قال الشيخ السعدي : فهذا جميع ما يشتمل عليه القرآن من المطالب العاليات.
السلام عليكم و رحمة الله
قال الشيخ السعدي عند بداية تفسيره لسورة غافر:
قال الله جل و علا :
{ حم (1) تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم (2) غافر الذنب و قابل التوب شديد العقاب ذي الطول
لا إله إلا هو إليه المصير (3) } سورة غافر ـــــ المؤمن ـــــ
{ حم (1) تنزيل الكتاب من الله }:
يخبر تعالى عن كتابه العظيم بأنه صادر و منزل من الله المألوه المعبود،
لكماله و انفراده بأفعاله.
{ العزيز }: الذي قهر بعزته كل مخلوق.
{العليم }: بكل شيء.
{غافر الذنب }: للمذنبين.
{و قابل التوب }: من التائبين.
{شديد العقاب }: على من تجرأ على الذنوب و لم يتب منها.
{ذي الطول }: أي التفضل و الإحسان الشامل.
فلما قرر ما قرر من كماله، و كان ذلك موجبا لأن يكون وحده المألوه، الذي تخلص له الأعمال،
قال: {لا إله إلا هو إليه المصير }.
و وجه المناسبة بذكر نزول القرآن من الله الموصوف بهذه الأوصاف، أن هذه الأوصاف مستلزمة لجميع ما يشتمل عليه القرآن من المعاني، فإن القرآن:
· إما إخبار عن أسماء الله و صفاته و أفعاله، و هذه أسماء و صفات و أفعال.
· و إما إخبار عن الغيوب الماضية و المستقبلة، فهي تغليم العتيم لعباده,
· و إما إخبار عن نعمه العظيمة، و آلائه الجسيمة، و ما يوصل إلى ذلك من الأوامر، فذلك يدل عليه قوله: {ذي الطول }.
· و إما إخبار عن نقمه الشديدة، و عما يوجبها يقتضيها من المعاصي، فذلك يدل عليه قوله: {شديد العقاب }.
· و إما دعوة للمذنبين إلى التوبة و الإنابة و الإستغفار، فذلك يدل عليه قوله: {غافر الذنب و قابل التوب شديد العقاب }.
· و إما إخباره بأنه وحده المألوه المعبود، و إقامة الأدلة العقلية و النقلية على ذلك، و الحث عليه، و النهي عن عبادة ما سوى الله، و إقامة الأدلة العقلية و النقلية على فسادها، و الترهيب منها، فذلك يدل عليه قوله تعالى: {لا إله إلا هو }.
· و إما إخبار عن حكمه الجزائي العدل، و ثواب المحسنين، و عقاب العاصين، فهذا يدل عليه قوله: { إليه المصير }.
فهذا جميع ما يشتمل عليه القرآن من المطالب العاليات.
تيسير الكريم الرحمان في تفسير كلام المنان
العلامة الشيخ عبد الرحمان بن ناصر السعدي
تفسير سورة غافر ــ ص 698 ــ طبعة دار ابن حزم ــ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
التعديل الأخير تم بواسطة أبو نعيم إحسان ; 03 Nov 2007 الساعة 11:32 PM