منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 09 Dec 2017, 12:41 PM
أبو عبد السلام جابر البسكري أبو عبد السلام جابر البسكري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Feb 2014
المشاركات: 1,229
إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو عبد السلام جابر البسكري
افتراضي التَّوْبَةُ ترْفَعُ صَاحِبَهَا إلَى أَعْظَمَ مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ.

بسم الله الرحمن الرحيم

التَّوْبَةُ ترْفَعُ صَاحِبَهَا إلَى أَعْظَمَ مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ

إن الحمد لله تعالى نحمده و نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمداً عبده ورسوله .
أمابعد :

موضوع التوبة موضوع مهم جدا يحتاجه كل أحد دون استثناء ، وتختلف التوبة من شخص إلى آخر كل حسب الخطأ الذي وقع فيه ، فإذا تاب العبد ورجع تاب الله عليه ، بل يرفعه الله تعالى ويفرح بتوبته و يحبه ، فبادروا بالتوبة قبل أن يحال بينكم وبينها وتغلق أبوابها أو تغرر الروح فحينها لا ينفع الندم ولن تستطيع تدارك الأمر .
ماهي التوبة وكيف ترفع التائب ؟
قال ابن قيّم -رحمه الله تعالى -: (التّوبة في كلام اللّه ورسوله كما تتضمّن الإقلاع عن الذّنب في الحال والنّدم عليه في الماضي والعزم على عدم العود في المستقبل ، تتضمّن أيضا العزم على فعل المأمور والتزامه ، فحقيقة التّوبة : الرّجوع إلى اللّه بالتزام فعل ما يجب وترك ما يكره ، ولهذا علّق سبحانه وتعالى الفلاح المطلق على التّوبة حيث قال :{وَتُوبُوا إلى اللَّهِ جَمِيعَاً أيُّهَا المُؤمِنونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} .[مدارج السالكين1/305]
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :( الذُّنُوبُ تُنْقِصُ الْإِيمَانَ، فَإِذَا تَابَ الْعَبْدُ أَحَبَّهُ اللَّهُ، وَقَدْ تَرْتَفِعُ دَرَجَتُهُ بِالتَّوْبَةِ. فَمَنْ قُضِيَ لَهُ بِالتَّوْبَةِ كَانَ كَمَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: " إنَّ الْعَبْدَ لَيَعْمَلُ الْحَسَنَةَ فَيَدْخُلُ بِهَا النَّارَ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَعْمَلُ السَّيِّئَةَ فَيَدْخُلُ بِهَا الْجَنَّةَ؛ وَذَلِكَ أَنَّهُ يَعْمَلُ الْحَسَنَةَ فَتَكُونُ نُصْبَ عَيْنِهِ وَيَعْجَبُ بِهَا، وَيَعْمَلُ السَّيِّئَةَ فَتَكُونُ نُصْبَ عَيْنِهِ فَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَيَتُوبُ إلَيْهِ مِنْهَا ) [مجموع الفتاوى" 10/ 45].
وقال أيضا : ( التَّوْبَةُ النَّصُوحُ الَّتِي يَقْبَلُهَا اللَّهُ يَرْفَعُ بِهَا صَاحِبَهَا إلَى أَعْظَمَ مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ، كَمَا قَالَ بعْضُ السَّلَفِ: " لَوْ لَمْ تَكُنْ التَّوْبَةُ أَحَبَّ الْأَشْيَاءِ إلَيْهِ لَمَا ابْتَلَى بِالذَّنْبِ أَكْرَمَ الْخَلْقِ عَلَيْهِ)
[مجموع الفتاوى 10/ 293].
قال ابن القيم رحمه الله :" سَمِعْتُ شَيْخَ الْإِسْلَامِ ابْنَ تَيْمِيَّةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يقول: الصَّحِيحُ أَنَّ مِنَ التَّائِبِينَ مَنْ لَا يَعُودُ إِلَى دَرَجَتِهِ - يعني قبل الذنب -، وَمِنْهُمْ مَنْ يَعُودُ إِلَيْهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَعُودُ إِلَى أَعْلَى مِنْهَا، فَيَصِيرُ خَيْرًا مِمَّا كَانَ قَبْلَ الذَّنْبِ قَالَ: وَهَذَا بِحَسَبِ حَالِ التَّائِبِ بَعْدَ تَوْبَتِهِ، وَجِدِّهِ وَعَزْمِهِ، وَحَذَرِهِ وَتَشْمِيرِهِ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ أَعْظَمَ مِمَّا كَانَ لَهُ قَبْلَ الذَّنْبِ عَادَ خَيْرًا مِمَّا كَانَ وَأَعْلَى دَرَجَةً، وَإِنْ كَانَ مِثْلَهُ عَادَ إِلَى مِثْلِ حَالِهِ، وَإِنْ كَانَ دُونَهُ لَمْ يَعُدْ إِلَى دَرَجَتِهِ، وَكَانَ مُنْحَطًّا عَنْهَا .وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ هُوَ فَصْلُ النِّزَاعِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ " [مدارج السالكين 1/ 302].
وقال أيضا :" العبد بعد التوبة النصوح خير منه قبل الذنب "[شفاء العليل ص 118].
الصدق و التوبة نجاة من العقاب.
كما في قصة الثلاثة الذين خلفوا فصدقوا الله ورسوله فتاب الله عليهم .
قال تعالى: {وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ }[التوبة:118].
وهذه قصة حَاطِبِ بْنِ أَبِى بَلْتَعَةَ رضي الله عنه ، كذلك نجاه الله بسبب صدقه :
عن عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى رَافِعٍ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيًّا - رضى الله عنه - يَقُولُ بَعَثَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَا وَالزُّبَيْرَ وَالْمِقْدَادَ بْنَ الأَسْوَدِ قَالَ « انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ ، فَإِنَّ بِهَا ظَعِينَةً وَمَعَهَا كِتَابٌ ، فَخُذُوهُ مِنْهَا » . فَانْطَلَقْنَا تَعَادَى بِنَا خَيْلُنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى الرَّوْضَةِ ، فَإِذَا نَحْنُ بِالظَّعِينَةِ فَقُلْنَا أَخْرِجِى الْكِتَابَ . فَقَالَتْ مَا مَعِى مِنْ كِتَابٍ . فَقُلْنَا لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لَنُلْقِيَنَّ الثِّيَابَ . فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ عِقَاصِهَا ، فَأَتَيْنَا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ، فَإِذَا فِيهِ مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِى بَلْتَعَةَ إِلَى أُنَاسٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ ، يُخْبِرُهُمْ بِبَعْضِ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « يَا حَاطِبُ ، مَا هَذَا » . قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، لاَ تَعْجَلْ عَلَىَّ ، إِنِّى كُنْتُ امْرَأً مُلْصَقًا فِى قُرَيْشٍ ، وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهَا ، وَكَانَ مَنْ مَعَكَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ لَهُمْ قَرَابَاتٌ بِمَكَّةَ ، يَحْمُونَ بِهَا أَهْلِيهِمْ وَأَمْوَالَهُمْ ، فَأَحْبَبْتُ إِذْ فَاتَنِى ذَلِكَ مِنَ النَّسَبِ فِيهِمْ أَنْ أَتَّخِذَ عِنْدَهُمْ يَدًا يَحْمُونَ بِهَا قَرَابَتِى ، وَمَا فَعَلْتُ كُفْرًا وَلاَ ارْتِدَادًا وَلاَ رِضًا بِالْكُفْرِ بَعْدَ الإِسْلاَمِ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لَقَدْ صَدَقَكُمْ » . قَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِى أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ . قَالَ : إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا ، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَكُونَ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ ، فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ .[ رواه البخاري ومسلم ].
وقد أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أن : (التائبُ من الذنبِ كمن لا ذنبَ لهُ ) . [حسنه الالباني في صحيح ابن ماجه 3446]
وفي رواية : (الندمُ توبةٌ ، والتائِبُ منَ الذنبِ كمَنْ لا ذنبَ لَهُ ) .[ حسنه الألباني في صحيح الجامع 6803 ]
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :" التائب من الذنب كمن لا ذنب له ، وإذا زال الذنب زالت عقوباته وموجباته " .[ شرح العمدة 4/39].
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى :(فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له ، وإذا محي أثر الذنب بالتوبة صار وجوده كعدمه فكأَنه لم يكن ) . [ طريق الهجرتين ص231]
قال المناوي رحمه الله : (‏التائب من الذنب كمن لا ذنب له‏)‏ لأن التائب حبيب اللّه ‏{‏إن اللّه يحب التوابين‏}‏ وهو سبحانه لا يعذب حبيبه بل يغفر له ويستره ويسامحه ‏(‏وإذا أحب اللّه عبداً لم يضره ذنب‏)‏ لأن المحب يستر الحبيب فإن بدا منه شين غفره فإذا أحب عبداً فأذنب ستره فصار كمن لا ذنب له فالذنب يدنس العبد والرجوع إلى اللّه يطهره وهو التوبة فرجعته إليه تصيره في محل القرب منه... [فيض القدير 3/276].
و هذه آية عظيمة تدل على رحمة الله بعبده التائب وأنه يغفر ذنبه ويبدل سيئاته حسناته :
{إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً} [الفرقان:70].
وهذا حديث عظيم يبين فيه النبي صلى الله عليه وسلم أن الله يمحو ذنوب عبده إذا تاب و رجع إليه :
عن أبي طويلٍ رضي الله عنه أنه قال: "أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "أرأيت من عمل الذنوب كلها ولم يترك منها شيئاً، وهو في ذلك لم يترك حاجة ولا دَاجَة إلا أتاها؛ فهل لذلك من توبة؟" قال: «فهل أسلمت؟» قال: "أما أنا فأشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله". قال: «تفعل الخيرات، وتترك السيئات فيجعلهن الله لك خيرات كلهن». قال: "وغدراتي وفجراتي". قال: «نعم». قال: "الله أكبر". فما زال يكبر حتى توارى" [ صححه الألباني في صحيح الترغيب 3164].
والتوبة معلومة شروطها وقد لخصها ابن القيم رحمه الله تعالى : قال محمد بن كعب القرظي: "التوبة يجمعها أربعة أشياء: الاستغفار باللسان، والإقلاع بالأبدان، وإضمار ترك العَود بالجَنان، ومهاجرة سيء الإخوان" [مدارج السالكين، لابن القيم، 1 / 310]
ومن التوبة كذلك الإصلاح والتبيين : قال تعالى { إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَٰئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ ۚ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة الآية160]
قال الإمام القرطبي في تفسيره : قوله تعالى : إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم
قوله تعالى : إلا الذين تابوا استثنى تعالى التائبين الصالحين لأعمالهم وأقوالهم المنيبين لتوبتهم . ولا يكفي في التوبة عند علمائنا قول القائل : قد تبت ، حتى يظهر منه في الثاني خلاف الأول ، فإن كان مرتدا رجع إلى الإسلام مظهرا شرائعه ، وإن كان من أهل المعاصي ظهر منه العمل الصالح ، وجانب أهل الفساد والأحوال التي كان عليها ، وإن كان من أهل الأوثان جانبهم وخالط أهل الإسلام ، وهكذا يظهر عكس ما كان عليه . إهـ
وينبغي للتائب أن يطلب الاستقامة والثبات عليها وأن يلح في الدعاء بالتمسك بدينه، وخير ما يُدعى به ما كان يدعو به رسول الله صلى الله عيله وسلم: يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك. و أن يتخذ رفقة صالحة من الشباب المستقيم المتمسك بالدين، فإن صحبتهم من أعظم أسباب الاستقامة والثبات على التوبة بعد الله تعالى، فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد، وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية، وقد قال الله تعالى: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا {الكهف:28}،
ونختم بهذا الحديث الذي يبين أن كل بني آدم معرض للخطأ ولكن الخيرية تكمن في التوبة والرجوع إلى الله بتوبة نصوح:
قال نبينا صلى الله عليه وسلم : (كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون) [ رواه ابن ماجة، رقم 4251، وحسنه الألباني] قال العلامة الشيخ صالح الفوزان حفظه الله تعالى : وليس معناه أن الله يحب من عباده أن يذنبوا أو يحب المعاصي ؛ فالله سبحانه وتعالى لا يحب الكفر ولا يرضاه ولا يحب المعاصي ولكنه يحب من عباده إذا أذنبوا وعصوا أن يتوبوا إليه سبحانه وتعالى وأن يستغفروه هذا معنى الحديث .‏
اللهم تب علينا لنتوب واغفر لنا ولجميع إخواننا الخطايا والذنوب
و صلى الله وسلم وبارك على نينا محمد وعلى آل بيته وصحبه أجمعين.

جمعه وكتبه : أبو عبد السلام جابر البسكري
السبت 21 ربيع الأول 1439هـجري.
رد مع اقتباس
 

الكلمات الدلالية (Tags)
متميز, التوبة, تزكية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013