منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19 Jul 2015, 03:26 PM
فتحي إدريس
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي خزانة تحف العناية بكتاب "البداية والنهاية" (3) (فوائد متعلقة بكتاب الله تعالى)

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحمد لله وحده، والصَّلاة والسَّلام على من لا نبيَّ بعده.

أمَّا بعد:

فهذه هي الحلقة الثَّالثة من «خزانة تُحف العناية بكتاب "البداية والنِّهاية"» ولا يزال الكلام متواصلا عن (الفوائد المتعلِّقة بكتاب الله تعالى) وأوَّلها:

· عدم معرفة أهل الكتاب بخبر عاد وثمود وسبب ذلك

«ويقال: إنَّ هاتين الأمتين لا يعرف خبرهما أهل الكتاب، وليس لهما ذكر في كتابهم التوراة، ولكن في القرآن ما يدل على أن موسى أخبر عنهما، كما قال تعالى في سورة إبراهيم: ﴿وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله جاءتهم رسلهم بالبينات﴾[إبراهيم: 8 - 9] الآية؛ الظَّاهر أن هذا من تمام كلام موسى مع قومه، ولكن لما كان هاتان الأمتان من العرب لم يضبطوا خبرهما جيدا، ولا اعتنوا بحفظه، وإن كان خبرهما كان مشهورا في زمان موسى عليه السلام».[1/ 307-308].

قلت: ويستفاد من كلامه –رحمه الله- فائدة أخرى لم يترجم لها، وهي أنَّ احتمال أنَّهم لم يضبطوا خبرهما لكونهما من العرب جاء لأنَّ في ظاهر كلام الله تعالى ما يدلُّ على أنَّ موسى عليه السَّلام أخبر عنهما وكونه كان مشتهرا في زمنه عليه السَّلام.

· نسبة الفِعْلِ إلى الجميع مع أنَّ من تولَّاه واحدٌ

«...واتَّفق رأيهم على أن يعقروا هذه النَّاقة ليستريحوا منها، ويتوفر عليهم ماؤهم، وزين لهم الشيطان أعمالهم قال الله تعالى: ﴿فعقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم وقالوا يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين﴾[الأعراف: 77]، وكان الذي تولى قتلها منهم رئيسهم قدار بن سالف بن جندع، وكان أحمر أزرق قصيرا، وكان يقال: إنه ولد زانية، ولد على فراش سالف. وهو من رجل يقال له: صيبان، وكان فعله ذلك باتفاق جميعهم؛ فلهذا نسبالفعل إلى جميعهم كلهم»[1/ 312-313].

· خطاب صالح عليه السَّلام قومه بعد هلاكهم وكذا النبي صلى الله عليه وسلم مع أهل قليب بدر

«وقوله تعالى: ﴿فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين﴾ [الأعراف: 79].

إخبار عن صالح عليه السلام أنه خاطب قومه بعد هلاكهم، وقد أخذ في الذهاب عن محلتهم إلى غيرها قائلا لهم: ﴿يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم﴾ [الأعراف: 79]، أي: جهدت في هدايتكم بكل ما أمكنني، وحرصت على ذلك بقولي وفعلي ونيتي ﴿ولكن لا تحبون الناصحين﴾[الأعراف: 79]، أي: لم تكن سجاياكم تقبل الحق ولا تريده، فلهذا صرتم إلى ما أنتم فيه من العذاب الأليم المستمر بكم المتصل إلى الأبد، وليس لي فيكم حيلة، ولا لي بالدفع عنكم يدان، والذي وجب علي من أداء الرسالة والنصح لكم قد فعلته وبذلته لكم، ولكن الله يفعل ما يريد.

وهكذا خاطب النبي صلى الله عليه وسلم أهل قليب بدر بعد ثلاث ليال، وقف عليهم، وقد ركب راحلته، وأمر بالرحيل من آخر الليل، فقال: «يا أهل القليب هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا، فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقا»، وقال لهم فيما قال: «بئس عشيرة النبي كنتم لنبيكم كذبتموني وصدقني الناس، وأخرجتموني وآواني الناس، وقاتلتموني ونصرني الناس، فبئس عشيرة النبي كنتم لنبيكم»، فقال له عمر: «يا رسول الله تخاطب أقواما قد جيفوا. فقال: والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، ولكنهم لا يجيبون»[1/ 319].

· من أكبر مقاصد الأنبياء عليهم السَّلام إقامة الحجَّة على الخلقِ في ملأ منهم

«﴿قالوا فأتوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون﴾[الأنبياء: 61]، أي: في الملأ الأكبر على رءوس الأشهاد لعلهم يشهدون مقالته، ويسمعون كلامه، ويعاينون ما يحل به من الاقتصاص منه، وكان هذا أكبر مقاصد الخليل عليه السلام أن يجتمع الناس كلهم فيقيم على جميع عباد الأصنام الحجة على بطلان ما هم عليه، كما قال موسى عليه السلام لفرعون: ﴿موعدكم يوم الزينة وأن يحشر الناس ضحى[طه: 59]»[1/ 335].

· مقارنةً بديعةٌ بين حال إبراهيم عليه السَّلام وقومه في الدنيا والآخرة بسجع حسن

«قال الله تعالى: ﴿قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم﴾[الأنبياء: 69].

فأرادوا أن ينتصروا فخذلوا، وأرادوا أن يرتفعوا فاتضعوا، وأرادوا أن يغلبوا فغلبوا قال الله تعالى: ﴿وأرادوا به كيدا فجعلناهم الأخسرين﴾[الأنبياء: 70]، وفي الآية الأخرى: ﴿الأسفلين﴾ ففازوا بالخسارة والسفال هذا في الدنيا.

وأما في الآخرة فإن نارهم لا تكون عليهم بردًا ولا سلامًا، ولا يلقون فيها تحيَّة ولا سلاما، بل هي كما قال تعالى: ﴿إنَّها ساءت مستقرا ومقاما﴾[الفرقان: 66]».[1/ 339].

· من ترك شيئًا لله عوَّضه خيرًا منه!

«قال الله تعالى: ﴿فآمن له لوط وقال إني مهاجر إلى ربي إنه هو العزيز الحكيم ووهبنا له إسحاق ويعقوب وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين﴾[العنكبوت: 26] ﴿ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين﴾ [الأنبياء: 72 - 73].

لما هجر قومه في الله، وهاجر من بين أظهرهم، وكانت امرأته عاقرًا لا يولد لها، ولم يكن له من الولد أحد، بل معه ابن أخيه لوط بن هاران بن آزر وهبه الله تعالى بعد ذلك الأولاد الصالحين، وجعل في ذريته النبوة والكتاب، فكل نبي بعث بعده فهو من ذريته، وكل كتاب نزل من السماء على نبي من الأنبياء من بعده فعلى أحد نسله وعقبه خلعة من الله وكرامة له حين ترك بلاده وأهله وأقرباءه، وهاجر إلى بلد يتمكن فيها من عبادة ربه عز وجل ودعوة الخلق إليه»[1/ 346].

· تعيين الذَّبيح

قد أفاضَ ابن كثير –رحمه الله- في هذه المسألة وأطال فيها النَّفس نوعًا ما وأحال في نهايتها إلى أنَّه قد استقصى البحث فيها في كنابه «التَّفسير» فأحاول بإذن الله أن أنقل أكثر ذلك لما فيه من مباحثاتٍ لطيفةٍ واعتراضاتٍ بديعة والإجابة عنها.

من الأدلَّة على أنَّ الذبيح إسماعيل ما رواه الإمام أحمد –رحمه الله- عن صفية بنت شيبة قالت أخبرتني امرأة من بني سليم، ولدت عامة أهل دارنا قالت: أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عثمان بن طلحة. وقال مرة: إنها سألت عثمان لم دعاك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إني كنت رأيت قرني الكبش حين دخلت البيت فنسيت أن آمرك أن تخمرهما فخمرهما فإنه لا ينبغي أن يكون في البيت شيء يشغل المصلي». قال: سفيان لم تزل قرنا الكبش في البيت حتى احتراق البيت فاحترقا، وهكذا روي عن ابن عباس أن رأس الكبش لم يزل معلقا عند ميزاب الكعبة قد يبس، وهذا وحده دليل على أن الذبيح إسماعيل؛ لأنه كان هو المقيم بمكة وإسحاق لا نعلم أنه قدمها في حال صغره، والله أعلم.

ومن ذلك ظاهر القرآن بل كأنه نص على أنَّ الذبيح هو إسماعيل؛ لأنه ذكر قصة الذبيح، ثم قال بعده: ﴿وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين﴾ [الصافات: 112]، ومن جعله حالا فقد تكلف.

ومستند من قال أنَّه إسحاق إنما هو إسرائيليات، وكتابهم فيه تحريف، ولا سيما هاهنا قطعا لا محيد عنه فإن عندهم أن الله أمر إبراهيم أن يذبح ابنه وحيده وفي نسخة من المعربة: بكره إسحاق فلفظة إسحاق هاهنا مقحمة مكذوبة مفتراة؛ لأنه ليس هو الوحيد ولا البكر وإنما الوحيد البكر إسماعيل، وإنما حملهم على هذا حسد العرب فإن إسماعيل أبو العرب الذين يسكنون الحجاز الذين منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإسحاق والد يعقوب، وهو إسرائيل الذين ينتسبون إليه، فأرادوا أن يجروا هذا الشرف إليهم فحرفوا كلام الله وزادوا فيه وهم قوم بهت، ولم يقروا بأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء، وقد قال بأنه إسحاق طائفة كثيرة من السلف، وغيرهم، وإنما أخذوه والله أعلم من كعب الأحبار أو صحف أهل الكتاب، وليس في ذلك حديث صحيح عن المعصوم حتى نترك لأجله ظاهر الكتاب العزيز ولا يفهم هذا من القرآن، بل المفهوم بل المنطوق بل النص عند التأمل على أنه إسماعيل.

ومن الاستدلالات اللطيفة الحسنة ما استدل به محمد بن كعب القرظي على أنه إسماعيل، وليس بإسحاق من قوله: ﴿فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب﴾[هود: 71] قال: فكيف تقع البشارة بإسحاق وأنه سيولد له يعقوب، ثم يؤمر بذبح إسحاق وهو صغير قبل أن يولد له؟!هذا لا يكون؛ لأنه يناقض البشارة المتقدمة، والله أعلم.

وقد اعترض السهيلي على هذا الاستدلال بما حاصله أن قوله: ﴿فبشرناها بإسحاق﴾ [هود: 71] جملة تامة. وقوله: ﴿ومن وراء إسحاق يعقوب[هود: 71] . جملة أخرى ليست في حيز البشارة، قال: لأنه لا يجوز من حيث العربية أن يكون مخفوضا إلا أن يعاد معه حرف الجر فلا يجوز أن يقال مررت بزيد ومن بعده عمرو حتى يقال ومن بعده بعمرو. وقال فقوله: ﴿ومن وراء إسحاق يعقوب﴾ [هود: 71] . منصوب بفعل مضمر تقديره ووهبنا لإسحاق يعقوب، وفي هذا الذي قاله نظر، ورجح أنه إسحاق واحتج بقوله: ﴿فلما بلغ معه السعي﴾ [الصافات: 102] . قال: وإسماعيل لم يكن عنده إنما كان في حال صغره هو وأمه بحيال مكة فكيف يبلغ معه السعي؟!

وهذا أيضا فيه نظر؛ لأنه قد روي أن الخليل كان يذهب في كثير من الأوقات راكبا البراق إلى مكة يطلع على ولده وابنه، ثم يرجع، والله أعلم.[1/ 366-370].

فتحي إدريس
3/شوال/1436

يتبع إن شاء الله.


التعديل الأخير تم بواسطة فتحي إدريس ; 19 Jul 2015 الساعة 05:04 PM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 20 Jul 2015, 07:13 AM
أبو البراء
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

ما أجمل وأحسنَ هذه التُّحف والفوائدَ الَّتي تسوقها إلينا وتبثُّها فينا، أسـال الله تعالى ان يجزيك خيرًا، ويستعملَك في حمل شريعته والذَّبِّ عنها.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 20 Jul 2015, 06:27 PM
أبو عمر محمد أبو عمر محمد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2015
المشاركات: 176
افتراضي

بارك الله في جهودك و نفعنا الله بما نقرأ.
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 23 Jul 2015, 12:19 AM
أبو عبد الله طارق أبو عبد الله طارق غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jul 2014
المشاركات: 123
افتراضي

بارك الله فيك أخي فتحي على هذه الفوائد القيمة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أنا إبن الذبيحين )
المقصود أبوه عبد الله و إسماعيل عليه السلام
لأن نسبه إلى إسماعيل عليه السلام
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 24 Jul 2015, 04:39 PM
فتحي إدريس
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

أحسن الله إليكم شيخ خالد على مرورك الكريم، والشُّكْرُ موصول للأخوين الفاضلين: عمر وطارق، فبارك الله فيكم وحفظكم.
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
فوائد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013