منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 08 Dec 2010, 03:16 PM
أبو عبد الله هيثم فايد أبو عبد الله هيثم فايد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2010
الدولة: مـصـر EgYpT
المشاركات: 39
افتراضي شرح حديث: لو أن الله عذب أهل سماواته وأهل أرضه

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إن الحمد لله, نحمده, ونستعينه, ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا, ومن سيئات أعمالنا.

من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

أما بعد:

فهذا تفريغ لشرح حديث: "لو أن الله عذب أهل سماواته وأهل أرضه..." لفضيلة الشيخ/ محمد سعيد رسلان -حفظه الله- والله أسأل الإخلاص والقبول:


شرح حديث: لو أن الله عذب أهل سماواته وأهل أرضه


الحمد لله رب العالمين, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، هو يتولى الصالحين, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- صلاة وسلاما ًدائمين متلازمين إلى يوم الدين أما بعد:

فلابد من الإيمان بالقدر على هذا النهج السوي والمنهج المرضي ومن لم يؤمن به لا يُقبل منه عمل، وإن عمل ما عمل، من لم يؤمن بالقدر على هذا النحو فهو ضال مبتدع، ولا يُقبل منه عمل وجزاؤه ما سيذكره الرسول صلى الله عليه وسلم.

أخرج الإمام أحمد وأبو داود وابن أبي عاصم في السنة والحاكم في المستدرك وابن ماجة واللفظ له والحديث حديث صحيح ثابت: قال ابن الديلمي: وقع في نفسي شيء من هذا القدر فخشيت أن يفسد علي ديني وأمري فأتيت أُبي بن كعب فقلت يا أبا المنذر إنه قد وقع في نفسي شيء من هذا القدر فخشيت على ديني وأمري فحدثني من ذلك بشيء لعل الله أن ينفعني به، فقال –أي: أُبي رضي الله عنه- : "لو أن الله عذب أهل سماواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالمٍ لهم ولو رحمهم لكانت رحمته خيراً لهم من أعمالهم ولو كان لك مثل جبل أُحد ذهباً أو مثل جبل أُحد تنفقه في سبيل الله ما قُبل منك حتى تؤمن بالقدر، لو كان لك مثل جبل أُحد ذهباً لم يقبل منك حتى تؤمن بالقدر, فتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك وأنك إذا مت على غير هذا دخلت النار".

فلابد فلابد من الإيمان بالقدر على هذا المنهج المرضي والنهج السوي، ومن لم يأتِ بهذا الإيمان بالقدر خيره وشره وهو الركن السادس من أركان الإيمان كما في حديث جبريل وغيره فإنه يدخل النار، ولا يكون من أتباع النبي المختار صلى الله عليه وعلى آله وسلم فيما جاء به من عند ربه، قال أٌبي لابن الديلمي: ولا عليك أن تأتي أخي عبد الله بن مسعود فتسأله, قال: فأتيت عبد الله بن مسعود فسألته فذكر مثل ما قال أٌبي وقال لي –يعني: عبد الله- لا عليك أن تأتي حذيفة فأتيت حذيفة فسألته فقال مثل ما قالا وقال إئت زيد بن ثابت فاسأله فأتيت زيد بن ثابت فسألته فقال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فصرح بالرفع، وكان قبل موقوفاً في حكم المرفوع أما هنا فقد صرح بالسماع من رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول: "لو أن الله عذب أهل سماواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالمٍ لهم ولو رحمهم لكانت رحمته خيراً لهم من أعمالهم، ولو كان لك مثل أُحد ذهباً أو مثل جبل أحد ذهباً تنفقه في سبيل الله ما قبله منك حتى تؤمن بالقدر كله, فتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك وأنك إذا مت على غير هذا دخلت النار".

النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول في هذا الحديث الثابت الصحيح وقد رواه عنه جمع من الصحابة كأُبي وعبد الله بن مسعود وحذيفة وزيد بن ثابت -رضى الله تبارك وتعالى عنهم- جميعاً يروون عن النبي صلى الله عليه وسلم فهؤلاء أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- وكلهم أجمعوا على هذا: "لو أن الله عذب أهل سماواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالمٍ لهم ولو رحمهم لكانت رحمته خيراً لهم من أعمالهم، يقول في آخر الحديث وأنك إن مت على غير هذا دخلت النار". هذا الحديث فيه أن الله تعالى لو عذب أهل السماوات والأرض لعذبهم وهو غير ظالمٍ لهم.

المعتزلة يردُّون هذا الحديث أصلاً والأشاعرة يجوزون أن يعذب الله عز وجل الناس من غير سبب لأنهم لا حكمة عندهم ولا تعليل لأفعال الله تعالى يفعل كما يدعون ما يشاء بدون علة وبدون سبب فلا يثبتون الحكمة ولا يقولون بالتعليل. هذا من شأن الأشاعرة، وأما المعتزلة فيردون هذا الحديث وما على شاكلته من الأحاديث أصلاً.

وهذا الحديث: أهل الحديث لا يفسرونه بهذا ولا بهذا, لا بالذي ذهب إليه المعتزلة ولا بالذي ذهب إليه الأشاعرة, بل يفسرونه بعظم معرفتهم لربهم جل وعلى وخشيتهم له ومعرفتهم بحقوقه.

فيقول أئمة أهل السنة: إن أهل السموات وأهل الأرض إنما قاموا برحمة الله عز وجل فما فيهم حركة ولا حياة ولا شأن إلا وفي كل من ذلك فضل من الله ورحمة ونعمة أفاضها عليهم بها قامت حياتهم وبها استقاموا كما قال تعالى: {وما بكم من نعمة فمن الله}، فمن حق الله تبارك وتعالى على هذا العبد الذي جعل النعم عليه متواترة على هذا النحو في كل حركة وسكنة وفي كل انبعاث وسكون وتثبط وثبوطه، الذي جعل ذلك كذلك واصل إليه على هذا النحو من حق الله تبارك وتعالى على هذا العبد المُكلف الذي لا تطرف له عين إلا بنعمة ولا يأكل إلا بنعمة ولا يتنفس إلا بنعمة ولا يتعلم إلا بنعمة ولا يخطو ولا ينظر ولا يتكلم ولا يفرح إلا بنعمة إلى نِعَمٍ لا تعد ولا تحصى، من حق الله تعالى أن يقابل العبد كل نعمة بشكر يقابل تلك النعمة، فهل تسع الحياة هذا ؟!، لا تسع، فلو حاسب الله أهل السموات وأهل الأرض على حقيقة شكر ما أنعم به عليهم لَما قامت حيلة العبد ولَما قام إيمانه، بل التوبة والاستغفار وقبول ذلك –يعني: قبول الاستغفار والنعمة بالمتاب على العبد المُذنب المستغفر– كل ذلك نعمة من الله تعالى, فلو عذب الله أهل سماواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالمٍ لهم لا يقومون بشكر نعمه عليهم تبارك وتعالى.

قال شيخ الإسلام -رحمه الله- في منهاج السنة: في الصحيح عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله، قالوا ولا أنت يا رسول الله؟، قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل"، وفي الحديث الذي رواه أبو داود وغيره: "لو أن الله عذب أهل سماواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالمٍ لهم ولو رحمهم لكانت رحمته خيراً لهم من أعمالهم".

قال شيخ الإسلام: وهذا يقال لأجل المناقشة في الحساب والتقصير في حقيقة الطاعة وهو قول من يجعل الظلم مقدوراً له تعالى ولكنه غير واقع وقد يقال بأن الظلم لا حقيقة له لأنه إنما يتصرف ويحكم فى خَلقِه وخَلقُه ملكه، فيقول شيخ الإسلام: وقد يقال بأن الظلم لا حقيقة له وأنه مهما قدر من الممكنات لم يكن ظلماً، قال: والتحقيق -يعني: الذي عليه أهل العلم والمعرفة من أهل السنة- والتحقيق أنه إذا قُدر أن الله فعل ذلك فلا يفعله إلا بحق، لا يفعله وهو ظالم سبحانه، ولكن إذا لم يفعله فقد يكون ظلماً يتعالى الله تبارك وتعالى عنه، فهذا كلام شيخ الإسلام –رحمه الله- في توجيه هذا الحديث العظيم وقال في مجموع الفتاوى والحديث الذي في السنن: "لو عذب الله أهل سماواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالمٍ لهم، ولو رحمهم لكانت رحمته لهم خيراً من أعمالهم‏".‏ يتبين من هذا الحديث ويُبين هذا الحديث أن العذاب لو وقع لكان لاستحقاقهم ذلك، لا لكونه بغير ذنب منهم أصلاً، بل لاستحقاقهم ذلك، وهذا يبين أن من الظلم المنفي عقوبة من لم يذنب "إني حرمت الظلم على نفسي" {إن الله لا يظلم الناس شيئاً}, فنفى الله رب العالمين الظلم عن نفسه، وكما هو معلوم في الصفات السلبية: إنما تذكر تلك الصفات المنفية لا من أجل محض النفي وإنما لإثبات كمال الضد، فهو سبحانه وتعالى لا يظلم لكمال عدله لأن محض النفي لا يكون كمالاً، تقول الجدار لا يظلم لأنه محل غير قابل لظلم وعدل يقع منه، وأيضاً تقول قُبيلة لا يغدرون بذمة ولا يظلمون الناس حبة خردل، فلا يظلمون ها هنا لعدم قدرتهم على الظلم, فعدم وقوع الظلم لا يعد كمالاً إلا عند ثبوت كمال العدل وذلك ما هو متصفٌ به جل وعلا.

فيقول شيخ الاسلام: إن من الظلم المنفي عقوبة من لم يذنب, فعقوبة من لم يذنب أصلاً عقوبة من لم يذنب هذا من الظلم الذي نفاه الله رب العالمين عن نفسه.

وقال الشيخ محمد صالح العثيمين –رحمه الله- معنى الحديث: أن الله لو عذب أهل سماواته وأهل أرضه لعذبهم وهم مستحقون للعذاب وهو غير ظالم سبحانه ومتى يستحقون –يعني: وقوع العذاب عليهم– إذا خالفوا في ترك الطاعة وإذا فعلوا المعصية. قال ذلك في شرح السفارينية.

فليس في الحديث مُتعَلق لنفاة الحكمة كالأشاعرة ومن لفّ لفّهم، بل الحديث في سياقه يثبت الحكمة وينفي الظلم، وحق الله تعالى على أهل السماوات وأهل الأرض أن يُطاع فلا يُعصى، وأن يُذكر فلا يُنسى، وأن يُشكر فلا يُكفر، وأن تكون قوة الحب والإنابة والتوكل والخشية والمراقبة والخوف والرجاء، يكون جميع ذلك متوجهاً إليه -تبارك وتعالى- ومتعلقاً به جل وعلا.

قال الإمام البربهاري -رحمه الله- في شرح السنة: واعلم أنه لا يدخل الجنة أحد إلا برحمة الله، ولا يعذب الله أحداً إلا بذنوبه بقدر ذنوبه، ولو عذب الله أهل السماوات وأهل الأراضين برَّهم وفاجرهم عذبهم غير ظالم لهم، لا يجوز أن يقال لله تبارك وتعالى إنَّه ظالم -سبحانه وتعالى- إنَّما يظلم من يأخذ ما ليس له والله جل ثناؤه له الخلق والأمر, الخلق خلقه والدار داره لا يُسأل عمَّا يفعل وهم يُسألون, ولا يقال لِمَ ولا كيف لا يدخل أحد بين الله وخلقه، لا يدخل أحد بين الله وخلقه، لا يدخل أحد بين الله وخلقه، فلا يقال لِمَ ولا يقال كيف, لا يدخل أحد بين الله وخلقه.

قال الإمام ابن القيم –رحمه الله تعالى– في الداء والدواء: لم يقدر الله حق قدره من قال إنه يجوز أن يعذب الله أولياءه ومن لم يعصه طرفة عين ويدخلهم دار الجحيم وأنه يجوز أن ينعم أعداءه ومن لم يؤمن به طرفة عين ويدخلهم دار النعيم, ما قدر الله حق قدره من قال هذا، ومن قال إن كلا الأمرين بالنسبة إليه تعالى سواء وإنما الخبر المحض جاء عنه بخلاف ذلك، فمعناه للخبر –يقولون هذا- يقولون الذين لا يقدرون الله حق قدره إن الخبر المحض جاء عن الله تعالى بخلاف ذلك فمعناه للخبر لا لمخالفة حكمته وعدله, وقد أنكر الله سبحانه في كتابه عن من جَّوز عليه ذلك غاية الإنكار وجعل الحكم به من أسوأ الأحكام, قال تعالى: {أفنجعل المسلمين كالمجرمين . ما لكم كيف تحكمون} وقال تعالى: {أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون . وخلق الله السماوات والأرض بالحق ولتجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون}، فهذا من الحق الذي أقام الله رب العالمين عليه خلق السماوات والأرض, أن تجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون، وقال تعالى: {وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلاً ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النارأم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار}، فهذا كما ترى نفاه الله رب العالمين، والله رب العالمين يفعل ما يشاء، ويحكم بما يريد، وليس في الحديث الذي هو في السنن وعند ابن أبي عاصم وأخرجه الحاكم في المستدرك وهو حديث صحيح: أن الله تبارك وتعالى لو عذب أهل سماواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالمٍ لهم ولو رحمهم لكانت رحمته خيراً لهم من أعمالهم، ليس في هذا الحديث مُتعَلق لا للمعتزلة الذين يردون هذا أصلاً الذين يردون هذا الحديث وأمثاله ولا للأشاعرة الذين ينكرون الحكمة ولا يثبتونها لله رب العالمين ولا يثبتون التعليل، ويقولون إنه يفعل ما يفعل لا لحكمة ولا لسبب، ليس في الحديث مُتعَلق لا لهؤلاء ولا لهؤلاء وأقوال أهل السنة على النحو الذي مر.

نسأل الله رب العالمين أن يحققنا بالإيمان الصحيح وأن يجعلنا قائمين عليه مُتحَلين به ثابتين عليه وأن يقبضنا عليه إنه على كل شيء قدير.
نسأله جلت قدرته وتقدست أسماؤه أن يختم لنا بخير، إنه على كل شيء قدير، وأن يجعل آخر كلامنا من الدنيا لا إله إلا الله إنه على كل شيء قدير.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم.



قام بتفريغ المادة:
الفقير إلى ربِ العالمين
أبو عبد الله هيثم فايد
_______________


لحفظ المادة: MP3 وأيضاً: RM

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 08 Dec 2010, 06:55 PM
معبدندير معبدندير غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2007
الدولة: الجزائر العاصمة الولاية
المشاركات: 2,034
إرسال رسالة عبر MSN إلى معبدندير إرسال رسالة عبر Skype إلى معبدندير
افتراضي

بارك الله فيكم
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 10 Dec 2010, 11:34 PM
أبو عبد الله هيثم فايد أبو عبد الله هيثم فايد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2010
الدولة: مـصـر EgYpT
المشاركات: 39
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة معبدندير مشاهدة المشاركة
بارك الله فيكم


وفيكم بارك الله, وجزاكم الله خيراً
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
لوأن, الرسلان, حديث, شرح

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013