منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #16  
قديم 19 May 2008, 08:45 PM
أبو البراء إلياس الباتني أبو البراء إلياس الباتني غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2007
المشاركات: 106
افتراضي

تكفير الرعية بكفر راعيها هو مذهب الخوارج


اعلم أن هذا الذي نقلته لك من تكفير المشبوه للناس بكفر حاكمهم هو قول فرقة من فرق الخوارج،قال أبو الحسن الشعري ـ رحمه الله ـ في 'مقالات الإسلاميين' (1 / 194) و هو يعدّد فرق الخوارج: [و قالت طائفة من البيهسية: إذا كفر الإمام كفرت الرعية، و قالت: الدار دار شرك،و أهلها جميعا مشركون، و تركت الصلاة إلا خلف من تعرف، و ذهبت إلى قتل أهل القبلة و ضيق الأموال، و استحلت القتل و السَّبي على كل حال].

قلت: كل هذه الأوصاف رأيتها في جماعات التكفير عندنا، مع ذلك زعم الحركيّون أن السلفيين يحيون مذاهب ماتت، و ينبشون قبورا درست، فأيّ الفريقين أحق بالجهل بالواقع إذاً؟! عافانا الله من البغي.

7- كيف يطمئن الناصح لنفسه إلى فتاوى المشبوه و ليس عنده إلا قال فلان.. و قال فلا..؟ !

ثم إذا رجعنا إلى هذه الأقوال وجدنا الأمر فيها على قسمين:
- إمّا كذب على أصحابها، كما ستراه في فصل: خياناته للأمانة العلمية.
- و إما تحريف للمعنى و تحميل لكلام العالم ما لا يحتمل،أو تنزيل لكلامه على غير محله، كما مرّ شيء منه، و سيأتي زيادة عليه ـ إن شاء الله.

8- لقد أخذ بكلامه شرذمته من الجزائريين و تركوا العلماء، فورّطهم في قتل النساء و العجزة و الصبيان و سائر المدنيّين فضلا عن العسكريين، و وجدوا أنفسهم في وضع لا يُحسَدون عليه، و قرعوا سنّ نادم حتى لعن بعضهم نفسه!

و لمّا أحس المشبوه ببشاعة الأمر و فداحة النتائج، و أن جاهه يكاد يسقط إلى غير نهوض، سحب البساط من تحتهم، و انسلّ من بين أيديهم ليصفهم بـ’الخوارج‘، فقال في تصريحه المذكور لجريدة ’الحياة‘، و قد مرّ تصويره: ”أسحب تأييدي لهم!“، و قال: ”انحرفت هذه الجماعة و سلكت خطّا هو خطّ الخوارج“!!

قلت: و هل ورّطهم في ذلك الخطّ سواك؟! و سيأتي ـ إن شاء الله ـ في فصل 'تنقضاته'.

9- لقد تعرض المشبوه في أول كلامه للمستبدلين شريعة الكفار بشريعة الله، و كفّرهم بذلك، و أنا لا أريد أن أناقشه في هذا بقدر ما أريد أن أبيّن للقارئ أن في عرض المسألة نفسها بهذه الصفة غلطا بيّنا، بل تغليطا مقصودا؛ و ذلك بطرح السؤال الآتي: من الذي غيّر الأحكام الشرعية: أهم الحكّام أم هو الاستعمار؟

إن الذي يطّلع على العرض السابق يفهم أن الحاكم الجزائري استلم الحكم بعد الاستعمار و بلاده تحكم بالشريعة الإسلامية، فجاء و أقصاها، و الحقيقة أن هذا الوصف خلاف واقع البلاد الإسلامية؛ فجاء و أقصاها،و الحقيقة أن هذا الوصف خلاف واقع البلاد الإسلامية؛ لأن جلّ هذه البلاد كان قد استعمره الكافر، و بثّ فيه ما بثّ من أحكام كفره، و غيّر ما كان أمكنه من دين الله ـ عز و جل ـ، هذا هو الوصف الصحيح لوضع أكثر بلاد المسلمين، بصرف النظر عمّا كان من كمال أتاتورك، و على هذا فالسؤال المطابق للواقع هو أن يُقال: ما حُكم من أسند إليه إمارة بلد لا يحكم فيه بشريعة الله في أكثر مناحي الحياة؟ ثم هو لم يغيّر ذلك بعد خروج المستعمر المستبدل؟

فمن عرض المسألة من أهل العدل على غير هذا التفصيل كان جاهلا؛ لأنه أخبر بخلاف الواقع، و من كفّر هذا الحاكم بلا تفصيل كان ظالما، و يوشك أن يكفّ النجاشي ـ رحمه الله ـ؛ لأن هذا الأخير لم يغير الأحكام النصرانية التي كان يحكم بها قبل إسلامه، قال ابن تيمية في 'منهاج السنة' (5 / 113): [و النجاشي ما كان يمكنه أن يحكم بحكم القرآن؛ فإن قومه لا يقرّونه على ذلك، و كثيرا ما يتولّى الرجل بين المسلمين و التتار قاضيا، بل و إماما، و في نفسه أمور من العدل يريد أن يعمل بها، فلا يمكنه ذلك، بل هناك من يمنعه ذلك، و لا يكلّف الله نفسا إلا وسعها].

و لا نقول هذا محاماة للمحرّفين لشريعة الله، و لكنّه العدل الذي أُمرنا به و لو مع المخالف، لأن الله قال: {يأيها الذين آمنوا كونوا قوّامين لله شهداء بالقسط و لا يجرمنّكم شنآن قوم على ألّا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى و اتقوا الله إن الله خبير بما تعملون} (المائدة 8)، قال ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في 'منهاج السنة' (1 / 547): [أهل السنة يخبرون بالواقع و يأمرون بالواجب، فيشهدون بما وقع، و يأمرون بما أمر الله].

إن وجود قوانين وضعية في بلد ما لا يحملنا على أن ننسب إلى أميره وضعها، بل ينبغي النظر في تاريخها لمعرفة واضعيها، ثم بعد تصوُّرِ المسألة على حقيقتها يحكم المجتهدون من أهل العلم على أصحابها بما يدلّ عليه الدليل؛ إذ الحكم على الشيء فرع عن تصوّره، و إنما يغلط من يغلط في هذا الباب من ذوي المقاصد السيّئة من لا يحبّ أن يلاحظ هذا و يجتهد في اللعب بالمصطلحات، و لذلك تجد الراسخين في العلم لا يتجاوبون مع أصحاب هذ الطرح، بل يأخذون كلامهم بحذر شديد، كما في أجوبة العلامة الألباني ـ رحمه الله ـ، و قد سمعت العلامة ابن باز ـ رحمه الله ـ في مناسبات شتّى يُعترَض عليه بمسألة الاستبدال هذه فلا يزيد على الجواب العام المعروف في كتب المتقدمين على آية الحكم بغير ما أنزل الله، و من أهل العلم من كان لا يجيب على هذا السؤال إذا شمّ من صاحبه تعنّتا خارجيا، رأيت ذلك في جواب العلامة ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ مرارا، لاسيما في آخر حياته.

و هذا كلّه يدلّ على فطنة نادرة عُرف بها هذا الطراز من أهل العلم، و لذلك لم يرفع المبتدعة من التكفيريين رؤوسهم في حياة هؤلاء، و يشبهه في الاحتراز من أغراض أهل البدع الدنيئة ما رواه ابن جرير في 'تفسيره' (11 / 253 – شاكر) وابن أبي حاتم في 'تفسيره' (7086 – الطيّب) و أبو الشيخ في 'طبقات المحدّثين بأصبهان' (1 / 352 – 353) بإسناد حسن، من طُرق عن يعقوب القمِّي عن جعفر بن أبي المغيرة عن ابن أبزى، قال: [جاءه رجل من الخوارج يقرأ عليه هذه الآية: {الحمد لله الذي خلق السماوات و الأرض و جعل الظلمات و النور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون} (الأنعام 1)، قال له: أليس الذين كفروا بربهم يعدلون؟ قال: بلى! قال: فنصرف عنه الرجل، فقال له رجل من القوم: يا ابن أبزى! إن هذا قد أراد تفسير هذه غير هذا؛ إنه رجل من الخوارج! فقال ردّوه علي، فلما جاءه، قال: هل تدري فيمن نزلت هذه الآية؟ قال: لا! قال: إنها نزلت في أهل الكتاب، اذهب و لا تضعها على غير حدّها!] و ابن أبزى هو سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، كما صرّحت بذلك رواية أبي الشيخ.

وروى ابن أبي حاتم في 'تفسيره' (7086 – الطيّب) من طريق يعقوب القمّي عن جعفر بن أبي المغيرة عن ابن أبزى عن عليّ، قال: (أتاه رجل من الخوارج فقال له: {الحمد لله الذي خلق السماوات و الأرض و جعل الظلمات و النور ثم الذيم كفروا بربهم يعدلون} (الأنعام 1)، أليس كذلك؟ قال: نعم! فانصرف عنه، ثم قال له علي: ارجع! ارجع!ارجع! أي قل إنّما أُنزلت على أهل الكتاب؛ و هم الذين عدلوا بربهم، يعني أهل الكتاب).

و هذا إسناد حسن إن كان ابن أبزى هو عبد الرحمن والد سعيد المذكور؛ فإنه يروي عن علي ـ رضي الله عنه ـ و كلاهما يروي عنه جعفر بن أبي المغيرة، و ليس يبعد أن تقع القصة لابن أبزى كما في الرواية الأولى، و لعلي بن أبي طالب كما في الرواية الثانية؛ لوجود داعيه في وقت علي ـ رضي الله عنه ـ، و يكون علي قد فطن لما وراء السؤال، قال المعلّقان عن تفسير ابن جرير: [و أراد السائل من الخوارج بسؤاله الاستدلال بالآية على تكفير أهل القبلة في أمر تحكيم علي بنأبي طالب، و ذلك هو رأي الخوارج].

هذا و قد تعرضتُ هنا لمسألة (الاستبدال)، ومن قبلها لمسألة (ترك العمل) بهذه الطريقة؛ لأنني رأيت خلافا كبيرا قام عليهما، و فتنة عريضة شغلت أهل الخير عن الخير، و قُطِّعت أرحام أهل السنة بهما، بعد مكر من ذوي الأغراض الفاسدة، و خاض فيهما بعض الأفاضل، مع أن الأُولى نظريةُ أكثر منها عملية، و الثانية خياليّة أكثر منها واقعية كما مر، و قد ودِدنا أن لو صُرِفت هذه الجهود المضنية في غير هذا، و لكن الله يفعل ما يريد.

و قتلُ شيخ الأزهر أيضا!

لا يزال المشبوه يتبع خطوات الشيطان في غرور لا نظير له، و كلما رُسم له منها خيال تبعه، حتى جعل سبيل الخروج من المأزق متمثلا في اغتيال كل عالم يفتي بغير فتياه، قال في مجلة الأنصار، العدد (94)، في (ص 5)، بتاريخ: (27 من ذي القعدة 1415 هـ): ”نعم! لو قُدِّر لرجل مسلم يحترم عقله أن يرى شيخ الأزهر و هو يتكلّم في إحدى محطّات التلفزيون لأيقن أنه لا نهض لأمتنا،و لا خروج من مأزقها حتى ترفع شعار: اقتلوا آخر حاكم مرتد بأمعاء آخر قسِّيس خبيث“!!

قلت: هكذا حلولهم كلها دماء! !

و هنيئا له رفع شعار الكفار، و هو قولهم: ”اقتلوا آخر ملك بأمعاء آخر قِسِّيس“، بل حصر خروج أمة محمد ـ صلى الله عليه و سلم ـ في رفع شِعار الذين لا يؤمنون بالله و اليوم الآخر، و إنا لله!

و أقول للذين لا يزالون يرفضون نسبة هذه الدماء لهؤلاء: لعلكم تقولون: إن المشبوه من جند الدولة!

قلنا لهم: و كيف تفسّرون كون الجماعة الإسلامية المسلحة و غيرها تجعله مرجعا لها؟!

هذا لسان القوم: إنهم يجعلون انتصار الجماعات الثائرة انتصارا للإسلام، فإذا خُذِلوا بما يرتكبون من فظائع وجدوا السبيل إلى رمي غيرهم بها!

صورة المقال السابق

[ ]

تبرير أبي قتادة قتل محمد سعيد الونّاس

الشيخ محمد سعيد الونّاس ـ رحمه الله ـ كان من رؤوس (الإخوان المسلمين الإقليميّين) في الجزائر، و بحكم ممارسته للدعوة، فقد حاول المشاركة مع بعض الأحزاب السياسية التي ظهرت بقوة في حدود سنة (1410 هـ) تقريبا، مع أنه لم يكن مقتنعا بدخول الإسلاميين في ذلك التيار السياسي مرحليا لا منهجيا، فلم يشعر إلا و هو مع جبهة الإنقاذ الإسلامية التي حاربته من أوّل يوم و أهانته يوما ما أمام الملأ، ثم تبوّأ منها الصدارة بعد غياب شيوخها، هذا مع احتفاظه بفكره الذي كان لا ينسجم مع فكرة الجبهة المذكورة.

و كان لدى الرجل نوع تعقّل و روِيّة، لكن الجبهة التي ألقته السياسة بين مخالبها كانت عبارة عن خليط فكري لا يزكيه إلا التهوّر، فلذلك لم يجد (اللغة السياسية!) المناسبة ـ على اختلاف رطاناتها ـ التي يقنع بها الجميع، مع العلم بأن استعمال التعقل و الرَّويَّة يومها كان مرفوضا عندهم بلا مراجعة!

و أيام الفتن سريعة الحركة، قليلة البركة، يجتمع في ساعاتها محن سنوات، و تتبدل فيها الأرض في اليوم مرات و مرات، و لذلك حين أصاب الرجل من الفتن ما أصابه، اختفى خوفا على نفسه من السلطة، فإذا به يجد نفسه كمن فرّ من الذئب ليطّرِح بين فكّي الأسد، بين الجيش الإسلامي للإنقاذ و الجماعة الإسلامية المسلحة.

فالجيش الإسلامي للإنقاذ كان يمارس العنف بسياسة، فالمس مس أرنب، و الطبع طبع ثعلب، و أما الجماعة الإسلامية المسلحة فهي عرين غلاة التكفير، أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام، و أجهل من تكلّم في دين الرحمن، غِلاظ أجلاف كأن أسماعهم لم يطرقها آية رحمة، و لأسباب لسنا الآن بصددها فقد قتلوا الشيخ محمد سعيد الونّاس و لم يشعروا بأدنى تأثّم، لاسيما و هم يقرؤون قول صاحبهم أبي قتادة: ”من لم يندفع فساده إلا بقتله قُتل، و إن كان على معصية لا يستحق بها القتل!!“، من مجلة الأنصار، في عددها (132)، و (ص 11)، بتاريخ (27 شعبان 1416 هـ).

إنني أعلم لهذا الكلام الأخير حظّه من النظر عند الفقهاء، و لكن إلقاءه على هؤلاء هو الفتنة؛ لأن تطبيقه يرجع إلى السلطان،لا إلى هؤلاء الجهال الخارجين، الذين لا يملكون سلطة، بل من هوانهم على الله أنهم مختفون في الكهوف و الجبال، أكلهم سرقة و نهب، و قتلهم غدر و غضب.

و لذلك ذكر ابن تيمية هذه القاعدة في رسالته 'الحِسْبَة'، كما في 'مجموع الفتاوى' (28 / 108)، و جعلها من واجبات السلطان؛ بل منع صاحب الحسبة نفسه من تطبيقها؛ مع أنه مولّى من قبل السلطان، فقال في (28 / 109): [و ليست هذه القاعدة المختصرة موضع ذلك؛ فإن المحتسب ليس له القتل و القطع].

فإذا كان هذا في حق المحتسب، فكيف هو في الخارج المنتهب؟!

فانظر كم بين كلام الفقهاء و كلام السفهاء! !

صورة المقال السابق

[ ]

و هاك الآن تفسير أبي قتادة لعمل جماعته:

1- مفتي الجماعة يعترف بقتل جماعته الشيخَ محمد سعيد:

كتبت الجماعة الإسلامية المسلحة بيانا تعترف فيه بل تفتخر باغتيالها الشيخ محمد سعيد الوناس، فسارع أبو قتادة إلى التسديد و المقاربة، فقال في مجلة الأنصار، العدد (132)، في (ص 10)، بتاريخ (27 شعبان 1416 هـ):
”اعلم ـ أخي المسلم! ـ أن البيان الذي اطلعتَ عليه في العدد السابق في نشرية الأنصار قد أثار الكثير من التساؤلات حول حقيقة الواقع الذي تمّ موجبا لهذا البيان، وهو قتل الشيخ محمد سعيد الوناس و صاحبه عبد الرزاق رجّام و بعض أفراد تنظيمهم الذي كشفت ’الجماعة الإسلامية المسلحة‘ عنه“!

قلت: إذاً فهو اعتراف من الجماعة نفسها بأنها صاحبة الاغتيال، و بهذا تقطع الجماعة الطريق على أولئك المتكايسين من السياسيين الثوريين الذين يبرؤونها منه، و يلصقون هذا العمل و مثله دائما بالمخابرات... !

صورة البيان السابق

[ ]

2- وحوش أبي قتادة مجتهدون (كاجتهاد الصحابة!):

قال المشبوه في مقاله ذلك: ”اعلم ـ حفظك الله تعالى ـ أن المجتهد له أجر واحد إن أخطأ، و المصيب له أجران، و أن الخطأ في الدماء لا يكاد يسلم منه جهاد، و لا جهاد الصحابة...“ ! !

قلت: انظر كيف يهوّن من شأن الدماء بمثل هذا التبرير السمج، الذي لا يمكن أن يفهم منه أتباعه إلا الاستمرار في الهجوم على الدماء، و الله العاصم.

ثم أقول:
أ- من أين لهم أن قتالهم جهاد حتى يفرّعوا عنه ما ذكروه، فضلا عن أن يشبهوا أنفسهم بالصحابة؟!
ب- لو كان قتالهم جهادا، ما وقع فيه وقعَ اجتهادا، فمن أين لهم الاجتهاد و ليس فيهم نصف عالم؟!
قال ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في 'الرد على الأخنائي' (ص 9-11):
[فإن من الناس من يكون عنده نوع من الدين مع جهل عظيم، فهؤلاء يتكلم أحدهم بلا علم فيخطئ، و يخبر عن الأمور بخلاف ما هي عليه خبرا غير مطابق، و من تكلم في الدين بغير الاجتهاد المسوّغ له الكلام و أخطأ فإنه كاذب آثم؛ كما قاله النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ في الحديث الذي في السنن عن بُريْدة عن النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ أنه قال: "القضاة ثلاثة: قاضيان في النار و قاض في الجنة، رجل قضى على جهل فهو في النار، و رجل عرف الحق و قضى بخلافه فهو في النار، و رجل علم الحق فقضى به فهو في الجنة"، ثم قال في الرجل الأول: [فهو الذي يجهل ـ و إن لم يتعمّد خلاف الحق ـ فهو في النار، بخلاف المجتهد الذي قال فيه النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ: "إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، و إن اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر"].

و قد فصلت القول في هذا في آخر كتابي 'مدارك النظر في السياسة'، في فصل 'شبهتان و الرد عليهما'، فليرجع إليه من شاء.

ج- ثَمّ فرق كبير بين جهاد الصحابة و جهاد هؤلاء؛ لأن الصحابة يندمون على أخطائهم و لا يعودون إليها، و أما هؤلاء فمستمرون على ما هم عليه، فإذا دخلوا المضايق و سدّت أمامهم المخارج نظروا في أعذار خيار أهل الأرض بعد الأنبياء، فتدّثروا بها، و إن لم يندموا يوما على فعالهم!

و ما أشبه هؤلاء باللصوص الفجرة الذين إذا ضُبِطوا قالوا: كان في مجتمع الصحابة لصوص! !

عن عبادة بن الصامت ـ رضي الله عنه ـ عن رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ أنه قال: "من قتل مؤمنا فاعتبط بقتله لم يقبل الله منه صرفا و لا عدلا" أخرجه أبو داود (4270) و الطبراني في 'مسند الشاميين' (1311) و الضياء في 'المختارة' (416،417)، و هو صحيح.

قال خالد بن دهقان: [سألت يحيى بن يحيى الغساني عن قوله "اعتبط' بقتله'؟ قال: الذين يقاتلون في الفتنة، فيقتل أحدهم، فيرى أنه على هدى لا يستغفر الله، يعني: من ذلك، قال أبو داود: و قال: فاعتبط يصب دمه صبا].

هكذا رواه أبو داود (4271) و هو صحيح، و لا ريب أن هذا فعل من يريق داء الأبرياء و هو يحسب أنه يحسن صنعا!

و ضُبط بالغَين أي "فاغتبط"، أي سُرّ بقتله، و الله المستعان!

د- كان جيش أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ مشتملا على مجتهدين و علماء يُرجع إليهم، فيشملهم حينئذ حديث الأجر أو الأجرين المذكور آنفا، و أما هؤلاء المارقون فأتحدى جمعهم أن يثبتوا لنا واحدا معهم يكون من أهل الاجتهاد، و لو كان في سرداب الرافضة! بل لو جُمعت علومهم كلها في رجل واحد لما كوّنوا رجلا واحدا من علمائنا، و لو كان بعضهم لبعض ظهيرا، و سيأتي زيادة بيان ـ إن شاء الله ـ في ردّ تعلقهم بالشيخ الغنيمان.

هـ- يُفهم من كلام المشبوه هنا أنه يعترف بخطأ جماعته، و قد أراد إفهام القراء ذلك باستعماله هذا الأسلوب المرن، إلا أن الحقيقة خلاف ذلك، كما ستراه قريبا ـ إن شاء الله ـ في تبريره هذه الجريمة و تصويبه الجماعة فيها، و إنما يستعمل هذه الطريقة لمخادعة المؤمنين، قال الله ـ تعالى ـ: {يخادعون الله و الذين آمنوا و ما يخدعون إلا أنفسهم و ما يشعرون} (البقرة 9).
رد مع اقتباس
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013