تفصيل حديثي ماتع لحال الرواة في ضبطهم وحفظهم للشيخ عبدالله بن عبدالرحيم البخاري حفظه الله
الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:
فإن من الوسائل المعينة والطرق الميتنة لضبط العلم الإحسان في بسطه والإتقان في عرضه وذلك بدقة تقسيمه و جمال تشجيره و روعة تفصيله.
وأثناء مطالعتي لرسالة التعليقات الرضية على المنظومة البيقونية لفضيلة الشيخ أبو عبدالرحيم عبدالله بن عبدالرحيم البخاري المدرس بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية -حفظه الله و زاده من فضله وإحسانه- وعند تطرقه لمبحث الضبط في شروط الحديث الصحيح عرج على التنبيه على أمور مهمة تختص بحال الرواة الضابطين أعجبني حسن تفصيله وجمال عرضه وتبيينه فأحببت أن أنقلها لإخواني الأكارم في هذا المنتدى المبارك:
قال الشيخ عبدالله البخاري حفظه الله في كتابه الماتع التعليقات الرضية طبعة دار الاستقامة ص36---39:
ما سبق هو تقرير لأقسام الضبط مع التمثيل لها، لكن يجب على الباحث أن يتنبه لأمور مهمة تتعلق بالضبط أيضا، وهي تختص بحال الرواة الضابطين، نشير إليها إشارة ومحلها المطولات.
فمن ذلك : أن بعض الرواة:
أ- يكون ضابطا في وقت دون وقت أو زمن دون زمن، وهو المعبر عنه بـ (المختلط)، فمثلا:
1- عبدالرحمن بن عبدالله المسعودي، ثقة، قال فيه الإمام أحمد:
" إنما اختلط ببغداد، ومن سمع منه بالكوفة والبصرة، فسماعه جيد". العلل ومعرفة الرجال (325/1) والكواكب النيرات لابن الكيال ص 291.
2- عارم أبو النعمان، قال الحافظ أبو حاتم: "... وبالجملة، فمن سمع منه قبل سنة عشرين ومائتين فسماعه جيد" الجرح والتعديل (58/8) وسؤالات السلمي للدارقطني (رقم 316/349).
ب- وبعضهم يكون ضابطا بمكان دون مكان، فمثلا:
1- يزيد بن هارون، الحافظ المعروف، قال صالح بن أحمد عن أبيه الإمام أحمد:" يزيد بن هارون، من سمع منه بواسط هو أصح ممن سمع ببغداد، لأنه كان بواسط يُلقن فيرجع إلى ما في الكتب". مسائل الإمام أحمد رواية صالح (181/1605/3) ونقله الحافظ ابن رجب في ( شرح علل الترمذي) ( 770/2).
ج- وبعضهم يكون ضابطا إن حدث عن أهل بلد دون أهل بلد آخر، فمثلا:
1- إسماعيل بن عياش الحمصي، قال الحافظ ابن رجب: " إذا حدث عن الشاميين فحديثه عنهم جيد، و إذا حدث عن غيرهم، فحديثه مضطرب.
هذا ما قاله الأئمة فيه، منهم: أحمد ويحيى والبخاري و أبو زرعة".
( شرح علل الترمذي) (773/2) و(الجرح والتعديل) (191/2).
د- وبعضهم يكون ضابطا إذا روى عنه أهل بلد، لأنهم حفظواحديثه، دون أهل بلد آخر فلم يقيموا حديثه، فمثلا:
1- زهير بن محمد الخراساني المكي، ثقة شهير، قال الحافظ ابن رجب فيه: " فصل الخطاب في حال رواياته، أن أهل العراق يروون عنه أحاديث مستقيمة، وما خرج عنه في (الصحيح) فمن رواياتهم، و أهل الشام يروون عنه روايات منكرة، وقد بلغ الإمام أحمد روايات الشاميين عنه إلى أبلغ من الإنكار" ( شرح علل الترمذي) (777/2).
هـ- وبعضهم يكون ضابطا لحديث بعض شيوخه دون بعض، بمعنى أنه حافظ لحديث بعضهم، ضعيف في آخرين، فمثلا:
1- جعفر بن برقان الجزري، ثقة مشهور، قال الإمام أحمد: " جعفر بن برقان، ضابط لحديث ميمون، و حديث يزيد الأصم، وهو في حديث الزهري يضطرب ويختلف فيه".
( شرح علل الترمذي) (791/2).
2- محمد بن خازم الضرير أبو معاوية، ثقة معروف، قال الحافظ ابن رجب: " أبو معاوية ليس بالحافظ المتقن لحديث هشام بن عروة، إنما هو متقن لحديثالأعمش".
( فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن رجب ) ( 29/3) و( شرح علل الترمذي ) ( 812/2 ).
ويدخل في هذا:
من كان ضابطا لحديث بعض شيوخه على سبيل الإفراد دون الجمع، فإذا جمعهم ضعف، فمثلا:
1- عطاء بن السائب، ثقة مشهور، قال الامام شعبة لابن علية: " إذا حدثك عطاء بن السائب عن رجل واحد فهو ثقة، و إذا جمع فقال: زاذان وميسرة و أبو البختري، فاتقه، كان الشيخ قد تغير".
(شرح علل الترمذي) ( 813/2 ).
2- ليث بن أبي سُليم، قال الحافظ الدارقطني: " صاحب سنة يخرج حديثه، إنما أنكروا عليه الجمع بين عطاء وطاوس ومجاهد، حسب".
( سؤالات البرقاني للدارقطني) ( رقم 58/421) و ( شرح علل الترمذي) ( 813/2).
و- وبعضهم يكون ضابطا لفن دون فن، فمثلا:
1- صدقة بن سهل، قال ابن أبي شيبة: " سألت يحيى بن آدم عن صدقة ابن سهل؟ فقال: هذا شيخ من القراء، ولم يكن من أصحاب الحديث".
(مسائل ابن أبي شيبة عن شيوخه) (122/64).
2- أبو بكر بن عياش الكوفي، المحدث الكوفي، المحدث المقرئ، قال الحافظ الذهبي بعد أن نقل كلاما لبعض الحفاظ فيضعف حديثه عن بعض شيوخه كالأعمش، قال: " قلت: فأماحاله في القراءة، فقيمٌ بحرف عاصم، وقد خالفه حفص في أزيد من خمسمائة حرف، و حفص أيضا حجة في القراءة، لين في الحديث".
(سير أعلام النبلاء) (497/8).
تفصيل حديثي ماتع لحال الرواة في ضبطهم وحفظهم للشيخ عبدالله بن عبدالرحيم البخاري حفظه الله
العرض العادي
