تنبيه الأنام إلى الفاظ خاطئة تتعلق بحج بيت الله الحرام
تنبيه الأنام
إلى ألفاظ خاطئة تتعلق بحجِّ البيت الحرام
لفضيلة الشيخ عمر الحاج مسعود
هذه مجموعة من العبارات الشَّائعة الخاطئة تتعلَّق بحجِّ البيت الحرام، أَزُفُّها إلى القرَّاء، أُبَيِّنُ ما فيها من خطإٍ وَزَلَلٍ، وأوضِّح ما عليها من هفوة وخَطَل، واللهُ الموفِّقُ للسَّداد، الهادي إلى سبيل الرَّشاد. 1 ـ نَغْسَلْ عْظَامِي:
هناك طائفة من النَّاس إذا عَزَمُوا على الحجِّ قالوا: «نْرُوحُو نَغَسْلُو عْظَامْنَا»... يعني من الذُّنوب، وهذا خطأٌ في التَّعبير، وكان المفروض أن يقولوا: «نَغَسْلُو قلوبنا وذنوبنا».
إنَّ الحجَّ عبادةٌ عظيمة وشعيرةٌ جليلة مقصودها الأعظم توحيدُ الله وتعظيمُه وعبادته، ومرادها الأكبر مغفرةُ ذنب العبد
والله ـ جلَّ وعلا ـ أمر المؤمنين بالصَّلاة والسَّلام عليه فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا
عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56].
وهذا خطابٌ لجميع المؤمنين حيثما كانوا ومتى وُجدوا، فيصلَّى عليه في الصَّلاة وبعد الأذان وعند سماع اسمه وفي
مواضع أخرى معروفة ولا يحتاج إلى قطع المسافات([18]).
ويُعرض عليه ذلك عن طريق ملائكة سَيَّاحين، قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ للهِ مَلاَئِكَةً سَيَّاحِينَ فِي الأَرْضِ يُبَلِّغُونِي
مِنْ أُمَّتِي السَّلاَمَ»([19]).
كما أنَّ الله يردُّ عليه روحه ـ عند السَّلام عليه ـ ليردَّ على الْمُسَلِّم، قال صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ
يراد بهذه العبارة: أنَّ مَنْ لَمْ يحجَّ فالكعبة تشتاق إليه وتتمنَّى أن يطوف بها، ومَنْ وُفِّقَ لزيارتها والطَّواف بها يزداد لها
شوقُه ويشتدُّ حنينُه، وهذا حقٌّ؛ فكلَّما تكرَّرت للبيت الحرام الزِّياراتُ ازدادتْ له الأشواقُ والنَّفحات، لكن أين الدَّليل على
أنَّ الكعبة تبكي على من لم يَرَها وتشتاق إليه؟! فهذا كلامٌ ليس عليه أَثَارَةٌ مِنْ علم.
والحقيقة أنَّ قلوب المؤمنين المحبِّين هي الَّتي تهوي إليها وتَحِنُّ، جاء في دعاء إبراهيم عليه السلام: ﴿فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ
النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ﴾ [إبراهيم: 37]، وقال تعالى: ﴿وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً﴾ [البقرة: 125]،، مثابة: أي ملجأً
ومرجعًا، قال ابن عبَّاس: «يثوبون إليه ثمَّ يرجعون»، وقال سعيد بن جبير: «يحجُّون ثمَّ يحجُّون ولا يقضون منه
وَطرًا»([28]). 8 ـ تْحَجْ فِيَّ:
إنَّ النَّاس يحبُّون الحجَّ ويعظِّمون أمره ويجلُّون شأنه، ويستعمل بعضُهم هذه العبارة، فإذا طلب من غيره أنْ يسدِي له
معروفًا تَرَجَّاهُ بقوله: «تحجّ فيَّ»، ترغيبًا في فعله وتحريضًا على تحقيقه.
والمقصود أنَّ هذا العمل المطلوب إسداؤه بمنزلة الحجِّ وثوابه، وهذا خطأ؛ لأنَّه إنَّما يعرف عن طريق الشَّرع.
نعم هناك أعمال لها أجرُ الحجِّ والعمرة، دلَّت عليها النُّصوص؛ من ذلك ما جاء في حديث أبي أمامة رضي الله عنه أنَّ
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ مُتَطَهِّرًا إِلَى صَلاَةٍ مَكْتُوبَةٍِ فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ الحَاجِّ الْمُحْرِمِ، وَمَنْ خَرَجَ