منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 07 Dec 2020, 11:17 PM
الطيب عزام الطيب عزام غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2019
المشاركات: 22
افتراضي لغة العلم

لغة العلم :

للشيخ الفاضل توفيق عمروني حفظه الله تعالى ورعاه .

يتميَّز السَّلفيُّون عن غيرهم أنَّهم يتعاملون بلُغَة العلم الشَّرعي الصَّحيح ، فلا السِّياسَة يُمارسون ، ولا طقُوسَ الصُّوفيَّة يُعانون ، ولا طرائقَ الفَلسَفة يسلُكُون ، ولا أساليبَ الحزبيَّة يستَعملون ، وإنَّما يَشغلُهم العلمُ ـ تعلُّمًا وتعليمًا ـ لكونه الوسيلة النَّاجعَة لانتشال الأمَّة من بَراثن الجهل ، ووضعها على دروب الخير والصَّلاح والفَضيلة ، ولهذا عُلِّقَ نَيْلُ الشَّرف بالعلم ، قال تعالى: ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ﴾[المجادلة:11] ، فلا يُنظر إلى صُورة وخِلقة ، ولا يُلتَفَت إلى نَسَب ووَطَن ، ولا يُعبَأُ بمنصِب ووظيفَة .. وإنَّما العُمدَة على ما يحمله الرَّجل من علم صحيح يرفعه الله به ، ويفتَحُ به قلوبًا غُلفًا وأعيُنًا عُميًا وآذانًا صُمًّا ما يكونُ له الأثَر الجميل على النَّاس ، فهذَا هو العالم الَّذي أُمِرت الأمَّةُ أن تُنزِلَه المنزلةَ الرَّفيعَة ، وتبوِّئَه مقام الإمامة في الدِّين ، وتَسمَحَ لعلمِه بالذُّيوع والانتشار .
وأمَّا النَّغماتُ الجاهليَّة اليوم فهي تُريد لهذَا العلم أن ينحصر مجالُه وتقوَّضَ أركانُه ويُحدَّ انتشَارُه ، ويُصدَّ النَّاسُ عن حَمَلَته بشُبَه واهية ، كقَولهم : إنَّ العالمَ الَّذي بالحجاز أو بالشَّام لا يمكنُ للمَغربي أو الجزائري أن يأخذ عنه العلمَ لاختلافِ الأقاليم والعاداتِ والمذاهِب ونحو ذلكَ ، والحقُّ أنَّه لا يُنكَر أثرُ بعض ذلك في الفتوى ، لكن لا يصحُّ أن يُسحَبَ ليكونَ حجَّةً لحَجْب النَّاس عن العَالِم وحَجْزِهم عن علمِه ، وإنَّ المفتي المؤهَّل يفقَه الواقعَ ، ويفهَمُ الواجبَ في هذا الواقع بإنزال الحكم الشَّرعي المناسب ، فلا يُهمِلُ الفروقَات ، ولا يفرِّقُ بينَ المتمَاثلات .
لهذا لم يكن لهذه الحدودِ الوهميَّة يومًا ما أثرٌ في لغَة العِلم وفي علاقة العالم بالمتعلِّمز، بل لم تحفظ كتب التَّاريخ والتَّراجم سوى التَّواصُل والتَّداخل بين الشُّيوخ والطُلاَّب ، وبين عُلماء الأمصار المختلفة ، فالعراقيُّ يتعلَّم منَ الحِجازي ، والمغربيُّ يروي عن المصري ، واليمني يستَفتي الشَّامي .. وهكذا.
فالعلم حبلٌ متينٌ تُوصَل به الأمَّة ، ولغةٌ حيَّةٌ يتواصل بها أفرادها على اختلاف ألوانهم وأوطانهم وألسنتهم ، لتشتدَّ أواصِرُها ويستَقيمَ أمرُها ، والخائنُ مَن يُحاول قطعَ هذا الحبل أو طمس هذه اللُّغة ، ذلكَ لأنَّ الفتَنَ الواقعةَ اليوم لا يدفعُها علمٌ شاميٌّ أو علم مغربيٌّ أو علم حجازيٌّ ، بل يدفعُها علمٌ شرعيٌّ صحيحٌ مستَمدٌّ من الكتاب والسُّنَّة على فهم السَّلف أيًّا كانَ حاملُه ، فالبلد أو الجهة وصفٌ طرديٌّ لا أثَر له في الحكم ، والعالمُ لا يُصبَغُ علمُه بجنسيِّته ، ولا تُقصَر الاستفادة منه على أهل بلده ، كيفَ وقد شبَّه النَّبيُّ ﷺ العالمَ بالبدر ومعلومٌ أنَّ نورَ البدر يبلُغ جميعَ الأقطار وتَراه جميعُ الأبصارة، إلّا عينٌ عليها غِشَاوَةٌ ، أو عقلٌ سَبَتْه غباوةٌ ... نسأل الله العفو والسَّلامةَ .

رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013