منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 28 Jun 2012, 04:33 PM
أبو عثمان سعيد مباركي أبو عثمان سعيد مباركي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2011
الدولة: سعيدة
المشاركات: 254
افتراضي وصايا رمضانية [ قرض لها الشيخ عبد الحكيم دهاس]

وصايا رمضانية


كتبه أبو عبد الحق أمين


بسم الله الرحمان الرحيم

الحمد لله الذي لا إله إلا هو المتفرد بالكمال, والصلاة والسلام على عبده ورسوله البالغ أسنى المراتب والأحوال، وعلى آله وصحبه وأتباعهم بإحسان أهل الصدق في الأقوال والأفعال، وبعد:

أخي المسلم أختي المسلمة،

فهذا شهر مبارك قد أظلنا, أيامه قليلة معدودة، وساعاته نافدة محدودة، ولكنّ الأجور فيه مضاعفة مزيدة:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴿183﴾ أيام ا مَعْدُودَاتٍ﴾ إلى قوله سبحانه: ﴿ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [البقرة/185]،

~شهر تفضل الله علينا به فنشر فيه رحمته وأفاض فيه بركته، ويسّر فيه رضوانه، وصفّد الشيطان وأعوانه، ونادى المنادي أن يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر

~شهر أحبه الله تعالى فأودعه شريعة الصيام، وجعل في لياليه العظام التهجد والقيام، ومع ذلك كله الصدقات والذكر والقرآن

~ ثم أودعه ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر هي ليلة ﴿خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5) ﴾ [القدر/3-5]

~فيرى الله تعالى عباده في أيام هذا الشهر ولياليه, يتقلبون في مراضيه, أضناهم الجوع والعطش وأتعبهم القيام والسهر، وهم مع ذلك كله يقولون: "مخلصين له الدين ولو كره المشركون"

~ فلا يُرى الله سبحانه أرحم -منه في هذا الشهر- ولا أرأف ولا أكرم، ولا أعفى لذنب، ولا أستر لعيب، ولا أمن بالهدى، ولا أجود بالندى.

~ فيا لهفي على هذا الشهر كم له من الفضائل ويا شوقي إليه فكم له من الخصائص والخصائل

~فمهما كتب الناس وذكروا, وألفوا وأكثروا, وجمعوا وحصروا, فهو البحر ملؤه الدرر

وإليك أخي القارىء الكريم هذه النخبة المختارة من كلام سيد الأنام، نزيّن بها المقام، ونخرجها عن الأعلام، بأسانيدها القوام:

- فعَنْ مَالِك عَنْ عَمِّهِ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: "إذا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ وَصُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ." [موطأ مالك 2 /415]

- وقال مَالِك أيضا: عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الأعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ إِنَّمَا يَذَرُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ مِنْ أَجْلِي فَالصِّيَامُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ كُلُّ حَسَنَةٍ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إلى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ الأ الصِّيَامَ فَهُوَ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ." [موطأ مالك - 2 /414]

- وقال البخاري: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ." [صحيح البخاري - 1 /67]

- وقال البخاري: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ." [صحيح البخاري - 1 /65]

- وقال البخاري: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الأعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الصِّيَامُ جُنَّةٌ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ وَإِنْ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي الصِّيَامُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا." [صحيح البخاري - 6 /457]

- وقال مسلم: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "شَهْرَا عِيدٍ لَا يَنْقُصَانِ رَمَضَانُ وَذُو الْحِجَّةِ." [صحيح مسلم 5 /372]

- وقال الترمذي: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ الأعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ وَيُنَادِي مُنَادٍ يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنْ النَّارِ وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ." [سنن الترمذي - 3 /103]

- وقال النسائي: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ إن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما كَانَ يَقُولُ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ وَكَانَ جِبْرِيلُ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام أَجْوَدَ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ." [سنن النسائي 2068 ]

- وقال النسائي: أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ هِلَالٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ." [سنن النسائي 2079]

- وقال النسائي: أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما يُخْبِرُنَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِامْرَأَةٍ مِنْ الأنْصَارِ: "إذا كَانَ رَمَضَانُ فَاعْتَمِرِي فِيهِ فإن عُمْرَةً فِيهِ تَعْدِلُ حَجَّةً." [سنن النسائي - 7 /261]

- وقال ابن ماجه: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ وَوَكِيعٌ عَنْ الأعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إلى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ مَا شَاءَ اللَّهُ يَقُولُ اللَّهُ الأ الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ وَلَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ." [سنن ابن ماجه - 5 /133]

- وقال ابن ماجه: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ الْمِصْرِيُّ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ إن مُطَرِّفًا مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيَّ دَعَا لَهُ بِلَبَنٍ يَسْقِيهِ قَالَ مُطَرِّفٌ إِنِّي صَائِمٌ فَقَالَ عُثْمَانُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "الصِّيَامُ جُنَّةٌ مِنْ النَّارِ كَجُنَّةِ أَحَدِكُمْ مِنْ الْقِتَالِ". [سنن ابن ماجه 629]

- وقال أحمد: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِى هَاشِمٍ حَدَّثَنَا عِمْرَانُ أَبُو الْعَوَّامِ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِى الْمَلِيحِ عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: « أُنْزِلَتْ صُحُفُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ في أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ وَأُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ لِسِتٍّ مَضَيْنَ مِنْ رَمَضَانَ وَالإِنْجِيلُ لِثَلاَثَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ وَأُنْزِلَ الْقُرْآنُ لأَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ» [مسند أحمد 17447] حسن: السلسلة الصحيحة 1575.


وقد جمع العلامة حافظ حكمي رحمه الله تعالى في "السبل السوية على السنن المروية" بعض هذه الفضائل فقال:


~و هو لهذ ا الدين ركن رابع ... وكم له قد صح فضل ساطع

~تفتح أبواب الجنان إن دخل ... شهر الصيام والشياطين تغل

~شهر به تُفتح أبواب السما ... وتغلق الأبواب من جهنما

~شهر بصومه الذنوب تغفر ... و تعتق الرقاب نصاً يؤثر

~خلوف فِي الصائم دون شك ... تفضل عند الله ريح المسك

~و إنّ في الجنة للصُوّام ... بابا له الريان اسمٌ سامي

~و قد روى نبيُّنا عن ربه: ... لي الصيامُ وأنا أجزي به

~و صحَّ : للصائم فرحتان ... مع فطره ومع لقا الرحمن

~وغير هذا من فضائل تُعد ... وكم بتركه وعيدٌ قد وَرد



فينبغي علينا يا معاشر الإخوان أن نكون على اغتنامه في استعداد، وأن نتهيأ ليكون حسنة في ميزاننا يوم المعاد، فاغتنامه هدى ورشاد، وتوفيق وسداد، ومنة من رب العباد؛ وتضييعه خزي وعار، ودليل على أمر كُبّار، من السفه والجهل والظلم والإصرار.

وحتى يتيسر لنا حسن اغتنامه, حبذت أن أضع بين يديك أخي الكريم وأختي الكريمة, هذه الوصايا العظيمة، والطرق المستقيمة، فتكون عونا على المقصود، وسرجا تنير درب جنات الخلود،وقد جعلتها ثلاثة وصايا، والله الموفق والمعين:

1- الوصية الأولى: التوبة النصوح:


اِعلم يا عبد الله ويا أمة الله -وفقني الله وإياكم لكل خير- أن الذنوب أعظم الحواجز التي تحول دون التوفيق، وتُحِلُّ بالعبد التقصير والتفريط، والعجز والكسل، وتُسبب له الكراهة والضجر، ناهيك عما ينزل بساحته من البليّات، وما يتوالى عليه بسببها من العقوبات، وقد ذكر الإمام شمس الدين ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى في كتابه "الداء والدواء" أكثر من خمسين أثرا من آثارها وعظيم ضررها وكبير شرِّها، فكانت التوبة إلى الله العظيم، والرجوع إلى مولانا الرحمن الرحيم، هي الكاسر لتلك الحواجز, والدرع الحصين من البلايا الخوالف والنواجز.

وإليكم -إخواني في الله- ثلاث آيات مباركات، وشيئا من التعليقات، تدلّ على فضلها والأمر بها وبعض آثارها تكفي اللبيب الأريب:

1. قال الله تعالى: ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [النور/31]، فها هو ربنا الكريم سبحانه يأمر بالتوبة عباده، ويخبر أن بالتوبة الفلاح كل الفلاح، والسعادة كل السعادة، والفلاح اسم جامع لكل المعاني الخيرة في الدنيا والآخرة، وهو الذي تريده كل النفوس وتهواه، وتسعى في أسبابه وتتمناه، بل لو تسألُ أربابَ الفلاح ممن سعدوا في الدنيا بالعلم والإيمان وفي الآخرة بالجنة والرضوان: ما سر هذا النجاح؟ لقالوا: جمع الهم على الله بتَسنُّن وتجرد، ولزوم التوبة قبلَ ومع وبعدَ كلِّ تعبد، قال ابن القيم: "ومنزل التوبة أول المنازل وأوسطها وآخرها، فلا يفارقه العبد السالك ولا يزال فيه إلى الممات، وإن ارتحل إلى منزل آخر ارتحل به واستصحبه معه ونزل به، فالتوبة هي بداية العبد ونهايته، وحاجته إليها في النهاية ضرورية كما أن حاجته إليها في البداية كذلك، وقد قال الله تعالى: ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ وهذه الآية في سورة مدنية خاطب الله بها أهل الإيمان وخيار خلقه أن يتوبوا إليه بعد إيمانهم وصبرهم وهجرتهم وجهادهم، ثم علق الفلاح بالتوبة تعليق المسبَّب بسببه، وأتى بأداة "لعل" المشعرة بالترجي إيذانا بأنكم إذا تبتم كنتم على رجاء الفلاح، فلا يرجو الفلاح إلا التائبون، جعلنا الله منهم." اهـ [مدارج السالكين - (ج 1 / ص 178)]

2. وقال تعالى وتقدس أيضا: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إلى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ إن يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [التحريم/8]

قال ابن كثير: ﴿تَوْبَةً نَصُوحًا﴾ أي: توبة صادقة جازمة تمحو ما قبلها من السيئات وتلم شعث التائب وتجمعه، وتكفه عما كان يتعاطاه من الدناءات. [تفسير ابن كثير - (ج 8 / ص 168)].

وقال العلامة السعدي: قد أمر الله بالتوبة النصوح في هذه الآية، ووعد عليها بتكفير السيئات، ودخول الجنات، والفوز والفلاح، حين يسعى المؤمنون يوم القيامة بنور إيمانهم، ويمشون بضيائه، ويتمتعون بروحه وراحته، ويشفقون إذا طفئت الأنوار، التي لا تعطى المنافقين، ويسألون الله أن يتمم لهم نورهم فيستجيب الله دعوتهم، ويوصلهم ما معهم من النور واليقين، إلى جنات النعيم، وجوار الرب الكريم، وكل هذا من آثار التوبة النصوح. اهـ [تيسير الكريم الرحمن 1/874]

فإذا أقبل العبد على الله فتاب وأناب فلا تسل عن آثارها وعن جليل ثمارها،

فكل من دمّرته الذنوب، وأفسدته وشانته العيوب، فالتوبة تصلحه وتلم شمله، وتقويه وترفعه, فهي معاكسة للذنوب في كل شيء، فهي الجنة بعينها في الدنيا والآخرة, وكيف لا؟ وهي بابها, وستر حجابها، والذنوب بعكس ذلك فهي عين الجحيم والعذاب الأليم،


رأيت الذنوب تميت القلوب *** وقد يورث الذلَ إدمانها

وترك الذنوب حياة القلوب *** وخير لنفسك عصيانها



ثم أليس حب الله لعبده هو أسمى المراتب، وأسنى المواهب، فاسمع إلى قوله تعالى:

3. ﴿ إِنَّ اللَّهَ َيُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ [البقرة/222] قال السعدي: ﴿يُحِبُّ التَّوَّابِينَ﴾ أي: من ذنوبهم على الدوام، ﴿وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ أي: المتنـزهين عن الآثام، فهو يشمل أيضا التطهر المعنوي عن الأخلاق الرذيلة، والصفات القبيحة، والأفعال الخسيسة. اهـ[تفسير السعدي1/100 بتصرف].

وقال العلامة ابن القيم رحمه الله: "...التوبة تثمر للعبد محبة من الله خاصة لا تحصل بدون التوبة، بل التوبة شرط في حصولها وإن حصل له محبة أخرى بغيرها من الطاعات فالمحبة الحاصلة له بالتوبة لا تُنال بغيرها، فإن الله يحب التوابين ومن محبته لهم فرحه بتوبة أحدهم أعظم الفرح وأكمله، فإذا أثمرت له التوبة هذه المحبة ورجع بها إلى طاعاته التي كان عليها أولا انضم أثرها إلى أثر تلك الطاعات فقوي الأثران فحصل له المزيد من القرب والوسيلة، وهذا بخلاف ما يظنه من نقصت معرفته بربه من أنه سبحانه إذا غفر لعبده ذنبه فإنه لا يعود الود الذي كان له منه قبل الجناية. اهـ

وقال أيضا: "... التوبة من أجلِّ الطاعات وأوجبها على المؤمنين وأعظمها غناء عنهم وهم إليها أحوج من كل شيء، وهي من أحب الطاعات إلى الله سبحانه... وإذا كانت بهذه المثابة فالآتي بها آت بما هو من أفضل القربات وأجل الطاعات..." اهـ [من طريق الهجرتين ص 254]

فإذا تقرر للجميع ذلك وأنه لابد من التوبة إلى الله عز وجل من كل السيئات وأنها من أفضل القربات والطاعات، وسبب الخيرات والحسنات، وأنه على العبد أن يستصحبها في كل الحالات:

فلنعلم أن شهر رمضان الكريم لا ينتفع ببركاته ونفحاته أتم النفع وأكمله إلا بالتوبة والإنابة، فكل خير أنت ترجوه في هذا الشهر الكريم وتود أن توفق له فاعلم يقينا أن الذنوب ستقف دون ذلك "وتضعف سير القلب إلى الله والدار الآخرة أو تعوقه وتوقفه وتعطفه عن السير فلا تدعه يخطوا إلى الله خطوة هذا إن لم تردّه عن وجهته إلى ورائه، فالذنب يحجب الواصل ويقطع السائر وينكس الطالب، والقلب إنما يسير إلى الله بقوته فإذا مرض بالذنوب ضعفت تلك القوة التي تسيره فإن زالت بالكلية انقطع عن الله انقطاعا يبعد تداركه." (الجواب الكافي - ج 1 / ص 48) بل إن الإعراض عن التوبة والجهل بقدرها هو من خزي الذنوب وشؤمها لذلك فلنجنح جميعا إلى التوبة، ولنفرَّ إلى الله بالأوبة، وعلينا أن لا نغتر بالإمهال فلا دوام لأي حال.

ثم ها هنا تنبيهان:

* الأول: إنه قد يخطيء بعض المسلمين فيظن أنه متى صام وقام فإن ذلك يكفي في درء الآثام ويغني عن التوبة إلى الله لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: « الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ» [صحيح مسلم574] قال ابن القيم رحمه الله: "...وكاغترار بعضهم على صوم يوم عاشوراء أو يوم عرفة، حتى يقول بعضهم: يوم عاشوراء يكفر ذنوب العام كلها ويبقى صوم عرفة زيادة في الأجر، ولم يدر هذا المغتر أن صوم رمضان والصلوات الخمس أعظم وأجلّ من صيام يوم عرفة ويوم عاشوراء وهي إنما تكفر ما بينهما إذا اجتنبت الكبائر فرمضان إلى رمضان والجمعة إلى الجمعة لا يقويان على تكفير الصغائر إلا مع انضمام ترك الكبائر إليها، فيقوي مجموع الأمرين على تكفير الصغائر، فكيف يكفر صوم تطوع كل كبيرة عملها العبد وهو مصر عليها غير تائب منها؟ هذا محال، على أنه لا يمتنع أن يكون صوم يوم عرفة ويوم عاشوراء مكفرا لجميع ذنوب العام على عمومه، ويكون من نصوص الوعد التي لها شروط وموانع، ويكون إصراره على الكبائر مانعا من التكفير، فإذا لم يصر على الكبائر تساعد الصوم وعدم الإصرار وتعاونا على عموم التكفير، كما كان رمضان والصلوات الخمس مع اجتناب الكبائر متساعدين متعاونين على تكفير الصغائر..." الجواب الكافي - (ج 1 / ص 13)

* الثاني: ما ذكره ابن القيم رحمه الله إذ قال: "وههنا دقيقة قلَّ مَن يتفطن لها إلا فقيه في هذا الشأن وهي: أن كل تائب لا بد له في أول توبته من عَصرة وضغطة في قلبه من همّ أو غمّ أو ضيق أو حزن، ولو لم يكن إلا تألمه بفراق محبوبه، فينضغط لذلك وينعصر قلبه ويضيق صدره، فأكثر الخلق رجعوا من التوبة ونُكسوا على رؤوسهم لأجل هذه المحبة، والعارف الموفَّق يعلم أن الفرحة والسرور واللذة الحاصلة عقيب التوبة تكون على قدر هذه العصرة، فكلما كانت أقوى وأشد كانت الفرحة واللذة أكمل وأتم..." اهـ (طريق الهجرتين - ج 1 / ص 369)

فيا أخي الكريم ويا أختي الكريمة، فَلْيَرَنا الله سبحانه وتعالى من أفضل عباده في أرضه في هذا الشهر بل وفي كل الشهور، ولنعش رمضان عيش التائبين المتطهرين، عيش الصالحين، عيش الذاكرين، عيش المتقين، ولنتلذذ بالعبودية، ونرقَ المقامات السنية العلية، ونأنس إلى المناجاة, ونركن إلى الإخبات، فما جعل هذا الشهر إلا لهذا: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) أياما مَعْدُودَاتٍ...﴾ [البقرة/184].

التعديل الأخير تم بواسطة أبو عثمان سعيد مباركي ; 28 Jun 2012 الساعة 04:48 PM
رد مع اقتباس
 

الكلمات الدلالية (Tags)
مميز, فقه, وصايارمضانية


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013