منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02 Mar 2020, 09:10 AM
جمال بوعون جمال بوعون غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2019
المشاركات: 103
افتراضي (بيانُ كيدِ المفرّقين في صدِّ الشباب عن العلماءِ الربانيين ويتضمن مخالفة المفرقين لبعض أصول الفتوى وآدابها)

(بيانُ كيدِ المفرّقين في صدِّ الشباب عن العلماءِ الربانيين
ويتضمن مخالفة المفرقين لبعض أصول الفتوى وآدابها)
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فهو المهتدي ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وبعد:
فإن للعلماء الربانيين مكانة عظيمة في دين الإسلام، قال الآجري رحمه الله في كتابه (أخلاق العلماء)(ص11 -12) مُبيِّنا مكانة العلماء:
[بهم يعرف الحلال من الحرام والحق من الباطل والضار من النافع والحسن من القبيح، فَضْلُهم عظيم وخطرهم جزيل ورثة الأنبياء وقرة عين الأولياء الحيتان في البحار لهم تستغفر والملائكة بأجنحتها لهم تخضع والعلماء في القيامة بعد الأنبياء تشفع مجالسهم تفيد الحكمة وبأعمالهم ينزجر أهل الغفلة هم أفضل من العُبَّاد وأعلى درجة من الزهاد، حياتهم غنيمة وموتهم مصيبة، يُذَكِّرون الغافل ويُعَلِّمون الجاهل، لا يُتَوقَّع لهم بائقة ولا يُخَاف منهم غائلة، بحسن تأديبهم يتنازع المطيعون وبجميل موعظتهم يرجع المُقَصِّرون، جميع الخلق إلى علمهم محتاج والصحيح على من خالف بقولهم محجاج، الطاعة لهم من جميع الخلق واجبة والمعصية لهم محرمة، من أطاعهم رشد ومن عصاهم عند....فهم سراج العباد ومنار البلاد وقوام الأمة وينابيع الحكمة، هم غيظ الشيطان، بهم تحيا قلوب أهل الحق وتموت قلوب أهل الزيغ، مثلهم في الأرض كمثل النجوم في السماء يهتدى بها في ظلمات البر والبحر إذا انطمست النجوم تحيروا وإذا أسفر عنها الظلام أبصروا.اهـ

ولما علِم أهلُ الباطل – وعلى رأسهم إبليس اللعين - هذه الحقيقةَ العظيمة وأيقنوا أن العلماء هم من يكشف زيفهم ويبيِّن باطلهم كَرِهوا أهل العلم وأبغضوهم، وتمنّوا موتهم وسَخَّروا كلَّ جهودِهم للنيل منهم وسعوا في إذايتهم باللسان والبنان، وشَوَّهوا صورتهم عند الناس ليصرفوهم عنهم.
مشى أهلُ الباطل على هذه السيرة القبيحة من قديم الزمان إلى وقتنا هذا الذي ظهر فيه هذا التشويه للعلماء بصورة واضحة وأُذيع وأشيع عبر وسائل الإعلام المختلفة، وقد كان للحزبيين من (الإخوان) ومن سار على طريقتهم النصيبُ الأوفر في الطعن في علمائنا، فرَمَوْهم بـ (العمالة) وقالوا عنهم (لا يفقهون الواقع) وقالوا (منشغلون بالحواشي والكتب الصفراء) وقالوا عنهم (علماء حيض ونفاس) و قالوا عنهم (وهابية) و (جامية) و (مدخلية) إلى غير ذلك من الطعونات الفاجرة الواردة في قاموس هؤلاء.
ولا زال أهل السنة السلفيون يُعظِّمون علماءَهم ويوقّرونهم ويتمسكون بغرزهم حتى حدثت الفتنةُ العظيمة فتنةُ المصعفقة المُفَرّقين الطاعنين في السلفيين، فتنةٌ قامت على طرفي نقيض (تعصبٌ شديد وتقديسٌ مقيت لشيوخ التفريق) من جانب، و من جانب آخر (ظلمٌ وبغيٌ وهضمٌ وكذبٌ وافتراء على العلماء وطلبة العلم)، وقد حاول رؤوس التفريق كابن هادي وفركوس وجمعة ولزهر في بداية الفتنة أن يكون الشيخ ربيع والشيخ عبيد في صفّهم، إلا أن الشيخين حفظهما الله تفطّنا لمكيدةِ القوم ولمشروعِهم التفريقي التخريبي،
فتكلّم الشيخان ونصحَا وحذّرا وأمرا بِلَـمِّ الشّمل وتركِ الفُرقة والبعد عن البغي والظلم، وكتب المشايخُ وطلبةُ العلم بيانات ونصائح وتوضيحات وسجّلوا في ذلك صوتيات فَرِحَ بها أهل السنة واطمأنت لها قلوبُهم، وكانت سببا في رجوع كثير من المُغرّر بهم أخذًا بنصائح العلماء واتباعا للحق والدليل.
فلمّا رأى رؤوس التفريق أن الشباب سيرجع وأن الأمور ستتضح لجؤوا إلى مسلكٍ آخر وهو الطعن في العلماء بطرقٍ ماكرة وأساليب ملتوية مع تظاهرهم بتوقيرهم وإجلالهم، فقالوا عنهم (إنهم مُغلق عليهم) و (أنهم محاطون ببطانة سيئة) و (أنهم يُملى عليهم) و (أنهم كبُروا في السن وخرّفوا) و (أنهم لا يدرون ما يدور حولهم) ...
فصدَّقَ فئامٌ من الشباب المُغَرَّر بهم هذه الافتراءات ونَـأَوْا بأنفسهم وعزلوها عن هؤلاء العلماء، فحصلَ بذلك شرٌّ كبير، وأحدثت هذه الفتنةُ مفاسدَ كبيرة وخلّفت آثارا سيئة وخِيمة، من أخطر تلكم الآثار السيئة: فصل الشباب السلفي عن العلماء الربانيين، فأصبحت نصائحُ العلماء عند هؤلاء غير مسموعة، وطريقتهم عندهم غير متبوعة.
إن الرجوع إلى العلماء الربانيين ولزوم غرزهم والصُّدور عن فتاويهم وتوجيهاتهم من أعظم الأصول التي قام عليها المنهج السلفي وهو من الصِّلة التي أمر الله عز وجل بها في قوله {وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ} وحذّر من قطعها في قوله {الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} ولا شك أن صَدّ الشباب عن علمائهم من أكبر القطيعة التي نهى الله تعالى عنها، وهي من الإفساد في الأرض، وأهلُها متوَعّدون بالخسار واللعنة والعياذ بالله.
لا أريد أن أتحدث عن فصل الشباب عن الشيخ ربيع والشيخ عبيد حفظهما الله، فإن هذا أمرٌ بُدِئت به الفتنة من أول يوم، وأدرك العقلاءُ خطورة ذلك و سوءَ عاقبته، وظهرت مغبّتُه السيئة لكل سلفي غيور، ولقد تَكَلَّمَ على ذلك العلماءُ وطلبةُ العلم وكتبوا فيه، ولا يزال الشباب السلفي يتجرّع مرارة ذلك.
ولكن أريد أن أتكلم عن الامتداد الفظيع لهذا الفصل إلى بقية العلماء الأفاضل وخاصة منهم كبارُهم كأمثال الشيخ الفوزان والشيخ عبد المحسن والشيخ اللحيدان وغيرهم، الذين أجمع السلفيون على إمامتهم والرجوع إليهم.
ويزداد الأمرُ فظاعة وخطورة إذا زُهِد في هؤلاء العلماء و تُركَ الرجوع إليهم في جميع المسائل والقضايا الصغيرة منها والكبيرة حتى في نوازلها، اكتفاءً بمن نُصِّبَ –زورًا- مفتيًا في النوازل و مرجِعًا في القضايا الكبار.
ولقد كان الشباب السلفي منذ مدة غير بعيدة إذا نزلت بهم نازلة هَرَعُوا إلا علمائهم الكبار يسألون هذا وهذا، لا يقتَصِرون على واحد منهم، ليس تشهيا واتباعا للأهواء ولكن تَثَبُّـتًا و تثبيتا للفتوى وزيادةً في طمأنينة القلوب، وهذا ليس بِدعًا من العمل فقد روى الخطيب البغدادي في (الفقيه والمتفقه (2/428/1412)) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (إن كنتُ لأسأل عن الأمر الواحد ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم)
فكُنّا نرى ونسمع الفتاوى تتوالى من العلماء يُعزِّزُ بعضُهم بعضًا، ويفرحُ السلفيون بما فتح الله عليهم من نصائح وتوجيهات لعلمائهم.
لا زال السلفيون على ذلك حتى وقعت الفتنة و رَكِب كثيرٌ من الناسِ الصعبَ والذَّلول، فاختار المفرّقون لأنفسهم خُطّةً غيرَ التي كان عليها أسلافُهم، فحصروا المرجعية والفتوى في الدكتور فركوس ولم يُعرِّجوا على غيره حتى في نوازل الأمور، وجعلوا منه مفتيا في النوازل، و رَضُوا بما يقوله لهم من غير تحَرٍّ ولا تمحيص، فالقول قوله وإن خالف الدليل، فلم يرضوا به بدلًا ولم يبغوا عنه حِولًا.
و لكي يتمّ لهم مشروعُهم فقد استعملوا طرقًا ماكرة في ربط الشباب بالدكتور، فغرسوا فيهم تعظيمه وتقديسه والغلو فيه إلى حدِّ اعتقاد أن الدكتور لا يمكن أن يخطئ، ولجأ الرؤوس والأبواق إلى اصطناع هالات كبيرة من الألقاب التي فُخِّم بها الدكتور فهو (مفتي نصف الكرة الأرضية) و (هو الإمام في كثير من الفنون، وهو ابن تيمية الجزائر، وألْبَانِيُّها، و ابن عثيمينها، وفوزانها، وريحانتها، وتاج رؤوسها، ومفخرتها...)
وهذه كانت طريقةً أخرى ونوعا آخر من المكر السيئ الذي سلكه المفرقون في فصل الشباب السلفي عن علمائهم بدعوى (أنَّ عندنا إماماً عالما نرجع إليه وهو أعرف بما يدور في هذا البلد وأعرف بمن تكلم فيهم، فنحن في غنىً عن غيره).
وهذا كلّه على مرأى و مسمعٍ من الدكتور ولم يُنكِرْهُ مما يدلُّ على أنّه راضٍ به ويُريده، والقرائن تدلُّ على ذلك، وما قوله (تكفيني الإمامة في الدين) عنّا ببعيد.
وقد كان من نتائج الفتنة الحاصلة مخالفةُ كثير من أصول العلم، ومنها مخالفة بعض أصول الفتوى وآدابها، ولذلك أردتُ أن أقف مع الدكتور وأتباعه وقفات تتعلق بموضوع الفتوى والله المستعان وعليه التكلان:
الوقفة الأولى: إن من النتائج السيئة التي تمخضت عنها فتنة التفريق: حصرُ المرجعية والفتوى في الدكتور فركوس، وهذا أمرٌ استفاض وذاع وشاع حتى أكّده عبد المجيد جمعة في جلسته مع الشيخ ربيع حفظه الله إذ أعلن –كاذبًا- أنهم لا علاقة لهم بمحمد بن هادي وأن فركوس أعلم منه وأن المرجع إليه في هذه القضية.
فكيف يرضى الدكتور لنفسه وهو ممن يُنسب إلى العلم والفقه أن تُحصر المرجعية العلمية فيه؟ وأن يُغالى فيه مثل هذا الغلو؟ وأن يرضى أن يتحمّل عبء الفتوى في النوازل وغيرها لوحده وهو يعلم خَطَرها؟ و أيُّ فرقٍ بين هذا الذي صار إليه المُفرِّقة وبين المتعصِّبين الذين يحصرون المرجعية في مذاهبهم؟ ولا يتعدّون بالفتوى حدود أمصارهم؟
أنا لا أريد أن أقول إن الدكتور ليس أهلا أن يُفتي فيما كان قادراً عليه، فأنا لم أقصد هذا ولكن أريد أن أقول: إن العالِـم الحقيقي الورِع يسعى في درأ الفتوى عن نفسه ما أوتي إلى ذلك سبيلا، ولقد كان علماءُ السلف من الصحابة رضي الله عنهم وغيرهم يتدافعون الفتوى ويتدارؤونها خوفا من مغبّتها، فعن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : (أدركتُ عشرين ومئة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الأنصار، إذا سئل أحدهم عن الشيء أحب أن يكفيه صاحبه) [رواه الدارمي (1/111) و ابن عبد البر في "جامع بيان العلم" (2/163) والآجري في "أخلاق العلماء" (ص 114) واللفظ له]
وقد بوّب ابن عبد البر رحمه الله في كتابه "جامع بيان العلم وفضله" (2/1120)(باب تدافع الفتوى وذمّ من سارع إليها).
وروى الآجري في "أخلاق العلماء" (ص115) عن المعافى بن عمران قال: سألت سفيان فقال : (أدركت الناس ممن أدركت من العلماء والفقهاء وهم يترادُّون المسائل يكرهون أن يجيبوا فيها فإذا أعفوا منها كان ذلك أحب إليهم)
وقال الإمام مالك رحمه الله: (ما شيء أشدَّ عليَّ من أن أُسأل عن مسألة من الحلال والحرام، لأنّ هذا هو القطعُ في حكم الله، ولقد أدركتُ أهل العلم والفقه ببلدنا وإنَّ أحدهم إذا سئل عن مسألة كأن الموتَ أشرفَ عليه.
ورأيت أهل زماننا هذا يشتهون الكلام فيه والفتيا، ولو وقفوا على ما يصيرون إليه غداً لقَلَّلُوا من هذا، وإن عمر بن الخطاب وعلياً وعلقمة خيار الصحابة كانت تتردد عليهم المسائل وهم خير القرون الذي بعث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم وكانوا يجمعون أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ويسألون حينئذ ثم يفتون فيها، وأهل زماننا هذا قد صار فَخرُهم الفتيا، فبقدر ذلك يفتح لهم من العلم).اهـ["ترتيب المدارك" (1/179)]
قلت: هذا في الفتوى بصفة عامّة، فكيف بالنوازل؟

الوقفة الثانية: ومن الأمور السيئة التي تمخضت عنها فتنة التفريق تنصيب الدكتورِ مفتيًا في النوازل، وهذا الكلام تردّد كثيرا على ألسنة المفرقين وأتباعهم.
إن النوازل لمّا كان أمرُها عظيما كانت في الغالب محلَّ شورى بين العلماء، لا ينفرد الواحدُ منهم بالفتوى فيها إلا مُلجأً، وقد كان الخلفاء الراشدون وهم من هم في العلم والفضل إذا نزلت بهم نازلة جعلوها شورى بينهم، و كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه تنزل به النازلة فيجمع لها المهاجرين والأنصار.
ومن أجْلِ خطر الفتوى وعِظم شأنها وأهمية الشورى فيها استحدث العلماءُ في مثل هذه الأزمان وسائلَ تُمَكِّنُهم من تطبيق هذا المبدأ العظيم فاستحدثوا (اللّجان) و(المجالس) و (الهيئات) و (المجَمَّعات) و (الرابطات) ونحوَها من أجل دراسة المسائل والتشاور فيها وإصدار الفتاوى اللائقة بها، مع أن فيهم من العلماء من هو أهلٌ لأن يفتي بمفرده.
وقد أُلِّفت الكثير من الكتب والبحوث فيما يُعرف بـ(الاجتهاد الجماعي) وذلك لأهميته.
قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله:
(من هو المؤهل للاجتهاد الفقهي كتأهل السلف مع ضعف المناهج في الدراسة وندرة المعلمين الأكفياء وانشغال الناس عن التفقه في الدين حتى ضعفت المدارك وقلت الحصيلة العلمية؟ ومن الذي يكون بمنزلة الأئمة الأربعة وغيرهم من العلماء الراسخين في هذا الوقت.؟.... لما وجد الضعف الفقهي في هذا الزمان أنشئت المجامع الفقهية وهيئة كبار العلماء لحل مشاكل النوازل العامة على ضوء البحوث العلمية المستقاة من الفقه الإسلامي الصحيح لعدم وجود الاجتهاد الفردي المؤهل.اهـ [من مقال (الأمة الإسلامية بحاجة إلى مرفقين: مرفق الإفتاء ومرفق القضاء للعلامة صالح الفوزان بتاريخ: 1434/6/28هـ على موقع ميراث الأنبياء، تحت رابط: is.gd/FXnQZJ]
قلتُ: بل إن الشورى في الفتوى والاستعانة عليها لا تقتصر على النوازل فقط بل فيما هو دون ذلك
قال النووي رحمه الله في كتابه "المجموع" (1/48) وهو يذكر بعض آداب الفتوى: يستحب أن يقرأها على حاضريه ممن هو أهلٌ لذلك ويشاورهم ويباحثهم برفق وإنصاف وإن كانوا دونه وتلامذته للاقتداء بالسلف ورجاء ظهور ما قد يخفى عليه إلا أن يكون فيها ما يقبُح إبداؤه أو يؤثِر السائلُ كتمانه أو في إشاعته مفسدة.اهـ
وقال ابن القيم رحمه الله في "إعلام الموقعين" (2/479) في آداب المفتي:
إن كان عنده من يثق بعلمه ودينه فينبغي له أن يشاوره، ولا يستقل بالجواب ذهابا بنفسه وارتفاعا بها أن يستعين على الفتاوى بغيره من أهل العلم، وهذا من الجهل، فقد أثنى الله سبحانه على المؤمنين بأن أمرهم شورى بينهم وقال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم :{وشاورهم في الأمر} وقد كانت المسألة تنزل بعمر بن الخطاب رضي الله عنه فيستشير لها من حضر من الصحابة، وربما جمعهم وشاورهم، حتى كان يشاور ابن عباس رضي الله عنهما وهو إذ ذاك أحدث القوم سنا ، وكان يشاور عليا  وعثمان وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين.اهـ
إن المتأمّل لمواقف الدكتور في هذه الفتنة و قبلها ليُدرِكُ أن الدكتور لا يحب أن يزاحمه أحدٌ لا في مجال الدعوة ولا في مجال الفتوى إلا إذا أعلن الولاءَ له وعَمِل تحت عباءته، وإلا كيف نُفسّر قلة احتكاكه بالعلماء؟ وكيف نُفسّر عدم عَرض نتاجه العلمي والدعوي على العلماء؟ وكيف نفسر إنشاءه مجلة لوحده؟ وكيف نُفسر استقالته من مجمّع الفضيلة وإرادته للعمل وحده؟ وكيف نفسر قوله: (إن عملي لوحدي أكبر من عمل مشايخ الإصلاح مجتمعين)؟ وكيف نفسر قوله (أنا أكفيكم)؟ وكيف نفسر إعراضه في هذه الفتنة عن عن العلماء الكبار ونصائحهم وترك زيارتهم؟
كل هذه التساؤلات والقرائن والأحداث تُفسّر وتُبيِّن عقلية الدكتور وأنه لا يحب العمل الجماعي الشرعي ولا يحب أن يُزاحَم لا في الدعوة ولا في الفتوى إلا إذا كان هو الآمر الناهي.
الوقفة الثالثة: لعلّ سائلا يسأل: من الذي نصّب الدكتور مفتيا في النوازل و خوّله مثل هذه المهمة الصعبة؟ فالجواب: أن الذي خوّله ذلك هم الرعاع من الناس والمتشبعون بما لم يُعطوا والمتشبهون بالعلماء وليسوا منهم أمثال جمعة ولزهر.
وليت شعري كيف يرضى الدكتور أن يُنَصِّبهُ في هذه المهمة العظيمة–وللأسف الشديد- أمثالُ هؤلاء ؟
ثم كيف يسكُت الدكتور على ذلك ولا ينكره؟ فهذا إن دلّ على شيء فإنما يدل على محبة الدكتور لذلك ورضاه به وطلبِه له، ومن كان كذلك كان حرِيا ألّا يُوَفَّق وأن يُوكلَ إلى نفسه وأتباعه.
لقد كان الدكتور في سِتْرٍ وعافيةٍ لما كان متعاونا مع إخوانه المشايخ مُتَّصِلين بالعلماء، و ظهرت ثمارُ اجتماعهم على الدعوة، لكنه آثر أن ينفِضَ يديه منهم واختار أن ينأى بنفسه عن إخوانه وعن العلماء فكُشفَ السِّترُ وانكشف البهرج.
إن المتعارف عليه بين العلماء أن العالمَ يُؤهّله لمثل هذه المهمّات العظيمة من هو مثله أو أعلم، قال النووي رحمه الله في مقدمة "المجموع شرح المهذب" (1/41):
قال الخطيب ينبغي للإمام أن يتصفح أحوال المفتين فمن صلح للفتيا أقره ومن لا يصلح منعه ونهاه أن يعود وتواعده بالعقوبة إن عاد، وطريق الإمام إلى معرفة من يصلح للفتوى أن يسأل علماء وقته ويعتمد أخبار الموثوق بهم. ثم روى بإسناده عن مالك رحمه الله قال (ما أفتيت حتى شهد لي سبعون أني أهل لذلك)، وفي رواية (ما أفتيت حتى سألت من هو أعلم منى هل يراني موضعا لذلك) قال مالك: (ولا ينبغي لرجل أن يرى نفسه أهلا لشيء حتى يسأل من هو أعلم منه. (انتهى كلام النووي).
أمّا الدكتور فرأينا أن الذي خوّله هذا المنصبَ هم أتباعُه من الرّعاع أو مِن المتشبعين بما لم يُعطَوا كجمعة و لزهر ، ولم نجد كلامًا لأئمة العلم في هذا الزمان من يُؤهل الدكتور لهذا الأمر العظيم، بل وجدنا وصفَ الدكتور بأنه ضعيف في المنهج كما نقله لزهر عن الشيخ ربيع حفظه الله.

الوقفة الرابعة: حتى لو سلّمنا أن الدكتور أهلٌ أن يُفتي في نوازل الفقه وما أشبهه، فمن العجب أن يُنَصَّب مفتيا في نوازل الجرح والتعديل وهو مزجى البضاعة فيه، وقد شهد عليه أقرب الناس إليه وهو لزهر أنه ضعيف في المنهج، وهذا يعلمه القاصي والداني، ولا أَدَلَّ على ذلك من إحالته فيما سبق على غيره من المشايخ للتكلّم في هذه المسائل، بل في بداية الفتنة أحال على الشيخ ربيع واكتفى بكلامه، ثم لما عَرَفَ موقف الربيع منه ومن صاحبيه خالف ما كان يعرف وادّعى لنفسه ما ليس لها وقال (نحن أعرف بهم) وصار يلمز الشيخ ربيعا بأنه (مغلق عليه وأنه يزكي من لا يعرف وأنه يجرح لحظوظ النفس).
وقد أسفرت هذه الفتنة عن جهلِ الدكتور بقواعدِ الجرح والتعديل فقد خرج على الناس بما لم يُسبق إليه كـ (قاعدة التهميش) و (خلطه بين الدلائل والدعاوى)، و(إلقائه الأحكام جزافا دون بيّنات) و (تفريقه بين المتماثلات) و (ومقابلته أسئلة السائلين بأجوبة مغمغمة مجملة غير مفصلات)، ثم لما أعجزته أسئلة السائلين والمتحيِّرين اخترع لهم قاعدة جديدة وهي (قاعدة الوقت جزء من العلاج) ثم لمّا قَوِي الحصار ُ فرّ وجرّ أذيال الهزيمة وقال (طوينا الملف).
فهل مثلُ هذا يصح أن يكون مفتيا في الجرح والتعديل؟
إن الواجب في كلّ فنّ الرجوع إلى أهله، واستفتاءُ رجالِه وفُرسانه، خاصة علم الجرح والتعديل فإنه علمٌ خطير ودقيق، والخطأ فيه تنتج عنه عواقب وخيمة، فإن الخطأ في التعديل يعني التَّغرير بالمسلمين بالأخذ عمّن ليس أهلا، والخطأ في الجرح يعني ظُلمَ المجروح والحيلولة دون انتفاع الناس بعلمه، ولذلك اشترط أهل العلم للمتكلِّم في الجرح والتعديل شروطا مهمة أعظمها العلم والعدل.
قال الحافظ الذهبي رحمه الله: [ولا سبيل إلى أن يصير العارفُ الذي يُزَكّى نقلة الأخبار ويجرحهم جهبذا إلا بإدمان الطلب والفحص عن هذا الشأن وكثرة المذاكرة والسهر والتيقظ والفهم مع التقوى والدين المتين والإنصاف والتردد إلى مجالس العلماء والتحري والإتقان، وإلا تفعل:
فدع عنك الكتابة لست منها * ولو سودت وجهك بالمداد
قال الله تعالى عز وجل: (فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) فأن آنست يا هذا من نفسك فهما وصدقا ودينا وورعا وإلا فلا تتعنَّ، وإن غلب عليك الهوى والعصبية لرأي ولمذهب فبالله لا تتعب، وإن عرفت أنك مُخَلِّط مُخبِّط مُهمل لحدود الله فأَرِحْنا منك فبعد قليل ينكشف البهرج وينكب الزغل ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله، فقد نصحتك فعلم الحديث صلف فأين علم الحديث ؟ وأين أهله ؟ كدتُ أن لا أراهم إلا في كتاب أو تحت تراب.اهـ [ "تذكرة الحفاظ" (1/10)]
والعجيب أن الدكتور فركوس نفسُه على علم بهذه الشروط إذ يقول: (والكلامُ في بيانِ أحوال المجروحين يُعَدُّ وسيلةً نفسُه لا غايةً في حدِّ ذاته، لا يقوم بهذه المَهَمَّة إلَّا أهلُ العلم المعروفون بالأمانة والنزاهة والعدلِ في الحكم، مع الدقَّة في البحث عن أحوالهم، إلى جانب التقوى والورع، والتجرُّدِ مِنَ التعصُّب والهوى، والْتزامِ الحَيْطة والأدب في نقد الرجال؛ حذرًا مِنِ انتهاك الأعراض وتجريحِ الناس مِنْ غيرِ مسوِّغٍ شرعيٍّ؛ لذلك اشترط العلماءُ في قَبولِ الجَرْحِ بيانَ سببِه مفصَّلًا على أَرْجَحِ الأقوال، وهو اختيارُ ابنِ الصلاح والنوويِّ وغيرِهما ذلك لأنَّ الناس قد يختلفون في أسباب الجَرْح: فقَدْ يُقْبَل تجريحُ المجرِّح وقد يُرَدُّ بحسَبِ إدراكِ صحَّةِ سببه أو تَفاوُتِ أنواعه.اهـ [http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1103].
والسؤال المطروح هنا: هل كان الدكتور متحليا بهذه الشروط حين أقحم نفسه في هذا الفن العظيم؟
أمّا العقلاء فيعلمون علم اليقين أن الدكتور خاض في هذا الفن فاقدًا العلمَ والعدل، ولذلك كانت عاقبةُ أمره فتنة عظيمة، خاض في هذه الفتنة بغير علم لأنه لم يتقيد بأصول الجرح والتعديل ولا بضوابطه ولا رجَع إلى أهله، وخاض فيها بغير عدل فقد أولغ في أعراض إخوانه واتهمهم بتُهَم كثيرة من غير أن يقيم على ذلك الدلائل.
قال ابن القيم رحمه الله في "إعلام الموقعين" (2/437) في بيان حاجة المفتي إلى العلم بما يفتي فيه وقد نقل عن الإمام أحمد قوله فيما ينبغي أن يكون عليه المفتي :
" أَنْ يَكُونَ قَوِيًّا عَلَى مَا هُوَ فِيهِ وَعَلَى مَعْرِفَتِهِ " قال ابن القيم: أي مستظهرا مضطلعا بالعلم متمكنا منه غير ضعيف فيه؛ فإنه إذا كان ضعيفا قليل البضاعة غير مضطلع به أحجم عن الحق في موضع ينبغي فيه الإقدام لقلة علمه بمواضع الإقدام والإحجام، فهو يقدم في غير موضعه ويحجم في غير موضعه، ولا بصيرة له بالحق ولا قوة له على تنفيذه؛ فالمفتي محتاج إلى قوة في العلم وقوة في التنفيذ فإنه لا ينفع تكلمٌ بحقٍّ لا نفاذ له.]اهـ
رحم الله ابن القيم فقد وضع الدواء على الداء، وبيَّن مكمن الخلل، وكلامه هذا ينطبق على الدكتور فركوس، فإنه لما كان قليل البضاعة في باب الجرح والتعديل والمنهج، فإنه أحجم حيث يجب الكلام و أقدم حيث يجب الإحجام، ففي الفتن التي كان يجب عليه أن يدلو فيها بدلوه ولو على سبيل التأييد للعلماء لم يفعل ذلك فلم نعرف له كلاما في فتنة المأربي ولا الحلبي ولا العيد، بل لم يتكلم الرجلُ حتى في فتنة فالح التي طالته وتأذى بها بل همّش نفسه.
ثم لما تعلّق الأمر بإخوانه مشايخ الإصلاح الذين كانوا عونا له على أمر الدعوة، فإنه شهَر في وجوههم سيف البغي وامتطى جواد الجرح والتعديل والكلامِ في المنهج الذي لا يحسن ركوبه، وتكلم في إخوانه ونطَقَ في غير فنّه فأتى بالعجائب وأحدث فتنة عظيمة وشرخًا كبيرا وثُلمة في الدعوة السلفية من الصعب أن تندمل، ولقد أوقع الدكتورُ نفسَه في ورطة عظيمة كان منزّها عنها وفَقَد مصداقيته عند أهل العلم وعند السلفيين، وهذه عاقبة من زجّ بنفسه فيما لا يُحسِن.
روى الخطيب البغدادي رحمه الله في "الفقيه والمتفقه" (2/401-402): بإسناده عن محمد بن عبد الواحد الزاهد قال: ( كان أبو حنيفة إذا سئل عن شيء من اللغة يقول: إنها ليست من شأني ويتمثل بهذا الشعر:
إن هذا القيــاس في كل فن *** عند أهل العقول كالمـيزان
من تحـلى بغير مـا هو فيه *** فضحته شواهدُ الامتحـان
وجرى في السباق جري سُكَيْتٍ*** خَلَّفَتْهُ الجيادُ يوم الرهان.] اهـ

الوقفة الخامسة:
من أكبر ما يدلّ على أن الدكتور أقحم نفسه فيما لا يُحسِن، تصرُّفاتُه في هذه الفتنة فإنه مع كثرة ما ادّعاه على إخوانه فإنه لم يُقِم على ذلك البيّنات، ولا فَصَّلَ التفصيل الواجب ولا بَيَّن البيان المطلوب، ولكنه ترك الناس في حيرة، مع أن أهل العلم وغيرَهم طالبوه بذلك، ولكنه لم يرفع بذلك رأسًا ولا التفتَ إلى أحد حتى إلى العلماء الكبار، ثم راح يخدَعُ أتباعه بأن المسألة تحتاج إلى وقت وأن الوقت جزء من العلاج.
قال النووي رحمه الله: يلزم المفتي أن يبيِّن الجواب بيانا يُزيل الإشكال.اهـ ["المجموع" (1/47)]
وقال ابن القيم رحمه الله: (لا يجوز للمفتي الترويج وتخيير السائل وإلقاؤه في الإشكال والحيرة، بل عليه أن يبين بيانا مزيلا للإشكال، متضمنا لفصل الخطاب، كافيا في حصول المقصود، لا يحتاج معه إلى غيره). ["إعلام الموقعين" (4/136)].
كان ينبغي على الدكتور أن يكتُب في هذه الفتنة ويُفصِّل و يشرح موقفه ويُبيّن حجّته لأن الأمر يستدعي ذلك، فتنة كهذه تحتاج أن تُكتَب فيها المجلدات و تُحرّر فيها المقالات، لأن الأمر يتعلق بإسقاط ثُلة لا يستهان بها من المشايخ وطلبة العلم السلفيين، ويتعلّق بالكثير من الأتباع رَكِبوا هذه الفتنة على غير بيِّنة، ويتعلق بكثير من المتحيّرين في موقف الدكتور وكلامه، ويتعلّق بعلماء ينتظرون من الدكتور أن يُظهِر دلائله ويُجيبهم عن أسئلتهم الموجهة إليه، فقضيةٌ كبيرةٌ كهذه افترق من أجلها السلفيون لا يمكن أن تَمُرّ و تُمَرّر هكذا بسهولة.
تأمّلوا أيها القراء في منهج أهل العلم -ومنهم الشيخ ربيع حفظه الله- في ردودهم على أهل البدع والمنحرفين كيف يُبيّنون ويُحرّرون المقالات والردود ويُسجّلون الصوتيات، ويُجيبون على التساؤلات ويعقدون المجالس في النصح والبيان ولا يسأمون ولا يمَلّون ويكلّون لأن مرادهم وبُغيتهم هو بيان الحق للناس ونصح المغرّر بهم، بل ونصحا وشفقة على المنحرفين من أن يكثُر أتباعهم فتكثر سيئاتهم.
قال الذهبي رحمه الله في "ميزان الاعتدال" (2/246-247):
قال أبو صالح الفراء: حكيت ليوسف بن أسباط عن وكيع شيئا من أمر الفتن، فقال: ذاك يشبه أستاذه - يعنى الحسن بن حي-، قلت ليوسف: أما تخاف أن تكون هذه غيبة؟ فقال: لِمَ يا أحمق! أنا خير لهؤلاء من أمهاتهم وآبائهم، أنهى الناس أن يعملوا بما أحدثوا، فتتبعهم أوزارهم، ومن أطراهم كان أضرّ عليهم.اهـ
فأين الدكتور فركوس من هذا المنهج السلفي القائم على النصيحة للمؤالف والمخالف؟
إن فركوسا لم يكن ناصحا لا لأتباعه ولا لمن نصب لهم العداء.
الوقفة السادسة:
حتى لو سلمنا أن الدكتور أهلٌ أن يتكلم في الجرح والتعديل، فإن هذا لا يُسَوّغ أن تُحْصَرَ المرجعية فيه فلا يُرجعَ إلى غيره ممن هو أهلٌ لذلك، فكيف إذا وُجِد من هو أعلم وأجلّ وأفضل وأولى بالكلام في هذه المسائل منه وهو الشيخ ربيع حفظه الله؟
إنه لو تكلّم الدكتور لوحده في هذه الفتنة ولم يتكلّم غيره لكان كلامُه محلَّ توقفٍ عند العقلاء لأنّه ليس من أهل هذا الشأن، فكيف وقد تكلّم جهبذُ هذا العلم وفارسُه وهو الشيخ ربيع حفظه الله؟
إن الله تعالى أمَر بالرجوع إلى أهل العلم فقال {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} والمقصود من ذلك أن يُرجَع في كلّ فنٍّ إلى أهله، فما لِهؤلاء المُفرّقة يتركون من أمر الله بالرجوع إليه في مثل هذه القضايا ويرجعون إلى من وُصِف بالضعف في المنهج؟
إنها فاجعة كبيرة أن يُترك من اتفق أئمة السلفية في زمانهم (ابن باز والألباني وابن عثيمين والوادعي والنجمي و زيد ابن هادي وغيرهم) على تزكيته ومعرفة قدره بل و عُدَّ عندهم من أئمة هذا الشأن، ومن شاء الاطلاع على بعض ذلك فليرجع إلى كتاب "الثناء البديع من العلماء على الشيخ ربيع" للشيخ خالد الظفيري.
إنها فاجعة أن يُترَك الرجوعُ إلى إمام الجرح والتعديل ويُلتفَت إلى ضعيفٍ في المنهج يَتَحرَّجُ من الكلام في مسائله ويُحيل على غيره؟
وإني في هذا المقام أوجّه كلمة للأتباع المُغرّر بهم فأقول:
إذا كان تعصُّبُكم و أهواؤكم قد كبّلَتْكُم من أن تعملوا بما أوجب الله من الرجوع إلى أهل الاختصاص في باب الجرح والتعديل، فعلى الأقل اِعملوا بما سطّره الدكتور فركوس في نصيحة له إذ يقول: [http://www.tasfiatarbia.org/vb/showthread.php?t=9159]
إنَّ الشَّيخ ربيعًا حفظه الله تعالى معروفٌ بعلمه وصناعته الحديثية وتقواه وحرقته على المنهج، والَّذين تكلَّم فيهم ظهروا على ساحات المظاهرات الأخيرة علنًا وبرفع الأصوات على الوجه الَّذي لا يُرتضى : فأيَّدوا الخروج ووقفوا مع الديمقراطيِّين وفتحوا المجال للدخول في المجالس التشريعية، سواءً في مصر أو سوريا أو اليمن وغير ذلك مــمَّا هو مخالفٌ للعقيدة السَّلفية ومنهجها، فتأيَّد بذلك صحَّة طعنه فيهم، وهذا إن دلَّ على شيء فإنما يدلُّ على أنَّ الشَّيخ ربيعًا حفظه الله كان قد تكلَّم فيهم بدرايةٍ وعلمٍ بأحوالهم وتبصُّرٍ بمنهجهم، وبحقٍّ منذ أمدٍ بعيدٍ، وها هو قناعُهم ينكشف في الفتن الأخيرة .
فلو لا هؤلاء العلماء الَّذين قيَّضهم الله لهذه المهامِّ التوجيهية، تحذيرًا للنَّاس من مغبَّة سلوك طريق التحزُّب والخروج لحصل للجزائر -من ذي قبل- نزيفٌ دمويٌّ رهيبٌ ومفسدةٌ اجتماعيةٌ عظمى، وكان الله تعالى العاصمَ، -والحمد لله أوَّلاً و آخرًا .-
وعليه، فالفتن حذَّرنا الله منها بقوله سبحانه: {واتَّقوا فتنةً لاَ تُصيبنَّ الَّذينَ ظَلَمُوا مِنْكُم خَاصَّةً}[ الأنفال: 25] كما حذَّرنا منها النَّبي صلى الله عليه وسلم، سواءً كانت في التَّفرق والاختلاف أو في المداهنة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونحو ذلك، لذلك فالأجدر بالسَّلفيِّ أن يبقى بعيدًا عن الفتن، ويرتبط بالعلماء الرَّبانيِّـــين الَّذين علموا من قواعد الشَّرع الكلِّيَّة ومقاصده السامية وضوابطه المرعيَّة ما يعصم من الزلل ويُتوقى به من الانفلات ،ومن سار خلف مهتدٍ فلن يضلَّ ولن يندم أبدًا.اهـ


الوقفة السابعة:
في الأخير أقول: إن هذه الفِعلة الشنيعة من المفرِّقين تدلُّ على أنهم يَرْمُون إلى أمرٍ عظيم وهو فصل أتباعهم ليس عن الشيخ ربيع والشيخ عبيد فقط بل عن كل العلماء السلفيين.
والذي يؤكد هذا: هو عزوفهم بعد هذه الفتنة عن الرجوع إلى العلماء الكبار أمثال الشيخ ربيع والشيخ عبيد والشيخ الفوزان والشيخ عبد المحسن وغيرهم حتى في المسائل الكبار ، وإن أردتَّ دليلا على ذلك فتأمل كيف صَنَع المفرِّقون في نازلة (الانتخابات) كيف أنهم اكتفوا بالغمغمة والفلسفة التي أسْكَتَهُمْ بها الدكتور فركوس والواتسابيات التي أتحفهم بها جمعة والإشارات التي أشار بها لزهر في تغريداته، ولم يُعَرّجوا أبدا على غيره من العلماء الكبار الربانيين الذين لهم خِبرةٌ بهذه المسائل وتجربةٌ كبيرة في مثل هذه النوازل، مع أن المسألة تحتاج إلى الرجوع إلى أمثال هؤلاء.
وممّا يؤكد أن أتباع المفرّقين قد قطعوا الصلة بالعلماء الكبار وعلّقوا آمالهم وآلامهم على الدكتور فركوس لوحده أنهم يقولون: (ستعرفون قيمة الدكتور فركوس إذا مات ولم تجدوا من تستفتون ولا إلى من ترجعون) هكذا يزعمون مع أنه يوجد ولله الحمد من العلماء من هو أكثر وأكبر وأعلم من الدكتور، لا زال الناس يستفتونهم ويرجعون إليهم، لِتعرِفوا إخواني أن المُفَرّقة لا يرون إلا الدكتور، به يقومون وبه يقعدون، فهل رأيتم مثل هذا التعصب والتقديس؟
ثم إنّا نسأل هؤلاء المفرقين: إلى من كنتم ترجعون قبل ظهور الدكتور؟ إلى من رجع الناس في الفتن الكثيرة التي مرّت بهم في السنوات الماضية فتن الخوارج والشيعة والحزبيين؟ فإن قلتم: رجعوا إلى العلماء المعروفين، قلنا: كذلك يفعَل الناسُ في وقت وجود فركوس وكذلك يفعلون بعد ذهابه.
لقد مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو إمام العلماء والمُفتين فحزن الصحابة وتألَّـموا لذلك ألمًا شديدا وتأسّفوا على انقطاع الوحي، إلا أنهم لم يعتقدوا يوما أن دين الله سينقطع بموت محمد صلى الله عليه وسلم لِعِلمهم أن دين الله محفوظ وأن الأرض لن تخلو من قائم لله بحجة حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
هذه إخواني أمثلة من النتائج الوخيمة التي أثمرتها الفتنة الحاصلة، وهي تدلُّ على خطورة المسلك الذي سلكه المفرقون، والوادي السحيق المُهلك الذي نزله المصعفقون، كما تدلّ على المكر السيّء الذي سلكه رؤوسهم في فصل الشباب السلفي عن علمائهم {ولا يحيق المكر السّيِّء إلا بأهله}.
هذا ما استطعتُ أن أُسطّره في هذه الصفحات حول هذا الموضوع، ولا أدّعي أنّي وفّيت الموضوعَ حقّه، ولكنّه جهد المقل، فما كان فيه من صواب فمن الله وحده، وما كان فيه من خلل وزلل فمني ومن الشيطان، والله المستعان.
وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد ألا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
كتبه: جمال بوعون.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 02 Mar 2020, 10:06 AM
أبوعبد الله مصطفى جمال أبوعبد الله مصطفى جمال غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2019
المشاركات: 66
افتراضي

جزاك الله خيرا أخي الفاضل جمال
مقال موفق ووقفات سبعة جديرة جدا بالتأمل والنظر
وخاصة الوقفة الأولى فهي أم الوقفات الأخرى وهي التي ولدتهم وهي قولك :
الوقفة الأولى: إن من النتائج السيئة التي تمخضت عنها فتنة التفريق: حصرُ المرجعية والفتوى في الدكتور فركوس،
يؤيدها قول فضيلة الشيخ عبد الخالق أن فركوس لا يرى مثل نفسه حتى أن من أسباب الخلاف بينه وبين فركوس حينما أراد الأخير أن يوحد الفتوى في الجزائر - أي حصرها في فركوس وحده -
فعارضه الشيخ عبد الخالق بقوله أن هذا لا يصلح ومخالف لمنهج السلف وذكر له انه حتى في السعوذية التي فيها الهيئة ولجنة الإفتاء لم يعملوا على توحيد الفتوى ولا على حصرها في الهيئة ولا اللجنة الدائمة فكيف بالجزائر .
وبسبب هذا ظهر ذلك القاموس من الألقاب والنعوت من المراجيج لفركوس التي فيها غلو فاضح وشطط بل وكثير من الكذب كقولهم :
العلامة/ العالم /الأصولي /المحدث/ ابن تيمية الجزائر/ خليفة ابن عثيمين/ فوزان الجزائر/ مفتي المغرب/ مفتي افريقيا/ مفتي الغرب الاسلامي / امام في ثمانية فنون/ يقارن بالاوائل في الاصول/ الحافظ /كنز الجزائر وهو أفضل لها من البترول والغاز/ ريحانة الجزائر/ كبير البلد/ تاج الرؤوس/ تجاوز القنطرة / لا يضره تجريح/ لا يتكلم بلا دليل/ لا يخطئ /مؤلفاته من أعظم المؤلفات اثراءا للمكتبة الاسلامية/ اكثر الشخصيات الدينية والعلمية لبلده الجزائر/ عرفت به الجزائر/ صمام الأمان .........
والطامة أنه كما قلت اخي جمال :وهذا كلّه على مرأى و مسمعٍ من الدكتور ولم يُنكِرْهُ مما يدلُّ على أنّه راضٍ به ويُريده، والقرائن تدلُّ على ذلك، وما قوله (تكفيني الإمامة في الدين) عنّا ببعيد.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 02 Mar 2020, 03:46 PM
كريم بنايرية كريم بنايرية غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2019
المشاركات: 113
افتراضي

جزاك الله خيرا... وهو نفس عمل الحجاورة والحدادية من قبل.
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 03 Mar 2020, 12:27 PM
عبد الباسط بن عنتر عبد الباسط بن عنتر غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2017
المشاركات: 20
افتراضي

جزاك الله خيرا أخي جمال
ونفع الله بهذا المقال وجعله في ميزان حسناتك
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 03 Mar 2020, 09:57 PM
قاضي سعيد قاضي سعيد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2019
المشاركات: 23
افتراضي

نفع الله بك وجزاك خيرا على المقال القيم.
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 07 Mar 2020, 04:00 PM
محسن سلاطنية محسن سلاطنية غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2018
المشاركات: 320
افتراضي

جزاك الله خيرا أخي جمال ، نفع الله بمقالك وأيقظ به أقوما من رقدتهم وغفلتهم.
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 11 Mar 2020, 02:59 PM
أبو عبد الله بلال أمقران أبو عبد الله بلال أمقران غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2019
الدولة: الجزائر
المشاركات: 57
افتراضي

جزاك الله خيرا و بارك الله فيك معك الأخ الذي كان جالسا على يمينك في مجلس بومقر عندما ألقيت الكلمة الإفتتاحية تشرفت بلقائكم.
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013