منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » قــســـــــــــم الأخــــــــــــوات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 31 Jan 2019, 10:01 PM
أم وحيد أم وحيد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2018
المشاركات: 365
افتراضي سِيرُوا إلى اللهِ عُرُجًا ومَكَاسِير.














سِيرُوا إلى اللهِ عُرُجًا ومَكَاسِير.


*"سِيرُوا إلى اللهِ عُرُجاً ومَكَاسِير، ولا تَنْتَظِرُوا الصّـِحَّة، فَإِنَّ انتظار الصّـِحَّة بَطَالَة"*


كلمات قيل عنها أنّها لأحد السّلف، وقد نسبها آخرون إلى الشافعي رحمه الله، ومهما يكن، فإنّ هذه الكلمات تنضخ بالحكمة والعِبْرَة والموعظة، والجمال، ما ينعش ويشرح الصّدور لاعتناق الإسلام على أنّه دِينُ هِمَّةٍ و يُسْرٍ، يمنحُ الإنسانيّة كلّ خيرٍ تسعد به في هذه الدُّنيا.

فماأجملها من كلمات، يجدرُ بنا الغوص في أعماقها، لِنَسْتَخْرِجَ دُرَرًا ولَآلِئَا، تثري معارفنا، وتزيد إن شاء الله من قوّة عزمنا على مواصلة درب الإستقامة على شريعة الله، ولايثنينا عنها العجز والكسل، ولايمنعناالفشل، ولايهزمنا الإحباط والتّثبيط، من أنَاسٍ، همّهم الوحيد، إسقاط الهِمَم، وبيع الذِّمَم، وإذلال المسلم، الّذي يذوذ عن شريعة الله، بِحِفْظِ السُّنَن.

كلمات مختصرات، تحمل من الجواهر، ما تفتح للعبد الرّغبة في التّمسّك بهذا الدّين القويم، والإقتداء بالأنبياء والصّالحين مااستطاع إلى ذلك سبيلا.

وسَيْرُ العبد الضّعيف إلى الله على مرتبة الكمال ممتنع حدوثه ماعدا الرُّسُل والأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

وقد شرع الله لنا "الإستغفار"، الّذي هو أنفع وأنجع دواء لعلاج العجز والفشل واليأس والقُنوط من رحمة الله. ولايزال الله يُنَزّل على عباده من رحماته، حتّى يُوقِن العبد أن لاملجأ له ولامنجا إلاّ إليه سبحانه، يقِيل عثراته، ويغفر زلاّته، ويرفع درجاته، حين يخلص العمل له سبحانه، في نيّاته.

والإنسان يأتي من الطّاعَة مااستطاعَ. ولَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا.

قال الشيخ السعدي في تفسير الآية: "لمّا نزل قوله تعالى: "وَإِن تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللَّهُ". شقّ ذلك على المسلمين لما توهّموا أنّ ما يقع في القلب من الأمور اللاّزمة والعارضة المستقرّة وغيرها مُؤَاخَذُونَ به، فأخبرهم بهذه الآية أنّه لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا أي: أمرا تسعه طاقتها، ولا يكلّفها ويشقّ عليها، كما قال تعالى: "مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ". فأصل الأوامر والنّواهي ليست من الأمور الّتي تشقّ على النّفوس، بل هي غذاء للأرواح ودواء للأبدان، وحمية عن الضرر، فالله تعالى أمر العباد بما أمرهم به رحمة وإحسانا، ومع هذا إذا حصل بعض الأعذار التي هي مظنّة المشقّة حصل التّخفيف والتّسهيل، إمّا بـإسقاطه عن المكلّف، أو إسقاط بعضه كما في التّخفيف عن المريض والمسافر وغيرهم.."انتهـ كلامه.


والنّـِيَّة في فعل المأمور وترك المحظور، إذا رافقها الإخلاص لله، وحسن الأداء الّذي يتمكّن منه العبد بكلّ مَاأُوتِيَ من بَذْل، يتقبّله الله في العمل الصّالح، والله يعلم إلى أين ينتهي جهد عبده مع إخلاصه، عند الإتيان بالطّاعة واجتناب المعصية. قال الله تعالى: "فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ".

يقول الشيخ السّعدي رحمه الله في تفسير الآية: [يأمر تعالى بتقواه، التي هي امتثال أوامره واجتناب نواهيه، ويقيّد ذلك بالاستطاعة والقدرة.
فهذه الآية، تدل على أن كل واجب عجز عنه العبد، أنه يسقط عنه، وأنه إذا قدر على بعض المأمور، وعجز عن بعضه، فإنه يأتي بما يقدر عليه، ويسقط عنه ما يعجز عنه،
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ".] انتهـ كلامه رحمه الله.


وقد أبدع القائل حين وصف طريق الله بـالطّريق المُعَبَّد، الّذي يسير عليه المُشَاة. وهو يوضّح هيئات هؤلاء المُشاة.

حيث يقول: "سِيرُوا إلى اللهِ عُرُجًا"، والعُرُج: جمع أَعْرَج، الّذي أُصِيبَت رِجْلُهُ بآفة منعته من السَّيْرِ السّليم.

وقال:"ومَكَاسِير"، وهم جمعٌ، أصابهم كُسْرٌ، ومفرده:مَكْسُور (الرِّجْل).

وهذه الهيئات، يمتنع بِهَا السّير الجيّد والسّليم، في الطّريق. وأصحابها يحتاجون إلى نوع من الصَّبر على الإستمرار في السّير، وإن سقطوا بين الحين والآخر، فإنّهم، إن شاء الله، حتمًا، سيستعيدون القيام، والعودة إلى أحسن حالهم، فيتابعون السّير. وهكذا هي حياة الإنسان، عثرات تتعقّبها تصحيحات، تقوده إلى برّ النّجاة.

المهمّ، أن يخلص النِيَّة لله، وأن يسأله المعونة، في سيره إلى مبتغاه الدّنيوي أو الأخرويّ.

ثمّ قال صاحب الكلمات النّفيسة: "ولا تَنْتَظِرُوا الصّـِحَّة، فَإِنَّ انتظار الصّـِحَّة بَطَالَة".انتهـ كلامه.

أرأيتم ماذا يفعل الشيطان بأهل التّسويف، والتّأخير، والتّراخي عن العمل والعجز عن إصلاح ما فسد، أن يجعلهم يتمنّون تمام العافية من الذنوب والأخطاء، وحينها يراجعون أنفسهم لإصلاحها.

لكن هيهات هيهات أن يدركوا ما فات. والعمل إن لم يتمّ في أوانه، عُوقِبَ صاحبه بحرمانه. لأنّ الإنسان لايضمن بقاءه في الحياة، ولايضمن الصحّة والعافية من الأمراض، ولايضمن خلوّه من الأشغال.

وأنفس نصيحة يقدّمها لنا نبيّنا محمّد صلى الله عليه وسلم يعيش بها المسلم عافية يدرك بها حياةً زاهية، ملؤها طاعة واستقامة وحسن خاتمة. إن شاء الله ربّ العالمين.

قال صلى الله عليه وسلم:"اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحّتك قبل سقمك، وغِنَاك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك"

هذه الخمس الثّمينة، إذا ذهبت لن تعود. فما عساه، مَن فقدها، أن يدرك بعدها من خيرٍ، ساقه الله إليه، وأرشده إلى العمل به؟

اللّهمّ رحمتك نرجو فلاتَكِلْنَا إلى أنفسنا طَرْفَةَ عين، واصلح لنا شأننا كلّه. فإنّكَ نِعْمَ المسئول ونِعْمَ المجيب.

وقد رُوِيَ عن الشيخ الألباني رحمه الله، أنّه قال:"الطّريق إلى الله طويل، ونحنُ نمضي فيه كالسُّلحفاة. لاَيَهُمُّ أن نصِلَ إلى نهاية الطّريق، مَا يَهُمُّ أن نمُوت عَلَى الطّريق"

والفرق هنا بين قوله رحمه الله:"إلى" نهاية الطّريق، وبين قوله:"عَلى" الطّريق. فرقٌ لغويّ جِدُّ مهمّ في التّعبير عن أهميّة الاستقامة على المنهج الصّحيح الّذي نسير عليه إلى الله.

فـ"إلى" يُقصَد بها: بلوغ نقطة النّهاية، سواء كنّا على حقّ فيما ذهبنا إليه، أو على باطل.

أمّا "عَلى" فيُقصَد بها: صِحَّة الطّريق الذي نسلكه لبلوغ تلك النّهاية.

وهذا المعنى لايفقهه إلاّ مَن أعطاه الله البصيرة والعلم بأحكام الشّريعة على مقتضى الكتاب والسُنَّة بفهم سلف الأمَّة الصّالحين الأخيار، من الصّحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين ، ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدّين.

اللّهمّ اهْدِنَا وسَدِّدْنَا.





هذا دعاء أوصى به النّبيّ صلى الله عليه وسلم عَلِيًّا من الصّحابة العشرة المبشّرين بالجنّة رضي الله عنهم أجمعين، (ونحن أحوج إليه).


بقلم: بهية صابرين
12 صفر 1440هـ الموافق لـ23 أكتوبر2018م








رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013