّفِيقِ السَّابِقِ، وَاحْرِصْ عَلَى اللَّحَاقِ بِهِمْ، وَغُضَّ الطَّرْفَ عَمَّنْ سِوَاهُمْ، فَإِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، وَإِذَا صَاحُوا بِكَ فِي طَرِيقِ سَيْرِكَ فَلَا تَلْتَفِتْ إِلَيْهِمْ، فَإِنَّكَ مَتَى الْتَفَتَّ إِلَيْهِمْ أَخَذُوكَ وَعَاقُوكَ " [ مَدَارِجُ السَّالِكِين: ٤٦/١ ].

وَقَالَ الإِمَامُ عَبْدُ العَزِيز بْنُ بَاز رَحِمَهُ الله:
هَذَا هُوَ الاِبْتِلَاءُ وَالاِمْتِحَانُ وَلَاسِيَمَا فِي آخَرِ الزَّمَانِ، فِي زَمَانِنَا هَذَا، نَحْنُ فِي آخَرِ الزَّمَانِ وَفِي غُرْبَةٍ مِنَ الدِّينِ، فَلَابُدَّ مِنَ الصَّبْرِ كَمَا أَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ الصَّابِرُ عَلَى دِينِهِ كَالقَابِضِ عَلَى الجَمْرِ » وَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « بَدَأَ الإِسْلَامُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ فَطُوبَى لِلغُرَبَاءِ » أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، زَادَ غَيْرُه: قِيلَ مَا الغُرَبَاءُ؟ قَالَ: « الَّذِينَ يَصْلُحُونَ إِذَا فَسَدَ النَّاسُ » وَفِي لَفْظٍ آخَرَ « يُصْلِحُونَ مَا أَفْسَدَ النَّاسُ مِنْ سُنَّتِي »، وَفِي حَدِيثِ أَبِي ثَعْلَبَة « لِلعَامِلِ مِنْهُمْ أَجْرُ خَمْسِينَ » قِيلَ يَا رَسُولَ اللهِ: مِنَّا أَوْ مِنْهُمْ؟ قَالَ « بَلْ مِنْكُمْ ».
وَأَسْبَابُ ذَلِكَ:
* قِلَّةُ الأَنْصَارِ وَالأَعْوَانَ.
* وَكَثْرَةَ المَهَالِكِ وَالشُّبَهِ.
* وَكَثْرَةُ طُرُقِ الضَّلَالَةِ وَالدُّعَاةِ إِلَيْهَا.
فَلِهَذَا الصَّابِرُ فِي آخَرِ الزَّمَانِ عَلَى العِلْمِ وَالعَمَلِ لَهُ أَجْرُ خَمْسِينَ مِنَ الصَّحَابَة، مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ، لِأَنَّهُمْ يَجِدُونَ أَعْوَانًا، فِي أَوَّلِ مَجِيءِ الإِسْلَامِ وَفِي نَشَاطِ الإِسْلَامِ وَفِي نَشَاطِ المُسْلِمِينَ وَقُوَّةِ الإِسْلَامِ وَقُوَّةِ المُسْلِمِينَ وَكَثْرَةِ الأَعْوَانِ وَانْدِحَارِ الأَعْدَاء.
أَمَّا فِي آخَرِ الزَّمَانِ فَالعَكْس، كَثْرَةُ الأَعْدَاءِ وَكَثْرَةُ دُعَاةِ الضَّلَالَةِ وَقِلَّةُ الأَنْصَارِ وَقِلَّةُ المَعِينِ عَلَى الحَقِّ مَعَ كَثْرَةِ الشُّبَهِ، هَذَا صِرَاعٌ بَيْنَ الحَقِّ وَالبَاطِلِ فِي آخَرِ الزَّمَانِ شَدِيدٌ.
فَلَابُدَّ مِنْ صَبْرٍ -عَلَى مَنْ تَعَلَّمَ وَعَرَفَ- مَنْ تَعَلَّمَ الحَقَّ ثُمَّ رَأَى مَا يُضَادُّهُ حَمِدَ الله عَلَى البَصِيرَةِ وَحَمِدَ الله بِأَنْ جَعَلَهُ مِمَّنْ عَرَفَ هَذَا الحَقَّ، ثُمَّ يَعْمَلُ بِمَا يَسْتَطِيعُ مِنْ إِنْكَارِ المُنْكَرِ وَالدَّعْوَةِ إِلَى الخَيْرِ حَتَّى يُحَقِّقَ مَا عَلِمَ، وَهَذَا يَشْمَلُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالعَقَائِدِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِالفُرُوعِ، وَهَذَا مِمَّا يُسَبِّبُ عَظِيمَ الأُجُورِ وَكَثْرَةَ الحَسَنَاتِ لِمَنْ صَبَرَ وَاحْتَسَبَ، وَيُبَصِّرُهُ أَيْضًا بِالعِلْمِ وَيَزِيدُهُ عِلْمًا فَإِنَّهُ يُزِيلُ المُتَنَاقِضَاتِ مِمَّا يُعِينُ عَلَى التَّوَسُّعِ فِي العِلْمِ وَالتَّبَصُّرِ وَمَعْرِفَةِ الشُّبَهِ لِإِزَالَتِهَا وَالقَضَاءِ عَلَيْهَا، وَمَعْرِفَةِ السُّبُلِ الَّتِي تُعِينُ عَلَى الحَقِّ وَتَهْدِي إِلَيْهِ حَتَّى يَنْشُرَهَا بَيِنَ النَّاسِ " [ مَقْطَع: أَنْتُمْ فِي آخَرِ الزَّمَانِ وَفِي غُرْبَةٍ مِنْ الدِّينِ ].

وَقَالَ ابْنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ الله:
فَأَهْلُ الْإِسْلَامِ فِي النَّاسِ غُرَبَاءُ ، وَالْمُؤْمِنُونَ فِي أَهْلِ الْإِسْلَامِ غُرَبَاءُ ، وَأَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمُؤْمِنِينَ غُرَبَاءُ .
وَأَهْلُ السُّنَّةِ الَّذِينَ يُمَيِّزُونَهَا مِنَ الْأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ فَهُمْ غُرَبَاءُ، وَالدَّاعُونَ إِلَيْهَا الصَّابِرُونَ عَلَى أَذَى الْمُخَالِفِينَ هُمْ أَشَدُّ هَؤُلَاءِ غُرْبَةً، وَلَكِنَّ هَؤُلَاءِ هُمْ أَهْلُ اللَّهِ حَقًّا، فَلَا غُرْبَةَ عَلَيْهِمْ، وَإِنَّمَا غُرْبَتُهُمْ بَيْنَ الْأَكْثَرِينَ، الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِمْ: ﴿ وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ﴾، فَأُولَئِكَ هُمُ الْغُرَبَاءُ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَدِينِهِ، وَغُرْبَتُهُمْ هِيَ الْغُرْبَةُ الْمُوحِشَةُ، وَإِنْ كَانُوا هُمُ الْمَعْرُوفِينَ الْمُشَارُ إِلَيْهِمْ " [ مَدَارِجُ السَّالِكِين: ١٨٦/٣].

وَأُنَبِّهُ الإِخْوَةَ عَلَى أَنْ يَكُونُوا أَعْوَانًا لِبَعْضِهِمْ عَلَى الحَقِّ.

قَالَ شَيْخُنَا العَلَّامَةُ مُحَمَّد عَلِي فَرْكُوس حَفِظَهُ الله:
" فَإِنَّ المُسْلِمَ مَأْمُورٌ بِالتَّعَاوُنِ عَلَى الخَيْرِ وَنَشْرِ السُّنَّةِ وَإِقَامَتِهَا وَتَوْسِيعِ مَجَالِ الفَضِيلَةِ سَوَاءً كَانَ فَرْدًا أَوْ جَمَاعَةً أَوْ هَيْئَةً، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنَ التَّعَاوُنِ عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى، كَمَا أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِقَمْعِ البِدْعَةِ وَتَرْكِ التَّعَاوُنِ عَلَى نَشْرِهَا لِمَا فِيهَا مِنْ ضَلَالٍ وَهَلَاكٍ وَإِثْمٍ وَفَسَادٍ، وَالعَمَلِ عَلَى إِزَالَتِهَا أَوْ تَضْيِيقِ دَائِرَتِهَا وَمَجَالَاتِهَا، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [المائدة: ٢]، وَالمَرْءُ مَوْكُولٌ إِلَى دِينِهِ وَيَتَحَمَّلُ آثَارَ عَمَلِهِ بِحَسَبِ تَعَاوُنِهِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ ﴾ [يس: ١٢]، وَتَتَعَدَّى نَتَائِجُ عَمَلِهِ إِلَى غَيْرِهِ نَفْعًا أَوْ ضَرًّا، خَيْرًا أَوْ شَرًّا، فَضِيلَةً أَوْ رَذِيلَةً، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا » " [ الجَوَابُ الصَّحِيح فِي إِبْطَالِ شُبُهَاتِ مَنْ أَجَازَ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدٍ فِيهِ ضَرِيح: ١٢ ].


أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ..
وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ..


وَكَتَبَ
أَبُو حَـــاتِم البُلَيْـــدِي
الأَحَد ٢٢ شَوَّال ١٤٣٨ هـ


رد مع اقتباس
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013