و ممن اتُّهم بالادّعاء الأصمعي ، فامتُحن فأصاب و ما أخطأ . ذكر ابن الجوزي في كتاب الحث على حفظ العلم قائلا : [ وَنَقَلْتُ مِنْ خَطِّ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ الْمَرْزُبَانِيِّ.
قَالَ حَكَى أَبُو الْحَسَنِ بْنُ عُمَرَ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنَّا يَوْمًا عِنْدَ الْحَسَنِ بْنِ سَهْلٍ، وَبِحَضْرَتِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، مِنْهُمْ: الأَصْمَعِيُّ وَأَبُو عُبَيْدَةَ وَالْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، وَصَاحِبُ الْحَسَنِ يَعْرِضُ عَلَيْهِ الرِّقَاعَ إِلَى أَنْ وَقَّعَ فِي خَمْسِينَ رُقْعَةً فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ ذَلِكَ، وَأَقْبَلَ عَلَيْنَا، فَقَالَ: تَذَاكَرُوا الْعِلْمَ، فَتَكَلَّمَ أَبُو عُبَيْدَةَ، وَالأَصْمَعِيُّ، وَالْهَيْثَمُ، وَجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، فَالْتَجَّ الْمَجْلِسُ بِالْمُذَاكَرَةِ، إِلَى أَنْ بَلَغُوا إِلَى ذِكْرِ الْحُفَّاظِ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ، فَأَخَذُوا فِي الزُّهْرِيِّ، وَالشَّعْبِيِّ، وَقَتَادَةَ، وَشُعْبَةَ، فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: مَا حَاجَتُنَا إِلَى قَوْمٍ، وَمَا نَدْرِي أَصَدَقَ الْخَبَرُ عَنْهُمْ أَمْ كَذَبَ؟ وَبِالْحَضْرَةِ رَجُلٌ يَزْعُمُ أَنَّهُ مَا أُنْسِيَ شَيْئًا قَطُّ، وَأَنَّهُ مَا يَحْتَاجُ أَنْ يُعِيدَ نَظَرَهُ فِي دِفْتَرِهِ، إِنَّمَا هِيَ نَظْرَةٌ وَاحِدَةٌ ثُمَّ قَدْ حَفِظَ مَا فِيهِ.
يُعَرِّضُ بِالأَصْمَعِيِّ فَقَالَ الْحَسَنُ: نَعَمْ وَاللَّهِ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ إِنَّكَ لَتَجِيءُ مِنْ هَذَا بِمَا يُنْكَرُ جِدًّا.
فَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: نَعَمْ أَحْتَاجُ أَنْ أُعِيدَ النَّظَرَ فِي دِفْتَرٍ، وَمَا أُنْسِيتُ شَيْئًا قَطُّ.
فَقَالَ الْحَسَنُ: فَنَحْنُ نُجَرِّبُ هَذَا الْقَوْلَ: يَا غُلامُ الدِّفْتَرَ الْفُلانِيَّ فَإِنَّهُ جَامِعٌ لِكَثِيرٍ مِمَّا أَسْنَدْنَاهُ وَحَدَّثْنَاهُ، فَمَضَى الْغُلامُ لِيُحْضِرَ الدِّفْتَرَ، فَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: فَأَنَا أُرِيكَ أَعْجَبَ مِنْ هَذَا! أَنَا أُعِيدُ الْقَصَصَ الَّتِي مَرَّتْ بِأَسْمَاءِ أَصْحَابِهَا وَتَوْقِيعَاتِكَ فِيهَا كُلَّهَا، وَأَمْتَحِنُ ذَلِكَ بِالنَّظَرِ إِلَيْهَا، وَقَدْ كَانَ عَارَضَ بِتِلْكَ التَّوْقِيعَاتِ فِي وَقْتِ ذَلِكَ مَنْ حَضَرُوا، لِيَنْصَحُوا، فَاسْتَدْعَى الْحَسَنُ الْقَصَصَ، قَالَ الأَصْمَعِيُّ: الْقِصَّةُ الأُولَى لِفُلانٍ، قِصَّتُهُ كَذَا وَكَذَا، وَقَّعْتَ كَذَا وَكَذَا، حَتَّى أَتَى عَلَى سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ قِصَّةً، فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ: حَسْبُكَ السَّاعَةَ، وَاللَّهِ تَقْتُلُكَ الْجَمَاعَةُ بِأَعْيُنِهَا.
يَا غُلامُ خَمْسِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، ثُمَّ قَالَ: يَا غُلامُ أَنِ احْمِلُوهَا مَعَهُ، وَقَالَ: تُنْعِمُ بِالْحَامِلِ كَمَا أَنْعَمْتَ بِالْمَحْمُولِ؟ ، فَقَالَ: هُمْ لَكَ وَلَسْتَ تَنْتَفِعُ بِهِمْ، وَقَدِ اشْتَرَيْتُهُمْ مِنْكَ بِعَشْرَةِ آلافِ دِرْهَمٍ فَحُمِلَتْ مَعَهُ الدَّرَاهِمُ وَانْصَرَفَ الْبَاقُونَ بِالْخَيْبَةِ. ] ص47/48
التعديل الأخير تم بواسطة أبو عاصم مصطفى السُّلمي ; 15 Apr 2017 الساعة 09:39 AM
|