منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 16 Mar 2020, 05:53 PM
أبو عبد الله حسين أبو عبد الله حسين غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2019
المشاركات: 5
افتراضي وقفات مع صاحب حساب "محب الصدق وذام المراوغة" -الحلقة الثانية-



وقفات مع صاحب حساب "محب الصدق وذام المراوغة"
قراءة نقدية لمقال "صرع الطعان العياب"
-الحلقة الثانية-


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فبعد خروج مقالي الأوَّلِ في الرد على هذا المتستر، والنصيحةِ لهذا المتهور، الذي كنت أرجو منه أن يتعظ به ويتذكر، ويكفَّ عن فجوره ويدَّكَّر، ويتوب إلى الله من فضائحه ويستغفر، أو على الأقل أن يناقش أدلتي وحججي ويجيب عن استفساراتي وسؤالاتي ويرد على إلزاماتي، فلم يفعل هذا ولا ذاك، فلا النصيحةَ قبِل ولا الناصحَ شَكَر، بل فكَّر وقدَّر فبئس ما فكَّر وقدَّر، ثم نظر، فوسوس له شيطانُه القرينُ السَّوْء وسَوَّلت له نفسه الأمارة بالسُّوء، أن لا حيلة لك ولا مفرّ إلا أن تبهَت وتكذِب وتفجُر، فتريحَ نفسَك وتزيل عنها ما أصابك من الهم والغم، فتَمْتَمَ وزَمْزَم وهَمْهَمَ وغَمْغَم (1)، ثم كتب في حسابه المستعار كلماتٍ على شكل طَلْسَم (م.ر)، (ن.ع)، (ح.ب)...، على طريقة الصحفيين والسحرة، والكذابين والفجرة، والجبناء والغَشَشَة، مما جعلتِ الناسَ الذين يتصفحون حسابه حيارى، وصار هذا المتستر ضُحْكةً وسُخْرةً في بلديته "عَيْن طاية".
وهذه هي طريقة المشركين مع أنبيائهم وأهلِ البدع مع خصومهم، لما جاءتهم البينات الواضحات والحجج الدامغات لم يجدوا سبيلا في ردِّها إلا بالطعن في أصحابها، برميهم بالأوصاف القبيحة ونعتهم بالصفات الذميمة، وَكَيْلِ التُّهَمِ لهم جُزافا وإلصاقِهم بها، ليصرفوا الناس عن الحق الذي جاؤوهم به، ويشغلوهم بالباطل الذي هم روَّجوا له، قال الشيخ العلامة ربيع بن هادي المدخلي -حفظه الله- كما في مجموع كتبه ورسائله وفتاواه (2/331): "حال أهل البدع في كل زمان ومكان لا يستطيعون محاربة أهل السنة إلا: بالإشاعات الكاذبة والافتراءات الظالمة".
وأقول لك أيها المتستر: إنك مُفْتَرٍ عليَّ فيما رميتني به ونسبته إليَّ، وإنك لتعلم أنك كاذب في ذلك، وأني لست كما صورتني في حسابك، ولكنك أردت أن تسترَ عيبَك وتغطيَ جهلك وتشغلَ الناس عن فضيحتك، بتشويه سُمعتي وتدنيسِ عرضي عند من لا يعرفني، فوصفتني بأنني مُخذِّل! واحتوائي بامتياز! وأنني أماشي الحلبيين! والرمضانيين! والرحيليين! والعابديين!؟ ووو...، مع علمك بأنني من أشدهم على من وصفت، وأنني لم أتلبسْ بالبدع ولم أَنْتَمِ إلى الأحزاب منذ نشأت، ولم أنجرَّ وراء الفتن التي مرت بالدعوة السلفية من يوم أن استقمت، فأنا كما تعرفني على منهج السلف الصالحين والحمد لله رب العالمين وعلى خطى العلماء الراسخين وأنت على ذلك من الشاهدين، ولكنه الهوى في الانتقام للنفس وحبِّ الانتصار لحظوظها ولو بالافتراء وقولِ الباطل، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- كما في مجموع الفتاوى (7/191): "فإن الإنسان قد يعرف أن الحق مع غيره، ومع هذا يجحد ذلك لحسده إياه أو لطلب علوه عليه أو لهوى النفس، ويحمله ذلك الهوى على أن يعتدي عليه ويرد ما يقول بكل طريق وهو في قلبه يعلم أن الحق معه".
وأقول لك: هَوِّن على نفسك يا متستر، فإني أعدك أني سأحلّ طلاسمَ كذبِك بِرُقْيَةِ الصدق، وأفكّ أَحاجِيَّ ألغازِك بكلمة الحق، بلغةٍ لا وكسَ فيها ولا شطط، وقلمٍ أرجو من الله ألَّا يطغى ولا يَشِطّ، وإني على ذلك بإذنه تعالى لقادر، وبه أستعين، فاستعدَّ أنت وشيوخ طريقتِك للحق المبين، وسيأتيكم من الحقائق ما يندى له الجبين، {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ}.
ولْنُوَاصِلْ ما كنا قد شرعنا في كتابته وعزمنا على بيانه، من خلال هذه السلسلة من الردود والمناقشات، التي أسأل الله تعالى فيها الإخلاص والصلاح والتوفيق والسداد.
فقال المتستر مزكِّيا نفسَه متمدِّحا بها: "إنَّ محبَّ الصدق وذامَّ المراوغة -ولله الحمد-لا يورد في حسابه وصفا ذميما لأحد، حتى يسأل نفسَه: "إنْ سألك ربُّك عنه يوم القيامة، فماذا ستُجيبه؟".
أقول: يقول الله عز وجل: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ} ويقول: {فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} ويقول: {لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: "المُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلاَبِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ" البخاري 5219 ومسلم 2129، إلى غير ذلك من النصوص التي تذم من يزكي نفسه ويتمدح بها ويثني عليها بما ليس فيها.
وقولك عن نفسك: "لا يورد في حسابه وصفا ذميما لأحد"، فأقول لك: أين أنت من قولك عن: الشيخ عبد الله بن صلفيق "الصفيق"، ومن قولك عن خالد حمودة "قرمودة" ومجادلتك عنها بالباطل، وعن مرابط "الهابط"، ألا فلتعلم أنك بحاجة إلى الأدب أكثر من حاجتك إلى العلم.
ثم قال المتستر: "ولهذا أنكر على أحدِ إخوانه المعلِّقين عليه، وصفَ حمودةَ بالقرمودةِ، مع وجود تَخريجين لوصفه (1.مْقَرْمَد أي مجنون، حيث ناطح الكبارَ سِنًّا وعلمًا،2.زواوش القرمود، وما أشبَههم من حيث المعنى المرادُ بهم بالفراريج)،..."
أقول: ما هذا الهراء يا متستر، دعنا من سخافاتك وبُنَيَّاتِ طريقِك، أهكذا يكتب من يراقب الله في كتاباته وردوده! وبهذا الجواب السافل يجيب ربه عند سؤاله يوم لقائه!، أهكذا يكتب من شم رائحة العلم وتصدى للكتابة والرد، هل حقا ستجيب ربَّك بمثل هذا الجواب إذا سألك يوم القيامة؟ هل ستجيبه بـ "زواوش القرمود" و"الفراريج"؟ ما بك صِرْتَ تُقِرُّ ما كنت تُنْكِر من قبل، لقد أرسل إليك أخي الحسن نصيحةً ذَكَّرَك بماضيك وما كنت عليه من الورع والتقوى، حيث كنت تَتَقَزَّزُ من الذين يَصِفُون الحِزْبِيَّ القَعَدِيَّ علي بلحاج بـ"البقراج"، ثم هان عليك عِرْضُ أخيك خالد حمودة الذي لا يُعْرَف إلا بنصرة المنهج السلفي واتِّباعِ العلماء الراسخين أصحابِ النهج السوي، فصرت تُقِرُّ تَعْيِيرَه بلقبه لأجل انتصارك لفلان وعلان، بل أصبحت تُعَيِّرُ إخوانَك بألقابهم كما فعلت مع الأخ مرابط، مجاريا في ذلك عبد المجيد جمعة مُسْتَنًّا به.
وأترك الكلام على تعليقك هذا الساخف لمن له مُسْكة عقل من القراء، ولا أطيل التعليق، وأُذَكِّرُك بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ أَبْغَضَ الرِّجَالِ إِلَى اللَّهِ الأَلَدُّ الخَصِمُ" البخاري 2457 ومسلم 2668، وبقول الله تعالى: {وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالألْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} وبقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لَا تُؤْذُوا عِبَادَ اللهِ، وَلَا تُعَيِّرُوهُمْ،..." أحمد في المسند 22402 والترمذي في الجامع 2032، وأقول ناصحا لك: اتق الله ربَّك ولا تُعَيِّرْ إخوانك ولا تتمادَ في غيِّك وتُبْ من ذنبك.
قال المتستر: "فكلُّ تلك الأوصافِ التي عدَّها حمودةُ شتائمَ، دلَّ وشَهِدَ عليها واقعُ الموصوفين بها، فهي ثابتةٌ في بعضهم بالصورة، وفي بعضهم الآخر بالصوت، وفي آخرين بشهادة الثقات، وفي آخرين بما خطَّه بنانُه، وفي البعض بشهادة المخالف الذي لم يجرُؤوا على تكذيبه تكذيبا تفصيليًّا صريحا، لا تكذيبا فيه مراوغة، كقول أحدهم: "إن كان الصوتُ صوتَ عبد المالك!!"الخ."
أقول: قولك: "كلُّ" من صيغ العموم بل هي نصية فيه كما قررتَ أنت ذلك، وسيأتي بيان أنها ليست نصية في العموم على الإطلاق، وأن العموم الذي تُفِيدُه على حسب السياق، ثم ذكرتَ بأنه دل على ذلك الصورةُ والصوت وشهادة الثقات! وبعضهم بما خطه بنانه، فالمطلوب منك أن تأتينا بهذه الأدلة –التي عجز شيوخ طريقتك عن الإدلاء بها- فإنِّي لها بالأشواق، خاصةً الصورةَ وشهادةَ الثقات! ثم أنت نكرة من النكرات وتشهد على غيرك بأنه من الثقات! هذا من أغرب ما قرأته في حياتي، فأنت أصلا محتاج إلى من يزكيك حتى ترفع الجهالة عن نفسك، فكيف تزكي غيرك! كيف تزكي غيرك! وقد تَلَبَّسْتَ بما يقيم الحجة عليك ويوجب التحذير منك، واتصفت بما يُجَرِّحك ويشينك، من الكذب والطعن في أهل العلم والافتراء عليهم وسلوك منهج أهل البدع، فأنت أولى بالجرح ممن جرّحت.
وقولك: "وفي البعض بشهادة المخالف الذي لم يجرُؤوا على تكذيبه تكذيبا تفصيليًّا صريحا، لا تكذيبا فيه مراوغة،..."، فأقول: قد ردها الشيخ توفيق عمروني كما في صوتية مجلس بوفاريك، فقد سئل حفظه الله عن ذلك فأجاب جوابا صريحا بالنفي لا مراوغة فيه قائلا: "...يقول- أي عبد المالك رمضاني- أنا تَهَجَّمْتُ عليهم ولم يقولوا شيئا –أي مشايخ الإصلاح-ولم يفاتحني أحد منهم، يعني كلَّهم من دون استثناء يعني بما فيهم جمعة! الذي زاره في بيته، يقول: لم يفاتحني أحد منهم في هذا الموضوع، والموضوع فُتِح معهم، زاره قبل سنوات من اجتماعنا به في دار الفضيلة زاره الشيخ عمر والشيخ عز الدين رمضاني وكان معهم نجيب جلواح! وفُوتِح في الموضوع وتُكُلِّم معه مُطَوَّلا وحاولوا نُصْحَه، وهو يقول لم يفاتحني أحد منهم في الموضوع، فهذه كِذْبة تضاف إلى سلسلة كذباته، يقول مثلا أنا اعتذرت منه، فأعتذر منه من ماذا؟ يعني من ماذا؟ أنت تقول الشيخ ربيع يكذب، وأنا أعتذر منك من مثل هذا!، فنحن جلسنا جلسة مناصحة...وجلسنا معه محاورين وسمعنا منه، وحاولنا أن نُوَجِّه له النصح بكلمة طيبة ونَرُدَّه إلى رشده، ونرده إلى عقله حتى يرجع إلى سابق عهده وإلى علاقته مع الشيخ ربيع..."(2) إلى آخر ما جاء في صوتيته الصريحة الواضحة التي تَشِعُّ بالعلم والصدق، وتتلألأ بالصراحة والوضوح، فجزاه الله خيرا على بيانه وإيضاحه.
وحيث إنك أبيت الحكم على مشايخ الإصلاح إلا بشهادة المخالف الذي تشهد أنت بكذبه، وجعلتَ عدمَ نَفْيِها دليلا على صدق قائلها على طريقة جمعة في إدانة الآخَرِين، فها أنا أحاكم الشيخ فركوسا إلى قاعدتك وقاعدة جمعة، فقد شهد عليه المخالفون بأنه كان يطعن في الشيخ العلامة ربيع، وذكروا وجه طعنه فيه مفصلا لا مجملا بكتاباتهم (3) وصوتياتهم(4) ومع ذلك سكت الشيخ فركوس ولم ينكر، ولم يُكَذِّبْ ما نسبوه إليه تكذيبا تفصيليا صريحا، ولا حتى تكذيبا فيه مراوغة! فكيف ستحكم عليه أنت؟
قال المتستر: "واستدراكًا، أقول: إنَّ عثمان عيسي المبتكِرَ الوصفَ القبيحَ لمشايخنا: "ثلاثي الإفساد"، والمستهزئَ بعلامة ديارنا: "ريحانة الحومة"، والسَّاخرَ مِن الشَّيخَيْن الفاضِلَين عبد المجيد وحسن آيت علجت، لاتِّصافهما بخُلق الإسلام وقرين الإيمان "الحياء"، والطعَّان في العلَّامة محمد بن هادي بوَصْفِه بـ: "ساقط العدالة"، وأوّلَ المحرِّضين للغلمان على الطَّليعة الخسيسة، والمختفيَ المبتعدَ عن الشباب السلفي، وهم في أمسِّ الحاجة إليه، اختفاء وابتعادا طويلا، دام من فِتْنَةِ الحجوري إلى فتنة الرمضاني والرحيلي، إلَّا ما كان مِن دُروس يُسمح له بها أحيانا في المساجد، قد عَقَدَ مَجلِسًا في المسجد وقتَ صُدور كتابِ الشيخ أحمد بازمول "صيانة السلفي"، أبطل فيه قواعدَ الحلبي، وعرَّض فيه بالرمضاني، ولكن سوءُ صنيعِه في هذه الأحداث، خاصَّةً تطاوُلَه فيها على علَّامة بلدِه، يدلُّ على انتكاسته المنهجيَّة، نسأل الله السلامة والعافية."
أقول: ما بك يا متستر، أَجُنِنْتَ أم ضُرب على عقلك؟ واللهِ إني أخشى عليك الفتنة والانتكاسة، أتدري ما معنى الفتنة والانتكاسة؟ معناهما الشرك والرِّدَّة والضلالة والغواية، لعلك أن ترد حكم الله فيقع في قلبك الزيغ فتهلك، قال تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} وقال: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} وقال: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} وقال: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا}، والنصوص في هذا المعنى كثيرة.
أقول: أتجعل من جملة الحكم بانتكاسة الشيخِ الشجاعِ الناطقِ بحكم الله تعالى عثمانَ عيسي -حفظه الله- وصفَه للقاذف محمد بن هادي المدخلي بـ "ساقط العدالة"، الله أكبر! ألا تحفظ سورة النور، ألم تقرأ فيها حكم الله المسطور: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ المُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلاَ تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ} وقولَه المحفوظَ المزبور: {لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ}، فتضمنت هاتان الآيتان العظيمتان أحكامَ القاذف بغير بيِّنة ولا برهان:
1-جلد ثمانين جلدة.
2-عدم قبول شهادته أبدا.
3-وصفه بالفاسق.
4-وصفه بالكاذب.

أليست هذه الأحكامُ الثلاثة الأخيرة مُلَخَّصَةً في قول الشيخ عثمان عيسي عنه: "ساقط العدالة" أَعَمِيَت عليك الآياتُ فأنت عنها تتجاهل وتَتَنَكَّر، وتردُّ حكمها وتتكبر.
وأُذَكِّرك بأنني كَلَّمْتُك في هذه المسألة غير مرة، وتَلَوْتُ عليك من هذه الآيات المحكمة، فما زِدتَّ على أن هَزَزْتَ منكِبَيْك على هيئة الْمُسْتَخِفِّ بها المعرضِ عنها، وأقررتَ بقذفه وقلتَ عنه: أخطأ، نعم قلتَ: أخطأ وسكتّ، ولم تحكم فيه بحكم الله من فوق سبع سموات، ثم أنت الآن تُقِرُّ بقذفه بعد صفحات، وتُثْبِتُهُ في حسابك بما أَوْرَدتَّهُ من توترات (5)، ما الذي منعك من إثبات حكم الله فيه وقد أقررت بأنه قذف! اعلم يا متستر أنه لا يتمُّ إيمانُك بحكم الله في القذف حتى تحكم على محمد بن هادي بحكمه، ولا يكونَ في صدرك حرج منه، فإن لم تفعل ذلك فأنت على خطر عظيم ومرتع وخيم يُخْشَى عليك منه، يجب عليك تداركه قبل فوات الوقت والخَتْم على القلب، أسأل الله أن يُعَافِيَك ويُسَلِّمَك، فإن لم ترضَ بحكم الله فيه وأَبَيْتَ إلا اتباعَ الهوى، فهاك حكمَ الشيخ العلامة الفوزانِ وفركوسٍ فيه لعلك ترضى (6)، ولكن "إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ" (7).
والظاهر أنه انطلت عليك شبهةُ الْمُناوئين لدعوة الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب، الْمُشَكِّكِين في صحة ما جاء به من الحق والصواب، حيث حكم -رحمه الله- على أناسٍ بالشرك والكفر مع أنهم قوم يَتَعَبَّدون اللهَ ويُصَلُّون ويصومون ويحجون، بل ويقولون لا إله إلا الله محمد رسول الله، لكنهم يَدْعُون مع الله غيرَه ويُشْرِكُون به خَلْقَه، ويذبحون للقبور ويطوفون بالأضرحة ويُقَدِّمون لها النذور، ويطلبون من الأموات قضاء الحاجات ويسألونهم كشف الكربات، إلى غير ذلك من الشرك الصُّراح والكفر البَواح، فاستحلَّ الشيخُ دماءهم وحاربهم، بعد إقامة الحجة عليهم وبلوغِها إليهم، فأنكر هذا الفعلَ ضَعِيفُو الإيمان والجهلةُ من الأنام وصاحوا بالشيخ الإمام، وهم إنما نظروا إلى هؤلاء المشركين من جهة تَعَبُّدِهم وصلاحِهم وحرمةِ دمائهم وأموالهم، فتعاظموا فِعْلَ الشيخِ محمد بن عبد الوهاب ولم يرتضوه، ولو أنهم نظروا إلى عظيم جُرْمِ فِعْلِ هؤلاء المشركين وشنيعِ منكر هؤلاء الجاهلين، وهو الإشراك بالله الحميد واتخاذ الشريك له والنديد، لهان عليهم ما حكم به الشيخ على هؤلاء، "وهذه من القواعد لتأصيل هذه المسألة العظيمة، وهي أن الأمر يُنْظَر فيه إلى حق الله، وإنما أتى الخلل من جهة نظر الناس إلى حق المخلوق" (8).
ولنرجع إلى موضوعنا ومسألتنا، فهذا المتستر أُتِيَ من قِبَلِ ما أُتِيَ هؤلاء، فَعَظَّم أن يُحْكَم على متبوعه بالفسق وعدمِ قبول شهادته ووصفِه بالكذب، والتي لخصها الشيخ عثمان عيسي حفظه الله بقوله فيما نقل المتستر عنه: "ساقط العدالة"، فنظر هذا المتستر إلى حرمة متبوعه، فقال في وصفه مدافعا عن عرضه: "جاهد أهل البدع وقضى شبابه وكهولته وشيخوخته في سبيل ذلك، وهو من الدعاة إلى الله..." إلى غير ما ذكره عنه مما هو حق فيه ومما ليس كذلك (9)، وغفل أو تغافل عن الجريمة الكبيرة التي وقع فيها متبوعه وهي قَذْفُ مسلمٍ بالزنى في مسجد من مساجد الله، المبنيةِ لإقامة ذكره جَلَّ في عُلاه، وغيرُ خافٍ على العامَّة بَلْهَ الطلبة أن من وقع في هذه الكبيرة وهي القذف فقد حكم الله فيه بأنه: تُرَدُّ شهادتُه ويُفَسَّق ويُكَذَّب، ولو أن هذا المتستر نظر إلى حق الله في هذا الأمر وتعظيمِ الله لهذا المنكر، لهان عليه جِلْدُ ظهر القاذف محمد بن هادي المدخلي أن يقام عليه حد الله وهو: جلد ثمانين جلدة وأن يحكم فيه بحكمه: وهو تفسيقه وردُّ شهادته وتكذيبه، ولكنكم {تَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ}.
ويدل على هذا التأصيل أدلةٌ كثيرة أَصْرَحُها وأوضحها قولُ النبي صلى الله عليه وسلم في ابنته: "وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا" البخاري 3475 ومسلم 1688، فانظر إلى حكم النبي صلى الله عليه وسلم في ابنته وحِبِّه والبضعةِ النبوية التي هي من صُلْبِه، والتي يقول عنها: "وَإِنَّ فَاطِمَةَ بَضْعَةٌ مِنِّي وَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يَسُوءَهَا..." البخاري 3729 ومسلم 2449، ويقول لها: "أَلَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ، أَوْ نِسَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ؟" سنن ابن ماجه رقم 1621، ومع ذلك لم يَنْظِرِ النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الفضائل والْمِيزات والخصائص والْمَكْرُمات، إنِ ابنتُه سرقَت -وحاشاها رضي الله عنها أن تسرق-أن يقيم عليها حكم الله وَحَدَّه، لأن حق الله أعظم وحُكْمَه فوق كل مُعَظَّم.
غير أن هذا المتستر زاد على هذه الشبهة الغلوَّ في محمد بن هادي المدخلي والتقديس له، وهذان الأمران-الغلو والتقديس-هما مَنْشَأُ ضلالِ هذا المتستر وانحرافِه عن الجادَّة في هذه الفتنة، نسأل الله السلامة والعافية.
شبهة وجوابها: حكى لي بعضُهم شبهة يُرَوِّجُها المفرقة الآن، وهي أنه لا يحكم على القاذف ابن هادي بالفسق والكذب وردِّ شهادته إلا بعد إقامة الحد عليه؟
والجواب أن يقال: لا تلازم بين الحكم عليه بالفسق والكذب وردِّ شهادته وبين إقامة الحد عليه، فكلٌّ من هذه الأحكام مرتبةٌ على القذف مجتمعةً أو متفرقة، فبمجرد القذف وعدم الإتيان بالشهود والبينة، يُحْكَم على صاحبه بهذه الأحكام الأربعة، من غير تلازم بينها ولا ارتباطِ بعضِها، وإن كانت جاءت مرتبة بدءا بالجلد ثم ردِّ الشهادة وخَتْمًا بالتفسيق، فحرف "الواو" كما هو معروف في اللغة لا يفيد الترتيب بل يفيد مطلقَ الجمع، فبأيِّ هذه الأحكام حَكَمْتَ على القاذف قبل الأخرى فقد حكمت عليه بحكم الله تعالى، ورحم الله الإمام الشافعي لما رد على هذه الشبهة الواهية بقوله: "والقاذف قبل أن يُحَدَّ مِثْلُه حين يُحَدُّ لا تُقْبَل شهادته حتى يتوب كما وصفت، بل هو قبل أن يحد شرُّ حالا منه حين يحد، لأن الحدود كفاراتٌ للذنوب، فهو بعد ما يُكَفَّر عنه الذنبُ خيرٌ منه قبل أن يكفر عنه، فلا أَرُدُّ شهادتَه في خير حاليه–أي بعد إقامة الحد عليه والتوبة- وأجيزها في شر حاليه–أي وتُقْبَل شهادته بعد القذف وقبل إقامة الحد عليه والتوبة-، وإنما رددتها بإعلانه ما لا يحل له فلا أقبلها حتى ينتقل عنها "(10)، وهذا ردٌّ من جهة النظر، إذ كيف تُقْبَل شهادة القاذف قبل حدِّه وتُرَدُّ بعده؟ فلو قلنا بقَبول شهادته لَقُلْنا بقَبولها بعد إقامة الحد عليه لما فيه من التطهير والتكفير، ولَمَا قَبِلْنا شهادته قبل ذلك لِمَا تَلَبَّس به من أسباب رد شهادته بالقذف الذي هو علة تفسيقه وتكذيبه، وعليه فأقل أحوال القاذف محمد بن هادي المدخلي من باب التَّنَزُّل لا التقريرِ أن يُتَوَقَّف عن قبول شهادته، ويمنع من الثناء عليه وتزكيته.
ومن جهة أخرى: فإن هذه الأوصاف وهي رد شهادته وتفسيقُه وتكذيبه لا ترتفع عن القاذف بمجرَّد إقامة الحد عليه، بل تبقى لاصقة به محكوما بها عليه، ولو بعد جلده حتى يتوب إلى الله تعالى ويُكْذِبَ نفسه، كما أُثِر ذلك عن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب بِمَجْمَعٍ من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين من غير خلاف بينهم ولا نكير (11) وهذا ما يُعْرَف عند علماء الأصول بالإجماع السكوتي.
شبهة ثانية وجوابها:
مما رَوَّج له المتعصبون للقاذف محمد بن هادي المدخلي لما انتشر عنه خبرُه المكذوب من براءته من القذف وليست هذه بأُولى كذباته، وهَرْوَلَ له المتسرعون في النقل من غير تثبت ولا فهم، فطاروا به كل مَطِير وأكثروا من العويل والنكير، أن طالبوا كلَّ مَنْ حَكَمَ عليه بِحُكْمِ الله بالتحلل منه والتوبة، كما احتفل بهذا الخبر المكذوب الجهلة من المقدِّسة والمقلِّدة، فيقال لهم:
على مَهْلِكُمْ يا مُتَعَصِّبة: فإن الحكم على محمد بن هادي المدخلي بالفسق بناءً على ما قرَّره العلماء في كتب الفقه وما حكم به العلماء المعاصرون له كالمشايخ العلماء والأئمة الفقهاء ربيعٍ والفوزان والعباد وعبيد وغيرهم تصريحا وتلويحا، وما حَكَمَتْ به عليه محكمةُ الاستئناف وإعطائها له الصكَّ على ذلك، فواحدةٌ من هذه الأمور كافية في وصف محمد بن هادي المدخلي بالقذف والحكمِ عليه بالفسق، فكيف باجتماعها كلِّها فيه، ثم رجوعُ المحكمة عن إقامة الحد عليه على فرض صحة الخبرِ -والخبرُ مكذوب غير صحيح-، لا يلزم منه أن يؤمر من حكم عليه بالقذف بالتوبة لأن حُكْمَهُ كان مَبْنِيًّا على حكمٍ شرعي، جاء ذِكْرُهُ في نصوص شريعتنا الغراء وقرره العلماء وحكم به القضاة، ولا أعلم أحدا من الفقهاء نص على أن من حكم على القاذف بالفسق ورد شهادته ثم تَبَيَّنَت بعد ذلك براءتُه بأن يُقِرَّ المقذوف بالزنى أو تظهرَ البينة، أن عليه التوبةَ والاستحلال، فإن وقفتَ على شيء من ذلك فَلْتتحفنا به مشكورا.
ولو كُنَّا آمرين أحدا بالتوبة والاستحلال لأمرنا من حكم عليه من القضاة بذلك، ولا قائل به، فَمِنَ العبث والجهل مطالبةُ الواصفين له بالقذف الْمُنادِين بإقامة الحد عليه -الذي هو حكم الله الذي يعتقدونه-بالتوبة فضلا عن الاستحلال منه.
ثم ما سبب كلِّ هذه الفرحة وهذا الابتهاج، وكأن الرجل تكلَّم بأطايب الأقوال ونطق بمعسول الكلام، وأخبر بما يُشَنِّفُ الأسماع وأتى بما يشدُّ به عَضُدَ الأتباع، وهو إنما تلفظ بما يسوء الآذان ويترفع عنه الخَيِّرَةُ من أهل الإيمان، فأتى منكرا من القول وزورا، وقال فُحْشا من الكلام وهُجْرا، أين؟ في بيت من بيوت الله التي أمر الله ببنائها لرفع اسمه فيها، كما قال تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ} وقال عنها النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّمَا هِيَ لِذِكْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالصَّلَاةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ" البخاري 6025 ومسلم 285، وفِعْلُهُ هذا إن دَلَّ فإنما يدل على رِقَّةِ تَدَيُّنِه وقِلَّةِ تعظيمه لحرمات ربِّه، وقد قال تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ} وقال: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ}.
فلا هو احترم شعائر ربِّه بأن نزَّه المساجد من الكلام القبيح والسَّفَه، ولا هو عظَّم حرماتِ الله فاعترف بذنبه واستحل من قَذَفَه.
فالذي أتى به من الكلام الفاحش والقولِ القبيح، مما يخرم مروءتَه ويُطْعَن به في عدالته ويوجب التكلم فيه، فماذا تريدون غيرَ هذا! أتريدون أن يُمْدَح عليه ويُحْمَد، وتجعلوا فتنتَه كمِحْنَةِ الإمام أحمد، ويلكم يا عُصْبَة التَّفَرُّق ويا فِرْقَة التَّعَصُّب أما آن لكم أن تتأدبوا بأدب الله لكم وتقولوا {مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ}.
فكان على الأتباع المتعصبين والرَّعاع الْمُصَفِّقِين وأنت واحد منهم، أن يأمروه بالتوبة والاستحلال لا أن يقوموا بالمباركة والاحتفال و"التَّنْقاز" كما يفعل الصبيان والبهلوان والسَّفِلةُ من الناس والجهال.
وإني أخشى عليك وعلى متبوعك محمد بن هادي المدخلي والخائضين في هذا الكلام الفظيع المدافعين عن هذا الوصف الشنيع أن تكونوا ممن عنى الله بقوله: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} وأشفق عليكم أن تكونوا من أهل هذه الآية وأنتم لا تشعرون، قال الشيخ العلامة السِّعدي في تفسيره ص 563: "{إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ} أي: الأمورُ الشنيعة المستقبَحة المستعظَمة، فيحبون أن تشتهر الفاحشة {فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} أي: مُوجِعٌ للقلب والبدن، وذلك لِغِشِّهِ لإخوانه المسلمين، ومحبة الشر لهم، وجَراءتِه على أعراضهم، فإذا كان هذا الوعيد، لمجرد محبة أن تشيع الفاحشة، واستحلاءِ ذلك بالقلب، فكيف بما هو أعظم من ذلك، من إظهاره، ونقله؟ وسواء كانت الفاحشة، صادرةً أو غيرَ صادرة."، فاللهم احفظ علينا ألسنتنا وصُنْ أعراضنا واهْدِ ضالنا.
ثم إن وَصْفَكَ للشيخ عثمانَ بالانتكاسة المنهجية تبديعٌ منك له، إذ لا يُفْهَمُ من الانتكاسة المنهجية إلا الرجوعُ إلى الجهة المعاكسة للمنهج، والانقلابُ إلى الوِجهة المخالفة للسنة، والوقوعُ على أمِّ الرأس وهذا هو الابتداع، وانظر معنى كلمةِ انتكس في كتب اللغة واستعمالَ السلف لها، تفهمْ معنى ما كتبتَ، وعظيمَ جُرْمِ ما به حكمتَ.
وأَشْهَدُ أن الشيخ عثمان عيسي من المشايخ المحبين لسنة النبي صلى الله عليه وسلم الذَّابِّين عن المنهج السلفي الغَيُورِين على هذا الدين النقي، هكذا أحسبه والله حسيبه ولا أزكي على الله أحدا، وأنت تشهد على هذا، ولكن {جَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا}.
وأذكِّرك بأن الشيخ عثمان له المنةُ عليك بعد الله المنان في معرفة المنهج السلفي، فقد نجّاك من منهج التميع الذي كنت عليه أيام فتنة العيد شريفي، ولولا اللهُ ثم الشيخُ عثمان عيسي الذي بصَّرك بأخطائه العقدية والمنهجية وربطك بعلماء الدعوة السلفية الذين كنتَ تمنع من وصول كلامهم فيه في منطقتك وبَلَدِيَّتِك، لكنت اليوم في قائمة المميِّعة إن لم تكن من أصحاب أهل البدعة، وذلك لِمَا كنت تجادل فيه عن العيد شريفي بالباطل، كما تجادل اليوم عن رؤوس التفريق في الخارج والداخل، ومقالك هذا خير شاهد على ما أقول.
أما قولك عن الشيخ عثمان عيسي: "والمختفيَ (12) المبتعدَ عن الشباب السلفي، وهم في أمسِّ الحاجة إليه، اختفاء وابتعادا طويلا، دام من فِتْنَةِ الحجوري إلى فتنة الرمضاني والرحيلي".
فأقول: من قال إنه كان مبتعدا عن الشباب السلفي مُتَوَارِيًا عنهم وهم في أمسِّ الحاجة إليه؟ فالشيخ بحمد الله قائم على مجلة الإصلاح السلفية بالإشراف والتصحيح منذ افتتاحها، ودعوته مشهورة في مقر عمله وقائمةٌ في محل تدريسه، أما في حَيِّه فيشهد المحب والشانئ الداني والقاصي على نصحه وحكمته، وحُبِّ الخير والهداية لإخوانه، ولعل له أسبابا ألجأته إلى عدم الظهور وأعذارا حالت دون البروز، هو أعلم بها، فأَحْسِنِ الظنَّ بالمشايخ ودَعْك من أحكامك الجائرة المبنية على الظنون الكاذبة والأوهام الخاطئة.
وقولك عنه -حفظه الله-: "قد عَقَدَ مَجلِسًا في المسجد وقتَ صُدور كتابِ الشيخ أحمد بازمول "صيانة السلفي"، أبطل فيه قواعدَ الحلبي، وعرَّض فيه بالرمضاني،" فأقول: كلامك هذا فيه إيهام أن الشيخ عثمان عيسي متبع لأحمد بازمول، مُقَلِّدٌ لهذا المتهور المخذول، والأمر ليس كما تزعم وتقول، بل الشيخ على قول العلماء الأكابر في ذلك، فلا تموِّه.
ثم إني رأيتك تُشَيِّخ أحمد بازمول فإن كنت تقصد بِتَشْيِيخِك له أنه شيخ الفُجاءة كما وصفه العلامة الخِرِّيت والشيخ البصير عبيد الجابري -حفظه الله- الذي حَمِدتَ اللهَ له على وصفه بذلك ولم أَرَكَ فَرِحْتَ بتجريح أحدٍ كَفَرَحِكَ بتجريحه وتجريحِ صاحبه، فلا تعليق لي عليه، وأنا معك على هذا التشييخ.
وإن كنت تقصد بذلك تزكيته فأعوذ بالله من التلون في الدين والقولِ فيه ما لا أعتقده مجاراةً وإرضاءً للآخَرين، اللهم أن تكون على طريقة شيوخك في هذه الفتنة، الذين هم أولى بأن يوصفوا بالاحتواء وأصحابِ المنهج المطاطي، كما هو الحال بالنسبة لجمعة ولزهر ومحمد بن هادي المدخلي مع شيخ الفُجاءة الثاني أسامة بن عطايا الفلسطيني العتيبي، الذين احتَوَوه وغيرَه من المنحرفين لأجل الاستنصار بهم في هذه الفتنة على أهل الحق المظلومين، كما هو منقول في كتاباتهم ومصوَّر في مجالسهم، فنعوذ بالله من اتباع الهوى ومن الحَوْر بعد الكَوْر.
وقولك عنه -حفظه الله-: "أبطل فيه قواعدَ الحلبيفأقول: إذن أنت تشهد أن الشيخ عثمان عيسي أبطل قواعد الحلبي، وهذه منقبة عظيمة له وشهادة عزيزة منك على أنه حفظه الله نطق بالحق ونَصَرَه، ورَدَّ الباطل ودَحَضَه، في حين لم نَرَ إبطالا من شيوخ طريقتك لقواعده، ولم نقرأْ لهم ردًّا على شبهاته، ثم ماذا تريد أن يزيد على ذلك، هل تريد أن يبهته ويتكلم بما ليس فيه، كما تفعل أنت وشيوخ طريقتك مع مشايخنا وإخواننا!
أما قولك: "وعرَّض فيه بالرمضاني،..." فأقول: يكفيه أنه كان يرد على شبهاته وأقواله في شرحه على حديث "الدِّينُ النَّصِيحَةُ" من كتاب جوامع الأخبار للشيخ العلامة السِّعدي، بما يشفي ويكفي، وكنا نحضر دروسه آنذاك أنا وأنت وأخي، وكنا نُسَرُّ بما يُؤَصِّلُه في رد شبهات عبد المالك رمضاني كشبهة التفريق بين العقيدة والمنهج لأجل الاعتذار للمخالفين، فيكون الإخوانيُّ عنده سلفيَّ العقيدة إخوانيَّ المنهج! وغيرِها من الشبه التي بعضها كنت أنت من يرسلها إليه، فما بالك اليوم تتنكر له، وتَبْخَسُهُ حَقَّه وتُنْكِر جميلَه، وقد كنت تثني الرُّكَب عنده، وتُدَوِّن فوائدَه، وأنت فرح مسرور مبتهج محبور.
قال المتستر:" ولم تُعرف من ماضي توبةٌ إلى الله من هذه الجناية إلى حدِّ الساعة، ولا عُلِم عن أحدٍ من جماعتِه ومُناصريه ومُريديه، إنكارٌ علني لهذه الجرأة،..."
أقول: إن الشيخ الفَحْلَ عبد الخالق ماضي -حفظه الله- قد تراجع عن وصفك وصاحبيك بـ"خوف السر" وبيَّن مقصوده من هذه الكلمة، وذلك فور وصولها إليه وإبلاغِه بها، فقد قال حفظه الله في جوابٍ له بعد أن قَرَّر أنَّ خوف السر الذي هو خوف العبادة إذا صُرف إلى غير الله كان شركا أكبر: "وبهذه المناسبة كنت قد ذكرت مثل هذا الكلام-أي خوف السر- في بعض الخائضين في الفتنة، ويعلم الله أني ما قصدت خوف العبادة وإنما قصدت أن هؤلاء يُعْلنون غير ما يضمرون، وأنهم يعلمون حقائق ولكنهم يقولون بخلافها، فإن كان هذا الوصف الذي وصفتهم به يعني فيه شيء من المحاذير فإني راجع عنه وأستغفر الله منه فإن الرجوع إلى الحق فضيلة،..." (13)، وأنا على وصفه لك الأخيرِ في الصوتية من الشاهدين، وعليه فَنَفْيُكَ التوبةَ عن الشيخ عبد الخالق ماضي مما صدر منه في حقِّك وحقِّ الآخَرَيْن من جملة تسرعك في النفي، فكان عليك تَأَدُّبًا أن تنفيَ عن نفسك العلم بها لا أن تنفيَها مطلقا، فالمطلوب منك شرعا الآن أن تستغفر الله وتتوب إليه من حكمك هذا وتَسَرُّعِك، وأرجو أن تكون في صوتية حتى نسمع صوتك وتكون أسوة لغيرك يقتدي بك من بعدك، وأنا في انتظارها.
وقولك: "ولا عُلِم عن أحدٍ من جماعتِه ومُناصريه ومُريديه، إنكارٌ علني لهذه الجرأة،..."، أقول: هل تقصد أن الإنكار عليه يُشْتَرط أن يكون علنيًّا؟، كما يدل عليه منطوق كلامك، ألا فلتعلم أنه ليس بشرطٍ، بل يكفي إعلامه بذلك وبيانُ وجه خطئه، فإن لم يتراجع عنها وتعنَّت، فهنا يتعيَّن الرد عليه علانية، فتنبه! وعليه فما يحصل في نفسك من وساوسَ وتخمينات وسوءِ ظنون واحتمالات، عليك أن تدعه جانبا وتجعله خارجا ولا تَرْجِعْ إليه أبدا.
قال المتستر عن الشيخ عبد الخالق ماضي حفظه الله مُصِرًّا على إلصاقِ تهمةِ التكفير به على طريقة الحدادية: "أو تدلُّ على نَفَسٍ تكفيريٍّ، وله نظيرٌ."
أقول: يعلم كل من جالس الشيخ عبد الخالق ماضي أو قرأ له أو استمع إلى دروسه بما فيهم أنت، بأنه من أَبْعَد الناس عن التكفير والتبديع والتفسيق بغير حق، ولكنك تكتب حَمِيَّةً لنفسك وانتصارا لشيوخ طريقتك وانتقاما لشخصك وعِرْضِك، لذا تُلْزِمه بهذه الإلزامات وتلصق به هذه الاتهامات، وإلا فإنك تعلم علم اليقين أن الشيخ لا يقصد التكفير ولم يخطر بباله، وإنما جرت اللفظة على لسانه، ولم يرد معناها بجَنانه، كما سبق نَقْلُه من كلامه، ولكنه اتباع الهوى في الحكم على الآخرين نعوذ بالله منه.
قال المتستر: "وما الأولى بالإنكار -يا حمودة ومن زجَّ بك،...".
أقول: لا تغيِّر التاريخ يا متستر، فإن الأخ حمودة لم يزجَّ به أحد في هذه الفتنة، وأنت تعلم أنه وأخاه مرابطا جُعِلا طُعْمَة لهذه الفتنة العمياء، ومَعْبَرًا للوصول إلى الطعن في مشايخنا الفضلاء ،كما في رسالة الظلم لصاحبها جمعة "رسالة إلى خالد حمودة ومن على شاكلته"، وما نُقِم منهما إلا أنهما وقفا في وجه الظالم ونصرا المظلوم، فَتُكُلِّم فيهما بالعدوان والظلم، فَرَدَّا بما يجب أن يَرُدَّا، وقد كنت أقول لك غير مرة: "إِنَّ لِصَاحِبِ الحَقِّ مَقَالا"، ولو لم يَرُدَّا لأسَأْنا بهما الظن، ولصدَّقْنا المتَّهِم لهما والمتكلِّم فيهما، وهذه المقولة الآثمة التي تفوَّهت بها كما تفوَّهت بغيرها، إنما أخذتها من مقال "نصيحة وتوجيه إلى منتدى التصفية والتربية" والتي جاء فيها وصف مشايخنا وإخواننا بقول كاتبها: "...وجندوا له- بإملاءاتهم - شبابا من ذوي العجلة" (14)، وقد سألنا إخواننا عن ذلك فنَفَوْه ورَدُّوه، كما سألنا المشايخ عنه فانتفوا منه وأنكروه، فمن نصدق يا متستر، المدّعي من غير بينة أم النافي! والجواب يرجع إليك إن كنت تفقه حديث النبي ‘في إيجاب البينة على المدعي، وقد سبق لك وأن قرأت شرحه مرارا ودرَّسته لإخوانك تكرارا، فراجِعْه تَجِدْ بيانَ ذلك واضحا ظاهرا.
قال المتستر: " وأمّا الأخ محمد كربوز وفَّقه الله تعالى وثبَّته فمَواقِفُه معروفةٌ من زمن، ممَّن يَطعن في العلَّامتين ربيع وعبيدٍ، بعيدا مِنه كان الطاعنُ قبل أن يَطعن، أو قريبا."
أقول: هذا الذي كنتُ أعرفه عنك وأشهد به عليك، ولكنك للأسف قد تَغَيَّرت وتبدَّلت، وللشيخين العالمين تَنَكَّرْت، فَصِرْتَ تقبل الطعن فيهما ولا تُنْكِره، بل صِرْتَ تُعَرِّضُ بهما وتحط من أقدارهما وكلُّ ذلك في حسابك تنشره.
وأُذكِّرُك بمقولتك في بداية الفتنة حيث كنت تقول: "الانتصار لحرمة العلامتين ربيع وعبيد أعظم من الانتصار الآن لحرمة مشايخنا الفضلاء مع إكبار حرمة الجميع"، وإنما تعني بهذا الكلام الشيخ فركوسا ومحمد بن هادي المدخلي ومن معهما في الداخل والخارج، نعم هذا كلامك وهذه عباراتك، لما لم يصبك داء التقديس ولم تُبْتَلَ بمرض الغلو ولم تتبعِ الهوى ولم تُصِبْكَ العدوى، ولكنك الآن قدَّمت ما حقُّه التأخير وأخَّرت ما حقه التقديم، بل جعلت انتصارك لهما خِذلانا وصيَّرت دفاعك عنهما طعنا، كما في مقالك وحسابك وكلامك ومناقشاتك.
بل ثبت طعنك فيهما وتعريضك بهما في دروسك حيث كنت تقول: "يجب على علماء الجرح والتعديل أن يتقوا الله ويعدلوا في الحكم على الآخرين..." أو نحوا من هذا الكلام، وذلك لما حذر الشيخان العالمان ربيعٌ وعبيد من جمعة وأزهر وأمرا الشيخ فركوسا بالتوبة والتراجع، حتى بلغ بك الأمر إلى الطعن في الشيخ العباد! كما يشهد عليك ثقاتك، فماذا تركت لعلمائنا بقيةِ السلف؟
ولست أعرف أحدا يطعن في المشايخ العلماء، ربيعٍ وعبيد والعباد على السواء، إلا أهلَ البدع والأهواء، ولا إخالك انغمست في هذا المستنقع النَّتِن إلا لأنك رضيت بطعن شيوخ طريقتك فيهم وانتقاصِهم لهم، فكان جزاؤك أن ابتُلِيتَ بمنهجهم وأخلاقهم، فنعوذ بالله من العدوى ونسأله السلامة والعافية، وعليه فلا تحاول التظاهر بالدفاع عنهم والثناءِ عليهم والاستدلال بفتاويهم، وأنت تطعن فيهم الطعن الْمُبَطَّن، وتحط من أقدارهم بهذا الأسلوب العَفِن.
قال المتستر مُعَرِّضا بالعلامتين ربيع وعبيد: " فأيُّ جناية على العلَّامة ربيع، أقبحُ مِن وضعه عند أعدائه، موضعَ الهزء والتهكُّم، بادِّعاء الصعافقة أنَّ الشَّيخَ يقول: "فوازُ المدخلي أعلمُ من محمَّد بن هادي"!!، واستخراجِ تزكيةٍ للسَّجين في بلاد التَّوحيد والسُّنَّة، لأجل فساد المسْلَكِ: عبدِ الواحد المدخلي؟! وأيُّ جناية على العلامَّة عُبَيْدٍ، أقبحُ من استخراج الصعافقة منه تجريحا في أَخَوَيْهِ العلامَّتين المحمَّدين فركوس وابنِ هادي، وتعديلٍ –كذا والصواب تعديلًا-للاحتوائيِّين والصَّعافقةِ والممَيِّعة؟".
أقول: قولك عن عبد الواحد المدخلي سجين يحتاج منك إلى بينة ودليل، وغاية ما في الأمر أنه مع التحقيق وقد تظهر براءته ويُطْلَق سراحُه، فَلِمَ كُلُّ هذا التهويل؟
أقول: كنت قد كتبت هذا قبل خروج عبد الواحد المدخلي ورجوعِه إلى أهله سالما آمنا، وحيث إنه ثبتت براءته مما نسبه إليه هذا المتستر المتهوِّر، وذلك بإطلاق بلاد التوحيد والسنة سراحَه، وهذا يدل على سلامة مسلكه لأنه لو لم يكن كذلك لما أطلقت سراحه، كما أراد أن يستدل عليه المتستر ويقرره هذا المتهور، فالواجب عليك حالتئذ أن تستغفر الله وتتوب إليه مما رميت به عبدَ الواحد المدخلي، وكم تحتاج يا متستر من توبة وتحلل، وذلك لكثرة افتراءاتك وإطلاق عِنان لسانك على مشايخك وإخوانك، فإن لسانك ويدك أحوج إلى السجن من كثير ممن سُجِن.
أما ما يخص الشيخ العلامة عبيدا وكلامَه في الشيخ فركوس ومحمد بن هادي المدخلي، فإنه ليس كما ذكرت ونعوذ بالله مما تَفَوَّهت، فالشيخان ربيعٌ وعبيد تَكَلَّما في هذين الشخصين وبيَّنا سبب كلامهما فيهما:
أما محمد بن هادي المدخلي، فسبب كلامهما فيه هو:
1-تفريقه للسلفيين في العالم.
2-قذفه مسلما بالزنى في بيت من بيوت الله من غير بيِّنة وإتيانه بأربعة شهود.
3-حبُّه للزعامة والرئاسة.
4-كلامه في إخوانه السلفيين من غير حجة، وتبديعه لهم بالجملة وذلك بوصفهم بالصعافقة.

أما فركوس، فسبب الكلام فيه هو:
1-تفريقه للسلفيين في الجزائر.
2-طعنه في مشايخ الإصلاح وعدم إتيانه بالأدلة على ذلك.
3-وجود الأخطاء العقدية الخطيرة في بعض كتبه، وأعظمها ثناؤه على الملاحدة والإشادة بكتبهم.
4-إقراره للباطل ودفاعه عن أصحابه، وعلى رأسهم وزيراه في هذه الفتنة، عبد المجيد جمعة وأزهر سنيقرة.
5-ثناؤه على المخالفين مع ثبوته بصوته، وعدمُ رجوعه عن ذلك.

ولْتَعْلَم أن كلام هذين العالمين الرحيمين والإمامين الحكيمين كان بعد مناصحة المحمدين ومناشدة هذين الرجلين، إضافة إلى طعن كلٍّ منهما في العلامتين ربيع وعبيد والتنقيصِ من قدرهما، ثم متى كان رجوع العالم عن الفتوى والتزكية يجعله في موضع الهزء عند أعدائه؟ هذا لا يكون إلا عند الجهلة والمرضى ضَيِّقِي العطن، فمتى يظهر للعالم صلاحُ العبد فإنه يثني عليه ويزكيه، ويَكِلُ سَرِيرَتَه إلى خالقِه وباريه، ومتى تظهر له مخالفته للحق يحذر منه ويتكلم فيه، وهذا يدل على أمانته وأنه لا يحابي في الحق أحدا، لا كما تصنع أنت وشيوخ طريقتك في هذه الفتنة.
فها هما الإمامان ابن عثيمين والألباني كانا يثنيان على سلمان العودة وسفر الحوالي لأنه لم يكن ظهر لهما حقيقة الرجلين، فلما تبين لهما مخالفتُهما للحق وإصرارهما على الباطل حَذَّرَا منهما، بل أَذْهَبُ بك إلى أبعد من هذا، فإن الشيخ الفوزان جاء عنه تزكية عبد العزيز الريس ثم تكلم فيه ثم زكاه ثم تكلم فيه، فلم نسمع من أحد أنه جعل مثل هذه الأحكام موضعَ الهزء بالشيخ الفوزان عند الأعداء، بل الذي كنا نقوله إن هذا يدل على ورع العلماء وتقواهم وأنهم يتكلمون لله وبما يظهر لهم من حال المتكلَّم فيه، والله الموفق للصواب.
قال المتستر في كلام له وهو يبدع من غير موجب: "...للخارجيِّ هاني بريك، وقد كان مُتلبِّسًا بالخروج!،..."
أقول: اعلم أنه "ليس كل من وقع في البدعة وتلبس بها يكون مبتدعا" كما هو مقرر في كتب العقائد، خلافا للخوارج والحدادية ومن سار على منهجهم من أهل البدع والأهواء الذين يُبَدِّعون الواحد بمجرد وقوعه في البدعة، ثم مَن مِن أهل العلم حكم على المتظاهرين في المسيرات والمحتجين في الاعتصامات بأنهم خوارج؟ فإنه لا يخفاك أن الحكم عليهم بأنهم خوارج تترتب عليه أحكام مذكورة في كتب السنة والعقائد، ولست هنا لتبرير موقفه ولا الدفاع عن فعله، فالمظاهرات ليست من الإسلام في شيء، وقد حرمها العلماء لأسباب كثيرة ليس هذا محلَّ ذكرها ولا تتحمل هذه الكتابة بَسْطَ أدلتِها، وهذا الرجل المذكور قد تَغَيَّر وليس بالذي يُزَكَّى، فقد فَتَنَتْهُ المناصبُ والدنيا حتى صار يهرف بما لا يعرف ويُنْكِر ما كان يعرف، وأتى بِطَوَامَّ في العقيدة والمنهج أعظمَ مما ذكرت أنت عنه، مما يوجب الكلام فيه والتحذير منه، لكن الذي أريد أن أناقشك فيه، هو كيف حكمت عليه أنه خارجي أي مبتدع بسبب خروجه في مظاهرة يطالب فيها بحقه زَعَم! وعنده في فعله ذلك نوعُ شبهةٍ، إذ أُقِيل من عمله في الدولة، حيث كان وزيراً أَوَّلَ فيها.
فإن لم تأتني بسلفك من العلماء في تبديعه بهذا السبب ولن تأتيَني، فأنصحك بعدم العجلة في الحكم على غيرك بأنهم مبتدعة، قبل إقامة الحجة عليهم وإزالة الشبهة عنهم وإسناد الأمر إلى أهله -وأنت لست أهلا للحكم على غيرك-، فـ "الْعَجَلَةُ مِنَ الشَّيْطَانِ" كما جاء بذلك الحديث عن سيد ولد عدنان عليه الصلاة والسلام، هذا وقد نصحتك في آخر مجلس جمعني بك بعدم التسرع في التبديع، حيث إنك بدَّعت أحدهم فسألتك عن سلفك من العلماء في تبديعه فسكت، ثم استدللت على تبديعك له بما يُضْحِك الثكلى، فنصحتك بعدم التسرع في ذلك، غير أنك لم تأخذ بنصيحتي هذه وبغيرِها من النصائح التي قدمتها لك، وأبيت إلا أن تتكلم بالجهل وتستن بهدي الحدادية في التسرع بالتبديع، نسأل الله السلامة والعافية من طرق أهل الأهواء والبدع.
قال المتستر: "ولهذا قلتُ للصعفوق الرِّفاعي الذي لا يَدخل على الشَّيخ عُبَيْدٍ سواه، والصَّديقِ الحميمِ لصاحب دار الميراث النبوي!! بعد إعطاءه-كذا وصوابها إعطائه-بعضَ الأدلَّةِ، وحثِّه على إيصالها للشَّيخ عُبيد، في تغريدة بتاريخ: 19 نوفمبر 2018: ..."
أقول: أولا: بَيِّنْ لي وجهَ كونِ الشيخِ عبد الإله الرفاعي صَعفوقا! فقد وضَّح قصته مع محمد بن هادي المدخلي في إباناته الأربع (15)، وأنا لا أعرفه إلا داعية إلى التوحيد والسنة ملازما لأكابر علماء هذه الأمة، أم أنك كغيرك من ببغاوات هذه الفتنة يُرَدِّدون الكلام من غير معرفةٍ لمعناه، ولا صِدْقِ صاحبه ولا تقواه.
ثانيا: حَصْرُك دخولَه على الشيخ عبيد فقط ظاهرٌ في الكذب، فالشيخ عبيد يدخل عليه الرفاعي وغيرُه.
ثالثا: تَعَجُّبُك من كونه صديقا حميما لصاحب دار الميراث النبوي، وكأنك بتعجبك هذا تُجَرِّح صاحب دار الميراث النبوي، فأقول لك: إن صاحب دار الميراث النبوي لا نعرف عنه إلا خيرا، فهو صاحب الأيادي البيضاء على الدعوة السلفية، والمواقفِ الْمُشَرِّفة في هذه الفتنة العِمِّيَّة، وذلك بنشر كتب الأئمة النقية وطبع شروحهم على كتب أهل السنة الزكية وتحقيقاتهم المرضية، كشروحات المشايخ العلماء: أحمد بن يحيى النجمي وزيد بن هادي المدخلي عليهما رحمة الله وربيع المدخلي وصالح الفوزان وعبيد الجابري حفظهم الله وغيرهم، بخلاف شيوخ طريقتك الذين لهم السَّبْق في بيع كتب أهل البدع وتحقيقها والإشادة بأصحابها.
رابعا: إن الشيخ عبيدا قد فتح بابه لجمعة حتى يأتيه بالأدلة على ما يدين به إخوانه ومشايخنا، فقال حفظه الله: "وإنني أدعو ويعلم الله أني صادق أن يأتي إلي أخونا الشيخ عبد المجيد جمعة، فإذا حضر فسيكون ثمة إن شاء الله المنقاشة وطلبُ الأدلة منه، وإن لم يحضر فإنَّا نحكم عليه بالنكول، وأنه هو المتولي كبرَ هذه الفُرْقَة" كما في صوتيَّته المنتشرة (16)، فَلِمَ تَلْبِسُ الحقَّ بالباطل وتُلَبِّسُ على العوام بهذا الكلام السافل، وتُصَوِّر الشيخين ربيعا وعبيدا كالمغلق عليهما المحاطِ بهما، اللذين لا يدريان ما يحصل حولهما، كَبُرَت كلمةً تخرج من فيك إن تقولُ إلا كذبا، وهذا من الأدلة على كذبك في قولك عن الشيخ عبيد لا يدخل عليه إلا عبد الإله الرفاعي وقد سمعتَ من كلام الشيخ عبيد ودعوتِه لجمعة ما سمعت وقرأت من ذلك ما قرأت، كما حدثني أيضا أخي الحسن لما حج العامَ الماضيَ (1440ه) أنه دخل على الشيخ ربيع في بيته وجلس إليه وكَلَّمَه، من غير ميعادٍ سابقٍ له، وبهذه المناسبة وهي ذِكْرُ مسألة دعاء الشيخ عبيدٍ الجابري عبدَ المجيد جمعة لإتيانه بالأدلة على ما يرمي به مشايخنا، فقد خرج يونس بن حجر كعادته في الدفاع عن شيوخ الفتنة في بلدنا والحطِّ من أقدار علمائنا، فَعَلَّق على صوتية الشيخ العلامة عبيد تعليقةً غريبة مُحَيِّرَة مفادها أن عبد المجيد جمعة لا يستطيع أن يرسل الأدلة إلى الشيخ العلامة عبيد لكون الشيخ محاطا ببطانة السوء التي تمنع من وصول الحقائق إليه (17) ثم يصف جمعةُ هذه المهزلة بأنها كلام مؤصَّل ينبئ عن فهم الرجل وإدراكه لأصول منهجه وعدم تأثره بالشبهات بل هو من أثَّر فيها ودحضها! (18)، فأقول: لِمَ كلُّ هذه المراوغة! فالشيخ عبيد طلب منه الإتيان إلى بيته من غير واسطة توصله إليه، وأن يأتيه بالأدلة ويقرأها عليه كِفاحا من غير تَرْجُمان يُتَرْجِم له، وهو الذي كان يأتي بيته وبيتَ الشيخ العلامة ربيعٍ من غير دعوة، كلما قدم إلى الحج والعمرة، ولم يتخلف عن ذلك ولو مرة (19)، ثم لما دعاه إلى بيته لم يَهْتَدِ إليه وضلَّ الطريق الموصلة إلى داره، مع أنه قدم المملكة أثناء الفتنة وبعد دعوة الشيخ العلامة عبيد له خمسَ مرات أو أكثر، فلئن لعب بعقلك وعقولِ أتباعه السُّذَّج فلن يلعبَ بعقولنا، وأقول له: لا تزال دعوةُ الشيخ عبيد إليك ساريةَ المفعول، والحجةُ قائمةً عليك في الذهاب إليه وأنت في التخلف عن ذلك غيرُ معذور.
خامسا: رأيتك تُؤَرِّخ ما تكتب بالتاريخ النصراني وفيه ما فيه، فلو حَلَّيْت كتابتك بالتاريخ الهجري الإسلامي، أو على الأقل أن تقتصر على التاريخ الهجري فقط، فهو خير لك من الاقتصار على التاريخ النصراني.
قال المتستر: "قال حمودة: "ومن تعريضه به أيضًا أنَّه لمَّا نُقل عن متبوعه (د. فركوس) قولُه: "نتحاكم إلى الشَّيخ الفوزان" غرَّد كربوز بمقطعٍ من كلام الشَّيخ الفوزان في حكم تارك أعمال الجوارح، وقال: "فلتكن هذه أول المسائل التي يتحاكم فيها إلى الإمام الفوزان، أقول: نعم، فلتكن أوَّلُ المسائل المختلَف فيها، التي يُتحاكم فيها إلى الإمام الفوزان، هذه المسألة العقدية، ولا شيء عند السَّلفي فوق العقيدة، أم هانت عليك العقيدةُ بعد هوان المنهجِ يا حمودة؟!"
أقول: على رِسْلِك يا متستر، فقد سبقك إلى هذه الخطة الخسيسة والفكرة الخبيثة، الحداديةُ وأبو الحسن المأربي وفالح الحربي في آخرين، فرجعوا من عند الشيخ الفوزان بِخُفَّيْ حُنَيْن، {لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا}.
فإن كانت ولابد أن تكون، فلتكن أوَّلَ مسألة تُطرح على الشيخ الفوزان، حكمُ الثناء على الكافرين والإشادةِ بكتب الملحدين وتزكيةِ المخالفين وبيعِ وتحقيق كتب أهل البدع المارقين، وحكمُ تفريق السلفيين لأجل القضايا الشخصية والأمور النفسية ومن غير أدلة قاضية قطعية، وحكمُ إحداث مصطلحاتٍ بدعية وألفاظٍ مطّاطية –كما يحلو لبعضهم أن يُعَبِّر به-كـ"التهميش" و"الوقت جزء من العلاج" و"المتاجرة بالدعوة" إلى غيرها من الكلمات المحدثة في هذه الفتنة، والتي حصل بسببها شق عصا الدعوة السلفية.
ثم ها أنت وشيوخ طريقتك قد كنتم في الحج هذا الموسم، وبِتُّم لياليَ منًى ولم يحصل منكم التعجل، والشيخ الفوزان في خيمته بمنًى بعد كل صلاة مفروضة يُفَقِّه الحجاجَ والناسُ منه تتعلَّم، فَلِمَ لم تذهبوا إليه وتطرحوا عليه هذا الأمر العظيمَ الْمُشْكِل!، ما الذي منعكم من الذهاب إليه والدخول عليه؟ ولكنكم لم تذهبوا ولن تذهبوا، أتدري لماذا؟ لأنه ليس عندكم ما تَدينون به إخوانكم وتؤاخذون به مشايخكم، ففررتم من لب الخلاف وذهبتم إلى هذه المسألة مسألةِ جنس العمل لتلبِّسوا بها على العامة والضَّعَفَة، ولكنها لا تَسْرِي على أهل العلم والفِطْنَة.
وأجزم أنكم لو دخلتم بهذه المسألة على الشيخ الفوزان للقَّنكم درسا، ولطردكم من مجلسه طردا.
ولسان حاله يقول: "أتحاكمون الشيخ ربيعا عندي وهو في الدين إمام، وليست هذه المسألة مما يُحَطُّ بها من دينه ويُلام، لأني أحسَبه من المجتهدين الذين لهم أجر أو أجران، "فَهَلْ أَنْتُمْ تَارِكُوا لِي صَاحِبِي"؟!."
ولكن أقول كما قال الأول:
......................... خلا لكِ الجوُّ فبِيضِي واصفِري.
ونَقِّرِي ما شئتِ أن تُنَقِّرِي لابد من أَخْذِك يوما فاحذَري.

وانظر كيف قَفَزْتَ من لُبِّ الخلاف وانتقلت من محور النزاع، إلى موضوعٍ آخرَ لا صلةَ له بالمسألة، لأنه لا أدلة لكم على ما تَدينون به مشايخكم وترمون به إخوانكم، وهذا إنْ دلَّ فإنما يدل على تَخَصُّصِك في المراوغة وحُسْنِ استعمالك لها، فأنت فيها إمام.
فتنبهوا معاشرَ القراء إلى هذه الطرق الخبيثة الْمُلْتَوية والأساليب الماكرة النَّتِنَة، في إسقاط علماء الأمة من أعين الطلبة والعامة، فهذا مَكْرٌ بالعلماء خَفِيٌّ وطَعْنٌ في الأئمة دقيقٌ، في صورة الانتصار لدين الله والغيرة على شرعه، فاحذروها ولا تكونوا أتباع كل ناعق، وأقول لك أيها المتستر ولمن وَسْوَسَ لك: "دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ".
وعليه فقولك عن الأخ الشيخ خالد حمودة: "ولعلَّه لهذا خاف، وشنَّع على مَن دعا إلى التَّحاكُمِ، فانظر إلى التَّعصُّب، أين أوردك يا حمودةُ، وفي أيِّ الأودية قَذَفَ بك!؟ وإن كنت شجاعًا فَصِف الشَّيخَ عبيدًا لأجل مُعاتبتِه الصَّريحةِ أخاه الشيخَ ربيعًا بالحداديةِ." عجيب منك كيف تحكم عليه بالخوف والتعصب وأنت وشيوخ طريقتك من دعا إلى التحاكم عند الشيخ الفوزان، مع إقامة الحجة عليكم في ذهابكم إلى الحج هذا العام، ولم يُسْمَع عنكم ذهابٌ إليه ولا طَلَبٌ منه للتحاكم عنده في هذه المسألة من مسائل الإيمان، والجواب عن عدم ذهابكم إليه واضح لا غبار عليه كما سبق بيانه، ولأنكم أَثَرْتُم هذه المسألة لتُخَدِّرُوا بها العامة وتَسْتَعْطِفُوا الجهلة، ولتُضرموا نار الفرقة وتُطيلوا من عُمُرِ الفتنة.
وحتى أُرِيح ذهنك وفهمك الكليل وأُذْهِبَ عنك أوهامك ووساوسك التي أنت بها عليل، فقد اتفق لي أنا وأخي الحسن عامَ خمسة وعشرين وأربعمائة وألف (1425ه) الدخولُ على الشيخ العلامة المحدث ربيع المدخلي في بيته العامر والجلوسُ معه في مكتبته الخاصة، وَقْتَ أن كان فالح الحربي في حملته الشرسة على الشيخ ربيع وإخوانه، وكان فالحٌ قد جمع حوله شبابا من الجزائر وليبيا وغيرِهما من البلدان، وأقنعهم أن الشيخ الفوزان يتكلم في الشيخ ربيع ويحذر منه لأجل مسألة جنس العمل، فأَخْبَرْنا الشيخَ ربيعا بما يروِّجه فالح الحربي بين هؤلاء الشباب وأن الشيخ الفوزان يحذر منه ويتكلم فيه، فضحك الشيخ ربيع وقال لنا: يكذب، واللهِ لا أكتب كتابة ولا أؤلف رسالة وأبعث بها إلى الشيخ الفوزان إلا ويوقِّع عليها ويقدِّم لها، وبالفعل كان الشيخ ربيع قد ألف ردًّا في تلك الأيام على النساء اللواتي كُنَّ يُرِدْن التحرر ويدعون إليه ويطالبن به في منتدًى عُقِد لهن بجدة، ويزعمن أنهن مظلومات وحقوقَهن مهضومات، وكان عنوان الردِّ "الحقوق والواجبات على الرجال والنساء في الإسلام" فجاء في تقديم الشيخ العلامة الفوزان لهذا الرد: "وقد تعقب ذلك الشيخُ الفاضل: ربيع بن هادي عمير المدخلي –حفظه الله- وبَيَّنَ ما جرى في ذلك المنتدى من الخلط والجهل...إلى أن قال: كما ذكر ذلك الشيخ ربيع –حفظه الله- فقد أجاد وأفاد جزاه الله خيرا ونفع بما كتب" (20)، ثم لنا أن نتساءل من نُصَدِّق، فالحا الحربي أم الشيخ ربيعا؟ وهذا التقديم مزبور بيد الشيخ الفوزان في تلك الأيام.
وَلْتَعْلم أنه جرت بين الشيخين ربيعٍ والفوزان مراسلاتٌ في هذا الموضوع بالخصوص خاصّة تلك الأيام، ولم يقع من واحد منهما تضليلٌ للآخر وتبديع له، مع علم كلٍّ منهما بمذهب أخيه في هذه المسألة، لأنهما مجتهدان في طلب الحق بالأدلة، والعملِ بما ترجح لديهما من الصواب، ولأنهما أعرف بمسائل النزاع وبفقه الخلاف منك ومن شيوخك، فلا داعيَ للإيقاع بينهما والتحريش، والتهويل والتشويش، ولا تظننهما مثلَ شيوخك الذين يَجْرُون وراء كلِّ كلمة، والذين تُفَرِّق بينهما النميمة، ولا تَنْسَ زيارةَ الشيخ الفوزان الأخيرة للشيخ ربيع في المدينة، فإنها مزيلة لما في صدوركم من الضغينة، فكن أنت وشيوخك منها على ذُكْرٍ ودعك من المراوغة واترُكِ الحيلة.
والشاهد من إيراد هذه القصة هو بيان أن الشيخ الفوزان على علم تامٍّ بمذهب الشيخ ربيع في مسألة الإيمان ومع ذلك لم يُجَرِّحْه ويحذرْ منه، بل بقي يَصِلُه ويُقَدِّم لكتبه، ويثني عليه وينصح به.
ثم إني رأيتك قد وضعت في غلاف تسويدتك وجعلت في خلفية حسابك، صورةَ كتاب "توجيه الاستدلال بالنصوص الشرعية على العذر بالجهل في المسائل العقدية"، -الذي قال عنه الشيخ العلامة ربيع المدخلي لمؤلِّفِه الشيخِ فركوسٍ لما أعطاه إياه وقرأه: "يَتَقَوَّى به الحدادية"، كما حدَّث بذلك الشيخ فركوس خواصَّه ومعارفه، وهذا المؤلَّف للأسف استلَّه صاحبه من كتاب "العذر بالجهل تحت المجهر الشرعي" لمدحت بن حسن آل فراج -تلميذِ عبد المجيد الشاذلي! مؤصل منهج سيد قطب الفقهي-، وهذا الرجل مدحت بن حسن آل فراج يُنْسَب إلى فرقة "التوقُّف والتَّبَيُّن" البدعية المصرية والذي يحتفي بمؤلفاته الدواعش والتكفيريون وتنشر له المواقع الحزبية، أخذ الشيخ فركوس كتابه منه بعناوينه وأدلته، كما هي العادة في كثير من فتاواه ورسائله وكتبه، وعليه فلا عجَب من فراسة العلامةِ الخِرِّيت الناقد البصير ربيعٍ المدخلي وحُكْمِه على الكتاب، فأقول: عمدت إلى هذه المسألة الشائكة لتجعلها في واجهة حسابك، وكأن المسائل العقدية المتفقَ عليها غابت عنك، وكتبَ التوحيد الواضحةَ والعقيدةِ الصافية ضاعت منك، ككتب شيوخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم ومحمد بن عبد الوهاب وغيرِهم، فلم تهتدِ إليها لتختار منها عناوينَ تجعلُها خلفيةَ حسابك، ككتاب منهاج السنة النبوية في الرد على الشيعة القدرية لشيخ الإسلام ابن تيمية والصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة لشيخ الإسلام الثاني ابن قيم الجوزية وكتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد لشيخ الإسلام الثالث محمد بن عبد الوهاب إمامِ الدعوة النجدية وغيرُها كثير، فإنها تُعَبِّر عن نَفْسِيَّتِك وخَلْفِيَّة شخصيتك، وتُصَوِّر للقارئ حقيقة منهجك، وتُضْفِي على أعين متصفحي حسابِك واقعَ تفكيرك، وأما جعلك لهذه الصورة على طُرَّة رسالتك فهذا من اختراعاتك، وقد خالفت فيه قانون الكتابة ومنهج التأليف (21).
وهذا إن دلَّ فإنما يدل على تَتَيُّمك بمؤلفها وولوعك بصاحبها، وافتتانك بموضوعها وأنك لهج بذكرها، فجئت إلى هذه المسألة التي طال فيها الخلاف وعمَدت إلى هذه القضية التي كَثُرَ فيها النزاع، قد زلت فيها أقدام وضلت فيها أفهام، فذهبتَ تطعن بها في علماء الإسلام والأئمةِ الأعلام، وتُشَوِّش بها على الرَّعاع والعوام، ومن يتابعُ حسابك من الجهلة والطَّغام.
وإني أنصحك بعدم الخوض فيها وفي أختيها-مسألةِ ترك جنس العمل والحكم بغير ما أنزل الله-، فإنها أكبر من فهمك بكثير، وقد سبق وأن حصل لك في بعضها خلط كبير، وأخشى عليك إن أوغلت فيها بفهمك السقيم الذي أنت عليه الآن مقيم، أن يصيبك ما أصاب أحمدَ الحازمي، ولا أُراك إلا على خطاه تمشي، وبمذهب الحدادية تأتسي.
فاحذر أن تُنْكِر ما كنت تعرف وتعرف ما كنت تنكر لأجل التعصب لشخص أو الانتصار لرأي، وتجادلَ عن ذلك بالباطل وتَحُطَّ من قدر العلماء الأكابر، فقد كنتَ قَبْلًا تقول عنها مسائلُ اختلف العلماء فيها ونحن نكف عن الكلام والخوض فيها، ويكفينا أن نعمل بما تبين لنا من حق مبين مع حفظ كرامة العلماء المخالفين، "فانظر إلى التَّعصُّب، أين أوردك يا متستر، وفي أيِّ الأودية قَذَفَ بك!؟"، فلا تشوِّش على العامة بمثل هذه الخرجات.
واعلم أنه لا سبيلَ إلى الطعن في الشيخ ربيع اليوم، ولا طريقَ إلى الحطِّ من علمه الجمّ، إلا من جهة مسألة ترك جنس العمل والعذرِ بالجهل، وهذا المنهج الخبيث في إسقاط العلماء من أخص خصائص الحدادية الجُدُد، وإن كلامك ينضح به.
وإني ناصحٌ لك ومشفق عليك أن تكون حاملَ مِشْعَلِ الحدادية في الجزائر، وناشِرَ هذا المنهج بين من يحضر إليك ويتصفح حسابك من الشباب التائه الحائر، فالزم غرز العلماء الربانيين وقِفْ حيث وقَفَ القوم، وقل بما قال أهل العلم والفهم، ممن تَقَدَّمَك من الصحابة والتابعين وتابعيهمُ الذين هم خير قرن، من قولهم: الإيمان اعتقاد وقول وعمل يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، قال الشيخ ابن عثيمين وقد سئل عن مسألة جنس العمل وهل العمل شرط كمال في الإيمان أو شرط صحة فأجاب رحمه الله وغفر له: "وإني أنصح إخواني أن يتركوا هذه الأشياء والبحثَ فيها وأن يرجعوا إلى ما كان عليه الصحابة رضوان الله عليهم، والسلفُ الصالح لم يكونوا يعرفون مثل هذه الأمور،...". (22)، وقال أيضا في شرحه على الأربعين النووية -والذي قرأتَه مرات وأنت قريبُ عَهْدٍ بقراءته على من يُحَسِّنُ الظن بك ويجلس إليك!؟، ولكني لا أظنك تقرأ شروحات هذا الإمام إلا تبركا لا تفهما وتشبعا لا تفقها -كما هو الحال بالنسبة إلى جماعة التبليغ في قراءتها كتابَ رياض الصالحين-فقال رحمه الله ناصحا للأمة ولأمثالك بالخصوص: "ولا حاجة أن نقول ما يدور الآن بين الشباب وطلبة العلم: هل الأعمال من كمال الإيمان أو من صحة الإيمان؟ فهذا السؤال لا داعي له، أي إنسان يسألك ويقول: هل الأعمال شرط لكمال الإيمان أو شرط لصحة الإيمان؟ نقول له: الصحابة رضي الله عنهم أشرف منك وأعلم منك وأحرص منك على الخير، ولم يسألوا الرسول صلى الله عليه وسلم هذا السؤال، إذاً يسعك ما يسعهم، إذا دلّ الدليل على أن هذا العمل يخرج به الإنسان من الإسلام صار شرطاً لصحة الإيمان، وإذا دلّ دليل على أنه لا يخرج صار شرطاً لكمال الإيمان وانتهى الموضوع، أما أن تحاول الأخذ والرد والنزاع، ثم مَنْ خالفك قلت: هذا مرجئ، ومن وافقك رضيت عنه، وإن زاد قلت هذا من الخوارج، وهذا غير صحيح، فلذلك مشورتي للشباب ولطلاب العلم أن يدعوا البحث في هذا الموضوع، وأن نقول: ما جعله الله تعالى ورسوله شرطاً لصحة الإيمان وبقائه فهو شرط، وما لا فلا ونحسم الموضوع". (23)
فإذا كانت هذه هي نصيحةَ الشيخ العلامة الفقيه الإمام المربي ابنِ عثيمين رحمه الله لمن يريد التكلم في هذه المسألة، فكيف يا تُرى يكون قوله وحكمه فيمن يثيرها للطعن في الأئمةِ، علماءِ أهل السنة والجماعة.
وعليه فقولك: "وأختمُ هذه الفقرةَ التي أَطَلْتُ فيها، نُصرةً لعقيدة السَّلف والعلم والسُّنَّة، وذبًّا عن أعراض العلماء والأئمَّة، ونُصْحًا لشباب الجزائر والأمَّة،..." كَذِبٌ ودعوى، فإني أشهد أنك أَثَرْتَ هذه المسألة من غير سبب ولا دافع، لا لشيء إلا لأجل أن تنتصر لرأي الشيخ فركوس فيها، وتغطيةِ الفجوة وسدِّ الثغرة التي أحدثها بين أهل السنة الجزائريين بسبب هذه الفتنة، التي أضرَّ بها الدعوة السلفية، وهروبا من موضع النزاع وحَيْدَة، لا نصرةً لعقيدة السلف والعلمِ والسنة، وأحييتها لأجل الحط من قدر الشيخ العلامة ربيعِ السنة، لا ذَبًّا عن أعراض العلماء والأئمة، وذكرتها غِشًّا لشباب الجزائر والأمة وخديعة لهم، لا نصحا وإشفاقا عليهم، ولو كنت حقا ناصحا لهم لاتَّبعت الشيخ العلامة الإمام الرباني ابن عثيمين في نصيحته لك ولأمثالك في ترك البحث عن هذه المسألة وعدم الخوض فيها كما تفعل الآن، فلست أعرف أحدا يطعن بهذه المسألة في الأئمة سوى سفرٍ الحوالي مع الشيخ العلامة الإمام الألباني وفالحٍ الحربي مع الشيخ العلامة الإمام ربيع المدخلي، وبعضِ من لا يُؤْبَهُ بذكره لجهله وجهالته مثلِك، فالله حسيبك وهنيئا لك هذا السلف.
ومن غرائبك المحيِّرة المدهشة: أنك جئت بفتوى للشيخ فركوس تزعم أنك تُلَخِّص بها أقوال العلماء الذين نقلت كلامهم في أسطر، حيث يبلغ بمجموعه صفحة أو يزيد قليلا، لخَّصته بفتوى للشيخ فركوس تقع في قرابة أربع صفحات مع حذف الحواشي!؟، فقل لي بربِّك متى كان التلخيصُ يفوق الأصلَ الملخَّص بأضعافه؟، إنها هذا لشيء عجاب، وليس إلا في كتابات المقلدة أولي التعصب والجهالات، أما نصيحة اللجنة الدائمة للحلبي فأنت أول من يُنْصَح بها، لكونك لم تَتَرَبَّ على أيدي العلماء، ولأنك فَتَنْتَ الشباب بخرجاتك هذه، وحرَّفت كلام العلماء وأولته، كما مر بيانه وسيأتي ذكره.
قال المتستر: " قال حمودة: "وهذا التَّعريض الفجُّ منه في هذه المسألة إشارةٌ إلى أنَّه مستعدٌّ أن يسلك مع الشَّيخ ربيع مسلَك مَنْ قبلَه من الحدادية من أمثال الغامدي والجهني والحماماتي مناصرة وغيرهم"، أقول: قد عرف كلُّ أحدٍ الآن لما -كذا والصواب لِمَ-كلُّ هذا التهويلِ، والتستُّر وراء الشَّيخ ربيع في هذه المسألة، وإنّي أبرأ إلى الله مِن طريقة الحدادية، مِن جماعة فالحٍ والأثري، وجماعةِ الآفاق، والحمد لله على التَّربيَّة السَّلفيَّة المتمثِّلة في ردِّ خطأ العالم من علماء أهل السُّنَّة، مع حفظ الكرامةِ، وأقول كما قال الشيخ الفقيه سليمان الرحيلي حفظه الله بخصوص هذه المسألة: "ولا يجوز أن نُغَيِّر عقائدَنا مِن أجل أنَّ شيخًا فاضلًا نُحِبُّه، قال قولًا على غير ما كُنَّا نعلم، بل نَعرف للشَّيخ فضلَه، ولا نُجيزُ جَرْحَه، ونَبقى على الحقِّ والمُعتقد الصَّحيح" (صوتية بعنوان: تفصيل حكم من لا يكفر تارك عمل الجوارح بالكلية)"
أقول: يا عدوَّ نَفْسِه هلَّا نقلت كلام الفقيه سليمان الرحيلي! بِرُمَّتِه! أم أنك تنقل عنه ما يوافق هواك ويخدم مذهبك، وتدع الذي يدينك ويرد تفكيرك، ألم يقل في صوتيته معتذرا لمن قال إنَّ تَرْكَ الأعمال بالكلية لا يكفر، وكان كلامه هذا مَبْنِيًّا على الأدلة: "لا يجوز أن يُنْسَب إلى البدعة، ونِسْبَتُه إلى البدعة حرام ... ولا ينبغي التشغيب بها ولا إثارة القلوب عليها، لماذا لا نعود إلى كلام السلف ونكتفي، الإيمان قول واعتقاد وعمل يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي، العمل من الإيمان ونكتفي"، وقارن بين فعلك وطريقتك في معالجة هذه المسألة وبين كلام العلماء الربانيين والفقيه سليمان الرحيلي! الذي نقلت من كلامه ما يوافق هواك.
أمَّا تبرؤك من مذهب الحدادية وجماعة فالح الحربي والأثري والآفاق فأنت على مذهبهم شئت أم أَبَيْت، تبرَّأت أم انتسبت، لأنه لا يُعْرَف بهذه الطريقة إلا هم.
وأما قولك عن نفسك إنك على التربية السلفية فهذه تزكيةٌ من غير سبب ولا حاجة ومن غير برهان ولا بينة، فإني أرى طريقتك هذه أنها ليست على الطريقة السلفية فإنك رددت ما ظهر لك من الخطأ من غير حفظ لكرامة العلماء بل حطًّا من شأنهم وتنقيصا من قدرهم وانتصارا لرأي الشيخ فركوس، وإلا فقل لي ما سبب إثارتك لمسألة جنس العمل التي هي خارجة عن محل النزاع، وطلبِك التحاكمَ فيها عند الشيخ العلامة الفوزان ولم يناقشك فيها أحد ولم يُثِرْها غيرُك؟
قال المتستر: " وما الأولى بالإنكار يا حمودة ومَن زجَّ بك، ومن ناصرك في الداخل والخارج بالباطل لو كان إنكاركم لله، هذه الجنايةُ التي ما بعدها جنايةٌ في العرض، أو القذف؟!، فخوفُ السِّرِّ شركٌ أكبرُ، قولا واحدا."
أقول: كذلك الحكم في القاذف: جلد ثمانين جلدة وتفسيقه وردُّ شهادته وتكذيبه قولا واحدا، ثم إن الشيخ عبد الخالق ماضي قد تاب واستغفر ووضَّح وبَيَّن، ولا يُطْلَب منه أكثرُ من هذا، أما شيخك محمد المدخلي القاذف فقد عاند وكابر، وأبى وأصر، وبقي على قذفه وما تاب واستغفر، ومن فوائد فقرتك هذه إثباتُ قذف محمد بن هادي المدخلي، فالحمد لله الذي أنطقك، ونعوذ به من اتباع الهوى الذي فضحك.
وأما قولك: "ولا شيء عند السَّلفي فوق العقيدة، أم هانت عليك العقيدةُ بعد هوان المنهجِ يا حمودة؟!"
فأقول: كلمة حق أريد بها باطل، إذ الذي يقرأ كلامك هذا، يحسب أنك لا تحابي في المنهج والعقيدة أحدا، ومن جملة ما لا يحابى فيهما مسألة جنس العمل التي أكثرت من ذِكْرِها والدورانِ حولها، ومرادك من ذلك التنقيصُ من قدر العلماء والحطُّ من شأن المشايخ والدعاة، وإلا فلماذا كنت تطلب مني أن أدعوك إلى بيتي لما يأتي المشايخ في دعوتي، وأنت على علم بمخالفتهم في هذه المسألة العقدية ومجانبتهم الحقَّ فيها!؟، وكان آخرَ مرة جلست معهم في بيتي قبل شهرين من اشتعال الفتنة في أواخر شهر شعبان، وكان أن عانقتهم وهشَشْت لهم وبشَشْت، وضممتهم كلَّهم وجلست معهم وتَعَشَّيْت، من غير ضرورة مُلْجِئَة ولا حاجة مُلِحَّة ولا مصلحة راجحة، ومع ذلك لم تُفاتِح أحدَهم في هذا الموضوع ولم تُكلمهم في هذه المسألة، بما فيهم شيخك الذي حضرت دروسه قرابة العَقدين، ثم أنت ادَّكرتَ أثناء الفتنة أن مشايخ الإصلاح ليسوا مع الشيخ فركوس في هذه المسألة! فجئت تطعن بها عليهم وتعرض بهم، وهذا هو مقصودك من خلال هذه الثرثرة التي أحدثتها ألا وهو الانتصار للشيخ فركوس لا غير، ولكنك أحد رجلين، ولا يخلو حالك من حالين:
1-إما أنك مداهن، بحيث تعرف الحق ولا تُظْهِره، وتماشي المخالف ولا تنصحه!
2-وإما أنك لا تعرف الإرجاء.

وأحلاهما مرّ، والحديث يَجُرُّ بعضُه بعضا والشيء بالشيء يُذْكَر، فإذا كان هؤلاء المشايخ الذين تطعن فيهم الآن لأجل هذه المسألة، والتي تُظْهِر للناس أنك أصّلتها منذ مدة، لماذا كنت تطلب منهم تزكياتِهم، وتلحُّ على أن تكون هذه التزكياتُ خاصَّة؟ وبالأخص تزكيةُ الشيخ الأستاذ الدكتور رضا بوشامة -حفظه الله- الذي أكثر من الطعن فيه هنا، آالمصلحة الشخصية أجازت لك أَخْذَ التزكية من المرجئة! "أم هانت عليك العقيدة بعد هوان المنهج يا متستر؟! إذ لا شيء عند السَّلفي فوق العقيدة"، ولكنه الهوى في الانتصار للشيوخ.
ومما شنعت به أيها المتستر على الأخ الشيخ خالد حمودة وأنكرته عليه أمور منها:
1- عدم قوله بمسألة جنس العمل، وهل الأعمال شرط كمال في الإيمان أو شرط صحة، فأقول لك: اعلم أن من أئمة أهل السنة والجماعة من لم يتكلم بهذه المصطلحات ولم يَرْتَضِها، كابن عثيمين والربيع (24) والعباد والفقيه سليمان الرحيلي! (25) وغيرهم، فقد سئل الشيخ العلامة المحدث بقية السلف عبد المحسن العباد حفظه الله تعالى عن حكم استعمال هذه المصطلحات فقال: "الحق في هذا أن الأعمال أنها جزء من الإيمان وأنها من الإيمان، والإيمان هو قول واعتقاد وعمل فالواجب هو الإتيان بهذا الذي درج عليه السلف وهدي الأمة...ثم أكَّد عليه السائل عن التعبير بهذه المصطلحات فقاطعه الشيخ قائلا: نقول كما قال السلف: قول واعتقاد وعمل والعمل جزء من الإيمان." (26).
2- إنكارُك عليه جَعْلَ هذه الكلمة "جنس العمل" محدثة لم يتكلم بها أئمة أهل السنة والجماعة، فأقول لك: ممن قال بأنها محدثة من العلماء ابن عثيمين (27) والربيع (28) وعبيد وهو المتخصص في العقيدة (29) والفقيه سليمان الرحيلي!(30) ويشير إلى ذلك صنيعُ الشيخ العباد، بل وَصَفَ الشيخ ابن عثيمين هذه الكلمة بأنها "كلام لا معنى له" وأنها "طنطنة لا فائدة منها"، وحكم على من يُدَنْدِنُ حولها وليس له همٌّ إلا الكلام عنها كما هو الظاهر من حالك بأنهم: "ممن يريدون سفك الدماء واستحلال الحرام" أي التكفير(31)، ومرادهم بقولهم "محدثة" أي: أنه لم يأتِ ذِكْرُها في الكتاب والسنة، ولم يتكلم بها الصدر الأول من هذه الأمة، أهلِ القرون المفضلة وعلى رأسهم الصحابة رضوان الله عليهم، وكون شيخ الإسلام رحمه الله تكلم بها لا يعني ذلك أنها من اصطلاحات أهل السنة، وأنها من صميم الكلام في العقيدة، فقد يتكلم أهل السنة بالألفاظ التي أُحْدِثت من باب بيان وجه الحق منها، خاصة التي انتشر استعمالها وكثر تداولها، فتنبه لهذا فإنه مهم في مثل هذه المسائل.
3- إنكارك عليه جعله كلمةَ "جنس العمل" من الكلمات المجملة التي تحتمل معنى حقا وآخرَ باطلا، فأقول لك: كلامه هذا حق لا شيء فيه، إذ هكذا يتعامل مع الكلمات المحدثة المجملة، لا تُثْبَت مطلقا كما تَفْعَل أنت ولا تُنْفَى مطلقا، بل يُنْظَر في المعنى الذي أراده المتكلم بها كما قرر ذلك أهل العلم في الكلمات المحدثة المجملة ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية (32) وغيره، فهذه الكلمة مما تُوُصِّل بها إلى الطعن في أئمة أهل السنة في هذا العصر كما هو حالك، وكما فعل مستحدثها سفر الحوالي في كتابه المعروف في طعنه في الشيخ الألباني ورميه بالإرجاء، وقد سئل الشيخ الألباني عن كتابه ذاك -والذي دندن في حواشي مجلده الثاني كثيرا حول هذه الكلمة، إن لم يكن هدفُه منه ترويجَها في أوساط الشباب لأجل الطعن في العلماء- فقال عنه: "خارجية عصرية" (33) فانظر إلى توافق نظرة هذين الإمامين-الألباني وابن عثيمين- فيمن يدندن حول هذه الكلمة، فاحذر أن تكون ممن سَمَّوْا وأن تدخل فيمن عَنَوْا، وعليه فلا يُنْكَرُ على الشيخ خالد حمودة عدمُ قوله بها لا نفيا ولا إثباتا، والعجيب منك أنك تذكرها وتستدل بها وكأنها من الكلمات المحكمة ذاتِ المعاني الواضحة التي أجمع على القول بها علماء الأمة! ورحت تستشهد على ذلك بما لا يُسْعِفُك من كلام أهل العلم، بل إن الشيخ الفوزان نفسَه سئل عن جنس العمل ما هو؟ فقال: "والله ما أدري، اسأل اللي-أي الذي-قاله أنا ما قلته" (34)، وأَقَلُّ ما يستدل بهذا الكلام أن الشيخ الفوزان يرى أن هذه الكلمة من الألفاظ التي يُبحَث فيها عن مراد المتحدث بها.
4- إنكارك عليه عدم قوله عن الأعمال: شرط كمال أو شرط صحة، وتعليله عن عدم قوله ذلك أن الشرط من لازمه أن يكون خارجا عن ماهية الشيء، فأقول لك: ممن علل بهذا التعليل من الأئمة الربيع (35) والعباد (36) حفظهما الله وكذا الفقيه سليمان الرحيلي! (37)، فماذا أنت قائل؟ وبِمَ أنت حاكم؟
ثم إنك لم تقف عند هذا الحدِّ فحسْب، بل آخذت الأخ خالدا بلازم قوله وجعلته يطعن في شيخ الإسلام ابن تيمية، لأنه رحمه الله ممن استعمل هذه اللفظة، فيقال لك: هب أن خالدا أخطأ في التعامل مع هذه اللفظة، فهل يلزم من ذلك أن يكون طَعَن فيمن تكلم بها واستعملها، كما هو مذهبك وتريد أن تحكم به؟ الجواب: لا، لأن "لازم المذهب ليس بمذهب" على تفصيلٍ معروفٍ عند العلماء (38)، وأنت تعلم أن الأخ الشيخ خالدا ممن يحترم شيخ الإسلام ويقدِّره ويرجع إليه ويستفيد منه، بل ويدافع عنه، فكيف يطعن فيه؟ فإن أبيت إلا أن تلزمه بالطعن فيه، فاحكم على العلماء المشايخ ابن عثيمين والربيع والعباد وكذا الفقيه سليمان الرحيلي! بأنهم يطعنون في شيخ الإسلام إن كنت شجاعا.
وأقول لك ختاما لهذه المسألة: إن السلف وقع بينهم خلافٌ في إطلاق لفظة النقصان على الإيمان، لأنهم لم يجدوا هذه اللفظة في نصوص الوحيين السنةِ والقرآن، فتَوَرَّعُوا عن القول بها لا إنكارا لها بل وقوفا مع ألفاظ الكتاب والسنة وما كان عليه الصحابة خيرُ هذه الأمة، ومع ذلك لم يُعَنِّفْ أحدُهم على الآخر ولم يلزم القائلُ بها غيرَه بل عذر كلٌّ منهم صاحبَه، لذا ينبغي عليك وعلى أمثالك نَقْلُ ما اتفق عليه أهل السنة والجماعة من المتقدمين والمتأخرين واستقرَّ قولهم عليه والامتحانُ به، من أن الإيمان: قول واعتقاد وعمل يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، وأن العمل جزء من الإيمان، فمن قال هذا فقد برئ من الإرجاء ولا يطلب منه أكثرُ من هذا ، ولست أعرف أحدا من العلماء امتحن بغير الذي ذَكَرْتُ، وإن شئت فافتح كتب العقائد المبسوطةَ والمختصرة تجدْ أصحابها لا يذكرون إلا الذي قُلْتُ، لذا لما تكلم الشيخ الفوزان في عبد العزيز الريس أول مرة بسبب كتابه الإلمام شرح نواقض الإسلام الذي كنتَ أحدَ المفتونين به الْمُشَهِّرِين له، كتب عبد العزيز الريس تبرئة جاء فيها ذكرُ معتقد أهل السنة في الإيمان مما سبق ذِكْرُه من أن الإيمان قول واعتقاد وعمل يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، وتَبَرَّأَ من مذهب الخوارج والمرجئة، فأقره عليه الشيخ الفوزان ولم يطلب منه غيرَ ذلك، غير أنه تلاعب بكلام الشيخ بعد خروجه من عنده وأوَّله على حسَب فهمه، مما جعل الشيخ الفوزان يتكلم فيه مرة أخرى.
ومن عجائبك أنك أكثرت من ذكر مسألة جنس العمل وشَغَّبْت بها على الأخ خالد حمودة، ولم تأتنا بتعريف لها ولم تُفْصِح لنا عن مرادك منها، فالله المستعان، فإن أبيت إلا الخوض في هذه المسألة ولم تهدأ نفسك إلا بالكتابة، فاكتب كما يكتب أهل العلم والحق وفصِّل كما يُفَصِّل أهل الفهم والحِذْق، وإلا فاعتزل الحلَبة ولا ترجع إلى فتح هذا الموضوع أبدا.
فَدَعْ عَنْكَ الكِتَابَةَ لَسْتَ مِنْهَا ... وَلَو سَوَّدتَ وَجْهَكَ بِالمِدَادِ
قال المتستر بعد أن نقل كلاما للشيخ خالد: "هذا كلام خطير، يَفوح تعالما وتطاولا وطعنا في أهل الحقِّ، ألقاه حمودةُ على مسامع شباب أهل السنة والجماعة."
أقول: كلمة يفوح لا تُطْلَق إلا على من له رائحة طيبة، وعليه فإنك تكون قد مدحته من حيث ظننت أنك تذمه، فينبغي عليك تصحيحها بـ "يفوح علما وتواضعا"، كما كنت تقول لنا عنه سابقا: "إنه صاحب علم وتواضع".
قال المتستر: "أمَّا شيخُك رضا، فهو مخالفٌ للحقِّ فيها يَقينا، وأنت على ذلك من الشَّاهدين، إي والله، مِن الشَّاهدين على مُوافقة رضا للأشعري، إنكارَه على الأخ محمد كربوز، إصرارَه إظهارًا للحقِّ على ذكرِ المسألة في رسالته للماجستير، يومَ مناقشتها (17/03/2015)، وكان شيخُك رضا، قد أراد أن يُرجع المسألةَ إلى الاختلاف في أربعة المباني، على طريقة إبراهيمَ الرحيلي."
أقول: لم يكن الشيخ خالد حاضرا يوم مناقشة رسالتك، فكيف تشهده على شيء كان غائبا عنه؟ وفي قولك: "مُوافقة رضا للأشعري" إيهام أن المسألة خلافية بين الأشاعرة وأهل السنة، والأمر ليس كذلك لأن الذي يقرأ كلامك هذا يظن أن الشيخ رضا وافق الأشاعرة في المسألة، ومعلوم لديك وغير خاف عليك أن من أئمة أهل السنة في هذا العصر من قال بها، ثم إن الشيخ رضا بوشامة -حفظه الله- وهذا الأشعري! وكذلك المشرف على رسالتك! قد أنكروا عليك إثارة هذا اللفظ والدندنة حوله، ولست أعرف أحدا تكلم عن هذا اللفظ في رسالته الجامعية سوى سفرٍ الحوالي في رسالته في الدكتوراه "ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي" وأنت في رسالتك في الماجستير، وقد سبق النقلُ عن الأئمة المعاصرين في النهي عن الخوض في مثل هذه المصطلحات، والله الموفق للحق وهو الهادي إلى سبيل الرشاد، ثم تزيد فتقول: "على طريقة إبراهيمَ الرحيلي." وكأن الشيخ رضا أخذ هذه المسألة من إبراهيم الرحيلي وقلَّده فيها، وهذا من ظنونك الكاذبة وأوهامك الخاطئة.
قال المتستر: "وإيّاك أن تَفجُر في الخصومة، أو تُعانَ على ذلك، فتقول: "لقد أظهر رضا يومَها جهلَ كربوز بالألفاظ العربية" وكان لفظًا واحدا" فإنَّ الطَّعنَ في أهل السُّنَّة لأخطائهم اللغوية، وتعظيمَها على حساب الأخطاء المنهجيَّة أو العقديَّة، طريقةُ الحزبيين، وأهل البدع، والروافض."
أقول: كلامك هذا فيه تعريض بي من جهتين:
الجهة الأولى: قولك لأخي الشيخ خالد مُعَرِّضا بي: "وإيّاك أن تَفجُر في الخصومة، أو تُعانَ على ذلك،..."
فأقول: اعلم أن فضيحتك التي حصلت لك يوم مناقشة رسالتك في الماجستير لم تخطر ببالي أن أخبر بها أحدا، لا خالدا ولا غيرَه، ولم أخبر بها أحدا إلى الآن ولا أخبر بها أحدا بإذن الرحمن، ولست في المستوى الذي تعيشه أنت من الظنون الكاذبة والأوهام، لكن الذي أشهد به أن الشيخ رضا بوشامة المتفرِّسَ كشف يومَها عن جهلك المركب باللغة العربية، وسبب ذلك أنك أخذت ترجمة غيرك، ووضعتها في رسالتك، من غير قراءة لها أو إشارة إلى ذلك، فسألك الشيخ عن لفظة فيها فحصل لك ما حصل من إحراجك وارتباكك، وظهور تعالمك وجهلك.
أما الجهة الثانية: فهي قولك مُعَرِّضا بي: "فإنَّ الطَّعنَ في أهل السُّنَّة لأخطائهم اللغوية، وتعظيمَها على حساب الأخطاء المنهجيَّة أو العقديَّة، طريقةُ الحزبيين، وأهل البدع، والروافض."
فأقول: اذكر لي من طَعَنَ في أهل السنة لأجل أخطائهم اللغوية على حساب الأخطاء المنهجية أو العقدية، من الحزبيين! وأهل البدع! والروافض! وأكِّد لي في ذلك على الروافض، فإني لا أعرفهم إلا لُحَنَةً.
ثم إن مفهوم كلامك يدل على أنه حتى يكون العبد على طريقة أهل السنة الأقحاح، أنه إذا طعن (39) في أهل السنة! لأخطائهم اللغوية! لابد عليه ألا يُعَظِّمَها على الأخطاء المنهجية والعقدية، فها أنا قد ذكرتُ لك من أخطائك العقدية والمنهجية وعَظَّمْتُها لك: كَجَعْلِك مصطلحا بدعيا أصلا وهو "التهميش"، وانتصارِك لفتوى إحراقِ كتبِ أهل السنة الذَّابَّةِ عن أعراض الصحابة، وتحريفِك لفتاوى العلماء لأجل الانتصار لتلك الفتوى الحدادية، وكَذِبِكَ عليهم في نسبة هذه الفتوى الجائرة البدعية إليهم، وتعريضِك بالعلماء الأكابر والحط من أقدارهم، وانزعاجِك وتَضَايُقِك من حكم الله الشرعي على محمد بن هادي المدخلي وهذه الأخيرة ثالثة الأثافي وداهية الدواهي، وفي المقابل لا أُعْدِمُك فوائدَ لغوية ولا أُعَظِّمُها على أخطائك العقدية والمنهجية، حتى لا تشمَلَني تأصيلاتُك الخيالية ولا قواعدُك الذهبية!؟، فقد سبق وأن ذكرتُ لك في الرد الأول فائدةً إملائية، وَأُثَنِّي لك هنا بأخرى صرفية، فإنك أهلٌ للفائدة اللغوية، حيث إنك ضبطتَ كلمة"صعفوق"(40) بضم الصاد، والصواب فيها أنها بفتحها لا بضمها، خلافا للقاعدة والقياس لأنها أتت هكذا بالسماع، فهي الكلمة الوحيدة التي شذَّت عن القاعدة الصرفية، والتي اتفق على فتح أوَّلِها علماءُ اللغة العربية (41)، إذ كل ما جاء على وزن فُعْلُول فهو مضموم الفاء أي حرفِه الأولِ كـ: بُهلول وحُرْقوص... إلا كلمةَ صَعفوق فهي بالفتح، كما نقل ذلك الحراني عن ابن السكيت (42)، ولو أدرك أسماء بعضكم لجعلها من جملة ما يُستثنى، ككلمة "كَرْبُوز" مثلا.
ومن عجيب هذه اللفظة أنها كما شذَّت في بنائها، وخالفت نظائرها في قياس تصريفها، فقد شذت أيضا في تطبيقها وأساء مستعملوها في تنزيلها، فإن معنى الصعافقة في اللغة قوم يشهدون السوق للتجارة ليست لهم رؤوس الأموال، فإذا اشترى التجار شيئا دخلوا معهم، فحُمِل هذا المعنى اللغويُّ واستُعِيرَ في المعنى الاصطلاحي، قال الشعبي رحمه الله: "ما جاءك عن أصحاب محمد ‘فخذه، ودع ما يقول هؤلاء الصعافقة.".(43) قال أبو عبيدٍ القاسمُ بنُ سلَّام: "أراد الشعبي أن هؤلاء ليس عندهم فقه ولا علم، بمنزلة أولئك التجار الذين ليست لهم رؤوس أموال." (44) فانظر كيف ركَّز على العلم والفقه ونصَّ عليهما، وجعلهما مناط الحكم على الآخرين بالصعفقة، فكل من لم يكن صاحبَ علم ولا فقهٍ وتَكَلَّم فيما لا يُحْسِنُه وزاحم العلماء بجهله فهو الصَّعفوق.
ولك أن تنظر فيمن يَلُوكُ هذه الكلمةَ الآن من أبناء جلدتنا وغيرهم، فإن كلَّ من استعمل هذه اللفظة وخاض في غمار هذه الفتنة، قد ولج بابا عظيما من أخطر أبواب الدين ألا وهو الحكم على الآخرين، فالمفرقة ليس فيهم من أهل العلم الْمُتَمَكِّنِين، وإن كان ثَمَّةَ منهم فليسوا من المتخصصين، وبابُ "الحكم على الرجال" و"الجرح والتعديل"، باب خطير جليل، ليس لكل من هبَّ ودبّ، وليس للأوغاد كما قال الشيخ ربيعٌ إمامُ هذا الباب، والمفرقةُ رؤوسا وأتباعا مُقَلِّدَةً ومُقَدِّسَةً زاحموا العلماء في هذا الباب وتسوَّروا هذا المحراب فأتوا فيه بالعَجَب العُجاب، والعجيب أنك تجدهم يُنَزِّلونها على مشايخَ كبار وطلبةِ علمٍ أخيار، وهذا إن دل فإنما يدل على جُرْأَتِهم في اقتحام هذا العلم وجهلهم بهذا الفن، وأنهم ليسوا أهلا للصَّدارة فيه والكلام، فضلا عن أن يُصْدِروا في حق إخوانهم الأحكام، وخير دليل على ما أقول وأكبر شاهد على هذا المنقول، صوتياتُهم المسرَّبة وكتاباتهم المستغرَبة، التي تخرج بين الفينة والأخرى والتي تسمع منها جعجعة ولا ترى طِحْنا.
وبهذا تفهم وجه قول الشيخ العلامة ربيع منكرا عليهم مقولتهم هذه حيث قال: "يقولونها في دكاترة وأصحابِ شهادات ماجستير" أي أن هؤلاء الموصوفين بالصعافقة أصحابُ شهاداتٍ أكاديمية وكفاءاتٍ علمية قد خرجوا بها من رِبْقَة الجهل والصَّعفوقية، فكيف يوصفون بهذه الكلمة!، ويتبين لك أيضا وجهُ إنكار الشيخ توفيق عمروني لهذه الكلمة الذي أثار تعجُّبَك وحيَّر فهمك، فهو لم ينكر هذا المصطلح كمصطلح، وإنما أنكر تنزيله على من ليس كذلك والتساهلَ في إطلاقه والتَّوَسُّعَ فيه.
فحُقَّ لكلمة شذت في اشتقاقها وتصريفها، وأُسِيء في استعمالها وتطبيقها، أن تُتْرَك ولا تُسْتَعْمَل، فالشاذُّ يُحْفَظ، وكأني بأبي النَّجْمِ العِجْلي يحكي حالنا الآن مع حالكم وما آل إليه أمركم في قوله:
يَوْمٌ قدرْنا والعزيزُ من قَدَرْ ... وآبَتِ الخيلُ وقَضَّيْنَ الوطَرْ
من الصَّعافيق وأدركنا المِئَرْ.
قال أبو عبيدٍ القاسمُ بنُ سلاّم معلقا على هذا النظم من الكلام: "أراد بالصعافيق أنهم ضعفاء ليست لهم شجاعة ولا قوة على قتالنا" (45)، وأنا أقول لك ولأمثالك أنتم ضعفاء ليست لكم قوة على مُجابَهَة أهلِ الحق من الرجال الصادعين به، وأنتم جبناء لا شجاعة لكم في الجلوس والنقاش معهم، لذا صِرْتُم تتشبهون بذوات الخدور، من الاختفاء والسَّبِّ من وراء الستور، والافتراءِ على إخوانكم بالبهتان والفجور، والشهادةِ عليهم بالكذب والزور.
فهذان معنيان لهذه الكلمة ذكرتهما لك نقْدا، ونسَّأت لك معانيَ أخرى لتبحث عنها بحثا، فارجع مأمورا إلى كتاب "العين" للخليلِ بنِ أحمدَ الفراهيدي، فقد زاد على هذين المعنيين ثلاثةً من المعاني، فصار مجموعُها خمسة، وكلها مُتَفَرِّقَةٌ في أعيان الْمُفَرِّقَة ومجتمعة في آحاد المصعفِقة، ولا إخالك إلا مُسْتَجْمِعًا لأكثرها، فقد ظهر منك الضعفُ واللُّؤم والجهل والجبن، فعجبا لقومٍ يَجْتَرُّون كلمةً لا يُحْسِنون نُطْقَها ولا يعرفون حقيقتها، وهي تنادي عليهم بمعانيها، يا هؤلاء أنتم أولى بها، فأنتم أحق بهذه الأوصاف وأهلُها، وهنيئا لكم اتصافُكم بها.
وأقول لك أيها المتستر: هذه فائدة لغوية تلوح بفائدة منهجية، أدعوك لأخذها بقوة والنظرِ فيها بِجِدِّيَّة، وَأْمُرْ مَنْ وراءَك يَتَمَعَّنُوا في معانيها، حتى لا ترجع أنت وأضرابُك إلى التلفظ بها مرة أخرى، لأنها تنطبق عليكم حذو القذة بالقذة، فإني أعظكم أن تعودوا لمثل هذه الكلمة أبدا.
فرحم الله الشيخَ العلامة المحدث ربيعا لما قال: "الذين يطعنون في إخوانهم بأنهم صعافقة، هم الصعافقة"، صدق وبرَّ حفظه الله، فالمصعفقة المفرقة هم بحقٍّ من يوصف بالصعافقة، وأقول لكل من رمى بهذه الكلمة مشايخَنا وإخواننا: هذه بضاعتكم ردت إليكم، ومن خلال هذا التقرير المسطَّر يظهر للقارئ جهلُ ذيَّاكَ الإمامِ المستأجَر، الذي خطب بهذه الكلمة يوم الجمعة على المنبر، فخرج المصلون من عنده ما بين مستغرب ومستنكر، فإلى الله المشتكى من تَغَيُّرِ الأيام وتَنَكُّرِ الإخوان وتطاول الغلمان وامتطاءِ المفرِّقةِ هذه الأتان.
قال المتستر: "ثمَّ نأتي الآن إلى المقصود من تستُّرك بالشيخ العلامة ربيع، في هذه المسألة، وهو سترُ عورتك، بل سوءتِك فيها، وقد كنت مستورا، ولكن أبى اللهُ إلَّا أن يقدِّر ما يَكشفها، ولله في خلقه وتدبيرِه شؤون."
أقول: لست أدري ما الذي ألجأ إلى الإتيان بالإضراب في قولك: "وهو سترُ عورتك، بل سوءتِك فيها" فالعورة هي السوءة وزنا ومعنى، وهي كل ما يسوء الإنسانَ كَشْفُه ويجب عليه سَتْرُه، وأنت أتيت هنا بحرف الإضراب "بل" وهو إلغاء ما قبلها من الكلام الأول المتقدِّم وإثباتُ الثاني المتأخِّر، والمراد من هذا كله أن تأتي بفائدةٍ جديدة ومعنًى زائدٍ، وعليه فلا معنى لهذا الإضراب إلا أن تُريد به المعنى المخصوصَ من كلمة السوءة وتَقْصِدَ به الفُحْشَ في المخطابة، وما يَسْتَحْيِي من ذكره أصحاب الأدب والمروءة، ولا تقل لي لست أقصد هذا، لأنك قد أوضحتَ في كلامٍ لك للأخ خالد بأنك ستكلمه بكلام الشارع حيث قلت له: "الظاهر أن لغة العلم لا تنفع فيك وفي المتعصبين لباطلك، لعل لغة الزنقة (46) –لغة ماضي الطعان في الشيخ فركوس- هي التي تنفعك"، فإنك أَبَيْتَ إلا أن تخرج عن لغة العلم التي ضِقْتَ بها ذَرْعا، وتَفْحُشَ في الكلام الذي وجدتَ فيه مُتَنَفَّسا ومُتَّسَعا، فنعوذ بالله من مساوئ الأخلاق والأقوال والأهواء والأعمال، وأما وَصْفُك لِلُغَة الشيخ عبد الخالق ماضي بلغة الزنقة، فأقول لك إجابة عنه: "رمتني بدائها وانسلت"، لأنني لا أعرف الشيخ عبد الخالق فاحشا بذيئا، وإنما المعروف بذلك هو أنت كما في حسابك وكتابتك هذه.
قال المتستر: "وسُمِعَ أحدُهم يَنصَح القواريرَ، بكتاب: "التعريف والتَّنبئة" للحلبي، بعد خَمسِ سنواتٍ من تَحذير علماء اللَّجنة الدَّائمة منه!!".
أقول: لم أفهم على مَن يرجع الضمير مِن كلمة "منه"، فإن كنت تقصد به آخر مذكور وهو الحلبي فاللجنة الدائمة لم تحذر منه وإنما حذرت من كتابين له، أما هو فنصحته بتقوى الله وألا يبتر كلام شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره من علماء الأمة، وأن يكون أمينا في نقولاته وألا يحرفها إلى آخر ما جاء في الفتوى (47)، وكأنك تُصَوِّر لمن يقرأ لك ومن لا يعرفك، أنك تحذر من الحلبي من قديم من يوم أن حذرت اللجنة الدائمة منه! ولكن الأمر ليس كذلك بل لم يُسْمَع لك تحذيرٌ منه وطَعْنٌ فيه إلا بعد كلام الشيخ ربيع فيه، فلا تُلَبِّسْ على القارئ، وأنت الذي لا تحابي في مسألة الإيمان أيَّ أحد!؟ أما إن كنت تقصد أنها حذرت من كتاب "التعريف والتنبئة"، فهذا من تخليطك وعدم ضبطك، فهي لم تحذر من هذا الكتاب وإنما حذرت من كتابين آخرين له، فارجع وأعد البحث عن الكتاب الذي حذرت منه.
ثم إن المسألة في ذلك الوقت كانت شائكة حتى إن الحق لم يظهر فيها لكثير من الطلبة فضلا عن غيرهم، حيث كان الحلبي يُرَوِّج عن الشيخ العلامة ابن عثيمين وينقل عنه استياءه من قرار اللجنة الدائمة فيه، وما أدراك ما الشيخ العلامة ابن عثيمين! بل من العلماء الذين تستشهد بهم في مقالك هذا مَنْ جعل الخلاف بين اللجنة الدائمة والحلبي خلافا لفظيا صُورِيًّا لا حقيقيا جَوْهَرِيًّا، فتذكَّر ولا تُنْكِر!
ثم لنا أن نتساءل عن هذه القارورة التي أدلت بشهادتها الآن، لماذا بَقِيَت تحضر عند هذا الشيخ الذي نصحها وأخواتِها بهذا الكتاب؟ لماذا لم تُنْكِر على الشيخ وتَنْصَحْ له؟ لماذا لم تتوقف عن الحضور لدروسه؟ لماذا لم تُرَاسِلِ العلماء للسؤال عن هذا الشيخ كما كانت تراسلهم للسؤال عن أمورها الشخصية؟! ثم هي ادَّكرت بعد مدة وأثناء الفتنة أن الشيخ الذي كانت تحضر عنده وتُظْهِر لأخواتها أنها من تلامذته، كان قد نصحها بهذا الكتاب! أتدري لماذا؟ لأنه أصابها ما أصابك من التقديس والغلو والتنكر للشيخ كما تَنَكَّرْتَ أنت له.
وهنا حقيقة قد غَيَّبْتَها يحسن بالقارئ معرفتُها، ولا بد على الناس أن يقفوا على حقيقتها، وهي تخبطك في مسائل الإيمان وأقصد بالذات مسألةَ جنس العمل، التي أنت حولها تدندن، فلست أعرف أحدا حصل له الخلط في هذه المسألة أكثر منك، والتي جئت تقررها في مقالك وأكثرت من ذكرها في حسابك، فمن يقرأُ لك فيما يخص هذه المسألة من الإيمان يحسَبُ أنك حققتها من زمان، ويظن أنك من أول ما أثيرت وقولُك قولُ الإمام الفوزان! وأكتفي هنا بذكر صورة من صور تخبطك في هذه المسألة وهي قريبة العهد بنا، فلعلك تتذكر ولا أظنك لا تتذكر، يوم أن أخرج عبد العزيز الريس كتابه "الإلمام شرح نواقض الإسلام"، هذا الكتاب الذي قال عنه الشيخ العلامة عبد العزيز آل الشيخ: "فيه إرجاء شديد" (48) فسارعت إلى شرائه واقتنائه، وحاولت تقرير تدريسه على إخوانك والإفادة منه، والأمر المحيِّر فيك والذي يُسْتَغْرَب منك، هو إعجابك بكلامٍ فيه نَقَلَه عن شيخ الإسلام ابن تيمية استدل به على هذه المسألة العقدية، والأغرب من هذا كله أن الشيخ الفوزان حكم على عبد العزيز الريس بالإرجاء من خلال هذا الكلام، لسوء فهمه كلامَ شيخ الإسلام وإساءةِ تنزيلِه لكلام هذا الإمام (49)، وهذا يدل على أنك لا تفهم ما يذكره العلماء من تقريرٍ في دقائق مسائل الإيمان، فلما حذر منه الشيخ الفوزان لأجل هذه المسألة التي فُتِنْتَ بها وفَتَنْتَ بها غيرَك صِرْتَ تحذر منه الإخوان، ونَسِيتَ أو تَناسَيْت أنك كنت تفيد منه إخوانك الذين كنت تُدَرِّسهم العقيدة والتوحيد! وتُشِيد بذكر الكتاب كثيرا، إن لم تكن قررته عليهم تدريسا، فجاءني بعضهم وقال لي: "ما باله يحذرنا من هذا الكتاب ومؤلفِه ويقول فيه إرجاء! وقبل أيام كان يدرس منه ويثني عليه أَيَّمَا ثناء، هذا رجل لا يفقه مسائل الإيمان ولا يعرف شيئا عن الإرجاء!" نعم هكذا قال لي الأخ، فكنت أعتذر لك وأقول له: إنه تَبَعٌ للعلماء ولم يكن ظهر له وجه الإرجاء في الكتاب وغيرَها من الأعذار التي كنت أعتذر بها، ولست هنا لِذِكْر تاريخك ولا نَثْرِ تعاجيبك، فتاريخك مملوء بالغرائب! ولكن أذكر منه ما نحتاج إليه والأهمّ، ولو شئتَ زِدتُك والبادئ أظلم.
تنبيه: الملاحظ في كتابة هذا المتستر أنه إذا ذكر محمد بن هادي المدخلي كَتَبَه خِلْوًا من النسبة، فيقتصر على كتابة محمد بن هادي، أما عند ذكره لعبد الواحد أو فواز فإنه يزيد نسبة المدخلي، أما الشيخ ربيع ففي بعض المواطن دون الأخرى، المهم أنه نسبهم إلى المدخلي، فيكون قد بَيَّن للقراء أن المداخلة هم هؤلاء المنسوبون أما غير المنسوب فليس منهم، والسر في هذا كلِّه لأجل إلصاق تهمة المدخلية بهم وتبرئة متبوعه محمد بن هادي المدخلي منها، كما يتخيل ذلك في ذهنه المخبول، ولست أقول هذا جزافا ولا من قبيل التخمين، بل هذه النتيجة حق ويقين، فقد ذكر لنا (50) ونشر بين إخواننا أن من جملة الأمور التي نقمها على مشايخ الإصلاح في بيانهم السلفي "براءة للذمة" أنهم لما ذكروا محمد بن هادي المدخلي ذكروه منسوبا ولما ذكروا الشيخ ربيعا لم ينسبوه، وقصدهم من هذا كله إلصاقُ تُهْمَةِ المدخلية بمحمد بن هادي المدخلي! وجَعَل هذا مما يَطْعَن به في البيان ويُنْقِص من قيمته بين الأنام (51)، وهذا من هذيانه وبَهْتِه، وقلةِ تفكيره وسوءِ ظنه.
وليكن مطمئنا فإن الجهة التي يخشى أن يلتبس عليها حالُ الرجلين، ويظنُّ أنه لا يظهر لها الفرقُ بين الشخصين، تَعْرِفُ حقَّ المعرفة الشيخَ العلامة ربيع بن هادي المدخلي الذي يدعو إلى الاجتماع ويحذر من التفرق وبين القاذف محمد بن هادي المدخلي الذي ينهى عن الاجتماع ويدعو إلى التفرق، وكَلامُهُما في هذه الفتنة مسموع عند المخالف والموافق وكتاباتهما بلغت المغارب والمشارق.
ولكن كما قال الشاعر:
إِذَا سَاءَ فِعْلُ المرءِ سَاءَتْ ظُنونُه ... وَصَدَّقَ مَا يَعْتادُهُ مِنْ تَوَهُّمِ.
ثم ها أنت قد وقعت فيما رميت به غيرك، فجئت بهذه البَهْدَلَة التي ما سبقك بها أحد من إخوانك، فأظهرت سوء ظنك وانحطاط تفكيرك ودناءة أخلاقك.
ثم تحسَب أنك بهذا قد غَمَمْتَ نسبةَ محمد بن هادي المدخلي عن غيرك وألصقت تلك النسبة بمن ذكرت، فتكون قد أديت حق شيخك وحفظت عرض متبوعك ودافعت عن سيدك!؟.
ولا يستغرب القارئ من تصرف هذا المتستر فـ"هذا الضَّرْبُ من الناس من أغرب أشكال بني آدم، فسبحان من نَوَّع خلقه كما أراد، وسبق في قدره ذلك." (52).

يتبع إن شاء الله...

وكتب: حسين شريّط

الحاشية:
(1) تُنْظَر معاني هذه الكلمات في: المخصص لابن سيده 1/223 وكتاب الأفعال لابن القطاع 2/447 و111 و3/368.
(2) رابط صوتية الشيخ توفيق عمروني في مجلس بوفاريك https://youtu.be/99S2AkdwKdU.
(3) تنظر تغريدة تلميذ وخرِّيج الشيخ فركوس الحاج عيسى في التويتر https://5.top4top.net/p_1451joaj20.jpg.
(4) رابط فيديو الذي شهد فيه ناصر الدين الميلي على أن الشيخ فركوسا أنه كان يحذّر من الفكر المدخلي https://youtu.be/KSahNd2DdGo.
(5) رابط تغريدة صاحب حساب "محب الصدق وذام المراوغة" https://4.top4top.net/p_1454n2x3j2.jpg.
(6) رابط صوتية الشيخ العلامة الفوزان في معنى كلمة "عاهر" https://youtu.be/C3BY849bmTU، ورابط صوتية الشيخ فركوس https://youtu.be/CVKYrxdgLvY.
(7) البخاري 3475 ومسلم 1688.
(8) شرح القواعد الأربع للشيخ صالح آل الشيخ ص17.
(9) انظر رابط تغريدة "محب الصدق وذام المراوغة" https://2.top4top.net/p_1454ha6uc1.jpg.
(10) الأم 8/112.
(11) انظر تفسير القرطبي 15/138.
(12) الكلام الجيد العالي للمعنى المراد هو المستخفي لا المختفي، لأن كلمة المختفي تعني المظهِر المستخرِج وقد يراد بها معنى المستخفي توسعا فتكون من الأضداد، وكلمة المستخفي معناها "المتواري الْمُسْتَتِر"، وهذا هو المعنى الذي قصده المتستر.
(13) الدرس السابع عشر من شرح معارج القبول لحافظ حكمي، وكان تاريخ الدرس 12 رجب 1440ه الموافق لـ 19 فيفري 2019م، رابط الصوتية http://bit.ly/2CMd43ks.
(14) رابط المقال من موقع الشيخ فركوس https://ferkous.com/home/?q=tawjih-13.
(15) رابط المقالات الأربع في الرد على صوتية محمد بن هادي المدخلي المعنونة بـ: "الإبانة عن أوهام وأغاليط ما في الكنانة"، الحلقة الأولى: https://is.gd/umK5iI، الحلقة الثانية: https://is.gd/uZU116، الحلقة الثالثة: https://is.gd/Aihple، الحلقة الرابعة: https://is.gd/xnhMQ5.
(16) رابط صوتية الشيخ عبيد إلى جمعة https://youtu.be/RBNGHTaS1dQ.
(17) رابط كتابة يونس بن حجر http://www.tasfia-tarbia.org/vb/showthread.php?t=24001.
(18) رابط كتابة جمعة وتعليقه على كتابة يونس بن حجر https://1.top4top.net/p_1454lgsyb5.jpg.
(19) قاله د.جمعة في تصريحه ص7.
(20) من تقديم الشيخ العلامة الفوزان على رسالة "الحقوق والواجبات على الرجال والنساء في الإسلام" للشيخ العلامة ربيع المدخلي ص6، سنة الطبع 1426ه-2005م.
(21) انظر صورة غلاف رده المسمى "صرع الطعان العياب" https://3.top4top.net/p_1454goxx02.jpg.
(22) أجوبة للشيخ رحمه الله عن أسئلة موجهة إليه من قبل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لدولة قطر، المعروفة بـ"الأسئلة القِطْرِيَّة".
(23) شرح الأربعين النووية للشيخ ابن عثيمين ص337-338.
(24) رابط صوتية الشيخ ربيع المدخلي https://youtu.be/dGq3sYCdZBw.
(25) رابط صوتية د. سليمان الرحيلي https://youtu.be/juHDAbm0g0M.
(26) شرح سنن الترمذي رقم الشريط 284.
(27) كما سبق ذكره وسيأتي نقله.
(28) دحض أباطيل عبد الحميد الجهني التي أوردها في كتابه المسمى زورا بالرد العلمي -الحلقة الثانية-للشيخ العلامة ربيع المدخلي.
(29) رابط صوتية الشيخ العلامة عبيد الجابري https://youtu.be/nroxnIQ3A5Y.
(30) رابط صوتية د. سليمان الرحيلي https://youtu.be/juHDAbm0g0M.
(31) هذه الأوصاف ذكرها الشيخ في أجوبة له رحمه الله عن أسئلة وُجِّهَت إليه من قبل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لدولة قطر، المعروفة بـ "الأسئلة القِطْرِيَّة".
(32) انظر درء تعارض العقل والنقل 1/76.
(33) رابط هذه الكلمة https://youtu.be/1u2pCDJ2Gwc.
(34) من مقال للأخ أبي جميل الرحمن الجزائري في التصفية والتربية السلفية بعنوان: "كلام الشيخ ربيع في –جنس العمل-في التوافق والتآلف مع كلام متين لشيخ الإسلام ابن تيمية".
(35) المنتقى من فتاوى فضيلة الشيخ ربيع بن هادي عمير المدخلي 2/208-209.
(36) شرح سنن الترمذي رقم الشريط 284.
(37) رابط صوتية د. سليمان الرحيلي https://youtu.be/juHDAbm0g0M.
(38) انظر مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية 20/217-219 و29/41-43.
(39) هذا الرجل لا يفرق بين الطعن والانتقاد فيجعلهما شيئا واحدا لذا حصل له في هذه الفتنة من الخلط ما حصل، وأنا ذكرتها كما هي من غير تعديل لها جريا على فهمه ومشيا على كلامه.
(40) رابط التوترة من "حساب محب الصدق وذام المراوغة" https://1.top4top.net/p_1454ljc830.jpg.
(41) نقل السيوطي في المزهر في علوم اللغة وأنواعها خلافا في بعض الكلمات، والصواب فيها أنها بالضم على القياس أو فيها الوجهان، تُنْظَر في الكتاب المذكور 2/63-64 و116.
(42) انظر تهذيب اللغة للأزهري مادة صعفق 3/180-181.
(43) جاء عن محمد بن هادي المدخلي نسبةُ هذه المقولة إلى قتادة وضَبَطَ فيها صاد صعفوق بالضم وفسرها بالمبتدعة فقط ونَزَّلها على مشايخَ فضلاء وطلبةِ علم نبلاء، فأخطأ في النطق والنسبة وضلَّ في التفسير والتنزيل، إذ هي مشهورة عن الشعبي لا عن قتادة، وحَرَكَةُ صادِها بالفتح لا بالضم ومعنى الصعافقة أعمُّ من المبتدعة فتشملهم وتشمل غيرهم ممن تكلم في الدين بالجهل ومن غير علم، وَنَزَّلَها على الشيخ الوقور عبد الغني عوسات من غير تثبت ولا تروٍّ، كما نزلها على غيره من أهل العلم، فأخطأ في هذه الأربع وقلَّده فيها الهمجُ الرَّعاع.
(44) غريب الحديث 4/444.
(45) غريب الحديث لأبي عبيد القاسم بن سلام 4/443.
(46) أي لغة الشارع ومن جملتها الكلام الفاحش البذيء.
(47) رقم الفتوى 21517 بتاريخ 14/6/1421ه.
(48) رابط كلام الشيخ عبد العزيز آل الشيخ حول كتاب الإلمام شرح نواقض الإسلام https://youtu.be/5ArzeOEn7bE.
(49) رابط صوتية الشيخ الفوزان حول كتاب الإلمام شرح نواقض الإسلام https://youtu.be/VqzKq4JEJsY.
(50) كما في المجلس المشؤوم الذي جمعنا به، وسيأتي الكلام عنه في وقته وحينه.
(51) أَلْقِ نظرة على هذا الرابط https://g.top4top.io/p_1465kpg5o0.jpg.
(52) البداية والنهاية لابن كثير 10/580.
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 09 Apr 2020, 03:50 PM
أبو دانيال طاهر لاكر أبو دانيال طاهر لاكر غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2018
المشاركات: 130
افتراضي

عجبت والله من أسود الكرتون هؤلاء، كيف لمثل هذا أن يتكلم وقد ثبت كذبه بصوته وقد أذاعه أصحابه وشركاؤه في مشروع التفريق! ولكن العجب ينقضي لما ترى احتفاءهم بدعي عتيبة الفتان. فاللهم عافنا مما ابتليتهم به.
أما عن ردك أخي حسين فأنعم به ردا. فجزاك الله عنا وعن المسلمين خيرا، وذب الله عنك النار كما ذببت عن أعراض مشايخنا
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 09 Apr 2020, 03:53 PM
مختار حرير مختار حرير غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2019
المشاركات: 70
افتراضي

جزاك الله خيراً أخي حسين وأجزل لك المثوبة، إن قوة الحق ونوره لا تخفى إلا على من عميت بصيرته وإن مسحته على مقالك ظاهرة فأسأل الله أن ينفع به.
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 09 Apr 2020, 03:59 PM
أبو بكر يوسف قديري أبو بكر يوسف قديري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2018
المشاركات: 286
افتراضي

جزاك الله خيرا أخي حسين
ومرة أخرى ... مقال ماتع جيد حقّ له أن يقرأ في مجالس متعددة
عجبً لهذا الكربوز لم جعل مسألة تارك أعمال الجوارح هي أول ما يعرض على العلماء؟ وكأن الخلاف الدائر نشأ عن هذه المسألة!
لكنها ترببة الدكتور فركوس الذي يؤز الخلايا النائمة للانقضاض على العالمين الجليلين ربيع وعبيد.
وهذا المقال قاصمة ظهر لكل حدادي متستر. بوركتَ أخي¨حسين.
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 09 Apr 2020, 04:18 PM
أبو حذيفة عبد الحكيم حفناوي أبو حذيفة عبد الحكيم حفناوي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2018
المشاركات: 214
افتراضي

جزاك الله خيرا أخانا حسينا على هذا الرد السلفي على ذاك البوق الفتان.
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 09 Apr 2020, 05:45 PM
علاء الدين محديد الداموسي علاء الدين محديد الداموسي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jul 2019
المشاركات: 88
افتراضي

بارك الله فيك وجزاك خيرا رد سلفي قوي نسأل الله أن يجعله في ميزان حسناتك
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 09 Apr 2020, 07:38 PM
أبو همام القوناني أبو همام القوناني غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2018
المشاركات: 121
افتراضي

جزاك الله خيرا أخي حسين على هذا المقال الرائع
ياليت المفرقة عندهم مثل هذا النوع من الكتاب
ولكن هيهات هيهات
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 09 Apr 2020, 09:31 PM
طارق بن صغير طارق بن صغير غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jul 2019
المشاركات: 115
افتراضي

جزاك الله خيرا أخي الفاضل وبارك فيك وفي علمك و نفع بك و بما كتبت
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 09 Apr 2020, 08:05 PM
أبو أويس موسوني أبو أويس موسوني غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2019
المشاركات: 81
افتراضي

جزاك الله خيرا أخي حسين على هذا المقال الماتع الذي فيه لغة العلم والحجج الدامغة ،والأنوار الساطعة المستمدة من كتاب الله ومن سنة رسول الله، ومن أقوال السلف ، لقد كشفت جهل هذا المتستر ، وماصدر منه الذي صدر إلا ليرضي به شيوخ طريقته وحزبه كما تفضلت وبينت ، نسأل الله العافية
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 09 Apr 2020, 08:52 PM
أبو معاذ صالح الجزائري أبو معاذ صالح الجزائري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2018
الدولة: مدينة بشار الجزائر
المشاركات: 46
افتراضي

جزاك الله خيرا وبارك فيك على هذا المقال الماتع,
فأمثال هؤلاء الأبواق طال لسانهم في الامشايخ خاصة و السلفيين عموما أراحنا الله منهم عاجلا غير آجل
رد مع اقتباس
  #11  
قديم 09 Apr 2020, 09:23 PM
كمال بن سعيد كمال بن سعيد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jul 2018
المشاركات: 238
افتراضي

رد ماتع وإلزامات قوية جزاك الله خيرا أخي حسين وذب عن عرضك النار
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 09 Apr 2020, 11:48 PM
أبو الزبير خيرالدين الرباطي أبو الزبير خيرالدين الرباطي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2019
المشاركات: 88
افتراضي

بارك الله فيك أخانا الفاضل حسين
فقد أعطيت هذا الرجل درسا في الأدب والعلم
يا ليته يرعوي ويرجع،يسمي نفسه:"محب الصدق وذام المراوغة"وليس له من هذا الاسم نصيب،بل على النقيض من ذلك فهو يحسن المراوغة والطعن في الأخيار وهذا كله خلاف الواقع،بل هو من الكذب المنافي للصدق
جزاك الله خيرا مرة أخرى،فمقالك ماتع نافع بارك الله في علمك وجهدك
رد مع اقتباس
  #13  
قديم 10 Apr 2020, 10:56 AM
أبو عبد الله حيدوش أبو عبد الله حيدوش غير متواجد حالياً
وفقه الله
 
تاريخ التسجيل: Apr 2014
الدولة: الجزائر ( ولاية بومرداس ) حرسها الله
المشاركات: 757
افتراضي

بوركت يمينك ولله درك وعلى الله أجرك أيها الفحل !
نسأل الله تعالى أن يهدي كربوزا ويبصر من اغتر به وكما قيل الفتن تظهر معادن الرجال فاللهم سلم نعوذ بالله من الحور بعد الكور
رد مع اقتباس
  #14  
قديم 10 Apr 2020, 12:34 PM
محسن سلاطنية محسن سلاطنية غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2018
المشاركات: 320
افتراضي

ما أحسن ما رقمت وما أجود ماكتبت ، يالها من رقية فككت بها طلسم هذا الكربوز ، ويالها من شهب دمغت بها باطله.
فجزاك الله خيراً وأجزل لك الأجر والمثوبة وهدى الله كربوزا بهذه الهدية الهادية ونفعه بهذه النصيحة الغالية.
رد مع اقتباس
  #15  
قديم 10 Apr 2020, 12:34 PM
محسن سلاطنية محسن سلاطنية غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2018
المشاركات: 320
افتراضي

ما أحسن ما رقمت وما أجود ماكتبت ، يالها من رقية فككت بها طلسم هذا الكربوز ، ويالها من شهب دمغت بها باطله.
فجزاك الله خيراً وأجزل لك الأجر والمثوبة وهدى الله كربوزا بهذه الهدية الهادية ونفعه بهذه النصيحة الغالية.
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013