بارك الله فيك على نثر هاته الفوائد وجمع تلك الفرائد.
لكن يبدو لي -والله أعلم - أن القول الأول هو الأقرب والأصوب وذلك لعدة اعتبارات:
أولها: لو كان الضمير عائدا الى التعمير لما عادت ثمة فائدة من ذكر البدل (أن يعمر)، فيكون تقدير الكلام: (وما تعميره بمزحزحه من العذاب) فالمعنى هنا تام، فلو أضيف (أن يعمر) لاختلَّ وصار تكرارا ينزه عنه أحسن وأبلغ الكلام.
الثاني: يتَّحد على القول الثَّالث البدل والمبدل منه، قيصيران كأنهما كلمة واحدة، فالضمير (هو) بمعنى: تعميره، و البدل بمعنى (تعميره)، وهذا تكرار بلا فائدة، ولا حاجة إليه.
الثالث: إعمال قاعدة (الضَّمير يرجع الى أقرب مذكور إلا بقرينة صارفة) ينتج عنه ترجيح القول الأول، لأن المذكور قبله هو (أحدهم)، ولا أحد مذكور معه حقيقة ولفظا، والمصدر المفهوم في (لو يعمر) إنما استفيد من المفهوم، وليس من المنطوق، فلا يُقَدَّم عليه.
مع أنَّ في الفعل (يُعمَّر) ضمير مقدَّر يرجع على أحدهم، وهو آخر مذكور فيرجع إليه الضمير اعتمادًا على القاعدة السَّابقة.
وكذلك الضمير (الهاء) في (بمزحزحه)، فأقرب مذكور إليه هو الضمير (هو) ولا خلاف أنَّ الهاء تعود على (أحدهم).
فيتَّحد بذلك مرجع الضَّميرين إلى كلمة واحدة، بخلاف من رَدَّ الضَّمير (هو) إلى التَّعمير، فيلزمه القول بأن الهاء عادت إلى أبعد مذكور.
والله أعلم.
|