منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 04 Nov 2007, 11:08 AM
بشير ابو عبد الرحمن بشير ابو عبد الرحمن غير متواجد حالياً
bachir-dellys.blogspot
 
تاريخ التسجيل: Oct 2007
الدولة: الجزائر
المشاركات: 600
إرسال رسالة عبر MSN إلى بشير ابو عبد الرحمن
افتراضي °¨¨™¤¦"منهاج الفرقة الناجية و الطائفة المنصورة" ¦¤™¨¨°

"السلام عليكم و رحمة الله و بركاته



أقوم بنقل كتيب الشيخ محمد بن جميل زينو على ملف وورد "منهاج الفرقة الناجية و الطائفة المنصورة" و هو كتاب هين سهل واضح عن علامات و صفات الفرقة الناجية من أمة الإسلام و عقيدتها الصحيحة التي تنجيها ...


قبل أن أترككم مع الكتيب الرائع الذي أنصحكم بقراءته أرجو أن تدخلوا هذا الرابط لتتعرفوا على الشيخ محمد بن جميل زينو و تقرؤوا قصة توبته :
قصة توبة الشيخ محمد جميل زينو من ضلالات الصوفية إلى العقيدة السلفية



الآن ..أترككم مع أول غيث نقلته من الكتاب..







"واعتصموا بحبل الله جميعا و لا تفرقوا" (سورة آل عمران)



منهاج
الفرقة الناجية
و الطائفة المنصورة



إعداد
محمد بن جميل زينو
المدرس في دار الحديث الخيرية بمكة المكرمة



(الطبعة الثامنة عشر مصححة)


محتويات الكتاب :

الفرقة الناجية
علامة الفرقة الناجية
من هي الطائفة المنصورة
التوحيد و أنواعه
معنى لا إله إلا الله
معنى محمد رسول الله
إياك نعبد و إياك نستعين
استعن بالله وحده
الرحمن على العرش استوى
أهمية التوحيد
من فضل التوحيد
من فوائد التوحيد
أعداء التوحيد
موقف العلماء من التوحيد
ما معنى وهابي ؟
محمد بن عبد الوهاب
معركة التوحيد و الشرك
إنِ الحكم إلا لله
العقيدة أولا أم الحاكمية ؟
الشرك الأكبر و أنواعه
مثل من يدعو غير الله
كيف ننفي الشرك بالله؟
من هو الموحّد؟
الشرك الأصغر و أنواعه
من مظاهر الشرك
المشاهد و المزارات
مفاسد الشرك و أضراره
التوسل المشروع
التوسل الممنوع
شروط تحقيق النصر
و كان حقا علينا نصر المؤمنين
الكفر الأكبر و أنواعه
الكفر الأصغر و أنواعه
احذروا الطواغيت
النفاق الأكبر
النفاق الأصغر
أولياء الرحمن و أولياء الشيطان
أنواع شعب الإيمان
أسباب حدوث المصائب و إزالتها
الاحتفال بالمولد النبوي
كيف نحب الله و رسوله صلى الله عليه و سلم ؟
فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم
الصلوات المبتدعة
الصلاة النارية
القرآن للأحياء لا للأموات
القيام الممنوع
القيام المطلوب و المشروع
الأحاديث الضعيفة و الموضوعة
نماذج من الأحاديث الموضوعة
كيف نزور القبور ؟
التقليد الأعمى
لا تردوا الحق
عقيدة المسلم (شعر)





بسم الله الرحمن الرحيم



إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره ، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا، و سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، و من يضلل فلا هادي له ، و أشهد أن لا إله إلا الله و حده لا شريك له ، و أشهد أن محمدا عبده و رسوله .

أما بعد ... فهذه بحوث مهمة و متنوعة ، تدعو المسلمين إلى عقيدة التوحيد الخالص و الابتعاد عن الشرك الذي انتشرا مظلهره في أكثر البلاد الإسلامية ، و هو سبب هلاك الأمم السابقة، و سبب شقاء العالم المعاصر ، و لا سيما العالم الإسلامي و ما يلاقيه من المصائب و النكبات و الحروب و الفتن و غيرها.

و هذه البحوث و المواضيع تبين أيضا منهاج و عقيدة الفرقة الناجية ، و الطائفة المنصورة الواردة في الحديث النبوي ، لتنير الطريق للعاملين ، حتى يكونوا من الناجين و المنصورين إن شاء الله ، و الله أسأل أن ينفع بها المسلمين ، و يجعلها خالصة لوجهه الكريم.


محمد بن جميل زينو








الفرقة الناجية


1.قال الله تعالى : "و اعتصموا بحبل الله جميعا و لا تفرقوا " (سورة آل عمران)

2. و قال تعالى :" و لا تكونوا من المشركين ، من الذين فرقوا دينهم و كانوا شيعا ، كل حزب بما لديهم فرحون" (سورة الروم)

3. و قال صلى الله عليه و سلم : "أوصيكم بتقوى الله عز و جل و السمع و الطاعة و إن تأمر عليكم عبدٌ حبشيٌ، فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا ، فعليكم بسنتي و سنة الخلفاء الراشدين المهديين تمسكوا بها و عضوا عليها بالنواجذ ، و إياكم و محدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة ، و كل بدعة ضلالة ، و كل ضلالة في النار" (رواه النسائي و الترمذي و قال حديث حسن صحيح)

4. و قال صلى الله عليه و سلم : "ألا و إن من قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على ثنتين و سبعين ملة (1) ، و إن هذه الملة (2) ستفترق على ثلاثِ و سبعين : ثنتان و سبعون في النار ، وواحدة في الجنة، و هي الجماعة" (رواه أحمد و غيره و حسنه الحافظ)
و في رواية : "كلهم في النار إلا مله واحدة : ما أنا عليه و أصحابي" رواه الترمذي و حسنه الألباني في صحيح الجامع 5219

5. و عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : "خط لنا رسول الله صلى الله عليه و سلم خطا بيده ثم قال : هذا سبيل الله مستقيما . و خط خطوطا عن يمينه و شماله ، ثم قال : هذه السبل ، ليس منها سبيل إلا عليه شيطان يدعو إليه، ثم قرأ قوله تعالى : "و أن هذا صراطي مستقيما فاتّبعوه، و لا تتّبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ، ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون" (صحيح رواه أحمد و النسائي)


(1) و في رواية "اثنتين و سبعين فرقة "
(2) و في رواية "و تفترق أمتي"
__________________________________________________ ______________

6. و قال الشيخ عبد القادر الجيلاني في كتابه "الغُنية" : أما الفرقة الناجية فهي أهل السنة و الجماعة ، و أهل السنة لا اسم لهم إلا اسم واحد و هو أصحاب الحديث.

7. يأمرنا الله سبحانه و تعالى أن نعتصم جميعا بالقرآن الكريم ، و أن لا نكون من المشركين المتفرقين في دينهم شيعا و أحزابا ، و يخبرنا الرسلول الكريم أن اليهود و النصارى تفرقوا كثيرا، و أن المسلمين سيتفرقون أكثر منهم ، و أن هذه الفرق ستكون عرضة لدخول النار ، لانحرافها ، و بُعدها عن كتاب ربها و سنة نبيها ، و أن فرقة واحدة ناجية منها ستدخل الجنة، و هي الجماعة المتمسكة بالكتاب و السنة الصحيحة، و عمل أصحاب الرسول صلى الله عليه و سلم.

اللهم اجعلنا من الفرقة الناجية ، ووفق المسلمين لأن يكونوا منها .






منهاج الفرقة الناجية



1. الفرقة الناجية : هي التي تلتزم منهاج رسول الله صلى الله عليه و سلم في حياته، و منهاج أصحابه من بعده ، و هو القرآن الكريم الذي أنزله الله على رسوله، و بينه لصحابته في أحاديثه الصحيحة ، و أمر المسلمين بالتمسك بهما فقال : "تركتُ فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما : كتاب الله و سنتي، و لن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض " (صححه الألباني في الجامع)

2. الفرقة الناجية تعود إلى كلام الله و رسوله حين التنازع و الاختلاف عملا بقوله تعالى : "فإنْ تنازعتُم في شيء فرُدُّوه إلى الله و الرسول إنْ كنتم تؤمنون بالله و اليوم الآخر ، ذلك خير و أحسن تأويلا" (سورة النساء)
و قال تعالى:" فلا و ربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ، ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت و يثسلّموا تسليما" (سورة النساء)

3. الفرقة الناجية لا تُقدم كلام أحد على كلام الله و رسوله،عملا بقواه تعالى : "يا أيها الذين آمنوا لا تُقدِّموا بين يدَيِ الله و رسولِه ، و اتقوا الله إن الله سميعٌ عليم " (سورة الحجرات)
و قال ابن عباس : أراهم سيهلكون ! أقول : قال النبي صلى الله عليه و سلم ، و يقولون : قال أبو بكر و عمر(رواه أحمد و غيره، و صححه أحمد شاكر)

4. الفرقة الناجية تعتبر التوحيد ، و هو إفراد الله بالعبادة كالدعاء و الاستعانة و الاستغاثة وقت الشدة و الرخاء ، و الذبح و النذر ، و التوطل و الحكم بما أنزل الله ، و غير ذلك من أنواع العبادة هو الأساس الذي تبنى عليه الدولة الإسلامية الصحيحة ، و لا بد من إبعاد الشرك و مظاهره الموجودة في أكثر البلاد الاسلامية، لأنه من مقتضيات التوحيد ، و لا يمكن النصر لأي جماعة تُهمل التوحيد ، و لا تكافح الشرك بأنواعه، أسوة بالرسل جميعا و برسولنا الكريم صلوات الله و سلامه عليهم أجمعين.

5. الفرقة الناجية : يحيون سُنن الرسول صلى الله علسه و سلم في عبادتهم و سلوكهم و حياتهم فأصبحوا غرباءبين قومهم ، كما أخبر عنهم رسول الله صلى الله عليه و سلم بقوله : "إن الاسلام بدأ غريبا و سيعود غريبا كما بدأ ، فطوبى للغرباء" (رواه مسلم)

6. الفرقة الناجية : لا تتعصب إلا لكلام الله و كلام رسوله المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى، أما غيره من البشر مهما عَلتْ رتبته ، فقد يخطئ لقوله صلى الله عليه و سلم :" كلّ بني آدم خطاء و خير الخطائين التوابون"

7. الفرقة الناجية : هم أهل الحديث الذين قال رسول الله صلى الله عليه و سلم فيهم : "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ، لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله " (رواه مسلم)
و قال الشاعر :

أهل الحديث همُ أهل النبيِّ و إن
لم يصحبوا نفسه أنفاسه صَحِبوا


8. الفرقة الناجية : تحترم الأئمة المجتهدين ، ولا تتعصب لواحد منهم ، بل تأخذ الفقه من القرآن و الأحاديث الصحيحة ، و من أقوالهم جميعا إذا وافق الحديث الصحيح ، و هذا موافق لكلامهم ، حيث أوصوا أتباعهم أن يأخذوا بالحديث الصحيح ، و يتركوا كل قول يخالفه.

9. الفرقة الناجية تأمر بالمعروف، و تنهى عن المنكر، فهي تنكر الطُرق المبتدعة و الأحزاب الهدامة التي فرقت الأمة ، و ابتدعت في الدين و ابتعدت عن سنة الرسول صلى الله عليه و سلم و أصحابه .

10. الفرقة الناجية تدعو المسلمين أن يكونوا من المتمسكين بسنة الرسول صلى الله عليه و سلم و أصحابه حتى يكتب لهم النصر ، و حتى يدخلوا الجنة بفضل الله و شفاعة رسوله صلى الله عليه و سلم (بإذنه عز و جل).

11. الفرقة الناجية : تنكر القوانين الوضعية التي هي من وَضع البشر ، لمخالفتهم حكم الإسلام ، و تدعو إلى تحكيم كتاب الله الذي أنزله الله لسعادة البشر في الدنيا و الآخرة ، و هو أعلم سبحانهو تعالى بما يصلح لهم ، و هو ثابت لا تتبدل أحكامه على مدى الأيام ، و لا يتطور حسب الزمان ، و إن سبب شقاء العالم عامة و العالم الإسلامي خاصة و ما يلاقيه من متاعب و ذل و هوان – هو تركه الحكم لكتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم ، و لا عِزّ للمسلمين إلا بالرجوع إلى تعاليم الإسلام أفرادا و جماعات، و حكومات، عملا بقوله تعالى: "إن الله لا يُغيّرُ ما بقوم حتى يُغيّروا ما بأنفسهم" (سورة الرعد)

12. الفرقة الناجية : تدعو المسلمين جكيعا إلى الجهاد في سبيل الله و هو واجب على كل مسلم حسب طاقته و استطاعته، و يكون الجهاد بما يلي :

أ. الجهاد باللسان و القلم : بدعوة المسلمين و غيرهم إلى التمسك بالإسلام الصحيح ، و التوحيد الخالي من الشرك الذي انتشر في كثير من البلاد الإسلامية ، و الذي أخبر عنه الرسول صلى الله عليه و سلم بأنه سيقع بين المسلمين فقال : "لا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين ، و حتى تعبد قبائل من أمتي الأوثان" (صحيح رواه أبو داود وورد معناه في مسلم)
ب.الجهاد بالمال : و يكون بالإنفاق على نشر الإسلام ، و طبع الكتب الداعية إليه على الوجه الصحيح ، و يكون بتوزيع المال على المؤلفة قلوبهم من ضعفاء المسلمين لتثبيتهم ، و يكون بتصنيع و شراء الأسلحة ، و المعدات للمجاهدين ، و ما يلزمهم من طعام و كساء و غير ذلك .
جـ. الجهاد بالنفس : و يكون بالقتال و الاشتراك في الكعارك لنصرة الاسلام ، و لتكون كلمة الله هي العليا ، و كلمة الذين كفروا هي السفلى و قد أشار الرسول الكريم إلى هذه الأنواع فقال : "جاهدوا المشركين بأموالكم و أنفسكم و ألسنتكم " (صحيح رواه أبو داود)

و حكم الجهاد في سبيل الله على أنواع :
أ. فرض عين : و يكون ضد العدو المهاجم لبعض بلاد المسلمين كفلسطين التي اغتصبها اليهود المجرمون ، فالمسلمون المستطيعون آثمون حتى يُخرجوا اليهود منها ، و يُعيدوا المسجد الأقصى للمسلمين بما يستطيعون من المال أو النفس .

ب. فرض كفاية : إذا قام به بعض المسلمين سقط عن الباقين ، و يكون في تبليغ و نقل الدعوة الإسلامية إلى سائر البلاد حتى يحكمها في الإسلام . و من وقف في طريقها قوتل حتى تسير الدعوة في طريقها.






علامة الفرقة الناجية


1. الفرقة الناجية : هم قلّة بين الناس ، دعا لهم رسول الله صلى الله عليه و سلم بقوله : "طوبى للغرباء : أناسٌ صالحون ، في أناس سوء كثير، من يَعصيهم أكثر ممن يُطيعهم" (صحيح رواه أحمد)
و لقد أخبر عنهم القرآن الكريم فقال مادحا لهم : "و قليل من عبادي الشكور" (سورة سبأ)

2. الفرقة الناجية يُعاديهم الكثير من الناس ، و يَفترون عليهم ، و يُنلبزونهم بالألقاب، و لهم أسوة بالأنبياء الذين قال الله عنهم : " و كذلك جعلنا لكل نبي عدوّا شياطين الإنس و الجن ، يُوحي بعضهم إلى بعض زُخْرف القول غرورا.." (سورة الأنعام)

و هذا رسول الله صلى الله عليه و سلم قال عنه قومه : (ساحر كذاب) حينما دعاهم إلى التوحيد ، و كانوا قبل ذلك يسمونه الصادق الأمين .
3. سُئل الشيخ عبد العزيز بن باز عن الفرقة الناجية فقال : هم السلفيون ، و كل من مشى على طريقة السلف الصالح (الرسول و صحابته).

هذه بعض مناهج و علامة الفرقة الناجية ، و سأتكلم فيالفصول القادة من هذا الكتاب عن عقيدة الفرقة الناجية ، التي هي الطائفة المنصورة ، لنكون على عقيدتها إن شاء الله .






مَن هي الطائفة المنصورة ؟


1. قال صلى الله عليه و سلم : "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله" (رواه مسلم)

2. و قال صلى الله عليه و سلم : "إذا فسد أهلُ الشام فلا خير فيكم ، و لا تزال طائفة من أمتي منصورون ، لا يضرّهم من خذلهم حتى تقوم الساعة" (صحيح رواه أحمد)

3. قال ابن المبارك : هم عندي أصحاب الحديث .

4. و قال البخاري : قال علي بن المديني : هم أصحاب الحديث .

5. و قال أحمد بن حنبل : إن لم تكن هذه الطائفة المنصورة أصحاب الحديث فلا أدري من هم ؟!

6. إن أهل الحديث هم بحكم اختصاصهم في دراسة السنة و ما يتعلق بها أعلم الناس قاطبة بسنة نبيهم صلى الله عليه و سلم ، و هديه و أخلاقه و غزواته و ما يتصل بها .

7. يقول الإمام الشافعي يُخاطب الإمام أحمد : "أنتم أعلم بالحديث مني ، فإذا جاءكم الحديث صحيحا فأعلموني به حتى أذهب إليه سواء كان حجازيا أم كوفيا أم بصريا".

فأهل الحديث - حشرنا الله معهم - لا يتعصبون لقول شخص معين مهما علا و سما حاشا محمدا صلى الله عليه و سلم بخلاف غيرهم ممن لا ينتمي إلى أهل الحديث و العمل به فإنهم يتعصبون لأقوال أئمتهم – و قد نهوا عن ذلك – كما يتعصب أهل الحديث لأقوال نبيهم ، فلا عجب أن يكون أهل الحديث هم الطائفة المنصورة ، و الفرقة الناجية !

8. يقول الخطيب البغدادي في كتابه : "شرف أصحاب الحديث" :
"و لو أن صاحب الرأي شُغل بما ينفعه من العلوم ، و طلب سنن رسول رب العالمين لوجد ما يغنيه عن سواه ، لأن الحديث يشتمل على معرفة أصول التوحيد ، و بيان ما جاء من وجوه الوعد و الوعيد ، و صفات رب العالمين ، و الإخبار عن صفة الجنة و النار ، و ما أعد الله فيها للمتقين و الفجار ، و ما خلق الله في الأرضين و السموات ... و في الحديث قصص الأنبياء و أخبار الزهاد و الأولياء و المواعظ البلغاء ، و كلام الفقهاء ، و خطب الرسول و معجزاته ، و فيه تفسير القرآن العظيم ، و ما فيه من النبأ و الذكر الحكيم ، و أقاويل الصحابة في الأحكام المحفوظة عنهم ، و قد جعل الله أهل "الحديث" أركان الشريعة ، و هدم بهم كل بدعة شنيعة ، فهم أُمناء الله في خليقته ، و الواسطة بين النبي و أمته ، و المجتهدون في حفظ متنه ، أنوارهم زاهرة ، و فضائلهم سائرة ، و كل فئة تتحيّز إلى هوى ترجع إليه ، و تستحسن رأيا تعكف عليه سوى أصحاب الحديث ، الكتاب عُدتهم و السنة حُجتهم و الرسول فِئتهم و إليه نسبتهم ، لا يلتفتون إلى الآراء ، من كابدهم قصمه الله ، و من عاداهم خذله الله ".

اللهم اجعلنا من أهل الحديث ، و ارزقنا العمل به ، و محبة أهله ، و مناصرة العاملين به.




التوحيد و أنواعه


التوحيد هو إفراد الله بالعبادة التي خلق الله العالم لأجلها .
قال الله تعالى : "و ما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون" (1) (سورة الذاريات)
أي يوحدوني في العبادة و يفردوني في الدعاء
______________________________

(1) الآية ردّ على من يزعم أن العالم خُلق لأجل محمد صلى الله عليه و سلم.
________________________________

و أنواع التوحيد الآتية مأخوذة من القرآن الكريم :
1. توحيد الرب: هو الاعتراف بأن الله هو الرب و الخالق، و قد اعترف بهذا الكفار ، و لم يدخلهم ذلك في الإسلام ، قال تعالى : "و لئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله " (سورة الزخرف) ، و قد أنكر الشيوعيون وجود الرب فكانوا أشد كفرا من كفار الجاهلية.

2. توحيد الإله : هو توحيد الله بأنواع العبادات المشروعة ، كالدعاء و الاستعانة و الطواف و الذبح و النذر و غيرها ، و هذا النوع هو الذي حجده الكفار ، و كانت فيه الخصومة بين الأمم و رسلهم منذ نوح عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه و سلم ، و قد حث القرآن الكريم في أكثر سوره عليه ، و على دعاء الله وحده ، ففي سورة الفاتحة نقرأ "إياك نعبد و إياك نستعين " و معناها نخصّك بالعادة ، فندعوك وحدك ، و لا نستعين بغيرك ، و توحيد الإله يشمل إفراده في دعائه ، و الحكم بقرآنه ، و الاحتكام إلى شرعه ، و كله داخل في قوله تعالى : "إنني أنا الله ، لا إله إلا أنا فاعبدوني"(سورة طه)

3. توحيد الأسماء و الصفات : هو الإيمان بكل بكل ما ورد في القرآن الكريم و الحديث الصحيح ، من صفات الله التي وصف بها نفسه ، أو وصف بها رسوله صلى الله عليه و سلم على الحقيقة من غير تأويل و لا تكييف و لا تفويض، كالاستواء و النزول ، و اليد و المجيء، و غيرها من الصفات ، نفسرها بما ورد عن السلف، فالاستواء مثلا ورد تفسيره عن التابعين في صحيح البخاري بأنه العلو و الارتفاع اللذان يليقان بجلاله قال الله تعالى : "ليس كمثله شيء و هو السميع البصير" (سورة الشورى)

أ. التاويل : هو صرف ظاهر الآيات و الأحاديث الصحيحة إلى معنى آخر باطل مثل استوى بمعنى استولى.
ب. التعطيل : هو جحد صفات الله و نفيها عنه كعلوّ الله على السماء فقد زعمت الفرق الضالة أن الله في كل مكان .
جـ. التكييف : هو تكييف صفات الله ، و أن كيفيتها كذا فعلوّ الله على العرش لا يشبه مخلوقاته و لا يعلم كيفيته أحد إلا الله .
د . التمثيل : هو تمثيل صفات الله بصفات خلقه ، فلا يقال : ينزل الله إلى السماء كنزولنا ، و حديث النزول رواه مسلم.
و من الكذب نسبة هذا التشبيه إلى شيخ الاسلام ابن تيمية ، إذ لم نجده في كتبه بل وجدنا نفيه للتمثيل و التشبيه.
هـ . التفويض : عند السلف في الكيف لا في المعنى ، فالاستواء مثلا معناه العلو الذي لا يعلم كيفيته إلا الله.






معنى لا إله إلا الله


(لا معبود بحق إلا الله)


فيها نفي الإلهية عن غير الله ، و إثباتها لله وحده.

1. قال الله تعالى : "فاعلم أنه لا إله إلا الله " (سورة محمد)
فالعلم بمعناها واجب و مقدم على سائر أركان الإسلام.

2. و قال صلى الله عليه و سلم : " من قال لا إله إلا الله مُخلِصا دخل الجنة" (صحيح رواه أحمد)
و المخلص هو الذي يفهمها و يعمل بها و يدعو إليها قبل غيرها ، لأن فيها التوحيد الذي خلق الله العالم لأجله.

3. و قال رسول الله صلى الله عله و سلم لعمه أبي طالب حين حضره الموت : (( "يا عم قل لا إله إلا الله ، كلمة أحاجّ لك بعا عند الله "، و أبى أن يقول لا إله إلا الله )) (رواه البخاري و مسلم).

4. بقي الرسول صلى الله عليه و سلم في مكة ثلاثة عشر عاما، يدعو العرب قائلا : قولوا لا إله إلا الله ، فقالوا إلها واحدا ! ما سمعنا بهذا ؟
لأن العرب فهموا معناها ، و أن من قالها لا يدعو غير الله ، فتركوها و لم يقولوها ، قال الله تعالى عنهم : " إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون، و يقولون إئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون ؟ بل جاء بالحق و صدّق المرسلين" (سورة الصافات).
و قال صلى الله عليه و سلم : "من قال لا إله إلا الله و كفر بما يُعبد من دون الله ، حرُم ماله و دمهُ " ( رواه مسلم)
و معنى الحديث أن التلفظ بالشهادة يستلزم أن يكفر و يُنكر كل عبادة لغير الله ، كدعاء الأموات و غيره.
و الغريب أن بعض المسلمين يقولونها بألسنتهم ، و يخالفون معناها بأفعالهم و دعائهم لغير الله !!!

5. "لا إله إلا الله " أساس التوحيد و الإسلام ، و منهج كامل للحياة ، يتحقق بتوجيه كل أنواع العبادة لله ، و ذلك إذا خضع المسلم لله ، و دعاه وحده ، و احتكم لشرعه دون غيره.

6. قال ابن رجب : "الإله" هو الذي يطاع ولا يُعصى هيبة و إجلالا، و محبة و خوفا و رجاء ، و توكلا عليه ، و سؤالا منه ، و دعاء له ، و لا يصلح هذا كله إلا لله عز و جل ، فمن أشرك مخلوقا في شيء من هذه الأمور التي هي خصائص الإله ، كان ذلك قدحا في إخلاصه في قوله :"لا إله إلا الله "، و كان فيه من عبودية المخلوق، بحسب ما فيه من ذلك".

7. إن كلمة "لا إله إلا الله" تنفع قائلها إذا لم ينقضها بشرك، فهي شبيهة بالوضوء الذي ينقضه الحدث.
قال صلى الله عليه و سلم : "من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة" (حسن رواه الحاكم)






معنى محمد رسول الله


الإيمان بأنه مرسل من عند الله ، فنصدقه فيها أخبر، و نطيعه فيما أمر، و نترك ما نهى عنه و زجر، و نعبد الله بما شرع.

1. يقول الشيخ أبو الحسن الندوي في كتاب النبوة ما نصه : الأنبياء عليهم السلام كان أول دعوتهم و أكبر هدفهم في كل زمان و في كل بيئة، هو تصحيح العقيدة فيالله تعالى، و تصحيح الصلة بين العبد و ربه و الدعوة إلى إخلاص الدين لله، و إفراد العبادة لله وحده ، و أنه النافع الضار، المستحق للعبادة و الدعاء و الالتجاء و النسك (الذبح) له وحده، و كانت حملتهم مركزة موجهة إلى الوثنية في عصورهم ، الممثلة بصورة واضحة في عبادة الأوثان و الأصنام ، و الصالحين المقدسين من الأحياء و الأموات.

2. و هذا رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول له ربه: "قل لا أملك لنفسي نفعا و لا ضرا إلا ما شاء الله ، و لو كنتُ أعلم الغيب لاستكثرت من الخير ، و ما مسّني السوء، إنْ أنا إلا نذيرٌ و بشيرٌ لقوم يُؤمنون" (سورة الأعراف)
و قال صلى الله عليه و سلم :" لا تُطروني كما أطرَتِ النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبدٌ فقولواعبد الله و رسوله" (رواه البخاري)
و الإطراء هو الزيادة و المبالغة في المدح ، فلا ندعوه من دون الله كما فعلت النصارى في عيسى ابن مريم ، فوقعوا في الشرك ، و علمنا أن نقول "محمد عبد الله و رسوله".

3. إن محبة الرسول صلى الله عليه و سلم تكون بطاعته في دعاء الله وحده و عدم دعاء غيره و لو كان رسولا أو وليا مقربا.
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "إذا سألت فاسألِ الله ، و إذا استعنت فاستعنْ بالله" (رواه الترمذي و قال حسن صحيح)
و كان صلى الله عليه و سلم إذا نزل به همٌّ أو غمٌّ قال: "يا حيّ يا قيوم برحمتك أستغيث" (حسن رواه الترمذي)
و رحم الله الشاعر حين قال :
الله أسأل أن يفرج كربَا فالكرب لا يمحوه إلا الله






إياك نعبد و إياك نستعين


(نخصك بالعبادة و الدعاء و الاستعانة وحدك)


1. ذكر علماء العربية أن الله تعالة قدم المفعول به "إياك" على الفعل "نعبد و نستعين" ليخص العبادة و الاستعانة به وحده، و يحصرها فيه دون سواه.

2. إن هذه الآية التي يكررها المسلم عشرات المرات في الصلاة و خارجها ، هي خلاصة سورة الفاتحة، و هي خلاصة القرآن كله.

3. إن العبادة في هذه الآية تعم العبادات كلها مثل الصلاة و النذر و الذبح و لا سيما الدعاء لقوله صلى الله عليه و سلم: "الدعاء هو العبادة". (رواه الترمذي و قال حسن صحيح).
فكما أن الصلاة عبادة لا تجوز لرسول و لا لولي فكذك الدعاء عبادة ، بل هو لله وحده "قل إنما أدعو ربي و لا أشرك به أحدا" (سورة الجن)

4. و قال صلى الله عليه و سلم : "دعوة ذي النون إذ دعا بها و هو في بطن الحوت : لا إله إلا أنت سبحانك إني كنا من الظالمين" (صححه الحاكم ووافقه الذهبي)
لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له.






استعن بالله وحده


قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "إذا سألت فاسال الله ، و إذا استعنت فاستعن بالله" (رواه الترمذي و قال حسن صحيح)

1. يقول الإمام النووي و الهيتمي في تفسير هذا الحديث ما خلاصته : إذا طلبت الإعانة على أمر من أمور الدنيا و الآخرة فاستعن بالله ، لا سيما في الأمور التي لا يقدر عليها غير الله ، كشفاء المرض و طلب الرزق و الهداية، فهي مما اختص الله بها وحده ، قال تعالى: " و إن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو" (سورة الأنعام)

2. من أراد حجة فالقرآن يكفيه ، و من أراد مغيثا فالله يكفيه ، و من أراد واعظا فالموت يكفيه ، و من لم يكفه شيء من ذلك فإن النار تكفيه، قال تعالى :" أليس الله بكاف عبده" (سورة الزمر)

3. يقول الشيخ عبد القادر الجيلاني في الفتح الرباني: "سلوا الله و لا تسألوا غيره، استعينوا بالله و لا تستعينوا بغيره ، ويحك بأيّ وجه تلقاه غدا ، و أنت تُنازعه في الدنيا ، مُعرض عنه ، مُقبل على خلقه، مُشرك به ، تُنزل حوائجك بهم. و تتكل بالمهمات عليهم. ارفعوا الوسائط بينكم و بين الله ، فإن وقوفكم معها هَوَس، لا مُلك و لا سُلطان و لا غِنى و لا عزّ إلا للحق عز و جل . كن مع الحق بلا خَلْق " (أي كن مع الله بدعائه بلا واسطة من خلقه).

4. الاستعانة المشروعة : أ تستعين بالله على حل مشاكلك و الاستعانة الشركية : أن تستعين بغير الله كالأنبياء و الأولياء الأموات أو الأحياء الغائبين ، فهم لا يملكون نفعا و لا ضرا و لا يسمعون الدعاء و لو سمعوا ما استجابوا لنا كما حكى القرآن عنهم ذلك.
أما الاستعانة بالأحياء الحاضرين فيما يقدرون عليه من بناء مسجد أو أخذ مساعدة مالية و غير ذلك ، فهي جائزة لقول الله تعالى : "و تعاونوا على البر و التقوى" (سورة المائدة)
و قوله صلى الله عليه و سلم : "و الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه" (رواه مسلم)
و من أمثلة الاستعانة الجائزة من الأحياء قول الله تعالى : "فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوّه" (سورة القصص)
و قول الله تعالى في طلب ذي القرنين: "فاعينوني بقوة" (سورة الكهف)






الرحمن على العرش استوى


لقد وردت آيات و أحاديث و أقوال السلف تـثـبت العُلوَّ لله :

1. قال الله تعالى : " إليه يصعد الكلم الطيب و العمل الصالح يرفعه" (سورة فاطر)

2. و قال الله تعالى : " ذي المعارج تعرج الملائكة و الروح إليه" (سورة المعارج)

3. و قال الله تعالى : " سبح اسم ربك الأعلى" (سورة الأعلى)

4. نقل البخاري في كتاب التوحيد عن أبي العالية و مجاهد في تفسير :"ثم استوى إلى السماء" أي علا و ارتفع.

5. و قال الله تعالى : " الرحمن على العرش استوى" (1) (سورة طه) ، أي علا و ارتفع كما جاء في تفسير الطبري.

6. خطب رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم عرفة في حجة الوداع قائلا : "ألا هل بلغت؟" قالوا نعم ، يرفع أصبعه إلى السماء و يُنكّبها (2) إليهم و يقول :"اللهم اشهد" (رواه مسلم)

7. و قال صلى الله عليه و سلم : "إن الله كتب كتابا قبل أن يخلق الخلق إن رحمتي سبقت غضبي فهو مكتوب عنده فوق العرش" (رواه البخاري) .

8. و قال صلى الله عليه و سلم : "إلا تأمنوني و أنا أمين من في السماء؟ يأتيني خبر السماء صباحا و مساء" (متفق عليه)

9. و قال الأوزاعي : كنا و التابعون متوافرون نقول : إن الله جل ذكره فوق عرشه ، و نؤمن بما وردت به السنة من صفاته (رواه البيهقي بإسناد صحيح- فتح الباري) .

10. و قال الشافعي : " إن الله تعالى على عرشه في سمائه يقرب من خلقه كيف شاء ، و أن الله ينزل إلى سماء الدنيا كيف شاء. (أخرجه الهكاوي في عقيدة الشافعي).

11. و قال أبو حنيفة : من قال لا أعرف ربي في السماء أم في الأرض فقد كفر ، لأن الله يقول : "الرحمن على العرش استوى" و عرشه فوق سبع سموات ، فأن قال إنه على العرش ، و لكن يقول : لا أدري العرش في السماء أم في الأرض ؟ قال : هو كافر ، لأنه أنكر أنه في السماء ، فمن أنكر أنه في السماء فقد كفر لأن الله أعلى عليين ، و هو يُدعى من أعلى لا من أسفل . (شرح العقيدة الطحاوية 322)

12. سئل الإمام مالك عن كيفية استواء الله على عرشه فقال : "الاستواء معلوم ، و الكيف مجهول ، و الإيمان به واجب ، و السؤال عنه بدعة(أي عن كيفيته) أخرجوا هذا المبتدع.

13 . لا يجوز تفسير استوى بمعنى استولى ، لعدم ورود ذلك عن السلف فطريقتهم أسلم و أعلم و أحكم.
قال ابن قيم الجوزية : لقد أمر الله اليهود أن يقولوا "حِطّة" فقالوا "حنطة" تحريفا ، و أخبرنا الله أنه "استوى على العرش" فقال المتأولون : "استولى" فانظر ما أشبه لامهم التي زادوها بنون اليهود التي زادوها. (نقله محمد أمين الشنقيطي عن ابن قيم الجوزية).

أهمية التوحيد


1. لقد خلق الله العالم لعبادته ، و أرسل الرسل ليدعوا الناس إلى توحيده ، و هذا القرآن الكريم يهتم بعقيدة التوحيد في أكثر سوره، و يبين ضرر الشرك على الفرد و الجماعة ، و هو سبب الهلاك في الدنيا ، و الخلود في نار الآخرة .

2. إن الرسل جميعا بدأوا دعوتهم إلى التوحيد الذي أمرهم الله بتبليغه للناس ، قال تعالى : "و ما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون" (سورة الأنبياء)
و هذا رسول الله صلى الله عليه و سلم بقي ثلاثة عشر عاما في مكة، و هو يدعو قومه إلى توحيد الله و دعائه وحده دون سواه ، و كان فيما أنزل الله عليه: "قل إنما أدعو ربي و لا أشرك به أحدا" (سورة الجن)
و يُربي الرسول صلى الله عليه و سلم أتباعه على التوحيد منذ الصغر :
فيقول لابن عمه عبد الله بن عباس: "إذا سألت فاسأل الله، و إذا استعنت فاستعن بالله" (رواه الترمذي و قال حسن صحيح)
و هذا التوحيد هو حقيقة دين الإسلام الذي بُني عليه، و الذي لا يقبل الله من أحد سواه.

3. لقد علم رسول الله صلى الله عليه و سلم أصحابه أن يـبدؤوا دعوتهم للناس بالتوحيد ، فقال لمعاذ حينما أرسله إلى اليمن : "فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله " و في رواية "أن يوحدوا الله " (متفق عليه)

4. إن التوحيد يتمثل في شهادة لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، و معناها لا معبود بحق إلا الله ، و لا عبادة إلا ما جاء به رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و هي التي يدخل بها الكفار الإسلام ، لأنها مفتاح الجنة ، و تُدخل صاحبها الجنة إذا لم ينقضها بعمله .

5. لقد عرض كفار قريش على رسول الله صلى الله عليه و سلم الملك و المال و الزواج و غيرها من متع الحياة مقابل أن يترك دعوة التوحيد و مهاجمة الأصنام فلم يرض منهم ذلك ، بل استمر في دعوته يتحمل الأذى مع صحابته إلى أن انتصرت دعوة التوحيد بعد ثلاثة عشر عاما، و فتحت مكة بعد ذلك ، و كسرت الأصنام ، و الرسول صلى الله عليه و سلم يقول : "جاء الحق و زهق الباطل إن الباطل كان زهوقا" (سورة الإسراء)

6. التوحيد وظيفة المسلم في الحياة فيبدأ حياته بالتوحيد ، و يودّعها بالتوحيد ، ووظيفته في الحياة إقامة التوحيد و الدعوة إلى التوحيد ، لأن التوحيد يوحد المؤمنين ، و يجمعهم على كلمة التوحيد ، فنسأل الله أن يجعل كلمة التوحيد آخر كلامنا من الدنيا .






من فضل التوحيد


1. قال الله تعالى : "الذين آمنوا و لم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن و هم مُهتدون" (سورة الأنعام)
عن عبد الله بن مسعود قال : لما نزلت هذه الآية شق ذلك على المسلمين ، و قالوا أينا لم يظلم نفسه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (( ليس ذلك ، إنما هو الشرك ، ألم تسمعوا قول لقمان لابنه : "يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظم عظيم ")) (متفق عليه)
فهذه الآية تبشر المؤمنين الموحدين الذين لم يُلبسوا إيمانهم بشرك، فابتعدوا عنه ، أنّ لهم الأمن التام من عذاب الله في الآخرة ، و أولئك هم المهتدون في الدنيا .

2. و قال صلى الله عليه و سلم :" الإيمان بضع و ستون شعبة : فأفضلها قول لا إله إلا الله و أدناها إماطة الأذى عن الطريق" (رواه مسلم)

3. جاء في كتاب "دليل المسلم في الاعتقاد و التطهير" لفضيلة الشيخ عبد الله خياط ما يلي :
التوحيد يسبب السعادة و يُكفّر الذنوب
المرء بحكم بشريته و عدم عصمته قد تنزلق قدمه، و يقع في معصية الله ، فإذا كان من أهل التوحيد الخالص من شوائب الشرك فإن توحيده لله ، و إخلاصه في قول لا إله إلا الله يكون أكبر عامل في سعادته و تكفير ذنوبه و محو سيئاته ، كما جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه و سلم : "من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، و أن محمدا عبده و رسوله ، و أن عيسى عبد الله و رسوله و كلمته القاها إلى مريم و روح منه و الجنة حقّ و النار حقّ ، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل" (رواه البخاري و مسلم)
أي إن جملة هذه الشهادات التي يشهدها المسلم بهذه الأصول تستوجب دخوله دار النعيم، و إنْ كان في بعض أعماله مآخذ و تقصيرات ، كما جاء في الحديث القدسي : قال الله تعالى : "يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقـُـراب الأرض خطايا ، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة" (حسن رواه الترمذي و الضياء)
المعنى لو أتيتني بما يقارب ماء الأرض ذنوب و معاصي، غير أنك مت على التوحيد لغفرت لك ذنوبك.
و جاء في حديث آخر : "من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة ، و من لقيه يُشرك به شيئا دخل النار"
و كل هذه الأحاديث يتضح منها فضل التوحيد و أنه أكبر عامل لسعادة العبد و أعظم وسيلة لتكفير ذنوبه و محو خطاياه.






من فوائد التوحيد


إن التوحيد الخالص إذا تحقق في حياة فرد أو جماعة حقق أطيب الثمرات ، و من ثمراته:
1. تحرير الإنسان من العبودية و الخضوع لغير الله من أشياء و مخلوقات لا يخلقون شيئا و هم يُخْـلـَـقـُـون ، و لا يملكون لأنفسهم ضرا و لا نفعا ، و لا يملكون موتا و لا حياة و لا نشورا ، فالتوحيد تحرير للإنسان من كل عبودية إلا لربه الذي خلقه فسواه، تحرير لعقله من الخرافات و الأوهام ، و تحرير لضميره من الخضوع و الذل و الاستسلام، و تحرير لحياته من تسلط الفراعنة و الأرباب و الكهنة و المتألّهين على عباد الله ، و لهذا قاوم زعماء الشرك و طغاة الجاهلية دعوات الأنبياء عامة و دعوة الرسول صلى الله عليه و سلم خاصة ، لأنهم كانوا يعلمون معنى "لا إله إلا الله" إعلان عام لتحرير البشر و إسقاط للجبابرة عن عروشهم الكاذبة و إعلاء لجباه المؤمنين التي لا تسجد إلا لله رب العالمين .

2. تكوين الشخصية المتزنة : فالتوحيد يساعد على تكوين الشخصية المتزنة التي تميزت في الحياة ِوجْهتها ، و توحدت غايتها فليس لها إلا إله واحد تتجه إليه في الخلوة و الجلوة ، و تدعوه في السراء و الضراء ، بخلاف المشرك الذي تقسمتْ قلبه الآلهم و المعبودات ، فمرة يتجه إلى الأحياء و مرة يتجه إلى الأموت ، و من هنا قال يوسف عليه السلام :
"يا صاحبي السجن أأرباب مُتفرّقون خيرٌ أم الله الواحد القهار" فالمؤمن يعبد إلها واحدا عرف ما يُرضيه و استراح قلبه ، و المشرك يعبد آلهة عديدة ..هذا يأخذه إلىاليمين و هذا يأخذه إلى اليسار و هو بينهم مُشتت لا قرار له.

3. التوحيد مصدر لأمن الناس : لأنه يملأ نفس صاحبه أمنا و طمأنينة ، فلا يخاف غير الله ، و قد سدّ منافذ الخوف على الرزق و النفس و الأهل ، و الخوف من الإنس و الجن و الموت و غيرها من المخاوف ، و المؤمن الموحد لا يخاف أحدا إلا الله ، و لهذا تراه آمنا إذا خاف الناس مطمئنا إذا قلق الناس و لهذا المعنى أشار القرآن الكريم بقوله : "الذين آمنوا و لم يلبسوا إيمانهم بظلم ، أولئك لهم الأمن و هم مهتدون" (سورة الأنعام)
و هذا الأمن ينبع من ذاخل النفس ، لا من حراسة الشرطة و هذا أمن الدنيا ، و أما أمنُ الآخرة فهو أعظم و أبقى ، لأنهم أخلصوا لله و لم يخلطوا توحيدهم بشرك، لأن الشرك ظلم عظيم.

4. التوحيد مصدر لقوة النفس لأنه يمنح صاحبه قوة نفسية هائلة لما تمتلئ به نفسه من الرجاء في الله ، و الثقة به و التوكل عليه، و الرضا بقضائه و الصبر على بلائه ، و الاستغناء عن خلقه، فهو راسخ كالجبل ، فإذا نزلت به مصيبة سأل ربه كشفها، ولم يسأل الأموات ذلك ، شعاره قوله صلى الله عليه و سلم :"إذا سألت فاسأل الله، و إذا استعنت فاستعنْ بالله" (رواه الترمذي و قال حسن صحيح)
و قوله تعالى:"و إن يمسَسْك الله بضرّ فلا كاشف له إلا هو" (سورة الأنعام)

5. التوحيد أساس الإخاء و المساواة: لأنه لا يسمح لأتباعه أن يَتَّخِذ بعضهم بعضا أربابا من ذون الله ، فالألوهية لله وحده و العبادة من الناس جميعا ، و على رأسهم محمد رسله و مصطفاه صلى الله عليه و سلم.






أعداء التوحيد


قال الله تعالى : "و كذلك جعلنا لكل نبيّ عدوّا شياطين الإنس و الجنّ يوحي بعضهم إلى بعض زُخرف القول غُرورا" (سورة الأنعام)
اقتضت حكمة الله أن يجعل للأنبياء و دعاة التوحيد أعداء من شياطين الجن يوسوسون لشياطين الإنس بالضلال و الشر و الأباطيل ليضلوهم و يصدوهم عن التوحيد الذي دعت إليه الأنبياء أقوامها إليه أوّلاً ، لأنه الأساس الذي تبنى عليه الدعوة الإسلامية ، و الغريب أن بعض الناس يعتبرون الدعوة إلى التوحيد تفريق للأمة بينما هو توحيد لها ، فإن اسمه دال عليه.
أما المشركون الذين اعترفوا بتوحيد الربوبية، و أن الله خالقهم، قد أنكروا توحيد الألوهية في دعاء الله وحده، و لم يتركوا دعاء أوليائهم و قالوا عن رسول الله صلى الله عليه و سلم الذي دعاهم إلى توحيد الله في العبادة و الدعاء :
"أجعل الآلهم إلها واحداً إنّ هذا لشيء عُجاب" (سورة ص)
و قال تعالى عن الأمم السابقة: "كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون أتواصوْا به بل هم قوم طاغون" (سورة الذاريات)
و صفات المشركين أنهم إذا سمعوا دعاء الله وحده اشمأزت قلوبهم و نفرت فكفروا و أنكروا ، و إذا سمعوا الشرك و دعاء غير الله فرحوا و استبشروا ، و قد وصف الله هؤلاء المشركين بقوله :"وإذا ذ ُكِرَ الله وحده اشمأزّت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة و إذا ذ ُكِرَ الذين من دونه إذا هُم يسْتـَبشرون " (سورة الزمر)
و قال تعالى يصف المشركين الذين ينكرون التوحيد : "ذلكم بأنه إذا دُعِيَ الله وحده كفرتم و إن يُشْرك به تُؤمنوا فالحكمُ لله العَليّ الكبير" (سورة غافر)
و هذه الآيات و إن كانت في حق الكفار فإنها تنطبق على كل من اتصف بصفاتهم ممن يدَّعون الإسلام و يحاربون دعاة التوحيد و يفترون عليهم و يلقبونهم بأسماء منفرّة ليصدوا الناس عنهم ، و يُنفروهم من التوحيد الذي بعث الله الرسل من أجله ، و من هؤلاء من يسمع طلب الدعاء من الله فلا يخشع و إذا سمع الدعاء من غير الله كطلب المدد من الرسول أو الأولياء خشع و استبشر !!! فبئس ما يفعلون.







موقف العلماء من التوحيد



إن العلماء ورثة الأنبياء و أول ما دعى إليه الأنبياء هو التوحيد الذي ذكره الله بقوله : "و لقد بعثنا في كُلِّ أُمَّة رَسولاً إنِ اعبدوا الله و اجتنبوا الطاغوت" (سورة النحل)
(و الطاغوت هو كل ما عُبد من دون الله برضاه)
و لذلك يجب على العلماء أن يـبدؤوا بما بدأت به الرسل فيدعوا الناس إلى توحيد الله في جميع أنواع العيادة و لا سيما الدعاء الذي قال فيه صلى الله عليه و سلم:"الدعاء هو العبادة" (رواه الترمذي و قال حسن صحيح)
و أكثر المسلمين اليوم وقعوا في الشرك و دعاء غير الله و هو سبب شقائهم و شقاء الأمم السابقة الذين أهلكهم الله بسبب دعائهم لأوليائهم من دون الله.
إن موقف العلماء من التوحيد و محاربة الشرك على أقسام :
1. القسم الأول فهموا التوحيد و أهميته و أنواعه و عرفوا الشرك و أقسامه فقاموا بواجبهم و بـيـَّـنـُوا للناس التوحيد و الشرك و حجتهم القرآن الكريم و السنة الصحيحة ، و قد تعرض هؤلاء العلماء –كما تعرض الأنبياء- إلى اتهامات كاذبة فصبروا و لم يتراجعوا و شعارهم قوله تعالى :" و اصبر على ما يقولون و اهجرهم هجرا جميلا " (سورة المزمل)
و قديما أوصى لقمان الحكيم ولده قائلا :"يا بُنيَّ أقم الصلاة و أمُرْ بالمعروف و أنهَ عن المنكر و اصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور. (سورة لقمان)

2. و القسم الثاني من العلماء أهملوا الدعوة إلى التوحيد الذي هو أساس الاسلام ، فراحوا يدعون الناس إلى الصلاة و الحكم و الجهاد دون أن يصححوا عقائد المسلمين ، و كأنهم لم يسمعوا قوله تعالى :"ولو أشركوا لَحَبِطَ هنهم ما كانوا يعملون" (سورة الأنعام)
و لو قدموا التوحيد قبل غيره كما فعلت الرسل لنجحت دعوتهم و نصرهم الله كما نصر الرسل و الأنبياء :
قال الله تعالى:" وعد الله الذين آمنوا منكم و عملوا الصالحات لَـيَـسْـتـَـخْلِفنـّهُم في الأرض كما استخلف الذين قبلهم و ليُمكّـننّ لهم دينهم الذي ارتضى لهم و ليُبَدِّلنـَّـهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يُشركون بي شيئا و من كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون" (سورة النور)
فالشرط الأساسي للنصر هو التوحيد .

3. و القسم الثالث من العلماء و الدعاة تركوا الدعوة إلى التوحيد ، و مُحاربة الشـِّـرك خوفا من مهاجمة الناس لهم ، أو خوفا على وظائفهم و مراكزهم فكتموا العلم الذي أمرهم الله بتبليغه للناس ، و حق عليهم قوله تعالى : "إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات و الهُدى من من بعد ما بَيّـنـَّاه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله و يلعنهم اللاعنون" (سورة البقرة)
و قال تعالى في حق الدعاة :"الذين يُـبَلّغون رسالات الله و يخشونه و لا يخشون أحدا إلا الله" (سورة الأحزاب)
وقال صلى الله عليه و سلم :" مَن كتم عِلماً ألجمَه الله بلِجام من نار" (صحيح رواه أحمد)

4. القسم الرابع من العلماء و المشايخ مَن يعارض الدعوة إلى توحيد الله في دعائه وحده ، و عدم دعاء غير الله من الأنبياء و الأولياء و الأموات لأنهم يجيزون ذلك و يصرفون الآيات الواردة في التحذير من دعاء غير الله في حق المشركين وأنه لا يوجد أحد من المسلمين داخل في الشرك و كأنهم لم يسمعوا قوله تعالى: "الذين آمنوا و لم يَلـْبـِسُوا إيمانهم بظُلم أولئك لهُم الأمن و هم مُهتدون" (سورة الأنعام)
و الظلم معناه هنا الشرك ، بدليل قوله تعالى: "إن الشرك لظلم عظيم" (سورة لقمان)
فالشرك حسب الآية قد يقع فيه المسلم و المؤمن كما هو واقع الآن في كثير من البلاد الإسلامية و هؤلاء الذين يبيحون للناس دعاء غير الله و الدفن في المساجد و الطواف حول القبور و النذور للأولياء و غيرها من البدع و المنكرات .. قد حذر الرسول صلى الله عليه و سلم منهم فقال : "إنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين" (صحيح رواه الترمذي)
و أجاب أحد مشايخ الأزهر السابقين على سؤال حول جواز الصلاة إلى قبر فقال :لماذا لا تجوز الصلاة إلى القبر و هذا رسول الله في المسجد و الناس يصلون إلى قبره !
بينما الرسول صلى الله عليه و سلم لم يدفن في مسجده و دُفِن في بيت عائشة رضي الله عنها و قد نهى عن الصلاة إلى القبور و من دعاء الرسول صلى الله عليه و سلم :"اللهم إني أعوذ بك من عِلم لا ينفع" (رواه مسلم) أي لا أعلمه غيري و لا أعمل به و لا يبدل من أخلاقي .

5. الناس الذين أخذوا بكلام مشايخهم و أطاعوهم في معصية الله خالفوا قول رسولهم صلى الله عليه و سلم : "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق" (صحيح رواه أحمد)
و سوف يندمون يوم القيامة على طاعتهم ، حيث لا ينفعهم الندم . قال تعالى : يصف عذاب الكافرين و من سار على طريقتهم: "يوم تـُـقلـّبُ وُجوههم في النار ، يقولون ياليتنا أطعنا الله و أطعْنا الرسولا ، و قالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكُبَراءنا فأضلونا السبيلا ، ربنا آتنا ضعفين من العذاب و الـْـعَنـْـهم لعْنا كبيرا" (سورة الأحزاب)
قال ابن كثير في تفسير الآية : أي اتبعنا الأمراء و الكبراء من المشيخة و خالفنا الرسل ، و اعتقدنا أن عندهم شيئا ، و أنهم على شيء فإذا هم ليسوا على شيء


ما معناها وهابيّ ؟


اعتاد الناس أن يُطلقوا كلمة وهابي على كل من يخالف عاداتهم و معتقداتهم و بدعهم ، و لو كانت هذا المعتقدات فاسدة تخالف القرآن الكريم و الأحاديث الصحيحة لا سيما الدعوة إلى التوحيد و دعاء الله وحده دون سواه :
كنت أقرأ على شيخ حديث لبا عباس في الأربعين النووية و هو قوله صلى الله عليه و سلم : إذا سألتَ فاسأل الله و إذا استعنت فاستعن بالله " (رواه الترمذي و قال حديث حسن)
فأعجبني شرح النووي حين قال : "ثم إن كانت الحاجة التي يسألها ، لم تجر العادة بجريانها على أيدي خلقه ، كطلب الهداية و العلم .. و شفاء المرض و حصول العافية سأل ربه ذلك ، و أما سؤال الخلق و الاعتماد عليهم فمذموم" فقلت للشيخ هذا الحديث و شرحه يفيد عدم جواز الاستعانة بغير الله ، فقال لي : بل يجوز !!! قلت و ما دليلك ؟ فغضب الشيخ و صاح قائلاً : إن عمتي تقول يا شيخ سعد (و هو مدفون في مسجده تستعين به) فأقول لها يا عمتي و هل ينفعك الشيخ سعد ؟ فتقول : أدعوه فيتدخل على الله فيشفيني !!!
فقلت له : إنك رجل عالم قضيت عمرك في قراءة الكتب ثمّ تأخذ عقيدتك من عمتك الجاهلة ! فقال لي عندك أفكار وهابية أنت تذهب للعمرة و تأتي بكتب وهابية !!!
و كنت لا أعرف شيئا عن الوهابية إلا ما أسمعه من المشايخ : فيقولون عنهم : الوهابيون مخالفون للناس لا يؤمنون بالأولياء و كراماتهم ، ولا يحبون الرسول ، و غيرها من الاتهامات الكاذبة ! فقلت في نفسي إن كانت الوهابية تؤمن بالاستعانة بالله وحده ، و أن الشافي هو الله وحده ، فيجب أن أتعرف عليها ، سألت عن جماعتها فقالوا لهم مكان يجتمعون فيه مساء الخميس لإلقاء دروس في التفسير و الحديث و الفقه ، فذهبت إليهم مع أولادي و بعض الشباب المثقف ، فدخلنا غرفة كبيرة و جلسنا ننتظر الدرس ، و بعد فترة دخل علينا شيخ كبير في السن فسلم علينا و صافحنا جميعا مبتدئا بيمينه ثم جلس على مقعد و لم يقم له أحد ، فقلت في نفسي هذا شيخ متواضع لا يحب القيام .
بدأ الشيخ الدرس بقوله : إن الحمد لله نحمد و نستعينه و نستغفره . إلى آخر الخطبة التي كان الرسول صلى الله عليه و سلم يفتتح بها خطبه و دروسه ثم بدأ يتكلم باللغة العربية و يورد الأحاديث و يبين صحتها و راويها و يصلي على النبي صلى الله عليه و سلم كلما ذكر اسمه ، و أخيرا وُجِّهت له الأسئلة المكتوبة على الأوراق فكان يجيب عليها بالدليل من القرآن و السنة ، و يناقشه بعض الحاضرين فلا يرد سائلا ، و قد قال في آخر درسه : الحمد لله على أننا مسلمون و سلفيون (و هم الذين يتبعون طريقة السلف الصالح : الرسول صلى الله عليه و سلم و صحابته) ، و بعض الناس يقولون إننا وهابيون فهذا تنابز بالألقاب و قد نهانا الله عن هذا بقوله : "ولا تنابزوا بالألقاب" (سورة الحجرات)
و قديما اتهموا الامام الشافعي بالرّفض فردّ عليهم قائلا:
إنْ كان رفضا حبّ إل محمد فليشهد الثقلان أني رافضي
و نحن نرد على من يتهمنا بالوهابية بقول أحد الشعراء :
إنْ كان تابعُ أحمدٍ مُتوهِّبا فأنا المقِرُّ بأنني وهّابي
و لما انتهى خرجنا مع بعض الشباب معجبين بعلمه و تواضعه و سمعت أحدهم يقول : هذا هو الشيخ الحقيقي !!!





معنى وهابي :

أطلق أعداء التوحيد على الموحد كلمة "وهابي" نسبة إلى محمد بن عبد الوهاب ، و لو صدقوا لقالوا "محمدي" نسبة إلى اسمه محمد ، و شاء الله أن تكون "وهابي" نسبة إلى الوهاب و هو اسم من أسماء الله الحسنى .
فإن كان الصوفي ينتسب إلى جماعة يلبسون الصوف ، فإن الوهابي ينتسب إلى الوهاب و هو الله الذي وهب له التوحيد و مكنه من الدعوة إليه.








محمد بن عبد الوهاب


ولد في بلدة العُيَيْنة في نجد سنة 1115 هـ حفظ القرآن قبل بلوغه العاشرة و تعلم على والده الفقه الحنبلي و قرأ الحديث و التفسير على شيوخ من مختلف البلاد و لا سيما في المدينة المنورة و فهم التوحيد من الكتاب و السنة ، وراعه ما رأى في بلده "نجد" و البلاد التي زارها من الشرك و الخرافات و البعد و تقديس القبور التي تتنافى مع الاسلام الصحيح فقد سمع النساء في بلده يتوسلن إلى فحل النخل و يقلن :"يا فحل الفحول أريد زوجا قبل الحول" ! و رأى في الحجاز من تقديس قبور الصحابة و أهل البيت و الرسول ما لا يسوغ إلا الله ، فقد سمع في المدينة استغاثات بالرسول و دعائه من دون الله مما يخالف القرآن و كلام الرسول قال تعالى : "و لا تدع من دون الله ما لا ينفعك و لا يضرك فإنْ فعلت فإنك إذا من الظالمين " (أي المشركين) (سورة يونس) *
و الرسول صلى اللع هليه و سلم يقول لابن عمه عبد الله بن عباس : "إذا سألت فاسأل الله و إذا استعنت فاستعن بالله " (رواه الترمذي و قال حسن صحيح)
قام الشيخ يدعو قومه للتوحيد و دعاءالله وحده ، لأنه هو القادر و الخالق ، و غيره عاجز عن دفع الضر عن نفسه و غيره ، و أن محبة الصالحين تكون باتباعهم لا باتخاذهم وسائط بينهم و بين الله و دعائهم من دون الله !!

1. وقوف المبطلين ضده : وقف المبتدعون ضد دعوة التوحيد التي تبناها الشيخ ، و لا غرابة فقد وقف أعداء التوحيد في زمن الرسول صلى الله عليه و سلم و قالوا مستغربين : "أجعل الله الآلهم إله واحدا إن هذا لشيء عجاب" (سورة ص)
و بدأ أعداء الشيخ يحاربونه ، و يشيعون عنه الأكاذيب و يتآمرون على قتله و الخلاص من دعوته و لكن الله حفظه ، و هيأ له من يساعده حتى انتشرت دعوةالتوحيد في الحجاز و البلاد الاسلامية و مازال بعض الناس إلى يومنا هذا يشيعون الأكاذيب و يقولون إنه ابتدع مذهبا خامسا ، مع أن مذهبه حنبلي ، و يقولون: الوهابيون لا يحبون الرسول و لا يصلون عليه ! مع أن الشيخ رحمه الله له كتاب " مختصر سيرة الرسول صلى الله عليه و سلم) و هذا دليل على حبه للرسول صلى الله عليه و سلم ، و قد افتروا عليه الأكاذيب التي سيحاسبون عليها يوم القيامة ، و لو درسوا كتبه بإنصاف لوجدوا فيها القرآن و الحديث و أقوال الصحابة ، حدثني رجل صادق أن أحد العلماء كان يحذر في دروسه من الوهابية فأعطاه أحد الحاضرين كتابا بعد أن نزع اسم المؤلف "محمد بن عبد الوهاب" فقرأه و أعجبه و لما علم بمؤلفه بدأ يمدحه.

2. ورد في الحديث: "اللهم بارك لنا في شامنا و في يمننا ، قالوا و في نجدنا ، قال : من هنا يطلع قرنُ الشيطان" (رواه البخاري و مسلم)
ذكر ابن حجر العسقلاني و غيره من العلماء أن النجد الوارد في الحديث هو نجد العراق ، فقد ظهرت الفتن هناك حيث قتل الحسين بن علي رضي الله عنه خلافا لما يظنه بعض الناس أن المراد نجد الحجاز حيث لم يظهر فيها شيء من الفتن التي ظهرت في العراق بل ظهر من نجد الجحاز التوحيد الذي خلق الله العالم لأجله ، و الذي من أجله أرسل الله الرسل .

3. ذكر بعض العلماء المنصفين أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب هو من مجددي القون الثاني عشر الهجري، و قد ألفوا كتبا عنه ، و من هؤلاء المؤلفين الشيخ علي الطنطاوي أخرج سلسلة عن أعلام التاريخ ، ذكر منهم الشيخ محمد بن عبد الوهاب ، و أحمد بن عرفان ذكر فيه أن عقيدة التوحيد وصلت إلى الهند و غيرها بواسطة الحجاج المسلمين الذين تأثروا بها في مكة ، فقام الانجليز و أعداء الاسلام يحاربونها ، لأنها توحد المسلمين ضدهم و أوعزوا إلى المرتزقة أن يُشوهوا سُمعتها فأطلقوا على كل موحّد يدعو للتوحيد كلمة "وهابي" و أرادوا به المبتدع ليصرفوا المسلمين عن عقيدة التوحيد التي تدعو إلى دعاء الله وحده ، و لم يعلم هؤلاء الجهلة أن كلمة "وهابي" نسبة إلى "الوهاب" و هو اسم من أسماء الله الذي وهب له التوحيد و وعده بالجنة .

معركة التوحيد و الشرك


1. إن معركة التوحيد مع الشرك قديمة منذ زمن الرسول نوح عليه السلامحينما دعا قومه إلى عبادة الله وحده و ترك عبادة الأصنام ، و بقي فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما و هو يدعوهم للتوحيد فكان ردهم كما ذكر القرآن :"وقالوا لا تذرُنّ ودّا ولا سُواعا و لا يغوث و يعوق و نسرا و قد أضلوا كثيرا " (سورة نوح )
روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما في نفسير هذه الآية قال : هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح ، فلما هلك أولئك أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابا و سموهم بأسمائهم ففعلوا و لم تُعبد ، حتى هلك أولئك و نُسيَ العلم عُبِدتْ (أي الأحجار و الأنصاب التي ه التماثيل)

2. ثم جاء الرسل بعد نوح يدعون قومهم إلى عبادة الله وحده ، و ترك ما يعبدون من دونه من الآلهة التي لا تستحق العبادة ، فاسمع إلى القرآن و هو يحدثك عنهم فيقول: "و إلى عادٍ أخاهم هوداً قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون" (سورة الأعراف)
"و إلى ثمود أخاهم صالحا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره" (سورة هود)
"إلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره" (سورة هود)
"و إذ قال إبراهيم لأبيه و قومه إنني براءٌ مما تعبدون إلا الذي فطرني فإنه سيهدين" (سورة الزخرف)
و كان ردّ المشركين على جميع الأنبياء بالمعارضة و الاستنكار لما جاءوا به ، و محاربتهم بكل ما يستطيعون من قوة.

3. و هذا رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو الذي كان معروفا عند العرب قبل البعثة بالصادق الأمين لما دعاهم إلى عبادة الله و توحيده و ترك ما كان يعبد آباؤهم نسوا صدقه و أمانته و قالوا "ساحر كذاب" و هذا القرآن يحكي ردهم فيقول : "و عجبوا أن جاءهم منذرٌ منهم و قال الكافرون هذا ساحر كذاب، أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عُجاب"(سورة ص)
"كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون اتواصوا به ؟ بل هم قوم ٌ طاغون" (سورة الذاريات)
هذا موقف الرسل جميعا من الدعوة إلى التوحيد ، و هذا هو موقف أقوامهم المكذبين المفترين .

4. و في عصرنا الحاضر حينما يدعو المسلم إخوانه إلى الأخلاق و الصدق و الأمانة لا تجد معارضا له ، فإذا قام يدعو إلى التوحيد الذي دعت إليه الرسل و هو دعاء الله وحده و عدم دعاء من سواه من الأنبياء و الأولياء الذين هم عباد الله ..قام الناس يعارضونه و يتهمونه يتهم كاذبة و يقولون عنه "وهابي" ! ليصدوا الناس عن دعوته، و إذا جاءهم بآية فيها توحيد قال قائلهم : "هذه آية وهابية" !!
و إذا جاءهم بحديث : ".. و إذا استعنتَ فاستعن بالله " قال بعضهم :"هذا حديث وهابي" !!
و إذا وضع المصلي يديه على صدره أو حرّك اصبعه في التشهد كما فعل الرسول صلى الله عليه و سلم قال الناس عنه وهابي !!
فأصبح الوهابي رمزا للموحد الذي يدعو ربه وحده و يتبع سنة نبيه ، و الوهابي منسوب للوهاب –و هو اسم من أسماء الله- الذي وهب له التوحيد و هو أكبر نعمة من الله على الموحدين .

5. على دعاة التوحيد أن يصبروا و يتأسوا برسول الله صلى الله عليه و سلم الذي قال له ربه: "و اصبر على ما يقولون و اهجرهم هجرا جميلا" (سورة المزمل)
"فاصبر لحكم ربك و لا تطع منهم آثما أو كفورا" (سورة الإنسان)

6. على المسلمين أن يقبلوا دعوة التوحيد و يحبوا دعاته لأن التوحيد دعوة الرسل عامة و دعوة رسولنا محمد صلى الله عليه و سلم ، فمن أحب الرسول صلى الله عليه و سلم أحب دعوة التوحيد و من أبغض التوحيد فقد أبغض الرسول صلى الله عليه و سلم.






إن الحكم إلا لله


خلق الله العالم لعبادته وحده، و أرسل لهم الرسل لتعليمهم و أنزل مع الرسل الكتب ليحكم بالحق و العدل بينهم ، و هذا الحكم يتمثل في كلام الله و كلام رسوله صلى الله عليه و سلم و يشمل الحكم في العبادات و المعاملات و العقائد و التشريع و السياسة ، و غيرها من أمور البشر.

1. الحكم في العقيدة : أول ما بدأ به الرسل دعوتهم هم تصحيح العقائد، و دعوة الناس للتوحيد ، فهذا يوسف عليه السلام في السجن يدعو صاحبيه إلى التوحيد عندما سألاه تعبير الرؤيا ، و قبل أن يجيبهما قال لهما :"ياصاحبي السجن أأرباب متفرقون خيرٌ أم الله الواحد القهار؟ ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم و آباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إنِ الحكم إلا لله أمرَ ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم و لكن أكثر الناس لا يعلمون" (سورة يوسف)

2. الحكم في العبادات : يجب أن نأخذ أحكام العبادات من صلاة و زكاة و حج و غير ذلك من القرآن و الحديث الصحيح عملا بقوله صلى الله عليه و سلم "صلوا كما رأيتموني أصلي" (متفق عليه)
و قوله صلى الله عليه و سلم :" خذوا عني مناسككم" (رواه مسلم)
و عملا بقول الأئمة المجتهدين:"إن صح الحديث فهو مذهبي"
فإذا اختلفت الأئمة في أمر من الأمور فلا نتعصب لقول أحد إلا لمن معه الدليل الصحيح الذي لا أصل له من الكتاب و السنة.

3. الحكم في المعاملات من بيع و شراء و قرض و إجارة و غيرها يكون الحكم فيها لله و لرسوله ، لقوله تعالى :"فلا و ربك لا يؤمنون حتى يُحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرج مما قضيت و يُسلموا تسليما" (سورة النساء)
و قد ذكر المفسرون سبب نزولها و هو أن رجلين اختلفا في السقاية فحكم الرسول صلى الله عليه و سلم للزبير أن يسقي فقال رجل حكمتَ له لأنه ابن عمتـك ! فنزلت الآية (رواه البخاري)

4. الحكم في الحدود و القصاص لقوله تعالى: "و كتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس و العين بالعين و الأنف بالأنف و الأذن بالأذن و السن بالسن و الجروح قصاص.." إلى قوله :"و مَن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون" (سورة المائدة)

5. الحكم لله في التشريع لقوله تعالى :"شرع لكم من الدين ما وصّى به نوحا و الذي أوحينا إليك" (سورة الشورى)
و قد أنكر الله على المشركين إعطاء حق التشريع لغير الله فقال :
"أم لهم شُركاء شَرعوا لهم من الدين ما لم يأذنْ به الله"(سورة الشورى)






الخلاصة


يجب على المسلمين أن يحكموا بالكتاب و السنة الصحيحة، و يتحاكموا إليها في كل شيء عملا بقوله تعالى: "وأنِ احكمْ بينهم بما أنزل الله" (سورة المائدة)
و قوله صلى الله عليه و سلم : "و ما تحكُمْ أئمتهم بكتاب الله و يتخيَّروت مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم" (حسن رواه ابن ماجه و غيره)
و على المسلمين أن يُلغوا القوانين الأجنبية من بلادهم كالقوانين الفرنسية و الانجليزية و غيرهما مما يخالف حكم الاسلام و أن لا يلجؤوا إلى المحاكم التي تحكم بقوانين تخالف الاسلام و أن يتحكموا إلى الاسلام عند مَن يثـقون به من أهل العلم فذلك خير لهم ، لأن الاسلام ينصفهم و يعدل بينهم و يوفر عليهم المال و الوقت الذي يضيع في المحاكم المدنية بلا فائدة تـُـذكر ، إضافة إلى العذاب الأكبر يوم القيامة لأنه أعرض عن حكم الله العادل و لجأ إلى حكم المخلوق الظالم.






العقيدة أولاً إو الحاكمية ؟


أجاب الداعية الكبير محمد قطب على هذا في محاضرة ألقاها في دار الحديث بمكة المكرمة ، و هذا نص السؤال :

س – البعض يقول إن الإسلام سيعود من قبل الحاكمية و البعض الآخر يقول : سيعود الاسلام عن طريق تصحيح العقيدة و التربية الجماعية ، فأيهما أصح ؟

ج- من اين تأتي حاكمية هذا الدين في الأرض إن لم يكن دعاة يصححون العقيدة و يؤمنون إيمانا صحيحا و يُبتلون في دينهم فيصبرون ، و يجاهدون في سبيل الله فـيُـحَكِّم دين الله في الأرض قضية واضحة جدا ، ما يأتي الحاكم من السماء ، ما يتنزل من السماء و كل شيء يأتي من السماء،لكن بجهدِ من البشر ، فرضه الله على البشر: قال تعالى:"و لو يشاء الله لانتصرَ منهم، و لكن لِيَـبلـُـوَ بعضكم ببعض" (سورة محمد)
لا بد أن نبدأ بتصحيج العقيدة و تربية جيل على العقيدة الصحيحة ، جيل يُبتلى فيصبر على البلاء كما صبر الجيل الأول.
الشرك الأكبر و أنواعه

الشرك الأكبر أن تجعل لله ندا (مثيلا) تدعوه كما تدعو الله أو تصرف له نوعا من أنواع العبادة ، كالاستغاثة أو الذبح أو النذر أو غيرها ، و في الصحيحين عن ابن مسعود سألت النبي صلى الله عليه و سلم أي الذنب أعظم ؟ قال : " أن تجعل لله ندا و هو خلقك" (رواه البخاري و مسلم) ، و الندّ هو المثيل و الشريك .



أنواع الشرك الأكبر


1. شرك الدعاء : و هو دعاء غير الله من الأنبياء و الأولياء لطلب الرزق أو شفاء المرض، لقوله تعالى : "و لا تدْعُ من دون الله ما لا ينفعك و لا يضُرك فإنْ فعلت فإنك إذا من الظالمين" (أي المشركين بالله) (سورة يونس)
و لقوله صلى الله عليه و سلم :"من مات و هو يدعو من دون الله ندّا دخل النار" (رواه البخاري)
و الدليل على أن دعاء غير الله من الأموات أو الغائبين شرك قوله تعالى : "و الذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير إنْ تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم و لو سمعوا ما استجابوا لكم و يوم القيامة يكفرون بشرككم و لا يُنبئـُـك مثـل خبير" (سورة فاطر)
2. الشرك في صفات الله : كالاعتقاد بأن الأنبياء أو الأولياء يعلمون الغيب قال الله تعالى : "و عنده مفاتيح الغيب لا يعلمها إلا هو" (سورة الأنعام)
3. شرك المحبة : و هو محبة الأولياء و غيرهم كمحبة الله لقوله تعالى: "و من الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله و الذين آمنوا أشد حبا لله" (سورة البقرة)
4. شرك الطاعة: و هو طاعة العلماء و المشايخ في المعصية مع اعتقادهم جواز ذلك لقوله تعالى : "اتخذوا أحبارهم و رُهبانهم أربابا من دون الله" (سورة التوبة)
و قد فسرت العبادة بطاعتهم في المعصية بتحليل ما حرّم الله و تحريم ما أحل الله .
قال صلى الله عليه و سلم :"لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق" (صحيح رواه أحمد)
5. شرك الحلول : و هو الاعتقاد بأن الله حل في مخلوقاته و هذه عقيدة ابن عربي الصوفي المدفون بدمشق حتى قال :
الرّبّ عبدٌ و العبدُ ربّ يا ليتَ شِعري مَن المكلفُ ؟
و قال شاعر آخر صوفي يعتقد الحلول:
و ما الكلب و الخنزير إلا إلهنا و ما الله إلا راهبٌ في كنيسة
6- شرك التصرف : و هو اعتقاد أن بعض الأولياء لهم تصرفات في الكون يدبرون أموره ، يسمونهم الأقطاب مع أن الله تعالى يسأل المشركين الأقدمين قائلا : "من يدبّر الأمر فسيقولون الله" (سورة يونس)
7. شرك الخوف : و هو الاعتقاد بأن لبعض الأولياء الأموات أو الغائبين تصرّفـاً و ضررًا يسبب الخوف منهم و هذا اعتقاد المشركين الذي حذر منه القرآن بقوله : "أليس الله بكاف عبده و يُخوّفونك بالذين من دونه" (سورة الزمر)
أما الخوف من الحيوان المفترس و الظالم الحي فجائز و ليس بشرك.
8. شرك الحاكمية : و هو الذي يصدر القوانين المخالفة للاسلام و يجيزها ، أو يرى عدم صلاحية حكم الاسلام ، و يشمل الحاكم و المحكوم ، و ذلك إذا اعتقدها المحكوم و رضي بها.
9. الشرك الأكبر يحبط العمل ، لقوله تعالى : "و لقد أوحيَ إليكَ و إلى الذين من فبلك لئن أشركت ليحبطنّ عملك و لتكونن من الخاسرين" (سورة الزمر)
10. الشرك الأكبر لا يغفره الله إلا بالتوبة و ترك الشرك كله ، قال تعالى : "إن الله لا يغفر أن يُشرك به و يَغفر ما دون ذلك لمن يشاء و من يُشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا" (سورة النساء)
11. و للشرك أنواع كثيرة ، منها الأكبر و الأصغر .. يجب الحذر منها ، و قد علمنا الرسول صلى الله عليه و سلم أن نقول : "اللهم إنا نعوذ ُ بك من أن نشرك بك شيئا نعلمه و نستغفرك لما لا نعلم" (رواه أحمد بسند حسن)






مَثل مَن يدعو غير الله




1. قال الله تعالى:"يا أيها الناس ضُرب مثلٌُ فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا و لو اجتمعوا له و إن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذون منه ضعف الطالب و المطلوب" (سورة الحج)
يخاطب الله الناس جميعا أن يستمعوا لهذا المثل العظيم قائلا لهم : إن هؤلاء الأولياء و الصالحين و غيرهم الذين تدعونهم عند الشدائد ليساعدوكم لا يستطيعون أن يفعلوا ذلك ، بل هم عاجزون أن يخلقوا شيئا من المخلوقات كالذباب و إذا أراد الذباب أن يسلب شيئا من طعامهم أو شرابهم لا يستطيعون أن يُخلّصوه منه ما أخذ منهم و هذا دليل على ضعفهم ، و ضعف الذباب ، فكيف تدعونهم من دون الله ؟! و هذا مثل فيه إكار شديد على من يَدعو غير الله من الأنبياء و الأولياء !!
2. قال الله تعالى : "له دعوة ُ الحق و الذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفـّـيْه إلى الماء ليبلغ فاه و ما هو ببالغه و ما دعاء الكافرين إلا ضلال" (سورة الرعد)
تفيد هذه الآية أن الدعاء الذي هو العبادة يجب أن يكون لله وحده ، و هؤلاء الذين يدعون غير الله لا ينتفعون منهم و لا يستجيبون لهم بشيء مَثـلهم في ذلك مثل الذي يقف على طرف البئر ليتناول الماء منه بيده، فلا يستطيع .
و قال مجاهد : يدعو الماء بلسانه و يشير إليه فلا يأتيه أبدا.(ذكره ابن كثير)
ثم حكم الله على الذين يدعون غير الله بالكفر و أن ذعاءهم ضلال في قوله تعالى:"و ما دعاء الكافرين إلا في ضلال".
فاحذر يا أخي المسلم أن تدعوا غير الله فتكفر و تضل، و ادع الله وحده القادر، حتى تكون من المؤمنين الموحدين

كيف ننفي الشرك بالله


إن نفي الشرك بالله تعالى لا يتم إلا بنفي ثلاثة أنواع من الشرك :
1. الشرك في أفعال الرب: و ذلك بأن يعتقد أن مع الله خالقا أو مدبرًا آخر، كاعتقاد بعض الصوفية بأن الله سلـَّـم بعض مقاليد الأمور إلى بعض أوليائه من الأقطاب لتدبيرها ! و هذا الاعتقاد لم يقله المشركون قبل الاسلام حين سألهم الله تعالى:"و من يدبّر الأمرَ فسيقولون الله" (سورة يونس)
قرأت في كتاب "الكافي في الرد على الوهابي" و مؤلفه صوفي قال فيه: "إن لله عبادًا يقولون للشيء كن فيكون"
و القرآن يكذبهم قائلا: "إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كُنْ فيكون" (سورة يس)
و قال تعالى :"ألا له الخَلق و الأمر" (سورة الأعراف)

2. الشرك في العبادة و الدعاء : و هو أن يعبد و يدعو مع الله غيره من الأنبياء و الصالحين كالاستغاثة بهم و دعائهم عند الشدائد أوالرخاء، و هذا مع الأسف كثير في هذه الأمة ، و يحمل وزره الأكبر بعض المشايخ الذين يؤيدون هذا النوع من الشرك باسم التوسل ، يُسمونه بغير اسمه ، لأن التوسل طلب من الله بغير واسطة و هذا الذي يفعلونه طلب من غير الله كقولهم :"المدد يا رسول الله ، يا جيلاني يا بدوي ...الخ".
و هذا الطلب عبادة لغير الله لأنه دعاء لقوله صلى الله عليه و سلم : "الدعاء هو العبادة" (رواه الترمذي وقال حسن صحيح)
و المدد لا يطلب إلا من الله لقوله تعالى : "يُمددكم ربّكم بأموال و بنين" (سورة نوح)

3. و من الشرك في العبادة شرك الحاكمية إذا اعتقد الحاكم أو المحكوم عدم صلاحية حكم الله ، أو أجاز الحكم بغيره.

4. الشرك في الصفات : و ذلك بأن يصف بعض خلقه من الأنبياء و الأولياء و غيرهم ببعض الصفات الخاصة بالله عز و جل كعلم الغيب مثلاً ، و هذا النوع منتشر بين الصوفية و من تأثر بهم كقول البويصيري يمدح النبي صلى الله عليه و سلم :
فإن من جودك الدنيا و ضرَّتها و من علومك علم اللوح و القلم
و من هنا جاء ضلال بعض الدجالين الذين يزعمون رؤية الرسول صلى الله عليه و سلم يقظة ، و يسألونه عما خفي عليهم من بواطن نفوس من يخالطونهم و يريدون تأميرهم في بعض شؤونهم و رسول الله صلى الله عليه و سلم ما كان ليعلم مثل ذلك في حل حياته كما حكمى القرآن عنه بقوله:"و لو كنتُ أعلم الغيب لاستكثرتُ من الخير و ما مسَّـنيَ السوء" (سورة الأعراف)
فكيف يعلم ذلك الغيب بغد وفاته و انتقاله إلى الرفيق الأعلى ؟
و حين سمع الرسول صلى الله عليه و سلم إحدى الجواري تقول: "و فينا نبي يعلم ما في غد" فقال لها : "دعي هذا و قولي بالذي كنتِ تقولين" (رواه البخاري)
و الرسل قد يطلعهم الله على بعض المغيبات ، لقول الله تعالى :" عالِمث الغيب لا يُظهر على غيبه أحدا إلا مَنِ ارتضى من رسول" (سورة الجن)






مَن هو المُوحَّد ؟


هذه الأنواع الثلاثة من الشرك من نفاها عن الله ، فوحده في ذاته و في عبادته و دعائه و في صفاته ، فهو الموحِّد الذي تشمله كا الفضائل الخاصة بالموحدين ، و من أثبت نوعا3 منها ، فلا يكون مُوحَّدا ، بل ينطبق عليه قوله تعالى: "و لو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون" (سورة الأنعام)
"لئن أشركت ليحبطن عملك و لتكوننّ من الخاسرين" (سورة الزمر)
و إذا تاب و نفى الشريك مع الله فيكون من الموحّدين .

اللهم اجعلنا من الموحّدين لا تجعلنا من المشركين.






الشرك الأصغر و أنواعه


كل وسيلة يمكن أن تؤدي للشرك الأكبر ، و لم تبلغ رتبة العبادة ، و لا يخرج فاعله من الاسلام و لكنه من الكبائر:
1. الرياء اليسير : و التصنع للمخلوق ، كالمسلم الذي يعمل لله و يصلي لله ، و لكنه يُحسن صلاه و عمله ليمدحه الناس، قال تعالى : "فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا و لا يُشْرك بعبادة ربه أحدا"
و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر الرياء ، يقول الله يوم القيامة إذا جزى الناس بأعمالهم : اذهبوا إلى الذين تـُـراؤون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء" (صحيح رواه أحمد)

2. الحلف بغير الله لقوله صلى الله عليه و سلم : " مَن حَلفَ بغير الله فقد أشرك" (صحيح رواه أحمد)
و قد يكون الحلف بغير الله من الشرك الأكبر ، و ذلك إذا اعتقد الحالف أن الولي له تصرفات يضره إذا حلف به كذباً.

3. الشرك الخفي : و فسره ابن عباس بقول الرجل لصاحبه : "ما شاءالله و شئت .....)
و مثله : لولا الله و فلان ، و يجوز أن نقول : "لولا الله ثم فلان"
و قال صلى الله عليه و سلم : "لا تقولوا ما شاء الله و شاء فلان و لكن قولوا: ما شاء الله ثم شاء فلان" (صحيح رواه أحمد و غيره)
من مظاهر الشرك


إن مظاهر الشرك المنتشرة في العالم الاسلامي هي السبب الرئيسي في مصائب المسلمين و ما يلاقونه من الفتن و الزلازل و الحروب و غيرها من أنواع العذاب الذي صبه الله على المسلمين بسبب إعراضهم عن التوحيد و ظهور الشرك في عقيدتهم و سلكهم ، و الدليل على ذلك ما نراه في أكثر بلاد المسلمين من مظاهر الشرك المتنوعة التي حسبها الكثير من المسلمين أنها من الاسلام ، و لذلك لم ينكروها علما بأن الاسلام جاء ليحطم مظاهر الشرك أو المظاهر التي تؤدي إليه و أهم هذه المظاهر:

1. دعاء غير الله : و يظهر ذلك في الأناشيد و القصائد التي تقال بمناسبة الاحتفال بالمولد أو بذكرى تاريخية ، فقد سمعتهم ينشدون :
يا إمام الرسل يا سندي أنت باب الله و معتمدي
و في دنياي و آخرتي يا رسول الله خذ بيدي
ما يبدلني عسرا يسرا إلاك يا تاج الخضره
و لو سمع الرسول مثل هذا لتبرأ مثل ، إذ لا يبدل العسر باليسر إلا الله وحده ، و مثلها قصائد الشعر التي تكتب في المجلات و الكتب و فيها طلب المد و العون و النصر من الرسول و الأولياء و الصالحين العاجزين عن تحقيقها .

2. دفن الأولياء و الصالحين في المساجد : فترى في أكثر بلاد المسلمين القبور في بعض المساجد و قد بنيت عليها القباب و بعض الناس يسألونها من دون الله و قد نهى الرسول صلى الله عليه و سلم عن ذلك بقوله : "لعن الله اليهود و النصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" (متفق عليه)
فإذا كان دفن الأنبياء في المساجد ليس مشروعا فكيف يجوز دفن المشايخ و العلماء ؟ علما بأن هذا المدفون قد يُدعى من دون الله فيكون سببا لحصول الشرك و الاسلام يحرم الشرك و يحرم وسائله المؤدية إليه.

3. النذر للأولياء : بعض الناس ينذرون ذبيحة أو مالا أو غير ذلك للولي الفلاني ، و هذا النذر شرك يجب عدم تنفيذه لأن النذر عبادة و هي لله وحده ، قال الله تعالى : "يوفون بالنذر و يخافون يوما كان شره مستطيرا" (سورة الانسان)

4. الذبح عند قبور الأنبياء و الأولياء : و لو كانت النية أن الذبيحة لله فهو من عمل المشركين الذين كانوا يذبحون عند قبور أصنامهم الممثلة لأوليائهم لقول الرسول صلى الله عليه و سلم : "لعن الله من ذبح لغير الله" (رواه مسلم)

5. الطواف حول قبور الأنبياء و الأولياء: كالجيلاني و الرفاعي و البدوي و الحجسين و غيرهم لأن الطواف عبادة لا يجوز إلا حول الكعبة لقوله تعالى : "و ليطوّفوا بالبيت العتيق" (سورة الحج)

6. الصلاة إلى القبور : و هي غير جائزة لقوله صلى الله عليه و سلم : "لا تجلسوا على القبور و لا تصلوا إليها "(رواه مسلم)

7. شد الرحال إلى القبور للتبرك بها أو للصلاة عندها : لا يجوز لقوله صلى الله عليه و سلم : لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام و مسجدي هذا و المسجد الأقصى " (متفق عليه)
و إذا أردنا الذهاب إلى المدينة المنورة فنقول ذهبنا لزيارة المسجد النبوي و السلام على صاحبه .

8. الحكم بغير ما أنزل الله : كالحكم بالقوانين الوضعية المخالفة للقرآن الكريم و السنة الصحيحة إذا اعتقد بجواز العمل بتلك القوانين ، و مثلها الفتاوى التي تصدر عن بعض المشايخ و هي تتعارض مع النصوص الاسلامية ، كتحليل الربا (متعمدا غير متأول) الذي أعلن الله الحرب على فاعله .

9. طاعة الحكام أو العلماء أو المشايخ في أمر يخالف نص القرآن أو صحيح السنة و هذا يسمى شرك الطاعة (إذا اعتقد المطيع جواز طاعتهم في المعصية ) لقوله صلى الله عليه و سلم : "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق" (صحيح رواه أحمد) و قوله تعالى : "اتخذوا أحبارهم و رُهبانهم أربابا من دون الله و المسيحخ ابن مريم و ما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يُشركون " (سورة التوبة)
و قد فسر حذيفة العبادة بالطاعة فيما أحل لهم علماء اليهود و حرموا.
المشاهد و المزارات

إن المشاهد التي نراها في البلاد الإسلامية ، كبلاد الشام و العراق و مصر و غيرها من البلاد لا توافق تعاليم الإسلام ، فقد نهى الرسول صلى الله عليه و سلم عن البناء على القبور ، ففي الحديث الصحيح : "نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يجصص القبر و أن يُقعد عليه و أن يُبنى عليه " (رواه المسلم)
و التجصيص : يشمل الدهان بالكلس و غيره .
و في رواية صحيحة للترمذي : "و أن يُكتب عليه" : القرآن و الشعر و غيره .
1. إن هذه المزارات أكثرها غير صحيح فالحسين ابن علي رضي الله عنه استشهد في العراق و لم يصل إلى مصر فقبره في مصر غير صحيح و أكبر دليل على ذلك أن له قبرا في العراق و مصر و الشام ، و دليل آخر و هو أن الصحابة لا يدفنون الموتى في المسجد لقوله صلى الله عليه و سم : "قاتل الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" (متفق عليه)
و الحكمة في ذلك حتى تبقى المساجد خالية من الشرك .
قال الله تعالى : "و أن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا" (سورة الجن)
و الثابت أن الرسول صلى الله عليه و سلم دُفن في بيته و لم يُدفن في مسجده ، و قد وسّع الأمويون المسجد فأدخلوه فيه و ليتهم لم يفعلوا .
و قبر الحسين الآن يطوف بعض الناس حوله و يطلبون حاجاتهم التي لا تطلب إلى من الله ، كشفاء المرضى و تفريج الكربات ، و ديننا يأمروننا أن نطلبها من الله وحده و أن لا نطوف إلا حول الكعبة ، قال تعالى : "و ليطّوفوا بالبيت العتيق " (سورة الحج)
2. إن مشهد السيدة زينب بنت علي غير صحيح لأنها لم تمت في مصر و لا في الشام ، و الدليل على ذلك وجود مشهد لها في كل منها !!
3. إن الإسلام يُنكر بناء القباب على القبور و جعلها في المساجد و لو كانت صحيحة كقبر الحسين في العراق و عبد القادر الجيلاني في بغداد و الإمام الشافعي في مصر و غيرهم للنهي العام الوارد المتقدم ، و حدثني شيخ صادق أنه رأى رجلا يُصلي إلى قبر الجيلاني و يترك القبلة و قدّم النصيحة له فرفضها و قال له أنت وهابي !! و كأنه لم يسمع قوله صلى الله عليه و سلم : "لا تجلسوا على القبور و لا تصلوا إليها " (رواه مسلم)
4. إن أكثر المشاهد في مصر بنتها بما يسمى بالدولة الفاطمية (اسمها الحقيقي العبيديون نسبة إلى عبيد بن سعد ، ذكر اسمه ابن كثير في البداية و النهاية ج11/346) قال ابن كثير عنهم :
كفار فساق فجار ملحدون زنادقة معطلون للإسلام جاحدون و لمذهب المجوسية معتقدون.
هؤلاء الكفار راعهم لما رأوا المساجد تمتلأ بالمصلين و هم لا يصلون و لا يحجون و يحقدون على المسلمين ففكروا في صرف الناس عن المساجد فأنشؤوا القباب و المزارات الكاذبة و زعموا أن فيها الحسين بن علي و زينب بنت علي و أقاموا لها احتفالات ليجذبوا الناس إليها و سموا أنفسهم بالفاطميين تسترا ليميل الناس إليهم ، ثم أخذ عنهم المسلمون هذه البدع التي أوقعتهم في الشرك و صرفوا لها الأموال الطائلة و هم في أمس الحاجة إليها لشراء الأسلحة للدفاع عن دينهم و كرامتهم .
5. إن المسلمين الذين صرفوا الأموال على بناء القباب و المزارات و الجدران و الشواهد على القبور لا تفيد الميت شيئا و لو أعطوا هذه الأموال للفقراء لنفعت الأحياء و الأموات علما بأن الاسلام يحرم البناء على القبور كما تقدم .
قال صلى الله عليه و سلم لعلي رضي الله عنه : "لا تدع تمثالا إلا طمسته و لا قبرا مشرفا إلا سويته" (رواه مسلم) أي لا تترك قبرا مرتفعا إلا كسّرته و جعلته قريبا من الأرض .
و قد سمح الاسلام أن يرفع القبرقدر شبر حتى يُعرف.
6. و هذه النذور التي تقدم للأموات هي من الشرك الأكبر يأخذها الخدام بالحرام و قد يصرفونها في المعاصي و الشهوات ، فيكون صاحب النذر و المُعطي شريكه في ذلك .
و لو أعطى هذا المال باسم الصدقة للفقراء لاستفاد الأحياء و الأموات و تحقق للمتصدق ما يحتاجه في قضاء حوائجه.
اللهم أرنا الحق حقا و ارزقنا اتباعه و حببنا فيه و أرنا الباطل باطلا و ارزقنا اجتنابه و كرهنا فيه.

*****
مفاسد الشرك و أضراره

إن للشرك مفاسد و أضرارا كثيرة في حياة الفرد و المجتمع أهمها :
1. الشرك مهانة للانسانية : إنه إهانة لكرامة الانسان، و انحطاط لقدره و منزلته ، فقد استخلفه الله في الأرض و كرّمه و علمه الأسماء كلها، و سخر له ما في السموات و ما في الأرض جميعا منه ، و جعل له السيادة على كل ما في هذا الكو ، و لكنه جهِل نفسه و جعل بعض عناصر هذا الكون إلها معبودا يخضع له و يذل ، و أي إهانة للانسان أكثر من أن يرى –إلى يومنا هذا- مئات الملايين من البشر في الهند يعبدون البقر التي خلقها الله للانسان و لتخدمه و هي صحيحة و يأكلها و هي ذبيحة ، ثم ترى بعض المسلمين يعكفون على قبور الموتى و يسألونهم حاجاتهم و هم عبيد مثلهم لا يملكون لأنفسهم ضرا و لا نفعا فالحسين رضي الله عنه لو يستطع أن يمنع عن نفسه القتل فكيف يدفع عن غيره البلاء و يجلب النفع ؟
و الأموات يحتاجون لدعاء الأحياء ، فنحن ندعوا لهم و لا ندعوهم من دون الله ، قال تعالى : "و الذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا و هم يُخلقون ، أموات غير أحياء، و ما يشعرون أيّان يُبعثون" (سورة النحل)
و قال تعالى : "و منيُشرك بالله فكأنما خرّ من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق" (سورة الحج)
2. الشرك ِوكرُ الخرافات و الأباطيل : لأن الذي يعتقد بوجود مؤثر غير الله في الكون من الكواكب أو الجن أو الأشباح أو الأرواح يُصبح عقله مستعدا لكل خرافة و تصديق كل دجال و بهذا يروج في المجتمع الشرك بضاعة الكهنة و العرافين و السحرة و المنجمين و أشباههم ممن يدعون علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله ، كما يشيع في مل هذا المجتمع إهمال الأسباب و السنن الكونية.
3. الشرك ظلم عظيم : ظلم للحقيقة ، لأن أعظم الحقائق أن لا إله إلا الله ، و لا ربّ غيره و لا حكم سواه ، و لكن المشرك اتخذ غير الله إلها و ابتغى حكما و الشرك ظلم للنفس لأن المشرك جعل نفسه عبدا لمخلوق مثله أو دونه ، و قد خلقه الله حرا ، و الشرك ظلم للغير لأن المشرك بالله فقد ظلمه حيث أعطاه من الحق ما ليس له .
4. الشرك مصدر المخاوف و الأوهام : فإن الذي يقبل عقله الخرافات و يصدق الأباطيل يصبح خائفا من جهات شتى لأنه اعتمد على عدة آلهة ، كلها عاجزة عن جلب النفع و دفع الضر عن نفسها و لهذا ينتشر في جو الشرك التشاؤم و الرعب مع غير سبب ظاهر ، كما قال تعالى :"سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب بما أشركوا بالله ما لم يُنزل به سلطانا و مأواهم النار بئس مثوى الظالمين " (سورة آل عمران)
5. الشرك يعطل العمل النافع : لأنه يُعلم أتباعه الاعتماد على الوسطاء و الشفعاء فيتركون العمل الصالح و يرتكبون الذنوب معتقدين أن هؤلاء سيشفعون لهم عند الله و هذا اعتقاد العرب قبل الاسلام الذين قال الله فيهم : "و يعبدون من دون الله ما لا يضرهم و لا ينفعهم و يقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتـُـنبِّئون الله بما لا يعلم في السموات و لا في الأرض سبحانه و تعالى عما يُشركون" (سورة يونس)
و هؤلاء النصارى الذين يعملون المنكرات معتقدين أن المسيح قد كفـَّـر عنهم الخطايا حتى صُلِب بزعمهم و بعض المسلمين يتركون الواجبات و يفعلون المحرمات و يعتمدون على شفاعة رسولهم لدخول الجنة ، مع أن رسولهم الكريم يقول لبنته فاطمة : "يا فاطمة بنت محمد سَليني من ملي ما شئتِ لا أغني عنك من الله شيئا" (رواه البخاري)
6. الشرك سبب الخلود في النار : و الشرك سبب للضياع في الدنيا و العذاب المؤبد في الآخرة ، قال تعالى : "إنه من يُشرك بالله فقد حرّم الله عليه الجنة و مأواه النار و ما للظالمين من أنصار" (سورة المائدة)
و قال صلى الله عليه و سلم :" من مات و هو يدعو من دون الله ندّا دخل النار" (رواه البخاري) ، و النـِّد : المثيل و الشريك.
7. الشرك يفرق الأمة ، قال تعالى : "و لا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم و كانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون" (سورة الروم)

الخلاصة

إن كل الفصول المتقدمة توضح وضوحا تاما أن الشرك أعظم أمر يجب الاحتراز منه ، و الترفع عنه، و الخوف من التورط فيه لأنه أعظم الذنوب و لأنه يحبط كل ما يعمله العبد من أعمال صالحة قد يكون منها نفع للأمة و خدمة للإنسانية ، كما قال تعالى : "و قدمنا إلى ما عموا من عمل فجعلناه هباء منثورا" (سورة الفرقان)
(نقلا من كتاب دليل المسلم في الاعتقاد للشيخ عبد الغني خياط)


*****
التوسل المشروع

قال الله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و ابتغوا إليه الوسيلة" (سورة المائدة)
قال قتادة : تقربوا إليه بطاعته و العمل بما يرضيه.
و التوسل المشروع هو الذي أمر به القرآن و حكاه الرسول صلى الله عليه و سلم و عمل به الصحابة ، و له أنواع عديدة أهمها :
1. التوسل بالإيمان : قال تعالى يحكي توسل عباده بإيمانهم : "ربنا إننا سمعنا مُناديا يُنادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا و كفر عنها سيئاتنا و توفنا مع الأبرار " (سورة آل عمران)
2. التوسل بتوحيد الله : كدعاء يونس عليه السلام حين ابتلعه الحوت : "فنادى في الظلمات أنْ لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فاستجبنا له و نجَّيناه من الغمِّ و كذلك نـُـنجي المؤمنين" (سورة الأنبياء)
3. التوسل بأسماء الله : قال تعالى : "و لله الأسماء الحسنى فادعوه بها" (سورة الأعراف)
و من دعاء الرسول صلى الله عليه و سلم قوله :" أسألك بكل اسم هو لك .." (رواه الترمذي و قال حسن صحيح)
4. التوسل بصفات الله كقوله صلى الله عليه و سلم :"يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث" (حسن رواه الترمذي)
و قال الشيخ الرفاعي : اطلبوا حوائجكم من الله بمحبته لأوليائه .
5. التوسل بالأعمال الصالحة : كالصلاة و بر الوالدين و حفظ الحقوق و الأمانة و الصدقة و الذكر و تلاوة القرآن و الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم ، و حبنا له و لأصحابه ... و غيرها من الأعمال الصالحة ، فقد ثبت في صحيح مسلم قصة أصحاب الغار الذين حُبسوا فيه ، فتوسلوا إلى الله بحفظ حق الأجير و الاحسان للوالدين ففرج الله عنهم .
6. التوسل إلى الله بترك المعاصي كاخمر و الزنا و غيرها من المحرمات ، و قد توسل أحد أصحاب الغار الذين حُبسوا فيه بتركه الزنا ففرج الله عنه .
و بعض المسلمين تركوت العمل الصالح و التوسل به، و لجؤوا إلى التوسل بأعمال غريهم من الأموات مخالفين هدي الرسول صلى الله عليه و سلم و صحابته.
7. التوسل بطلب الدعاء من الأنبياء و الصالحين الأحياء ، فقد ورد أن رجلا ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه و سلم ، فقال : اُدع الله أن يعافيني . قال : إن شئت دعوتُ الله لك و إن شئت صبرتَ فهو خير لك ، فقال: ادعُه ، فأمره أن يتوضأ فـيُحسن وضوءه فيصلي ركعتين و يدعو بهذا الدعاء : اللهم إني أسألك و أتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة يا محمد إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه فتقضى لي ، اللهم شفعه فيّ و شفعني فيه . قال : ففعل الرجل فبرأ . (صحيح رواه أحمد)
يفيد هذا الحديث : أن الرسول صلى الله عليه و سلم دعا للأعمى و هو حي، فاستجاب الله دعاءه و أمره أن يدعو لنفسه و يتوجه إلى الله بدعاء نبيه فقبل الله منه و هذا دعاء خاص في حياته صلى الله عليه و سلم ، و لا يمكن الدعاء بعد الوفاة لأن الصحابة لم يفعلوه و لم يستفد منه العميان بعد هذه الحادثة .

*****
التوسل الممنوع

التوسل الممنوع : هو الذي لا أصل له في الدين ، و هو أنواع :
1. التوسل بالأموات ، و طلب الحاجات منهم و الاستعانة بهم كما هو واقع اليوم و يسمونه توسلا ، و ليس كذلك لأن التوسل هو الطلب من الله بواسطة مشروعة كالإيمان و العمل الصالح و أسماء الله الحسنى ، و دعاء الأموات إعراض عن الله و هو من الشرك الأكبر ، لقوله تعالى:"و لا تدعُ من دون الله ما لا يَنفعك و لا يَضرك فإنْ فعلتَ فإنك إذا من الظالمين"(سورة يونس)
الظالمين : المشركين.
2. أما التوسل بجاه الرسول كقولك : "يا رب بجاه محمد اشفني" فهو بدعة لأن الصحابة لم يفعلوه و لأن عمر الخليفة توسل بالعباس حيّا بدعائه و لم يتوسل بالرسول صلى الله عليه و سلم بعد موته عندما طلب نزول المطر ، و حديث: "توسلوا بجاهي" لا أصل له ، كما قال شيخ الاسلام ابن تيمية و هذا التوسل البدعي قد يؤدي للشرك و ذلك إذا اعتقد أن الله محتاج لواسطة كالأمير و الحاكم لأنه شبه الخالق بالمخلوق. و قال أبو حنيفة :"أكره أن أسأل الله بغير الله" (كما في الدر المختار) .
3. و أما طلب الدعاء من الرسول بعد موته ، كقولك: "يا رسول الله ادع لي" فغير جائز ، لأن الصحابة لم يفعلوه و لقوله صلى الله عليه و سلم : "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له" (رواه مسلم).


*****


شروط تحقيق النصر

إن القارئ لسيرة الرسول صلى الله عليه و سلم و جهاده يرى المراحل التالية:
1. مرحلة التوحيد : بقي الرسول صلى الله عليه و سلم ثلاث عشر عاما في مكة المكرمة ، و هو يدعو قومه إلى توحيد الله في العبادة و الدعاء و الحكم و محاربة الشرك ، حتى ثبتت هذه العقيدة في نفوس أصحابه و أصبحوا شجعانا لا يخافون إلا الله.
فيجب على الدعاة أن يـبدؤوا بالتوحيد و يحذروا من الشرك ليكونوا برسول الله من المقتدين.
2. مرحلة الأخوة : لقد هاجر الرسول صلى الله عليه و سلم من مكة إلى المدينة ليكوّن المجتمع المسلم القائم على التحابب، فأول ما بدأ به هو بناء مسجد يجتمع فيه المسلمون لعبادة ربهم و يتاح لهم الاجتماع كل يوم خمس مرات ، لينظموا حياتهم و قد بادر الرسول صلى الله عليه و سلم إلى المؤاخاة بين لذالأنصار سكان المدينة و بين المهاجرين من مكة الذين تركوا أموالهم فعرض الأنصار أموالهم للمهاجرين و قدّموا لهم كل ما يحتاجون إليه.
و لقد وجد الرسول صلى الله عليه و سلم سكان المدينة ، و هم من الأوس و الخزرج بينهم عداوة قديمة ، فأصلح بينهم ، و أزال الحقد و العداوة من صدورهم و جعلهم إخوة محابين في الإيمان و التوحيد . كما جاء في الحديث : المسلم أخو المسلم … الخ.
3. الاستعداد : لقد أمر القرآن الكريم بالاستعداد للأعداء فقال :"و أعدّوا لهم ما استطعتم من قوّة" (سورة الأنفال)
و فسرها الرسول صلى الله عليه و سلم بقوله: "إلا إن القوة الرمي" (رواه مسلم)
و الرمي و تعليمه واجب على كل مسلم حسب استطاعتهم ، فالمدفع و الدبابة و الطائرة و غيرها من الأسلحة التي تحتاج إلى تعليم الرمي عند استعمالها ، و ليت طلاب المدارس تعلموا الرماية و أجروا المباريات و المسابقات لاستفادوا في الدفاع عن دينهم و مقدساتهم ،و لكن الأولاد يضيعون أوقاتهم في لعب الكرة و إجراء المباريات فيكشفون الأفخاذ التي أمرنا الاسلام بسترها و يضيعون الصلوات التي أمرنا الله بالمحافظة عليها.
4. و عندما نعود إلى عقيدة التوحيد و نكون إخوانا متحابين و نستعد للأعداء بالسلاح سيتحقق إن شاء الله النصر للمسلمين كما تحقق النصر للرسول صلى الله عليه و سلم و صحابته من بعده .. قال تعالى: " يا أيها الذين آمنوا إنْ تـنصروا الله ينصركم و يُصبتْ أقدامكم" (سورة محمد)
5. ليس هذا معناه أن هذه المراحل منفصلة ، بمعنى أن مرحلة الأخوة لا تكون مع مرحلة التوحيد ، فهذه المراحل يمكن أن تتداخل.
*****
و كان حقا علينا نصر المؤمنين

هذه الآية الكريمة تبين أن الله تعهد للمؤنين بالنصر على أعدائهم و هو وعد لا يتخلف فقد نصر الله رسوله في غزوة بدر و الأحزات و غيرهما من الغزوات و نصر أصحاب رسول الله بعده على أعدائهم ، و انتشر الاسلام و فتحت البلاد و انتصر المسلمون رغم الأحداث و المصائب و كات العاقبة للمؤمنين ، رغم الأحداث و المصائب ، و كانت العاقبة للمؤمنين الذين صدقوا الله في إيمانهم و توحيدهم و عبادتهم و دعائهم اربهم في وقت الشيدة و الرخاء ، و هذا القرآن يحكي حال المؤمنين في غزوة بدر و هم قليلون في العدد و العدة ، فيدعون ربهم : "إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين" (سورة الأنفال)
فاستجاب الله دعاءهم ، و أمدهم بالملائكة يقاتلون معهم فيضربون أعناق الكفار و يضربون أطرافهم ، و ذلك حين قال : "فاضربوا فوق الأعناق و اضربوا منهم كلّ بنان" (سورة الأنفال)
و تم نصر للمؤمنين الموحدين ، قال الله تعالى : "و لقد نصركم الله ببدر و أنتم أذلة فاتـقوا الله لعلكم تشكرون" (سورة آل عمران)
و كان من دعاء الرسول صلى الله عليه و سلم في معركة بدر : "اللهم أنجز لي ما وعدتني اللهم آتني ما وعدتني ، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الاسلام لا تعبد في الأرض" (رواه مسلم)
و نرى المسلمين اليوم يخوضون المعارك ضد أعدائهم في أكثر البلاد و لا ينتصرون فما هو سبب ذلك ؟ هل يتخلف وعد الله بالنسبة للمؤمنين ؟ لا أبدا لا يتخلف و لكم أين المؤمنون حتى يأتيهم النصر المذكور في الآية ؟ نسأل المجاهدين:
1. هل استعدوا بالايمان و التوحيد اللذين بدأ بهما الرسول دعوته في مكة قبل القتال ؟
2. هل أخذوا بالسبب الذي أمرهم به ربهم بقوله: "و أعدوّا لهم ما استطعتم من قوة" و قد فسرها الرسول صلى الله عليه و سلم بالرمي .
3. هل دعوا ربهم و أفردوه بالدعاء عند القتال ، أم أشركوا معه غيره فراحوا يسألون النصر من غيره ممن يعتقدون فيهم الولاية، و هم عبيد لله ، لا يملكون لأنفسهم نفعا و لا ضرا ، و لماذا لا يقتدون بالرسول في دعائه لربه وحده ؟ "أليس الله بكافٍ عبده ؟" (سورة الزمر).
4. هل هُم مجتمعون و متحابون فيما بينهم شعارهم قول ربهم: "و لا تنازعوا فتفشلوا و تذهب ريحكم" (سورة الأنفال)
5. و أخيرا لما ترك المسلمون عقيدتهم و أوامر دينهم التي تأمر بالتقدم العلمي و الحضاري تخلفوا عن سائر الأمم ، و حين يعودون لدينهم يعودوا لهم تقدمهم و عزتهم.
6. إذا حققتم الايمان المطلوب ، فسيأتيكم النصر الموعود : "و كان حقا علينا نصر المؤمنين" (سورة الروم)

*****
الكفر الأكبر و أنواعه

الكفر الأكبر يُخرج صاحبه من الاسلام و هو الكفر الاعتقادي و أنواعه كثيرة منها :
1. كفر التكذيب : و هو تكذيب القرآن أو الحديث ، أو بعض ما جاء فيهما ، و الدليل قوله تعالى : "و من أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بالحق لما جاءه أليس في جهنم مثوى للكافرين " (سورة العنكبوت)
و قوله تعالى :"أفتؤمنون ببعض الكتاب و تكفرون ببعض" (سورة البقرة)
2. كفر الإباء و الاستكبار مع التصديق و هو عدم الانقياد للحق مع الاقرار به ، ككفر إبليس و الدليل قوله تعالى :"و إذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى و استكبر و كان من الكافرين" (سورة البقرة)
3. كفر الظن و الشك بيوم القيامة ، أو انكاره و عدم التصديق به و الدليل قوله تعالى : " و ما أظن الساعة قائمة و لئن رُدِدتُ إلى ربي لأجدنّ خيراً منها منقبا" (سورة الكهف)
"قال له صاحبه و هو يحاوه أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا" (سورة الكهف)
4. كفر الإعراض: و هو الإعراض عن مطالب الاسلام غير مؤمن بها و الدليل قوله تعالى : "و الذين كفروا عما أنذِروا مُعرضون" (سورة الأحقاف)
5. كفر النفاق : و هو إظهار الاسلام باللسان و مخالفته في القلب و الأعمال لقوله تعالى :"ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فــُطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون" (سورة المنافقون)
و قوله تعالى : "و من الناس من يقول آمنا بالله و باليوم الآخر و ما هم بمؤمنين" (سورة البقرة)
6. كفر الجحود: و هو الذي ينكر شيئا معلوما من الدين مثل أركان الاسلام أو الايمان ، كالذي يترك الصلاة غير معتقد بها ، فهو كافر مرتد عن الاسلام.
و كذلك الحاكم إذا جحد حكم الله ، لقوله تعالى : "و مَن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون" (سورة المائدة)
قال ابن عباس : مَن جحد ما أنزل الله فقد كفر .
*****
الكفر الأصغر و أنواعه

الكفر الأصغر : هو الذي لا يخرج صاحبه من الاسلام مثل :
1. كفر النعمة و الدليل قوله تعالى يخاطب المؤمنين من قوم موسى عليه السلام : "و إذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم و لئِن كفرتم إن عذابي لشديد" (سورة إبراهيم).
2. الكفر العملي : و هو أصل كل معصية أطلق عليها الشارع اسم الكفر مع بقاء اسم الإيمان على فاعله ، مثل قوله صلى الله عليه و سلم :"سبابُ المسلم فسوق و قتالُه كفر" (رواه البخاري)
و قوله صلى الله عليه و سلم:"لا يزني الزاني حين يزني و هو مؤمن و لا يشرب الخمر حين يشربها و هو مؤمن" (رواه مسلم)
فهذا كفر لا يخرج صاحبه من الاسلام بخلاف الكفر الاعتقادي.
3. الحاكم بغير ما أنزل الله ، و هو معترف بحكم الله قال ابن عباس : من أقر به فهو ظالم فاسق و اختاره ابن جرير ، و قال عطاء: كفر دون كفر.

*****
احذروا الطواغيت

الطاغوت : هو كل ما عُبد من دون الله و رضي بالعبادة من معبود أو متبوع أو مُطاع في غير طاعة الله و رسوله.
و لقد أرسل الله الرسل ليأمروا أقوامهم بعبادة الله و اجتـناب الطاغوت.
قال تعالى: " ولقد بعثنا في كلّ أمة رسولا أن اعبدوا الله و اجتـنبوا الطاغوت" (سورة النحل)
و الطواغيت كثيرة و رؤوسهم خمسة :
1. الشيطان الداعي إلى عبادة غير الله و الدليل قوله تعالى : "ألم أعهدْ إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان ، إنه لكم عدوّ مبين" (سورة يس)
2. الحاكم الظالم المغير لأحكام الله تعالى ، كواضع الدستور الذي يخالف الاسلام ، و الدليل قوله تعالى منكرا على المشركين المشرّعين بما لم يرض به الله : "أم لهم شـُـركاء شـَـرعوا لهم مِن الدين ما لم يأذن به الله" (سورة الشورى)
3. الحاكم بغير ما أنزل الله ، إذا اعتقد عدم صلاحية ما أنزل الله ، أو أجاز الحكم بغيره ، قال تعالى : "و مَن لم يحكـُـم بما أنزل الله ، فأولئك هم الكافرون " (سورة المائدة)
4. الذي يدعى علم الغيب من دون الله لقوله تعالى : "قل لا يَعلمُ مَن في السموات و الأرض الغيبَ إلا الله" (سورة النمل)
5. الذي يعبده الناس و يدعونه من دون الله و هو راض بذلك و الدليل قوله تعالى :"و مَن يقلْ منهم إني إله من دونِه ، فذلك نجزيه جهنم ، كذلك نجزي الظالميـن" (سورة الأنبياء)
و اعلم أنه يجب على المؤمن أن يكفر بالطاغوت حتى يكون مؤمنا مستقما . و الدليل قوله تعالى : "فمن يكفرْ بالطاغوت و يؤمن بالله فقد استمسك بالعُروة الوُثـقى لا انفصام لها و الله سميع عليم" (سورة البقرة)
و هذه الآية دليل على أن عبادة الله لا تنفع إلا باجتناب عبادة ما سواه ، وورد في هذا المعنى قوله صلى الله عليه و سلم : "مَنْ قال لا إله إلا الله و كفر بما يُعبد من دون الله حَرُمَ ماله و دمه" (رواه مسلم)

*****
النفاق الأكبر

النفاق الأكبر هو إظهار الاسلام باللسان و اعتقاد الكفر في القلب و الجنان و هو على أنواع :
1. تكذيب الرسول صلى الله عليه و سلم ، أو تكذيب بعض ما جاء به.
2. بغض الرسول صلى الله عليه و سلم ، أو بغض بعض ما جاء به.
3. الفرح بهزيمة الاسلام أو كراهية انتصار دينه. و صاحب النفاق عذابه أشد من الكفار و خطره أعظم لقوله تعالى: "إن المنافقين في الدَّرْكِ الأسفل من النار" (سورة النساء)
و لهذا وصف الله الكافرين بآيتين ، ووصف المنافقين بثلاثة عشر آية في أول سورة البقرة .
و نرى الصوفية مسلمين يُصلون و يصومون و لكن خطرهم عظيم حيث يفسدون عقائد المسلمين ، فيـُـبيحون دعاء غير الله الذي هو من الشرك الأكبر ، و يعتقدون أن الله في كل مكان ، و ينفون علـُـوَّ الله على عرشه مخالفين القرآن و الحديث.
*****
النفاق الأصغر

هو النفاق العملي كالمسلم المتصف بصفة المنافقين التي أخبر عنها الرسول صلى الله عليه و سلم بقوله : "آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كَذب و إذا وعَدَ أخلفَ و إذا أؤتـُـمِنَ خان" (متفق عليه)
و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :"أربع من كنَّ فيه كان منافقا خالصا ، و مَنْ كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدَعها : إذا حدَّث كذب ، و إذا وَعدَ أخلف ، و إذا عاهد غدَر و إذا خاصم فجَر" (متفق عليه)
و هذا نفاق لا يخرج صاحبه من الاسلام إلا أنه من الكبائر .
قال الترمذي : معنى هذا عند أهل العلم : نفاق العمل ، و إنما نفاق التكذيب على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم. (نقلاً من جامع الأصول – ج 11/ 569) .

*****

أولياء الرحمن و أولياء الشيطان

قال الله تعالى : "إلا إن أولياء الله لا خوف عليهم و لا هُم يحزنون، الذين آمنوا و كانوا يتقون" (سورة يونس)
تفيد هذه الآية أن الولي هو المؤمن التقي الذي يجتنب المعاصي ، و يدعو ربه و لا يُشرك به أحدًا ، و قد تظهر له كرامة عند الحاجة مثل كرامة مريم حينما كانت تجد رزقا في بيتها.
فالولاية ثابتة و لا تكون إلا لمؤمن طائع مُوَحِّد ، و لا يشترط ظهور الكرامة للولي حتى يكون وليا، لأن القرآن لم يشترطها.
و لا يمكن أن تظهر الولاية على يدِ فاسق أو مشرك يدعو غير الله ، لأن ذلك من عمل المشركين ، فكيف يكون من الأولياء المكرمين ؟ و الكرامة لا تكون بالوراثة من الأجداد ، بل تكون بالإيمان و العمل الصالح ، و ما يظهر على بعض المبتدعين من ضرب الحديد في بطونهم ، أو أكل النار ، فهو من عمل الشيطان و هو استدراج لهم ليسيروا في ضلالهم : قال الله تعالى : "قل مَن كان في الضلالة فـلـْـيمدُدْ له الرحمن مدّا" (سورة مريم)
و الذين ذهبوا إلى الهند شاهدوا من المجوس أكثر من هذا كضرب السيف لبعضهم البعض و غير ذلك رغم كفرهم ! و الاسلام لا يُقر هذه الأعمال التي لم يعملها الرسول صلى الله عليه و سلم و صحابته، و لو كان فيها خيرا لسبقونا إليها .
إن الولي عند كثير من الناس هو الذي يعلم الغيب و هذا مما اختص به الله وحده ، و قد يُطلع بعض رسله عندما يُريد لقوله تعالى :"عالِمُ الغيب فلا يُظهر على عيبه أحدا إلا مَن ارتضى من رسول .." (سورة الجن)
فالآية خصصت الرسول و لم تذكر غيره.
و بعض الناس يرى قبراً بني عليه قبه فيظن أنه ولي ، و قد يكون هذا القبر لفاسق أو ليس فيه أحد ، و البناء على القبور قد حرمه الاسلام ففي الحديث : "نهى صلى الله عليه و سلم أن يُجصّص القبر و أن يُبنى عليه" (رواه مسلم) .
فليس الولي من دُفن في مسجد أو أقيم له ضريح أو نـُـصبتْ له قبة ، فهذا مخالف لتعاليم الاسلام ، كما أن رؤيا الميت في المنام لا تعتبر دليلاً شرعياً على ولايته، فقد تكون أضغاث أحلام من الشيطان .
*****
خرافات و ليست كرامات

نشرت التوحيد تحت عنوان : "خرافات حول الدسوقي" جاء في حاشية الصاوي : أنه كان يتكلم بجميع اللغات : عجمي و سرياني و لغات الوحش و الطير ، و أنه صام في المهد ، و رأى اللوح المحفوظ ، و أن قدمه لم تسعها الدنيا ، و أنه ينقل اسم مُريده من الشقاوة إلى السعادة ، و أن الدنيا جعلت في يده كالخاتم ، و أنه جاوز سدرة المنتهى".
و هذا كلام باطل لا يصدقه إلا غبي جاهل ، بل هو كفر صراح ، فكيف اطلع على اللوح المحفوظ الذي لا يطلع عليه سيد الخلق صلى الله عليه و سلم ؟
و كيف ينقل دراويشه من الشقاوة إلى السعادة ؟ ..
كل هذه خرافات يحكيها المتصوفة فخورين و ما دَرَوا أنهم في ضلال مبين .
احذر قراءة الكتب التي تحتوي مثل هذه الخرافات : منها الطبقات الكبرى للشعراني، و خزينة الأسرار ، و نزهة المجالس ، و الروض الفائق، و مكاشفة القلوب للغزالي ، و العرائس للثعالبي ، فكلها كتب يحرم طبعها و بيعها و قراءتها إلا على وجه الإنكار .
أنواعُ شُعَب الإيمان

قال رسول الله صلى الله عليه : "الإيمانُ بضعٌ و سِتون شُعبة فأفضلها قولُ لا إله إلا الله ، و أدناها إماطة ُ الأذى عن الطريق" (رواه مسلم)
و قد لخَّص الحافظ في الفتح ما أورده ابن حبان بقوله :
إن هذه الشعب تتفرع من أعمال القلب و أعمال اللسان و أعمال البدن :
1. فأعمال القلب المعتقدات و النيات ، و هي أربع و عشرون خصلة: الايمان بالله ، و يدخُل فيه الايمان بذاته و صفاته و توحيده بأنه "ليس كمثله شيء و هو السميع البصير" (سورة الشورى)
و اعتقاد حدوث ما دونه و الايمان بملائكته و كتبه و رسله بالقدر خيره و شره و الإيمان باليوم الآخر ، و يدخل فيه السؤال في القبر و نعيمه و عذابه و البعث و النشور و الحساب و الميزان و الصراط و الجنة و النار، و محبة الله، و الحبُ و البغضُ فيه ، و محبة النبي صلى الله عليه و سلم و اعتقاد تعظيمه : و يدخُل فيه الصلاة عليه صلى الله عليه و سلم و اتباع سنته ، و الإخلاص: و يدخل فيه ترك الرياء و النفاق ، و التوبة و الخوف ، و الرجاء و الشكر و الوفاء و الصبر ،و الرضا بالقضاء و القدر و التوكل و الرحمة و التواضع : و يدخل فيه توقير الكبير ، و رحمة الصغير ، و ترك الكِبر و العُجب ، و ترك الحسد و الحقد و الغضب.

2. و أعمال اللسان : و تشتمل على سبع خصال :
التلفظ بالتوحيد (شهادة أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله) و تلاوة القرآن و تعلم العلم و تعليمه و الدعاء و الذكر و يدخل فيه الاستغفار و التسبيح ... و اجتناب اللغو .

3. و أعمال البدن : و تشتمل على ثمان و ثلاثين خصلة :

أ) منها ما يتعلق بالأعيان ، و هي خمسة عشرة خصلة:
التطهّر حسّـاً و حكماً : و يدخل فيه اجتـناب النجاسات ، و ستر العورة ، و الصلاة فرضا و نفلا ، و الزكاة كذلك ، و فك الرقاب ، و الجود : و يدخل فيه إطعام الطعام ، و إكرام الضيف، و الصيام فرضا و نفلا ، و الاعتكاف ، و التماس ليلة القدر ، و الحج و العمرة ، و الطواف كذلك ، و الفرار بالدين : و يدخل فيه الهجرة من دار الشرك إلى دار الإيمان و الوفاء بالنذر و التحري في الأمان بأن يكون الحلف عد الحاجة، و أداء الكفارات مثل كفارة اليمين و كفارة الجماع في نهار رمضان.

ب) و منها ما يتعلق بالأتباع و هي ست خصال : التعفف بالنكاح و القيام بحقوق العيال و بر الوالدين و يدخل فيه اجتناب العقوق و تربية الأولاد ، و صلة الرحم ، و طاعة السادة في غير معصية الله ، و الرفق بالعبيد.

جـ) و منها ما يتعلق بالعامة ، و هي سبع عشرة خصلة :
القيام بالإمارة مع العدل ، و متابعة الجماعة ، و طاعة أولي الأمر (و هم حكام المسلمون إذا لم يأمروا بمعصية) ، و الإصلاح بين الناس : و يدخل فيه قتال الخوارج (و هم الذين يكفرون المسلم بارتكاب الكبائر) و البغاة ، و المعاونة على البر و التقوى: و يدخل فيه الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ، و إقامة الحدود، و الجهاد : و منه المرابطة و أداءالأمانة، و منه أداء الخُمس، و القرض مع وفائه و إكرام الجار و حسن المعاملة ، و يدخل فيه جمع المال من حِلـّه ، و إنفاقه في حقه ، و يدخل فيه ترك التبذير و الإسراف ، و رد السلام ، و تشميت العاطس، كفُّ الضرر عن الناس ، و اجتناب اللهو ، و إماطة الأذى عن الطريق.

و هذا الحديث المتقدم يدل على أن التوحيد هو كلمة لا إله إلا الله أعلى مراتب الإيمان و أفضلها. فعلى الدعاة أن يبدؤوا بالأعلى ثم الأدنى ، و بالأساس قبل البناء ، و بالأهم فالمهم، لأن التوحيد هو الذي جمع الأمة العربية و الأعجمية على الاسلام و كوَّن منهم الدولة المسلمة دولة التوحيد .


*****


أسباب حدوث المصائب و إزالتها




ذكر القرآن الكريم أسباب نزول المصائب و كيف يرفعها الله عن عباده ، منها قوله تعالى :

1. "ذلك بأن الله لم يكُ مُغيِّـرًا نِعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" (سورة الأنفال)

2. "و ما أصابكم من مُصيبة فبما كسبتْ أيديكم و يَعـفو عن كثير" (سورة الشورى)

3. "ظهر الفساد في البر و البحر بما كسبتْ أيدي الناس ليُذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون" (سورة الروم)

4. "و ضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مُطمئنة ، يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرتْ بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع و الخوف بما كانوا يصنعون" (سورة النحل)

5. إن هذه الآيات الكريمة تـُـفيدنا أ الله تعالى عادل و حكيم و أنه لم يُنزل البلاء على قوم إلا بسبب عصيانهم لله و مخالفة أوامره، و لا سيما الابتعاد عن التوحيد و انتـشار مظاهر الشرك في أكثر البلاد الاسلامية التي تعاني بسببه الفتن و المحن و لن تزول إلا بالرجوع إلى توحيد الله و تحكيم شريعته في النفس و المجتمع.

6. ذكرَ القرآن حال المشركين و دعاءهم لله وحده حين نزول المصائب و حلول الشدة ، فلما نجاهم مما هم فيه عادوا إلى الشرك و دعاء غير الله في وقت الرخاء.
قال تعالى : "فإذا ركبوا في الفلك دَعَوُا الله مخلصين له الدّين فلما نجاهم إلى البرِّ إذا همْ يُشركون" (سورة العنكبوت) .

7. إن كثيرًا من المسلمين اليوم إذا وقعوا في مصيبة دعوا غير الله ، و صاحوا:" يا رسول الله يا جيلاني ، يا رفاعي يا مرغني، يا بدوي يا شيخ العرب .." فهم يشركون في الشدة و في الرخاء ، يخالفون كلام ربهم و كلام رسولهم صلى الله عليه و سلم !

8. إن المسلمين في غزوة أحد حينما هُزموا بسبب مخالفة بعض الرماة لقائدهم تعجبوا من ذلك ، فقال لهم الله تعالى : "قل هو من عند أنفسكم" (سورة آل عمران) .
و في غزوة حنين حينما قال بعض المسلمين : "لن نـُـغلب مِن قلة " فكانت الهزيمة ، و كان العتاب من الله ف قوله تعالى: "و يومَ حُنيْن إن أعجبتكم كثرَتـُـكم فلم تـُـغـنِ عنكم شيئا" (سورة التوبة)

9. كتب عمر بن الخطاب لقائده سعد في العراق :
" و لا تقولوا إن عدوَّنا شرّ منا فلَن يُسلط علينا ، فربّما سُلـِّط على قوم مَن هم شرّ منهم ، كما سُـلط على بني إسرائيل كفارُ المجوس لما عملوا بالمعاصي ، و سلوا الله العون على أنفسكم ، كما تسألونه العون على عدوكم"
الاحتفال بالمولد النبوي



إن الذي يجري في أكثر الموالد لا يخلو من منكر و بدع و مخالفات ، و الاحتفال لم يفعله الرسول صلى الله عليه و سلم و لا الصحابة و التابعون، و لا الأئمة الأربعة و غيرهم من أهل القرون المفضلة ، و لا ديل شرعي عليه.

1. كثيرا ما يقع أهل المولد في الشرك ، و ذلك حينما يقولون :
يا رسول الله غوثا و مدد * يا رسول الله عليك المعتمد
يا رسول الله فرج كربنا * ما رآك الكرْبُ إلا و شرَد
لو سمع رسول الله صلى الله عليه و سلم هذا الكلام لحكم عليه بالشرك الأكبر، لأن الاغاثة و تفريج الكرب و المدد و الاعتماد على الله وحده.
قال تعالى : "أمَّن يُجيب المضْطرَّ إذا دعاه و يَكشف السوء" (سورة النمل)
و يأمر الله رسوله أن يقول للناس : "قل إني لا أملك لكم ضرَّا و لا رَشدا" (سورة الجن)
و قال صلى الله عليه و سلم :"إذا سألتَ فاسألِ الله و إذا استعنتَ فاستعنْ بالله" (رواه الترمذي و قال حسن صحيح)

2. أكثر الموالد فيها إطراء و مبالغة و زيادة في مدحه صلى الله عليه و سلم، و قد نهى عن ذلك بقوله صلى الله عليه و سلم: "لا تـُـطروني كما أطرتِ النصارى ابن مريم فإنما أنا عبدٌ فقولوا عبدُ الله و رسوله" (رواه البخاري)

3. يذكر مولد العروس و غيره أن الله خلق محمداً من نوره و خَلق من نوره الأشياء كلها ، و القرآن يكذبهم قائلاً : "قل إنما أنا يشرٌ مثلكم يُوحى إليَّ أنما إلهكم إله واحد" (سورة الكهف)
و المعروف أن الرسول صلى الله عليه و سلم خُلِق من أبوين و هو من البشر الذي يمتاز بالوحي من الله ، و يقولون في المولد : إن الله خلق العالم من أجل محمد و القرآن يُكذبُهم بقوله: "و ما خلقتُ الجنَّ و الإنسَ إلا ليعبدون" (سورة الذاريات)

4. إن النصارى يحتفلون بعيد ميلاد المسيح ، و ميلاد أفراد أسرتهم ، و عنهم أخذ المسلمون هذه البدعة، فاحتفلوا بمولد نبيهم و مولد أفراد أسرتهم ، و رسُولهم ، و رسُولهم يُحذِرهم قائلاً: "من تـشـبّه بقوم فهو منهم" (صحيح رواه أبو داود)

5. كثيرا ما يختلط الرجال و النساء في حلفة المولد و هو مما يحرمه الاسلام.

6. إن الذي يُصرف من الأموال في الزينة يوم المولد من الورق الملون و القناديل و غير ذلك يبلغ الملايين ، و هي تلقى على الأرض دون فائدة ، الكفار يقبضون ثمن الزينة المست من بلادهم ، و قد نهى الرسول عن إضاعة المال.

7. إن الوقت الذي يضيعه الناس في نصب الزينة يعرضهم لترك الصلاة أحيانا كما رأيت ذلك.

8. جَرَت العادة أم يَقوم الناس وقوفا في آخر المولد، لاعتقاد بعضهم حضور الرسول صلى الله عليه و سلم، و هو كذب واضح لأن الله تعالى يقول : "و مِن ورائهم برزخ إلى يوم يُـبعثون" (سورة المؤمنون)
برزخ : حاجز بين الدنيا و الآخرة
و قال أنس بن مالك رضي الله عنه : "ما كان شخصٌ أحبَّ إليهم من رسول الله صلى الله عليه و سلم، و كانوا إذا رأوه (الصحابة) لم يقوموا له لما يعلمون من كراهيته لذلك" (صحيح رواه أحمد و الترمذي)

9. يقول بعضهم : نحن نقرأ في المولد سيرة الرسول صلى الله عليه و سلم ، و الواقع أنهم يأتون بأشياء تخالف كلامه و سيرته ، و المحب هو الذي يقرأ سيرته كل يوم لا كل سنة ، هذا مع أن شهر ربيع الأول الذي ولد فيه الرسول صلى الله عليه و سلم قد مات فيه فليس الفرح بأولى من الحزن فيه.

10. كثيرا ما يسهر أهل المولد إلى نصف الليل، فيُضيِّعون صلاة الصبح مع الجماعة على الأقل ، أو تفوتهم الصلاة.

11. لا عبرة بما يفعله الكثير من الناس في الاحتفال بالمولد ، لأن الله تعالى يقول : "و إنْ تـُطع أكثرَ مَن في الأرض يُضلـّوك عن سبيل الله" (سورة الأنعام)
و يقول حذيفة: كل بدعة ضلالة و إن رآها الناس حسنة .

12. و قال الحسن البصري : إن أهل السنة كانوا أقل الناس فيما مضى ، و هم أقل الناس فيما بقي ، الذين لم يذهبوا مع أهل الترف في إترافهم ، و لا مع أهل البدع في بدعهم، و صبروا على سُننهم حتى لقوا ربهم، فكذلك فكونوا.

13. إن أول من أحدث المولد الملك المظفر في بلاد الشام في مطلع القرن السابع للهجرة ، و أول من أحدثه في مصر الفاطميون، و هم كما قال ابن كثير: كفار ، فساق ، فجار

كيف نـُحبُّ الله و رسوله صلى الله عليه و سلم ؟



1. قال الله تعالى :"قل إن كنتم تـُحبون الله فاتبعوني يحببْكم الله و يغفر لكم ذنوبكم و الله غفور رحيم" (سورة آل عمران)

2. و قال صلى الله عليه و سلم : "لا يُؤمن أحدُكم حتى أكون أحبَّ إليه من والدِه وولدِه و الناس أجمعين" (رواه البخاري)

3. تفيد هذه الآية أن محبة الله تكون باتباع ما جاء به رسول الله صلى الله عليه و طاعته فيما أمر به ، و ترك ما نهى عنه مما جاء في أحاديثه الصحيحة التي بينها للناس ، و لا تكون المحبة بالتشدق بالكلام و عدم العمل بهديه و أوامره و سنته.

4. و يفيدنا هذا الحديث الصحيح أن إيمان المسلم لا يكتمل حتى يحب الرسول صلى الله عليه و سلم محبتة تزيد على محبة الولد و الوالد و الناس كلهم و حتى تزيد على محبة المسلم لنفسه، كما ورد ذلك في حديث آخر ، و يظهر أثر المحبة عندما تتعارض أوامر الرسول صلى الله عليه و سلم و نواهيه مع شهوات النفس و رغبة الزوجة و الأولاد و الناس الذين حوله ، فإن كان محباً صادقا لرسول الله صلى الله عليه و سلم قدّم أوامره، و خالف نفسه و أهله و شهواته و من حوله ، و إن كان كاذباً عصى الله و رسوله ، ووافق شيطانه و هواه.

5. إذا سألت مسلما هل تحب رسولك ؟ فيقول لك نعم فداه روحي و مالي ، فإذا سألته لماذا تحلق لحيتك و تخالف أمره في كذا ... و كذا ... و لا تتشبه به في مظهره و أخلاقه و توحيده ؟ أجابك بقوله :
المحبة في القلب و قلبي طيب و الحمد لله ! ! نقول له لو كان قلبك طيبا لظهر على جسدك ، لقوله صلى الله عليه و سلم : "إلا و إن في الجسد مُضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، و إذا فسدت فسَد الجسدُ كُله ، ألا و هي القلب" (رواه البخاري و مسلم)

6. دخلت عيادة طبيب مسلم فرأيت صور الرجال و النساء معلقات على الجدار، فذكرته بنهي الرسول صلى الله عليه و سلم عن تعليق الصور، فرفض قائلا هؤلاء زملائي و زميلاتي في الجامعة ! عِلماً بأن الأكثرية منهم كفار ، و لا سيما النساء اللاَّتي يُظهرن شعورهن و زينتهن في الصورة و هم من بلاد الشيوعية ، و كان هذا الطبيب يحلق لحيته فنصحته فأخذته العزة بالإثم و قال : سيموت و هو حالق لحيته، و العجيب أن هذا الطبيب المخالف لتعاليم الرسول يدع حبه الكاذب لسول الله صلى الله عليه و سلم و يقول لي قل يا رسول الله أنا في حماك ! قلت في نفسي أنت تعصي أمره ثم تدخل في حماه و هل يرضى الرسول بذلك الشرك ؟ غنحن و الرسول في حمى الله وحده.

7. إن محبة الرسول صلى الله عليه و سلم لا تكون في الاحتفالات و نصب الزينة و إنشاد الأناشيد التي لا تخلو من منكر ، و غير ذلك من البدع التي لا أصل لها في الدين بل تكون المحبة باتباع هديه و التمسك بسنته و تطبيق تعاليمه. و ما أحسن قول الشاعر:
إنْ كان حُبُّك صادقاً لأطعته * إن المحب لم يُحب مطيع




*****

فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم



قال الله تعالى : "إن الله و ملائكته يُصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه و سلموا تسليما" (سورة الأحزاب)
قال البخاري قال أبو عالية : صلاة الله تعالى : ثناؤه عليه عند الملائكة و صلاة الملائكة الدعاء.
و قال ابن عباس : يُصلون : يُـبَـرِّكون . (أي يباركون)
و المقصود من هذه الآية ، كما ذكر لذابن كثير في تفسيره : إن الله سبحانه و تعالى أخبر عباده بمنزلة عبده و نبيه و حبيبه عنده في الملأ الأعلى بأنه يُثـني عليه عند الملائكة ، و إن الملائكة تصلي عليه، ثم أمر تعالى أهل العالم السُّفلي بالصلاة عليه ، ليجتمع الثناء عليه من أهل العالمين.

1. في هذه الآية يأمرنا الله أن ندعو للرسول صلى الله عليه و نصلي عليه ، لا أن ندعوه من دون الله ، أو نقرأ له الفاتحة كما يفعل بعض الناس.

2. أفضل صيغة للصلاة على رسول الله هي ما علَّـمها لأصحابه حين قال لهم : "قولوا اللهم صلِّ على محمد و على آل محمد كما صليت على إبراهيم و على آل إبرايهم إنك حميد مجيد ، اللهم بارك على محمد و على آل محمد كما باركتَ على إبراهيم و على آل إبراهيم إنك حميد مجيد" (رواه البخاري و مسلم)

3. هذه الصلاة و غيرها من الصلوات الواردة في كتب الحديث و كتب الفقه المعتمدة لم تذكر فيها كلمة "سيدنا" التي يزيدها الكثير من الناس ، علماً بأن الرسول صلى الله عليه و سلم سيدنا لكن التقييد بكلام الرسول صلى الله عليه و سلم واجب، و العبادة مبينة على النقل لا على العقل .

4. قال صلى الله عليه و سلم : "إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ، ثم صلوا عليَّ ، فإنه من صلى عليَّ صلاة صلىَّ عليه بها عشرا، ثم سَلوا ليَ الوسيلة فإنها مَنزلة ٌ في الجنة لا تنبغي إلا لعبدٍ من عباد الله و أرجو أن أكون أنا هو ، فمن سأل ليَ الوسيلة حلت له الشفاعة" (رواه مسلم)
و دعاء الوسيلة الوارد عن الرسول صلى الله عله و سلم بعد الأذان و بعد الصلاة على النبي (الصلاة الابراهيمية) سراً هو : "اللهم ربَّ هذه الدّعوة التامة و الصلاة القائمة آتِ محمدا الوسيلة و الفضيلة و ابْعثه مقاما محمودا الذي وعدته" (رواه البخاري)

5. و الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم مطلوبة عند الدعاء لقوله صلى الله عليه و سلم : "كل دعاء محجوب حتى يُصلىّ على النبي صلى الله عليه و سلم" (حسن رواه البيهقي)
و قال صلى الله عليه و سلم : "إن لله ملائكة سيَّاحين في الأرض يُبلـِّـغوني عن أمتي السلام" (صحيح رواه أبو داود)
و الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم مطلوبة و لا سيما يوم الجمعة و هي من أفضل القــُـرُبات ، و التوسل بها مشروع عند الدعاء لأنها من العمل الصالح ، فنقول : اللهم بصلاتي على نبيِّك فرِّج عني كربي ... و صلى الله على محمد و على آله و سلم.



*****

الصلوات المبتدعة




نسمع كثيرا من صيغ الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم مبتدعة لم ترد ف كلام الرسول و صحابته و التابعي و الأئمة المجتهدين بل هي من وضع بعض المشايخ المتأخرين، و قد راجت هذه الصيغ بين العوام و أهل العلم ، فأخذوا يقرؤونها أكثر مما يقرؤون الصلوات الواردة عن الرسول صلى الله عليه و سلم و ربما تركوا الوارد الصحيح و نشروا الصلوات المنسوبة لمشايخهم و لو أمعنا النظر في هذه الصلوات لرأينا فيها مخالفة لهدي الرسول الذي نصلي عليه، و من هذه الصلوات المبتدعة قولهم :

1. "اللهم صلِّ على محمد طِبِّ القلوب و دوائها ، و عافية الأبدان و شفائها ، و نور الأبصار و ضيائها، و على آله و سلم".
إن الشافي و المعافي للأبدان و القلوب و العيون هو الله وحده، و الرسول لا يملك النفع لنفسه و لا لغيره، فهذه صيغة تخالف قوله تعالى:"قلْ لا أملك لنفسي نفعا و لا ضرّا إلا ما شاء الله" (سورة يونس)
و تخالف قوله صلى الله عليه و سلم : "لا تـُطروني كما أطرتِ النصارى ابنَ مريم فإنما أنا عبدٌ فقولوا عبدُ الله و رسوله" (رواه البخاري)
و معنى الإطراء: هو مجاوزة الحد أو الزيادة في المدح.

2. رأيت كتاباً في فضل الصلوات ، لشيخ لبناني صوفي كبير فيه هذه الصيغ : "اللهم صلِّ على محمد حتى تجعلَ منه الأحدِيَّة و القـيُّـومية "
فالأحدية و القيومية من صفات الله الواردة في القرآن قد جعلها هذا الشيخ لرسول الله صلى الله عليه و سلم.

3. و رأيت في كتاب "أدعية الصباح و المساء" لشيخ سوري كبير قوله : "اللهم صلِّ على محمد الذي خَلقتَ من نوره كل شيء" ، و الشيء يشمل آدم و إبليس و القردة و الخنازير ، فهل يقول عاقل بأنهم خـُـلِقوا من نـُور محمد ؟!
لقد عرف الشيطان خَلقه و خَلـْـق آدم حين قال في القرآن : " أنا خيرٌ منه خلقتني من نار و خلقته من طين" (سورة ص)
فهذه الآية تكذب كلام الشيخ و تبطله.

4. و من هذه الصيغ المبتدعة قولهم : "الصلاة السلام عليكم يا رسول الله ضاقت حيلتي فأدركني يا حبيب الله" . الجزء الأول من هذه الصلاة صحيح و لكن الخطر و الشرك في الجزء الثاني من قوله : "أدركني يا حبيب الله" و هذا مخالف لقول الله : "أمَّن يُجيبُ المضطرَّ إذا دعاه و يكشف السُّوء ؟" (سورة النمل)
و قوله : "و إن يمسسك الله بضُرٍّ فلا كاشِف له إلا هو" (سورة الأنعام)
و كان الرسول إذا أصابه همٌّ أو غمٌّ قال : " يا حيُّ يا قيوم برحمتك أستغيث" (حسن رواه الترمذي)
فكيف يجوز لنا أن نقول له أدركنا و نجنا ؟ !! و هذه الصيغة مخالفة لقوله صلى الله عليه و سلم :"إذا سألت فاسأل الله و إذا استعنتَ فاستعن بالله" (رواه الترمذي و قال حسن صحيح)

5. صلاة الفاتح : و صيغتها : "اللهم صلِّ على محمد الفاتح لما أغلق.." و قائلها يزعم أن من يقرؤها أفضل له من قراءة القرآن بستة آلاف مرة، و نقل ذلك عن الشيخ أحمد التيجاني رئيس الطريقة التيجانية.
إنها سفاهة أن يعتقد العاقل فضلا عن المسلم أن قراءة هذه الصيغة المبتدعة أفضل من قراءة كلام الله مرة واحدة فضلا عن ستة آلاف مرة ، و هذا ما لا يقوله مسلم !
و أما وصف الرسول بالفاتح لما أغلق على إطلاقه دون تقييده بمشيئة الله فهو خطأ ، لأن الرسول صلى الله عليه و سلم لم يفتح مكة إلا بمشيئة الله و لم يستطع فتح قلب عمه للايمان بالله بل مات على الشرك ، و القرآن يخاطب الرسول صلى الله عليه و سلم قائلا : "إنك لا تهدي من أحببتَ و لكنَّ الله يهدي من يشاء" (سورة القصص)
و قال: "إنا فتحنا لك فتحا مُبيناً" (سورة الفتح)

6. يقول صاحب دلائل الخيرات في الحزب السابع: "اللهم صلّ على محمد ما سجعتِ الحمائم و فعت التمائم "
و التميمة هي الخرزة و الخيط و نحوها التي تعلق على الأولاد و غيرهم للحماية من العين ، و لا تنفع مُعـلـِّـقها و لا من عُلـِّقت له، بل هي من أعمال المشركين .
و قال صلى الله عليه و سلم :"من علـَّق تميمة فقد أشرك" (صحيح رواه أحمد)
فهذه الصيغة تخالف الحديث و تجعل الشرك و التميمة قربة إلى الله ، فنسأل الله العافية و الهداية.
جاء في كتاب دلائل الخيرات هذه الصيغة: "اللهم صل على محمد حتى لا يبقى من الصلاة شيء و ارحم محمدا حتى لا يبقى من الرحمة شيء" هذه الصيغة جعلت الصلاة و الرحمة تنتهي و تنفد و هي من صفات أفعال الله ، و الله يرد عليهم قائلا: "قل لو كان البحرُ قبل أن تنفد كلماتُ ربي و لو جئنا بمثله مدَدًا" (سورة الكهف)

7. الصلاة البشيشية : يقول ابن بشيش فيها : "اللهم انشلني من أوحال التوحيد و أغرقني في بحر الوحدة و زُجَّ بي في الأحدية حتى لا أرى و لا أسمع و لا أحس إلا بها"
هذا مذهب القائلين بوحدة الخالق و المخلوق ، و أن التوحيد فيه أوحال و أوساخ يدعو أن ينشله منه، و يغرقه في بحر وحدة الوجود ليرى إلهه في كل شيء، حتى قال زعيمهم:
و ما الكلب و الخنزير إلا إلهنا * و ما الله إلا راهبٌ في كنيسة
فالنصارى أشركوا حينما قالوا عيسى ابن الله و هؤلاء جعلوا المخلوقات كلها شركاء لله !! تعالى الله عما يشركون .

8. إحذر يا أخي المسلم هذه الصيغ البدعية التي توقعك في الشرك و تقيد بما رود عن الرسول صلى الله عليه و سلم، الذي لا ينطق عن الهوى و الذي في متابعته الهدى و النجاة و في مخالفته يكون العمل مردودًا . قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو ردّ" (رواه مسلم)




*****

الصلاة النارية



الصلاة النارية معروفة عد كثير من الناس و أن من قرأها 4444 مرّة بنية تفريج كرب أو قضاء حاجة تـُقضى له ، و هذا زعم باطل لا دليل عليه ، و لا سيما إذا عرفت نصها و رأيت الشرك ظاهرا فيها و هذه صيغتها:
"اللهم صل صلاة كاملة و سلم تسليما تاما على سيدنا محمد الذي تنحلّ به العقد و تنفرج به الكرب و يـُـقضى به الحوائج ، و تنال به الرغائب و حسنالخواتيم ، و يُستسقى الغمام بوجهه الكريم و على آله و صحبه عدد كل معلوم لك"

1. إن عقيدة التوحيد التي دعا إليها القرآن الكريم و علمنا إياها رسول الله صلى الله عليه و سلم تحتم على كل مسلم أن يعتقد أن الله وحده هو الذي يحل العقد و يُفرِّج الكرب و يقضي الحوائج و يعطي ما يطلبه الإنسان حين يدعوه ، و لا يجوز لمسلم أن يدعو غير الله لتفريج همه أو شفاء مرضه ، و لوكان المدعو مَلكا مُرسلاً أو نبيا مُقرّبا ، و هذا القرآن يُنكر دعاء غير الله من المرسلين و الأولياء فيقول : "قل ادعوا الذين زعمتمْ من دونه ، فلا يملكون كشْفَ الضُّرّ عنكم و لا تحويلا ، أولئك الذين يدعون يَبْتغون إلى ربهم الوسيلة أيُّهم أقرب و يرجون رحمته و يخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا" (سورة الإسراء)
ققال المفسرون : نزلت في جماعة كانوا يدعون المسيح، أو الملائكة أو الصالحين من الجن. (ذكره ابن كثير)

2. كيف يرضى رسول الله صلى الله عليه و سلم بأن يُقال عنه يحل العُقد و يُفرّج الكرب و القرآن يأمره و يقول له : "قل لا أملك لنفسي نفعا و لا ضرّا إلا ما شاء الله و لو كنتُ أعلم الغيب لاستكثرتُ من الخير و ما مسَّني السُّوء إنْ أنا إلا نذيرٌ و بشير لقوم يُؤمنون" (سورة الأعراف)
و جاء رجل إلى الرسول صلى الله عليه و سلم فقال له : "ما شاء الله و شئت، فقال : أجعلتني لله ندّا ؟ قل ما شاء الله وحده "(رواه النسائي بسند حسن)
الندُّ : المثيل و الشريك

3. و لو حذفنا كلمة "به" ووضعنا بدلا عها كلمة "بها" لكان معنى الصيغة حيح بدون العدد السابق، و تكون كالآتي: " اللهم صل صلاة كاملة ، و سلم سلاماً تاماً على محمد ، التي تـُـحلّ بها العقد(أي بالصلاة) " لأن الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم عبادة يُتوسل بها لتفريج الهم و الكرب.

4. لماذا نقرأ هذه الصلوات البدعية من كلام المخلوق، و نترك الصلاة الابراهيمية و هي من كلام المعصوم.

القرآن للأحياء لا للأموات


قال الله تعالى :"كتاب أنزلناه إليك مُباركٌ ليدّبروا آياته و ليتَذكر أولوا الألباب" (سورة ص)
لقد تسابق الصحابة للعمل بأوامر القرآن و ترك نواهيه ، فأصبحوا سعداء الدنيا و الآخرة ، و حين ترك المسلمون تعاليم القرآن، و اتخذوه للموتى يقرؤونه على القبور، و أيام التعزية، أصابهم الذل و التفرق ، و حق عليهم قوله تعالى : "و قال الرسول يا ربِّ إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً"(سورة الفرقان)
لقد أنزل الله القرآن للأحياء ليعملوا به في حياتهم ، فالقرآن ليس للموتى و قد انقطع عملهم فلم يستطيعوا قراءته و العمل به ، و لا يصل ثواب قراءته لهم إلا مِنَ الولد لأنه من سعي أبيه، قال صلى الله عليه و سلم: "إذا مات الانسان انقطع عملهُ إلا من ثلاث: صدقة جارية أو عِلم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له" (رواه مسلم)
ذكر ابن كثير في تفسير قوله تعالى : "وأنْ ليس للانسان إلا ما سعى " (سورة النجم)
فقال : "أي كما لا يُحمل عليه وزْر غيره كذلك لا يحصل من الأجر إلا ما كسب هو لنفسه، و من هذه الآية الكريمة استنبط الامام الشافعي رحمه الله أن القراءة لا يصل إهداء ثوابها للموتى، لأنه ليس من عملهم و ليس من كسبهم ، و لهذا لم يندب إليه رسول الله صلى الله عليه و سلم أمته، و لا حثّهم عليه و لا أرشدهم إليه بنص و لا إيماء ، و لم يُنقل ذلك عن أحد الصحابة ، و لو كان خيرا اسبقونا إليه، و بابُ القربات يُقـتصر فيه على النصوص و لا يُتصرّف فيه بأنواع الأقيسة و الآراء ، فأما الدعاء و الصدقة فذاك مجمع على وصولهما و منصوص من الشارع عليهما."
1. لقد راجت فكرة قراءة القرآن للموتى ، حتى أصبحت قراءته علامة على الموت ، فما تكاد تسمع القرآن من الإذاعات بشكل مستمر حتى تعلم أن رئيسا قد مات، و إذا سمعته من بيت فتعلم أن فيه عزاء و مأتماً ، و قد سَمِعَت أمّ من أحد الزائرين يقرأ القرآن لولدها المريض فصاحت: إن ابني لم يمت حتى تقرأ له القرآن !! ..
و سمعت امرأة أخرى سورة الفاتحة من الاذاعة فقالت : أنا لا أحبها لأنها تذكرني بأخي الميت و قد قرئت عليه !
لأن الإنسان يكره الموت و ما يلوذ به ..
2. إن الميت الذي ترك الصلاة في حياته ماذا يستفيد من القرآن بعد موته ، و هو يبشره بالويل و العذاب ؟
"فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون" (سورة الماعون)
هذا إن أخرها عن وقتها و لم يتركها
3. أما حديث: "اقرؤوا على موتاكم يس" فقد أعلـّه ابن القطان بالاضطراب و الوقف و الجهالة، و قال الدارقطني: هذا حديث مضطرب الاسناد و مجهول المتن و لا يصح.
و لم يثبت عن الرسول صلى الله عليه و سلم و صحابته أنهم قرؤوها على ميت، سواء كانت سورة يس أو الفاتحة أو غيرها من القرآن، بل كان الرسول صلى الله عليه و سلم يقول لأصحابه عند فراغه من الدفن للميت : "استغفروا لأخيكم و سَلوا له التثبيتَ، فإن الآن يُسأل" (صحيح رواه أبو داود و غيره)
4. يقول أحد الدعاة: ويحك يا مسلم تركت القرآن في حياتك و لم تعمل به حتى إذا قربت من الموت قرؤوا عليك سورة يس لتموت بسهولة !! فهل أنزل القرآن لتحيا أم لتموت؟!
5. لم يُعلـِّم الرسول صحابته أن يقرؤوا الفاتحة عند دخول المقبرة بل علمهم أن يقولوا : "السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين و إنا إن شاء الله بكم لاحقون ، أسأل الله لنا و لكم العافية(من العذاب) " ( رواه مسلم و غيره)
فهذا الحديث يعلمنا أن ندعو للأموات لا أن ندعوهم و نستعين بهم.
6. أنزل الله القرآن، ليُقرأ على من يمكنهم العمل من الأحياء ، قال تعالى: ليُـنذرَ من كان حَيا و يَحِق القولُ على الكافرين" (سورة يس)
أما الأموات فلا يسمعونه و لا يمكنهم العمل به.
اللهم ارزقنا العمل بالقرآن الكريم على طريقة الرسول صلى الله عليه و سلم.

*****

القيام الممنوع


قال صلى الله عليه و سلم : "من أحبَّ أن يتمثــّــل الناسُ له قيامًا فـلـْـيَــتبوَّأ مقعده من النار" (صحيح رواه أحمد)
و قال أنس رضي الله عنه : "ما كان شخص أحبّ إليهم من رسول الله صلى الله عليه و سلم و كانوا إذا رأوه لم يقوموا له، لما يَعلمون مِن كراهيته لذلك" (صحيح رواه الترمذي)
1. يُفهم من هذين الحديثين أن المسلم الذي يحبّ أن يقوم له الناس عند دخوله مجلسًا يتعرض لدخول النار ، و أن الصحابة رضي الله عنهم يُحبون رسول الله صلى الله عليه و سلم حبا شديدا و مع ذلك كانوا إذا رأوا الرسول صلى الله عليه و سلم داخلا عليهم لم يقوموا له لما يعلمون من كراهية الرسول صلى الله عليه و سلم للقيام له.
2. اعتاد الناس أن يقوموا لبعضهم و خاصة إذا دخل الشيخ لاعطاء الدرس أو لزيارة مكان من الأمكنة و كذا المدرس إذا دخل على الطلاب فسرعان ما يقف الطلاب احترامًا له، و الذي يمتنع عن القيام يُلام و يُوبّخ على سوء أدبه و عدم احترامه لأستاذه.
إن سكوت الشيخ أو المعلم على القيام له، أو لوم الطالبالمتخلف عن القيام يدل على حب الشيخ و المدرس للقيام و يعرضان نفسيهما لدخول النار، و لو كانا لا يحبان القيام لهما أو يكرهانه لأعلم كلٌ منهما طلابه و طلب منهم عدم القيام بعد ذلك و شرح لهم اللأحاديث الناهية عن القيام.
إن تكرار القيام للعالم أو الداخل يولد في نفس كل منهما حب القيام بحيث إذا لم يقم أحد له شعر بانزعاج و إن هؤلاء القائمين كانوا عونا للشيطان في حب القيام للقادم ، و قد قال صلى الله عليه و سلم :" و لا تكونوا عون الشيطان على أخيكم" (رواه البخاري)
3. كثير من الناس يقولون : نحن نقوم للمدرس أو الشيخ احتراما لعلمه، فنقول لهم : هل تشكون في علم رسول الله صلى الله عليه و سلم و أدب صحابته معه ، و مع ذلك لم يقوموا له ، و الاسلام لا يعتبر الاحترام بالقيام ، بل يكون بالطاعة و إمتثال الأمر و إلقاء السلام و المصافحة ، و لا عبرة بقول الشاعر شوقي :
قــُــم للمُعلـِّم وفــِّه التبجيلا * كاد المعلم أن يكون رسولا
لمخالفته قول رسول الله المعصوم صلى الله عليه و سلم الذي كره القيام ، فكان من أحبه تسْتوجب له دخول النار.
4. كثيرا ما نكون في مجلس فيدخل الغني فيقوم له الناس، و يدخل الفقير فلا يقوم له أحد فيجد في نفسه حِقداً على الغني و الجالسين لهذه المعاملة و تكون الشحناء بين المسلمين التي نهى الاسلام عنها و كان سببها القيام ، و قد يكون هذا الفقير الذي لا يقوم الناس له أفضل عند الله من ذلك الغني المُـقام له ، لقوله تعالى: "إن أكرمكم عند الله أتقاكم" (سورة الحجرات).
5. قد يقول قائل : إذ لم نقم للرجل الداخل فربما وجد في نفسه شيئا على الجالسين ، فنقول له : نشرح لهذا القادم أن محبته في قلوبنا و أننا نقتدي برسول الله الذي يكره القيام له و بصحابته الذين لم يقوموا له ، و نحن نكره للقادم دخول النار.
6. قد تسمع من بعض المشايخ يقولون إن حسان شعر الرسول صلى الله عليه و سلم يقول : "قيام العزيز عليَّ فرض" فهذا غير صحيح.
و ما أحسن قول تلميذ ابن بطة الحنبلي:
و إذا صحَّت الضمائر منا * اكتفينا أن نتعب الأجساما
لا تــكلف أخاك أن يتــلقا * ك بما يستحِل فيك الحراما
كلنا واثــق بوُدِّ مُصافــيه * ففيم انزعاجنا و علامَ ؟
*****

القيام المطلوب و المشروع


لقد وردت الأحاديث الصحيحة و أعمال من الصحابة تدل على جواز القيام إلى القادم ، تعالوا معنا لنفهم هذه الأحاديث:
1. كان صلى الله عليه و سلم يقوم إلى ابنته فاطمة إذا دخلت عليه و تقوم إليه إذا دخل عليها و هذا جائز و مطلوب لأنه قيام إلى الضيف لملاقاته و إكرامه ، لقوله صلى الله عليه و سلم: "مَن كان يُؤمن بالله و اليوم الآخر فليكرم ضيفه" (متفق عليه) و القيام يكون من صاحب البيت فقط .
2. "قوموا إلى سيدكم" (متفق عليه) و رواية "فأنزلوه" سبب ورود هذا الحديث أم سعدًا رضي الله عنه كان جريحا ، و طلبه الرسول صلى الله عليه و سلم ليحكم في اليهود فركب حمارا فلما وصل قال للأنصار :"قوموا إلى سيدكم فأنزلوه" فقاموا إليه فأنزلوه ، و هذا القيام مطلوب لمساعدة سعد سيد الأنصار رضي الله عنه و هو جريح على ظهر الحمار لئلا يقع ، و لم يقم الرسول صلى الله عليه و سلم و بقية الصحابة.
3. ورد أن الصحابي كعب بن مالك حينما دخل المسجد و الصحابة جالسون فقام إليه طلحة وحده مُهرولاً ليبشره بقبول توبته بعد أن تخلف عن الجهاد ، و هذا القيام جائز لاحخال السرور على رجل حزين : و بشارته بالتوبة عليه من الله تعالى.
4. القيام إلى القادم من سفر لمعانقته.
5. نلاحظ أن هذه الأحاديث كلها جاءت بلفظ : "إلى سيدكم ، إلى طلحة ، إلى فاطمة" و هي تدل على جواز القيام بعكس الأحاديث المانعة من القيام ، فقد جاءت بلفظ : "له" ، و الفرق كبير بين قام إليه (أي أسرع إلى مساعدته أو إكرامه) و بين قام له (أي قام واقفا في مكانه للتعظيم).
الأحاديث الضعيفة و الموضوعة



الأحاديث المنسوبة للرسول صلى الله عليه و سلم منها الصحيح و الحسن و الضعيف و الموضوع ، و قد ذكر الامام مسلم في مقدمة كتابه ما فيه تحذير من الضعيف:"باب النهي عن الحديث بكل ما سمع" مستدلاً بقوله صلى الله عليه و سلم :"كفى بالمرء كذبا أن يُحدِّث بكل ما سمع" (رواه مسلم)
و ذكر الامام النووي في شرحه لمسلم : "باب النهي عن الرواية عن الضعفاء" مستدلا بقوله صلى الله عليه و سلم : "سيكون في آخر الزمان ناسٌ من أمتي يُحدثونكم بما لم تسمعوا أنتم و لا آباؤكم فإياكم و إياهم" (رواه مسلم)
قال الامام ابن حبان في صحيحه : "فصل ذكرإيجاب دخول الار لمن نسب شيئا إلى المصطفى صلى الله عليه و سلم و هو غير عالم بصحته" ثم ساق بسنده قوله صلى الله عليه و سلم : "من قال عليَّ ما لم أقل فليتبوَّأ مقعده من النار" (حسن رواه أحمد)
و قد حذر الرسول صلى الله عليه و لسم من الأحاديث الموضوعة فقال : "مَن كذبَ عليّ متعمدا فليتبوَّأ مقعده من النار" (متفق عليه)
و مع الأسف نسمع كثيرا من المشايخ يُحدث بها تأييدا لمذهبه و معتقده ، من هذه الأحاديث : "اختلاف أمتي رحمة".. قال العلامة ابن حزم : ليس بحديث بل هو باطل مكذوب لأنه لو كان الاختلاف رحمة لكان الاتفاق سخطاً ، و هذا ما لا يقوله مسلم .
و من الأحاديث المكذوبة "تعلموا السحر و لا تعملوا به" و قولهم "لو اعتقد أحدكم في حجر لنفعه" و غيرها من الأحاديث الموضوعة .
و أما الحديث المنتشر الآتي : "جنـِّبوا مساجدكم صبيانكم و مجانينكم" قال ابن حجر : ضعيف ، و قال ابن الجوزي لا يصح، و قال عبد الحق لا أصل له .
لقد ثبت في الحديث الصحيح و هو قوله صلى الله عليه و سلم : "علــِّموا أولادكم الصلاة و هم أبناء سبع و اضربوهم عليها و هم أبناء عشر" (صحيح رواه البزار و انظر صحيح الجامع)
و التعليم يكون في المسجد كما علــَّـم الرسول أصحابه الصلاة و هو على المنبر و الصبيان كانوا في مسجد الرسول صلى الله عليه و سلم حتى غير المميزين.

1. لا يكفي أن نقول في آخر الحديث : "رواه الترمذي أو غيره" لأنه يروي أحيانا أحاديث غير صحيحة ، فلا بد من ذكر درجة الحديث : "صحيح ، حسن ، ضعيف".
أما قولنا : "رواه البخاري أو مسلم" فيكفي لأن أحاديثهما صحيحة.

2. إن الحديث الضعيف لم تثبت نسبته للرسول صلى الله عليه و سلم لوجود علة في سنده أو متنه ، و إن أحدنا لو نزل السوق و رأى لحما سمينا و ضعيفا فيأخذ السمين و يترك الضعيف، و قد أمرنا الاسلام أن نأخذ الذبيحة السمينة في الأضحية و نترك الضعيفة الهزيلة ، فكيف يجوز الأخذ بالحديث الضعيف في الدين و لا سيما عند وجود الصحيح ؟ و نص علماء الحديث على أن الحديث الضعيف لا يقال فيه قال رسول الله التي هي للصحيح ، بل يقال رُوي بصيغة المجهول للتفريق بينهما .

3. يرى بعض العلماء المتأخرين جواز الأخذ بالحديث الضعيف بشروط :
- أن يكون في فضائل الأعمال.
- أن يندرج تحت أصل صحيح من السنة .
- أن لا يشتد ضعفه.
- أن لا يعتقد عند العمل به ثبوته.
و الناس اليوم لا يتقيدون بهذه الشروط إلا ما ندر.



*****

نماذج من الأحاديث الموضوعة



1. "إن الله قبض قبضة من نوره فقال لها كوني محمدا" (موضوع)
2. "أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر" (موضوع)
3. "توسلوا بجاهي" (لا أصل له)
4. "مَن حجّ و لم يزرني فقد جافاني" (قال بوضعه الحافظ الذهبي)
5. "الكلام في المسجد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب" (قال الحافظ العراقي لا أصل له)
6. "عِلمه بحالي يكفي عن سؤالي" (قال ابن تيمية موضوع)
7. "حب الوطن من الإيمان" (موضوع كما قال الأصفهاني)
8. "عليكم بدين العجائز" (موضوع لا أصل له)
9. "مَن عرف نفسه فقد عرف ربّه" (لا أصل له)
10. "كُنتُ كازاً مخفياً" (لا أصل له)
11. "لما اقترف آدم الخطيئة قال يارب أسألك بحق محمد لمَّا غفرت لي .." (موضوع)
12. الناس كلهم موتى إلا العالمون ، و العالمون كلهم هلكى إلا العاملون، و العاملون كلهم غرقى إلا المخلِصُون ، و المخلصون على خطر عظيم" (موضوع)




*****

كيف نزور القبور ؟



قال صلى الله عليه و سلم : "إني كنت نهيتكم عن زيارة القبور ، فزوروها لتذكركم زيارتها خيراً" (صحيح رواه أحمد)

1. يُسن السلام على الأموات و الدعاء لهم عند الدخول ، فقد علم الرسول أصحابه أن يقولوا : "السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين ، و إنا إن شاء الله بكم لاحقون ، أسأل الله لنا و لكم العافية (أي من العذاب)" (رواه مسلم)

2. عدم الجلوس على القبر و عدم وطئه ، لقوله صلى الله عليه و سلم : "لا تـُصلوا إلى القبور و لا تجلسوا عليها" (رواه مسلم)

3. عدم الطواف حول القبر بنية التـقرب . لقوله تعالى : "و ليطوفوا بالبيت العتيق (الكعبة)" (سورة الحج)

4. عدم قراءة شيء من القرآن في المقبرة لقوله صلى الله عليه و سلم : " لا تجعلوا بيوتكم مقابر فإن الشيطان ينفر من البيت الذي تـُقرأ فيه سورة البقرة" (رواه مسلم)
و هذه إشارة إلى أن القبور ليست محلاً للقرآن بعكس البيت ، و الأحاديث الواردة في القراءة على القبور غير صحيحة .

5. أما طلب المدد و العون من الميت ، و لو كان نبياً أو ولياً ، فهو من الشرك الأكبر ، لقوله تعالى : " و لا تدعُ من دون الله ما لا ينفعك و لا يضرك فإن فعلتَ فإنك إذاً من الظالمين( أي المشركين)"(سورة يونس)

6. عدم وضع أكاليل الزهور و حملها لوضعها على قبر الميت لأنه تشبه بالنصارى ، و إضاعة للمال فيما لا فائدة فيه ، و لو أعطي المبلغ للفقراء صدقة للميت لاستفاد الميت و الفقراء.

7. لا يجوز البناء على القبر أو كتابة شيء من القرآن أو الشعر عليه للنهي الوارد في الحديث "نهى عن تجصيص القبر و أن يُبنى عليه" ، و يكتفي بوضع حجر بارتفاع شبر ليعرف القبر ، كما فعل الرسول صلى الله عليه و سلم عندما وضع حجرا على قبر عثمان بن مظعون و قال : " أتعلـّم على قبر أخي" (رواه لأبو داود بالسناد حسن)



*****

التقليد الأعمى



قال الله تعالى : "و إذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله و إلى الرسول ، قالوا حسبُنا ما وجدنا عليه آباءنا ، أو لو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا و لا يهتدون" (سورة المائدة)

1. يخبرنا الله عن حال المشركين حينما قال لهم الرسول صلى الله عليه و سلم : تعالوا إلى القرآن و توحيد الله و دعائه وحده، فقالوا يكفينا عقيدة الآباء، فرد عليهم القرآن قائلا إن آباءكم جهال لا يعلمون شيئا و لم يهتدوا إلى طريق الحق .

2. إن كثيرا من المسلمين وقعوا في هذا التقليد الأعمى ، فقد سمعت أحد الدعاة يخطب في محاضرة قائلا : هل كان آباؤكم يعلمون أن الله له يد ؟ يحتج بآبائه على الانكار ! مع أن القرآن أثبت ذلك في قوله تعالى عن خلق آدم : "ما منعك أن تسجد لما خلقت بيديَّ" (سورة ص)
و لا تشبه يدُه يدَ مخلوقاته. لقوله تعالى : "ليس كمثله شيء و هو السميع البصير" (سورة الشورى)

3. و هناك نوع آخر من التقليد الضار ، هو تقليد الكفار في الفجور و السفور و اللباس الضيق ، و ليتنا قلدناهم في المخترعات النافعة كصنع الطائرات و غيرها مما يفيدنا.

4. كثير من الناس تقول له : قال الله ، قال رسوله، قيقول قال الشيخ !! ألم يسمعوا قوله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا لا تـُقدِّموا بين يدي الله و رسوله" (سورة الحجرات)
أي لا تقدموا قول أحد على قول الله و رسوله.
و قال ابن عباس : أراهم سيهلكون ! أقول قال النبي صلى الله عليه و سلم و يقولون : قال أبو بكر و عمر (رواه أحمد و غيره و صححه أحمد شاكر)
و قال الشاعر يُنكر على المحتجين بكلام شيوخهم :
أقول قال الله قال رسوله * فتجيب شيخي إنه قد قال



*****


لا ترُدّوا الحق



1. لقد أرسل الله الرسل للناس ، و أمرهم بالدعوة إلى عبادة الله و توحيده و لكن أكثر الأمم كذبوا الرسل ، و ردوا الحق الذي دُعوا إليه و هو التوحيد فكان عاقبتهم الدمار.

2. قال صلى الله عليه و سلم : "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثـقالُ ذرة من كِبر. ثم قال: الكِبْرُ بَــَطرُ الحق و غـَـمْـــُط الناس" (رواه مسلم)
بَــَطرُ الحق : رَدُّ الحق
غـَـمْـــُط الناس : احتقارهم.
فعلى هذا لا يجوز للمؤمن أن يَرُدَّ الحق و النصيحة حتى لا يتشبه بالكفار و حتى لا يقع في الكِبْر الذي يمنع صاحبه دخول الجنة ، فالحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها التقطها.

3. و لهذا يجب قبول الحق من أي إنسان كان ، حتى من الشيطان، فقد ورد أن الرسول صلى الله عليه و سلم وضع أبا هريرة حارساً على بيت المال ، فجاء سارق ليسرق فقبض عليه أبو هريرة فجعل السارق يرجوه و يشكو ضعفهفتركه ، ثم عاد مرة ثانية، و ثالثة ، فقبض عليه و قال له : لأرفعنك إلى رسول الله ، فقال : دعني فإني أعلمك آية من القرآن إذا قرأتها لا يقربك شيطان قال : ما هي ؟ قال آية الكرسي ، فتركه ، و قص أبو هريرة على الرسول ما رأى ، فقال له الرسول صلى الله عليه و سلم : أتدري من تكلم ؟ إنه شيطان ، صدقك و هو كذوب (رواه البخاري)




*****



عقيدة المسلم


إن كان تابعُ أحمدٍ (1) متوهّبا * فأنا المقِرُّ بأنني وهَّابي(2)
أنفي الشريك عن الإلهفليسَ لي * ربٌّ سوى المتفردِ و الوهاب
لا قبة تــُرجى و لا وثنٌ و لا *قبرٌ له سببٌ من الأسباب
كلا و لا حجر و لا شجر و لا * عين (3) و لا نــُــصُـبٌ من الأنصاب
أيضا و لستُ مُعلقا لتميمة (4)* أو حلقة أو وَدعة أو ناب
لِرجاء نفع أو لدفع بليّةٍ * الله ينفعني و يدفع ما بي
و الابتداع و كل أمر مُحدثٍ * في الدين ينكره أولوا الألباب
أرجو بأني لا أقاربُه و لا * أرضاه دينا و هو غير صواب
وأعود من جهمية (5) عنها عتتْ * بخلاف كل مؤَوِّل مُرتاب
و الاستواء (6) فإن حسبي قدوة * فيها مَقال السادة الأنجاب
الشافعي و مالك و أبي حنيـ * ـفـَة و ابن حنبل التقي الأواب
و بعصرنا من جاء معتقدا به * صاحوا عليه مُجَسّم وهّابي
جاء الحديث بغربة الإسلام فـَـلـْ * ـيـَـبْكِ المحب لِغربة الأحباب
فالله يحمينا و يحفظ ديننا * مِن شـَرّ كل مُعاندٍ سَبَّاب
و يُؤَيِّد الدين الحنيف بعصبة * مُتمسكين بسنة و كتاب
لا يأخذون برأيهم و قياسهم * و لهم إلى الوحْيَين خير مآب
قد أخبر المختار عنهم أنهم * غـُرباءُ بين الأهل و الأصحاب
سلكوا طريق السالكين إلى الهُدى * و مشوا على مِنهاجهم بصواب
من أجل ذا أهلُ الغــُـلـُوِّ تـنافروا * عنهم فقلنا ليس ذا بعُجاب
نفر الذين دعاهم خيرُ الورى * إذ لقبوه بساحر كذاب
معَ علمهم بأمانة و ديانة * فيه و مكرمة ، و صدق جواب
صلى عليه الله ما هبَّ الصبا * و على جميع الآل و الأصحاب





الشيخ مُلا عُمران




الشاعر : مُلاَّ عمران : كان شيعيا فهداه الله إلى طريق السنة و الجماعة فقال هذه القصيدة التي فيها التوحيد الذي دعا إليه الله و رسوله و الأئمة الأربعة رضوان الله عليهم.

_____________________________
(1) المراد بتابع أحمد هوالرسول صلى الله عليه و سلم
(2) الوهابي هو الذي ينتسب إلى الوهاب و هو الله تعالى
(3) عين ماء يغتسلون بها للتبرك و الشفاء
(4) التميمة : الخرزة و نحوها و توضع للحماية من عين
(5) الجهمية : فرقة ضالة تنكر أن الله في السماء ، و تقول إن الله في كل مكان.
(6) الاستواء : هو العلو و الارتفاع كما فسّره التابعي مجاهد في البخاري






تم نشر الكتاب في مكتبة المشكاة و لله الحمد

http://www.almeshkat.net/books/open....t=10&book=2397

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 04 Nov 2007, 09:01 PM
أبو نعيم إحسان أبو نعيم إحسان غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
المشاركات: 1,898
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو نعيم إحسان
افتراضي

بارك الله فيك

و أرجو ان تختار المنتدى المناسب أخي الكريم , و جزاك الله خيرا
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أحكام الأضحية والمضحي "من فتاوى العلماء" " مطوية" أبوعبدالقادرالوهابي الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام 1 12 Dec 2007 10:04 PM
الفرق الناجية المنصورة kahled الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام 1 04 Dec 2007 04:49 PM
حكم مناداة الوالدين بلفظة "ماما" و "بابا" أم جهان الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام 0 29 Nov 2007 05:17 PM
. . "من نوقش الحساب عُذّب" . . "فسوف يحاسب حساباً يسيرا" !! أبو أنس عبد الهادي الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام 3 05 Nov 2007 09:46 PM


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013