منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 07 Feb 2013, 02:02 PM
عبد العزيز بوفلجة عبد العزيز بوفلجة غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2011
المشاركات: 227
افتراضي صورة الإجماع المنعقد في باب الاعتقاد

بسم الله الرحمن الرحيم

صورة الإجماع المنعقد في باب العقيدة

الحمد لله أولا وآخرا, ظاهرا وباطنا, وأصلي وأسلم على نبينا محمد, وعلى آله وصحبه, ومن سلك مسلكهم, واقتفى طريقتهم إلى يوم الدين, أما بعد:
فمما هو معلوم لدى طلاب الشريعة أن باب الاعتقاد توقيفي, لأنه غيب, فلا يجوز التقدم بين يدي الله ورسوله في إثبات أمر أو نفيه, مما يتعلق بمسائل الاعتقاد, فالأصل في هذا الباب هو الكتاب والسنة, فهما وحي الله تعالى إلى رسوله صلى الله عليه وسلم.
ثم هاهنا مصدر ثالث من مصادر الاعتقاد: وهو الإجماع, والمقصود به إجماع أئمة السلف, وإجماع أهل العلم المعتبرين, فهذا الأصل مما اتفق أهل السنة والجماعة على ثبوته, والاعتماد عليه في مسائل الاعتقاد, وأدلة ذلك من القرآن والسنة وكلام سلف الأئمة.

فمن القرآن: قوله تعالى: (واتبع سبيل من أناب إلي) لقمان(15).
يقول ابن القيم: (وكل من الصحابة منيب إليه, فيجب اتباع سبيله, وأقواله واعتقاداته من أكبر سبيله). إعلام الموقعين(4/168).

وأما من السنة: فعن ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله لا يجمع أمتي على ضلالة) أخرجه الترمذي رقم(2167), صححه العلامة الألباني.

ومن أقوال أهل العلم:
يقول ابن تيمية: (والإجماع هو الأصل الثالث الذي يعتمد عليه في العلم والدين) مجموع الفتاوى(3/157).

فهذه إشارة يسيرة إلى وجوب الاعتماد على الإجماع في باب الاعتقاد, وليس هذا المقصود من البحث, وإنما المقصود هو بيان صورة هذا الإجماع وحقيقته.

فمما هو متقرر -كما سبق الإشارة إليه- أن مسائل الاعتقاد أمور غيبية, فلا بد فيها من نص من القرآن والسنة, فلا يجوز إحداث شيء من كلام البشر فيما يتعلق بالخبر عن الله تعالى, وعن الجنة والنار, وأمثال ذلك, والإجماع إنما هو من كلام البشر, فكيف يكون الإجماع إذا مصدرا من مصادر الاعتقاد؟.

فالجواب: هو أن انعقاد الإجماع في باب الاعتقاد له صور, وكلها لا تخرج عن الكتاب والسنة؛ إذ أن مستنده هو ذينك الأصلين, ومن أبرز صوره صورتان -فيما يظهر والله وأعلم-:

أحدهما: وهو أن يكون الإجماع المحكي عن السلف إنما هو في تأكيد ما ثبت في الكتاب والسنة, لفظاً ومعنىً؛ كأن يحكى الإجماع على ثبوت الاستواء لله عزوجل, وأن الله متصف بصفة الكلام, وأن له وجه, ويدين, وأمثال ذلك مما ورد في القرآن والسنة, وأكثر ألفاظ الإجماع حكاية هو من هذا النوع.
قال الإمام إسحاق بن راهويه رحمه الله: ((الرحمن على العرش استوى): إجماع أهل العلم أنه فوق العرش استوى, ويعلم كل شيء في أسفل الأرض السابعة). انظر: درء التعارض(6/260), والعلو للذهبي(2/1128).
وهذا النوع أمثلته كثيرة, معلومة مشهورة, مسطورة في كتب السلف والأئمة, لكن قد يقول قائل: إذا كان ذلك ثابث بالكتاب والسنة, فما الحاجة والداعي إلى حكاية الإجماع في ذلك؟.
فالجواب -والله أعلم-: أن كثيرا من أهل الأهواء والبدع, لا تطمئن قلوبهم لما نزل به الله عزوجل من الحق, بل إنما يطمئنون لكلام البشر, وهذا حال من إذا تليت عليهم آيات الرحمن زادتهم نفورا, ولهذا تجد أكثر المتكلمين إنما يعظمون كلام شيوخهم وأئمتهم, فلو أتيتهم بكل آية, أو حديث لما اطمئنت نفوسهم لذلك, لكن لو حكيت لهم إجماع أصحابهم على المسألة لفرحوا بذلك كل الفرح, ولشرقوا به وغربوا.
فحكاية إجماع السلف يكون فيه زيادة الحجة على القوم, وإن كان ما في الكتاب والسنة هو أبلغ الحجة وأعظمها, ففيه مقابلة كلام أئمتهم بكلام السلف, فيبقون في حيرة من أمرهم, وإن لم ينقادوا إلى الإجماع, فهذا الذي ظهر لي والله أعلى وأعلم, وقد يكون غير ذلك.

الثاني: وهو أن يكون حكاية إجماع السلف على المعنى دون اللفظ, فاللفظ غير موجود في الكتاب والسنة, لكن المعنى حق, وهو لازم من اللفظ المأثور, كحكاية الإجماع على أن الله عزوجل بائن من خلقه, مستو على عرشه بذاته, وأن كلام الله تعالى غير مخلوق, وأمثال ذلك.

قال الإمام أحمد لمن وقف في القرآن تورعا: (ذاك شاك في الدين؛ إجماع العلماء, والأئمة المتقدمين على أن القرآن كلام الله غير مخلوق, هذا الدين الذي أدركت عليه الشيوخ, وأدرك الشيوخ من كان قبلهم على هذا) طبقات الحنابلة لابن ابي يعلى(1/460).
فقوله رحمه الله: (كلام الله غير مخلوق) لم يرد لفظه في القرآن والسنة, وإنما هو من لوازم قيام صفة الكلام بالرب تعالى, فالله بصفاته هو الخالق, وما سواه مخلوق.
وإنما ذكر ذلك أئمة السلف لما ظهرت الجهمية المعطلة القائلين بخلق القرآن, فرد عليهم أئمة السلف, وأبطلوا مذهبهم بالقرآن والسنة والإجماع.

وقال الإمام أبو عمر الطلمنكي المالكي رحمه الله: (أجمع المسلمون من أهل السنة على أن معنى قوله: (وهو معكم أين ما كنتم) ونحو ذلك من القرآن: أنه بعلمه, وأن الله فوق السموات بذاته, مستو على عرشه كيف شاء) انظر: درء التعارض(6/250), ومختصر الصواعق(4/1284), والعلو للذهبي(2/1315).
فحكاية الإجماع على أن الله مستو على عرشه بذاته, هو من لوازم الاستواء, والمراد بذلك تحقيق الصفة؛ لأن المعطلة النفاة تسلطوا على الصفة ولوازمها, فعطلوا الرب تعالى عن ذلك, فاحتاج السلف إلى إثبات ذلك, ولا ضير في ذلك إذا كان المعنى صحيحا, وكان لازما من الصفة, فلازم الحق لا يكون إلا حقا.
ومثله أو قريب من ذلك حكاية الإجماع على أن الله عزوجل بائن من خلقه, ومرادهم بذلك تحقيق صفة العلو, والرد على المعطلة الجهمية.
قال الإمام الدارمي: (إن الأمة كلها, والأمم السالفة قبلها, لم يكونوا يشكون في معرفة الله تعالى أنه فوق السماء, بائن من خلقه) الرد على الجهمية(ص64).

وعن أبي محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم رحمه الله قال: (سألت أبي, وأبا زرعة عن مذاهب أهل السنة في أصول الدين, وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار, وما يعتدان من ذلك؟ فقالا:أدركنا العلماء في جميع الأمصار: حجازاً, وعراقاً, وشاماً, ويمناً, فكان من مذهبهم:.....
وأن الله على عرشه, بائن من خلقه, كما وصف نفسه في كتابه, وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم, لا كيف) اخرجه اللالكائي في شرح أصول الاعتقاد(2/197).

وقال الإمام ابن بطة: (وأجمع المسلمون من الصحابة والتابعين, وجميع أهل العلم من المؤمنين: أن الله تبارك وتعالى على عرشه, فوق سماوته, بائن من خلقه) الإبانة(3/136).

فهذا ما يسر الله جمعه على عجالة, فما كان من صواب فمن الله وحده, وما كان من خطأ فمن نفسي والشيطان, وأستغفر الله وأتوب إليه.

تنبيه: من بركة العلم أن ينسب إلى أهله: فهذه الصورة الثانية مما قد أشار إليها شيخنا الأستاذ الدكتور محمد بن عبد الرحمن أبو سيف الجهني في شرحه للتدمرية اليوم الخميس بعد صلاة الفجر في مسجد الجامعة الإسلامية بالمدينة, فزدتها تحريرا وإيضاحا.


أبو عبد الله بوفجلة بن عباس
المدينة النبوية


التعديل الأخير تم بواسطة عبد العزيز بوفلجة ; 07 Feb 2013 الساعة 10:23 PM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 07 Feb 2013, 02:51 PM
أبو حفص محمد ضيف الله أبو حفص محمد ضيف الله غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 435
افتراضي

جزاك الله خيرا على الفائدة القيمة .
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 07 Feb 2013, 04:50 PM
عبد الصمد بن أحمد السلمي عبد الصمد بن أحمد السلمي غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Feb 2012
الدولة: في بلد ممتدة أرجاؤه...وطيب هواءه وماؤه
المشاركات: 351
افتراضي

ما شاء الله ، تبارك الله! أخي الفاضل بوفلجة ؛ واصل ؛ وصلك الله بموفور النعمة والعافية.
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 07 Feb 2013, 10:29 PM
أبو معاذ محمد مرابط
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

جزاك الله خيرا أستاذ
نفرح بمقالاتك
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 07 Feb 2013, 10:49 PM
مصطفى قالية
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي



بارك الله فيك أخي الكريم، وزادك من فضله، موضوع جميل وفائدة قيمة.
ولي إضافة أرجو أن تنظر فيها إن كانت حقا فتوضحها أكثر إن أمكن، وهي أنك قلت بأن فائدة الإجماع مع وجود النص من الكتاب والسنة هو أن كثيرا من أهل الأهواء تطمئن نفوسهم لكلام البشر ....).
فالذي أعلمه أن من أهم فوائد حكاية الإجماع مع وجود النصوص، هو ذكر اتفاق العلماء على التسليم لنصوص ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم. هذا أولا.
إضافة إلى أن النص كما تعلم قد يكون ظني الثبوت إذا كان من السنة وقد يكون ظني الدلالة إذا كان من الكتاب أو السنة فمجيء الإجماع في مثل هذه الحالة يرفع الاحتمال الوارد، ويفيد قطعية الحكم، طبعا إذا كان الإجماع قطعيا.
ويؤكد مثلا نقل الإجماع كذلك أن النص غير منسوخ وهكذا.
قال شيخ الإسلام في المجموع (13/351): (وَإِنْ كُنَّا نَحْنُ بِدُونِ الْإِجْمَاعِ نُجَوِّزُ الْخَطَأَ أَوْ الْكَذِبَ عَلَى الْخَبَرِ فَهُوَ كَتَجْوِيزِنَا قَبْلَ أَنْ نَعْلَمَ الْإِجْمَاعَ عَلَى الْعِلْمِ الَّذِي ثَبَتَ بِظَاهِرِ أَوْ قِيَاسٍ ظَنِّيٍّ أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ فِي الْبَاطِنِ؛ بِخِلَافِ مَا اعْتَقَدْنَاهُ فَإِذَا أَجْمَعُوا عَلَى الْحُكْمِ جَزَمْنَا بِأَنَّ الْحُكْمَ ثَابِتٌ بَاطِنًا وَظَاهِرًا. وَلِهَذَا كَانَ جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ جَمِيعِ الطَّوَائِفِ عَلَى أَنَّ " خَبَرَ الْوَاحِدِ " إذَا تَلَقَّتْهُ الْأُمَّةُ بِالْقَبُولِ تَصْدِيقًا لَهُ أَوْ عَمَلًا بِهِ أَنَّهُ يُوجِبُ الْعِلْمَ... وَإِذَا كَانَ الْإِجْمَاعُ عَلَى تَصْدِيقِ الْخَبَرِ مُوجِبًا لِلْقَطْعِ بِهِ فَالِاعْتِبَارُ فِي ذَلِكَ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ كَمَا أَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي الْإِجْمَاعِ عَلَى الْأَحْكَامِ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْإِبَاحَةِ).
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 07 Feb 2013, 11:43 PM
يوسف بن عومر يوسف بن عومر غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
الدولة: الجزائر-ولاية سعيدة
المشاركات: 594
افتراضي

جزاكم الله خيرا وبارك فيكم وفي علمكم
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 08 Feb 2013, 01:09 PM
عبد العزيز بوفلجة عبد العزيز بوفلجة غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2011
المشاركات: 227
افتراضي

بارك الله في الإخوة الأفاضل جميعا, ووفقني وإياهم للعلم النافع, والعمل الصالح, إنه جواد كريم.

أما فيما يخص إضافة الأخ الفاضل مصطفى قالية وفقه الله لكل خير:

فأقول وبالله أستعين: إن ما ذكرته جيد, وأنا أوافقك على ذلك, وهذه الفائدة إنما ترجع إلى أهل الحكاية, أي من حكى الإجماع من السلف, وغيرهم من أهل العلم المعتبرين, ولا شك أن هناك فوائد جمة ترجع إلى ذلك لمن تأملها.

لكن كلامي ليس على هذا, وإنما كلامي هو في محاجة أهل الأهواء والبدع بإجماع السلف في مسائل العقيدة, كمسائل الصفات, والتي لابد فيها من توقيف من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
وقد أشرت إلى عدة فوائد في كلامي لمن تأملها:
منها: تثبيت ما ورد في الكتاب والسنة, وإن كان ما ورد في الكتاب والسنة لايجوز لأحد منازعته مطلقا؛ لأن مسائل العقيدة توقيفية, لابد فيها من التسليم المطلق, وأدلتها قطعية يقينية, فلا مجال للرأي والقياس فيها.
ومنها: زيادة إقامة الحجة على أهل الأهواء والبدع, فالحجة قائمة عليهم بالكتاب والسنة, ثم بالإجماع, وهذا فيه زيادة العقوبة؛ لأنه لايجوز مخالفة إجماع السلف, فالأمة لا تجتمع على ضلالة.
وأما الفائدة التي خصصتها بالذكر: فهذه إنما كانت اجتهادا مني, وذلك لما لمسته في أثناء كتابة رسالتي الماجستير(اختلافات الأشاعرة)؛ إذ أهل الأهواء والبدع كثيرا ما يعظمون الإجماع, وخاصة إجماع أصحابهم, والإجماع في الجملة له هيبته, فكيف إذا كان إجماعا للسلف, ولهذا كان السلف والأئمة يشتد إنكارهم على من خالف الإجماع عموما سواء كان في المسائل العملية القطعية أو الظنية منها, أو المسائل العلمية وهي لا تكون إلا قطعية يقينية.

يقول ابن تيمية: (ولهذا كان فقهاء الحديث يؤصلون أصلا بالنص, ويفرعون, ولا يتنازعون في الأصل المنصوص, , ويوافقون فيما لا نص فيه, ويتولد من ذلك ظهور الحكم المجمع عليه؛ لهيبة الاتفاق في القلوب, وأنه ليس لأحد خلافه) مجموع الفتاوى(30/269).

ويقول أيضا: (فإن السلف كان يشتد إنكارهم على من يخالف الإجماع, ويعدونه من أهل الزيغ والضلال) منهاج السنة(2/354).

فالمقصود أن أهل البدع من المتكلمين وغيرهم يعظمون الإجماع, ولهذا تجدهم يحكون إجماعات عن السلف, بحسب ما يظنونه من لوازم قولهم, والأمر ليس كذلك, كما يحكون إجماع السلف على التفويض, وكما يحكون إجماعهم على استحالة حوادث لا أول لها, وأمثال ذلك.

يقول ابن تيمية -متعقبا إلكيا الهراس تلميذ الجويني: في حكاية إجماع أهل الملل من استحالة حوادث لا أول لها-: (وهذا القول الذي يحكيه هذا وأمثاله من إجماع المسلمين, أو إجماع الملِّيين في مواضع كثيرة, يحكونه بحسب ما يعتقدونه من لوازم أقوالهم, وكثير من الإجماعات التي يحكيها أهل الكلام هي من هذا الباب...) انظر: درء التعارض(8/95 فما بعد).

فهذا كله إنما جاء عرضا, وإلا فباب ذكر الفوائد واسع, والمقصود هو بيان صورة الإجماع المنعقد في باب العقيدة؛ إذ قد يستشكل أحدنا إطلاق القول بالإثبات والنفي في الأمور المغيبة, التي لا مجال للرأي فيها, كالإخبار عن الله وصفاته, و هذه لا تكون إلا توقيفاً بنص من وحي الله تعالى, فاجتهدت في بيان صورة إجماع السلف المنعقد في باب الاعتقاد, وهذا المقصود.

فبارك الله فيك أخي الفاضل مصطفى على ما تفضلت به, ونفعني الله وإياك بما نقول ونكتب, والحمد لله رب العالمين.
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 08 Feb 2013, 03:08 PM
أبو أنس عبد الله الجزائري أبو أنس عبد الله الجزائري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2011
الدولة: الجزائر المحروسة
المشاركات: 107
افتراضي

بارك الله فيكم، وقد فرق أهل العلم بين إجماع أهل العقائد وإجماع أهل الفقه، ولهم في ذلك طرق تسلك، وأبواب تطرق، فليتحفنا إخواننا ببعض الإشارات السّنية من هذا الباب العظيم.
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 10 Feb 2013, 02:25 PM
أبو البراء
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

هيبة الإجماع إنما جاءت من قوته في الحجية وعدم تطرق النسخ والاحتمال إليه ،حتى جعله كثير من أهل الأصول من أجل ذلك في الدرجة الأولى من حيث مراتب قوة الأدلة، أما ما ذُكر في أصل المقال فهو يوهم أن الإجماع في المسائل المنصوصة ليس حجة أصلية بل دليل تبعي فقط يُذكر في مقابل ذكر أهل الأهواء لأقاويل شيوخهم، فلذلك استشكله الشيخ مصطفى وفقه الله، وأنا فقد كان سبق إلى وهمي الإشكال نفسه حتى رفعتموه -أبا عبد الله- بما أفدتم من أن ذلك إحدى فوائد حكاية الإجماع لا خصوصها وحدها.
لكن يبقى أن تقييد تلك الفوائد بمن يحكي الإجماع دون من يحاجَج به من أهل الأهواء غير واضح من حيث إن تلك الفوائد حاصلة في الإجماع من حيث هو، فيتحقق وجودها للحاكي ولمن يُحتج عليه به، بل ما قامت به الحجة ولا حصلت له الهيبة إلا بالنظر إلى تحقق تلك الفوائد منه، فلينظر بارك الله في علومكم.

التعديل الأخير تم بواسطة أبو البراء ; 10 Feb 2013 الساعة 02:27 PM
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 10 Feb 2013, 07:38 PM
عبد العزيز بوفلجة عبد العزيز بوفلجة غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2011
المشاركات: 227
افتراضي

[quo
اقتباس:
te=خالد حمودة;36175]هيبة الإجماع إنما جاءت من قوته في الحجية وعدم تطرق النسخ والاحتمال إليه ،حتى جعله كثير من أهل الأصول من أجل ذلك في الدرجة الأولى من حيث مراتب قوة الأدلة، أما ما ذُكر في أصل المقال فهو يوهم أن الإجماع في المسائل المنصوصة ليس حجة أصلية بل دليل تبعي فقط يُذكر في مقابل ذكر أهل الأهواء لأقاويل شيوخهم، فلذلك استشكله الشيخ مصطفى وفقه الله، وأنا فقد كان سبق إلى وهمي الإشكال نفسه حتى رفعتموه -أبا عبد الله- بما أفدتم من أن ذلك إحدى فوائد حكاية الإجماع لا خصوصها وحدها.
لكن يبقى أن تقييد تلك الفوائد بمن يحكي الإجماع دون من يحاجَج به من أهل الأهواء غير واضح من حيث إن تلك الفوائد حاصلة في الإجماع من حيث هو، فيتحقق وجودها للحاكي ولمن يُحتج عليه به، بل ما قامت به الحجة ولا حصلت له الهيبة إلا بالنظر إلى تحقق تلك الفوائد منه، فلينظر بارك الله في علومكم.
حياك الله أخي الفاضل خالد أسعد كثيرا بمداخلاتك, ويعلم الله أنني هاهنا مستفيد, ولست بمفيد ابتداء, إلا فيما أنقله عن أهل العلم.

فمقصودي بارك الله فيك وفي الإخوة جميعا: أن مسائل العقيدة لا يجوز فيها إحداث أمر مهما كان قائله, فالأصل في إثبات أمر أو نفيه مما يتعلق بالغيب هو الكتاب والسنة فقط, وهذا بخلاف مسائل الفروع الفقهية فإذا انعقد الإجماع على نازلة من النوازل الفقهية المستحدثة وجب المصير إليه والقول به, وإن لم يكن منصوصا في الكتاب والسنة؛ إذ مجال القياس فيها واسع بشروطه وضوابطه المعلومة, فهو هاهنا مصدر أصلي وجب المصير إليه.

لكن الإجماع في مسائل العقيدة لا يمكن أن يكون مبنيا على قول مستحدث أبدا, فهذه إجماعات السلف في أبواب العقيدة كلها تأكيد وتقرير وتأييد لما ورد في الكتاب والسنة, فهل وجد إجماع للسلف على إثبات صفة لم ترد في القرآن والسنة, إو إثبات أمر أو نفيه مما يتعلق بالجنة والنار, والملائكة, ونحو ذلك من أمور الغيب؟ بالطبع: لم يكن ذلك, ولن يكون.


فالمقصود أولا وآخرا: هو بيان مراد أهل العلم بأن الإجماع مصدر ثالث من مصادرالعقيدة: بأنه إجماع على أمر ثابت بنص القرآن والسنة, أو إجماع على أمر لازم من لفظ مأثور ورد في القرآن والسنة, وليس هو مصدر بمعنى أنه يمكن من خلاله استحداث أمر لم يرد في القرآن والسنة, وهذا بخلاف إجماع أهل العلم على المسائل الفقهية المستحدثة بناء على قياس أو اجتهاد أو نحو ذلك.

ثم قولي عن الفائدة التي ذكرها الشيخ مصطفى وفقه الله هي راجعة إلى أهل الحكاية: هذا ما ظهر لي من كلامه؛ حيث قال: (...هو ذكر اتفاق العلماء على التسليم لنصوص ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم).
فأنت لما تحكي الإجماع فإنه يظهر منه أولا: اتفاق العلماء على التسليم للنصوص فهذا مضمون الفائدة المذكورة, فهذا راجع إلى بيان مدى تسليم الأئمة للنصوص, والله أعلى وأعلم, وقد أكون أخطأت الفهم.

وأما ثانيا: وهو قوله: (إضافة إلى أن النص كما تعلم قد يكون ظني الثبوت إذا كان من السنة وقد يكون ظني الدلالة إذا كان من الكتاب أو السنة فمجيء الإجماع في مثل هذه الحالة يرفع الاحتمال الوارد، ويفيد قطعية الحكم، طبعا إذا كان الإجماع قطعيا.
ويؤكد مثلا نقل الإجماع كذلك أن النص غير منسوخ وهكذا)
فهذا إنما يقال في المسائل الفقهية العملية العلمية منها أو المظنونة؛ إذ لا احتمال يرد على مسائل العقيدة اليقينية, فإذا صح الحديث وجب المصير إليه, والقول به, فلو كان الحديث ظني الثبوت فلا يمكن المصير إليه في إثبات أمر أو نفيه مما يتعلق بالعقيدة, فإذا ارتفع الظن عن الحديث جاء بعده الإجماع.
وأما القول: (وقد يكون ظني الدلالة إذا كان من الكتاب والسنة) فهذا إنما يقال في مسائل الفقه, وأما مسائل العقيدة فأدلتها لا يمكن البتة أن تكون ظنية الدلالة, فهي قطعية يقينية في نفسها, لكن حال المكلف يختلف بحسب قدرته على الفهم, وهذا باب آخر ليس هذا موضعه.

ومهما يكن من شيء فأنا لا أنازع في أي فائدة تذكر: سواء كانت راجعة إلى أهل الحكاية أو راجعة إلى الإجماع نفسه, أو كانت راجعة إلى المحجوج بالإجماع, فهذا باب واسع, لكن المقصود الأول هو أصل المسألة: وهي صورة الإجماع المنعقد في باب العقيدة.

فاللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا, وزدنا يا كريم.

التعديل الأخير تم بواسطة عبد العزيز بوفلجة ; 10 Feb 2013 الساعة 09:05 PM
رد مع اقتباس
  #11  
قديم 10 Feb 2013, 11:04 PM
مصطفى قالية
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

أخي الكريم وفقك الله لما يحبه ويرضاه، كنت قد اكتفيت بما كتبت لك أولا، إلا أنك قد ذكرت في تعليقك الأخير بعض الأمور التي تحتاج إلى توضيح، ولعلي لم أفهمك.
قلت-وفقك الله-: (فهذا إنما يقال في المسائل الفقهية العملية العلمية منها أو المظنونة؛ إذ لا احتمال يرد على مسائل العقيدة اليقينية فإذا صح الحديث وجب المصير إليه والقول به فلوكان الحديث ظني الثبوت فلا يمكن المصير إليه في إثبات أمر أو نفيه مما يتعلق بالعقيدة).
وقلت كذلك: (فهذا إنما يقال في مسائل الفقه وأما مسائل العقيدة فأدلتها لا يمكن البتة أن تكون ظنية الدلالة فهي قطعية يقينية في نفسها).
هذا التفريق الذي ذكرته-إن كان فهمي صوابا- بين مسائل العقيدة ومسائل الأحكام حيث لا تثبت العقيدة إلا باليقيني، تفريق يحتاج إلى إقامة الحجة عليه.
بل هذا الادعاء هو من أعظم أصول أهل الأهواء التي تذرعوا بها لرد الحق.
ومذهب أهل السنة والجماعة أنه لا فرق في ذلك بين مسائل العقيدة أو مسائل الأحكام، وإنما العبرة بصحة الدليل وقوته، سواء أكان الدليل ثابتا ثبوتا يقينيا: كالقرآن أو المتواتر من الحديث أو خبر الآحاد الذي احتفت به القرائن، وهي متعددة.
قال شيخ الإسلام-رحمه الله-: (الصَّحِيحُ أَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ قَدْ يُفِيدُ الْعِلْمَ إذَا احْتَفَتْ بِهِ قَرَائِنُ تُفِيدُ الْعِلْمَ...)[المجموع (18/40-41)]. والمقصود بالعلم المستفاد في هذه الحالة العلم اليقيني.
أم كان ثبوت الدليل بغلبة الظن. وذلك بصحة إسناد الحديث وتحقق بقية شروط الصحة فيه، ويجب التنبه أن الحديث وهو في هذه الحالة موجب للعلم والعمل، إلا أن العلم المقصود هنا هو غلبة الظن أو الظن الراجح.
فلا فرق إذن بين المسألتين، ومن قال بذلك، فهو مطالب بالدليل.
قال ابن القيم-رحمه الله- وهو في مقام التسليم: (إِنَّ هَذِهِ الْأَخْبَارَ لَوْ لَمْ تُفِدِ الْيَقِينَ فَإِنَّ الظَّنَّ الْغَالِبَ حَاصِلٌ مِنْهَا وَلَا يَمْتَنِعُ إِثْبَاتُ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ بِهَا كَمَا لَا يَمْتَنِعُ إِثْبَاتُ الْأَحْكَامِ الطَّلَبِيَّةِ بِهَا، فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ بَابِ الطَّلَبِ وَبَابِ الْخَبَرِ بِحَيْثُ يَحْتَجُّ بِهَا فِي أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ، وَهَذَا التَّفْرِيقُ بَاطِلٌ بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ، ...
فَأَيْنَ السَّلَفُ وَالْمُفَرِّقِينَ بَيْنَ الْبَابَيْنِ، نَعَمْ سَلَفُهُمْ بَعْضُ مُتَأَخِّرِي الْمُتَكَلِّمِينَ الَّذِينَ لَا عِنَايَةَ لَهُمْ بِمَا جَاءَ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَصْحَابِهِ، بَلْ يَصُدُّونَ الْقُلُوبَ عَنِ الِاهْتِدَاءِ فِي هَذَا الْبَابِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَأَقْوَالِ الصَّحَابَةِ، وَيُحِيلُونَ عَلَى آرَاءِ الْمُتَكَلِّمِينَ، وَقَوَاعِدِ الْمُتَكَلِّفِينَ، فَهُمُ الَّذِينَ يُعْرَفُ عَنْهُمْ تَفْرِيقٌ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ، فَإِنَّهُمْ قَسَّمُوا الدِّينَ إِلَى مَسَائِلَ عِلْمِيَّةٍ وَعَمَلِيَّةٍ وَسَمَّوْهَا أُصُولًا وَفُرُوعًا...
وَقَدْ وَضَعُوا عَلَيْهِ أَحْكَامًا وَضَعُوهَا بِعُقُولِهِمْ وَآرَائِهِمْ ... (وَمِنْهَا) إِثْبَاتُ الْفُرُوعِ بِأَخْبَارِ الْآحَادِ دُونَ الْأُصُولِ وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَكُلُّ تَقْسِيمٍ لَا يَشْهَدُ لَهُ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَأُصُولُ الشَّرْعِ بِالِاعْتِبَارِ فَهُوَ تَقْسِيمٌ بَاطِلٌ يَجِبُ إِلْغَاؤُهُ...)[مختصر الصواعق (590)].
وقال شيخ الإسلام-رحمه الله-: (وأما قوله: هل يكفي في ذلك ما يصل إليه المجتهد من غلبة الظن، أو لا بد من الوصول إلي القطع؟ .
فيقال: الصواب في ذلك التفصيل، فإنه وإن كان طوائف من أهل الكلام يزعمون أن المسائل الخبرية -التي قد يسمونها مسائل الأصول- يجب القطع فيها جميعها، ولا يجوز الاستدلال فيها بغير دليل يفيد اليقين، وقد يوجبون القطع فيها كلها على كل أحد، فهذا الذي قالوه علي إطلاقه وعمومه خطأ مخالف للكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة وأئمتها، ...)[درء تعارض العقل والنقل (1/52)].
وكذلك قولك بأن الدليل العقدي لا بد أن يكون يقيني الدلالة بخلاف غيره، قول يحتاج إلى دليل.
وقد سبق كلام الإمامين الجليلين -رحمهما الله-، ولعلي أضيف كلاما مفيدا لشيخ الإسلام.
قال -رحمه الله-: (وأئمة أهل السنة والحديث من أصحاب الأئمة الأربعة وغيرهم يثبتون الصفات الخبرية لكن منهم من يقول لا نثبت إلا ما في القرآن والسنة المتواترة وما لم يقم دليل قاطع على إثباته نفيناه كما يقوله ابن عقيل وغيره أحياناً ومنهم من يقول بل نثبتها بأخبار الآحاد المتلقاة بالقبول ومنهم من يقول نثبتها بالأخبار الصحيحة مطلقاً ومنهم من يقول يعطى كل دليل حقه فما كان قاطعاً في الإثبات قطعنا بموجبه وما كان راجحاً لا قاطعاً قلنا بموجبه فلا نقطع في النفي والإثبات إلا بدليل يوجب القطع وإذا قام دليل يرجح لأحد الجانبين بينا رجحان أحد الجانبين وهذا أصح الطرق)[درء تعارض العقل والنقل (3/383-384)].
وتنبيه آخر في قولك-وفقك الله-: (فإذا ارتفع الظن عن الحديث جاء بعده الإجماع).
أولا أسألك كيف يرتفع الظن عن الحديث، أليس بأن تحفه القرائن، ومن جملة القرائن إجماع الأمة على القول بموجبه.
قال شيخ الإسلام-رحمه الله-: (...وَخَبَرُ الْوَاحِدِ الْمُتَلَقَّى بِالْقَبُولِ يُوجِبُ الْعِلْمَ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَصْحَابِ الْأَشْعَرِيِّ كالإسفراييني وَابْنِ فورك؛ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ فِي نَفْسِهِ لَا يُفِيدُ إلَّا الظَّنَّ؛ لَكِنْ لَمَّا اقْتَرَنَ بِهِ إجْمَاعُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ عَلَى تَلَقِّيهِ بِالتَّصْدِيقِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ إجْمَاعِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْفِقْهِ عَلَى حُكْمٍ مُسْتَنِدِينَ فِي ذَلِكَ إلَى ظَاهِرٍ أَوْ قِيَاسٍ أَوْ خَبَرِ وَاحِدٍ فَإِنَّ ذَلِكَ الْحُكْمَ يَصِيرُ قَطْعِيًّا عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَإِنْ كَانَ بِدُونِ الْإِجْمَاعِ لَيْسَ بِقَطْعِيِّ)[المجموع (18/40-41)].
وإذا قلت هذا خاص بالمسائل العملية دون الاعتقادية طولبت بالدليل كما سبق.
وفي الأخير أذكر بشيء وهو أنه بلا شك قد تكون ثمة مسائل ظنية عند كثير من الناس يقينية عند آخرين وسبب ذلك راجع لأسباب منها تفاوت هؤلاء الأشخاص في العلم والحرص على معرفة الحق وغيره، فليس الكلام فيها.
والعلم عند الله.

التعديل الأخير تم بواسطة مصطفى قالية ; 11 Feb 2013 الساعة 07:10 AM
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 11 Feb 2013, 01:30 PM
عبد العزيز بوفلجة عبد العزيز بوفلجة غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2011
المشاركات: 227
افتراضي

اعلم أخي الفاضل مصطفى وفقني الله وإياك لكل خير: أن المقصود من المشاركة في هذا المنتدى هو الاستفادة أو الإفادة, وأنا اعتبر نفسي ممن يستفيد أكثر ممن يفيد, اللهم إلا أن أكون ناقلا لكلام أهل العلم على سبيل الإيضاح والتحرير.

ثم لا بد أولا من أن نسلك جميعا مسلكا مرتبا أولا بأول:

أولا: المقصود من مشاركتي هو بيان صورة الإجماع المنعقد في باب الصفات.

ثانيا: استشكلت كلامي في فائدة ذكرتها عرضا, ولم تكن مقصودة من الذكر, وفائدتك جيدة ومفيدة.

ثالثا: أوضحت الإشكال, وأزلت ما قد يتبادر إلى الذهن.

رابعا: شاركنا أخونا الفاضل الحبيب خالد حمودة بمشاركة مفيدة, لكن استشكل هو إشكالا آخر.

خامسا: أجبته عن الإشكال, وزدت الأمر وضوحا فيما يتعلق بباقي الفوائد التي ذكرتها أنت في مشاركتك, من باب المطارحة العلمية, لا غير, لكن حاولت أن أرجع المسألة إلى مسارها الأول المقصود من أصل المقالة.

فإذا تقرر هذا:

أولا: ذكر أخي الحبيب مصطفى في نص كلامك ما يلي: (إضافة إلى أن النص كما تعلم قد يكون ظني الثبوت إذا كان من السنة).

فأجبته بقولي: (...فإذا صح الحديث وجب المصير إليه, فلو كان الحديث ظني الثبوت فلا يمكن المصير إليه في إثبات أمر أو نفيه مما يتعلق بالعقيدة, فإذا ارتفع الظن عن الحديث جاء بعده الإجماع)

فجاء جوابي متضمنا لأمور:

أحدها: قلت: (إذا صح الحديث وجب المصير إليه): أعني لا حاجة لنا في الكلام على ظني الثبوت أو قطعي الثبوت: لأن هذا الكلام مبني على تقسيم الأحاديث إلى متواتر قطعي الثبوت, وغير متواتر ظني الثبوت, وهذا التقسيم حادث مبتدع لا أصل له, ابتدعه المعتزلة ومن وافقهم ليردوا دلالة الأحاديث على مسائل العقيدة, وهذا أمر معلوم لدى طلاب العلم.

الثاني: ثم قلت: (فلو كان الحديث ظني الثبوت..): أقصد الحديث الضعيف قطعا, بدليل أني ذكرت أولا: إذا صح الحديث فيجب المصير إليه: سواء كان متواترا أو ما هو دون المتواتر كما اصطلح عليه المتأخرون.

ثانيا: ثم قال الأخ الحبيب: (وقد يكون ظني الدلالة إذا كان من الكتاب والسنة, فمجيء الإجماع في مثل هذه الحالة يرفع الاحتمال الوارد, ويفيد قطعية الحكم, طبعا إذا كان الإجماع قطعيا).

فأجبته بقولي: (فهذا إنما يقال في مسائل الفقه, وأما مسائل العقيدة فأدلتها لا يمكن البتة أن تكون ظنية الدلالة, فهي قطعية يقينية في نفسها, لكن حال المكلف يختلف بحسب قدرته على الفهم, وهذا باب آخر ليس هذا موضعه).
فأثبت الشيخ مصطفى قالية هاهنا أمران في دلالة النصوص:
الأول: ظني الدلالة, وهذا ما صرح به بقوله: (وقد يكون ظني الدلالة...)
الثاني: قطعي الدلالة, وهذا لازم قوله.

فلم أنكر عليه تقسيم أدلة القرآن والسنة: إلى ظنية وقطعية, بل إنما أنكرت أن تكون أدلة العقيدة ظنية أصلا, بل هي قطعية يقينية.
ولم أنف قطعية أدلة الأحكام الشرعية, بل غالب أدلتها - في الأوامر والنواهي - هي قطعية الدلالة: كأدلة العلم بوجوب الصلاة, ووجوب الزكاة, ووجوب الصيام, ووجوب الحج, وكأدلة التحريم: كتحريم الزنا, واللواط, والسرقة, والفواحش ما ظهر منها وما بطن, وأمثال ذلك كثير.والظن إنما هو قليل, وذلك في أدلة المسائل الفرعية المتنازع فيها, والتي تقبل الاجتهاد, والمجتهد فيها بين مصيب مأجور, وبين مخطأ مأجور: فكلاهما مصيب أجرا.

وأما مسائل العقيدة: فالغالب الأعم على أدلتها أنها قطعية يقينية, ولا يجوز الاختلاف فيها, بل هو محرم قطعا, والقليل من أدلتها ظنية؛ كمسائل الدق التي اختلف فيها الصحابة ومن جاء بعدهم من أئمة السنة, كدلالة الأدلة على رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ربه بعينه في الدنيا ليلة الأسراء, وكعذاب القبر هل يقع على الروح والبدن جميعا, أم على أحدهما, وكاختلافهم في الذي يوزن في القيامة: هل الأعمال نفسها, أم الصحائف, ونحو ذلك.

وبقي شيئا من كلامي؛ وهو قولي: (فهذا إنما يقال في المسائل الفقهية العملية العلمية منها أو المظنونة؛ إذ لا احتمال يرد على مسائل العقيدة اليقينية).
فهاهنا أمران لا بد من تأملهما:

أحدهما: كلامي لا يدل إطلاقا على أنه موافق لأصل المبتدعة الذي يقسمون دلالة النصوص إلى قطعية وظنية, بل أنا مشيت على طريقة الأخ مصطفى حفظه الله الذي أثبت الظنية في الدلالة, والتي يرفعها الإجماع بعد ذلك.
بل أنا ذكرت في كلامي هاهنا: أن من مسائل الفقه ما هو علمي, ومنها ما هو ظني, وأقصد بالعلمي طبعا: اليقيني, وهذا وذاك مما يبطل دعوى الأخ الحبيب في قوله:(بل هذا الادعاء هو من أعظم أصول أهل الأهواء التي تذرعوا بها لرد الحق).

فأنا أبرأ إلى الله تعالى من طريقة أهل الأهواء والبدع: الذين يشترطون في مسائل الكلام, والتي يسمونها أصول الدين أن تكون أدلتها قطعية يقينية, وغالب ما يتكلمون فيه من هذه الأصول: ليس بعلم ولا ظن صحيح, بل هو ظن فاسد, وجهل مركب, ويهونون من أدلة الفقه, ويجعلونه من باب الظنون, ثم يفرعون على ذلك كله أمورا فاسدة في الشرع والعقل, فالأصل عندهم فاسد, وما تفرع عنه فاسد. انظر الاستقامة(1/50).

ثم أقول: كيف يتطرق الاحتمال إلى دلالة نصوص الكتاب والسنة على مسائل العقيدة, حتى يأتي الإجماع بعد ذلك ويرفع الاحتمال الوارد؟ لم أتصور هذا الكلام إطلاقا.
فإذا قال الله تعالى: (وهو السميع والبصير), (فاعلم أنه لا إله إلا الله), (بل يداه مبسوطتان) (اعلموا أن الله شديد العقاب وأن الله غفور رحيم) (الرحمن على العرش استوى) (يأتيهم الله في ظلل من الغمام), (ويبقى وجه ربك), وإذا قال رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام: (ينزل ربنا إلى السماء الدنيا), (يضحك ربنا), وأمثال ذلك: هل يقال أن هذه النصوص محتملة أصلا, حتى يأتي الإجماع فيرفع الاحتمال؟!.
إنما الذين قالوا إن هذه النصوص محتملة هم أهل الأهواء والبدع: من المعطلة المتأولة الجهمية ومن وافقهم من الكلابية والأشعرية والماتريدية, فلجأوا إلى تأويلها حتى يرفعوا عنها ما ظنوه محتملا للتشبيه والتجسيم.
وأخي الحبيب مصطفى قالية لا يقصد هذا قطعا.

ثاينا: ثم قولك: (ويؤكد مثلا نقل الإجماع كذلك أن النص غير منسوخ وهكذا).
نصوص القرآن والسنة الدالة على توحيد رب العباد, وعلى صفاته, وعلى الجنة والنار, وعذاب القبر, وأمثال ذلك من أمور العقيدة لا تقبل النسخ بحال من الأحوال, فلا مجال للنسخ فيها أصلا, حتى يأتي الإجماع فيؤكد أن النص غير منسوخ.

فهذا كله هو الذي جعلني أقول: لا بد من الفرق بين مسائل العقيدة ومسائل الفقه, فأصل كلامي هو في باب العقيدة, وأخونا الحبيب مصطفى جرنا إلى باب الفقه, وكلانا متفقين إن شاء الله تعالى.


والله أعلى وأعلم, فما كان من صواب فمن الله وحده, وما كان من خطأ وزلل فمن نفسي والشيطان, وأستغفر الله وأتوب إليه.

التعديل الأخير تم بواسطة عبد العزيز بوفلجة ; 12 Feb 2013 الساعة 09:42 AM
رد مع اقتباس
  #13  
قديم 11 Feb 2013, 02:45 PM
أبو البراء
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

حياك الله أخانا الكريم بوفلجة
أحب أن يستيقن قلبك ايها الفاضل أن مداخلتي التي أبديت سرورك بها إنما كان الباعث عليها من الأصل هو الفرح والسرور بالفوائد الحسان التي تتخفنا بها بين الفينة والفينة فجزاك الله خيرا ووفقك لمثلها وأزيد.
لكن لما تقرر أن مذاكرة اللبيب الفطن لما يُلقى إليه من أعظم ما يعين على تحرير المشكلات وإيضاح المنبهمات حرصت أنا وأخي الشيخ مصطفى على مباحثتك فيما أفدت به.
ولا أدري أيَّ سروريَّ أعظم أبالمقال الأصل أم بالمباحثة المفيدة النافعة بينكم وبين الشيخ سددكم الله.
فالفائدة الأصلية التي قصدتَ إيضاحها وهي أن الإجماع لا تثبت به عقيدة غير منصوص عليها=قد استفدناها بحمد الله وأجبتنا عما عرض لنا فيها من الإشكال الموهم لاطراح الإجماع عن مقام الحجية بالأصالة،لكن بقي عندي مما يتعلق بها أن هذا الكلام إنما يجيء باعتبار أصل منشأ الإجماع وأنه لا يكون إلا مستندا إلى نص، ولما ادعى بعضهم أن من الإجماعات مالم يصل إلينا النص المفيد لمدلوله الذي استند إليه المجمعون اعترض عليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وبين أنه استقرأ مواقع الإجماعات الصحيحة فوجدها كلها مستندة إلى نص وتلك النصوص محفوظة معلومة، لكن قد يعرض لدلالتها شيء من الخفاء، وكلامه هذا شاهد صدق لما تحومون حول إثباته ،بل هو أوسع لأنه يشمل الإجماع على المسائل العملية والخبرية معا بما في ذلك المسائل المستجدّة التي ينعقد عليها الإجماع المستند إلى إيماءات النصوص ومقاصد الشرائع.
هذا كله بالنظر إلى منشإ حجية الإجماع، أما بالنظر إلى الاحتجاج به على المسائل الشرعية عملية كانت أو خبرية فهو حجة بإطلاق ويُحكى أصالة لتثبيت المسائل سواء في ذلك المسائل المنصوصة وغير المنصوصة لأن النصوص قد دلت على وجوب التسليم للإجماع وتحريم الخروج عليه.
فهذا هو لب المسألة، فإن قصدتم بكلامكم النظر إلى الإجماع باعتبار أصل حجيته فصحيح لا إشكال فيه وأنا معكم، وإن قصدتم الكلام عليه بعد استقرار كونه دليلا شرعيا وأصلا من أصول الأدلة فلا.
أما المسألة العرضية وهي الاعتماد على النصوص الظنية في إثبات العقائد فلا أشك أنه سوء تفاهم فقط منشؤه أنكم عبرتم عن الحديث الضعيف بظني الثبوت، والمعلوم أنها عبارة تطلق على ما كان ثابتا صحيحا لكنه قصر عن إفادة اليقين، فأطبق أهل السنة على الاحتجاج به في الخبريات إطباقهم على الاحتجاج به في الطلبيات، فالعذر للشيخ مصطفى قائم كونه فهم الكلام على العرف العام للمتكلمين في هذا الباب،وأسأل الله أن يحفظكما جميعا لنا مفيدين ومستفيدين، فنحن لغرر فوائدكم صاغون ولها واعون.
وإذ قد فسد من الدنيا كل حسن وعزّ منها كل نفيس ، فلا والله ما بقي أعزّ ولا أنفس من أخ فهم وصدق تعارض عقلك بعقله لتخلصا إلى صوابٍ يزيدكما علما وسدادا.

التعديل الأخير تم بواسطة أبو البراء ; 11 Feb 2013 الساعة 02:49 PM
رد مع اقتباس
  #14  
قديم 11 Feb 2013, 03:02 PM
مصطفى قالية
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

اعلم أخي الكريم-وفقك الله لكل خير- أن ما ذكرته من أن مشاركتك في المنتدى هي لأجل الافادة والاستفادة، هو ما نعتقده فيك، وذلك هو ما نسعى له كذلك، وما هذه المشاركات والتعليقات إلا من باب التعاون على الخير، فلذلك أرجو ألا تخرج عن إطارها، وألا يفهم من ورائها أي أمر آخر. هذا أوّلا.
ثانيا/ قولك بأني قد استشكلت من كلامك فائدة ذكرتَها عرضا، ولم تكن مقصودة بالذكر، لا يعني عدم التنبيه عليها، أو على أقل الأحوال طلب إزالة الإشكال الذي وقع لي، وربما يقع لغيري.
ثالثا/قلت: بأنك تقصد بـ (ظني الثبوت) الحديث الضعيف، وأنا أستغرب مثل هذا الكلام، لأن قولهم: (ظني الثبوت) يعني لا يجزم بثبوته، وبالمقابل لا يجزم برده، وأما إن كان ضعيفا فإنهم يقولون: ضعيف، لا يثبت، مردود، ....
ثم لو كنت تقصد هذا المعنى كما صرحت- فسيكون آخر كلامك فاسدا، فإنك قلت في مشاركتك السابقة: (فلو كان الحديث ظني الثبوت فلا يمكن المصير إليه في إثبات أمر أو نفيه مما يتعلق بالعقيدة).
فمفهوم كلامك أن الحديث إذا كان ظني الثبوت أي ضعيفا على مرادك، فإنه يمكن المصير إليه في إثبات أمر أو نفيه في غير مسائل العقيدة.. وأنا أجزم بأنك لا تريد هذا المراد الفاسد.
رابعا/ قلت أن الذي تنكره هو أن تكون أدلة العقيدة ظنية أصلا، بل هي قطعية يقينية.
ثم بعد هذا بأسطر قلت: (وأما مسائل العقيدة: فالغالب الأعم على أدلتها أنها قطعية يقينية.. والقليل من أدلتها ظنية).
وهذا ما أعتقده أنا كذلك، ولذلك نقلت لك كلام ابن القيم في تجويز أن تبنى بعض مسائل العقيدة على الظن الغالب حيث قال: (إِنَّ هَذِهِ الْأَخْبَارَ لَوْ لَمْ تُفِدِ الْيَقِينَفَإِنَّ الظَّنَّ الْغَالِبَ حَاصِلٌ مِنْهَا وَلَايَمْتَنِعُ إِثْبَاتُ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ بِهَاكَمَا لَا يَمْتَنِعُ إِثْبَاتُ الْأَحْكَامِ الطَّلَبِيَّةِ بِهَا،...).
وإذا كان الأمر كذلك فكيف تنفي جازما هنا وفي مشاركاتك السابقة، أنه من المحال أن تكون ولو بعض أدلة العقيدة ظنية، كما في قولك: (وأما مسائل العقيدةفأدلتها لا يمكن البتة أن تكون ظنية الدلالة).
....

والعلم عند الله.

التعديل الأخير تم بواسطة مصطفى قالية ; 11 Feb 2013 الساعة 05:02 PM
رد مع اقتباس
  #15  
قديم 11 Feb 2013, 05:32 PM
عبد العزيز بوفلجة عبد العزيز بوفلجة غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2011
المشاركات: 227
افتراضي

اللهم اعلمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا, وزدنا يا كريم:


أولا: ظني الثبوت: يطلق على الضعيف كذلك؛ فالضعيف لا يجزم بثبوته, لأنه قد يرتقي إلى الحسن, لكن لا يقال فيه جزما: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم, كما أنه لا يجزم بكذبه على رسول الله صلى الله وعليه وسلم, كما يجزم بالحديث الموضوع المكذوب, وإنما رد الحديث الضعيف للاحتياط في سنة النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الأمور التي يضعف بها الحديث كثيرة, وهي مذكورة في بطون الكتب الحديثية.
فلا تستغرب أخي الفاضل ذلك, ولك أن تسأل أهل العلم, فهذا الذي أعلمه, وتعلمته من المشايخ.
فعلى كل فهذه اصطلاحات مستعملة, وليست هي وحي من الله تعالى, ولا مشاحة في الاصطلاح, كيف وقد بينت مرادي بظني الثبوت, وأن المقصود به الضعيف, بدليل أني أخرجت الصحيح, وقلت: أنه يجب المصير إليه في باب العقائد دون تردد, وأما الضعيف فلا يصار إليه بحال من الأحوال في هذا الباب, حتى يثبت عن نبينا صلى الله عليه وسلم.

وأنا أقول خير من ذلك كله: إذا ثبت الحديث الصحيح سواء كان متواترا أو ما هو دون المتواتر فيجب قبوله, والتسليم له, والعمل به, ولا أقول هذا قطعي, وهذا ظني, إلا إذا احتجت إلى ذلك.


ثانيا: وأما عن لازم كلامي المذكور: وهو قول الأخ الفاضل: (ثم لو كنت تقصد هذا المعنى –كما صرحت- فسيكون آخر كلامك فاسدا، فإنك قلت في مشاركتك السابقة: (فلو كان الحديث ظني الثبوت فلا يمكن المصير إليه في إثبات أمر أو نفيه مما يتعلق بالعقيدة).
فمفهوم كلامك أن الحديث إذا كان ظني الثبوت أي ضعيفا على مرادك، فإنه يمكن المصير إليه في إثبات أمر أو نفيه في غير مسائل العقيدة.. وأنا أجزم بأنك لا تريد هذا المراد الفاسد).


فهذا اللازم لم يخطر لي على بال: لأن من عادة أهل العلم كابن تيمية وغيره إذا تكلموا في باب الخبريات أن يتكلموا بالإثبات والنفي: أي ثبوت الأمر في نفسه, أو نفيه في نفسه, فيقولون: نثبت ما أثبته الله ورسوله من الأسماء والصفات, وننفي ما نفاه الله ورسول, لا يتجاوز القرآن والحديث, فالأمر في نفسه إما موجود ثابت في الخارج, وإما غير موجود يعني منفي.
وأما في باب الفقه: فالأمر في نفسه ثابت موجود, لكن تجري عليه الأحكام الشرعية الخمسة المعروفة, ثم الحديث الضعيف: لا يرد مطلقا, بل كثير من أهل العلم يورده للاعتبار والمشاهدة, وهذا معلوم لدى طلاب العلم, والأمثلة على ذلك كثيرة جدا.


ثالثا: قال الأخ الفاضل: (قلت أن الذي تنكره هو أن تكون أدلة العقيدة ظنية أصلا، بل هي قطعية يقينية.
ثم بعد هذا بأسطر قلت: (وأما مسائل العقيدة: فالغالب الأعم على أدلتها أنها قطعية يقينية.. والقليل من أدلتها ظنية)......
وإذا كان الأمر كذلك فكيف تنفي جازما هنا وفي مشاركاتك السابقة، أنه من المحال أن تكون ولو بعض أدلة العقيدة ظنية، كما في قولك: (وأما مسائل العقيدة فأدلتها لا يمكن البتة أن تكون ظنية الدلالة).


فأنا أتراجع عن كلامي الأول, وأقول بالثاني.



والحمد لله رب العالمين.
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
مميز, مسائل, صورةالإجماع, عقيدة

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013