منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 04 Oct 2016, 06:01 PM
أبو عبد السلام جابر البسكري أبو عبد السلام جابر البسكري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Feb 2014
المشاركات: 1,229
إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو عبد السلام جابر البسكري
افتراضي ما أحوجنا إلى شعرة معاوية رضي الله عنه في حسن العشرة.

بسم الله الرحمن الرحيم


ما أحوجنا إلى شعرة معاوية رضي الله عنه في حسن العشرة.


إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله أما بعد:

ربط الله بين قلوبنا برابط وثيق وهو الإيمان به و الولاء له والحب فيه ، وجعل لنا أخوة تجمعنا أكثر من أخوة الدم والنسب ، قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الحجرات (10)].
وهذا الرابط الذي ربطنا الله تعالى به يتعدى حتى من سبقنا بالإيمان ومات على ذلك فهم إخواننا ولهم حق علينا فلا تنقطع علاقتنا بهم ، قال تعالى : {والَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ} [الحشر (10)] يقول الطبري في تفسير الآية : ولا تجعل في قلوبنا غلا ، غشا وحسدا وبغضا ( للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم ) من كان في قلبه غل على أحد من الصحابة ولم يترحم على جميعهم فإنه ليس ممن عناه الله بهذه الآية لأن الله تعالى رتب المؤمنين على ثلاثة منازل : المهاجرين والأنصار والتابعين الموصوفين بما ذكر الله فمن لم يكن من التابعين بهذه الصفة كان خارجا من أقسام المؤمنين .إهـ ، فاللهم اجعلنا ممن عنيتهم بهذه الأية .
و في هذه الحياة التي لا تخلو من مسببات القطيعة و التهاجر بين أخوة المنهج الواحد ، ربما هي أسباب وهمية أو حتى أسباب ظنية أو حساسيات يُسعر نارها الشيطان ليقطع صلة المحبة بين الإخوان.
ولذلك لابد من الرجوع إلى النبع الصافي إلى أخلاق سلفنا وكيف كانت علاقتهم ومحبتهم لبعضهم قوية مفتولة وبحبل الله معتصمة و موصولة، كانوا يراعون مشاعر بعضهم في السراء والضراء في المنحة والمحنة في الشدة والرخاء.
وقد ضرب المهاجرون والأنصار أروع المثال في الأخوة التي نفتقدها اليوم ، فكان أول عمل قام به النبي صلى الله عليه وسلم بعد بناء المسجد هو توثيق العلاقة و رباط الأخوة بينهم ، حيث جمعت بينهم العقيد الصحيحة الدينية فكان أثرها تقاسم الأمور الدنيوية والمواساة بالمال و السكن ، حتى عرض سعد بن ربيع على أخيه عبد الرحمن بن عوف نصف ماله ليأخذه ، بل خيّره بين إحدى زوجتيه كي يطلّقها لأجله ، فشكر له عبد الرحمن صنيعه وأثنى على كرمه ، ثم طلب منه أن يدلّه على أسواق المدينة ، ولم يمرّ وقتٌ قصير حتى استطاع عبدالرحمن بن عوف أن يكون من أغنياء الصحابة .
وقد مدحهم الله سبحانه وتعالى لخصالهم وطيب نفوسهم و سعت صدورهم فقال عز وجل : { والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون } ( الحشر : 9 ) .
و الأمثلة كثيرة ولكن لماذا تغيرت هذه العشرة و هذه المشاعر في وقتنا هذا بين الأخوة وكأنها أخوة على شعرة تخطأ تنقطع و تتبخر و تصبح كما يقال في خبر كان .
وها هو خال المؤمنين معاوية رضي الله عنه صاحب الحكمة و الحلم يقعد لنا قاعدة لتوطيد رابطة الأخوة و تمكينها و تثبيتها ، هذه القاعدة عامة بينك وبين الناس فما بالك إن كانت بينك وبين من تربطك به محبة في الله ، يقول رضي الله عنه : لو أن بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت. قيل: وكيف ذلك؟ قال: كنت إذا مدوها خليتها، وإذا خلوها مددتها. [عيون الأخبار لابن قتيبة1/62 ].
ما أحوجنا إلى شعرة معاوية رضي الله عنه ، حيث إذا أحسست من أخيك النفور توددت إليه و أرخيت بصدق المشاعر والأحاسيس إليه وقابلت السيئة بالحسنة ومحوت مكدرات التقاطع بصفاء الود والحب.
وإذا اشتد إخوانك عليك بالتثريب واللوم بسبب بعدك وتقصيرك ، فلين الجانب منك مطلوب و العذر إليهم مرغوب فيه ومحبوب ، فحافظ على على هذه العشرة واحذر انقطاع الشعرة و راقب أحاسيس إخوانك بالسؤال و حسن العشرة في الشدة والعسرة.
يقول سبحانه وتعالى : {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت: 34].
نعم ليس سهلا لبعض الناس أن يتنازل عن حقه فيقابل السيئة بالحسنة ، أن يقابل من في ظنه أنه سبب له بعض المشاكل ولكن لابد من الدفع بالتي هي أحسن ، يدفع قدر ما استطاع من الغضب والغيض و يسمح و يصفح لأخيه الذي عاداه ، وبهذا يرجع وليا حميما و تجتمع القلوب المتنافرة في هذه الحياة .
قال تعالى : { وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } [آل عمران: 134].
وجاء من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (ليس الشديد بالصُّرَعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب) [ متفق عليه].
قَالَ صلى الله عليه وسلم: ( وَمَا زَادَ اللهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا ) ،[رواه مسلم].
و هذا مثال للمحافظة على شعرة العشرة بين الأخوة
و هي قصة مشاحنة حدثت بين صحابيين جليلين وهما أبو بكر الصديق و عمر الفاروق رضي الله عنهما.، فهذان الصحابيان الجليلان، وهما أفضلُ الناس بعد النبيِّين والْمُرسلين، يَحدُث بينهما من الخلاف وسوءِ التفاهُم، بل والغضبِ وإغلاقِ الباب في وجه صاحبه، كما يحدث من جميع الناس، والذي يُميِّزُهم عن جميع الناس، أنَّ هذا الخلاف الشديدَ لا يدوم طويلًا، ولا يُحدث فُرقةً وعداوة، بل لا يزيدُهما ذلك إلا محبَّةً وأُلفةً وصلة ولا تنقطع شعرة العشرة بينهما أبدا.
عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : (كانت بين أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما- محاورة فأغضب أبو بكر عمر فانصرف عنه عمر مغضبا، فاتبعه أبو بكر يسأله أن يستغفر له، فلم يفعل، حتى أغلق بابه في وجهه. فأقبل أبو بكر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقال أبو الدرداء: ونحن عنده, وفي رواية: أقبل أبو بكر آخذاً بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبته، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم- : (أما صاحبكم فقد غامر). فسلم وقال: يا رسول الله! إني كان بيني وبين بن الخطاب شيء فأسرعت إليه ثم ندمت، فسألته أن يغفر لي، فأبى علي فأقبلت إليك فقال:"يغفر الله لك يا أبا بكر" (ثلاثاُ) ثم إن عمر ندم على ما كان منه فأتى منزل أبي بكر فسأل: أثم أبا بكر؟ فقالوا: لا. فأتى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- فجعل وجه النبي - صلى الله عليه وسلم- يتمعر؛ حتى أشفق أبو بكر فجثا على ركبتيه، وقال: يا رسول الله! والله أنا كنت أظلم (مرتين) فقال النبي - صلى الله عليه وسلم-: "إن الله بعثني إليكم فقلتم: كذبت وقال أبو بكر: صدقت وواساني بنفسه وماله، فهل أنتم تاركو لي صاحبي" (مرتين) فما أوذي بعدها).[ البخاري مع الفتح رقم (3661) ورقم (4640) ].
وقد استخرج الحافظ بن حجر في الفتح بعض الفوائد من الحديث وهي :
وفي الحديث من الفوائد فضل أبي بكر على جميع الصحابة
وأن الفاضل لا ينبغي له أن يغاضب من هو أفضل منه
وفيه جواز مدح المرء في وجهه ، ومحله إذا أمن عليه الافتتان والاغترار .
وفيه ما طبع عليه الإنسان من البشرية حتى يحمله الغضب على ارتكاب خلاف الأولى
لكن الفاضل في الدين يسرع الرجوع إلى الأولى كقوله تعالى : إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا .
وفيه أن غير النبي ولو بلغ من الفضل الغاية ليس بمعصوم .
وفيه استحباب سؤال الاستغفار والتحلل من المظلوم .
وفيه أن من غضب على صاحبه نسبه إلى أبيه أو جده ولم يسمه باسمه وذلك من قول أبي بكر لما جاء وهو غضبان من عمر " كان بيني وبين ابن الخطاب " فلم يذكره باسمه ، ونظيره قوله - صلى الله عليه وسلم - : إلا إن كان ابن أبي طالب يريد أن ينكح ابنتهم .
وفيه أن الركبة ليست عورة .
ونختم بهذا المثل الذي قل تطبيقه بين الإخوة و يعتقد بعضهم إن طبقه فقد ذل ، وهذا من تلاعب الشيطان لكي يقطع حبل المحبة ويفوز بالهجر و التفرقة .
( إذا عَزَّ أخوك فَهِنْو المعنى: إذا اشتد أخوك فَلِنْ له. ويقال أن أصل هذا المثل أنَّ الهذيل بن هبيرة أغارَ على أُناسٍ من ضبة، فغنم منهم ما غنم ثم انصَرَف، فخاف أن يُدرِكه الطلب من ضبة، فأسرع مع جنده في السَّيْرِ، فطلَب منه أصحابُه أن يقسم بينهم غنيمتهم، فقال: إني أخاف أن تشغلكم القسمة، فيُدرِككم الطلب فتهلكوا، فلمَّا رآهم أعادوا عليه ذلك مِرارًا، قال: إذا عزَّ أخوك فهن، فأرسَلَها مثلاً، وخضَع لمطالبتهم له بالقسم، وقسم بينهم غنيمتهم.
و قد أمر النبي صلى الله عليه وسلم باللين في أحاديث كثيرة منها: حين سُئِل - صلَّى الله عليه وآله وسلَّم -: مَن يحرَّم على النار؟ قال: (الهيِّن الليِّن، السهل القريب)، [صحيح الترغيب والترهيب].
ولقد أخَذ معاوية - رضِي الله عنْه - بهذا المَثَل في باب السياسة، فكان إذا صعُب عليه الرعيَّة لان، وفي ذلك يقول: ( لو أنَّ بيني وبين الناس شعرةً ممدودة ما انقَطَعت؛ لأنِّي إذا مدوا أرسلتُ، وإذا أرسَلوا مددتُ
فلنأخذ هذا المثل من صاحب الحلم والحكمة معاوية رضي الله عنه ولنحافظ على حسن العشرة ولا نقطع هذه الشعرة وليكن سلفنا لنا خير قدوة وأسوة ، ولنصبر على بعضنا البعض لكي تدوم الأخوة والمحبة.


كتبه : أبو عبد السلام جابر البسكري
الثلاثاء 02 من شهر الله المحرم 1438 هجري


التعديل الأخير تم بواسطة لزهر سنيقرة ; 16 Nov 2017 الساعة 07:37 AM
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 15 Nov 2017, 09:15 AM
أبو عبد الله حيدوش أبو عبد الله حيدوش غير متواجد حالياً
وفقه الله
 
تاريخ التسجيل: Apr 2014
الدولة: الجزائر ( ولاية بومرداس ) حرسها الله
المشاركات: 757
افتراضي

مقال رائع! لله درك
جزاك الله خيرا اخي الكريم
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 15 Nov 2017, 02:48 PM
حسان البليدي حسان البليدي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Feb 2014
الدولة: وادي العلايق - البليدة
المشاركات: 340
افتراضي

بارك الله فيك
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 15 Nov 2017, 06:19 PM
أبوعبيد الله عبد الله مسعود أبوعبيد الله عبد الله مسعود غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2016
المشاركات: 76
افتراضي

جزاك الله خيرا
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 16 Nov 2017, 07:42 AM
لزهر سنيقرة لزهر سنيقرة غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2009
المشاركات: 343
افتراضي

أحسنت أخي جابر بكتابتها ابتداء وبحسن اختيار وقت التذكير بها ثانيا، فجزاك الله خيرا
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 16 Nov 2017, 01:57 PM
أبو فهيمة عبد الرحمن البجائي أبو فهيمة عبد الرحمن البجائي غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2014
الدولة: الجزائر
المشاركات: 380
افتراضي

بوركت أخي جابر وجوزيت خيرا على مقالك النّافع المنيف، أسأل الله تعالى أن ينفع به كل من يطّلع عليه، آمين! ومن نافلة القول التّذكير بالمثل السّائر الشّهير "رحم الله امرء عرف قدر نفسه"؛ فلو أنّ النّاس عرفوا أقدار نفوسهم لعمّتهم الرّحمة ولتوطّدت أواصر المحبّة فيهم وترسّخت؛ فنسأل الله تعالى أن يصلح أحوال جميع المسلمين، اللهم آمين.

التعديل الأخير تم بواسطة أبو فهيمة عبد الرحمن البجائي ; 16 Nov 2017 الساعة 02:04 PM
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 18 Nov 2017, 11:22 AM
أبو عبد السلام جابر البسكري أبو عبد السلام جابر البسكري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Feb 2014
المشاركات: 1,229
إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو عبد السلام جابر البسكري
افتراضي

بارك الله فيك شيخنا أزهر على تشجيع ابنكم أطال الله في عمرك ونفع بعلمك.
وبارك الله في الإخوة حيدوش و حسان و عبد الله و المشرف عبد الرحمن على التعليق ، ونفع الله بكم يا أهل التصفية والتربية - وإني أحبكم في الله -
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 19 Nov 2017, 07:49 PM
أبو فهيمة عبد الرحمن البجائي أبو فهيمة عبد الرحمن البجائي غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2014
الدولة: الجزائر
المشاركات: 380
افتراضي

أحبَّك الله الذي أحببتنا فيه، وأسأل الله تعالى أن يوفقك أخي للمزيد من المقالات النافعة.
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
مميز, تزكية, شعرةمعاوية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013