منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26 Feb 2016, 11:15 PM
ابومارية عباس البسكري ابومارية عباس البسكري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
الدولة: الجزائر بسكرة
المشاركات: 703
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى ابومارية عباس البسكري
افتراضي جديد العلامة ربيع دحض أباطيل عبد الحميد الجهني التي أوردها في كتابه المسمَّى زورًا بالرد العلمي (الحلقة الثالثة)

دحض أباطيل عبد الحميد الجهني التي أوردها في كتابه المسمَّى زورًا بالرد العلمي

الحلقة الثالثة
(إبطال دعوى الإجماع المنسوب إلى الإمام الشافعي بالأدلة والبراهين)

بسم الله الرحمن الرحيم

قال الجهني الحدادي في كتابه (ص8):
"قال الإمام الشافعي رحمه الله: وكان الإجماع من الصحابة، والتابعين من بعدهم، ومن أدركناهم يقولون: الإيمان قول وعمل ونية، لا يجزئ واحد من الثلاثة إلَّا بالآخر...".
أقول:
إن دعوى الإجماع هذه المنسوبة إلى الإمام الشافعي لا تصح ولا تثبت عنه ولا عن غيره من السلف قبله.
وهاك أقوال أئمة السنة:
نقل شيخ الإسلام ما ذكره أبو عبيد القاسم بن سلام من أقوال أهل السنة في تعريف الإيمان، فقال رحمه الله:
"قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَامٍ الْإِمَامُ - وَلَهُ كِتَابٌ مُصَنَّفٌ فِي الْإِيمَانِ قَالَ -: هَذِهِ تَسْمِيَةُ مَنْ كَانَ يَقُولُ: الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ.
مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ: عُبَيْدُ بْن عُمَيْرٍ الليثي عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ مُجَاهِدُ بْنُ جَبْرِ وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ؛ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ؛ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ؛ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ جَرِيحٍ نَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ دَاوُد بْنُ عَبْدِالرَّحْمَنِ الْعَطَّارُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ.
وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ: مُحَمَّدُ بْنُ شِهَابٍ الزَّهْرِيُّ رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِالرَّحْمَنِ أَبُو حَازِمٍ الْأَعْرَجُ سَعْدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ هِشَامُ ابْنُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْعُمْرِيُّ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي ذِئْبٍ سُلَيْمَانُ ابْنُ بِلَالٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي الماجشون - عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ.
وَمِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ: طَاوُوسٌ الْيَمَانِيُّ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ.
وَمِنْ أَهْل مِصْرَ وَالشَّامِ: مَكْحُولٌ الأوزاعي سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ الأيلي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ يَزِيدُ بْنُ شريح سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ حيوة بْنُ شريح، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ.
وَمَنْ سَكَنَ الْعَوَاصِمَ وَغَيْرَهَا مِنْ الْجَزِيرَةِ: مَيْمُونُ بْنُ مهران، يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ، مَعْقِلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو الرقي، عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَالِكٍ، المعافي ابْنُ عِمْرَانَ، مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْحَرَّانِي، أَبُو إسْحَاقَ الفزاري، مخلد بْنُ الْحُسَيْنِ، عَلِيُّ بْنُ بكار، يُوسُفُ بْنُ أَسْبَاطٍ، عَطَاءُ بْنُ مُسْلِمٍ، مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ.
وَمِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ: عَلْقَمَةُ، الْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ، أَبُو وَائِلٍ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْم عَامِرٌ الشَّعْبِيُّ، إبْرَاهِيمُ النَّخَعِي، الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ، مَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ، سَلَمَةُ بْنُ كهيل، مُغِيرَةُ الضبي، عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، إسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، أَبُو حَيَّانَ، يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، سُلَيْمَانُ بْنُ مهران، الْأَعْمَشُ، يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّوْرِيُّ، سُفْيَانُ ابْنُ عُيَيْنَة، الْفُضَيْل بْنُ عِيَاضٍ، أَبُو الْمِقْدَامِ، ثَابِتُ بْنُ الْعَجْلَانِ، ابْنُ شبرمة، ابْنُ أَبِي لَيْلَى، زُهَيْرٌ، شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، أَبُو الْأَحْوَصِ، وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، أَبُو أُسَامَةَ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إدْرِيسَ، زَيْدُ بْنُ الحباب، الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الجعفي، مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ العبدي، يَحْيَى بْنُ آدَمَ وَمُحَمَّدٌ وَيَعْلَى وَعَمْرُو بَنُو عُبَيْدٍ.
وَمِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ: الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِين قتادة ابْنُ دِعَامَةَ بَكْرُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ المزني أَيُّوبُ السختياني يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ سُلَيْمَانُ التيمي هِشَامُ ابْنُ حَسَّانَ الدستوائي شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ أَبُو الْأَشْهَبِ يَزِيدُ ابْنُ إبْرَاهِيمَ أَبُو عَوَانَةَ وهيب بْنُ خَالِدٍ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ التيمي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ يَزِيدُ بْنُ زريع الْمُؤَمِّلُ ابْنُ إسْمَاعِيلَ خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِي. وَمِنْ أَهْلِ وَاسِطٍ: هشيم بْنُ بَشِيرٍ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ صَالِحُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ. وَمِنْ أَهْلِ الْمَشْرِقِ: الضَّحَّاكُ بْنُ مُزَاحِمٍ أَبُو جَمْرَةَ نَصْرُ بْنُ عِمْرَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ النَّضْرُ بْنُ شميل جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الضبي.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: هَؤُلَاءِ جَمِيعًا يَقُولُونَ: الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ. وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ السُّنَّةِ الْمَعْمُولُ بِهِ عِنْدَنَا".اهـ.
أقول:
لقد بلغ عدد هؤلاء الأئمة (134)، انظر [مجموع الفتاوى] (7/309-311).
وأضاف أبو عبيد قوله: "وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ السُّنَّةِ الْمَعْمُولُ بِهِ عِنْدَنَا".
فهؤلاء الأئمة من التابعين فمن بعدهم، وكلهم أو جلهم سابق للإمام الشافعي لم يزيدوا أو أحد منهم على القول بأن "الإيمان قول وعمل يزيد وينقص"، ألا يدل هذا كله على بطلان تلك الزيادة: "لا يجزئ واحد من الثلاثة إلَّا بالآخر".
فنحن نُسلِّم بما نقله الشافعي بقوله: "الإيمان قول وعمل يزيد وينقص"؛ لأنه موافق لما قاله أئمة الإسلام المذكورون.
ونرد هذه الزيادة لظهور بطلانها ومخالفتها لما قاله ونقله أئمة الإسلام الوارد ذكرهم فيما أسلفنا.
ونقله الإمام البخاري عن ألف عالم من مختلف بلدان الإسلام.
وفيما نقله أبو حاتم وأبو زرعة الرازيان عن علماء الإسلام من مختلف البلدان.
وفيما نقله أبو عبيد عن علماء مختلف البلدان الإسلامية، وقد مضى في صدر هذا المقال.
فلو سلمنا بهذه الزيادة لاقتضى هذا التسليم رمي السلف جميعًا بالإرجاء على مذهب الحدادية، ولا سيما من نقل عنهم الأئمة: أبو عبيد، والإمام البخاري، وأبو حاتم، وأبو زرعة أنهم كلهم يقولون: إن الإيمان قولٌ وعملٌ يزيد وينقص.
ومنهم من يقتصر على القول بأن الإيمان: قولٌ، وعملٌ.
فهل يرتدع الحدادية عن التعلق بهذه الزيادة المنسوبة إلى الإمام الشافعي برأه الله منه، أو يصرون على التشبث بها؟ فيظهر للقراء أنهم يقذفون السلف جميعًا بالإرجاء. ويظهر للقراء أن هذه الفئة شر من الخوارج.
ثم أقول:
ولا نستبعد أن يكون بعض الخوارج قد دسَّ هذه الزيادة في كتاب اللالكائي.
فلأهل الأهواء مكر وألاعيب معروفة:
1- فقد كذبوا على رسول الله –صلى الله عليه وسلم- كثيراً وكثيراً.
2-وكذبوا على علي رضي الله عنه، وكتب الروافض مليئة بالكذب على علي رضي الله عنه وعلى أهل بيته.
قال الإمام مسلم رحمه الله في مقدمة صحيحه:
حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو الضَّبِّيُّ، حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَسْأَلُهُ أَنْ يَكْتُبَ لِي كِتَابًا، وَيُخْفِي عَنِّي، فَقَالَ: «وَلَدٌ نَاصِحٌ أَنَا أَخْتَارُ لَهُ الْأُمُورَ اخْتِيَارًا، وَأُخْفِي عَنْهُ»، قَالَ: فَدَعَا بِقَضَاءِ عَلِيٍّ، فَجَعَلَ يَكْتُبُ مِنْهُ أَشْيَاءَ، وَيَمُرُّ بِهِ الشَّيْءُ، فَيَقُولُ: «وَاللهِ مَا قَضَى بِهَذَا عَلِيٌّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ضَلَّ».
3- ويكذبون على العلماء كيدًا ومكرًا، ومن ذلك الكذب على شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، ومنه ما قال ابن القيم رحمه الله في [روضة المحبين] (ص131):
"وأما من حاكمتمونا إليه وهو شيخ الإسلام ابن تيمية فنحن راضون بحكمه فأين أباح لكم النظر المحرم وعشق المردان والنساء الأجانب وهل هذه إلا كذب ظاهر عليه وهذه تصانيفه وفتاواه كلها ناطقة بخلاف ما حكيتموه عنه وأما الفتيا التي حكيتموها فكذب عليه لا تناسب كلامه بوجه ولولا الإطالة لذكرناها جميعها حتى يعلم الواقف عليها أنها لا تصدر عمن دونه فضلا عنه وقلت لمن أوقفني عليها هذه كذب عليه لا يشبه كلامه وكان بعض الأمراء قد أوقفني عليها قديما وهي بخط رجل متهم بالكذب وقال لي ما كنت أظن الشيخ برقة هذه الحاشية ثم تأملتها فإذا هي كذب عليه ولولا الإطالة لذكرنا من فتاويه ما يبين أن هذه كذب...".
قال الجهني في كتابه (ص9 - 14):
"ودونك أيها القارئ الكريم أقوال أئمة السُّنة في أن الإيمان لا يصح من غير عمل، وهي كلمة إجماع بينهم لم يخالفهم سوى المرجئة ومن نحا نحوهم".
ثم نقل بهذا الصدد أقوال عشرة من الأئمة.
قال:
"1- قال الإمام الشافعي رحمه الله: وكان الإجماع من الصحابة، والتابعين من بعدهم، ومن أدركناهم يقولون: الإيمان قول وعمل ونية، لا يجزئ واحد من الثلاثة إلَّا بالآخر.
نقله عنه الإمام اللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (5/886)، وشيخ الإسلام ابن تيمية، كما في «مجموع الفتاوى» (7/209)، (7/308)، وكلاهما عزاه إلى كتاب «الأم» للشافعي".
أقول:
أولا: إن هذا القول الذي نُسب إلى الإمام الشافعي لا يثبت عنه بحال كما أسلفنا.
ودونك أيها القارئ مرة ثانية الأدلة الواضحة الجلية الدالة على بطلان نسبة هذا القول إلى هذا الإمام:
1- نقل الإمام ابن أبي حاتم عن الإمام الشافعي في [آداب الشافعي ومناقبه] (ص192)، حيث قال رحمه الله:
"حدثنا أبي، قال: سمعت حرملة بن يحيى قال: اجتمع حفص الفرد ومصلاق
الإباضي عند الشافعي في دار الجروي يعني بمصر فاختصما في الإيمان فاحتج مصلاق في الزيادة والنقصان، واحتج حفص الفرد في أن الإيمان قول، فعلا حفص الفرد على مصلاق وقوي عليه، وضعف مصلاق، فحمي الشافعي وتقلّد المسألة على أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص، فطحن حفصاً الفرد وقطعه".

2- وقال أبو نعيم في "الحلية" (9/114-115):
" حدثنا محمد بن عبد الرحمن حدثني أبو أحمد حاتم بن عبدالله الجهازي قال: سمعت الربيع بن سليمان يقول سمعت الشافعي يقول: الإيمان قول وعمل يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، ثم تلا هذه الآية : (ويزداد الذين آمنوا إيمانا ...) الآية.
حدثنا عبدالله بن محمد بن يعقوب ثنا أبو حاتم قال: سمعت الربيع يحكي عن الشافعي قال ما أعلم في الرد على المرجئة شيئا أقوى من قول الله تعالى: (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة)".
وقال –رحمه الله-: "حدثنا أبو محمد بن حيان ثنا عبدالله بن محمد بن يعقوب ثنا أبو حاتم قال: سمعت حرملة بن يحيى يقول: اجتمع حفص الفرد ومصلان الأباضي عند الشافعي في دار الجروي وأنا حاضر واختصم حفص الفرد ومصلان في الإيمان فاحتج على مصلان وقوي عليه وضعف مصلان فحمى الشافعي وتقلد المسألة على أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص فطحن حفصا الفرد وقطعه".
وأورده البيهقي من هذا الوجه في "مناقب الشافعي" (1/387).

3- وقال ابن عبد البر –رحمه الله- في "الانتقاء" (ص81):
"وذكر أبو القاسم عبيدالله بن عمر البغدادي الشافعي الذي استجلبه الحكم المستنصر بالله أمير المؤمنين وأسكنه الزهراء حدثنا محمد بن علي قال: نا الربيع قال: سمعت الشافعي يقول: الإيمان قول وعمل واعتقاد بالقلب ألا ترى قول الله عز وجل: (وما كان الله ليضيع إيمانكم)، يعني صلاتكم إلى بيت المقدس، فسمى الصلاة إيمانا وهي قول وعمل وعقد، قال الربيع: وسمعت الشافعي يقول: الإيمان يزيد وينقص".
4- وقال البيهقي –رحمه الله- في "مناقب الشافعي" (1/385):
" أخبرنا أبو عبد الله: محمد بن عبد الله الحافظ، قال: حدثني الزبير بن عبد الواحد الحافظ، بأسداباذ، قال: حدثني يوسف بن عبد الأحد، قال: حدثنا الربيع بن سليمان، قال: سمعت الشافعي -رضي الله عنه- يقول: الإيمان قول وعمل، ويزيد وينقص".
5- وقال الحافظ ابن حجر –رحمه الله- في "فتح الباري" (1/46-47):
"وقال الحاكم في مناقب الشافعي: حدثنا أبو العباس الأصم أخبرنا الربيع قال: سمعت الشافعي يقول: الإيمان قول وعمل، ويزيد وينقص. وأخرجه أبو نعيم في ترجمة الشافعي من الحلية من وجه آخر عن الربيع وزاد : يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية. ثم تلا: (ويزداد الذين آمنوا إيمانا) الآية".
أقول:
هذان الإمامان: حرملة والربيع من أبرز تلاميذ الإمام الشافعي ولم ينقلا عنه هذا القول، بل نقلا ما تراه من الكلام الذي يتفق مع كلام أئمة السنة، ولو كان هذا ثابتًا عن الإمام الشافعي لَـنَقَلَاه، وهؤلاء عدد من أئمة السنة ينقلون هذا القول دون أي تردد.
ثانيًا: إن هذا الإجماع المزعوم لم ينقله أحد من العلماء الكبار الذين ألَّفوا كتبًا خاصة بالإجماعات، وعلى رأسهم الإمام أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر المتوفى سنة (318) في كتابه الإجماع، حيث ذكر عددًا من الإجماعات تتعلق بالصلاة بما فيها اللباس والوتر من رقم (33-76)، ولم يذكر في هذا الموضع الإجماع على كفر تارك الصلاة.
ثم قال في (ص158) كتاب الساحر والساحرة:
"60- كتاب تارك الصلاة. قال أبو بكر: لم أجد فيهما إجماعًا".
فهذا الإمام ابن المنذر العلامة الواسع الاطلاع وهو من تلاميذ تلاميذ الإمام الشافعي ومن أعرف الناس بمذهبه لم يجد إجماعًا على كفر تارك الصلاة، ألا يدل هذا وذاك على بطلان هذا الإجماع المنسوب إلى الإمام الشافعي؟!
ثم قال هذا الإمام -أعني ابن المنذر- في كتابه [الإشراف على مذاهب العلماء] (8/246-247):
"1 - باب اختلاف أهل العلم في تارك الصلاة
قال أبو بكر:
م 5414 - اختلف أهل العلم فيمن ترك الصلاة عامداً حتى يخرج وقتها لغير عذر.
فقالت طائفة: هو كافر.
هذا قول إبراهيم النخعي، وأيوب السختياني، وابن المبارك، وأحمد، وإسحاق.
وقال أحمد: لا يكفر أحد بذنب إلا تارك الصلاة عمداً، فإن تارك الصلاة إلى أن يدخل وقت صلاة أخرى يستتاب ثلاثاً.
وبه قال سليمان بن داود، وأبو خيثمة، وأبو بكر بن أبي شيبة.
وقالت طائفة: يستتاب، فإن تاب وإلا قتل. ولم تسمِّهِ هذه الطائفة كافراً.
هذا قول مكحول، وبه قال مالك، وحماد بن زيد، ووكيع، والشافعي.
قال الشافعي: "وقد قيل: يُستتاب تارك الصلاة ثلاثًا، وذلك إن شاء الله حسن، فإن صلى في الثلاث وإلا قتل".
وفيه قول ثالث: وهو أن يضرب ويسجن. هذا قول الزهري.
وسئل الزهري عن رجل ترك الصلاة، قال: إن كان إنما تركها ابتدعٍ ديناً غير الإِسلام قتل، وإن كان إنما هو فاسق، ضرب ضرباً مبرحاً وسجن.
وقال النعمان: يضرب ويحبس حتى يصلي.
فهؤلاء عدد من الأئمة ومنهم الإمام الشافعي لا يكفرون تارك الصلاة.
وأقول:
إن قول الإمام الشافعي ومن قبله: مكحول، ومالك، وحماد بن زيد، ووكيع بعدم تكفير تارك الصلاة يدل على بطلان هذا الإجماع وعلى بطلان نسبته إلى الإمام الشافعي.
وقد ألَّف في الإجماع بعد الإمام ابن المنذر: ابن حزم، وابن القطان، لم يذكرا إجماعًا على كفر تارك الصلاة، وهذا مما يؤكد بطلان دعوى هذا الإجماع.
وقال الإمام البغوي رحمه الله في [شرح السنة] (2/180) باب وعيد تارك الصلاة: "وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وَمَكْحُولٌ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ: تَارِكُ الصَّلاةِ كَالْمُرْتَدِّ، وَلا يَخْرُجُ بِهِ عَنِ الدِّينِ.
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ، وَبِهِ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا يُقْتَلُ، بَلْ يُحْبَسُ وَيُضْرَبُ حَتَّى يُصَلِّيَ، كَمَا لَا يُقْتَلُ تَارِكُ الصَّوْمِ، وَالزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ".اهـ
وقال الإمام ابن القيم –رحمه الله- في "كتاب الصلاة" (ص5-9) ط/قطر:
"حكم تارك الصلاة عمداً.
لا يختلف المسلمون أن ترك الصلاة المفروضة عمدًا من أعظم الذنوب وأكبر الكبائر وأن إثمَه عند الله أعظم من إثم قتل النفس وأخذ الأموال ومن إثم الزنا والسرقة وشرب الخمر وأنه متعرض لعقوبة الله وسخطه وخزيه في الدنيا والآخرة.
ثم اختلفوا في قتله وفي كيفية قتله وفي كفره.
فأفتى سفيان بن سعيد الثوري وأبو عمرو الأوزاعي وعبد الله بن المبارك وحماد بن زيد ووكيع بن الجراح ومالك بن أنس ومحمد بن إدريس الشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه واصحابهم بأنه يقتل.
ثم اختلفوا في كيفية قتله فقال جمهورهم: يقتل بالسيف ضربا في عنقه. وقال بعض الشافعية: يضرب بالخشب إلى أن يصلي أو يموت. وقال ابن سريج: ينخس بالسيف حتى يموت؛ لأنه أبلغ في زجره وأرجى لرجوعه.
والجمهور يحتجون بقوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله كتب الإحسان في كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة" وضرب العنق بالسيف أحسن القتلات وأسرعها إزهاقا للنفس وقد سن الله سبحانه في قتل الكفار المرتدين ضرب الأعناق دون النخس بالسيف وإنما شرع في حق الزاني المحصن القتل بالحجارة ليصل الألم إلى جميع بدنه حيث وصلت إليه اللذة بالحرام؛ ولأن تلك القِتلة أشنع القتلات والداعي إلى الزنا داع قوي في الطِّباع فجعلت غلظة في مقابلة قوة الداعي؛ ولأن في هذه العقوبة تذكيرًا بعقوبة الله لقوم لوطٍ بالرَّجم بالحجارة على ارتكاب الفاحشة.
ثم قال رحمه الله:
"فصل
وقال ابن شهاب الزهري وسعيد بن المسيب وعمر بن عبد العزيز وأبو حنيفة وداود ابن علي والمزني يحبس حتى يموت أو يتوب ولا يقتل، واحتج لهذا المذهب بما رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها" رواه البخاري.
وعن ابن مسعود قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يحل دم امرئٍ مسلم يشهد أن لا إله الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة". أخرجاه في الصحيحين.
قالوا: ولأنها من الشرائع العملية فلا يقتل بتركها كالصيام والزكاة والحج.
قال الموجبون لقتله قال الله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} فأمر بقتلهم حتى يتوبوا من شركهم ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة.
ومن قال لا يقتل تارك الصلاة يقول متى تاب من شركه سقط عنه القتل وإن لم يقم الصلاة ولا آتى الزكاة وهذا خلاف ظاهر القرآن".
فهؤلاء عدد من أئمة الإسلام من قبل الإمام الشافعي لا يكفرون تارك الصلاة ويرون قتله إن لم يتب ويلتزم الصلاة.
وعلى رأس هؤلاء الأئمة: سعيد بن المسيب، والزهري، وعمر بن عبد العزيز رضي الله عنهم وهم من التابعين، فهؤلاء الأئمة من أعيان التابعين لا يكفرون تارك الصلاة ومنهجهم هذا يدل على بطلان دعوى الإجماع.
ثم قال الجهني:
"2- قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: الإيمان لا يكون إلَّا بعمل.
رواه عنه الإمام الخلال في «السنة» (3/566)".
أقول:
لا يبعد أن يكون قصد الإمام أحمد بيان أهمية العمل في الإسلام، ونحن نقول بذلك.
ومعروف عن الإمام أحمد أنه يقول بكفر تارك الصلاة، ومعروف عنه قوله في رسالته إلى مسدد:
"والإيمان قول وعمل يزيد وينقص: زيادته إذا أحسنت، ونقصانه: إذا أسأت. ويخرج الرجل من الإيمان إلى الإسلام، ولا يخرجه من الإسلام شيء إلا الشرك بالله العظيم، أو يرد فريضة من فرائض الله عز وجل جاحدا بها، فإن تركها كسلا أو تهاونا كان في مشيئة الله، إن شاء عذبه، وإن شاء عفا عنه" ، "طبقات الحنابلة" (1/343)، نشر دار المعرفة.
فالإمام أحمد هنا لا يكفر بترك الصلاة ولا يكفر إلا بالشرك بالله العظيم، أو الجحود، ويؤكد قوله هذا ما رواه عنه الخلال في السنة (1/588)، حيث قال:
أخبرنا محمد بن علي قال: ثنا صالح قال: سألت أبي ما زيادته ونقصانه؟ قال: زيادته العمل ونقصانه ترك العمل مثل تركه الصلاة والزكاة والحج وأداء الفرائض فهذا ينقص ويزيد بالعمل.
وقال: إن كان قبل زيادته تاما فكيف يزيد التام؟ فكما يزيد كذا ينقص، وقد كان وكيع قال: ترى إيمان الحجاج مثل إيمان أبي بكر وعمر رحمهما الله؟. إسناده صحيح.
وهذان القولان يستفاد منهما رجوعه عن تكفير تارك الصلاة؛ انطلاقًا من أحاديث الشفاعة، والله أعلم.
وقال نحوه ابن بطة في كتابه "الشرح والإبانة" (ص124-125).
ومن كلام أبي علي الحسن بن أحمد المعروف بابن البناء الحنبلي في كتابه "الرد على المبتدعة" خلال حديثه عن الشفاعة (ص193-195) قال:
"فصل وشفاعة نبينا -صلى الله عليه وسلم- في أهل الكبائر من أمته خلافاً للقدرية في قولهم: (ليس له شفاعة).
ومن دخل النار عقوبة خرج منها عندنا: بشفاعته، وشفاعة غيره، ورحمة الله عز وجل حتى لا يبقى في النار واحد قال مرة واحدة في دار الدنيا: (لا إله إلا الله) مخلصاً، وآمن به، وإن لم يفعل الطاعات بعد ذلك".
ومعروف عن الإمام أحمد أنه يبرئ من الإرجاء من يقول: "الإيمان يزيد وينقص".
قال الخلال في "السنة" (3/581) رقم (1009):
"أخبرني موسى بن سهل قال: ثنا محمد بن أحمد الأسدي قال: ثنا إبراهيم بن يعقوب عن إسماعيل بن سعيد قال: سألت أحمد عن من قال: الإيمان يزيد وينقص، قال: هذا بريء من الإرجاء".
وقال الإمام البربهاري في "شرح السنة" (ص123): "ومن قال: الإيمان قول وعمل يزيد وينقص فقد خرج من الإرجاء أوله وآخره".
وَقَالَ الإمام الفُضَيْل بن عياض: "يَقُولُ أَهْلُ الْإِرْجَاءِ: الْإِيمَانُ قَوْلٌ بِلَا عَمَلٍ وَيَقُولُ الْجَهْمِيَّةُ: الْإِيمَانُ الْمَعْرِفَةُ بِلَا قَوْلٍ وَلَا عَمَلٍ.
وَيَقُولُ أَهْلُ السُّنَّةِ: الْإِيمَانُ الْمَعْرِفَةُ وَالْقَوْلُ وَالْعَمَلُ.
فَمَنْ قَالَ: الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ فَقَدْ أَخَذَ بِالْوَثِيقَةِ.
وَمَنْ قَالَ: الْإِيمَانُ قَوْلٌ بِلَا عَمَلٍ. فَقَدْ خَاطَرَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَيُقْبَلُ إِقْرَارُهُ أَوْ يُرَدُّ عَلَيْهِ بِذُنُوبِهِ"، "السنة" للإمام عبدالله بن أحمد (1/376).
فهؤلاء الأئمة يبرِّئون من الإرجاء من يقول الإيمان قول وعمل يزيد وينقص، وأنتم أيها الحداديون لا ترفعون رؤوسكم بهذه الأقوال القائمة على العدل والإنصاف، بل أنتم تخالفونهم وتخالفون المئات من أهل السنة في أقوالهم السديدة؛ لأنكم لستم على منهجهم، بل أنتم على منهج الخوارج الذين ينصبون العداء لأهل السنة والجماعة.
ثم قال الجهني:
"3- وسُئل الإمام سهل بن عبد الله التُّسْتَري (ت283هـ) رحمه الله عن الإيمان ما هو؟ فقال:
هو قول ونية وعمل وسنة؛ لأن الإيمان إذا كان قولًا بلا عمل فهو كفر، وإذا كان قولًا وعملاً بلا نية فهو نفاق، وإذا كان قولاً وعملاً ونية بلا سنة فهو بدعة. «الإبانة الكبرى» للإمام ابن بطة (2/814).
قلت: ليس تعريف سهل بن عبد الله التُّستري رحمه الله للإيمان يخالف التعريف المتواتر عن السلف: أن الإيمان قول وعمل، بل هو شرح له.([1])
يُبيّن ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية فيقول:
قول السلف (يعني أن الإيمان قول وعمل): يتضمن القول والعمل الباطن والظاهر؛ لكن لما كان بعض الناس قد لا يفهم دخول النيةِ في ذلك؛ قال بعضهم: (ونيةٌ)، ثم بين آخرون: أن مطلق القول والعمل والنية لا يكون مقبولا إلا بموافقةِ السنةِ. وهذا حق أيضا فإن أُولئِك قالوا: قول وعمل ليبينوا اشتماله على الجنس ولم يكن مقصودهم ذكر صفات الأقوال والأعمال؛ وكذلك قول من قال: اعتقاد بالقلب وقول باللسان وعمل بالجوارح، جعل القول والعمل اسما لما يظهر؛ فاحتاج أن يضم إلى ذلك اعتقاد القلب ولابد أن يدخل في قوله: اعتقاد القلب أعمال القلب المقارنةِ لتصديقه مثل حب الله وخشيةِ الله؛ والتوكل على الله ونحو ذلك، فإن دخول أعمال القلب في الإيمان أولى من دخول أعمال الجوارح باتفاق الطوائِف كلها. انتهى «مجموع الفتاوى» (7/506)".
أقول:
ثم انظر إلى عمل هذا الرجل، يعترف بأن قول السلف: الإيمان قول وعمل.
ثم يرجف هو وحزبه على من يقول: الإيمان قول وعمل ويزيد وينقص. ويرمونهم بالإرجاء.
ثم إن كلام سهل فيه تكفير لتارك العمل والصلاة، وبه يقول بعض السلف؛ أخذًا منهم بنصوص فيها تكفير تارك الصلاة، ويخالفهم بعض السلف، ولهم أدلتهم الكثيرة، ومنها: أحاديث فضل التوحيد، وأحاديث الشفاعة المتواترة، وفي بعضها ذكر أنه يخرج من النار طبقات منها: يخرج من النار من في قلبه أدنى أدنى أدنى من مثقال ذرة من إيمان، وبعدها تأتي شفاعة أرحم الراحمين.
فهذا الصنف ليس لهم أعمال غير التوحيد، وما يقوم عليه التوحيد، وليس لهم شيء من أعمال الجوارح، وأحاديث الشفاعة مُسلَّم بها عند السلف أهل السنة جميعاً، ولا يخالفهم فيها إلا أهل الضلال من الخوارج والمعتزلة. والحدادية يركضون وراء هؤلاء الضلال فيقولون: إن أحاديث الشفاعة من المتشابه.
وهذا منهم عين الضلال.
فأحاديث الشفاعة من النصوص المحكمة التي اتفق على التسليم بها أهل السنة والجماعة أولهم وآخرهم.
وتذكر أيها القارئ الكريم أقوال أئمة السنة التي أسلفنا في مقالي السابق بعنوان: [عبد الحميد الجهني يقول إن أحاديث الشفاعة من المتشابه].
وقول شيخ الإسلام لا يعد تفسيرًا لكلام سهل.
وإنما فيه بيان وتركيز على أعمال القلوب، وأن دخولها في الإيمان أولى من دخول أعمال الجوارح باتفاق.
والحدادية لا يقيمون وزنًا لأعمال القلوب.
ثم قال الجهني:
"4- وقال الإمام الآجُرِّي رحمه الله في «الشريعة» (1/274): (باب: القول بأن الإيمان تصديق بالقلب، وإقرار باللسان، وعمل بالجوارح لا يكون مؤمنًا، إلَّا أن تجتمع فيه هذه الخصال الثلاث).
ثم قال رحمه الله: اعلموا رحمنا الله وإياكم أن الذي عليه علماء المسلمين أن الإيمان واجب على جميع الخلق، وهو تصديق بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالجوارح.
ثم اعلموا أنه لا تجزئ المعرفة بالقلب والتصديق إلَّا أن يكون معه الإيمان باللسان نطقًا، ولا تجزئ معرفة بالقلب، ونطق باللسان، حتى يكون عمل بالجوارح، فإذا كملت فيه هذه الثلاث الخصال: كان مؤمناً دلَّ على ذلك القرآن، والسُّنة، وقول علماء المسلمين.
وقال أيضاً (1/275): الأعمال –رحمكم الله- بالجوارح: تصديق عن الإيمان بالقلب واللسان، فمن لم يصدق الإيمان بعمله وبجوارحه: مثل الطهارة، والصلاة، والزكاة، والصيام والحج والجهاد، وأشباه لهذه ورضي من نفسه بالمعرفة والقول لم يكن مؤمناً، ولم ينفعه المعرفة والقول، وكان تركه للعمل تكذيباً منه لإيمانه، وكان العمل بما ذكرناه تصديقاً منه لإيمانه، وبالله التوفيق. انتهى
وقال رحمه الله (1/311): بل نقول والحمد لله قولاً يوافق الكتاب والسنة، وعلماء المسلمين الذين لا يستوحش مَن ذَكَرهم، وقد تقدم ذكرنا لهم: إن الإيمان معرفة بالقلب تصديقاً يقيناً، وقول باللسان، وعمل بالجوارح، ولا يكون مؤمناً إلَّا بهذه الثلاثة، لا يجزئ بعضها عن بعض، والحمد لله على ذلك. انتهى
أقول:
إن أقوال الإمام الآجري تتضمن نفي الإيمان عن من لا يقوم بأعمال الجوارح، وهذا:
1-يحتمل أنه يكفر تارك عمل الجوارح.
2- ويحتمل أنه يقصد أنه كفرٌ لا يخرج صاحبه من ملة الإسلام.
كما في قوله –صلى الله عليه وسلم-: «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ".
ومثل قوله –صلى الله عليه وسلم-: "والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن" . قيل: ومن يا رسول الله ؟ قال: "الذي لا يأمن جاره بوائقه".
ومثل قوله –صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ أَتَى حَائِضًا، أَوِ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا، أَوْ كَاهِنًا، فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ».
وما جرى مجرى هذه النصوص مما يقصد به كفر دون كفر عند أهل السنة.
ويرجح هذا الاحتمال الثاني إيمانه المطلق وتسليمه المطلق بكل أحاديث الشفاعة وأحاديث فضل التوحيد كما في كتابه "الشريعة".
وهاك بعض أقواله:
قال –رحمه الله- في "الشريعة" (ص274):
1-"بابُ وجُوبِ الْإِيمَانِ بِالشَّفَاعَةِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: اعْلَمُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ , أَنَّ الْمُنْكِرَ لِلشَّفَاعَةِ يَزْعُمُ أَنَّ مَنْ دَخَلَ النَّارَ فَلَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا , وَهَذَا مَذْهَبُ الْمُعْتَزِلَةِ يُكَذِّبُونَ بِهَا , وَبِأَشْيَاءَ سَنَذْكُرُهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى , مِمَّا لَهَا أَصْلٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَسُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَسُنَنِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ , وَقَوْلِ فُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ فَالْمُعْتَزِلَةُ يُخَالِفُونَ هَذَا كُلَّهُ, لَا يَلْتَفِتُونَ إِلَى سُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَلَا إِلَى سُنَنِ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَإِنَّمَا يُعَارِضُونَ بِمُتَشَابِهِ الْقُرْآنِ , وَبِمَا أَرَاهُمُ الْعَقْلُ عِنْدَهُمْ , وَلَيْسَ هَذَا طَرِيقُ الْمُسْلِمِينَ وَإِنَّمَا هَذَا طَرِيقُ مَنْ قَدْ زَاغَ عَنْ طَرِيقِ الْحَقِّ وَقَدْ لَعِبِ بِهِ الشَّيْطَانُ , وَقَدْ حَذَّرَنَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِمَّنْ هَذِهِ صِفَتِهِ , وَحَذَّرَنَاهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَذَّرَنَاهُمْ أَئِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ قَدِيمًا وَحَدِيثًا.
فَأَمَّا مَا حَذَّرَنَاهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَأَنْزَلَهُ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَحَذَّرَنَاهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ , هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٍ} [آل عمران: 7] إِلَى قَوْلِهِ: {وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ}.
قول هذا الإمام:
"وَلَيْسَ هَذَا طَرِيقُ الْمُسْلِمِينَ وَإِنَّمَا هَذَا طَرِيقُ مَنْ قَدْ زَاغَ عَنْ طَرِيقِ الْحَقِّ وَقَدْ لَعِبِ بِهِ الشَّيْطَانُ , وَقَدْ حَذَّرَنَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِمَّنْ هَذِهِ صِفَتِهِ , وَحَذَّرَنَاهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ...". إلخ
تنطبق هذه التحذيرات على الفرقة الحدادية التي ترجف وتهوش على أحاديث فضل التوحيد وأحاديث الشفاعة ومن يسلم بها.
715-حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ هَارُونُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ زِيَادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْعَدَنِيُّ قَالَ: أَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ , عَنْ أَيُّوبَ , عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ , عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ} [آل عمران: 7] الْآيَةَ فَقَالَ: «إِذَا رَأَيْتُمُ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيهِ فَهُمُ الَّذِينَ عَنَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَاحْذَرُوهُمْ».
716-حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: نا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ الْأَصْبَهَانِيُّ قَالَ: نا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: أَنْبَأَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ , عَنِ الْقَاسِمِ , عَنْ عَائِشَةَ رَحِمَهَا اللَّهُ تَعَالَى قَالَتْ: تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَةَ {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ} [آل عمران: 7] إِلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ} [آل عمران: 7] مِنْهُ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ سَمَّاهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَكُمْ , فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمْ فَاحْذَرُوهُمْ» قَالَهَا ثَلَاثًا".
فهذه النصوص تنطبق على الحدادية ومنهم هذا الجهني، فليتوبوا إلى الله من محاربة نصوص الكتاب والسنة، ومن محاربة من يسلم بها وينقاد لها.
وساق أدلة أخرى.
2-ثم قال في (ص276-277):
"قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّ الْمُكَذِّبَ بِالشَّفَاعَةِ أَخْطَأَ فِي تَأْوِيلِهِ خَطَأً فَاحِشًا خَرَجَ بِهِ عَنِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.
وَذَلِكَ أَنَّهُ عَمَدَ إِلَى آيَاتٍ مِنَ الْقُرْآنِ نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الْكُفْرِ , أَخْبَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَنَّهُمْ إِذَا دَخَلُوا النَّارَ أَنَّهُمْ غَيْرُ خَارِجَيْنَ مِنْهَا, فَجَعَلَهَا الْمُكَذِّبُ بِالشَّفَاعَةِ فِي الْمُوَحِّدِينَ, وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى أَخْبَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِثْبَاتِ الشَّفَاعَةِ أَنَّهَا إِنَّمَا هِيَ لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ , وَالْقُرْآنُ يَدُلُّ عَلَى هَذَا , فَخَرَجَ بِقَوْلِهِ السُّوءِ عَنْ جُمْلَةِ مَا عَلَيْهِ أَهْلُ الْأَيْمَانِ , وَاتَّبَعَ غَيْرَ سَبِيلِهِمْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: 115].
أقول:
وللحدادية نصيب من ضلال هؤلاء الذين نص عليهم الإمام الآجري، وما وجهه إليهم من الذم والطعن؛ لأن هؤلاء الحدادية يعتبرون أحاديث الشفاعة الواضحة والمتواترة من المتشابه، ويرمون بالإرجاء من يؤمن بها ويسلم بها ويرى أنها من المحكمات، كما أنهم لا يرفعون رأسًا بقول الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ).
ثم قال:
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ: فَكُلُّ مَنْ رَدَّ سُنَنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسُنَنَ أَصْحَابِهِ فَهُوَ مِمَّنْ شَاقَقَ الرَّسُولَ وَعَصَاهُ , وَعَصَى اللَّهَ تَعَالَى بِتَرْكِهِ قَبُولَ السُّنَنِ , وَلَوْ عَقَلَ هَذَا الْمُلْحِدُ وَأَنْصَفَ مِنْ نَفْسِهِ , عَلِمَ أَنَّ أَحْكَامَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَجَمِيعَ مَا تَعَبَّدَ بِهِ خَلْقَهُ إِنَّمَا تُؤْخَذُ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ , وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ نَبِيَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَنْ يُبَيِّنَ لِخَلْقِهِ مَا أَنْزَلَهُ عَلَيْهِ مِمَّا تَعَبَّدَهُمْ بِهِ , فَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 44].
وَقَدْ بَيَّنَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِأُمَّتِهِ جَمِيعَ مَا فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِمْ مِنْ جَمِيعِ الْأَحْكَامِ وَبَيَّنَ لَهُمْ أَمْرَ الدُّنْيَا وَأَمْرَ الْآخِرَةِ وَجَمِيعَ مَا يَنْبَغِي أَنْ يُؤْمِنُوا بِهِ وَلَمْ يَدَعْهُمْ جَهَلَةً لَا يَعْلَمُونَ حَتَّى أَعْلَمَهُمْ أَمْرَ الْمَوْتِ وَالْقَبْرِ وَمَا يَلْقَى الْمُؤْمِنُ , وَمَا يَلْقَى الْكَافِرُ , وَأَمْرَ الْمَحْشَرِ وَالْوُقُوفَ وَأَمْرَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ حَالًا بَعْدَ حَالٍ يَعْرِفُهُ أَهْلُ الْحَقِّ , وَسَنَذْكُرُ كُلَّ بَابٍ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى".
أقول:
استفيدوا أيها الحدادية من كلام هذا الإمام ولا تكونوا من الذين يشاقون الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
ثم واصل الكلام إلى (ص279)، ثم قال: "باب مَا رُوِيَ أَنَّ الشَّفَاعَةَ إِنَّمَا هِيَ لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ".
ثم ساق حديثين من طرق عن جابر وعن أنس نصهما «شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي».
3-ثم قال في (ص280): "بَابُ مَا رُوِيَ أَنَّ الشَّفَاعَةَ لِمَنْ لَمْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ تَعَالَى شيئاً".
ثم أورد حديثاً عن أبي هريرة من ثلاث طرق عن أبي صالح وعن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: «لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ فَتَعَجَّلَ كُلُّ نَبِيٍّ دَعْوَتَهُ وَأَخَّرْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي فَهِيَ نَائِلَةٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا».
ونص حديث أبي سعيد عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَقَدْ ظَنَنْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَنْ لَا يَسْأَلَنِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَحَدٌ أَوَّلَ مِنْكَ , لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ , أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ خَالِصًا مِنْ نَفْسِهِ ".
أقول:
انظر إلى ترجمة هذا الإمام لهذين الحديثين عن أبي هريرة بقوله: "بَابُ مَا رُوِيَ أَنَّ الشَّفَاعَةَ لِمَنْ لَمْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ تَعَالَى شيئًا" مسلمًا بما دل عليه هذان الحديثان، وكل أهل السنة يسلمون بها وبأحاديث الشفاعة كلها المتواترة كلها، ويرون أن هذه النصوص النبوية الصحيحة حق، ومن المحكمات، ويسلمون بما دلت عليه وتضمنته.
والحدادية يرون أنها من المتشابه، ويرجفون عليها وعلى من يؤمن بها ويرى أنها من المحكمات ويسلم بها، ويحاربونه أشد الحرب ويرمونه بالإرجاء.
ثم قال رحمه الله في (ص281):
"بَابُ ذِكْرِ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ يَدْعُو بِهَا, وَاخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي».
ثم أورد حديثاً من ثلاث طرق عن أبي هريرة ونصه:
أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: «لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ يَدْعُو بِهَا فَأَنَا أُرِيدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَخْتَبِئَ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ».
أخرجه البخاري في الرقاق حديث (6570)، وأحمد في "المسند" (2/494).
ثم أورد حديثاً عن أنس –رضي الله عنه- رواه أحمد والبخاري ومسلم.
ثم قال في (ص282) باب (67): "بَابُ ذِكْرِ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِنَّ اللَّهَ خَيَّرَنِي بَيْنَ أَنْ يُدْخِلَ نِصْفَ أُمَّتِي الْجَنَّةَ أَوِ الشَّفَاعَةَ فَاخْتَرْتُ الشَّفَاعَةَ».
وساق حديثاً طويلاً عن عوف بن مالك الأشجعي قال: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ.
وساق قطعة منه: «إِنَّهُ أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ فَخَيَّرَنِي بَيْنَ الشَّفَاعَةِ وَبَيْنَ أَنْ يُدْخِلَ نِصْفَ أُمَّتِي الْجَنَّةَ فَاخْتَرْتُ الشَّفَاعَةَ» فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ , اجْعَلْنَا مِنْ أَهْلِ شَفَاعَتِكَ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُشْهِدُ مَنْ حَضَرَنِي أَنَّ شَفَاعَتِي لِمَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا»، ولقد سلم هذا الإمام بهذا الحديث وما في معناه، والحدادية يحاربون أشد الحرب من يسلم بهذه الأحاديث.
ثم ساقه مرة أخرى عن عوف بن مالك –رضي الله عنه-. أخرجه الإمام أحمد (4/493)، ثم ساق أبواباً أخرى في الشفاعة.
ثم قال في (ص290) : "قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حُسَيْنٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: فَأَنَا أَرْجُو لِمَنْ آمَنَ بِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الشَّفَاعَةِ وَبِقَوْمٍ يُخْرَجُونَ مِنَ النَّارِ مِنَ الْمُوَحِّدِينَ , وَبِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ , وَبِجَمِيعِ مَا سَنَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الْمَحَبَّةِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِأَهْلِ بَيْتِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَصَحَابَتِهِ وَأَزْوَاجِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ: أَنْ يَرْحَمَنَا مَوْلَانَا الْكَرِيمُ , وَلَا يَحْرِمَنَا وَإِيَّاكُمْ مِنْ تَفَضُّلِهِ وَرَحْمَتِهِ , وَأَنْ يُدْخِلَنَا وَإِيَّاكُمْ فِي شَفَاعَةِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَشَفَاعَةِ مَنْ ذَكَرْنَا مِنَ الصَّحَابَةِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ , وَأَزْوَاجِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ , وَمَنْ كَذَّبَ بِالشَّفَاعَةِ , فَلَيْسَ لَهُ فِيهَا نَصِيبٌ , كَمَا قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ –رضي الله عنه-".
أقول:
وأنا ربيع أؤمن بأحاديث الشفاعة المتواترة والثابتة عن خاتم النبين وسيد الشفعاء –عليه الصلاة والسلام-، ولا أنكر منها كلمة ولا حرفاً، وأرجو الله أن يدخلني في شفاعة محمد –صلى الله عليه وسلم-، وأن يعيذني من حال من ينكرها ويعدها من المتشابه، ويورد عليها الشبه مثل الحدادية.
وإني لأرجو أن يوفقهم الله إلى التوبة النصوح من هذه الأساليب والمواقف، ومن طعنهم في أهل السنة السابقين واللاحقين ورميهم بالإرجاء بغياً وعدواناً، وبناء منهم على منهج باطل وأصول فاسدة مناقضة لنصوص الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح.
ثم قال الجهني:
"5- وقال الإمام أبو عبد الله بن بطة رحمه الله في «الإبانة» (2/795) بعد أن ذكر الآيات الدالة على أن العمل من الإيمان-: فقد تلوت عليكم من كتاب الله عز وجل ما يدل العقلاء من المؤمنين أن الإيمان قول وعمل، وأن من صدَّق بالقول وترك العمل كان مكذِّباً وخارجاً من الإيمان، وأن الله لا يقبل قولاً إلَّا بعمل ولا عملاً إلَّا بقول. انتهى".
أقول:
ولابن بطة قول آخر بعدم تكفير تارك الصلاة، بل يقول: "ويخرج الرجل من الإيمان إلى الإسلام ولا يخرجه من الإسلام إلا الشرك بالله أو يرد فريضة من فرائض الله...". إلخ. انظر [الشرح والإبانة] (ص124-125).
ولا يبعد أن يكون قد رجع عن التكفير إلى هذا القول؛ تسليمًا منه بأحاديث فضل التوحيد وأحاديث الشفاعة، وتأسيًا بأئمة الإسلام الذين لا يكفرون إلا بالشرك.
ثم قال الجهني:
"6- وقال الإمام الزاهد القدوة شيخ قرطبة أبو عبد الله بن أبي زَمَنين رحمه الله (ت399هـ) في (أصول السنة ص207): والإيمان بالله هو باللسان والقلب، وتصديق ذلك العمل؛ فالقول والعمل قرينان لا يقوم أحدهما إلا بصاحبه. انتهى".
ونحن نقول:
إن العمل من الإيمان، وله أهمية كبرى عند الله وعند رسوله وعند أهل السنة والجماعة، وأن تارك العمل أو بعضه مستحق لغضب الله ومستحق للعذاب الشديد بالنار.
ونؤمن بحصول الشفاعة للموحدين حتى لمن كان في قلبه أدنى أدنى أدنى مثقال ذرة من إيمان.
ثم قال الجهني:
"7- وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: حقيقة الدين: هو الطاعة والانقياد، وذلك إنما يتم بالفعل لا بالقول فقط؛ فمن لم يفعل لله شيئاً فما دان لله ديناً، ومن لا دين له فهو كافر. انتهى. (شرح العمدة – كتاب الصلاة ص86).
وقال أيضاً رحمه الله: وقد تبين أن الدين لا بد فيه من قول وعمل، وأنه يمتنع أن يكون الرجل مؤمنا بالله ورسوله بقلبه أو بقلبه ولسانه ولم يؤَد واجبا ظاهرا ولا صلاة ولا زكاةً ولا صياما ولا غير ذلك من الواجبات، لا لأجل أن الله أوجبها، مثل أن يؤَدي الأمانةَ أو يصدق الحديث أو يعدل في قسمه وحكمه من غير إيمان بالله ورسوله لم يخرج بذلك من الكفر، فإن المشركين وأهل الكتاب يرون وجوب هذه الأمور فلا يكون الرجل مؤمنا بالله ورسوله مع عدم شيءٍ من الواجبات التي يختص بإيجابها محمد صلى الله عليه وسلم.
ومن قال: بحصول الإيمان الواجب بدون فعل شيءٍ من الواجبات –سواءٌ جعل فعل تلك الواجبات لازما له أو جزءًا منه فهذا نزاع لفظي- كان مخطئًا خطأً بينا، وهذه بدعةُ الإرجاء التي أعظم السلف والأئِمةُ الكلام في أهلها وقالوا فيها من المقالات الغليظةِ ما هو معروف، والصلاةُ هي أعظمها وأعمها وأولها وأجلها. انتهى (مجموع الفتاوى 7/612)".
أقول:
معروف عن شيخ الإسلام ابن تيمية أنه يكفر تارك الصلاة، ومعروف عنه التسليم بأحاديث الشفاعة تسليمًا مطلقًا.
وعندما يقف العاقل على إيمان هذا الإمام وتسليمه التام بأحاديث الشفاعة، وبأنه يخرج الله من النار من في قلبه مثقال ذرة من إيمان يجزم بأنه قد رجع عن تكفيره لتارك الصلاة، ومن يصر على أن شيخ الإسلام بقي على قوله بكفر تارك الصلاة، وعلى مثل كلامه هنا فإنه يشعر الناس بأن شيخ الإسلام وقع في التناقض وحاشاه من ذلك.
وهذا تلميذه الإمام ابن القيم يقول في كتابه "حادي الأرواح" (ص306):
"الوجه العشرون انه قد ثبت في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري في حديث الشفاعة فيقول عز وجل شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع المؤمنون ولم يبق إلا أرحم الراحمين، فيقبض قبضة من النار، فيخرج منها قوما لم يعملوا خيرا قط قد عادوا حمما، فيلقيهم في نهر في أفواه الجنة يقال له نهر الحياة فيخرجون كما تخرج الحبة في حميل السيل فيقول أهل الجنة هؤلاء عتقاء الله الذين أدخلهم الله الجنة بغير عمل عملوه و لا خير قدموه، فهؤلاء أحرقتهم النار جميعهم فلم يبق في بدن أحدهم موضع لم تمسه النار بحيث صاروا حمما وهو الفحم المحترق بالنار وظاهر السياق أنه لم يكن في قلوبهم مثقال ذرة من خير؛ فإن لفظ الحديث هكذا فيقول: "ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من خير فأخرجوه فيخرجون خلقا كثيرا، ثم يقولون ربنا لم نذر فيها خيرا فيقول الله عز و جل: شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع المؤمنون، ولم يبق إلا أرحم الراحمين فيقبض الله قبضة من نار فيخرج منها قوما لم يعملوا خيرا قط"، فهذا السياق يدل على أن هؤلاء لم يكن في قلوبهم مثقال ذرة من خير ومع هذا فأخرجتهم الرحمة.
فهذا الإمام ابن القيم رحمه الله يسلم بحديث أبي سعيد -الذي فيه: (لم يعملوا خيرًا قط)- تسليمًا مطلقًا بقوله: (وظاهر السياق أنه لم يكن في قلوبهم مثقال ذرة من خير).
ثم قال ابن القيم رحمه الله:
"ومن هذا رحمته سبحانه وتعالى للذي أوصى أهله أن يحرقوه بالنار ويذروه في البر والبحر زعما منه بأنه يفوت الله سبحانه وتعالى فهذا قد شك في المعاد والقدرة ولم يعمل خيرا قط ومع هذا فقال له ما حملك على ما صنعت؟ قال خشيتك وأنت أعلم، فما تلافاه أن رحمه الله، فلله سبحانه وتعالى في خلقه حكم لا تبلغه([2]) عقول البشر وقد ثبت في حديث أنس رضي الله عنه أن رسول الله قال: (يقول الله عز و جل أخرجوا من النار من ذكرني يوما أو خافني في مقام)".
أقول:
إن الإمام ابن القيم رحمه الله بنى حكمه هنا على حديث أبي سعيد وأيده بحديث هذا الرجل الذي لم يعمل خيراً قط، وأمر أولاده أن يحرقوه...الحديث.
ولا شك أنه يؤمن بأحاديث الشفاعة الأخرى والأحاديث الواردة في فضل لا إله إلا الله وفضل التوحيد.
والذي نعرفه عن ابن القيم أنه كان يرى كفر تارك الصلاة.
لكنه لما وقف أمام حديث أبي سعيد في الشفاعة وما تلاه لم يسعه إلا الاستسلام لها والصدع بمضمونها.
وكذلك يقال عن الإمام أحمد، فإن له روايات عديدة في تكفير تارك الصلاة حيناً وعدم تكفيره حيناً آخر، وفي تكفير تارك الأركان تارة، وفي عدم تكفيره تارة أخرى.
والظاهر أن سبب اختلاف رواياته ثم فيأتُهُ إلى عدم التكفير هو استسلامه وإيمانه بأحاديث الشفاعة وأحاديث فضل التوحيد.
وقل مثل ذلك في شيخ الإسلام ابن تيمية، فإنه قد يرى كفر تارك الصلاة، لكنه إذا وقف أمام أحاديث الشفاعة استسلم لها وصدع بمضمونها، ومنها أحاديث صريحة في الشفاعة في من لا يشرك بالله شيئًا.

=======================
الحواشي:

([1]) أقول: كلا، ليس شرحًا لقول السلف؛ لأن السلف لم يجمعوا على كفر تارك الصلاة، وقد تقدم كلام الأئمة الذين لا يكفرون تارك الصلاة، بل تقدمت أقوال من لا يكفر إلا بالشرك.
([2]) والصواب: "لا تبلغها".
الملفات المرفقه
ملف مرفق دحض أباطيل عبد الحميد الجهني الحلقة الثالثة.doc 191.5كيلو بايت 11 عدد مرات التحميل
www.rabee.net
rabee@rabee.net
تعقيب
إقتباس متعدد

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013