منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 20 Sep 2017, 11:37 AM
أبو هريرة موسى بختي أبو هريرة موسى بختي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2014
الدولة: بلدية سيدي عيسى ولاية (المسيلة) حرسها الله بالتوحيد و السنة
المشاركات: 1,318
افتراضي قطوف زاهرة من مقال التلبيس والتعمية سبيلُ أهل الباطل /للشيخ محمَّد علي فركوس حفظه الله



الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

قطوف زاهرة من مقال التلبيس والتعمية سبيلُ أهل الباطل للشيخ محمَّد علي فركوس حفظه الله

فالمتأمِّلُ في الشريعةِ الغرَّاءِ يجد أنَّ القرآنَ الكريمَ والسنَّةَ النبوية لم يُثْبِتَا سوى حقٍّ دَعَا إليه الشرعُ وهَدَى به الضالَّ، وما يُقابِلُه الباطلُ نَهَى الشرعُ عن ركوبه وحَذَّر مِنِ
اقترافه، ولا مَرْتَبَةَ بينهما معلومةٌ، قال تعالى: ﴿ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ هُوَ ٱلۡبَٰطِلُ﴾ [الحج: ٦٢]، وقال تعالى: ﴿فَمَاذَا بَعۡدَ ٱلۡحَقِّ إِلَّا ٱلضَّلَٰلُ﴾ [يونس: ٣٢]،
وقال تعالى: ﴿وَإِنَّآ أَوۡ إِيَّاكُمۡ لَعَلَىٰ هُدًى أَوۡ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ ٢٤﴾ [سبأ]، وقال تعالى: ﴿بَلۡ نَقۡذِفُ بِٱلۡحَقِّ عَلَى ٱلۡبَٰطِلِ فَيَدۡمَغُهُۥ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٞ﴾ [الأنبياء: ١٨]،
وقال صلَّى الله عليه وسلَّم: «القُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ»(١)؛ فهو يدلُّ على النجاةِ باتِّباعِ الحقِّ والعملِ به، وعلى سوءِ عاقبةِ مَنْ أَعْرَضَ عنه بلا عَمَلٍ واتَّبع الباطلَ ورَضِيَه(٢).
والتلبيسُ هو إظهارُ الباطلِ في صورة الحقِّ؛ ومَزْجُ الحقِّ بالباطلِ بالكتمان والتعميةِ هو صنيعُ أهلِ الباطل، لكنَّ منهجَ أهلِ الحقِّ العملُ على بيانِه وتمييزِه عن
الباطل، وهذا هو منهجُ أهل السنَّة: جاءوا بالبيان الكافي وقابَلوا الأمراضَ بالدواء الشافي، وتَوافَقُوا على منهاجٍ لم يَخْتلِفْ، كذا كانَتْ حكمةُ بعثةِ الرُّسُل مِنْ قبلُ،
وكتمانُ الحقِّ لا يجوز، لكِنْ إذا اقتضى المَقامُ والحالُ والمصلحةُ بيانَه في الحال مِنْ غيرِ تأخيرٍ(٣) فإنه يجب بيانُه ولا يجوز تعميةُ الحقِّ أو تلبيسُه على وجهٍ يُعطِّلُ
الحقَّ ويصرفه الملَبِّسُ عن الناس بالاشتباه والتضليل؛ فإنَّ الشيطانَ الجنِّيَّ والإنسيَّ يمزج كُلٌّ منهما بالبيان مُشْتَبَهًا، وبالدواء سُمًّا.
والتلبيسُ والكتمانُ صورتان وَرَدَ النكيرُ الشرعيُّ عليهما لخُلُوِّهما مِنَ الصدق المأمورِ به شرعًا؛ إذ هو مِنْ متمِّمات الإيمانِ ومكمِّلاتِ الإسلام، قال تعالى:
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ ٱلصَّٰدِقِينَ ١١٩﴾ [التوبة]،
ولا يخفى أنه بانتفاءِ الصدق يحلُّ الغشُّ والخداعُ والتزويرُ والتغريرُ والمكرُ والتلبيسُ والخيانةُ، وهذه الأوصافُ القبيحةُ لا تكون خُلُقًا للمسلم بحالٍ؛ لأنَّ طهارة نَفْسِه
المُكْتَسَبةَ مِنَ الإيمان والعملِ الصالح تأبى أَنْ تَتجانسَ مع هذه الأخلاقِ الذميمة.
ومِثْلُ هذا الصنيعِ مِنَ الخُلُقِ غيرِ المَرْضِيِّ غلَّظه اللهُ تعالى على اليهودِ المغضوبِ عليهم، الذين كانوا يعلمون الحقَّ لكنَّهم كانوا يكتمونه ويُلبِّسونه على الناس حتَّى يَشْتَبِهَ عليهم الحقُّ
بالباطل؛ فقَدْ كانوا يقولون ـ مَثَلًا ـ: محمَّدٌ صلَّى الله عليه وسلَّم حقٌّ لكنَّه رسولُ الأُمِّيِّين لا جميعِ العالَمين؛ فأَنْكَرَ اللهُ عليهم تلبيسَهم وكتمانَهم الحقَّ بقوله: ﴿وَلَا تَلۡبِسُواْ ٱلۡحَقَّ
بِٱلۡبَٰطِلِ وَتَكۡتُمُواْ ٱلۡحَقَّ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ ٤٢
﴾ [البقرة].
وصُوَرُ تلبيسِ الحقِّ بالباطل عديدةٌ ومتنوِّعةٌ، ومصدُرها بلا شكٍّ مِنْ تلبيسِ إبليسَ اللعين، وقد وَضَعَ أبو الفَرَجِ عبدُ الرحمن بنُ الجوزيِّ البغداديُّ ـ رحمه الله ـ كتابًا في هذا البابِ
أَغْنَانَا عن إيرادِ صُوَرِ التلبيسِ التي يَقَعُ فيها الناسُ في شِراكِ إبليسَ وشِباكه الشيطانية على مُخْتَلَف درجاتهم وطبقاتهم، لكنَّ الصورة التي أُعْنَى بها في هذا المَقامِ
بهذا المَقالِ إنما هي عَبَثُ بعضِ المُرْتَزِقة الحاقدين مِنْ خصومِ دعوة التوحيد ـ في بلَدِنا هذا ـ الذين اسْتَفْحَلَتْ عداوتُهم لهم وقَوِيَتْ رغبتُهم في الدنيا ومَناصِبِها
مِنْ غيرِ مُبالاةٍ لجهةِ كَسْبِها؛ فحَشَا أقوالَه وتصريحاتِه بالتلبيس والتعمية، وغِيبةِ الناس ومَدْحِ النفس، وسَمِجِ الكلام والإكثارِ مِنَ اللغط؛ واتَّخذ مِنَ الجرائدِ والصُّحُف
سندًا لتسويدِ أكاذيبه ومطيَّةً لنَشْرِ أباطيلِه، الْتماسًا للمال وتزلُّفًا للسلطان؛ وله مع مَنْ تَعاوَنَ معه مَآربُ أخرى، كُلُّ ذلك على حسابِ الدِّين والقِيَم والأخلاق؛ ويدلُّ
على هذا القصدِ إفلاسُ مَقالاته مِنْ حُجَجِ الشرعِ وأدلَّةِ الفروع وأصول النظر، وليس عنده ما يُعينُ الطبعَ على شموخه ـ إذ فاقِدُ الشيء لا يُعْطيه ـ فترى الهوى يَسْرَحُ فيه
بلا زادٍ، ويَشُمُّ البعيدُ منه رائحةَ الحقد والحسد والدَّغَلِ لهذه الأمَّةِ قبل القريب، واللهُ المستعان ونعوذ بالله مِنَ الخذلان، وأقول ـ وبالله التوفيق ـ:...والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ
دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ٢٢ شعبان ١٤٣٠ﻫ
الموافق ﻟ: ١٣ أوت ٢٠٠٩م


(١) أخرجه مسلمٌ في «الطهارة» (٢٢٣) مِنْ حديثِ أبي مالكٍ الأشعريِّ رضي الله عنه.
(٢) انظر: «حاشية السنديِّ على النسائي» (٥/ ٨)، و«فيض القدير» للمُناوي (٤/ ٢٩١).
(٣) يجوز تأخيرُ بيانِ الحقِّ إذا اقتَضَتِ المصلحةُ وحالُ الناسِ كتمانَه؛
ولهذا قال عليٌّ رضي الله عنه: «حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ، أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللهُ وَرَسُولُهُ؟» [أخرجه البخاريُّ في
«العلم» بابُ مَنْ خصَّ بالعلم قومًا دون قومٍ كراهيةَ أَنْ لا يفهموا (١٢٧)]، وقال ابنُ مسعودٍ رضي الله عنه: «إِنَّكَ لَا تُحَدِّثُ قَوْمًا حَدِيثًا لَا
تَبْلُغُهُ عُقُولُهُمْ إِلَّا كَانَ لِبَعْضِهِمْ فِتْنَةً» [أخرجه مسلمٌ في «مقدِّمة صحيحه» (١/ ١٠)].

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 22 Sep 2017, 06:53 AM
أبو عبد الله حيدوش أبو عبد الله حيدوش غير متواجد حالياً
وفقه الله
 
تاريخ التسجيل: Apr 2014
الدولة: الجزائر ( ولاية بومرداس ) حرسها الله
المشاركات: 759
افتراضي

جزاك الله خيرا
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
منهج, مسائل, التعميةوالتلبيس, فركوس

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013