منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 10 May 2012, 12:13 PM
التصفية والتربية السلفية التصفية والتربية السلفية غير متواجد حالياً
إدارة منتدى التصفية و التربية السلفية
 
تاريخ التسجيل: Jan 2007
المشاركات: 444
افتراضي التعليقات على ما ورد في كلام العربي من التخليطات والتغليطات (الحلقة السادسة)

بسم الله الرحمن الرحيم

التعليقات على ما ورد في كلام العربي من التخليطات والتغليطات


(الحلقة السادسة)

(...تابع)

الخامس: أنَّ الظَّاهرية مذهبٌ فقهيٌّ معترف به بين أهل العلم، ولا يزال العلماء قديمًا وحديثًا ينقلون آراءه الفقهية ويرجِّحونها وينتصرون لها، أو يردُّون عليها ويبطلونها، وهذه كتب شيخي الإسلام ابن تيمية وابن القيم، لا تكاد تخلو من مسألة فقهية إلا وفيها حكاية القول عن أهل الظاهر، أو نقل عن إمام الظاهرية ابن حزم.
قال الذهبي "سير أعلام النبلاء" (13|105): «وندري بالضَّرورة أنَّ داود كان يقرئ مذهبه ويناظر عليه ويفتي به في مثل بغداد وكثرة الأئمة بها وبغيرها. فلم نرَهم قاموا عليه، ولا أنكروا فتاويه ولا تدريسه، ولا سعوا في منعه من بثِّه». ثم ذكر أعيان العلماء الذين عاصروه فقال: «وبالحضرة مثل إسماعيل القاضي شيخ المالكية، وعثمان بن بشار الأنماطي شيخ الشافعية، والمروذي شيخ الحنبلية، وابني الإمام أحمد، وأبي العباس أحمد بن محمد البرتي شيخ الحنفية، وأحمد بن أبي عمران القاضي، ومثل عالم بغداد إبراهيم الحربي. بل سكتوا له، حتى لقد قال قاسم بن أصبغ: ذاكرت الطبري - يعني: ابن جرير - وابن سريج، فقلت لهما: كتاب ابن قتيبة في الفقه، أين هو عندكما؟ قالا: ليس بشيء، ولا كتاب أبي عبيد، فإذا أردت الفقه فكتب الشافعي، وداود، ونظرائهما».
فانظر كيف حثَّ الإمام الطبري - إمام السنة في زمانه - بلزوم كتب الشافعي وداود الظاهري، ولم يبدِّع الظاهرية كما فعل الحدادي الجديد العربي؟!
ثم حكى خلاف العلماء في الاعتداد بخلاف الظاهرية، ونقل عن ابن الصلاح - وهو مقرّ له - أنه قال: «وهذا الذي استقر عليه الأمر آخرا، كما هو الأغلب الأعرف من صفو الأئمّة المتأخّرين، الذين أوردوا مذهب داود في مصنّفاتهم المشهورة، كالشيخ أبي حامد الإسفراييني، والماوردي، والقاضي أبي الطيب، فلولا اعتدادهم به لما ذكروا مذهبه في مصنفاتهم المشهورة.
قال: وأرى أن يعتبر قوله، إلا فيما خالف فيه القياس الجلي، وما أجمع عليه القياسيون من أنواعه، أو بناه على أصوله التي قام الدليل القاطع على بطلانها، فاتّفاق من سواه إجماع منعقد».
ثم ختم الإمام الذهبي بالثناء على داود الظاهري وأصحابه فقال: «وفي الجملة، فداود بن علي بصير بالفقه، عالم بالقرآن، حافظ للأثر، رأس في معرفة الخلاف، من أوعية العلم، له ذكاء خارق، وفيه دين متين.
وكذلك في فقهاء الظاهرية، جماعة لهم علم باهر، وذكاء قويّ، فالكمال عزيز، والله الموفّق» انتهى كلام الحافظ الذهبي.
وقال شيخ الإسلام العلامة ابن باز كما في «فتاوى نور على الدرب» (3/ 193): «لكن أهل العلم يستعان بكلامهم ويستفاد من كلامهم في تفسير القرآن، وتفسير السنة وبيان الأحكام لكن لا تقدم آراؤهم المخالفة لشرع الله، على ما قاله الله ورسوله، كُتُب العلماء المعروفين بالسنة والاستقامة، هؤلاء يستفاد من كلامهم وينظر في كتبهم، سواء كانت من كتب الشافعية أو الحنفية، أو المالكية، أو الحنبلية، أو الظاهرية، أو كتب أهل الحديث المتقدّمين، كل هؤلاء يستفاد من كتبهم وينظر فيها، ويستعان بها على فهم كلام الله، وفهم كلام رسوله صلى الله عليه وسلم، ويدعى لهم ويترحم عليهم، لفضلهم وعلمهم».
وقال في المصدر السابق (10/ 271-272): «...وأما قول الإمام: إنّ في الإسلام ألفا وستمائة مذهب هذا الكلام فيه مجازفة وكلام لا ينبغي، فإنه ليس كل مذهب يوجد يعتبر في الإسلام، هناك مذاهب باطلة، وهذه مبالغة قبيحة لا ينبغي للإمام أن يقول مثل هذا، فليس كل مذهب يدعي صاحبه أنه مذهب إسلامي يقبل، فالمذاهب التي لا توافق الكتاب والسنة لا تعتبر، والمذاهب المشهورة أربعة: الشافعية، والحنفية، والمالكية، والحنبلية، وهم أئمة وعلماء كبار، اشتهرت مذاهبهم وانتسب إليهم علماء، فاشتهروا بذلك، ويلحق بهم أيضا مذهب الظاهرية معروف، هذه مذاهب معروفة - إلى أن قال - أما المذاهب الأخرى التي يشير إليها هذا الإمام، فهذه لا يعول عليها، ولا يلتفت إليها بل ينبغي للمؤمن ألا يلتفت إلى غير هذه المذاهب، وهذه المذاهب هي المذاهب المعروفة عند أهل السنة، والمعروفة بالاستقامة وتحري الحق، وعدم الزيغ والبدعة.
أمّا المذاهب الأخرى فإن عند أهلها من البدع وعندهم من الانحراف ما يوجب الوقوف عن الأخذ بمذاهبهم، وعدم النظر فيها خوفا من شرها وبدعتها، ولكن هذه المذاهب الخمسة المعروفة الظاهرية والمذاهب الأربعة تعتني بالسنة والكتاب، وتعتني بأقوال الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، وليس عندهم البدع التي عند غيرهم، فلهذا اقتنع بها أهل العلم، ورأوها مذاهب إسلامية معتبرة».
فانظر - رعاك الله، وسلمك من سوء الفهم والتطاول على أهل العلم -، موقف هذا الإمام شيخ الإسلام. هل يجرأ العربي، ويلتزم برأيه، ويقول: إنّ الشيخ ابن باز - رحمه الله -، قد أشاد بالظاهرية المبتدعة، واعترف بأهل البدع، وعدّهم من أهل السنّة؟!
يا ناطح الجبل العالي لِتُكْلِمَه *** أشفق على الرأس لا تشفق على الجبل
ولو لم يكن من مؤلّفات الظاهرية إلا كتاب «المحلى» لابن حزم، لكفاهم فخرًا وشرفًا، فقد سارت به الركبان، في مختلف الأزمان والأمكان، فهو اسم على مسمّاه، حيث حلاه مصنّفه بالنصوص الشرعية والآثار السلفية، فهو يُعدّ بحقّ «موسوعة فقهية أثرية»، ففيه من الآثار ما لا توجد في المصنفات، والسر في ذلك أنّه انفرد بالرواية عن كبار حفّاظ الأندلس، كالحافظ بقي بن مخلد، والحافظ ابن وضاح وغيرهما.
قال ابن حزم في مقدمة الكتاب (1/21) مبيّنا منهجه فيه: «أما بعد، وفقنا الله وإياكم لطاعته، فإنّكم رغبتم أن نعمل للمسائل المختصرة التي جمعناها في كتابنا الموسوم بـ«المجلى» شرحا مختصرا أيضا، نقتصر فيه على قواعد البراهين بغير إكثار، ليكون مأخذه سهلا على الطالب والمبتدئ، ودرجا له إلى التبحّر في الحجاج ومعرفة الاختلاف وتصحيح الدلائل المؤدية إلى معرفة الحق مما تنازع الناس فيه والإشراف على أحكام القرآن والوقوف على جمهرة السنن الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتمييزها مما لم يصحّ، والوقوف على الثقات من رواة الأخبار وتمييزهم من غيرهم والتنبيه على فساد القياس وتناقضه وتناقض القائلين به، فاستخرت الله عز وجل على عمل ذلك، واستعنته تعالى على الهداية إلى نصر الحق، وسألته التأييد على بيان ذلك وتقريبه، وأن يجعله لوجهه خالصا وفيه محضا آمين آمين رب العالمين».
ولا يزال العلماء في مختلف الأعصار والأمصار يعتنون به، ويستندون إليه، ويعتمدون عليه، وينقلون منه، ويثنون عليه.
قال الحافظ الذهبي في «السير» (18/ 193): « قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام - وكان أحد المجتهدين -: ما رأيت في كتب الإسلام في العلم مثل «المحلى» لابن حزم، وكتاب «المغني» للشيخ موفق الدين». ثم قال الذهبي معلقا على هذا الكلام: « قلت: لقد صدق الشيخ عز الدين.
وثالثهما: «السنن الكبير» للبيهقي.
ورابعها: «التمهيد» لابن عبد البر.
فمن حصل هذه الدواوين، وكان من أذكياء المفتين، وأدمن المطالعة فيها، فهو العالم حقًّا».
ولهذا اعتنى به، لخصّه في كتاب، فسماه: «المستحلى في اختصار المحلى».
وقام الشيخ العلامة أحمد شاكر - رحمه الله - بتحقيقه ونشره، وقد وصف ابن حزم كما في غلاف الكتاب بأنه: «تصنيف الإمام الجليل، المحدّث الفقيه، الأصولي، قويّ العارضة، شديد المعارضة، بليغ العبارة، بالغ الحجة، صاحب التصانيف الممتعة، في المنقول والمعقول، والسنة والفقه، والأصول والخلاف، مجدّد القرن الخامس، فخر الأندلس، أبي محمد علي بن أحمد بن سعيد ين حزم، المتوفى سنة 456هـ».
وإذا كان هذه منزلة «المحلى» فما بال كتابه «الآثار التي ظاهرها التعارض ونفي التناقض عنها» الذي قال فيه الحافظ الذهبي في «السير» (18/ 194): «يكون عشرة آلاف ورقة، لكن لم يتمَّه»، ولو أتمه وحقّق تحقيقا علميا، فليت شعرى في كم مجلد سيخرج؟!
السادس: أن كثيرًا من أهل العلم، قد أثنوا على الظاهرية وأصحابها، ويلزم من ذلك على فهم العربي السقيم، أن يكون هؤلاء العلماء قد أثنوا على المبتدعة.
قال الإمام ابن القيم في «إعلام الموقعين» (3/ 144): «وكيف يُعلِّق الأحكام على مجرّد الألفاظ والصور الظاهرة التي لا مناسبة بينها وبينها ويدع المعاني المناسبة المفضية لها التي ارتباطها بها كارتباط العلل العقلية بمعلولاتها؟ والعجب منه! كيف ينكر مع ذلك على أهل الظاهر المتمسكين بظواهر كتاب ربهم وسنّة نبيّهم حيث لا يقوم دليل يخالف الظاهر، ثم يتمسّك بظواهر أفعال المكلّفين وأقوالهم حيث يعلم أنّ الباطن والقصد بخلاف ذلك؟!».
وقال في مسألة وقوع الطلاق الثلاث طلقة واحدة في «إغاثة اللهفان» (1/ 329): «الوجه العشرون: أنّ هذا مذهب أهل الظاهر: داود، وأصحابه. وذنبهم عند كثير من الناس أخذهم بكتاب ربهم وسنّة نبيّهم، ونبذهم القياس وراء ظهورهم، فلم يعبئوا به شيئا».
وقال أيضا في «إعلام الموقعين» (3/ 147): «فأين القياس وذكر المناسبات والعلل المؤثرة والإنكار على الظاهرية؟ فهل بلغوا بالتمسك بالظاهر عشر معشار هذا؟ والذي يقضي منه العجب أن يقال: لا يعتد بخلاف المتمسكين بظاهر القرآن والسنة، ويعتد بخلاف هؤلاء، والله ورسوله منزه عن هذا الحكم».
وقال في «الزاد» (5/ 300): «والعجب من متعصب يقول: لا يعتدّ بخلاف الظاهرية، ويبحث معهم بمثل هذه البحوث، ويرد عليهم بمثل هذا الرد».
وقال الحافظ الذهبي في «السير» (18/ 190) في إنكاره على أبي بكر بن العربي - الذي استشهد به العربي - في طعنه في ابن حزم: «لم ينصف القاضي أبو بكر رحمه الله - شيخ أبيه في العلم -، ولا تكلّم فيه بالقسط، وبالغ في الاستخفاف به، وأبو بكر، فعلى عظمته في العلم لا يبلغ رتبة أبي محمد، ولا يكاد، فرحمهما الله وغفر لهما».
وقال الشوكاني في "البدر الطالع" (2 / 281) في ترجمة أبي حيان صاحب التفسير: «وكان ظاهريًّا، وبعد ذلك انتمى إلى الشافعي. وكان أبو البقاء يقول: إنّه لم يزل ظاهريًّا. قال ابن حجر: كان أبو حيان يقول: محال أن يرجع عن مذهب الظاهر من علّق بذهنه انتهى».
وقد علّق الشوكاني على هذا كلام أبي حيان فقال: «ولقد صدق في مقاله، فمذهب الظاهر هو أول الفكر وآخر العمل عند من منح الإنصاف، ولم يرد على فطرته ما يغيّرها عن أصلها. وليس هو مذهب داوود الظاهري وأتباعه بل هو مذهب أكابر العلماء المتقيدين بنصوص الشرع من عصر الصحابة إلى الآن وداوود الظاهري واحد منهم. وإنما اشتهر عنه الجمود في مسائل وقف فيها على الظاهر حيث لا ينبغي الوقوف وأهمل من أنواع القياس ما لا ينبغي لمنصف إهماله، والواضح من كتب الظاهرية أنهم لا يهملون هذا النوع من القياس، ولا يسمّى عندهم بالقياس، إنما دلالة النص، والحق أنه أدل في التعبير، والأحرص في حفظ العقل في الخوض في متاهات التأويل، ودلالة النص هو نفسه القياس بالنص عند أصوليين المذاهب».
فتأمّل ما قاله الشوكاني: «وليس هو مذهب داوود الظاهري وأتباعه بل هو مذهب أكابر العلماء المتقيّدين بنصوص الشرع من عصر الصحابة إلى الآن وداوود الظاهري واحد منهم».
فليتجاسر العربي ويقول كما قاله في كاتب هذه الأسطر: «ولم يكن يخطر لي أن [الشوكاني] سيدسُّ جملة في كومة حديثه على حين غفلة من [القراء] تهضم حقوق طبقة من الصحابة أخذت بظاهر النّص لقرائن حالٍ وقفت عليها، صنعُها لا يمتّ بصلة أبدا إلى مذهب الظاهرية المبتدعة، ولا هم سلفهم في الضلال في الأحكام والعقائد كما سيأتي بيانه بإيجاز، إنها والله كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته، يقول هذا من يعرف مذهب أهل الحديث وميّزه عن مذهب الظاهرية.
وليجرأ ويقول: «متى كان الصحابةُ الكرامُ سلفَ الظاهرية المبتدعة يا [الشوكاني!]، إنها كلمة أنت قائلها ومن ورائها إساءة للصحابة الكرام، وليس لك فيها سلف».
قال إمامُ السنّة وعلاّمة اليمن الشيخ مقبل بن هادي الوادعي - قدس الله روحه - في «إجابة السائل عن أهم المسائل» (ص362): «س320 يقول: ابن حزم في المحلى معروف أنه ظاهري المذهب فهل يؤخذ بكل كلامه لأن فضيلتكم توصون به أي المحلى؟
ج320 كتاب المحلى لابن حزم يعتبر كتاب جرح وتعديل وكتاب تصحيح وتضعيف، وهذا ما لا يوجد في كتب الفقه، فأنت إذا نظرت إلى «المغني» أو نظرت مثلا إلى «شرح الأزهار» من كتب الزيدية أو نظرت إلى كتب الحنفية وهكذا حتى إلى «المجموع» للنووي الذي يعتبر من أحسن كتب الفقه ما تجد هذا التصحيح والتضعيف والتخريج والتوثيق والتزييف لما يرى أنه باطل. أما آراء ابن حزم التي تخالف الكتاب والسنة أو تهجّمه على بعض الأئمة فنحن برآء.
وأمّا المذهب الظاهري فالذي ننصح به كل مسلم أن يكون ظاهريا كما قال الشوكاني رحمه الله تعالى في ترجمة أبي حيان صاحب البحر المحيط فإنه ذكر عنه أن من عرف المذهب الظاهري لا يستطيع أن يتركه وأن يتخلص منه. قال الشوكاني: لأنه حقّ لا يمنعني الجمود على مذهب أبي محمد بن حزم رحمه الله تعالى فلسنا ندعو إلى تقليده، ولو كنا ندعو إلى تقليده لدعونا إلى تقليد الإمام أحمد بل إلى تقليد علي بن أبي طالب وعثمان وعمر وأبي بكر رضي الله تعالى عنهم أجمعين، فكل يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم».
هكذا، ينصح الإمام العلامة مقبل الوادعي - رحمه الله - كل مسلم بأن يكون ظاهريا - دون تقليد أو جمود -.
وليتجاسر العربي الذي يتباهى بعروبيته - وقد عهدنا من العرب الشهامة والجرأة... - ويقول: إن الشيخ مقبل الوادعي ينصح بالظاهرية المبتدعة!!
ولو خرجت هذه الكلمة من كاتب الأسطر قبل علم العربي أنها مقتبسة من كلام الإمام الهمام الشيخ مقبل - رحمه الله -، لتهور وتكلم بكلام، يهز الجبال، ورمى بشتى النبال، والله المستعان المتعال على كل متكبر جبار متعال.
وقال أيضا في «المقترح في أجوبة أهل المصطلح» (144): «ومسألة التقليد إذا كنا نقول: الأئمة رضوان الله عليهم كمالك والشافعي وأحمد، لا يجوز أن يُقلّدوا, فكذلك لا يُقلّد الإمام ابن حزم رحمه الله تعالى. وكتابه "الإحكام في أصول الأحكام" يعتبر من أحسن كتب أصول الفقه، وكتب أصول الفقه تقول: هذا جائز، وافعل ولا تفعل، وهذا يقتضي الوجوب، وهذا يقتضي الإباحة إلى غير ذلك، وقليل ما يأتون بالأدلة؛ بخلاف أبي محمد بن حزم رحمه الله تعالى فإنه يذكر الأدلة من كتاب الله، وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم مع التصحيح للتي هي صحيحة، والتضعيف للأحاديث التي لا يراها صحيحة، وهو في مسألة التصحيح والتضعيف كغيره من العلماء، ونقله حجة. أما في فهمه فكغيره من سائر العلماء الذين نستفيد من أفهامهم، ولا نقلدهم، لأن التقليد حرام».
ومنهم الشيخ العلامة تقي الدين الهلالي - رحمه الله -، قال عنه الشيخ العلامة حماد الأنصاري: كان ظاهريًّا. بل شهد له بذلك تلميذه أبو خبزة التطواني.
ومنهم الإمام العلامة المجدد ناصر السنة والدين الشيخ الألباني - قدس الله روحه -، كان كثيرا ما ينقل عن ابن حزم، يرجّح ما ذهب إليه أهل الظاهر - دون تعصب أو تقليد -، لقوّة أدلتهم حتى اتهم أنه ظاهري. بل كثيرا ما كان يغمزه العربي نفسه بذلك.
وغير هؤلاء كثير، لا يكاد يحصون ولا يستقصون.
فهل هؤلاء عند العربي وزمرته، ينصرون الظاهرية المبتدعة، أو يأخذون عن الظاهرية المبتدعة، أو ينقلون عن الظاهرية المبتدعة ...؟!
وما حكم من ينصر أو يرجّح أو يختار أو ينقل أو أو أو .... إلى آخر عن المبتدعة عند العربي ؟!
السابع: إن أهل الظاهر أو الظاهرية، وإن يُنكر عليهم جمودهم على الظاهر وإبطالهم القياس، فهم أكثر الناس تمسّكًا بالنصوص من أهل الرأي، ولا ينكر هذا إلا جاهل مكابر، بل لو استقرأنا نصوص ابن حزم في الحث على التمسك بالنصوص وعدم التفات إلى غيرها، وذم الرأي المخالف للنصوص والتقليد الأعمى للأئمّة لخرج ذلك في سفر ضخم أو لما حواه القمطر.
وقد نصّ ابن حزم في غير موضع من كتبه، على أصول الاجتهاد عن أهل الظاهر، ولا تخرج عن الكتاب والسنة وإجماع الصحابة.
بل تباهى بهذا المسلك في الاجتهاد، واعتزّ وافتخر به أمام خصومه فقال في قصيدة له كما في «السير» (18/ 212):
قالوا تحفظ فإن الناس قد كثرت *** أقوالهم وأقاويل الورى محن
فقلت: هل عيبهم لي غير أني لا *** أقول بالرأي إذ في رأيهم فتن
وأنني مولع بالنص لست إلى *** سواه أنحو ولا في نصره أهن
لا أنثني لمقاييس يقال بها *** في الدين بل حسبي القرآن والسنن
يا برد ذا القول في قلبي وفي كبدي *** ويا سروري به لو أنهم فطنوا
دعهم يعضّوا على صمّ الحصى كمدا *** من مات من قوله عندي له كفن
فليعضّ العربي على صمّ الحصى كمدا، وليمت من قوله عندا، فعند ابن حزم له كفن.
وقد نبّه كثير من العلماء على أن من أسباب تحامل بعض أهل العلم - لاسيما المقلّدة منهم -، كابن العربي (الذي يتمسك به العربي) على أهل الظاهر بسبب تمسّكهم بالنصوص، وإنكارهم التقليد والتشنيع على أهله. وقد تقدم كلام الإمام ابن القيم: «وذنبهم عند كثير من الناس أخذهم بكتاب ربهم وسنّة نبيّهم، ونبذهم القياس وراء ظهورهم، فلم يعبئوا به شيئا».
وتقدم أيضا قوله في بيان تمسكهم بالنصوص حيث قال: «والعجب منه كيف ينكر مع ذلك على أهل الظاهر المتمسكين بظواهر كتاب ربهم وسنّة نبيّهم حيث لا يقوم دليل يخالف الظاهر».
وقال الإمام الشوكاني في «إرشاد الفحول» (1/ 215) في تعقّبه على الجويني على قوله: «المحقّقون لا يقيمون لخلاف الظاهرية وزنا؛ لأنّ معظم الشريعة صادرة عن الاجتهاد، ولا تفي النصوص بعشر معشارها».
قال معقّبا: «ويجاب عنه: بأنّ من عرّف نصوص الشريعة حقَّ معرفتها وتدبّر آيات الكتاب العزيز، وتوسّع في الاطلاع على السنة المطهّرة، علم بأنّ نصوص الشريعة تفي بجميع ما تدعو الحاجة إليها في جميع الحوادث، وأهل الظاهر فيهم من أكابر الأئمة وحفاظ الشريعة المتقيّدين بنصوص الشريعة جمع جمّ، ولا عيب لهم إلا ترك العمل بالآراء الفاسدة التي لم يدلّ عليها كتاب، ولا سنة ولا قياس مقبول.
وتلك شكاة ظاهر عنك عارها
نعم قد جمدوا في مسائل كان ينبغي لهم ترك الجمود عليها، ولكنها بالنسبة إلى ما وقع في مذهب غيرهم، من العمل بما لا دليل عليه ألبتة قليلة جدا».
وقد تقدم قول شيخ الإسلام في هذا العصر ابن باز: «... ولكن قولهم في الجملة أحسن من قول أهل الرأي المجرّد الذين يحكمون الآراء والأقيسة، ويعرضون عن العناية بالأدلة الشرعية من الكتاب والسنة، لكن عليهم نقص ومؤاخذات في جمودهم على الظاهر، وعدم رعايتهم للعلل والحكم والأسرار التي نبّه عليها الشارع وقصدها، ولهذا غلطوا في مسائل كثيرة دلّ عليها الكتاب والسنة، والله ولي التوفيق».

(... يتبع)

وليعذرني الإخوة على هذا التعجيل، حيث أحرر ما كتبته منذ مدة، وإلا ففي جعبتي أكثر، لكن أريد أن أنهي الكلام، مع من يصدق فيه قول الشاعر:
ما لجرح بميت إيلام

__________________
عنوان البريد الإلكتروني
tasfia@tasfiatarbia.org

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 10 May 2012, 02:25 PM
أبو أنس عبد الله الجزائري أبو أنس عبد الله الجزائري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2011
الدولة: الجزائر المحروسة
المشاركات: 107
افتراضي

جزاكم الله خيرا, وبارك فيكم.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 10 May 2012, 03:26 PM
بن عياد محمد فؤاد بن عياد محمد فؤاد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2010
المشاركات: 47
افتراضي

حفظك الله شيخنا

ما نقول فيهم الا كما قال الشافعي رحمه الله::: وللخير اهل يعرفون بهديهم ...اذا اجتمعت عند الخطوب المجامع...وللشر اهل يعرفون بشكلهم...تشير اليهم بالفجور الاصابع .
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 10 May 2012, 11:12 PM
أبو عبد الرحمن حسني السطائفي أبو عبد الرحمن حسني السطائفي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2011
الدولة: الجزائر ::.سطيف.::
المشاركات: 75
إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو عبد الرحمن حسني السطائفي
افتراضي

جزاك الله خير الجزاء

شيخنا الوقور

الدكتور عبد المجيد جمعة

على ما سطرته يمينك*

ـــــــــــــــــــــــــ


وأقول إلى الطالب النجيب صاحب كشف المغالطات

قد بلغني قدومك إلى مدينتنا سطيف


فأبشر ... أبشر...بما لا يسرك عندنا ....



التعديل الأخير تم بواسطة أبو عبد الرحمن حسني السطائفي ; 12 May 2012 الساعة 04:19 PM
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 11 May 2012, 06:56 PM
محمد رحيل
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

جزى الله شيخنا المفضال أبا عبد الرحمن عبد المجيد جمعة خيرا,وأجزل له المثوبة وأكثر له الأجرا,وحط عنه الآثام والوزرا,وجعل ما يكتبه في العقبى ذخرا.

اللهم اهد عبد الحميد إلى ما فيه صلاحه.

التعديل الأخير تم بواسطة أبو تميم يوسف الخميسي ; 11 May 2012 الساعة 08:25 PM سبب آخر: تغيير لون الكتابة
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 11 May 2012, 11:24 PM
أبو عبد الله صلاح السلفي أبو عبد الله صلاح السلفي غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 7
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أريد أن أستفسر فقط
كان المقال منزلا باسم الشيخ جمعة حفظه الله ثم فجئتا تغير المعرف إلى إسم إدارة التصفية والتربية فما الحكمة من ذلك
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 11 May 2012, 11:36 PM
حاتم خضراوي حاتم خضراوي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2007
الدولة: بومرداس
المشاركات: 1,115
إرسال رسالة عبر Skype إلى حاتم خضراوي
افتراضي

بارك الله فيك شيخنا على ما تبذل، وجزاك الله خيرا.
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 12 May 2012, 09:44 AM
حسن بوقليل
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

نعلم الإخوة أن خللا وقع؛ فرفع الموضوع باسم الإدارة، فجرى التنبيه على ذلك.
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 12 May 2012, 11:36 AM
بن عياد محمد فؤاد بن عياد محمد فؤاد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2010
المشاركات: 47
افتراضي

قال الناظم :::
ما أشبه حاتمي الأمــس بالعربي...... ذي الهرج و المرج و التدجيل و الكذب

تسبيحه الكذب الممقوت مع سفه...... ورمحه الجهل ذي الإعداد للنصـــــــب

يحتال للخلق بالجهل العريض كما...... يحتال ضـب الفلا للـــنسر ذي حـــــدب

كذا صــــلاته للتـــمويه مع دجل....... ذي المكر كالقرد من غير ما ذنــــب
(حاتمي الامس هو ابن عربي)

التعديل الأخير تم بواسطة بن عياد محمد فؤاد ; 12 May 2012 الساعة 11:44 AM
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 12 May 2012, 12:15 PM
بن عياد محمد فؤاد بن عياد محمد فؤاد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2010
المشاركات: 47
افتراضي

السلام عليكم : ايها الاخ الكريم ،أبو عبد الله ،قد اجابك الاخ حسن بو قليل عما استفسرت عليه ،فلماذا تكرر سؤالك وتتهم المشرفين بعدم الامانة ،اما تتق الله.
رد مع اقتباس
  #11  
قديم 16 May 2012, 09:24 AM
عمر قلال عمر قلال غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 24
افتراضي

رحم الله الإمام ابن حزم و حفظ الشيخ جمعة و ثبته على الحق
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 24 May 2012, 11:23 AM
أبوعبد الرحمن صدام حسين شبل أبوعبد الرحمن صدام حسين شبل غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: May 2012
الدولة: ولاية سطيف/الجزائر
المشاركات: 291
افتراضي

جزاك الله خيرا شيخنا عبد المجيد جمعة في الذب على السنة ووفقك لكل خير
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
منهج, ردود, عبدالمجيدجمعة, عبدالحميدالعربي

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013