منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 04 Oct 2020, 08:50 AM
أبو معاذ محمد مرابط أبو معاذ محمد مرابط غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: May 2007
المشاركات: 350
افتراضي القطعة النّادرة من أيّام ٱيت علجت الغابِرة



القطعة النّادرة من أيّام آيت علجت الغابرة

قال ابن تيمية -رحمه الله-
فأهل اليقين إذا ابتُلوا ثبتوا بخلاف غيرهم
(مجموع الفتاوى 2 / 182)


الحمد لله وصلّ اللّهم وبارك على نبيّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أمّا بعد:
فإنّ الطائفة المنصورة والفرقة الناجية جمعت بين معرفة هدى الله المنافي للجهل والضلال، وبين الثبات على دين الله من غير تلوّن ولا روغان، أمّا غيرهم من أصحاب الملل والنحل فلا تجد فيهم هذه الميزة الجليلة، فهم متفرقون بين ثابت على باطل جاهل بالحق، وعارف بدلائل الصراط المستقيم لكنّه لاعب بدينه شديد التقلّب والتحوّل، يقول الأصبهاني رحمه الله في «الحجة في بيان المحجّة 2 / 225» عن أهل الحديث أنّهم: «في بيان الاعتقاد على وتيرة واحدة، ونمط واحد، يجرون على طريقة لا يحيدون عنها ولا يميلون فيها، قولهم في ذلك واحد ونقلهم واحد، لا ترى فيهم اختلافًا ولا تفرّقًا في شيء ما وإن قلّ، بل لو جمعت جميع ما جرى على ألسنتهم ونقلوه عن سلفهم وجدته كأنه جاء من قلب واحد وجرى على لسان واحد، وهل على الحقّ دليل أبْينَ من هذا؟».
وكيف لا تثبت أقدامهم على صراط الله المستقيم وهم يدركون أنّه طريق الخلاص ومنفذ النجاة بين يدي الله وأنّ هذا الثبات من الأعمال العظيمة التي تُرضي عنهم ربّهم سبحانه، فقد روى «البخاري: 43 ومسلم: 783» عن عائشة رضي الله عنها أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أحبّ الأعمال إلى الله تعالى أدومها وإن قل»! فإذا كان الثابت على فعل المستحب والملتزم بالعبادات الفعلية محبوب إلى ربّه جلّ وعلا، فكيف بمن تعلّم العقائد الإسلامية الصحيحة واهتدى إلى معرفة منهج أهل السنة ثم التزمه وثبت عليه ولم ينحرف قدر أنملة؟! {والله يختصّ برحمته من يشاء}.
ولمّا كان مقام الثبات من أجَلِّ مقامات العبودية جعل الله سبحانه لعباده في هذه الدنيا محطّات يَمتحن بها قلوبهم، ويَختبر فيها ثباتهم، فيظهر حينها الصادق من الكاذب، ويتميّز الخالص من المغشوش {أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ، وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}، ولو تُرك النّاس لدعواهم وصُدّقوا في ادعاءاتهم لما عُرف الثابتون! فكثير من الخلق يدّعي لنفسه الثبات ويرمي غيره بالانحراف، من أجل هذا كانت الفتن فيصلا وترجمانا لأحوال البشر.
ولا ريب بأنّ «فتنة جمعة» من أشدّ الفتن التي عصفت بالسلفيين منذ أزمنة بعيدة! وليسَ بمجازفٍ من يقول بأنّ الدعوة السلفية لم يمرّ عليها منذ زمن ابن باديس رحمه الله مثل ما مرّ عليها اليوم، فقد تناحر الإخوة في النسب، وتفرّق الأزواج في البيوت، وعصى الأبناء الآباء، وانتُهكت الأعراض، وشمتَ الأعداء، ووُقّف أئمة المساجد، وألقي الخوف في القلوب، وسالت الدماء، وتباغض الأصحاب، وقطّعت الأرحام، وتهاجر الأقارب، وشاع الكذب وانتشرت النميمة، واستبيح البهتان، وهُجرت المساجد وحلق العلم، وطُعن في كبار الأمة وساداتها، وعطّلت دعوة الناس، والله حسيب جمعة ومن معه!
وإنّ من أكبر أبواق هذه الفتنة ومن أشدّ ناشري منهج التفريق بين السلفيين في الجزائر «حسن آيت علجت»، هذا الرجل -للأسف الشديد- أفسد قلوب الشباب، وهيّجهم على علمائهم وكبارهم، وزرع في قلوبهم التعصّب والتقليد على الطريقة الصوفية المقيتة، وكان في هذه الفتنة عمدة الدكتور فركوس وصاحبيه في إضلال الشباب وترسيخ منهج ابن هادي في قلوبهم الضعيفة، ولن أكون مبالغا إن وصفت هذا الشخص بأنّه «محرّك الجماعة» و«قلبها النابض»، فبه تشجّعوا وتجرّؤوا، وهو لغز حيّر كلّ من عرفه لأنّ نفسيته المهزوزة وسمات الضعف والجبن والخور التي تميّز بها، كلّ هذا لا يلائم منهج التفريق ولا ينسجم مع طريقة الحدادية! وسرّ القضيّة أنّ عبد المجيد جمعة ورّط هذا الرجل وأوقعه في شرّ عمله بعدما أخرج المكتوم ونشر السرّ وصار يذكره في المجالس قبل الفتنة وقد سمعت هذا منه مشافهة في آخر مجلس جمعني به، حيث قال في سياق طعنه في بيان الشيخ عز الدين: «حتى الشيخ حسن مستاء»! وهي المرّة الأولى التي عرفت من جمعة بأن علجت متورّط في هذه الفتنة! وبعد ذلك بأيّام أعلن جمعة عن قائمة الأسماء التي نجت من الفتن كما في منشور المدينة، وذكر في القائمة اسم علجت! وهنا وقعت الواقعة على علجت وابتلع لسانه ورضي المصيبة، فالمسكين لم يكن يعلم بأن جمعة سيدفعه إلى محرقة الفتنة، وكان يظن بأنه سيبقى بعيدا وفي أول فرصة يتخلص من عصابة التفريق ويتبرّأ منها، وقد حاول المسكين أن يفرّ منهم في مناسبات كثيرة منها تودّده للشيخ عبد الخالق وسلامه عليه في المسجد النبوي! لكن هيهات هيهات {ومن يهن الله فما له من مكرم}.


هكذا عرفته


عرفت الرجل قبل عشرين سنة أو أقل من ذلك بسنة أو سنتين! بحكم سكناه في بلدتي القديمة «بوزريعة»، التقيت به أوّل مرة عندما أخبرني بعض الإخوة المتأثّرين به بأنّ هناك طالب علمٍ اسمه حسن يصلي في أحد مساجد المنطقة، وفهمت من كلامهم حينها أنّ الرجل لايزال يثني على العيد شريفي! فذهبت إليه وزرتُه وكان القصد من تلك الزيارة هو أن أبيّن له حقيقة العيد وأن أبقى قريبا منه حتى لا يُستغلّ من أطراف أخرى وحتى لا يكون كذلك سببا في إضلال من عرفتهم من شباب المنطقة، وبقيت علاقتي به منذ ذلك علاقة طيبة جيدة إلى أن طفت على سطح الساحة الدعوية مقدّمات هذه الفتنة فوقتها تغير كل شيء.
علجت يعرف جيدا وفائي له وحرصي عليه واجتهادي في تحسين علاقاته مع السلفيين وتقريبه منهم لاسيما المشايخ، وهنا أذكر قصّتين فقط:
الأولى: ففي بعض زياراتي للمدينة النبوية طلب منّي أحد المشايخ الكبار التنسيق مع مشايخ الإصلاح في عقد لقاء مع العلامة عبيد -حفظه الله- وتزامن هذا مع زيارة حسن آيت علجت للمدينة، فقلت في نفسي إلى متى يبقى هذا الرجل بعيدا عن العلماء والمشايخ، فاتصلت به وقلت له: هناك لقاء مع الشيخ عبيد وأنت مدعو للحضور، وبعد إلحاح وافق على طلبي فأعطيته عنوان المكان ووقت اللقاء، لكن للأسف غاب عن اللقاء مع أنه وافق ووعدني بالحضور، ومن ذلك الوقت تشكل تصور في ذهني بأن هذا الرجل عنده عقدة خفية مع العلماء والمشايخ والاجتماعات عموما وقد تبيّن ذلك بكل وضوح في مناسبات كثيرة.
أمّا القصّة الثانية: فقد كنت جالسا مع لزهر في مكتب «موقع التصفية» وكان هذا قبل الفتنة بسنة أو سنتين على الأكثر فقلت له: يا شيخ الذي أعتقد أن مصلحة الدعوة في بلدنا تقتضي أن تضمّوا معكم آيت علجت في «مجمع الإصلاح» فهو أولى من جلواح! فكان جوابه: «أبدًا لا يصلح!»، نعم قال هذا قبل أن تأتي عاصفة التجنيد والاحتواء! أقول هذا ليعلم الغافل بأن اجتماع القوم في هذه الواقعة هو اجتماع شرّ وضلال! ولولا هذا القصد ما ذكرت هذه القصة.
وأهمّ ما يجب ذكره عند الحديث عن هذا الرجل هو سَمته الظاهر وأخلاقه التي اغترّ بها الشباب، وأعرف من الناس من يعتقد فيه بأنه ولي من أولياء الله بسبب تنسّكه! نعم هذا هو السبب الوحيد الذي دفعهم إلى الأخذ بأقواله والتأثر بموقفه، أما العارفون بهذا الماكر فقد نفروا منه قبل هذه الفتنة بعدما تحققوا من تلاعبه وكذبه وهروبه من المواجهة في مناسبات كثيرة، فكلّما تقرب الشاب من هذا الرجل كلما عرف أسراره وحقيقة شخصيته الغريبة، أما من بقي بعيدا عنه أو يتخلّله بالزيارات فهذا- بلا ريب- سيخدع به ويجعله قدوة له، ولو قدّر هؤلاء المتعصبة هذه الدعوة حق قدرها وأنصفوا أنفسهم لما وقعوا في فخّ هذا المتلاعب! فأين هي ردوده؟! وأين هي مواقفه؟! هل بإمكان هؤلاء أن يترجموا لشيخهم ترجمة وافية؟! وهل بمقدورهم سرد مواقفه من أهل البدع؟ أنا لا أتكلم عن حديث المجالس الخاصة التي لا يسمح بنقل كلامه وإنما أتحدث عن مواقفه وردوده التي جهر بها ونشرها في العام! هل وقفتم يا عباد الله على كلامٍ له مسجل يتكلم فيه عن شريفي ورمضاني والحلبي؟! أتحدّاكم أن تجدوا شيئا من ذلك! فالرجل ركب الموجة كما ركبها أضرابه، حيث نظر في جميع الاتجاهات فلم يجد إلاّ محبة الشيخ ربيع في قلوب السلفيين فاضطر إلى امتطاء بغلة التلوّن، وبقي على هذا الحال يترقب، حتى حان وقت الانتقام.
ولكي أكون صريحا مع القرّاء أقول: لقد كان تحذير أهل السنة من عبد المالك -لاسيما الشيخ ربيع- نقطة تحوّل وتغيّر عند حسن آيت علجت! وكأنّه اغتاظ من الكلام في شيخه وحبيبه، وصار من تلك اللحظة ينتقم من المشايخ وعلى رأسهم ربيع السنة! ولا يفهم من هذا بأنّه كان من قبل يعظم الشيخ ربيعا ويعرف له قدره لا أبدا! لأنّه لم يعرف بهذا لا من قبل ولا من بعد، ورسالته التي سأنقلها تنبئ عن هذه الحقيقة، ومن كان عنده ما يُكذّب زعمي فليأتنا به سواء كانت انتصارات للشيخ ربيع أو زيارات قديمة المطلوب فقط دليل يثبت صلة هذا اللعّاب بالشيخ –حفظه الله- فالرجل لم يَعرف إلاّ عبد المالك ولم يُعرف إلا به! فهو والده ومربّيه ولا أظنه ينكر هذه الحقيقة، وحتى عبد المالك كان شديد العطف على تلميذه وإلى هذه الساعة! فهو على دراية بأنّ تلميذه يغمزه في المجالس الخاصة ليهرب من ورطة المفرقة ومع ذلك لم يتكلم في تلميذه ولم يذكره باسمه كما فعل مع مشايخ الإصلاح، بل اكتفى فقط بالتعجب وإبداء الحيرة مع مقربيه: «كيف يتكلم حسن في هذه الأشياء؟!».
نعم هكذا وصفته «تلميذ عبد المالك» من غير أن أبالي بالمتعصبة من أتباعه، لأنّ الحقيقة يعرفها حسن نفسه! وأظنّه يفتخر بهذه التلمذة ولا يجد في نفسه منها غضاضة، لأنّه حقّا وصدقا من أقرب الخلق لعبد المالك ومن أحبّ النّاس إليه، ويكفيك أيها القارئ مثالا واحدا: فقد كنت قديما عندما أريده في قضية ثم أبلّغ بأنّه سافر إلى بلاد الحرمين أتّجه مباشرة إلى الهاتف لأتصل بعد المالك رمضاني فأقول له بعد السؤال عن حاله وصحته: أريد الشيخ حسن من فضلك فيناديه فأتكلم معه! لأنّ التلميذ لا يكاد يفارق بيت الشيخ! ومن أراد الوقوف على هذه الحقيقية بنفسه فليرجع إلى صوتية عبد المالك التي تحدّث فيها عن خلافه مع مشايخ الإصلاح وليستمع بنفسه إلى عبد المالك وهو يقول طلبتُ من حسن أن يحضر لي الدكتور فركوس! وبمجرد أن يقف السامع على نبرة عبد المالك يتأكد حينها بأنّ طلبَه كان طلب شيخ من تلميذه!
ومن الأمثلة الظاهرة التي تقرّب الفكرة أكثر: مقال علجت في الردّ على توميات، فعلى اختصاره فقد احتاج إلى النقل عن عبد المالك في موضعين ولو فتّشت في المقال فلن تجد نقلا عن علماء العصر لاسيما ممن ردوا على القرني وإنما تجد فقط النقل عن شيخه ووالده عبد المالك! مع أنّ عبد المالك اعتمد على العلماء وذكر ذلك في «التخليص ص: 432» فقال عن عائض ومن معه: «عمّا انتقده عليهم أهل العلم»، بل أحال في «مدارك النظر ص:142» على الشيخ المحدّث النجمي فقال: «ثمّ رأيت العلامة الشيخ أحمد النجمي جمع للشيخ عائض هذه الملاحظات»، وإن تعجب أيها القارئ فاعجب من صنيع علجت الذي نقل كلام عبد المالك وترك كلام الإمام النجمي وكان عليه أن يسقط الواسطة ويتشرف بإعلاء سنده لكنه لم يفعل لأنه لا يرى إلا عبد المالك! والأمر الأكثر غرابة هو أنّ حسن لما ردّ على توميات احتاج إلى نقل كلام عائض لكنّ الحنين لشيخه دفعه إلى نقل تعليقه أيضا! مع أن تعليق عبد المالك لا فائدة منه تليق بمكانة فضيلة الشيخ حسن لاسيما وهو في مقام الردّ على واحد من الخصوم! فكان من المفترض أن يَظهر في صورة المنتقد القويّ لا في صورة التلميذ الضعيف، فلا هو اعتمد على الإمام النجمي ونقل تعليقه وهو واحد من كبار الأمة، ولا هو نقل كلام عائض الذي احتاجه من كتاب عبد المالك واكتفى بذكر المصدر!
فالحاصل: أنّ علاقة الرجل بشيخه عبد المالك علاقة حميمة لا ينكرها معارف الرجلين، وهذا الذي يفسر سكوت علجت على عبد المالك منذ انحرافه وإلى هذه اللحظة! فلا عجب أن أقول عنه: تلميذ عبد المالك! وأنا أتحدّاه أن يكتب أو يسجل كلمة واحدة ردًّا على شيخه، أو أن يقبل على الأقل بنقل كلامِه في شيخه من مجالسه السرية! وإني منتظر يا حسن مع أنّي على يقين بأنك أجبن من أن تقبل بعشرِ هذا التحدّي، لأنّك تشرق بالرّيق ولا تقوى على مجرد خصومة مع جارك والذي وقع قد ذكرته لك من قبل وهي دفعة جمعة التي ألقت بك في هذه العاصفة.
إنّ الناظر في ماضي الرجل بعين متجردة صادقة يدرك حقيقة حاضره، فهو من خصوم الشيخ ربيع ولو لم يعلن خصومته، وما بدر منه في هذه الفتنة في حق الشيخ لا يصدر إلاّ من قلب حاقد! من أجل هذا كان هو وأتباعه -في مسجده ومنطقته- من أشد المتعصّبة طعنا في الشيخ ربيع ومن مجالسهم خرجت قبائح كثيرة مثل: «الشيخ خرّف» بل وصل الحال ببعض أتباع علجت –قاتله الله- لينشر في الشباب ويقول: بأنّ الزائر إذا اقتربَ من أحد علمائنا يشمّ رائحة البول! وكل هذا كذب لا أساس له من الصحة لأنّ القريب والبعيد يعرف اعتناء هذا العالم بنفسه وطهارته ونظافته المتميزة! لكن غرض هؤلاء هو إثبات عجزه وأنّه صار لا يقوى حتّى على القيام بنفسه! ويعلم الله أنني تردّدت كثيرا في ذكر هذه الشتيمة -التي لم يقل بها حتى أساطين البدعة- ثم خلصت إلى أنّ التاريخ لابد أن يُبثَّ في دفاتره مخازي علجت وأتباعه، وعلى القارئ أن ينتبه إلى أمر مهم وهو أنّ الكلام الذي لا ينتشر بين الناس حقيق بالكاتب ألاّ يُنعِشَه بالنّشر، لكن الكلام الوقح الذي ينتشر في مجالس القوم ويتأثر به الشباب فليس من العقل ولا من الحكمة أن يُسكت عنه.
أقول: أمّا الجفاء الذي وقع بيني وبينه فقد كان هو البادئ الظالم الخائن! حيث نفرَ منّي بسبب حادثة «عبد الكريم» وهو شاب كان قريبا منه عُرف بالطعن في الشيخ ربيع ونصرة جماعة الحلبي، فأنكرتُ قربَه من حسن آيت علجت بعدما ظهر تعنّته ورفضه للحق، وحاولت أن أتواصل مع علجت لكنّي لم أفلح، ففكّرت في إبلاغه القضية عن طريق بعض مقربيه من الطلبة والمشايخ وهذا الذي حدث، فمن ذلك الوقت والرجل قاطع للتواصل ناقم علي في الخفاء، لكنّه لم يشر إلى الواقعة لا من بعيد ولا من قريب بل صار ينتقد التصفية وينتقدني في أتفه الأشياء مع أنّه كان يتصل عليّ دائما ويبلغني السلام ويبدي ملاحظاته الدعوية كلما أتيحت له الفرصة.
ومن أغرب غرائبه: أنّ الشيخ خالدا حمودة –حفظه الله- ذكر فائدة في التصفية تليق بمقامه العلمي! فما هي إلاّ ساعات وإذا بعلجت يتّصل بلزهر مغضبا وأبلغه بأنّ تلك الفائدة أخذها عنه الشيخ خالد من غير عزو إليه! وزعم أنه ذكرها في دورة وهران! فلم يجد لزهر -وكذا نحن- حينها ما يقوله من شدّة الدهشة! وقلت في نفسي يومها: هل حقّا يعتقد هذا الرجل بأن الشيخ خالد يستمع إلى دروسه؟! وهل يرى فعلاً بأنّه متفوق إلى هذا الحدّ على الشيخ خالد الذي درس عند الغديان وابن عقيل؟! إلى هذه الدرجة تجذّر الاحتقار في نفوسنا؟! سبحان الله فائدة متعلقة بأبواب البخاري لم يتفطّن لها إنس ولا جانّ حتى جاء وحيد عصره وشيخ زمانه حسن آيت علجت ليقودها من زمامها! نعم أيقنت يومها بأنّ شيئا يطبخ في الخفاء وأنّ مكيدة ما تُدبّر في الأفق! لكن كما قال محمَّد بن كعب القرظي رحمه الله: «ثلاث خصال مَن كُنَّ فيه كُنَّ عليه: البَغْي، والنّكْث، والمكر، وقرأ: {وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ} {يا أيّها النّاس إنّما بغيكم على أنفسكم} {فمن نكث فإنّما ينكث على نفسه} «ذمّ البغي لابن أبي الدنيا 5 /218 مجموع الرسائل».


الشروع في الموضوع


والآن حان وقت بيان الحقيقة ونشر جزء نادر يقرّب للنّاس شخصيّة هذا الرجل وكيف كانت طريقته في غابر زمانه، وهو مقال كتبَه في ساعات فتنة فالح العصيبة من غير ذكر لاسمه، ونشر منه نسخا مطبوعة على بعض مقرّبيه فالرجل من القديم له شغف بالتعمية والكتابة بالأسماء المستعارة، وأكاد أجزم –وليس عندي على هذا دليل- بأنّ الرجل يكتب في هذه الفتنة باسم مستعار -سواء في وسائل التواصل أو في منتدى لزهر- وهو نفسه كان يكتب في منتدى كل السلفيين باسم مستعار أعرفه كما يعرفه هو! ويرد عليهم في ذلك المنتدى بطريقة تلائم طبعه الغامض! وقد أتفرّغ يوما لنشر كتاباته في منتدى كل السلفيين ليعلم الناس صلابته الحقيقية، وإنّي أتحدّاه أن ينكر شيئا من هذه الحقائق! ولا شك أنّني أقصد تحدّي الرجال في العلن أمّا تَمتَمات السرّ فلا تعنيني! وهذه نقطة تخفى على كثير من المتعصبة بل حتى من إخواننا: فعندما يتحدّى الرجال خصومهم فمعنى التحدي أن يجيب الخصوم في العلن، أما الإجابات في المجالس الخاصة فهذا يقدر عليه جميع الناس، يقول الإمام ابن القيم رحمه الله «زاد المعاد 171»: «الشجاع منشرح الصدر، واسع البطان، متّسع القلب، والجبان أضيق النَّاس صدرًا، وأحصرهم قلبًا، لا فرحة له ولا سرور، ولا لذة له ولا نعيم إلا من جنس ما للحيوان البهيمي، وأما سرور الروح ولذتها، ونعيمها، وابتهاجها، فَمُحرّم على كلّ جبان».
وفي الحقيقة: كم تمنيت لو أنّ علجت تشجّع وكتب في هذه الفتنة كما يكتب الرجال أو كما كان يكتب هو قديما! مع أنّني لم أظفر إلا بكتابة واحدة يتيمة وهي ردّه على توميات، وليته كذلك عامل مشايخ الإصلاح بقانون الأخوّة كما عامل توميات! قال حسن في مقدّمة ردّه على توميات: «فقَدْ يسَّرَ اللهُ عزَّ وجلَّ لي الاطِّلاعَ على الجوابِ الذي أجابَ به الشيخُ عبد الحليم توميات ـ إمامُ مسجد عمر بن الخطاب بالجزائر العاصمة ـ، عن السُّؤالِ الذي وُجِّهَ إليه حَوْلَ كلمَةٍ تلفَّظَ بها الدكتور عائض القرني، والمنْشُورِ في موقع «منار الجزائر»؛ فعَلَّقتُ عليه بعض التعليقات من باب التَّعاون مع مُحَرِّرِ هذا الجواب على الخيْرِ، ونُصْرتِه، كما تقتضيه الأخوَّةُ الإسلامية، امتثالا لقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم المرويِّ في «صحيح البخاري»: «انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا»».
قلت: إيهًا يا حسن! تستحضر أبواب التعاون والأخوة مع مخالفيك الواضحين وتتأدب معهم بتشييخهم! أمّا إخوانك مشايخ الإصلاح -الذين نشروا ردّك هذا في موقعهم ووقفوا معك يومها- فتقلب لهم ظهر المجنّ! بل لم تعاملهم حتى معاملة الإخوة الظالمين الذي يجب في حقك أن تنصحهم وتنتصر لهم بكفِّهم عن ظلمهم!
وقبل البداية أنبّه القارئ: إلى أنّني اكتفيت بالفقرات المهمّة من مقال حسن آيت علجت، ثمّ عقّبت عليها بتعليقات مختصرة حتى لا أثقل على القارئ، أمّا النسخة الأصلية من المقال فسيجدها القارئ على هذا:




البداية ونسأل الله السداد والهداية

قال حسن: «عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنّه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقا عليه أن يدلّ أمته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شر ما يعلمه لهم، وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها، وسيصيب آخرها بلاءٌ وأمورٌ تنكرونها، وتجيئ فتنة فيرقق بعضها بعضا، وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه مهلكتي! ثم تنكشف، وتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه! هذه! فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة، فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه، ومن بايع إماما، فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه، فليطعه إن استطاع، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر»».
قال أبو معاذ: كنتَ يا حسن على طرائق العلماء تسير! تُذكِّر الناشئة بأحاديث الفتن، وتوقظ النّائم الغافل بمثل هذه النصوص النبوية العزيزة، لأنّها وحدها كفيلة بتجنيبهم الوقوع في مزالق الضلال، أمّا اليوم فللأسف فقد تنكّبتَ الطريق أنت ومن معك فزيّنتم لأتباعكم واحدة من أكبر الفتن وأكّدتم لهم بأنّ أيّامها أيّام زهوٍ وفرح! ووقّعتم لهم على دفاتر الوعود ضامنين لهم بأنّ هذه الدعوة المباركة ستكون أفضل ممّا كانت عليه من قبل! وبهذا الغشّ وقعت الواقعة.
إنّ التذكير بنصوص الفتن هو من أفيد وأنجح الطرق لانتشال الأمّة من مستنقع الخلافات والخصومات وسائر أنواع الفتن والمحن، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في نصوص كثيرة يحذّر أصحابه والأمّة بعده من مغبّة الوقوع في الفُرقة والشقاق، فقال كما في صحيحيّ «البخاري 7077 ومسلم: 66» من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: «لا ترجعوا بعدي كفّارا يضرب بعضكم رقاب بعض»، وكذا فعل الصحابة مع التابعين فهذا أنس بن مالك رضي الله عنه يجيب من جاءه يشتكي فتنة الحجاج بقوله صلى الله عليه وسلم كما في «صحيح البخاري: 7068»: «لا يأتي عليكم زمان إلاّ والذي بعده أشرّ منه»، وكان الصحابة رضي الله عنهم «يذكرون أحاديث الفتن ويتذاكرونها في مجالسهم، قال عمر الفاروق رضي الله عنه كما في «صحيح البخاري 7096»: «أيّكم يحفظ قول النبيّ صلى الله عليه وسلم في الفتنة؟!»، فتركَ المفرقة هذا الهدي الإسلامي وتشبّثوا بأهوائهم الطارئة في هذه الأحداث فحُرموا بركة هذه النصوص العظيمة بعدما أزاحوها –فجأة- عن حياتهم الدعوية، فلم يجدوا واعظ السنّة ليذكرهم بخطورة الفتن والله المستعان.
وإنّ من أعجب عجائبكم يا علجت أنّكم أنكرتم على أتباعكم اعتبار ما وقع بين السلفيين فتنة! وكأنّكم ما قرأتم كتاب الله وما وقفتم على قوله تعالى: {وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً }، قال ابن عباس رضي الله عنهما كما في «تفسير الطبري 9/26»: «نبتليكم بالشدّة والرخاء، والصحّة والسقم، والغنى والفقر، والحلال والحرام، والطاعة والمعصية، والهدى والضلالة»، فتأكيدكم لأتباعكم بأنّ هذه الواقعة ليست من الفتن لا يشفع لكم! لأنّ الخير والهداية والنصرة التي تزعمونها لأنفسكم هي كذلك فتنة لأصحابها واستدراج لهم، فلا يصح حينها أن يقال بأنّ الانتصار على الأعداء هو نعمة وليس فتنة لأنّه كما مرّ بنا نعمة وفي نفس الوقت فتنة! أقول هذا تنزّلا وإلاّ حقيقة الأمر أنّ ما وقع هو فتنة وإن كابرت أنفسكم، ويأبى الله إلاّ أن يكشف زيف مذهبكم حتى صارت ألسنتكم وأقلامكم تجري بعبارة «الفتنة» كما وقع هذا في مكالمة بين لزهر وجمعة حيث ذكرا كلمة (فتنة) ثماني مرّات في مدّة لم تتجاوز أربعا وعشرين ثانية! بل كانت الفضيحة أشد وأنكى حيث اعتبر المفرّقة ما يمرّ به شيخهم الدكتور فركوس محنة! ولا ريب بأنّ المحنة أشدّ من الفتنة! حتى أضحت ميزة تميّز بها خلّص الأمّة فقيل محنة أحمد ومحنة ابن تيمية!
قلت: لقد كتب المبرقع الصنديد حمّاش بتاريخ: «09/01/2019» مقالا بعنوان: «محنة الإمام فركوس» -وطبعا- كان لزهر أوّل من علّق على مقاله فقال: «ما جاء في المقال أوافق عليه وأقول بمثله معتقدا إيّاه في حق شيخنا ومعلمنا»، وتفسير كلامه: أنّ ما وقع للدكتور هي محنة وليست أياّما زاهية! وأضف إلى ذلك اعتراف لزهر وجمعة وكل الرؤوس في مجالسهم ومكالماتهم بأنّ ما تعرّضوا له في هذه الفتنة من سبّ وشتم –كذا وصفوا- لم يشاهدوا مثله طيلة حياتهم الدعوية! فهل يوجد تفنيد لشبهة «لا تقل فتنة» أشدّ وأوضح من تفنيد صُنّاع هذه الشبهة أنفسهم؟! {وجَحَدُوا بِهَا وَاستَيْقَنَتْها أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِين}.
لا شكّ أنّ الناظر في الأحداث الغابرة التي وقعت بين أهل السنة في زمننا هذا يجد أنّ المفرّقة تفرّدوا بهذه الفكرة الغريبة، فلا الحدّاد ولا عبد الرحمن عبد الخالق ولا عرعور ولا المأربي ولا المغراوي ولا الشريفي ولا الحلبي قالوا في بدايات خصوماتهم مع السلفيين بمثل هذا القول الساقط! بل اعتبر الجميع ما حدث فتنة وبلاء -مع أنهم المتسببون في كل ما وقع - لكن من حيث توصيف الحال كما هو فقد كانوا أفضل من المفرّقة بمراحل كثيرة! ولو أنّنا فتّشنا في تاريخ الدعوة بله في تاريخ الإسلام لما وجدنا فرقة من الفرق فرحت بخلافاتها مع جماعة أخرى مثل ما فرح المفرقة بخلافهم مع إخوانهم! وليس ذاك إلاّ بسبب الجهل وغلبة الهوى ونشوة الانتصار! فظن المفرقة –رؤوسا واتباعا- بأنّ الأمر قد قضي وحسم لصالحهم، واغترّوا بجموع الشباب وهي ملتفّة حولهم فكانت فتنة لم يوفقوا فيها، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في «منهاج السنة 4/409»: «الفتن إنّما يُعرف ما فيها من الشرّ إذا أدبرت، فأمّا إذا أقبلت فإنّها تُزيّن ويُظنّ أنّ فيها خيرا فإذا ذاق النّاس ما فيها من الشرّ والمرارة والبلاء، صار ذلك مُبيّنا لهم مَضرَّتها وواعظا لهم أن يعودوا في مثلها».
قلت: ما أمتنَ قولَه رحمه الله وما أعذبَه! وهو قول مستمدّ من صنيع السلف في الفتن المدلهمّة وليس هو اجتهادا منه أو رأيا يخصّه! فقد أورد البخاري في «كتاب الفتن» أثر خلف بن حوشب حيث قال: «كانوا يستحبّون أن يتمثّلوا بهذه الأبيات عند الفتن:

الحَرْبُ أَوَّلُ مَا تَكُونُ فَتِيَّةً *** تَسْعَى بِزِينَتِهَا لِكُلِّ جَهُولِ
حَتَّى إِذَا اشْتَعَلَتْ وَشَبَّ ضِرَامُهَا *** وَلَّتْ عَجُوزًا غَيْرَ ذَاتِ حَلِيلِ
شَمْطَاءَ يُنْكَرُ لَوْنُهَا وَتَغَيَّرَتْ *** مَكْرُوهَةً لِلشَّمِّ وَالتَّقْبِيلِ



قال الحافظ رحمه الله كما في «الفتح 14 /43»: «والمراد بالتَمثّل بهذه الأبيات استحضار ما شاهدوه وسمعوه من حال الفتنة، فإنهم يتذكرون بإنشادها ذلك فيصدّهم عن الدخول فيها حتّى لا يغترّوا بظاهرِ أمرها أوّلا»، وقد سار علماء العصر على نفس نهج الأولين في هذا الباب، قالت أمّ عبد الله بنت الشيخ مقبل رحمه الله: «كان والدي رحمه الله يكرّر قراءةَ هذه الأبيات، ويأمر أحيانًا في حلقة الدرس بقراءتها»! نعم هكذا كانوا إلى أن جاء مفرّقة السوء فتنكّبوا صراط السلف وخالفوا طرائقهم الزكية، واعتبروا الفتن مصدر زهو وفرح! فاللّهم رحماك.
قال حسن: «فقد مرت الجزائر في العقد الأخير بفتن مدلهمّة أزهقت فيها أرواح، واستبيحت فيها أعراض، وكثر فيها الهرج، وكان هذا بسبب الفكر الثوري الخارجي الذي انتشر في كثير من شباب الأمة فصدّه عن العلم النافع والعمل الصالح وألقى به في دياجير الفتن وبؤر الشر، وحفظ الله السلفيين بفضله ومنّه وكرمه، وعصمهم من هذه الفتن بفضل توجيهات أئمتهم الكبار وعلى رأسهم الشيخ الألباني والشيوخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين رحمهم الله تعالى وبفضل دعاتهم الناصحين الذين كانوا يسيرون على خطى أولئك العلماء ويسترشدون بهم ويرجعون إليهم في الملمّات».
قال أبو معاذ: لقد شهد الرجل في ذلك الوقت بأنّ فتنة الخروج -وهي من أعظم الفتن التي عصفت بالجزائر- قد تصدّى لها أئمة السنة! ولم يذكر في كلامه هذا زعيم الدعوة السلفية المحليّة الدكتور فركوس! وهو صادق في كلامه فلم يُعرف عن الدكتور إسهام واحد في دفع ذاك البلاء عن الجزائر، ولا أستبعد أنه في تلك الحقبة كان ينصح مقربيه بالصمت والتهميش وأن يتركوا العلاج للزمن! وحتى لو سلمنا بأنّ الدكتور كانت له جهود فهي مغمورة في بحر جهود الدعاة الذين ذكرهم حسن في كلامه هذا، فلم يتميّز عنهم فركوس بشيء بل الأمّة تشهد لهم بالصبر والثبات والصدع بالحق أكثر مما تتشهد له.
بل عن نفسي أتحدث: لم أقف ولم أسمع ولم يبلغني لا من طريق محبّي الدكتور ولا من طريق مبغضيه قصص تثبت موقف الرجل من فتنة الخوارج كما هو حال المشايخ الفضلاء وعلى رأسهم الشيخ عبد الغني والشيخ عبد الخالق، بل حتى من انحرف من دعاة الجزائر وعلى رأسهم عبد المالك والشريفي فقد كانت جهودهم في محاربة الخوارج مشهورة معلومة، أما الدكتور فلم يقدّم شيئا في هذا الباب أقصد جهودا تليق بهذا المقام العلمي الكبير الذي يجتهد أتباعه الآن في ترسيخه وتثبيته، فحتّى علي بن حاج فهم الموضوع ورحل إلى الألباني لأنّه أدرك يومها بأنّ ارتباط الشعب الجزائري كان أوثق بالشيخ رحمه الله فلم يلتفت علي بن حاج إلى فركوس ولم يجتهد في الجلوس معه، وحتى عبد المالك لم يذكر اسم فركوس في كتابه مدارك النظر –فيما أذكر- مع أنّه كتاب أرّخ للدعوة السلفية في تلك الحقبة تأريخا دقيقا، ومن بقي عنده تردد في هذه المسألة فما عليه إلاّ أن يدخل موقع الدكتور –رأس ماله- ويضع في خانة البحث هذه الكلمات: «علي بن حاج» «عباس مدني» «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» أو غيرها من الكلمات الدّالة على جهوده في سنوات الجمر، وأنا لا أقصد المقالات العامة في التحذير من الخوارج فهذا يفعله حتى الخوارج أنفسهم، فياما وجدنا المقدسي والمسعري وغيرهما قد كتبوا عن الخوارج وردوا على التكفيريين، فهل شفع هذا لهم؟! لا طبعا، وعلى الباحث أيضا أن يتّجه إلى ترجمته أو مقاله «ماذا قدّم فركوس للجزائر» ثم لينظر بما يظفر اللّهم إلاّ دعوى تهديده بالقتل! ولو كان التهديد بالقتل فضيلة ومنقبة لكنت أنا محمد مرابط مزاحما للدكتور فيها لأنني هددت بالقتل من طرف بعض المتعصبة من أتباع الدكتور! ثم أقول لركائز الدكتور ومقرّبيه: إن كنتُ كاذبا متحاملا في كلامي هذا، فلتكتبوا عن شيخكم ولتذكروا ما عنده من فضائل في ذاك الوقت! ولا أظنّكم أقدم وأكبر من حسن ولا أعرف بفركوس منه ومع ذلك أهمل ذكره في مقاله هذا، فلا هو احتج به في فتنة الخوارج ولا هو ذكر اسمه في فتنة فالح.
ثم تأمّل -يا رعاك الله- كيف سرد حسن آيت علجت أسماء العلماء وأهملَ ذكر الإمام ربيع السنة –حفظه الله- مع أنّ جهود الشيخ كانت ظاهرة في نصح الخوارج وهداية من اغترّ بهم من شباب الجزائر حتى اضطرّ عبد المالك إلى إدراج اسمه وجهوده في كتابيه: «فتاوى العلماء الأكابر فيما أهدر من دماء في الجزائر»، و«تخليص العباد»، وهذان الكتابان قد يكون علجت حافظا لهما عن ظهر قلب! ومع ذلك لم يرفع رأسا بجهود سماحة الشيخ التي من شدّة وضوحها لم تنكرها حتّى الرئاسة الجزائرية كما هو ظاهر في رسالة الرئيس السابق! فكيف يهمل علجت ذكر الشيخ مع أنّ بين كتابة هذا المقال وبين مكالمة كتيبة الغرباء مع الشيخ ربيع ربما سنتين! نعم هذا هو تلميذ عبد المالك كما عرفته لا يكاد يذكر الشيخ وإنّما يلهج فقط بأسماء الألباني وابن باز والعثيمين على طريقة جماعة عرعور وعبد الرحمن عبد الخالق في تزهيد الشباب في علماء الجرح والتعديل بحجّة الرجوع إلى الكبار الثلاثة! وهي شنشنة تُعرف من أخزم.
قال حسن: «فأقبلَ كثيرٌ من الشباب على التديّن، ووجدوا ضالتهم في المنهج السلفي فانجفلوا إليه زرافات ووحدانا، ورحلوا لتلقي العلم من دعاته مشاة وركبانا، وهذا لما عرفوا من نصحهم لهم، وبعد نظرهم فيما كانوا يحذرونهم من مغبة التحزب والخروج على الحاكم».
قال أبو معاذ: حسن يُقدّم بهذا الكلام حتى يَفهم عنه القارئ بأنّ جهود الدعاة في هداية الشباب ذهبت أدراج الرياح بسبب فتنة فالح -وهي فتنة أخف بكثير من فتنة المفرقة، إلاّ أنّ الأُولى تُشبه الثّانية في الأصول والمنطلقات- نعم أدركَ الكاتب في ذلك الوقت بأنّ مصلحة الدعوة لا ولن تكون في الفرقة والشقاق، أمّا اليوم فجعلوا الفرقة وسيلة لتحقيق غاية الرئاسة والزعامة، فحتى الغاية لم تكن نصرة التوحيد والسنة ولو كانت كذلك في نفوسهم لكان فعلهم قبيحا محرّما فكيف والغاية التي تحرّكوا من أجلها هي إزاحة من توهّموا فيهم بأنّهم منافسون لهم على عرش القيادة! فبئست وسائلهم وبئست غاياتهم.
ولاحظوا -بارك الله فيكم- كيف أهمل الكاتب مرّة أخرى ذكرَ الريحانة! وهو صنيع عفوي يُظهر زيفَ الشعارات التي رُفعت اليوم والتي يُخيّل إلى الناظر فيها بأنّ الجزائر لم تعرف إلاّ الدكتور فركوسا، وأنّه أقدم وأكبر الدعاة الجزائريين، وكلّ من تكلّم في الدعوة فهو عالّة عليه! وهي في الحقيقة شخصية وهميّة تمّ الترويج لها في هذه الفتنة بشكل رهيب، وكان هذا الترويج من أعظم أسباب ضياع الشباب وانجرافهم إلى أودية الحدادية، ولو أنّهم عرفوا فركوسا كما هو، ووقفوا على سيرته الحقيقية لوجدوا أنفسهم في منأى عن هذه العصبيّة التي فتكت بهم.
فليس لفركوس من الفضائل والسبق الدعوي ما يجعل النّاس تغترّ به أو تنبهر بتاريخه، لأنّ غاية ما في الأمر أن الرجل كان من أكبر الدّعاة سِنًّا! ولم يكن أكبرهم لأنّ العيد شريفي كان أكبر منه قبل أن ينحرف، وكذا بن حنفية طبعا إذا رجحنا رواية لزهر بأنّه كان سلفيّا من قبل! أمّا بعد انحراف العيد وكذا بن حنفية صار فركوس الأكبر سنّا بين الدعاة! وهي من أعظم العوامل التي أسهمت في تقديمه والإحالة عليه، أما الجهود والمآثر فليس له فيها تميّز عن غيره بل لا تكاد تجد له من التميز شيئا، اللهم إلاّ ما ينقلُه هو من فضائله! أقول هذا لأنّ أكثر ما يُنقل من فضائله يُروى من طريقه! بمعنى: هو راويها ومسندها، كقصّة جهيمان وقصّة تَمنِّيه أن يطير إلى الجزائر لينقل للناس ما كان يستفيده في المدينة، وكذلك قصّة بحثه عن ذاك الرجل الذي أفتاه فأخطأ في فتواه وأشياء أخرى! أمّا أن يتأثّر به طلبته ومعارفه فينقل الواحد منهم مشاهدَه ومناقبه، أو يشهد شاهد بأنه تعلّم السلفية على يديه، أو كان الدكتور المُتسبّب في هدايته فهذا لا وجود له! ولا شكّ أن كلامي له سياق واضح وهو التميّز عن الغير! أقول هذا حتى لا ينطق انتحاري ويشهد بأنّه استقام على يديه! فيا عبد الله إذا نظرنا إلى مقام الدكتور عندكم في هذه الفتنة نقول بلا أدنى شك بأن الآلاف تركوا بدعهم وصاروا سلفيين بسببه وأن المئات دخلوا الإسلام على يديه! وكل هذا لا أثر له في سيرته، ومن أراد التأكد فلينظر في تراجمه وليرجع على سبيل المثال إلى مقالة تلميذه أحمد بوزيان في منتدى لزهر بعنوان: «هكذا عرفت الشيخ» فهي مقالة تدعّم فكرة هذا المبحث! فقد عدّ الرجل مناقشات الدكتور لرسائل الطلبة وتصحيحاته لأخطائهم من قبيل الفضائل! وكأنّه لا يعلم بأنّ الدكتور مدفوع له ليقوم بهذا العمل الوظيفي! بوزيان المسكين لم يتفطّن –لفرط تعصبه- بأنّ صاحب المنتدى الذي نشر فيه هو لزهر! وهذا الأخير لا تقارن صحبته لفركوس بصحبة بوزيان، فلو أنّه وجد شيئا من الفضائل لكان أوّل الكاتبين في منتداه! لكنّه لم يجد إلاّ عبارة «التّاج» فبقي يردّدها كالرضيع المتشبّث بأوّل كلمة تخرج من فيه فهو لا يرى غيرها! ومن أجل هذا تعجّب العقلاء كيف قارن المتعصبة فركوسا بالأئمة الأعلام كالشيخ ربيع! ذاك الإمام الذي يكفي الرجل أن يزوره مرّة واحدة ليكتب عنه «مشاهداتي»!
الحاصل: محبّة المفرّقة للدكتور هي من جنس محبّة الرافضة لعليّ رضي الله عنه! حيث توهّموا أشياء من مناقبه وفضائله فأحبّوه رضي الله عنه من أجلها! يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في «منهاج السنّة 2/258»: «وهكذا من أحبَّ الصحابة والتابعين والصالحين معتقدًا فيهم البّاطل كانت محبّته لذلك الباطل باطلة، ومحبّة الرافضة لعليّ رضي الله عنه من هذا الباب فإنّهم يحبّون ما لم يوجد»!
قال حسن: «ولكن لما كان الخير الذي يأتي بعد الشر لا يكون خالصا، بل فيه كدر، كما استفاد ذلك الحافظ فقال في الفتح 13/32: "قوله: وفيه دخن يشير إلى أن الخير الذي يجيء بعد الشر لا يكون خيرا خالصا بل فيه كدر، قال أبو عبيد: يفسر المراد بهذا الحديث الحديث الآخر: «لا ترجع قلوب قوم على ما كانت عليه»، ولما كان الأمر بهذه المثابة فإنّه سرعان ما ظهرت فتنة القلوب التي أشار إليها أبو عبيد كما مر آنفا والتي هي أشد من فتنة القتل، لأن فيها فسادً في الدين، بخلاف الأخرى فإن فيها فسادً في النفوس واتلافا لها، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم» وإلى هذا أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: «دبّ إليكم داء الأمم قبلكم الحسد والبغضاء، والبغضاء هي الحالقة! أما إني لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين».
قال أبو معاذ: واليوم يا حسن انقلبت عندك موازين الأمس! لأنّك أُصبت بعاهة الهوى ووضعت نفسك بعيدا عن نصوص الشرع، ففي حقبة فالح قلت بمنطوق الحديث «وفيه دخن» ورفعتَ به رأسا، ولم تعتبر تلك الأيام التي تلت أياّم الخوارج أيّاما زاهية مع أنّها كانت أيام انتصارات سلفية ظاهرة، بل جعلت من أعظم أسباب فتنة فالح تلك القلوب التي لم تعد كما كانت من قبل! ثمّ كم هي كبيرة حسرتي عليك يا حسن فقد أنطقتكَ معضلة فالح بالحكمة واستحضرت يومها هذه الفائدة العزيزة وهي أنّ فتنة القلوب أشد من فتنة القتل! وكأنّك لست حسن اليوم الذي وقف بنفسه على فتنة القلوب بل أسهم فيها وعدَّ ساعاتها ساعات زهو وفرح وإلى الله المشتكى! وهي والله فائدة عزيزة أسوقها لكلّ مفرّق استهان في هذه الفتنة بخلافات القلوب وتنكّرها بعضها لبعض، فشيخكم حسن من قال ولست أنا: فتنة القلوب أشد من فتنة القتل! {فاعتبروا يا أولي الأبصار}.
قال حسن تحت عنوان: «حقيقة هذه الفتنة»: «فما هي هذه الفتنة القائمة في الجزائر حاليا؟ هذه الفتنة فتنة هوجاء تدع الحليم حيران، فتنة لم تدع بيتَ وبر ولا مدر إلا دخلته، فتنة جعلت أهل البدع يظهرون الشماتة في السلفيين ويضحكون منهم ملء أشداقهم، والتبس الحق على كثير من الناس بسببها، بل وانصرف بسببها كثير من الناس عن المنهج السلفي وسقطوا في أحضان الحزبيين والثوريين المتسترين والظاهرين، فواغوثاه بالله!
لمثل هذا يذوب القلب من كمد *** إن كان في القلب إسلام وإيمان».
قال أبو معاذ: فواغوثاه بالله يا حسن! نعم هكذا كان الرجل يستغيث ربّه في فتنة فالح! لما كان يُشوى على سفّود الظلم والبغي كان يعرف معنى الفتن ويدرك مخلّفاتهما وأنّها تصرف الكثير عن المنهج السلفي وتسقطهم في أحضان الحزبيين! فأين هي تقواك اليوم وورعُك يا حسن؟! أين هو عقلك وضميرك؟!

ثم أخبرني بربّك: لماذا حيّرتكَ فتنة الأمس؟! ألم يكن يومها وجه فركوس موجودا في البلاد لتنظر فيه ويخلصك من الشبهات؟! لماذا كنت حزينا تستغيث ربّك؟ أين كان فركوس ولماذا لم يرفع عنكم غبن وظلم فالح؟! أين هي جهوده التي بذلها عندما وقف لفالح وحده؟! ثم تأمّل أيّها اللبيب في توصيف حسن لفتنة فالح: «فتنة لم تدع بيتَ وبر ولا مدر إلا دخلته»، ثمّ قارن بينها وبين فتنة المفرقة التي حلّت بساحتنا في وقت انتشر فيه الفيس بوك والتويتر والواتساب! فإذا كانت فتنة فالح دخلت البيوت واشتكى حسن من هول انتشارها فما الذي نقوله اليوم؟!
وأذكر القارئ الكريم وهو يقرأ كلمات حسن بأنّ الرجل نشر كلامه هذا من غير ذكر لاسمه! والسبب -كما هو معلوم- راجع إلى شدّة الفتنة ووافق ذلك جبن كامن في نفسه، فالرجل سواء نصر الحق أم الباطل فهو لا يقوى على المواجهة.
ولو أنّنا عذرناه لكان عذره أقرب في تلك الأيام يوم أن كنا في غربة أما اليوم فلا عذر له في الفرار وهو في أيامه الزاهية تحت جناح الريحانة.
قال حسن: «وقود هذه الفتنة وموقدوها أقوام حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام شعارهم ودثارهم: غمز وهمز ولمز في طلبة العلم من الدعاة السلفيين وتلميع وتفخيم أناس جهال مجاهيل ليسوا في الدعوة ولا العلم من قبيل ولا دبير، غالبهم حزبي أو ثوري قديم أو حديث عهد بجاهلية، برزوا في هذه الفتنة الأخيرة، وحملهم حب الرياسة والظهور على الطعن في هؤلاء الدعاة المعروفين قصد إسقاطهم حتى يبرزوا ويتصدروا ويعرفوا هم، نسأل الله العافية! وقد قيل: إذا كنت خاملا فاطعن في مشهور!».
قال أبو معاذ: سبحانكَ ربّي! وكأنّ الرجل يتحدّث عن فتنة المفرقة! فهي والله أوصاف من جُعِلوا وقودا فيها، لا إله إلا الله كأنّ علجت يتحدث عن جيجيك وبويران وزرارقة وغيرهم! ومع أنّ الشباب في فتنة فالح لاسيما في أيامها الأولى كانوا سلفيين وكانوا ينتصرون للدعوة السلفية كما يفعل المفرقة اليوم «جرح وتعديل» «منهج» «تمييع واحتواء» «اتباع الأكابر» مع ذلك هكذا وصفهم علجت بأنّهم «حدثاء الأسنان، سفهاء الاحلام ليسوا في الدعوة ولا العلم من قبيل ولا دبير، غالبهم حزبي أو ثوري قديم أو حديث عهد بجاهلية حملهم حب الرياسة والظهور» وقد أصاب في مضمون كلامه ولكنّه أخطأ في أسلوبه، لأنّ هذه الحقيقة ثقيلة على النفوس فلا يعرفها إلا من جربّ فكيف تقول عن أناس ينتصرون للسلفية بأنّ غالبهم حزبي أو ثوري أو حديث عهد بجاهلية؟! مع أنّ أصل الفكرة موجودة في فتنة فالح وفي فتنة المفرقة كذلك لكن هذا التهويل ينفّر الشباب لأن عقولهم لا تقبل هذا، من أجل هذا نصح العلامة ربيع في ذلك الوقت بضرورة صبر الشيوخ على الشباب وتحمّل طيشهم، وفعلا هذا الذي حدث وقد حمل لزهر ومعه علجت راية تنفير الشباب في ذلك الوقت، وعلجت نفسه يذكر جيدا تلك الرسالة التي بعثت بها إليه ذكّرته فيها بالصبر على الشباب بعدما رأيت منه عجبا لاسيما طريقة كلامه وشدة غضبه وخوفه، حتى خشيت أن يفقد عقلَه، وقد قال كلمة في مقاله هذا تلخص حالته النفسية في تلك الأيام وهي: «فواغوثاه بالله!»، وأدعو القارئ إلى إعادة قراءة هذه الفقرة ثم المقارنة بينها وبين ما شاهده في هذه الفتنة، لأنّ الاعتبار بالتاريخ من شيمِ العقلاء {فاقصص القصصَ لعلّهم يتفكّرون}.
قال حسن: «وإن تعجب فاعجب لهؤلاء الذين جاءوا إلى باب جهادي عظيم ألا وهو "الرد على أهل البدع والتحذير من أهل الأهواء"، والذي هو من أصول الإسلام، وبه يحفظ الدين وكان الإمام الشاطبي يعده من أبواب الفقه الأكبر كما في"الاعتصام" (1/174، ط: المعرفة)، جاء هؤلاء الجهلة فاستغلوه أسوأ استغلال لسوء فهم- وأحيانا لسوء قصد- فانجرّ من ذلك الشر المستطير، والفتن الصماء والعمياء، وتفرق المنتسبون للمنهج السلفي أيدي سبأ، وكثرت المهاترات والتهاوش وفتح باب للجدل وأغلق باب العمل، وتسلط الرعاع والسفلة على طلبة العلم والدعاة – الذين كانوا يعلمونهم ويوجهونهم وفق المنهج السلفي- لا يقبلون من محسنهم ولا يتجاوزون عن مسيئهم، وصاروا يتتبعون زلاتهم ويصدرون الأحكام عليهم –وهم جهلة جائرون- ثم يحذرون منهم كل من دب ودرج، اشتدت البلية، وعظمت الرزية، فاللهم سلم سلم!».
قال أبو معاذ: كان باب الجرح والتعديل عند حسن آيت علجت من أبواب الجهاد العظيمة ومن أصول الإسلام ومن أبواب الفقه الأكبر! أمّا اليوم فصار الكاتب نفسه يدفع بأطفال بوزريعة ليكتبوا الردود بالأسماء المستعارة! نعم للأسف أصبح هذا المتقلب المتحوّل يبارك ردود الجهلة والمجاهيل وفي المقابل يردّ كلام جبال العلم وفرسان الجرح والتعديل! مع أن حقبة فالح لم تَعرف وسائل التواصل ولم تكثر فيها الكتابات والردود مثل ما هو حاصل اليوم، ولا أكون مجازفا لو قلت بأن ما كتب طيلة فتنة فالح كُتب نظيره في أسبوع واحد من فتنة المفرقة! ومع ذلك قام حسن في تلك الأيام مذكّرا الشباب بخطورة الخوض في مسائل الجرح والتعديل! أمّا اليوم -بعدما ركب موجة الهوى- فهو يرى أجهل خلق الله يكتبون وأحقد عباده يؤيدون، ومع ذلك يصمت صمت الخونة بل يؤيد ويحث في الخفاء فإنّا لله وإنّا إليه راجعون.
ثم انتبه أيّها اللبيب إلى قوله: «وتفرّق المنتسبون للمنهج السلفي»، فالفرقة في ذلك الوقت كانت مذمومة قولا واحدا، أمّا اليوم فصارت دعوة الأنبياء دعوة فرقة! وأصبح التفريق بين الناس محمود تساق من أجل تحسينه الأدلة وأقوال العلماء.
ثم أقول للقارئ: تأمّل في كلامه وأخبرني: هل قصد به فتنة فالح أم فتنة المفرقة؟!:
«كثرت المهاترات والتهاوش وفتح باب للجدل وأغلق باب العمل، وتسلط الرعاع والسفلة على طلبة العلم والدعاة – الذين كانوا يعلمونهم ويوجهونهم وفق المنهج السلفي- لا يقبلون من محسنهم ولا يتجاوزون عن مسيئهم، وصاروا يتتبعون زلاتهم ويصدرون الأحكام عليهم –وهم جهلة جائرون- ثم يحذرون منهم كل من دب ودرج، اشتدت البلية، وعظمت الرزية، فاللهم سلم سلم!».
قلت: نعم صدقت يا حسن فحقبة فالح لم تعرف الأيام الزاهية بل كما قلت اشتدّت فيها البلية وعظمت الرزيّة! وإنّ من أعجب العجب أنّك يا حسن أنكرت على جماعة فالح وتعجبت منهم كيف حذّروا كلّ من دبّ ودرج من المشايخ والدعاة، مع أنّك اليوم أيّدت أتباعكم وفرحت بهم عندما حذروا العوام وكل من دب ودرج من المشايخ والطلبة! بل فرحتم بانضمام قوافل العامة إلى صفوفكم!
وهنا لفتة مهمّة: فدائما تجد عند الكاتب بالاسم المستعار جرأة عجيبة في الكلام وشجاعة مدخولة في الطرح، فلولا الاسم المستعار لما وصف حسن أولئك الشباب: «بالجهلة والرعاع والسفلة»، وهو يعلم جيدا ما أقول! وأنصح حسن وكل من يكتب بالاسم المستعار بأن يراقبوا الله سبحانه في مواضع أقلامهم، وأن يستشعروا أهوال القيامة وساعة الحساب، وأن يضعوا دائما نصب أعينهم قول الله تعالى {ما يلفظ من قول إلاّ لديه رقيب عتيد} وقول النبي صلى الله عليه وسلم عندما سئل عن الإحسان: «أن تعبد الله كأنّك تراه فإن لم تكن تراه فإنّه يراك» «صحيح مسلم 93»، فالأدب والتقوى للكاتب كالروح للجسد فهي تسير معه حيثما ذهب.
قال حسن: «الباطل لا يُنفَق إلا بشوب من الحق-لأن الباطل الصرف لا ينطلي على أحد فما من طائفة من طوائف البدع والضلال إلاّ ويسترون بدعتهم بشيء من الحق والسنة لتقبل عند الناس، فليكن هذا منّا على بال! أما هذه الجماعة فقد زخرفوا باطلهم بعبارة نحن نتبع العلماء! ولا يخفى على عاقل أن هذا الكلام حق، وإن اتّباع العلماء من أصول منهج أهل السنة والجماعة إذ أنّ العلماء هم رأس الفرقة الناجية والطائفة الظاهرة المنصورة، وأهل العلم هم أهل الحديث المشتغلون به رواية ودراية، والعاملون به اتباعا ورعاية، ويلحق بهم من سلك سبيلهم من المتفقهين على طريقتهم—لا المتكلمون ولا المقلدة الجامدون ولا أصحاب الأهواء المضلة والبدع المحدثة، ومن التفاسير التي ذكرها الشاطبي في معنى «الجماعة» أنهم: أئمة العلم المجتهدون، فاحفظ هذا القيد فإنه مهم».
قال أبو معاذ: لن أطيل في هذا الموضع وإنما أطالب القارئ مرة أخرى بإعادة قراءة الفقرة! فالموضوع واحد والتوصيف واحد، فجمعة لم ينفق باطله في هذه الفتنة إلاّ بشوب من الحق: «سكتوا عن طعن عبد المالك في الشيخين ربيع وعبيد!»، وهي أكبر خدعة أوقعت المتعصبة في غياهب الخسران {كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا}.
وهنا لفتة أخرى: فقد ختم حسن هذه الفقرة بقوله: «فاحفظ هذا القيد فإنّه مهمّ» يقصد قول الشاطبي بأنّ الجماعة هم: «أئمة العلم المجتهدون»، ومقصود حسن: أنّ شعار: نحن مع العلماء شعار فضفاض ففالح الذي تعتبرونه عالما ليس هو من جملة الأئمة المجتهدين! وبمثل هذا نقول لجماعة: نحن مع فركوس!
تذكير: أخي القارئ عندما تقلب ناظرك في هذا المقال تذكر دائما واستحضر شخصية حسن الجبانة المهزوزة! فالرجل لم ينشر المقالة باسمه ومع ذلك لم يذكر فالحًا ولا حتى أبواقه! نعم هو حسن كما عرفته.
قال حسن تحت عنوان: «ولكن ما حقيقة هذه الدعوى التي يدّعيها هؤلاء؟»: الجواب عن هذا يكون من وجوه: 1-إن اتباع العلماء مبني على شيئين: أولهما: معرفة حقيقة أقوالهم بعد سبرها وجمعها فقد يقول العالم قولا مجملا قد فصله في موطن آخر أو يكون قوله هذا إجابة عن سؤال فتكون الإجابة على قدر السؤال».
قال أبو معاذ: كنتَ تفهم يا حسن بأنّ الشعارات ما لم يتحقق فيها الإخلاص والمتابعة لا تعدوا أن تكون سوى دعاوى لا قيمة لها، فشعار الأمس «اتّباع العلماء = فركوس» هو شعار اليوم، بل عند المقارنة الدقيقة نجد أنّ شعار الأمس أشد وضوحا لأنّ المقصود به كان فالح بالدرجة الأولى وقد كان الرجل من علماء الأمة ومن المتخصصين في الجرح والتعديل، أمّا اليوم فقد حصروا شعار الرجوع للعلماء في فركوس! وكيف ننسى جواب جمعة عندما سئل في بداية الفتنة إلى من نرجع في النوازل والفتن؟ فقال: إلى فركوس فقط!

وأمر آخر: أنّ الذي حصر الرجوع إليه هو رجل وصفه أعلم النّاس بالطوائف في هذا العصر بأنّه: ضعيف في المنهج! ومن هذا المنطلق كان على علجت أن يشتدّ في نكيره عليهم في هذه الفتنة لا أن يسكت عليهم بل يناصرهم، لأنّ الشر الذي وقع في هذه الفتنة أوضح وأخطر من الشر الذي وقع في فتنة فالح! وقد ذكرت واحدا من الفروق الجوهرية وهي كثيرة.
ثم أقول لحسن: لقد ذكّرتَ الشباب في تلك الحقبة بضرورة معرفة حقيقة الأقوال بعد سبرِها وجمعِها، أمّا اليوم فالأمر صار عندك سهلا إلى درجة أنّ نظرة واحدة إلى وجه الدكتور تغني صاحبها عن كثير من السبر والجمع! بل في فتنة المفرقة لا يحتاج المتعصّب إلى الجمع والسبر لأنّه لن يجد الأقوال فضلا عن جمعها، بسبب قاعدة: لا أجعل في حلّ من ينقل عني! وكذلك: كذبوا عليّ وزادوا في كلامي ولم يفهموا عني! وإلى الله المشتكى.
قال حسن: «الثاني: فهم أقوالهم وعقلها عنهم فينبغي أن يفهم كلام العالم وفقا لمراده هو، لا لمراد السائل أو المستفتي، أو السامع حتى يعمل به على الوجه الصحيح، وحامل لواء هذه الفتنة ليسوا في العير ولا في النفير، فلا عقل يتريثون به إلى حين معرفة حقيقة قول العلماء، ولا علم يمكنهم من فهم أقوال العلماء والعمل بها على الوجه الصحيح، فجنت عليهم فدامتهم وجهلهم».
قال أبو معاذ: أعيدها مرة أخرى: هذه القوة التي يجدها القارئ في عبارات حسن «الأمس» هي نتاج «الاسم المستعار» ومع ذلك أقول: هي كلمات تنطبق -حذو القذّة بالقذّة- على فتنة اليوم! فأصحابها ليسوا في العير ولا في النفير فلا عقل تريثوا به ولا علم حكموا به، والأشنع من هذا كله تأييد الشيوخ لجهلِ الأتباع وتشجيعهم لجرأتهم! ومن منّا لم يقف على تزكية متولّي كبر هذه الفتنة جمعة لأمّ عائشة والحلّيق الإدريسي؟! ومن منّا لا يذكر ردّ الطفل الطرابلسي صاحب «18 سنة» على الشيخ الكبير حسن عبد الوهاب البنا رحمه الله صاحب «97 سنة» وقد نشر على منتديات لزهر؟! نعم هي من أعظم الفوارق بين فتنة فالح وفتنة المفرقة، ففي حقبة فالح لم يكن هناك من مشايخ الجزائر من هو في صفهم ويزكي جهلهم ويؤيد باطلهم، بل حتى فالح نفسه لم يعرف عنه هذا حيث زكّى فقط واحدا من رؤوس الفتنة، وكانت جماهير الأتباع لا تهتم بالكتابة فضلا عن اهتمامها بالتزكية والتصدير، بخلاف جماهير اليوم التي زحفت إلى منتديات لزهر للتسجيل والكتابة بعدما فتح لها الأبواب مشرفها وصاح بأعلى صوته: الفلاح الفلاح.
يتامى التفريق لم يجدوا في هذه الفتنة من يزجرهم ويشفق عليهم، ولم يُوفَّقوا في اتخاذهم لشيوخهم قدوات ومنارات، لأنّ شيوخ التفريق كان همّهم الوحيد نصرة مشروعهم مهما كلّف الأمر، ويحضرني الآن ما ذكره أحمد طالب الإبراهيمي في «مذكراته 57» عن والده العلامة البشير الإبراهيمي رحمه الله فقال: «وشرعتُ في كتابة مقالاتي الأولى باللغة العربية آملا نشرها في البصائر، وكانت غالبها تقارير عن النشاطات الثقافية في مقر الجمعية، لكن والدي –يقصد الشيخ البشير- كان يرفضها، طالبا منّي أن أُحسّن أسلوبي بالقراءة المستمرة، وكان يوصيني قائلا: قبل أن تكتب يجب أن تحسن القراءة، وقبل أن تتكلّم يجب أن تحسن الإصغاء».
قلت: تأمّل يا رعاك الله كيف كان العالم يعامل ابنَه بالتديّن والمراقبة، ولو لا ذاك لكان فرحا بمقالات ابنه! فأين هم شيوخ التفريق الخونة من هذا الهدي الإسلامي العظيم؟! وأين هو الدكتور فركوس من سيرة أساطين جمعية العلماء؟!
قال حسن: «2-إن العلماء الذين ينبغي لزومهم هم أئمة العلم المجتهدون، لا عالم في فن ما فحسب، بله طالب علم، ولكن عند هؤلاء صار لفظ «العلماء» من أنواع العام الذي يراد به الخصوص فوقعوا في الحنف والاجحاف، ومع هذا قد لا يفهمون قول ذلك العالم-أو طالب العلم-الذي يقصدونه، وقد يكتمونه ولا يظهرونه إن كان لا يوافق أهواءهم».
قال أبو معاذ: طالب العلم الذي قصده حسن في كلامه هو: فالحا الحربي وبهذا وصفه الشيخ العلامة العباد، لكن الجبان جبان فهو ينشر مقالا تحت الطاولة من غير ذكر لاسمه ومع ذلك لا يقوى على تسمية فالح وتعيينه للقارئ.
وأقول للمتعصّب: شيخك حسن يقول لكم: العالم الذي ينبغي اتباعه هو الإمام المجتهد لا العالم في فن واحد! ولا أشك أن المتعصب عندما يصل إلى هذه الفقرة سيستحضر شيخه فركوس وبماذا اشتُهر قبل الفتنة! نعم اشتُهر بتخصصه في فن أصول الفقه! وهنا أسأله: هل كنتَ تعتقد بأنّ الدكتور بارع في فنون الشريعة ومنها باب الجرح والتعديل؟! اصدق نفسك هذه المرة وأجبها علّها تقتنع: لماذا –فجأة- جعلتَ هذا الرجل إماما لا يناقش كلامه، وصيّرتَه خصما وندّا للإمام ربيع في فنّ الجرح والتعديل مع أنّك كنت تعتقد قبل الفتنة بأن الدكتور لا اهتمام له بالردود ولا فهم له لمسائل المنهج؟! إنّها –وربّي- الانتكاسة.
أيّها المتعصب: إنّ أمرَ هذه الواقعة كان سيُقضى في مهده لو أنّكم ألقيتم من أوّل يوم ثوب التقليد والعصبية وسلّمتم الأمر لأهله، لكنّ نار هذه الفتنة زادت لهيبا واشتعالا لمّا أقحمتم الدكتور فيما لا يحسنه، وهذه الجزئية الخطيرة لا يتفطّن لها كثير من النّاس! وهي أنّ الرجل إذا تكلّم في غير فنّه أهلك وأفسد وكلّما كثُر أتباعه كلمّا كثر ضرره في المجتمع، يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله «4/502»: «إذا تكلّم المرء في غير فنّه أتى بهذه العجائب»، نعم صدق رحمه الله والكثير لا يدرك بأنّه قالها في الكرماني رحمه الله وما أدراك ما الكرماني في علمه وفضله! وهو صاحب كتاب «الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري»، والمتوفى «سنة: 786 هـ»، وصفه السخاوي في «الجواهر والدرر 290» بـ«شيخ الإسلام» ومع هذا كلّه لم يجد الحافظ أي حرج في التعقيب عليه وانتقاده، بل قال فيه تلك المقولة الشهيرة بعدما قام في نفسه أنّه لا يحسن الكلام في فنّ الحديث! فهل وجدت أيها المتعصب أن أهل السنة انزعجوا من كلام الحافظ أو انتصروا للكرماني بالباطل؟ هم والله أنظف عقولا وأزكى نفوسا وأشد الخلق تعظيما للحق لذلك نظرتهم دائما تكون صائبة لأنهم أرادوا بها وجه الله، وهذا الذي لم تفهمه أيها المتعصّب!
ونحن لا نقول بأنّ شيخك الدكتور تكلّم فيما لا يحسنه فحسب بل نؤكد بأنّه تكلّم في فنٍّ شَهدَ عليه أهل التخصّص بأنّه ضعيف فيه! فاحفظ هذا – هداك الله- وقد أظهرت هذه الفتنة صدق قول الإمام ربيع في شيخكم وأبانت تخبطاته في مسائل المنهج عن جهل عريض وضعف شديد زاد في تأزيم القضية وتشعيبها، ورحم الله الجرجاني القائل كما في «دلائل الإعجاز 482»: «إذا تعاطى الشيء غير أهله، وتولى الأمر غير البصير به أعضلَ الداء واشتدّ البلاء».
قال حسن: «3-إن هذه الدعوى -دعوى اتباع العلماء- تتضمن أمرين: أولها: تزكية أنفسهم بأنهم المتبعون للعلماء دون غيرهم ممّن هو أعلم منهم، وأقوم بدين الله منهم عملا وسلوكا مع المزايدة والتطاول على غيرهم بذلك، علما بأن أغلبهم-كما أسلفنا- همج رعاع، لا علم عندهم ولا دين ولا خلق، ومن وقف على شيء من أحوالهم وسلوكهم عرف مدى مخالفة الخبر الخبر فمن أين لهؤلاء أنهم متبعون للعلماء حقا وصدقا؟ وأنّى يكونوا كذلك وحالهم كما أسلفت؟».
قال أبو معاذ: إنّ تزكية النفس التي تحدث عنها «حسن الأمس» هي نفسها التي وجدها العقلاء عند المتعصبة اليوم، فعندما تجد أمثال حرّي وعبد الصمد وباهي يلهجون ليل نهار: لسنا في شك نحن على الحق والهدى تدرك جيدا معنى كلام المتلوّن حسن، فالرجل قالها في ذلك الوقت صادقا من قلبه بعدما تجرّع مرارة الفتنة، وشاهد بأمّ عينه كيف عاث السفهاء في الأرض فسادا، ونفس ما شاهده حسن قد تكرّر اليوم لكن الذي تغيّر وتلوّث هو قلب حسن!
وأصدقكم القول: بأنّ هذه الفائدة هي في الحقيقة درّة غالية جادت بها قريحة الرجل في لحظة صدق! فعندما تجد الشابّ مطمئنّا إلى موقفه مفتخرا بمعرفته للحق وهو يعلم بأنّ أئمّة الشأن يخالفونه فتأكّد بأنّ داء الغرور قد فتكَ بقلبه، وإذا لم يكن كلامه هذا تزكية للنفس فلا يوجد في الدنيا تزكية للنفس! ولا شك أنّ مرض الغرور هو من أبرز الأمراض التي ابتلي بها الحدادية حتّى فاقوا في هذه الخصلة الذميمة نظراءهم من فرق الضلال، وانظر ترى في مدارسهم من لدن محمود الحداد وإلى يومنا هذا فلا تجد فيهم إلاّ مغرورا منتفخا، وأفضل ما يمثل به لتقريب الفكرة قول شيخكم الدكتور: «جهودي تضاهي جهودهم جميعا»، ومقاله الذي نشره في موقعه الرسمي ورضي به «وماذا قدّم فركوس للجزائر»، يكفي أن أنقلَ منه قولهم -وهو كلام كتب في حضرة فركوس ونشر على مرأى منه-: «حُقَّ لأهل وطنه مِنْ إخوانه وأبنائه أَنْ يتجاوزوا مرحلةَ الإعجاب بشخصيَّته الدِّينيَّة وآثاره العلمية إلى مرحلة الفخر والاعتزاز بكونهم أحَدَ أبناءِ هذا الوطنِ العزيز الغالي، الذي يتضمَّن ـ في جَنَباتِه ـ عَلَمًا هذه آثارُه، وتلك ثمارُه»! فهل شاهد القارئ من قبل اعتدادا بالنفس وتجاوزا لحد الثناء المشروع مثل ما وقف عليه في هذه الكلمة المقرفة؟! إنّه العجب المهلك والغرور المفسد للطبائع! وعندما نقول بأنّ العجب يهلك الإنسان فذاك هو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال كما في حديث أنس رضي الله عنه «الصحيحة: 1802» «ثلاثٌ مُهلِكات: شُحٌّ مُطاع، وهوًى مُتَّبَع، وإعجابُ المرءِ بنفسِه».
الحاصل: «حسن الأمس» أشار إلى قضية خطيرة جوهرية، وبيّن خطرها في وقت مهمّ جدا، وأنا شاكر له بيانه هذا مع أنّه نشر المقال في نطاق ضيق جدا ولم يذكر اسمه، لكن ذكره لقضية العجب والغرور عند الأتباع قد تشفع له لاسيما إذا استفاد منها «حسن اليوم»، واتّعظ بها أتباع اليوم، وانتبهوا إلى حقيقة أقوالهم.
قال حسن: «الثاني: اتهام مخالفيهم -وهم طلبة العلم من الدعاة- بأنهم مستقلون بآرائهم دون العلماء، وهذه دعوى عريضة تحتاج إلى بيّنات، وتهمة تحتاج إلى إثبات، والواقع غير ذلك، إذ أن هؤلاء معروفون باتّباعهم للعلماء ومحبتهم لهم، بل هم اللذين كانوا يحثون هؤلاء الشباب الرجوع إلى أهل العلم في النوازل، والاسترشاد بهم في المعضلات، وهم لم يدعوا لأنفسهم العلم، بل هم يحذرون من المغرورين والمتعالمين فهي إذا مجرد ظنون كاذبة وأهواء مضلة».
قال أبو معاذ: واليوم يا حسن بُعثرت كل هذه الأفكار النيّرة في أرجاء هذه الفتنة، وصِرتَ حامل لواء هذه التهمة، ويا ليتك اكتفيت باتهام الطلبة بالاستقلالية بآرائهم دون العلماء ولم تنزل إلى الحضيض وتجعل مخالفتهم لفركوس انحراف يُحكم على صحابه بالضلال، ما أشقاك يا حسن بالأمس كنت تعرف مزايا الطلبة والدعاة والتي منها تعريف الناشئة بالعلماء، أمّا اليوم فقد سلّطت عليهم الجهلة والأغمار، ونفخت في جموع الجاهلين حتى صاروا هم الواسطة بين العامة وعلمائها! فاللهم إنّا نعوذ بك من فجاءة النقمة وتحول العافية.
وهنا لفتة مهمّة: لقد جال «حسن الأمس» في ميدان الفتن وقتذاك وهو أصغر سنّا مني اليوم! وحاول أن يعالج قضية عظمية مثل قضية فالح، لذلك شعر بخطورة إلغاء وظيفة الطلبة بحجة اتّباع العلماء! وهي واحدة من إصابات حسن في ذلك الوقت، فبليّة الاحتقار بليّة شنيعة مدّمرة، لم يعرفها أسلافنا ولم ينشأ عليها أجدادنا، فقد كانوا يحتفون بطالب العلم المتفوق ويعرفون قدره ويخصونه بفضل رعايتهم، فهذا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تميّز عن أقرانه من وقت صباه، فلم يقل له من وقف على تفوقه: أنت متعالم أو جريء أو صغير بل شجعه العلماء وشهدوا له بالفضل وهذا من إنصافهم وتقواهم، فقد نقل ابن عبد الهادي رحمه الله في «العقود الدريّة ص:7» قول بعض علماء حلب بعدما صادف ابن تيمية ووقف على حفظه وفهمه: «إن عاش هذا الصبي ليكوننّ له شأن عظيم فإنّ هذا لم يُرَ مثله»! وليست القضية متعلقة فقط بالفهم والحفظ ليقول القائل بأنّ الصغير لا يُنكر عليه هذا، وإنّما حديثنا يشمل كذلك تفوق الصغير على الكبار ومناظرتهم وانتقادهم، فقد قالوا في ترجمته رحمه الله «العقود ص: 8»: «وكان يحضر المدارس والمحافل في صغره ويناظر ويفحم الكبار ويأتي بما يتحيّر منه أعيان البلد في العلم، فأفتى وله تسع عشرة سنة»، نعم هكذا عاش أسلافنا تحت ظلّ السلفية الحقّة!
قال حسن: «وبهذا فإن هؤلاء لا للسلفية نصروا ولا لأهل البدع كسروا، ولا للعلماء اتبعوا، ولا قدر أنفسهم عرفوا، ولا فضل دعاتهم شكروا، فصاروا يخبطون خبط عشواء في ليلة ظلماء وأسسوا في ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فماله من نور، بل شوهوا صورة بعض من ينتسبون إليهم من أهل العلم-عند من لا يعرفهم-بسبب تصرفاتهم المشينة وصدق من قال: عدو عاقل خير من صديق جاهل».
قال أبو معاذ: إنّ هذه الفقرات لهي أشدّ على مفرقة اليوم من ضربهم بالسيوف، فكلّ الصفات الواردة في كلام المُنتكس تنطبق عليهم وعلى منهجهم الدّخيل، فأعد قراءة الفقرة أيّها اللبيب وأخبرني هل خطر على بالك قدّور وعمّار وجيجيك وأضرابهم؟! فما أعقل حسن الأمس وما أجهل حسن اليوم ذاك المنقلب على عقبيه الذي جيّش الأوغاد وصفّ إلى جنبه أخسّ عباد الله وهي طريقة حدادية قديمة يقول العلامة ربيع السنة –حفظه الله- عن محمود الحداد: «ثم جاء إلى المدينة لقصد معيّن وهو إثارة الفتنة فجاء مُتمَسكِنا متلطّفا متخفيا حتى أخذ التزكية من أهل المدينة ثم شرع يجمِّع الأوغاد والهمج حوله فما شعر أهل المدينة إلا بالثورة عليهم وعلى علماء المملكة». «فتاوى في العقيدة والمنهج ص: 22». قلت: وكذلك اليوم فما شعر أهل السنة –لاسيما في الجزائر- إلاّ بالثورة عليهم!
قال حسن تحت عنوان: «المخرج من هذه الفتنة»: «التفريق بين الوسائل والغايات في مجال الدعوة إلى الله تعالى: فالغاية العظمى من الوجود الإنساني هي عبادة الله وحده لا شريك له، وهذا بطاعة أمره، وترك نهيه، ولا يتأتى هذا إلا بالعلم بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ولا يؤخذ هذا العلم إلا من ورثة الرسول وهم العلماء الربانيون الذين ساروا على نهج الرسل وإذا لم يتيسر ذلك فعمن دونهم ممن سار على نهجهم ولم يزغ يمنة ولا يسرة».
قال أبو معاذ: سبحان الله! هكذا أقبل حسن الأمس وهكذا أدبرَ حسن اليوم! حسن الأمس كما هو مبيّن في كلامه كان يفرق بين الوسائل والغايات، أمّا حسن اليوم فلم يهتمّ كثيرا بعبثه أولا وبعبث أتباعه الذين خلطوا بين الوسائل والغايات وأزاحوا من أمامهم غاية العبادة والتوحيد واهتموا بوسيلة الطعن والتحذير بل جعلوها غاية ألهبوا الدنيا من أجلها وبقوا متشبثين بها إلى هذه اللحظة، لا همّ لهم إلاّ: بيان فساد الصعافقة والتحذير من الاحتوائيين!
وهنا حقيقة لابد من البوح بها: فحسن لا يقيم وزنا لأصل الجرح والتعديل إلاّ ما أشرب قلبه مما يخدم نفسه، فالرجل لو بقيت تفتش عشرات السنين فلن تجد في مآثره العلمية ردودا على أهل الأهواء بمختلف طوائفهم، حتى في هذه الفتنة لم يكتب كلمة واحدة في نصرة الدكتور عندما حشر نفسه في خصومة مع الصوفية! والعجيب أن المتعصبة طالبوا مشايخ الجزائر بالدفاع عن الدكتور واعتبروا تأخرهم عن نصرته تخذيلا لكنهم لم ينتبهوا أن أولى الناس بالدفاع عن الدكتور هو حسن ولم يفعل ذلك! نعم لم يفعل ذلك لأنه لا قبل له بهذا الميدان الشائك الوعر، لاسيما وأن له علاقات مع رؤوس المخالفين والمتصوفة وهناك احترام متبادل بينهم بحكم زياراتهم! وأرجو ألاّ اضطر لبيان بعضها بالأدلة.
فالقضية لا علاقة لها بمن يوصفون ظلما بالصعافقة حتى لا يقول المتعصب إن الشيخ لم يَرد عليكم لأنه أعمل قاعدة التهميش المحدثة، لأنّ قضية حسن متعلقة بأصل الرد على المخالف، وإلا فليخبرني المتعصب: هل همّش كذلك الصوفية والإخوان والرافضة وجماعات الحلبي والمأربيّ وعرعور عندما سلمت من ردوده؟! إنّ احترام شيخكم لعلم الجرح والتعديل لا يختلف عن احترام الحلبي لهذا العلم! فهو شعار فقط رفعه هؤلاء في وجوه أهل السنة حتى لا ينتبهوا للمكيدة، أمّا تطبيقاته في واقع الدعوة فلا يوجد خلاف ظاهر بين حسن والحلبي! فحتى الحلبي يقول بفريضة الجرح والتعديل بل جسّد ذلك ببعض الردود.
الشاهد: أنّ «حسن الأمس» بعدما لاحظ انكباب الشباب على الجرح والتعديل وتعصبهم المقيت في اتخاذ المواقف مع المخالفين بيّن ونبّه بأن ما تقومون به هو وسيلة وليس غاية، وقد اهتمّ حسن بالموضوع في ذلك الوقت مع أن فترة الفتنة لم تدم طويلا، أما اليوم فهو ساكت عن مهاترات القوم وردودهم التي لم يتحرروا من قيودها إلى هذه اللحظة وقد مر على هذه الفتنة ثلاث سنوات.
قال حسن: «ونظرا لوجود أدعياء العلم من أهل الأهواء الذين تنكبوا منهج الرسول صلى الله عليه وسلم واتبعوا بنيّات الطريق تعيّن على المسلم معرفتهم لاجتنابهم وهنا تأتي الوسيلة إلى ذلك وهي: التحذير من أهل الأهواء، فهي إذن ثلاثة أمور: عبادة الله تعالى، العلم بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم معرفة من يتلقى منهم هذا العلم، فالأمران الأوليان من باب الغايات والأمر الثالث من باب الوسائل فلا ينبغي حينئذ أن نشتغل بالوسيلة وننسى الغاية، أو نظن أن الوسيلة غاية، فنقع في خبط وخلط».
قال أبو معاذ: إنّ هذا التحوّل البائس الذي عرفه حسن يدفعك أكثر إلى معرفة قيمة الثبات على الدّين والحفاظ على نعمة العقل، فالرجل تنكّب مبادئ السلفية التي عرفها من قبل فخان أتباعه خيانة لا يقترفها عدو مع عدوّه، وتركهم كالسكارى على مائدة هذه الوسائل التي بيّن بالأمس خطورة الاشتغال بها على حساب الغاية المنشودة! فأين هي وصاياه ونصائحه في هذه الساعات الأليمة؟! كيف اطمأنّ أتباعه إلى حقيقة غريبة مروّعة وقعت فعلا في هذه الفتنة ألا وهي غياب كتابات وصوتيات حسن آيت علجت! بل خلوّ الساحة الدعويّة من مرويات مجالسه الخاصة! إنّه التعتيم الحزبي والسريّة المُهلكة!
الذي فعله علجت في هذه الفتنة مناقض لإجماع السلف ومعارض لطريقتهم في التحذير من أهل البدع، فإذا كان حسن يعتقد بأن خصومه صعافقة أشرار فما الذي حجزه عن بيان ضلالهم في مقالات مكتوبة وصوتيات مسجلة تبلغ الآفاق ويعرف منها القاصي والداني خطر هؤلاء؟!
أيّها المتعصبة: منذ متى كان السكوت على المخالفين أمرا محمودا؟! لقد انتكست فيكم الفطر والعقول وتنكرتم لكل جميل وأصيل حتى ما تعلق بإجماع الأمّة! يقول الإمام ابن القيم رحمه الله كما في «التبيان 127» وهو يتحدّث عن أنواع الأقلام: «القلم الثاني عشر: القلم الجامع، وهو قلم الرد على المبطلين، ورفع سنّة المحقين، وكشف أباطيل المبطلين على اختلاف أنواعها وأجناسها، وبيان تناقضهم، وتهافتهم، وخروجهم عن الحق، ودخولهم في الباطل، وهذا القلم في الأقلام نظير الملوك في الأنام، وأصحابه أهل الحجة الناصرون لما جاءت به الرسل، المحاربون لأعدائهم، وهم الداعون إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، المجادلون لمـن خرج عن سبيله بأنواع الجدال، وأصحاب هذا القلم حرب لكل مبطل، وعدو لكل مخالف للرسل، فهم في شأن وغيرهم من أصحاب الأقلام في شأن».
قلت: ما أعظم هذا القلم وما أعظم حامله، وما أغبى متعصبة اليوم وما أجهلهم بمنهج أسلافهم، يحمدون متولّيا يوم الزحف ويتعصبون لمن يجبن عن البيان والنقد، ثلاث سنوات كاملة لم تصدر فيها كلمة واحدة من فارس الكهوف حسن!
قال حسن: «2-مراعاة المصالح والمفاسد في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: ذلك بأن الله تعالى أرسل الرسل وأنزل الكتب لتكثير المصالح وتكميلها وتقليل المفاسد وتعطيلها والرد على أهل الأهواء والبدع يدخل في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو منوط بالمصالح والمفاسد فينبغي مراعاة ذلك وهذا بالرجوع إلى أهل العلم بل إلى خواصهم وجهابذتهم لمعرفة هذا الأمر الجلل، وقد قال شيخ الإسلام في «اقتضاء الصراط المستقيم 2/137»: «فتفطن لحقيقة الدين وانظر ما اشتملت عليه الأفعال من المصالح الشرعية والمفاسد بحيث تعرف مراتب المعروف ومراتب المنكر؟ حتى تقدم أهمها عند الازدحام، فإن هذا حقيقة العلم بما جاءت به الرسل، فإن التمييز بين جنس المعروف وجنس المنكر، أو جنس الدليل أو غير الدليل يتيسر كثيرا، فأما مراتب المعروف والمنكر ومراتب الدليل بحيث يقدم عند التزاحم أعرف المعروفين وينكر أنكر المنكرين، ويرجح أقوى الدليلين، فإنه خاصة العلماء». اهـ وعليه فليس كل ما يعلم يقال وليس كل ما يقال ينشر».
قال أبو معاذ: «وعليه فليس كلّ ما يعلم يقال وليس كل ما يقال ينشر!» فما أجملها من كلمة عليها مسحة السنّة، وما أحوج «حسن اليوم» إلى مثل هذه الهدايات السلفية التي عمل بنقيضها في هذه الفتنة، ولا شك أن القارئ سيتنهّد حسرة عندما يمرّ على هذه الكلمات وسيصرخ في أركان نفسه: لا بارك الله فيمن غيّب هذه النصائح في هذه الفتنة العصيبة!
وهنا أفيد القارئ بأمر مهمّ: في بدايات فتنة فالح -وأقصد بالبدايات هنا الأيام التي سبقت فتنته يوم أن كان من علماء الأمة- كان الرجل يؤصّل تأصيلا غريبا سمعته منه مشافهة وكرره في مجالسه ومكالماته مفاد هذا التأصيل أنّ باب المصالح والمفاسد لا يشمل الرد على المخالف وبيان خطأ المخطئ! وهو سياج وضعه لحماية نفسه من انتقاد العلماء، فقد كان يعمل بهذا التأصيل عمليا قبل أن يقرره نظريا، وعلى هذا سارت مدرسة الحداد الأولى، وهو التفسير الوحيد لتصرفاتهم بمختلف مدارسهم بما في ذلك مدرسة المفرقة، ففالح كان يقول بملء فيه: المصلحة تكمن في نصرة السنة والمفسدة تتحقق في السكوت عن المخالفين، وهذا ما شاهدناه في فتنة جمعة! فلم يراعوا في حربهم القذرة قلوب الناس، ولم ينظروا إلى مستوياتهم العقلية، وأذكر جيّدا أنّني نصحتُ متولّي كبر هذه الفتنة عبد المجيد جمعة في آخر لقاء جمعني به وقلت له قبل نهاية اللقاء: يا شيخ هل تعلم بأنّ مسجد الشيخ عز الدين ممتلئ بالشباب؟ فأرجو أن تفكّر جيدا في الموضوع فالقضية أخطر بكثير، فليس من السهل أن تقنع الشاب بضربة زرّ بأنّ شيخه منحرف وأنّ فيه كيت وكيت! لكن للأسف خاض المفتون غِمار هذه الحرب بكلّ شراسة وكأنّه لم يدرس في أيّام طلبه ولا في أيّام مشيختِه باب المصالح والمفاسد! ولئن كان تعجبي من جمعة كبيرا فتعجبي من حسنِ اليومِ أكبر وأشد، فهو كاتب هذه السطور وناقل كلام ابن تيمية! لا أدري كيف يقوى الرجل ويبيح لنفسه أن يعارض مقالة كتبها بالأمس ولا يترك فقرة منها إلا وناقض معناها؟!
إنّ باب المصالح والمفاسد هو أول باب ابتلي فيه العلامة الوالد ربيع السنة مع جماعة فالح وبسببه اتّهم الشيخ بأنّه يقول بالتنازل عن الأصول ولا ذنب للشيخ ربيع إلا بيانه لحقيقة المسألة وأنّ النبي صلى الله عليه وسلم تنازل عن أشياء مهمّة من أجل هذه الدعوة، وهي نفسها المسألة التي بيّنها حسن في هذه الفقرة وحقيق بكل عاقل أن يثيرها فهي من الأهمية بمكان وهي موضع هلاك الحدادية.
وهنا إشارة لطيفة لابد من التأمّل فيها: فقد نقل حسن كلاما ماتعا لشيخ الإسلام رحمه الله ومما جاء فيه: «فإنّها خاصّة بالعلماء بهذا الدين» وتفسيره: أنّك يا عبد الله لست الميزان في التمييز بين المصالح من المفاسد وإنّما الميزان هي نصوص الشرع ولا أفهم بهذه النصوص من العلماء وأئمة الدين، أما أنت فجهلك وحداثة سنك وخلو جعبتك قد ترى مصلحة ما وهي عين المفسدة {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا}وتزيين الشيطان قد يفعل فيك الأفاعيل {أفمن زيّن له سوء عمله فرآه حسنا} فليست العبرة أيها المتعصب بأقاويلك وأعذارك وتبريراتك عندما تفتح الجبهات مع علمائك وإخوانك فما من أحد يرد ويتكلم إلا وقد رآى بأنّ المصلحة متحققة في ذلك، لكن كما قلت لك العبرة بالرجوع إلى أئمة الشأن، وهذا ما لم تقوموا به.
قال حسن: «3-إخلاص النية لله في الرد على أهل الأهواء: وهو أحد ركني الرد الذي يجعله صحيحا مقبولا، والركن الثاني هو المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم وهذا بأن يحتجّ في ردّه بما جاء به الرسول من الهدى والعلم، فلا يجوز للراد على أهل البدع سواء كان أثرا أو ذكرا (أي: ناقلا عن غيره أو قائلا هو) أن يكون مقصوده الانتقام لنفسه، وكذلك التحذير منهم لا ينبغي أن يكون لأجل غرض دنيوي كرياسة أو مال أو نحو ذلك أو يكون الدافع إلى ذلك حسد أو خلاف شخصي، وفي الجملة ينبغي الحذر من حظوظ النفس في مثل هذه المواطن».
قال أبو معاذ: آهٍ حين يتنكّر القلب لصاحبه! فما أجمل التذكير بالإخلاص وما أجود التنبيه على حظوظ النّفس! فالردّ على المبتدع لا يشفع لصاحبه إن هو وظّف هذه العبادة الجليلة لينتقم من الناس ويعتلي عرش الزعامة، فكيف لو كان الرد في حدّ ذاته باطلا فاسد المضمون! وممّا أعجبني في كلام حسن الأمس إجماله وتعميمه في نصيحته، فكلّ من ردّ على المخالفين فهو بحاجة ماسة إلى التحرّر من هذه الشوائب الخطيرة سواء كان عالما أو طالب علم! وهي الفكرة التي أعرض عنها مفرّقة اليوم، فظنّوا لفرط جهلهم وتعصبهم -جهلا بمسائل الإخلاص والتوحيد وتعصّبا للشيوخ غير المعصومين- بأنّ الشيوخ منزهون عن الوقوع في هذه المزالق الوخيمة، ولو أنّهم عرفوا دين الله كما أُنزل على نبيّنا صلى الله عليه وسلم وكما بلّغه المهاجرون والأنصار لعلموا بأنّ أكبر عالم تقيّ قد يُدخل في نيّته وقد ينفلت منه الإخلاص وإلاّ ما هو سبب خوف الصالحين من الشرك والنفاق وحبوط العمل؟! يقول الإمام ابن القيم رحمه الله «الداء والدواء 157»: «الشرك في الإرادات والنيات فذلك البحر الذي لا ساحل له وقل من ينجو منه؛ فمن أراد بعمله غير وجه الله ونوى شيئا غير التقرب إليه وطلب الجزاء منه، فقد أشرك في نيته وإرادته».
وممّا ذكره حسن الأمس في كلامه ونبّه على خطورته داء الحسد! والمتعصّبة كذلك في هذه النقطة فكّروا بنفس التفكير ونزّهوا شيوخهم عن الوقوع في هذا الداء العضال! وكلّ هذا راجع كما أسلفنا إلى الجهل والتعصب، والغريب أن هذه المسألة ليست من خفيّ المسائل حتى نعذرهم فيها بل كان السلفيون قبل هذه الفتنة على دراية تامّة بأنّ أعلم الناس وأتقاهم قد يقع في الحسد وقد يحمله هذا الحسد على الظلم والبغي، وهي مسألة مبثوثة في كتب الحديث والأدب ومصنفات الجرح والتعديل، يقول ابن تيمية رحمه الله «6/71»: «الحسد مرضٌ من أمراض النفس، وهو مرضٌ غالب، فلا يخلص منه إلا القليل من الناس؛ ولهذا يُقال: ما خلا جسدٌ من حسدٍ، لكن اللئيم يُبْديه، والكريم يخفيه»، ويقول الذهبي رحمه الله «الميزان 1/251»: «كلام الأقران بعضهم في بعض لا يُعْبَأ به، لا سِيَّما إذا لاح لك أنه لعداوة، أو لمذهب، أو لحسد، وما ينجو منه إلا مَن عصم الله، وما علمتُ أن عصرًا من الأعصار سلِمَ أهله من ذلك، سوى الأنبياء والصدِّيقين، ولو شئت لسردتُ من ذلك كراريس، اللهم فلا تجعل في قلوبنا غِلًّا للذين آمنوا، ربَّنا إنك رؤوفٌ رحيم»! رحم الله الذهبي كم هو ثقيل كلامه على المتعصّبة: «ولو شِئت لسردتُ من ذلك كراريس».
وللتاريخ أقول: فقول الذهبي رحمه الله «لا سيما إذا لاحَ لك أنّه لِعداوة أو لمذهب أو لحسد»، عايشته بنفسي مع عبد المجيد جمعة يوم أن شرع في غمز فضيلة الشيخ الدكتور رضا بوشامة –حفظه الله- مع أنّني كنت بعيدا عن الشيخ رضا ولم تكن تربطني به علاقة كبيرة وكان جمعة هو المقدم المقرب عندي، ومع ذلك لاح لي حسد هذا الرجل! فكلّ القرائن كانت تصبّ في هذا المصب، فجمعة غمرته الوساوس تجاه الشيخ لأنّه قرينه في الشهادة وحتى في مكان العمل وهما في نفس المرتبة العلمية وبنفس الشهادة! ويشتغلان في التحقيق، وبينهما تقارب في السنّ، كل هذه العوامل المشتركة تتضاءل أمام خلق الشيخ الرضا وسمته وهيبته وكذا فهمه الثاقب لمسائل الحديث! وهذا ما ينقص جمعة المسكين! من أجل هذا لم يراودني شكّ في أنّ جمعة لا يريد من كلامه في الشيخ رضا نصرة الدين، وزادت قناعتي بهذه الفكرة بعدما بلغتني أخبار خطيرة يجهلها جمهور الخائضين! وتأكد هذا بعد انفجار الوضع وعندما ظهر أن جمعة خالي الوفاض لا حجة له ولا برهان، فلم يقوى على إقامة أي دليل يصحّح موقفه من الشيخ رضا.
الحاصل: أنّ حسن الأمس نبّه على مداخل النفوس وكمائنها، وكان تنبيهه في وقت مهمّ وخطير، وهذا ما لم يقم به حسن اليوم حتى مع أتباعه.
قال حسن: «4-استشعار النصح للمسلمين عند التحذير من أهل الأهواء: وهذا أيضا من تمام الإخلاص، لأن التعامل مع الخلق هو في الحقيقة تعامل مع الله تعالى، فإذا استشعر الإنسان عند التحذير من أهل البدع هذا المعنى-وهو محبته الخير للمسلمين والنصح لهم- خلص قلبه من الغش والدغل وسلم من الحقد والحسد وكان ذلك سببا لهداية الله تعالى له لمعرفة الحق والثبات عليه، مع الثواب الجزيل، والتشرف بالقيام في مقام الأنبياء، وورثتهم من العلماء الربانيين».
قال أبو معاذ: عندما نظرت في هذه الفقرة تغشّاني ألمٌ شديد وقلت في نفسي: ما أقبحك يا حسن وما أخونك! لماذا لم توجه مثل هذه النصائح لأتباعك اليوم؟! لا أقول لك لماذا لم تنكر عليهم ظلمهم لأنك أنت من علّمهم الظلم وأيضا لا أقول لك لماذا تركتهم يوغِلون في الرد والتحذير! بل أقول لك: لماذا لم توجههم في ردودهم على مبتدعة الصعافقة والاحتوائيين -كما تصفونهم ظلما-؟! ولماذا لم تُهدِّئ نفوسهم الثائرة بمثل هذه الكلمات؟! يا حسن ألم يكونوا في هذه الفتنة بحاجة إلى استشعار النصح للمسلمين لتخلص قلوبهم من الحسد والغش والدغل؟! إيهًا يا «حسن الأمس» لقد خلا مكانك وجاء حسن اليوم فاستغلّه لكن بالخيانة والمكر والغش! والله حسيبه.
الخلاصة: أنّ تنبيه حسن يفسّر لنا شدّة الحنق التي نجدها في كتابات وتصرفات القوم! فقد تجاوزوا مرحلة اعتبار القضية دينية متعلقة بمسائل المنهج وأن خصومهم من جملة المسلمين الذي يجب محبة الخير لهم، بل حوّل القضية إلى قضية شخصية فالمفرق لا تهمه هدايتك بل هو أحرص ما يكون اليوم على أذيّتك وهلاكك، لذلك لا تراهم يفرحون بتوبة المخطئين! فما أعظم بليّتهم وما أشدّ فتنتهم، وما أوجعها من مصيبة تحلّ بنيّتك وقصدك، وأشد من ذلك أن تغترّ بقوتك وجلدك وإقدامك من غير أن تنتبه إلى نيّتك الفاسدة! ورحم الله الذهبي القائل كما في «السير 11/240»: «الصَّدْع بالحقِّ عظيمٌ، يَحتاج إلى قوَّةٍ وإخلاصٍ، فالمُخلِص بلا قوَّةٍ يَعْجز عن القيام به، والقويُّ بلا إخلاصٍ يُخْذَل، فمن قام بهما كاملاً، فهو صِدِّيقٌ».
قال حسن: «5-مراعاة ضوابط في الحكم على الأشخاص: أ- الحذر من الظلم والجهل، لأن الحكم على الأشخاص يحتاج إلى علم وعدل-كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية- لاسيما وأن أصل الانسان الظلم والجهل كما قال تعالى: {وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا} ب- ضبط الأقوال بميزان الشرع للسلامة من هاتين الخصلتين المذمومتين قال تعالى: {لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسطï} وقال أيضا: {الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان} ت- فالكتاب دواء للجهل، والميزان دواء للظلم، ث-لزوم غرز العلماء الكبار السلفيين اللذين جمعوا بين العلم والحلم، قال تعالى: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}. ج- الحذر من اتباع الهوى والظن، قال تعالى: {إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى}، وقال أيضا: {يا داوود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله}، ح- التحلي بالتؤدة والتريث، لاسيما في زمن الفتن، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «التأني من الله والعجلة من الشيطان» انتهى النقل عن حسن.
قال أبو معاذ: أدري بأنّ الكثير من المتعصّبة سيقفون لأوّل مرّة على هذه الجملة «ضوابط في الحكم على الأشخاص» وهي عبارة لم تألفها أسماعهم، ولم تمرّ عليهم في مجالس شيوخهم! وإنّما ألِفوا فقط: أنت على ثغر عظيم ... لله درك... أحسنت الرد... ما أشجعك وما أجرأك. وغيرها من مشانق الموت.
نعم يا متعصّب: هناك ضوابط قبل الحكم على النّاس لأنّ دين الله أعظم وأجلّ من أن يخوض فيه أمثالكم وبتلك الطرق، وهذه الضوابط وإن أخفاها عنكم حسن اليوم فالله قد أخرجها لكم بقلم حسن الأمس! فخذوها كاملة غير منقوصة:
أ - الحذر من الظلم والجهل، لأن الحكم على الأشخاص يحتاج إلى علم وعدل.
ب - ضبط الأقوال بميزان الشرع للسلامة من هاتين الخصلتين المذمومتين.
ت - فالكتاب دواء للجهل، والميزان دواء للظلم.
ث - لزوم غرز العلماء الكبار السلفيين اللذين جمعوا بين العلم والحلم.
ج - الحذر من اتباع الهوى والظن.
ح - التحلي بالتؤدة والتريث، لاسيما في زمن الفتن.
فأنا أدعوك أيّها المتعصب إلى التأمّل في هذه الضوابط لأنّ كاتبها هو واحدٌ من شيوخك المُقدَّمين ولست أنا من حرّرها، ثم أدعوك مرة أخرى إلى أن تقف مع نفسك وقفة رجل يخاف الله ثم أجب عن هذا السؤال: لماذا غابت مثل هذه النصائح في هذه الفتنة؟! وتسهيلا لك أجيبك: لأنّ شيوخك احتاجوا في هذه الفتنة إلى أعوان وسند فقالوا: أنتم سندي! لينصروا أنفسهم ويحققوا أغراضهم، ولا شك أنّ توجيه الناس وتنبيههم وتذكيرهم بهذه الضوابط السلفية سيقلّل من هيبة الجيش وينقص من عدد الجنود لأنّ المؤمن بطبيعته يتذكّر وينتبه إن هو نُبّه، فلو وجّه الشيوخ أتباعهم في هذه الفتنة بمثل هذه التوجيهات حتما سيجد الكثير في أنفسهم واعظا ويقول الشاب الحدث في قرارة نفسه: لستُ أهلاً للردّ وليس مثلي من يتكلّم فهذه الضوابط لا تتحقّق فيّ! نعم! هذا هو سرّ القضيّة للأسف الشديد.
آخر ما أردت بيانه في هذه «القطعة النادرة» أسأل الله أن يلهمنا رشدنا وأن يسلك بنا مسالك الخيرات، إنّه على ذلك قادر والحمد لله رب العالمين.

كتبه: أبو معاذ محمد مرابط
ليلة الجمعة: 14 صفر 1442 هـ
الموافق لـ: 02 /10 / 2020 نصراني
الجزائر العاصمة

الملفات المرفقة
نوع الملف: pdf إرشاد الحائر.pdf‏ (381.8 كيلوبايت, المشاهدات 1671)

التعديل الأخير تم بواسطة أبو عبد الله حيدوش ; 08 Oct 2020 الساعة 08:11 PM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 08 Oct 2020, 06:25 PM
أبو عبد الله حيدوش أبو عبد الله حيدوش غير متواجد حالياً
وفقه الله
 
تاريخ التسجيل: Apr 2014
الدولة: الجزائر ( ولاية بومرداس ) حرسها الله
المشاركات: 757
افتراضي

لله درك وعلى الله أجرك بوركت يمينك قال فضيلة الشيخ عمر الحاج مسعود حفظه الله ورعاه في مقاله (بين الفتنة والامتحان):
((وما أعظمَ الكلمةَ التي قالها ربيعُ السُّنَّة: «هذه الفتنة أخرجت الخَبْءَ»، نعم أخرجت المكنونات وكشفت الخبايا وفضحت الدَّسائس.

وَمَهْمَا تَكُنْ عِنْدَ امْرِئٍ مِنْ خَلِيقَةٍ * وَإِنْ خَالَهَا تَخْفَى عَلَى النَّاسِ تُعْلَمِ)).
فحسبنا الله ونعم الوكيل
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 08 Oct 2020, 07:59 PM
أبو حذيفة عبد الحكيم حفناوي أبو حذيفة عبد الحكيم حفناوي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2018
المشاركات: 214
افتراضي

جزاك الله خيرا وبارك فيك على هذا المقال الذي حقه أن يعنون: " حسن يرد على حسن " فقد اظهر القوم بين فتنة وأخرى ميزانا يكيل بمكيالين مختلفين، لغلبة الهوى وضعف التأصيل والله المستعان.
نسأل الله أن يكفينا شرهم.
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 08 Oct 2020, 08:29 PM
كمال بن سعيد كمال بن سعيد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jul 2018
المشاركات: 238
افتراضي

لا إله إلاّ الله؛ حسن الأمس يلقن حسن اليوم خصوصا والمفرّقة عموما دروسا فنعوذ بالله من الحور بعد الكور،
فجزاك الله خيرا أبا معاذ على بيان هذه الحقائق التي يجهلها الكثير من الناس ولقد استوقفتني هذه الفقرة وأدعو طالب الحقّ أن يقف وقفة منصف عادل وليقارن بين كلام حسن الأمس وكلام حسن اليوم في مجالسه و احكم بالحق ولا تشطط

قال حسن: «وبهذا فإن هؤلاء لا للسلفية نصروا ولا لأهل البدع كسروا، ولا للعلماء اتبعوا، ولا قدر أنفسهم عرفوا، ولا فضل دعاتهم شكروا، فصاروا يخبطون خبط عشواء في ليلة ظلماء وأسسوا في ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فماله من نور، بل شوهوا صورة بعض من ينتسبون إليهم من أهل العلم-عند من لا يعرفهم-بسبب تصرفاتهم المشينة وصدق من قال: عدو عاقل خير من صديق جاهل».
قال أبو معاذ: إنّ هذه الفقرات لهي أشدّ على مفرقة اليوم من ضربهم بالسيوف، فكلّ الصفات الواردة في كلام المُنتكس تنطبق عليهم وعلى منهجهم الدّخيل، فأعد قراءة الفقرة أيّها اللبيب وأخبرني هل خطر على بالك قدّور وعمّار وجيجيك وأضرابهم؟! فما أعقل حسن الأمس وما أجهل حسن اليوم ذاك المنقلب على عقبيه الذي جيّش الأوغاد وصفّ إلى جنبه أخسّ عباد الله وهي طريقة حدادية قديمة يقول العلامة ربيع السنة –حفظه الله- عن محمود الحداد: «ثم جاء إلى المدينة لقصد معيّن وهو إثارة الفتنة فجاء مُتمَسكِنا متلطّفا متخفيا حتى أخذ التزكية من أهل المدينة ثم شرع يجمِّع الأوغاد والهمج حوله فما شعر أهل المدينة إلا بالثورة عليهم وعلى علماء المملكة». «فتاوى في العقيدة والمنهج ص: 22». قلت: وكذلك اليوم فما شعر أهل السنة –لاسيما في الجزائر- إلاّ بالثورة عليهم!
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 08 Oct 2020, 08:30 PM
عمر رحلي عمر رحلي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2019
المشاركات: 111
افتراضي

كتابة علمية تاريخية منهجية تكشف الغموض عن شخصية المتمسكن حسن آيلت علجت.
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 08 Oct 2020, 08:36 PM
غالي عبد الفتاح غالي عبد الفتاح غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jul 2020
المشاركات: 10
افتراضي

بارك الله فيكم اخي ابو معاذ تذكرت قول الله عزوجل( لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) وصوتية الشيخ خالد حمودة لا تكرهوا الفتن فقد تميز الخيط الابيض من الاسود وكشفت عوارهم فالله المستعان
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 08 Oct 2020, 08:41 PM
أبو جويرية عجال سامي أبو جويرية عجال سامي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jul 2018
المشاركات: 147
افتراضي

قطعة نادرة ومقالة كاشفة لله در الفارس الطعان
جزاك الله خيرا أبا معاذ على هذه التوضيحات القيمة
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 08 Oct 2020, 08:57 PM
أبو بكر يوسف قديري أبو بكر يوسف قديري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2018
المشاركات: 286
افتراضي

جزاك الله خيرا شيخ أبا معاذ على هذه المقالة الكاشفة لهذا الحائر الذي كان بالأمس مرشدا للحائرين.
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 08 Oct 2020, 09:32 PM
أبو عبد الرحمن التلمساني أبو عبد الرحمن التلمساني غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 252
افتراضي

جزاك الله خيرا اخي محمد فهو مقال رائع جدا وقد اعطيت ترجمة للدخيل على المنهج السلفي او المتستر والمتخفي في صفوف المفرقة والذي كان ومازال. رجل متميع ومتشبع بالفكر التمييعي وقد نال وثأر من حامل الجرح والتعديل حتى رمى عليه تلك الفرية والتي ندعو الله تعالى ان تصبه في حياته ويشهد عليها اتباعه وسبحان الله اصبح مميعة البارحة رؤوسا على المفرقة كما نتحدى لزهر و جمعة ان ينفيا ما اثبته الاخ الفاضل محمد . ونكرر شكرنا للاخ محمد على هذا المقال والذي اعطى ترجمعة حقيقية لعلجت عامله بعدله .
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 08 Oct 2020, 10:42 PM
فاتح عبدو هزيل فاتح عبدو هزيل غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2018
المشاركات: 140
افتراضي

جزاك الله خيرا شيخ محمد
مرة أخرى ثبت بالدليل القاطع حقيقة مرة كثيرا ما أنكرها أتباع رؤوس التفريق على أن شيوخهم غيروا وبدلوا وخالفوا الأصل الذي كانوا عليه
رد مع اقتباس
  #11  
قديم 08 Oct 2020, 10:59 PM
محسن أبو محصن بن جمال العروم محسن أبو محصن بن جمال العروم غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2018
المشاركات: 65
افتراضي

أحسن الله إليك وجزاك الله خيرا وزادك الله علما وفهما وفقها وتقوى وهدى وصلاح،
حقا لقد ألجمت هذا الدّعي وما أكثر الأدعياء الذين ابتليت بهم الأمة فهؤلاء هم وقود الفتن الذين يعملون في الخفى وليسوا بأشد على أهل الحق ممن سبقهم من أهل الفتن، فالحق لا يعلو عليه شيء ولا بد من الباطل أن يركن ، وستذهب الفتنة وسينطفئ ذكر هؤلاء ومن كان على شاكلتهم والعاقبة للمتقين ولن يكون أهل السنة يوما في حيرة .
جزاك الله خيرا أيها الفارس البطل فقد أجهدت نفسك في هذه الفتنة ونحن شاكرون لك سعيك أنت وإخوانك من المشايخ وطلبة العلم
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 08 Oct 2020, 11:55 PM
أبو أويس موسوني أبو أويس موسوني غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2019
المشاركات: 81
افتراضي

جزاك الله خيرا اخي الحبيب ، لله درك وعلى الله أجرك ، إنها الفتنة ورب العرش والله المستعان وإنا لله وإنا إليه راجعون.
رد مع اقتباس
  #13  
قديم 09 Oct 2020, 08:09 AM
مختار حرير مختار حرير غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2019
المشاركات: 70
افتراضي

لله درك وعلى الله أجرك لا تستقيم هذه المعاني ولا تنتظم كالعقد المطرز الذي صاغه خريت خبير إلا إذا كان كاتبها قد وفق بتوفيق من رب العالمين.
فجزاك الله خيراً شيخ محمد ورفع قدرك وزادك من فضله.
رد مع اقتباس
  #14  
قديم 09 Oct 2020, 10:22 AM
علاء الدين محديد الداموسي علاء الدين محديد الداموسي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jul 2019
المشاركات: 88
افتراضي

أسأل الله أن يجعلك من أهل جناته ....مقال في القمة أثبت بكل أمانة تلون الرجل وتقلبه ليبقى الأمر محفوظا بين صفحات التاريخ ...لقد وُفقت بإذن الله أيما توفيق في هذا المقال والحمد لله.. أسأل الله أن يجزيك كل خير على جهودك وأن يجعلها لك ذخرا يوم تلقاه
رد مع اقتباس
  #15  
قديم 09 Oct 2020, 10:32 AM
أبوعبد الله مصطفى جمال أبوعبد الله مصطفى جمال غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2019
المشاركات: 66
افتراضي

الله أكبر
جزاك الله خيرا
سلمت يمينك ونصر الله قلما يكتب مثل هذا
الرد على المخالف بما كتب المخالف له وقع خاص وتأثير قوي على المخالف نفسه وعلى من اغتر به .
والحقيقة المرة أن هؤلاء يتلاعبون بالأحكام الشرعية والقواعد العلمية فيكيفونها حسب ما يحقق مصالحهم ومراداتهم والله حسيبهم .
قال تعالى :" وحسبوا ألا تكون فتنة فعموا وصموا "
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013