منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26 Jun 2010, 11:52 AM
حسن بوقليل
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي قصف البناء المشيد لتحليل الغناء ـ وقفات مع الشيخ الكلباني ـ

قصف البناء المشيد لتحليل الغناء

الحلقة (01)

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلقه أجمعين، من نزه سمعه عن الغناء، وحرمه على أمته.
أما بعد:
"لا يوجد دليل على تحريم الغناء"
عبارة نسمعها بين الفينة والأخرى، قالها ابن حزم ـ رحمه الله ـ حينما ضعف حديث البخاري بحجة أنه قال: قال هشام بن عمار! ومعلوم أن هشام بن عمار من شيوخ البخاري، فلذا حملها ابن الصلاح على الاتصال، لا على التعليق.
وقد طلع علينا هذه الأيام الشيخ عادل بن سالم الكلباني ـ أصلحه الله ـ؛ إمام الحرم المكي سابقا ـ وللأسف ـ، فشيَّد بناء ليعلن من فوقه أن الغناء حلال! وذلك على موقعه الرسمي على الشبكة العنكبوتية، وذكر أنه كان يقول بتحريمه! ثم بان له الحق في تحليله!
فاللهم أرنا الحق حقا، وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلا، وارزقنا اجتنابه.
وسأذكر بعض التعقيبات على المقال، مقسما ذلك إلى فقرات، عسى الله ينفعنا.

1 ـ قال الشَّيخ ـ سدَّده الله ـ:
(فإن الله عز وجل خلق الإنسان بغريزة يميل بها إلى المستلذات والطيبات التي يجد بها في نفسه أطيب الأثر, فتسكن جوارحه وترتاح نفسه وينشرح صدره, هذه فطرة الله التي فطر الناس عليها، يميلون إلى كل ما هو جميل في الكون فيسرون برؤيته ويطربون لسماعه وبنيله تكمل لذتهم وسعادتهم).

ـ قال أبو عبد الله ـ عفا الله عنه ـ:
هذا الميل ليس على إطلاقه؛ فهناك أشياء من الملذات تعافها النفوس الطبية، ولا تميل إليها، بل قد تصير من سجاياهم الابتعاد عنها، ولذا قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "إِنَّ رَبَّكَ يَعجَبُ لِلشَّابِّ لاَ صَبوَةَ لَهُ" [الصحيحة: 2843]، فلما نفر منها، ولم يمل إليها ككثير من الناس صار كأن لا شهوة له، فتعجب منه ربه ـ عز وجل ـ.

2 ـ قال الشَّيخ ـ سدَّده الله ـ:
(ولا جرم فإن الله تعالى جميل يحب الجمال، وهذا ما علل به الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ شعور الإنسان برغبته أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنا، ومظهره حسنا!).

ـ قال أبو عبد الله ـ عفا الله عنه ـ:
هذا التعليل النبوي مطابق للواقع؛ فإن الإنسان يحب جمال ثوبه، ونعله، ولكن المؤمنين الكُمَّل لا يحبون الغناء، ومشابهة أهل المجون، "والكلام في هذا الباب لا بد فيه من التمييز بين الواقع والجائز، والنافع والضار، ولا يُسجَل عليه بالذم والإنكار، ولا بالمدح والقبول من حيث الجملة، وإنما يتبين حكمه، وينكشف أمره بذكر متعلقه" ["الجواب الكافي": (ص 532)]، ولهذا إذا كان لبس الثوب الجميل يؤدي إلى التعالي على الآخرين فإنه يأخذ حكمه.
وهل يمكن أن تقيس الغناء على حسن الثوب، فتقول لمن سألك: إني أحب الغناء، فتقول له: إن الله جميل يحب الجمال؟! سبحانك هذا بهتان عظيم.
قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ ـ وهو يرد على القشيري ـ: "ولهذا دخل الشيطان من هذين البابين على كثير من النساك؛ فتوسعوا في النظر إلى الصور المنهي عن النظر إليها، وفي استماع الأقوال والأصوات التي نهوا عن استماعها، ولم يكتف الشيطان بذلك حتى زين لهم أن جعلوا ما نهوا عنه عبادة وقربة وطاعة، فلم يحرموا ما حرم الله ورسوله، ولم يدينوا دين الحق، كما حكي عن أبي سعيد الخراز أنه قال: رأيت إبليس في النوم وهو يمر عني ناحية، فقلت له: تعال، مالك؟ فقال: بقي لي فيكم لطيفة: السماع، وصحبة الأحداث"" [الاستقامة": (ص 218، 219)]، وقد حصل له ما أراد، وهذا كله بحجة "إن الله جميل يحب الجمال".

3 ـ قال الشَّيخ ـ سدَّده الله ـ:
(وهذه الأحاسيس والمشاعر التي خلقها الله لا يمكن لأحد أن ينفك منها, لأنها من لوازم كونه إنسانا, ومحاولة التغلب على الوجدان إنما هو مقاومة لنواميس هذا الكون وقوانين الحياة).

ـ قال أبو عبد الله ـ عفا الله عنه ـ:
المؤمنون الكمل استطاعوا أن يتغلبوا شهواتهم، كالشاب الذي سبق في الحديث، وكون هذه الأحاسيس من لازم الإنسانية يجعل من لا يملكها بعيدا عن الإنسانية، أو على الأقل ليس له بعض الجوانب الإنسانية.
وهذا لا يقول به العقلاء حتما، حتى صاحب المقال.

4 ـ قال الشَّيخ ـ سدَّده الله ـ:
(ولعل قيام الإنسان بمهمته في هذه الحياة ما كانت لتتم على الوجه الذي لأجله خلقه الله إلا إذا كان ذا عاطفة غريزية توجهه نحو المشتهيات والمتع التي خلقه الله معه في الحياة فيأخذ منها القدر الذي يحتاجه وينفعه).

ـ قال أبو عبد الله ـ عفا الله عنه ـ:
أما الغاية التي من أجلها وجد الإنسان فهي توحيد الله ـ عز وجل ـ؛ قال تعالى: "وَمَا خَلَقتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعبُدُونِ"، وكونها لا تقول إلا بوجود العاطفة الغريزية في الإنسان مطلقا غير صحيح؛ فمن الناس من لا تخطر في خلده بعض الشهوات؛ كشرب الخمر، والغناء، وكونه يأخذ القدر الذي ينفعه؛ فإن الغناء يضر ولا ينفع، كما سيأتي ـ إن شاء الله ـ.

5 ـ قال الشَّيخ ـ سدَّده الله ـ:
(ومن نظر في أحكام الشريعة الإسلامية لاح له أن الله تعالى في كل ما شرعه لم يجعل فيه ما يحارب الغرائز، أو يطلب من الإنسان أن يخالف ما أودعه الله فيه، وإنما جاءت النصوص بتهذيب الغريزة، وتوجيهها، وتقويمها، حتى لا تطغى، فيتحول الإنسان بهذا الطغيان إلى البهيمية).

ـ قال أبو عبد الله ـ عفا الله عنه ـ:
بل في بعض الأحكام التشريعية ترويض النفس على ترك الشهوات والملذات الغريزية؛ ومن ذلك لبس الحرير، وشرب الخمر، والشرب في آنية الذهب والفضة، أليست من الشهوات التي يطلبها الناس؟ مع ذلك فقد نهت الشريعة عنها، فمن نجح في تركها فإنها له يوم القيامة؛ قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "مَن لَبِسَ الحَرِيرَ فِي الدُّنيَا لَم يَلبَسهُ فِي الآخِرَةِ، وَمَن شَرِبَ الخَمرَ فِي الدُّنيَا لَم يَشرَبهُ فِي الآخِرَةِ، وَمَن شَرِبَ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ فِي الدُّنيَا لَم يَشرَب بِهَا فِي الآخِرَةِ. ثمَّ قَالَ: لِبَاسُ أَهلِ الجَنَّةِ وَشَرَابُ أَهلِ الجَنَّةِ وَآنِيَةُ أَهلِ الجَنَّةِ" ["الصحيحة": (384)].
فقد وعد الله ـ عز وجل ـ عباده في الآخرة بأشياء حرمها عليهم في الدنيا، ومن ذلك: الغناء؛ فقد حرمه الله ـ عز وجل ـ في الدنيا، وأحله في الآخرة؛ قال تعالى: "فَهُم فِي رَوضَةٍ يُحبَرُونَ" [الروم: 15]، قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ: "قد ورد عن طائفة من السلف: أنه السماع الحسن في الجنة، وأن الحور العين يغنين بأصوات لم يسمع الخلائق بأحسن منها، لكن تنعيم الله تعالى لعباده بالأصوات الحسنة في الجنة لا يقتضي أنه يشرع أو يبيح سماع كل صوت في الدنيا، فقد وعد بأشياء حرمها في الدنيا". ["الاستقامة": (ص 222)].
ولهذا من نزَّه سماعه عن الغناء المحرَّم في الدنيا حاز الفضل، فعن محمد بن المنكدر؛ قال: بلَغنِي أنَّ الله ـ عز وجل ـ يقول يوم القيامة: "أَينَ عِبَادِي الَّذِينَ كَانُوا يُنَزِّهُونَ أَنفُسَهُم وَأَسمَاعَهُم عَن اللَّهوِ وَمَزَامِيرِ الشَّيطَانِ؟! أَحِلُّوهُم رِيَاضَ المِسكِ، وَأَخبِرُوهُم أَنِّي قَد أَحلَلتُ عَلَيهِم رِضوَانِي". ["المجالسة وجواهر العلم" لابن قتيبة (4/ 155 ـ رقم 1333) قال الشيخ أبو عبيدة ـ سدَّده الله ـ: إسناده صحيح].
والغناء يتحول بسبب الإنسان إلى البهيمية؛ قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ: "ومن مكايد عدو الله ومصايده، التي كاد بها من قل نصيبه من العلم والعقل والدين، وصاد بها قلوب الجاهلين المبطلين: سماع المكاء والتصدية، والغناء بالآلات المحرمة، الذي يصد القلوب عن القرآن، ويجعلها عاكفة على الفسوق والعصيان، فهو قرآن الشيطان، والحجاب الكثيف عن الرحمن، وهو رقية اللواط والزنى، وبه ينال الفاسق من معشوقه غاية المنى" ["إغاثة اللهفان": (1/408)]، إلخ كلامه ـ رحمه الله ـ.
فلما كان فيه ما فيه حرمه الله ـ عز وجل ـ.


التعديل الأخير تم بواسطة أبو معاذ محمد مرابط ; 11 Jul 2010 الساعة 05:44 PM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 29 Jun 2010, 09:50 AM
حسن بوقليل
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي قصف البناء المشيد لتحليل الغناء ـ وقفات مع الشيخ الكلباني ـ الحلقة (02)

قصف البناء المشيد لتحليل الغناء ـ وقفات مع الشيخ الكلباني ـ
الحلقة (02)


6 ـ قال الشَّيخ ـ سدَّده الله ـ:
(فليس في شرع الله تعالى أن لا يستمتع الإنسان بالصوت الندي الحسن، بل جاء فيه ما يحث عليه ويشير إليه، كما في قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: علمها بلالا، فإنه أندى منك صوتا).

ـ قال أبو عبد الله ـ عفا الله عنه ـ:
لكن الصوت الحسن الندي؛ يكون من الجارية الحسناء! ومن الأمرد الحسن! ومن المؤذن! والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذكر المؤذن، وقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "أَندَى صَوتًا مِنكَ": "أي أقعَد في المدِّ والإطالة والإسماع؛ ليَعُمَّ الصَّوت ويطول أمَدُ التَّأذين" ["فتح الباري": (2/115)].
وهذا المقام أشبه باستدلال القشيري بحديث: "حَسِّنُوا القُرآنَ بِأَصوَاتِكُم"؛ قال: "دل هذا الخبر على فضيلة الصوت"! فقال شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ: "هذا دل على فضل الصوت الحسن بكتاب الله، لم يدل على فيلته بالغناء، ومن شبه هذا بهذا فقد شبه الباطل بأعظم الحق" ["الاستقامة": (ص 290)].
وقد مدح النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أبا موسى الأشعري بحسن صوته؛ فقال: "لَو رَأَيتَنِي وَأَنَا أَستَمِعُ لِقِرَاءَتِكَ البَارِحَةَ! لَقَد أُوتِيتَ مِزمَارًا مِن مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ". [فقال أبو موسى: لو علمتُ مكانَك؛ لحبّرت لك تحبِيرًا] [البخاري (5048)، ومسلم (793) وابن حبان (7153 ـ التعليقات الحسان) والزيادة له].
وقد جاء الأمر بتحسين الصوت، لكن!! في قراءة القرآن، لا في الغناء؛ قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "زَيِّنُوا القُرآنَ بِأَصوَاتِكُم؛ فَإِنَّ الصَّوتَ الحَسَنَ يَزِيدُ القُرآنَ حُسنًا" [انظر تخريجه في "أصل صفة الصلاة" للمحدث الألباني (1/ 750].
فهل ورد حث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ تحسين الصوت في غير ذَين؟!
بل قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِلنَّبِيِّ أَنْ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ" [البخاري (5024)، ومسلم (792)].
قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ: "وهذا القرآن الَّذي هو كلام الله، وقد ندب النَّبيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى تحسين الصَّوت به، ... ومع هذا فلا يسوغ أن يقرأ القرآن بألحان الغناء، ولا أن يقرِن به من الألحان ما يقرِن بالغناء من الآلات وغيرها؛ لا عند من يقول بإباحة ذلك، ولا عند من يحرمه، بل المسلمون متَّفقون على الإنكار لأن يقرن بتحسين الصَّوت بالقرآن الآلات المطربة بالفم كالمزامير، وباليد كالغرابيل". ["الاستقامة": (ص 245، 246)].
وهذا الصوت الحسن هو من الأشياء المباحة، التي ينبغي استخدامها فيما يرضي الله ـ عز وجل ـ.
قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ: "كون الشيء نعمة لا يقتضي استباحة استعماله فيما شاء الإنسان من المعاصي، ولا يقتضي إلا حسن استعماله، بل النعم المستعملة في طاعة الله يحمد صاحبها عليها ويكون ذلك شكرًا لله يوجب المزيد من فضله، فهذا يقتضي حسن استعمال الصوت الحسن في قراءة القرآن...
فأما استعمال النِّعم في المباح المحض فلا يكون طاعةً، فكيف في المكروه أو المحرَّم، ولو كان ذلك جائزًا لم يكن قربةً ولا طاعةً إلا بإذن الله، ومَن جعله طاعةً لله بدون ذلك فقد شرع من الدِّين ما لم يأذن به الله". ["الاستقامة": (ص )].

7 ـ قال الشَّيخ ـ سدَّده الله ـ:
(وإنما عاب الله تعالى نكارة صوت الحمير، "إِنَّ أَنكَرَ الأَصوَاتِ لَصَوتُ الحَمِيرِ"، ومن المثير للتأمل أن الإشارة إلى نكارة صوت الحمار جاء في نفس السورة التي يستل منها المحرمون للغناء دليل تحريمه!).

ـ قال أبو عبد الله ـ عفا الله عنه ـ:
قال تعالى: "وَاغضُض مِن صَوتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصوَاتِ لَصَوتُ الحَمِيرِ" [لقمان: 19]، قال ابن كثير: "أي: لا تبالغ في الكلام، ولا ترفع صوتَك فيما لا فائدة فيه؛ ولهذا قال تعالى: "إِنَّ أَنْكَرَ الأصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ"، قال مجاهد وغير واحد: إنَّ أقبح الأصوات لصوت الحمير، أي: غاية مَن رفع صوتَه أنَّه يُشَبَّهُ بالحمير في علوِّه ورفعِه، ومع هذا هو بغِيضٌ إلى الله تعالى.
وهذا التَّشبيه في هذا بالحمير يقتضي تحريمَه وذمَّه غاية الذَّمِّ؛ لأنَّ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "لَيسَ لَنَا مَثَلُ السَّوءِ؛ العَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالكَلبِ يَقِيءُ ثُمَّ يَعُودُ فِي قَيئِهِ"" اهـ.
فالمبالغة في رفع الصوت مذمومة؛ إذ فيها تشبه بالحمير، وهذا حاصل في الغناء.
ويبن قتادة سبب ذلك؛ فيقول ـ فيما رواه عنه ابن جرير ـ: "(إِنَّ أنكَرَ الأَصوَاتِ لَصَوتُ الحَمِيرِ) أي: أقبح الأصوات لصوت الحمير؛ أوَّله زَفِيرٌ، وآخِره شهِيقٌ، أمره بالاقتصاد في صوته". ["تفسير الطبري": (18/564)].
ويقول الشيخ السعدي ـ رحمه الله ـ: "فلو كان في رفع الصَّوت البلِيغ فائدةٌ ومصلَحةٌ، لما اختَصَّ بذلك الحِمارُ، الَّذي قد علمت خِسَّته وبلادَته". ["تيسير الكريم الرحمن": (ص 649)].
إذن فنكارة الصَّوت الَّتي عابها الله ـ عز وجل ـ قد تطال الصَّوت الحسن! إذ شابه صوت الحمار؛ بأن يكون على الوصف الذي ذكر أهل التفسير.
فكون الشيخ ـ سدده الله ـ يستدل على جواز الغناء بأن الله مدح الصوت الحسن وعاب الصوت القبيح كصوت الحمار، ليس صحيحا على الصورة التي أرادها.
وإلا؛ فقد يكون صوت القارئ! ـ مثلا ـ غير الحسن جميلا إذا كان أداؤه حسنا؛ قال ابن الجوزي ـ رحمه الله ـ: "ولقد أدرَكنَا من شيوخنا مَن لم يكن له حسن صوت، ولا معرِفة بالألحان، إلا أنَّه كان جيِّد الأداء، قيِّمًا باللفظ، فكان إذا قرأ أطرب المسامِع، وأخذ من القلوب بالمجامِع، وكان الخلق يزدحِمُون عليه، ويجتمعون على الاستِماع إليه؛ أُمَمٌ من الخواصِّ والعوام، يشترك في ذلك من يعرف العربي، ومن لا يعرفه من سائر الأنام، مع تركهم جماعاتٍ مِن ذوي الأصوات الحِسان، عارفين بالمقامات والألحان؛ لخروجهم عن التَّجويد والإتقان". ["النشر": (1/212، 213)].
إذًا؛ فالصوت الحسن نعمة يجب على الإنسان أن يصرفها في طاعة، "والتحريم للصوت ـ فضلا عن الحسن ـ في "الغناء" كالتحريم لاستعمال حسن الصورة، والجمال في "الفواحش"، والتلذذ بالنظر إليها.
وبهذا تعلم أن النعم محن، والسعيد من استعملها في طاعة الله.
وعليه: فالصوت نعمة، وحسنه خِلقة: فضيلة لا يجوز استعمالها في منهي عنه، ومن شكرها استعممالها في طاعة الله". ["بدع القراء": الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد ـ رحمه الله ـ: (ص 40)].
وربما يكون ذكر صوت الحمار في نفس السورة التي فيها تحريم الغناء إشارة إلى أن أهل الغناء شابهوا الحمير في رفع أصواتهم، وفضاعتها، وبشاعتها، والله أعلم.

8 ـ قال الشَّيخ ـ سدَّده الله ـ:
(ومن غير المعقول أن يطلب الله من الإنسان بعد أن أودع فيه هذه العاطفة نزعها أو إماتتها من أصلها, وموقف الشرائع السماوية من الغرائز هو موقف الاعتدال، لا موقف الإفراط ولا موقف التفريط, وهو موقف التنظيم لا موقف الإماتة والانتزاع، فكل صغير أو كبير، يميل إلى سماع الصوت الحسن، والنغمة المستلذة إنما هو نتيجة طبيعية لهذه الغريزة التي خلقها الله وأداء لحقها).

ـ قال أبو عبد الله ـ عفا الله عنه ـ:
هذه آفة العقلانيين!! (من غير المعقول) كذا، وكذا!!
أليس الله ـ عز وجل ـ أودع فينا أشياء كثيرة يحبها الإنسان، ويركن إليها؟
فجاءت الشريعة بـ(موقف التنظيم) ـ كما ذكر ـ، وتحريم الغناء من هذا الباب؛ فإن الإنسان يحب اللهو واللعب، ولو ترك له العنان لضل، ولهذا حرم الله ـ عز وجل ـ الغناء، وهذا لا ينافي ما ذكر؛ بل هو عين العين، والتنظيم.
وكون الشيء لذيذا، أو مشتهى، أو مما تستروح إليه النفوس لا يدل على كونه حلالا ولا حراما، ولهذا ذم الله من اتبع الشهوات، وذم من تقرب إليه بترك ما أباحه منها؛ فقال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُم وَلاَ تَعتَدُوا إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ المُعتَدِينَ"، وقال النَّبيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ للنَّفر الَّذين قال أحدُهم: أمَّا أنا؛ فأصوم ولا أفطر، وقال الآخر: أمَّا أنا؛ فأقوم ولا أفتُر، وقال الآخر: أمَّا أنا؛ فلا أتزوَّج النِّساء، وقال الآخر: أمَّا أنا؛ فلا آكُل اللَّحم، فقال: "لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفطِرُ، وَأَقُومُ وَأَنَامُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، وَآكُلُ اللَّحمَ، فَمَن رَغِبَ عَن سُنَّتِي فَلَيسَ مِنِّي"". ["الكلام على مسألة السماع": (ص 356، 357)].

9 ـ قال الشَّيخ ـ سدَّده الله ـ:
(وقد ذكر الأطبَّاء منذ القِدم أن الصَّوت الحسن يجري في الجسم مجرى الدم في العروق فيصفو له الدم وتنمو له النفس ويرتاح له القلب وتهتز له الجوارح, وتحن إلى حسن الصوت الطيور والبهائم, ولهذا يقال إن النحل أطرب الحيوان كله على الغناء, وقال الشاعر:
والطير قد يسوقه للموت إصغاؤه إلى حنين الصوت).

ـ قال أبو عبد الله ـ عفا الله عنه ـ:
من هؤلاء الأطباء؟ أبِنهم لنا؛ هل هم موثوقون؟ هذا أوَّلا.
وثانيا: "كون الشيء ينتفع به ليس دليلا على جوازه"؛ فها هو الخمر انتفع به الناس ـ اقتصاديا ـ "وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ"، لكنَّه محرم.
قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ: "وكذلك ابن سينا في "إشاراته" أمر بسماع الألحان، وبعشق الصور، وعل ذلك مما يزكي النفوس، ويهذبها، ويصفيها، وهو من الصابئة الذين خلطوا بها من الحنيفية ما خلطوا، وقبله الفارابي كان إماما في صناعة التصويت، موسيقاويا عظيما". ["الاستقامة": (ص 239، 240)].

10 ـ قال الشَّيخ ـ سدَّده الله ـ:
(وذكر الحكماء قديما أن النفس إذا حزنت خمدت نارُها، فإذا سمعت ما يطربها ويسرها اشتعل منها ما خمدت.
فالصوت الحسن مراد السمع، ومرتع النفس، وربيع القلب، ومجال الهوى، ومسلاة الكئيب، وأنس الوحيد، وزاد الراكب؛ لعظم موقع الصوت الحسن من القلب، وأخذه بمجامع النفس).

ـ قال أبو عبد الله ـ عفا الله عنه ـ:
الصوت الحسن إذا استعمل في تلاوة القرآن كان له وقع على القلب، وأخذ بمجامع النفس، وهذا عند من "إذا تليت عليهم آياته زادهم إيمانا"، فسماع القرآن تطمئن القلوب له وبه؛ قال تعالى: "أَلاَ بِذِكرِ اللهِ تَطمَئِنُّ القُلُوبُ".
أما أهل السماع المحدث؛ فإنهم يجدون لذة في سماع الغناء لا يجدونها في سماع القرآن، قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ: "وكذلك قد يفضلونه على سماع القرآن إذا رأوا أنه ما يحصل بسماع الألحان أكثر مما يحصل بسماع القرآن، وهم في ذلك يضاهون لمن يوجب من الكلام المحدث ما يوجبه، ولمن يفضل ما فيه من العلم على ما يستفاد من القرآن والحديث". ["الاستقامة": (ص 236)].
قال الغزالي ـ رحمه الله ـ مؤكدا هذه الحقيقة الصوفية ـ: "فاعلم أن الغناء أشد تهييجا للوجد من القرآن من سبعة أوجه". ["الإحياء": (6/1172)]، ثم ذكرها، وهي أوجه باطلة.
قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ: "فنناشد أهل السماع بالله الذي لا إله إلا هو: هل لهم في السماع مثل هذا الذوق، أو شيء منه؟ نناشدهم بالله: هل يدعهم السماع يجدون هذا الذوق في الصلاة، ونحن نحلف عنهم أن ذوقهم ضد هذا الذوق، ومشربهم ضد هذا المشرب، ولولا خشية الإطالة لذكرنا نبذة من ذوقهم تدل على ما وراءها، ولا يخفى على من له أدتى حياة قلب، الفرق بين ذوق الأبيات وذوق الآيات، وبين ذوق القيام بين يدي رب العالمين والقيام بين يدي المغني، وبين ذوق اللذة والنعيم بمعاني ذكر الله وكلامه، وذوق معاني الغناء الذي هو رقية الزنا والتلذذ بمضمونها، فما اجتمع ـ والله ـ الأمران في قلب إلا وطرد أحدهما صاحبه، ولا تجتمع بنت عدو الله وبنت رسول الله عند رجل واحد أبدا". ["الكلام على مسألة السماع": (ص 217، 218)].
كلام جميل، يشفي العليل، ويروي الغليل، فكيف يجتمع في قلب قارئ!! ذوق القرآن، وذوق الغناء؟!

11 ـ قال الشَّيخ ـ سدَّده الله ـ:
(وقد صح عن عمر ـ رضي الله عنه ـ، أنه قال: الغناء من زاد الراكب. وكان له مغني [كذا!] اسمه خوَّات ربما غنى له في سفره حتى يطلع السحر. ويعلم كل أحد من عمر؟).

ـ قال أبو عبد الله ـ عفا الله عنه ـ:
الأثر رواه البيهقي في "الكبرى" (9182)، وابن وهب ـ كما في "التمهيد" (22/ 197) ـ عن زيد بن أسلم عن أبيه: سمع عمر رجلا يتغنى بفلاة من الأرض، فقال: الغناء من زاد الراكب.
قال ابن عبد البر ـ رحمه الله ـ بعد حديث مالك: "فَرَفَعَ بِلاَلٌ عَقِيرَتَهُ" ـ: "وفي هذا الحديث دليل على أنَّ رفع الصَّوت بإنشاد الشِّعر مباح؛ ألا ترى أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يُنكِر على بلال رفعَ عقِيرَتِه بالشِّعر، وكان بلال قد حمله على ذلك شدَّة تشوُّقه إلى وطنِه؛ فجرى في ذلك على عادته، فلم يُنكِر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عليه، وهذا الباب من الغِناء قد أجازه العلماء، ووردت الآثار عن السَّلف بإجازته، وهو يسمَّى: غناء الركبان، وغناء النَّصب، والحِداء، هذه الأوجه من الغناء لا خلاف في جوازها بين العلماء". ["التمهيد": (22/196، 197)].
ثم ساق ـ رحمه الله ـ الآثار الدالة على جواز الحداء، ثم قال: "فهذا مما لا أعلم فيه خلافًا بين العلماء؛ إذا كان الشِّعر سالما من الفحش والخنى.
وأمَّا الغناء الَّذي كرهه العلماء؛ فهذا الغناء بتقطيع حروف الهجاء، وإفساد وزن الشِّعر، والتَّمطيط به طلَبًا للَّهو والطَّرب، وخروجًا عن مذاهِب العَرَب، والدَّليل على صحَّة ما ذكرنا: أنَّ الَّذين أجازوا ما وَصَفنا مِن النَّصب والحِداء هم كرِهُوا هذا النَّوع من الغِناء، وليس منهم من يأتي شيئًا وهو ينهَى عنه".
وقال الطبري: "وهذا النَّوع من الغناء هو المطلَق المباح بإجماع الحجَّة، وهو الَّذي غُنِّي به في بيت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فلم يَنْهَ عنه، وهو الَّذي كان السَّلف يجيزون ويسمعون.
وإنَّما تسمِّيه العرَبُ النَّصب؛ لنصب المتغنِّي به صوتَه، وهو الإنشاد له بصَوتٍ رفِيعٍ". ["شرح ابن بطال على البخاري": (4/560) بتصرف يسير].
قال ابن رجب ـ رحمه الله ـ: "فأكثر العلماء على تحريم ذلك ـ أعني سماع الغناء وسماع آلات الملاهي كلها ـ، وكل منها محرم بانفراده وقد حكى أبو بكر الآجري وغيره إجماع العلماء على ذلك والمراد بالغناء المحرم ما كان من الشعر الرقيق الذي فيه تشبيب بالنساء ونحوه مما توصف فيه محاسن من تهيج الطباع بسماع وصف محاسنه فهذا هو الغناء المنهي عنه". ["نزهة الأسماع": (1/25)].
إذًا؛ الأثر ليس فيه دليلٌ على ما أراد الشَّيخ! بل فيه حجة عليه.
وأمَّا أثر خوات؛ فرواه ابن عبد البر في "الاستيعاب" (ص 245) في ترجمته، والبيهقي في "الكبرى" (9185).
وخوات هذا: هو ابن جبير بن النعمان؛ يكنى أبا عبد الله، وقيل: أبا صالح، كان أحد فرسان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، شهد بدرا هو وأخوه عبد الله، وقيل: لم يشهد بدر لأنه أصيب في الطريق إليها، فضرب له رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بسهمه، ويعد من أهل المدينة، وتوفي بها أربعين وهو ابن أربع وتسعين سنة.
وهو صاحب قصة ذات النحيين في الجاهلية. ["الاستيعاب": (ص 244، 245)].

12 ـ قال الشَّيخ ـ سدَّده الله ــ:
(وقد تنازع النَّاس في الغناء منذ القِدَم, ولن أستطيع في رسالة كهذه أن أنهي الخلاف، وأن أقطع النِّزاع، ولكنِّي أردت فقط الإشارة إلى أنَّ القول بإباحته ليس بِدعا مِن القَول، ولا شذوذًا، بل وليس خروجا على الإجماع، إذ كيف يكون إجماع على تحريمه وكل هؤلاء القوم من العلماء الأجلاء أباحوه؟).

ـ قال أبو عبد الله ـ عفا الله عنه ـ:
العبرة في هذا كله بالدليل، ولا يحتج بالخلاف؛ فإن الناس اختلفوا في معنى (لا إله إلا الله) إلى أقوال، مع ذلك؛ فإن الحق فيمن فسرها بـ(لا معبود بحق إلا الله) أو ما قام معناه.
أما الإجماع؛ فقد حكاه الآجري ـ كما سبق في كلام ابن رجب ـ.
وعلى فرض أن المسألة فيها خلاف؛ فهل نترس به؟ أم نبحث عن الدليل؟

13 ـ قال الشَّيخ ـ سدَّده الله ـ:
(ومن أكبر دلائِل إباحَتِه: أنَّه ممَّا كان يُفعَل إبَّان نزول القُرآن، وتحت سمعِ وبصَر الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فأقرَّه، وأمَر به، وسمِعه، وحثَّ عليه، في الأعراس، وفي الأعياد).

ـ قال أبو عبد الله ـ عفا الله عنه ـ:
الظَّاهر أن الشَّيخ ـ سدده الله ـ لم يفرِّق بين ما سبق ذكرُه من الحِداء، والنَّصب، وبين الغناء الَّذي يريد إباحتَه!
وقد سبق كلام أهل العلم في الفرق بينهما.
وكونه يفعل والقرآن يتنزل: هذا من أفرى المفتريات؛ فإننا نتحدى الكلباني أن يأتي بأثارة من ذلك، إلا ما كان من باب "يا أنجشة".
وأما النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فمنزه سمعه عن الغناء، وحاشاه أن يقر عليه أصحابه ـ فضلا عن أن يحثهم عليه ـ.
وأما إذنه لهم في الأعراس والأعياد؛ فأترك الحافظ ابن رجب يجيب على هذا الفهم الضعيف؛ قال ـ رحمه الله ـ: "والرخصة في اللهو عند العرس تدل على النهي عنه في غير العرس، ويدل عليه قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في حديث عائشة المتفق عليه في "الصحيحين": لما دخل عليها وعندها جاريتان تغنيان وتدفان، فانتهرهما أبو بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ، وقال: مزمور الشيطان عند رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ؟! فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "دَعهُما فَإِنَّهَا أَيَّامُ عِيدٍ"، فلم ينكر قول أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ، وإنما علل الرخصة بكونه في يوم عيد؛ فدل على أنه يباح في أيام السرور: كأيام العيد، وأيام الأفراح: كالأعراس، وقدوم الغُيَّاب، ما لا يباح في غيرها من اللهو". ["تفسير ابن رجب": (2/79، 80)].

14 ـ قال الشَّيخ ـ سدَّده الله ـ:
(ومن دلائل إباحته أيضًا: أنك لن تجد في كتب الإسلام ومراجعه نصًّا بذلك؛ فلو قرأت الكتب الستة لن تجد فيها باب تحريم الغناء، أو كراهة الغناء، أو حكم الغناء، وإنما يذكره الفقهاء تبعا للحديث في أحكام النكاح وما يشرع فيه، وهكذا جاء الحديث عنه في أحكام العيدين وما يشن فيهما، ولهذا بوب البخاري رحمه الله تعالى: باب سنة العيدين لأهل الإسلام. ثم ذكر حديث عائشة رضي الله عنها وأرضاها. أعني حديث الجاريتين وغنائهما بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم وفي بيته).

ـ قال أبو عبد الله ـ عفا الله عنه ـ:
أما قضية النص؛ فسيأتي الكلام على أدلة تحريم الغناء ـ إن شاء الله ـ.
أما تبويب أهل الحديث لحكم الغناء في كتبهم؛ ولا إخال الشيخ اطلع على الكتب الستة! فقد جاء في:
ـ "سنن أبي داود": عقد (باب في النهي عن الغناء) من (كتاب الأدب)، وفيه حديث الجارية التي قالت: "وفينا نبيٌّ يعلَم ما في غَدٍ"، ثم (باب كراهية الغناء والزمر)، وفيه عن نافع قال: سمع ابنُ عمر مزمارًا، قال: فوضع إصبعيه على أذنيه، ونأى عن الطَّريق، وقال لي: "يا نافِعُ! هل تسمع شيئًا؟ قال: فقلت: لا. قال: فرفَع إصبعيه من أذنيه، وقال: "كنتُ مع النَّبيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ فسمع مثل هذا فصنَع مثل هذا".
ـ "سنن النسائي": عقد (باب الرخصة في الاستماع إلى الغناء وضرب الدف يوم العيد) من (كتاب صلاة العيدين)، وساق فيه حديث الجاريتين.
وقول النسائي: (باب الرخصة في الاستماع) مخرَّج على قول ابن رجب السابق.
ـ "سنن ابن ماجه": عقد (باب الغناء والدف) من (كتاب النكاح)، وساق فيه الحديث الذي ساقه أبو داود، وحديث الجاريتين.
وهذا فيه إشارة إلى تحريم الغناء في غير هذا الموطن؛ قال السيوطي في "حاشيته" (1/ 750 ـ ط.ابن أبي علفة): "وفيه دليل على جواز الغناء، وضرب الدف عند النكاح والزفاف للإعلان"، وقال ـ في حديث الجاريتين ـ: "دل الحديث على إباحة مقدار يسير في يوم العيد، وغيره من مواضع يباح السرور فيها، ويكون من شعائر الإسلام؛ كالأعراس والولائم". (1/ 751).
وقد جرت عادة أهل العلم في التبويب لهذا الحكم؛ فـ:
ـ البخاري في "الأدب المفرد" عقد (باب الغناء واللهو)، وفيه عن عبد الله بن دينار قال: خرجت مع عبد الله بن عمر إلى السُّوق؛ فمرَّ على جاريةٍ صغيرة تغنِّي فقال: "إنَّ الشَّيطان لو ترك أحدًا لترك هذه".
ـ وعقد (باب الغناء)، وذكر فيه أثر ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ في تفسير قوله تعالى: "وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشتَرِي لَهوَ الحَدِيثِ".
ـ البيهقي في "الكبرى" (10/377) عقد (باب الرجل يغني ويتخذ الغناء صناعة يؤتى عليه، ويأتي له، ويكون منسوبًا إليه مشهورًا به، معروفًا، أو المرأة)، ثم ساق الأدلة على تحريم الغناء.
ـ عبد الرزاق في "مصنفه" (11/ 4) عقد (باب الغناء والدف)، ثم ساق حديث الجاريتين.
ـ ابن الأثير في "جامع الأصول" (8/ 453) عقد (الكتاب السادس في الغناء واللهو)، ثم ساق حديث الجاريتين.
هذه بعض تبويبات أهل الحديث، التي تدل على فقههم لتلك الأحاديث المحرمة للغناء، وكون الحديث يذكر في (كتاب النكاح) أو (كتاب البيوع)، أو يعقد له كتاب مستقل لا يهم، وإنما هذا يدل على تعدد فوائده، ولهذا ترى البخاري ـ رحمه الله ـ يقسم الحديث قطعا، على أبواب متفرقة، مما يدل على كمال فههم؛ حتى قيل: "فقه البخاري في تراجمه".
والله أعلم.

التعديل الأخير تم بواسطة أبو معاذ محمد مرابط ; 11 Jul 2010 الساعة 05:48 PM
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 05 Jul 2010, 02:43 PM
حسن بوقليل
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

قصف البناء المشيد لتحليل الغناء ـ وقفات مع الكلباني ـ
الحلقة (3)



15 ـ قال الشَّيخ ـ سدَّده الله ـ:
(والرد على أدلة المحرمين ومناقشتها يطول، ولكني أشير إلى نكتة ينبغي أن يتنبه لها المسلم، ولو قلت إنها من قواعد الدين لمن تأمل فلعلي لا أخالف الحق، فإنك لو نظرت في الكتاب والسنة النبوية ستجد أن كل ما أراد الله تحريمه قطعا نص عليه بنص لا جدال فيه، وهكذا كلُّ ما أوجبه الله، نص عليه نصا لا جدال فيه، وكل ما أراد أن يوسع للناس ويترك لهم المجال ليفهموا من نصوص كتابه، أو سنة نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ جاء بنص محتمل لقولين أو أكثر، ولهذا اتفق الناس في كل زمان ومكان على عدد الصلوات، وأوقاتها ـ أصل الوقت ـ وعلى ركعات كل صلاة، وهيئة الصلاة، وكيفيتها، واختلفوا في كل تفصيلاتها تقريبا، فاختلفوا في تكبيرة الإحرام حتى التسليم، والمذاهب في ذلك معروفة مشتهرة. وهكذا في الزكاة، وفي الصيام، وفي الحج!
فإذا كان الخلاف في أركان الإسلام، مع اتفاقهم على تسميتها، فكيف بغيره، حتى إنهم اختلفوا في النطق بالشهادتين! وليس هذا إلا من توسعة الله تعالى على عباده.
فلو كان تحريم الغناء واضحا جليا لما احتاج المحرمون إلى حشد النصوص من هنا وهناك، وجمع أقوال أهل العلم المشنعة له، وكان يكفيهم أن يشيروا إلى النص الصريح الصحيح ويقطعوا به الجدل، فوجود الخلاف فيه دليل آخر على أنه ليس بحرام بين التحريم، كما قرر الشافعي. وقد قال ابن كثير رحمه الله، إذ تكلم عن البسملة واختلافهم في كونها من الفاتحة أم لا، قال ما نصه: ويكفي في إثبات أنها ليست من الفاتحة اختلافهم فيها).

ـ قال أبو عبد الله ـ عفا الله عنه ـ:
استدلال الشيخ ـ سدده الله ـ بالخلاف، وعدم ورود النص الصريح قد يفتح عليه باب شر؛ وهو أن يستدل بكلامه أهل البدع على بدعهم، وما دخل أهل البدع على أهل السنة إلا بمثل هذا الكلام؛ (لا يوجد نص صريح)، (هناك خلاف بين أهل العلم)، ... إلخ قاموسهم.
وسيأتي ـ إن شاء الله تعالى ـ ذكر الأدلة الصريحة في تحريم الغناء.

16 ـ قال الشَّيخ ـ سدَّده الله ـ:
(وهذا دليل من أقوى الأدلة على إباحته حيث كان موجودا ومسموعا، ومنتشرا، حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة: هذه قينة بني فلان. أتراه يعلم أنها مغنية ولم ينهها عن الغناء، ولم يحذر من سماعها، بل على العكس من ذلك فقد قال لعائشة: أتحبين أن تغنيك!).

ـ قال أبو عبد الله ـ عفا الله عنه ـ:
الحديث الذي ساقه رواه الإمام أحمد في "مسنده" (15720)، وصححه العلامة الألباني في "الصحيحة" (3281).
والمقصود من الحديث الغناء المباح، وهو الذي سبقت إليه الإشارة في كلام ابن عبد البر، والطبري، وابن رجب، ولهذا قال ابن مفلح الحنبلي!! ـ بعد سوقه له ـ: "فيحمل على غناء مباح". ["الفروع": (7/189 ـ ط. التركي)].
وهذه مشكلة الشيخ ـ سدَّده الله ـ؛ يحمل النُّصوص الواردة في الحِداء والنَّصب على الغِناء الَّذي أراده، وشتان بين الثرى والثريا.

17 ـ قال الشَّيخ ـ سدَّده الله ـ:
(فسبحان الله! كيف تعارض مثل هذه النصوص بالمشتبهات من نصوص التحريم، ثم يعاب على المتمسك بالنص الواضح الصريح، الصحيح، ويرمى بالشذوذ والجهل، وينصح بالتوجه إلى سوق الخضار، ويتمنى أن يسجن ويقطع لسانه، وكل من قرأ القرآن وتدبره، علم أن أصحاب الباطل، ومن لا يملك دليلا أو حجة يدمغ بها الحجة الواضحة الدامغة لا بد له أن يلجأ إلى التفرعن، "مَا أُرِيكُم إِلاَّ مَا أَرَى"، "لَئِنِ اتَّخَذَتَ إِلَهًا غَيرِي لأَجعَلَنَّكَ مِنَ المَسجُونِينَ"، فدليل عجز فرعون مقارعة موسى عليه السلام في الحجة، ووضح حجة موسى، ألجأ فرعون إلى التهديد بالسجن والقتل.
وهكذا كل من لا يملك حجة، ولا دليلا يقارع به البينات لا بد أن يلجأ إلى الحيدة، والتركيز على شخصية حامل الدليل، لا على الدليل نفسه، وانظر ذلك في كل قصص الأنبياء، كل من كفر وعاند لم يأت ببنية واحدة على عناده واستكباره سوى اتهام الرسول بالجنون أو السحر والكذب والكهانة، "كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِن قَبلِهِم مِن رَسُولٍ إِلاَّ قَالُوا سَاحِرٌ أَو مَجنُونٌ، أَتَوَاصَوا بِهِ، بَل هُم قَومٌ طَاغُونَ").

ـ قال أبو عبد الله ـ عفا الله عنه ـ:
قياس مع فارق!
كيف تقيس من جاءك بأدلة التحريم؛ من الأئمة الكبار ـ الَّذين يأتي ذكرهم، وقد حرَّفت مقصود كلامهم ـ على الكفَّار في مخاطبتهم للرسل ـ عليهم الصلاة والسلام ـ؟
العلماء جاءوك ـ وغيرك ـ بأدلة كثيرة في تحريم الغناء، راجع:
ـ ""الاستقامة" لشيخ الإسلام الحنبلي!!
ـ "الكلام على مسألة السماع" لابن القيم الحنبلي!!
ـ نزهة الأسماع" لابن رجب الحنبلي!!

18 ـ قال الشَّيخ ـ سدَّده الله ـ:
(ولهذا سأبدأ مقالتي هذه بذكر المجيزين على طريقة الإجمال، ليتبين المنصف أني لست منفردا بهذا القول، بل قد قال به من لا يمكن لأي كان أن يصفهم بجهل، أو يزعم أنهم لم يعرفوا الناسخ والمنسوخ، والمطلق والمقيد، وتلك الشنشنة التي نعرفها من أخزم!).

ـ قال أبو عبد الله ـ عفا الله عنه ـ:
بل قد ذكرت المجزين على طريقة التحريف لمقصودهم، فتبين للمنصف أنك لا تحسن نقل كلام أهل العلم في مسألة فقهية قتلها العلماء بحثا.
أما تلك الشنشنة التي تعرفها ـ أنت ـ من أخزم؛ فإني أبرأ إلى الله ـ عز وجل ـ منهم، وأربأ بك أن تكون منهم؛ فترد كلام المانعين!

19 ـ قال الشَّيخ ـ سدَّده الله ـ:
(فأقول مستعينًا بالله: إن كثيرا من أئمة الدين المشهود لهم بالعلم والديانة المشهورين بالورع والصيانة قد أباحوا الغناء، وكانت صناعة الغناء مشهورة عند أسلافنا عبر كل القرون, فقد حفظ لنا التاريخ أسماء كثيرة ممن كانت لهم شهرة ذائعة في صناعة الغناء وتطريبه والبراعة في صياغة ألحانه, حتى صار الغناء من أشهر النوادر والملح التي لا يخلو منها كتاب من كتب الأدب والتأريخ!).

ـ قال أبو عبد الله ـ عفا الله عنه ـ:
هذا الكلام فيه ما فيه، وبيانه:
ـ قوله: "إن كثيرا من أئمة الدين المشهود لهم بالعلم والديانة المشهورين بالورع والصيانة قد أباحوا الغناء": هذا كلام يحتاج إلى استقراء آرائهم، وقد سبق أن الآجري ـ ومن هو ـ حكى الإجماع على خلاف هذا، كما نقله عنه ابن رجب الحنبلي!!
ـ قوله: "وكانت صناعة الغناء مشهورة عند أسلافنا عبر كل القرون": نعم كانت مشهورة في بعض المناطق، ولكن أنكرها أهل العلم، كما سيأتي ـ إن شاء الله ـ.

20 ـ قال الشَّيخ ـ سدَّده الله ـ:
(فممَّن اشتهر به وذاع صيته...).

ـ قال أبو عبد الله ـ عفا الله عنه ـ:
ذكر الشيخ ـ سدده الله ـ جملة ممن نسب إليهم أنهم كانوا يرون حل الغناء، أو يتَّخذونه صنعة، وللأسف جلهم ليس من أهل العلم؛ وأذكر مثالا هنا؛ فـ:
ـ عبدالله بن جعفر بن أبي طالب:
قال ابن عبد البر المالكي ـ رحمه الله ـ: "هو أول مولود ولد في الإسلام بأرض الحبشة، وقدم مع أبيه المدينة، وحفظ من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وروى عنه، وتوفي بالمدينة سنة ثمانين، وهو ابن تسعين سنة.
وكان كريما، جوادا، ظريفا، خليقا، عفيفا، سخيا، يسمى: بحر الجود، ويقال: إنه لم يكن في الإسلام أسخى منه، وكان لا يرى بسماع الغناء بأسا". ["الاستيعاب": (ص 443) بتصرف].
قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ جوابًا على إيراد الكلباني ـ وهو إيراد القشيري كالعادة ـ: "وأمَّا ما يُذكر مِن فِعل عبد الله بن جعفر في أنَّه كان له جارِيةٌ يسمَع غناءَها في بيته، فعبدُ الله بن جعفر ليس ممَّن يصلُح أن يُعارِض قولُه في الدِّين ـ فضلاً عن فِعله ـ لقول ابن مسعود، وابن عمر، وابن عباس، وجابر، وأمثالهم.
ومنِ احتَجَّ بفِعل مثل عبد الله في الدِّين في مثل هذا لزِمَهُ أن يحتَجَّ بفِعل مُعاوِية في قتاله لعلِيٍّ، وبفِعل ابن الزُّبَير في قتاله في الفُرقة، وأمثال ذلك، ممَّا لا يصلُح لأهل العِلم والدِّين أن يُدخِلوه في أدلَّةِ الدِّين والشَّرع، لا سيما النسَّاك والزهَّاد، وأهلُ الحقائق لا يصلُح لهم أن يتركُوا سبِيلَ المشهورِين بالنُّسُكِ والزُّهد بينَ الصَّحابة ويتَّبِعوا سبيلَ غيرِهم.
وما أحسَن ما قال حذيفة ـ رضي الله عنه ـ: يا مَعشَرَ القُرَّاء! استقِيمُوا، وخُذوا طرِيقَ مَن كان قبلَكم؛ فَوَاللهِ لَئِن اتَّبَعتُموهم لقَد سبَقتُم سَبقًا بعِيدًا، ولَئِن أَخذتُم يمِينًا وشِمالاً لقَد ضَلَلتُم ضلالاً بعِيدًا. ["الاستقامة": (1/281، 282)].
وقال سماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله ـ: "وهكذا ما يروى عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ من سماع الغناء، وشراء الجواري المغنيات يجب أن يحمل على الشيء اليسير الذي لا يصد عن الحق، ولا يوقع في الباطل، مع أن ابن عمر والحسن البصري قد أنكرا عليه ذلك.
ومعلوم عند أهل العلم والإيمان أن الحق أولى بالاتباع, وأنه لا يجوز مخالفة الجماعة والأخذ بالأقوال الشاذة من غير برهان, بل يجب حمل أهلِها على أحسن المحامل مهما وجد إلى ذلك من سبيل, إذا كانوا أهلا لإحسان الظن بهم لما عرف من تقواهم وإيمانهم". ["مجموع الفتاوى": (3/421)].
ـ ومحمد بن الحسن بن مصعب:
هو المصعبي. انظر: "الوافي بالوفيات" للصفدي (2/249).
ولم يذكر فيه العلم، والدِّيانة، وأنَّه من مشاهير أهل العِلم!!
ـ والبَردان:
قال الصَّفدي في ترجمته: "هو البَردان ـ بفتح الباء الموحدة وسكون الراء، وقيل بردان بضم الباء ـ وهو لقب عليه، ولم أقَع له على عِلمٍ.
كان البردان مغني أهل المدينة، أخذ الغناء عن معبد وجميلة وعزة الميلاء، وكان مقبول الشهادة، وكان يتولى السوق بالمدينة". ["الوافي بالوفيات": (10/69)].
فأين هو العلم، والديانة، ووو؟!
فلا ينبغي الاستدلال بمثل هؤلاء على جواز الغناء، وهذا ما يؤسف له؛ أن يصل إمام مسجد! ومن أم الملايين في أفضل مسجد! إلى أن يستدل بالمغنين على جواز الغناء!!

كتبه أبو عبد الله حسن بن داود بوقليل ـ عفا الله عنه ـ.
يتبع ـ إن شاء الله ـ.
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 07 Jul 2010, 10:32 PM
أبو يوسف سمير أبو يوسف سمير غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2010
المشاركات: 18
افتراضي

وانشاء الله سأنقل أقوال بعض الصحابة والتابعين في ذم الغناء وآلات اللهو
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 08 Jul 2010, 10:06 AM
أبو معاذ محمد مرابط
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

جزاك الله خيرا
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 08 Jul 2010, 01:21 PM
أبو يوسف سمير أبو يوسف سمير غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2010
المشاركات: 18
افتراضي

بارك الله فيك أخي الحبيب محمد ونفع بك
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 09 Jul 2010, 08:31 AM
أبو مالك بوبكر جامع أبو مالك بوبكر جامع غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2010
الدولة: قسنطينة - الجزائر
المشاركات: 47
افتراضي سلسلة حكم الغناء في الإسلام

جزاكم الله خيرا جميعا
و أحيطكم علما أن الشيخ عبد المالك رمضاني - حفظه الله -
له (سلسلة حكم الغناء في الإسلام ) وهي سلسلة فريدة من نوعها
فصل فيها الشيخ الكلام عن الغناء والمعازف
وهي عبارة عن 10 مواد صوتية كالآتي:

1- حكم الغناء
2- أسماء الغناء
3- تتمة أسماء الغناء
4- أثر السمع في تكوين الإنسان وسلوكه
5- تابع لتأثير السمع على الإنسان وبيان بعض مساوئه
6- ما يجوز من الغناء وضوابط ذلك
7- تابع لما يجوز من الغناء وضوابط ذلك
8- الرد على شبهات من يُجيز الغناء
9- حكم التغني بالقرآن الكريم
10- حكم ما يسمى بالأناشيد الإسلامية

من أراد التحميل من هنا
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 09 Jul 2010, 02:06 PM
شهاب الدين شهاب الدين غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2009
المشاركات: 19
افتراضي

السلام عليكم
شكر الله جهدك أخي أبا عبد الله و و الله إن هذا لهو الجهاد العظيم ...
أما بعد
فإن المتأمل في " حجج " هؤلاء المفتونين ليستشف من كلامهم اعتزال فقهي – إن صح التعبير – و تحكيم للعقل فى مورد النص على سنة إبليس " أنا خير منه خلقتني من نار ... " و تذرع بعلم المقاصد – بزعمهم – و هو – و الحق و الحق نقول – لعلم جليل لو كان بيد عالم جليل و لو أنهم أعملوا هذا العلم بضوابطه لكان خيرا لهم و أشد إنكارا للغناء ... و إذا لآتاهم الله من لدنه أجرا عظيما و لهداهم صراطا مستقيما ... يقول الإمام ابن القيم – رحمه الله - : ( و معلوم عند الخاصة و العامة أن فتنة سماع الغناء و المعازف أعظم من فتنة النوح بكثير , و الذي شاهدناه نحن و غيرنا و عرفناه بالتجارب : أنه ما ظهرت المعازف و آلات اللهو في قوم و فشت فيهم و اشتغلوا بها إلا سلط الله عليهم العدو , و بلوا بالقحط و الجدب و ولاة السوء , و العاقل يتأمل أحوال العالم و ينظر , و الله المستعان ) – مدارج السالكين - ... و هكذا يضيف الكلباني نفسه إلى القائمة السوداء ... " فقهاء الغناء و المعازف " ... القرضاوي , الجديع ,المرعشلي , الثقفي ... لا كثرهم الله ... و إن هذه الفاقة لتزيد أهل السنة إيمانا مع إيمانهم و تجدد لهم يقينهم بصدق الرسالة المحمدية حيث أخبر الصادق المصدوق أنه سيكون من أمته من يستحل المعازف فقال عليه الصلاة و السلام : "ليكونن من أمتي قوم يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف " صدق رسول الله و الحمد لله على كل حال ....
هدية :
http://www.archive.org/download/Radd...addQardJed.pdf

التعديل الأخير تم بواسطة شهاب الدين ; 09 Jul 2010 الساعة 02:13 PM
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 10 Jul 2010, 01:27 PM
حسن بوقليل
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

جزاك الله خيرا أخي أبا بكر، وأرجو أن تشارك إخوانك الطلاب في هذا المنتدى المبارك، وتتحفهم بالمفيد.

التعديل الأخير تم بواسطة حسن بوقليل ; 10 Jul 2010 الساعة 01:34 PM
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 12 Jul 2010, 09:46 AM
أبو معاذ محمد مرابط
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

وهذه المادة الصوتية للشيخ عبد المالك

ستطبع بإذن الله
رد مع اقتباس
  #11  
قديم 13 Jul 2010, 06:18 PM
أبو يوسف سمير أبو يوسف سمير غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2010
المشاركات: 18
افتراضي

قول أبي بكر رصي الله عنه في ذم الغناء وآلات اللهو:
في الصحيحين وغيرهما, عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل أبو بكر وعندي جاريتان من جواري الأنصار تغنيان بما تقاولت الأنصار يوم بعاث, قالت: وليستا بمغنيتين; فقال أبو بكر. أمزامير الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ?وذالك في يوم عيد, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(( يا أبا بكر. إن لكل قوم عيدا, وهذا عيدنا)).
قال الشيخ حمود التويجري رحمه الله: فلم ينكر رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي بكر رضي الله عنه تسمية الغناء مزامير الشيطان, وأقر الجاريتين, معللا تركهما بأنها أيام عيد.
وإذا كان الغناء بأشعار الشجاعة والحروب من مزامير الشيطان, فكيف بأشعار الخلاعة والمجون التي هي غالب بضاعة أهل الإذاعات, وأكبر مقاصد الأكثرين من المتخذين لآلات اللهو والمعازف?!.
وإذا كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه قد أنكر الغناء بأشعار الشجاعة والحروب من جاريتين ليستا بمغنيتين, فكيف لو سمع ما يذاع الآن في أشرف البقاع وأحبها إلى الله تعالى, فضلا عما يذاع في غيرها من البلاد الإسلامية?! فالله المستعان.
قد يقول قائل ممن هو على مذهب الكلباني أصلحه الله أن بعض العلماء يقولون بكراهة الغناء,ألا فليعلموا أن ماروي عنهم من الكراهة إنما ذلك في الأشعار الزهديه الملحنة, لا في الأشعار المطربة التي تهيج الطباع إلى العشق والهوى, وتدعو إلى الفسق والفجور.


قال ابن القيم في مدارج السالكين: هيهات هيهات أن يكون أحد من أولياء الله المتقدمين حضر هذا السماع المحدث المبتدع المشتمل على هذه الهيئة التي تفتن القلوب أعظم من فتنة المشروب -يعني الخمر- وحاشا أولياء الله من ذلك, وإنما السماع الذي اختلف فيه مشايخ القوم اجتماعهم في مكان خال من الأغيار يذكرون الله ويتلون شيئا من القرآن, ثم يقوم بينهم قوال ينشدهم شيئا من الأشعار المزهدة في الدنيا المرغبة في لقاء الله ومحبته وخوفه ورجائه والدار الآخرة, وينبههم على بعض أحوالهم من يقظة, أو غفلة, أو بعد, أو انقطاع, أو تأسف على فائت, أو تدارك لفارط , أو وفاء بعهد, أو تصديق بوعد, أو ذكر قلق وشوق, أو خوف فرقة أو صد, وما جرى هذا المجرى, فهذا السماع الذي اختلف فيه القوم, لا سماع المكاء والتصدية, والمعازف والخمريات, وعشق الصور من المردان والنسوان, وذكر محاسنها ووصالها وهجرانها, فهذا لو سئل عنه من سئل من أولي العقول لقضى بتحريمه, وعلم أن الشرع لا يأتي بإباحته, وأنه ليس على الناس أضر منه ولا أفسد لعقولهم وقلوبهم وأديانهم وأموالهم وأولادهم وحريمهم منه.

التعديل الأخير تم بواسطة أبو معاذ محمد مرابط ; 14 Jul 2010 الساعة 05:05 PM
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 14 Jul 2010, 09:36 AM
حسن بوقليل
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

جزاك الله خيرا أخي أبا يوسف على النقل المفيد.
وبارك الله في إخواني الطلبة على الإفادة.
رد مع اقتباس
  #13  
قديم 14 Jul 2010, 10:19 AM
أبو يوسف سمير أبو يوسف سمير غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2010
المشاركات: 18
افتراضي

وفيكم بارك الله أخي الحبيب سليم وأسأل الله أن يجعل ماتقدم لإخوانك في ميزان حسناتك
رد مع اقتباس
  #14  
قديم 14 Jul 2010, 10:23 AM
حسن بوقليل
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

قصف البناء المشيد لتحليل الغناء ـ وقفات مع الكلباني ـ
الحلقة (04)

20 ـ قال الشَّيخ ـ سدَّده الله ـ:
(وممن أباحه وأفتى بجوازه مع الأوتار:
ـ (الإمام الحافظ أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي):
قال ابن الجوزي ـ رحمه الله ـ: "وكان له حفظ الحديث ومعرفة به، وصنَّف فيه، إلا أنه صنَّف كتابًا سمَّاه "صفوة التَّصوُّف" يضحَك منه مَن يراه، ويَعجَب مِن استِشهاده على مذاهِب الصُّوفية بالأحاديث الَّتي لا تناسب ما يحتج له من نصرة الصوفية، وكان داودي المذهَب [أي: ظاهرِيًّا]؛ فمَن أثنى عليه فلأجل حِفظه للحديث، وإلاَّ فالجَرح أولى به". ["المنتظم": (17/136)].
وقال ابن ناصر: "ابن طاهر لا يحتج به، صنف في جواز النظر إلى المرد، وكان يذهب مذهب الإباحة.
قال الذهبي ـ متعقِّبًا ـ: "قلت: معلوم جواز النظر إلى الملاح عند الظاهرية، وهو منهم". ["تذكرة الحفاظ": (ص 1244)].
وقد نسب ابن طاهر في رسالته هذه إباحة الغناء للإمام مالك ـ رحمه الله ـ، وهو كذب عليه؛ قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ: " كما كذبوا عليه [يقصد مالكًا] أنه كان يأخذ طنبورا يضرب به ويغني، لما كان في المدينة من يغني، حتى إن أكثر المصنفين في إباحة السماع كأبي عبدالرحمن السلمي، والقشيري، وأبي حامد ومحمد بن طاهر المقدسي وغيرهم، يذكرون إباحته عن مالك، وأهل المدينة، وهو كذب؛ فإنَّه قد علم بالتَّواتر من مذهبه النَّهي عن ذلك". ["الرد على البكري": ( / )].
ـ (ونص على إباحة الغناء ابن رجب الحنبلي العالم الشهير صاحب الفنون):
وهذا كذب على ابن رجب الحنبلي ـ رحمه الله ـ؛ فقد نقل عن الآجري ـ رحمه الله ـ الإجماع على تحريم الغناء ["نزهة الأسماع": (1/25)] ـ كما سبق بيانه ـ!!
ـ (ونقل أبو طالب المكي إباحة الغناء عن عبدالله بن جعفر وابن الزبير والمغيرة بن شعبة, وقال: وقد فعل ذلك كثير من السلف صحابي وتابعي):
سبق الكلام عن نسبة إباحة الغناء إلى الصحابي الجليل عبد الله بن جعفر ـ رضي الله عنه ـ، وأزيد هنا نقلا عن الإمام الألباني ـ رحمه الله ـ؛ فقد قال: "والخلاصة أننا نبرئ عبد الله بن جعفر ـ رضي الله عنهما ـ من أن يكون اشترى الجارية من أجل ضربها على العود لما سبق تخريجه، وإلا فلا حجة في غير كتاب الله وسنة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، ولا سيما وقد قال عبد الله بن عمر ـ وهو أفقه منه وأعلم ـ: "حسبك اليوم من مزمور الشيطان". ["تحريم آلا ت الطرب": (ص 104)].

21 ـ قال الشَّيخ ـ سدَّده الله ـ:
(قال: ولم يزل الحجازيون عندنا بمكة يسمعون السماع في أفضل أيام السنة وهي الأيام المعدودات التي أمر الله عز وجل عباده فيها بذكره كأيام التشريق. ولم يزل أهل المدينة ومكة مواظبين على السماع إلى زماننا هذا).

ـ قال أبو عبد الله ـ عفا الله عنه ـ:
يقال له: من هم هؤلاء الناس الذين كانوا يفعلونه في الحجاز ومكة والمدينة؟ هل هم أهل العلم والديانة ـ كما زعمت من قبل فتبين أنه لا علم لهم ـ؟
يحكي لنا شيخ الإسلام ابن القيم ـ رحمه الله ـ عن أعمالهم تلك؛ فيقول: "ومن أعظم المنكرات: تمكينهم من إقامة هذا الشعار ـ الملعون هو وأهله ـ في المسجد الأقصى عشية عرفة، ويقيمونه أيضا في مسجد الخيف أيام منى؛ وقد أخرجناهم منه بالضرب والنفي مرارا، ورأيتهم يقيمونه بالمسجد الحرام نفسه، والناس في الطواف، فاستدعيت حزب الله، وفرَّقنا شملهم، ورأيتهم يقيمونه بعرفات، والناس في الدعاء، والتضرع، والابتهال، والضجيج إلى الله، وهم في هذا السماع الملعون؛ باليراع والدف والغناء!
فإقرار هذه الطائفة على ذلك؛ فسق يقدح في عدالة من أقرَّهم ومنصِبه الدِّيني". ["إغاثة اللهفان": (1/421)].

22 ـ قال الشَّيخ ـ سدَّده الله ـ:
(فأدركنا أبا مروان القاضي وله جوار يسمعن الناس التلحين قد أعدهن للصوفية).

ـ قال أبو عبد الله ـ عفا الله عنه ـ:
وهذا فيه رد عليك؛ إذ فيه أنه أعد للصوفية، ولا يخفاك كلام أهل العلم في سماع الصوفية، وقد رد عليهم:
شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ في "الاستقامة".
ابن القيم ـ رحمه الله ـ في "الكلام على مسألة السماع".
الآجري في "تحريم النرد والشطرنج والملاهي".
وغيرهم من العلماء الكبار.

23 ـ قال الشًّيخ ـ سدَّده الله ـ:
(قال: وكان لعطاء جاريتان تلحِّنان، وكان إخوانه يستمعون إليهما.
قال: وقيل لأبي الحسن بن سالم: كيف تنكر السماع وقد كان الجنيد وسري السقطي وذو النون يسمعون! فقال: كيف أنكر السماع وأجازه وسمعه من هو خير مني. وقد كان عبد الله بن جعفر الطيار يسمع. وإنما أنكر اللهو واللعب في السماع).

ـ قال أبو عبد الله ـ عفا الله عنه ـ:
تتبع زلات العلماء يؤدي إلى الزندقة ـ والعياذ بالله ـ، وهذه الآثار التي ساقها؛ إن صحت فإنها تحمل على أحسن المحامل إن استطعنا إلى ذلك سبيلا ـ كما سبق في كلام شيخ الإسلام ـ، فنحملها على الغناء الجائز؛ وهو الحداء ونحوه.

24 ـ قال الشَّيخ ـ سدَّده الله ـ:
(وذكر أبو طالب المكي في قوت القلوب عن شعبة أنه سمع طنبورا في بيت المنهال بن عمرو المحدث المشهور).

ـ قال أبو عبد الله ـ عفا الله عنه ـ:
قال الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ: "أصل هذا ما رواه العقيلي في "الضعفاء" (4/237) من طريق وهب ـ وهو ابن جرير ـ، عن شعبة قال: أتيت منزل المنهال بن عمرو؛ فسمعت صوت الطنبور، فرجعت ولم أسأله، قلت: هلا سألته؛ فعسى كان لا يعلم.
قلت ـ الألباني ـ: وإسناده إلى شعبة صحيح، ومنه يتبين أنه لا يجوز حشر المنهال هذا في زمرة القائلين بجواز الاستماع لآلات الطرب فضلا عن استعمالها؛ لاحتمال أنه وقع ذلك دون علمه، أو رضاه...
على أن هذا الأثر يمكن قلبه على المرخصين؛ لأن شعبة أنكر صوت الطنبور، فهو في ذلك مصيب، وإن كان أخطأ في ظنه أن المنهال كان من المرخصين به!". ["تحريم آلات الطرب": (ص 104، 105)].

25 ـ ثم نقل الشَّيخ ـ سدَّده الله ـ بعض أقوال المجيزين، وقال:
(هؤلاء جميعا قالوا بتحليل السماع مع آلة من الآلات المعروفة).

ـ قال أبو عبد الله ـ عفا الله عنه ـ:
لا ينبغي أن تقابل النصوص بهذه الأقوال المحتلمة!
وإلا؛ فإن الأئمة الأربعة على تحريم الغناء والمعازف، قال الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ: "والخلاصة أن العلماء والفقهاء ـ وفيهم الأئمة الأربعة ـ متفقون على تحريم آلات الطرب اتباعا للأحاديث النبوية، والآثار السلفية، وإن صح عن بعضهم خلافه فهو محجوج بما ذكر، والله ـ عز وجل ـ يقول: "فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما"". ["تحريم آلات الطرب": (ص 105)].

26 ـ قال الشَّيخ ـ سدَّده الله ـ:
(وأما مجرد الغناء من غير آلة) ثم ذكر المجيزين!

ـ قال أبو عبد الله ـ عفا الله عنه ـ:
ما ذكر من الآثار هذه فيه ما هو مردود؛ فالإمام مالك، والشافعي، وأحمد على تحريم الغناء، لكن لما خلط الشيخ بين نوعيه ـ الجائز والمحرم ـ التبس عليه الأمر؛ فصار يحمل كل ما ورد عن الأئمة في جواز الغناء على الغناء الذي يقصده.
وقد ذكر أهل العلم ـ ممن ألف في تحريم الغناء وآلاته ـ الآيات، والأحاديث الصحيحة الصريحة على تحريم الغناء، وكذلك الآثار عن السلف الصالحين.
وهنا كلمة تسطر للشيخ الكلباني ـ هداه الله ـ ومن نحا نحوه، ذكرها العلامة الألباني ـ رحمه الله ـ في كتبه الفذ "تحريم آلات الطرب" (ص 119):
"فقد بدا لي أن أتحف القراء بأثر عزيز مفيد؛ لم أر أحدا ممن كتب في (الملاهي) قد تعرض لذكره، وهو عن أحد الخلفاء الراشدين؛ عمر بن عبد العزيز ـ رضي الله عنه ـ، فإن القارئ الكريم سيتأكد منه أن (المعازف) كانت مستنكرة عند السلف، وأن الساعي إلى إشهارها يستحق التعزير والتشهير، فقال الإمام الأوزاعي ـ رحمه الله تعالى ـ: كتب عمر بن عبد العزيز إلى (عمر بن الوليد) كتابا فيه: "... وإظهارك المعازف والمزمار بددعوة في الإسلام، ولقد هممت أن أبعث إليك من يجزُّ جُمَّتَك جمَّةَ سُوءٍ".
أخرجه النسائي في "سننه" (2/178)، وأبو نعيم في "الحلية" (5/270) بسند صحيح، وذكره ابن عبد الحكم في "سيرة عمر" (154-157) مطوَّلا جدًّا، ورواه أبو نعيم (5/309) من طريق أخرى مختصرًا جدًّا.
فلا غرابة إذن أن يكتب ـ أيضًا ـ عمر إلى مؤدِّب ولدِه يأمرُه أن يربِّيَهم على بغض الملاهي والمعازف، فقال أبو حفص الأموي عمر بن عبد الله قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى مؤدِّب ولدِه يأمرُه أن يربِّيهم على بغض (المعازف):
"ليكن أوَّلَ ما يعتقدون من أدَبك بغضُ الملاهي الَّتي بَدؤُها من الشَّيطان، وعاقبتُها سخَط الرَّحمن، فإنه بلغني عن الثقات من أهل العلم: أنَّ حضور المعازف واستماع الأغاني، واللَّهج بها؛ يُنبِت النِّفاق في القلب كما ينبِت العُشبَ الماءُ، ولعمري لتَوقِّي ذلِك بترك حضور تلك المواطن أيسر على ذي الذِّهن من الثُّبوت على النِّفاق في قلبه".
أخرجه ابن أبي الدنيا في "ذم الملاهي" (ق 6/1)، ومن طريقه أبو الفرج ابن الجوزي (ص 250).
وجملة: "أن الغناء ينبت النفاق" قد صحت عن ابن مسعود موقوفا، ورويت عنه مرفوعًا كما سبق في المقدمة (ص 10)، ويأتي تخريجه في الفصل الثامن (ص 145)".
ـ عاقبة الغناء في الدنيا:
قال ابن الجوزي ـ رحمه الله ـ:
"اعلم أنَّ سماع الغناء يجمع شيئين:
أحدهما: أنَّه يُلهي القلب عن التَّفكر في عظمة الله سبحانه، والقيام بخدمته [وهذا من ألفاظ الصوفية].
والثاني: أنَّه يُمِيله إلى اللَّذَّات العاجلة الَّتي تدعو إلى استيفائها؛ من جميع الشَّهوات الحسِّية، ومعظمها النِّكاح، وليس تمام لذَّته إلاَّ في المتجدِّدات، ولا سبيل إلى كثرة المتجدِّدات من الحِلِّ؛ فلذلك يحثُّ على الزِّنا، فبين الغناء والزِّنا تناسبٌ مِن جهة أنَّ الغناء لذَّة الرُّوح، والزِّنا أكبر لذَّات النَّفس، ولهذا جاء في الحديث: "الغناء رقية الزِّنا".
وهذا لأنَّ الالتِذاذ بشيءٍ يدعو إلى التِذاذِه بغيره؛ خصوصًا ما يناسبه.
ولما يئِس إبليس أن يسمع من المتعبِّدين شيئًا من الأصوات المحرَّمة كالعود؛ نظَر إلى المعنى الحاصل بالعود، فدرَجه في ضمن الغِناء بغير العود، وحسَّنه لهم.
وإنَّما مراده التَّدريج من شيءٍ إلى شيءٍ، والفقيه من نظر في الأسباب والنَّتائج، وتأمَّل المقاصد". ["المنتقى النفيس": (ص 289) للشيخ علي الحلبي].
هذا في الدنيا؛ فأما الآخرة فقد ذكر ابن القيم شيئا من ذلك في "الإغاثة"، و"الداء والدواء".
وقد اكتفيت بهذا النقل متطفلا على الأكابر، فأرجو الله أن يعصمني من الزلل، وأن يصلحني والمسلمين أجمعين.
والحمد لله أولا وآخرا.
وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.

كتبه أبو عبد الله ـ عفا الله عنه ـ
في مجالس آخرها صبيحة الأربعاء
02 شعبان 1431 / 14 يوليو 2010م
رد مع اقتباس
  #15  
قديم 14 Jul 2010, 05:26 PM
أبو يوسف سمير أبو يوسف سمير غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2010
المشاركات: 18
افتراضي

والله يا أبا عبد إن من أعظم وسائل إبليس التي أضل بها عباد الله وصدهم عن هداه الموسيقى والغناء .
والموسيقى والغناء أخي سليم سبب كبير من أسباب العزوف عن سماع كلام الله, وثقله على القلوب, وعدم تأثرها بما جاء فيه, حتى إن البعض ليبكي ويخشع عند سماع الأغاني الحزينة كما يقولون, ولا يخشع ولا يبكي عند سماع كلام الله تعالى, ولا شك ولا ريب أن من كان هذا حاله فإنه لن يستطيع إتباع هدى الله تعالى.
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013