منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » قــســـــــــــم الأخــــــــــــوات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #31  
قديم 23 Jan 2020, 01:41 PM
أم وحيد أم وحيد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2018
المشاركات: 365
افتراضي





قصّة النّملة والنّبيّ سليمان عليه السّلام

* (فصل)

وهذه النمل من أهدى الحيوانات، وهدايتها من أعجب شيء. فإنّ النّملة الصغيرة تخرج من بيتها وتطلب قوتها وإن بعدت عليها الطريق. فإذا ظفرت به حملته وساقته في طرق معوجة بعيدة ذات صعود وهبوط، في غاية من التّوعّر حتّى تصل إلى بيوتها فتخزن فيها أقواتها في وقت الإمكان. فإذا خزنتها عمدت إلى ما ينبت منها ففلقته فلقتين لئلاّ ينبت، فإن كان ينبت مع فلقه باثنتين، فلقته بأربعة، فإذا أصابه بلل وخافت عليه العفن والفساد، انتظرت به يوما ذا شمس، فخرجت به، فنشرته على أبواب بيوتها ثم أعادته إليها ولا تتغذّى منها نملة ممّا جمعه غيرها.
ويكفي في هداية النمل، ما حكاه الله سبحانه في القرآن عن النّملة التي سمع سليمان كلامها وخطابها لأصحابها بقولها: ﴿يا أيُّها النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكم لا يَحْطِمَنَّكم سُلَيْمانُ وجُنُودُهُ وهم لا يَشْعُرُونَ﴾.
فاستفتحت خطابها بـالنداء الذي يسمعه مَن خاطبته، ثم أتت بـالاسم المبهم ثم أتبعته بما يثبته من اسم الجنس، إرادة للعموم ثم أمرتهم بأن يدخلوا مساكنهم فيتحصّنون من العسكر، ثم أخبرت عن سبب هذا الدخول وهو خشية أن يصيبهم معرة الجيش، فـيحطمهم سليمان وجنوده ثم اعتذرت عن نبي الله وجنوده بأنّهم لا يشعرون بذلك وهذا من أعجب الهداية.

وتأمّل كيف عظم الله سبحانه شأن النمل بقوله: ﴿وَحُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الجِنِّ والإنْسِ والطَّيْرِ فَهم يُوزَعُونَ

ثم قال: ﴿حَتّى إذا أتَوْا عَلى وادِ النَّمْلِ﴾ فأخبر أنّهم بـأجمعهم مرّوا على ذلك الوادي، ودلّ على أنّ ذلك الوادي معروفا بالنّمل، كوادي السباع ونحوه، ثم أخبر بما دلّ على شدّة فطنة هذه النّملة ودقّة معرفتها، حيث أمرتهم أن يدخلوا مساكنهم المختصة بهم، فقد عرفت هي والنّمل أنّ لكل طائفة منها مسكنا لا يدخل عليهم فيه سواهم ثم قالت ﴿لا يَحْطِمَنَّكم سُلَيْمانُ وجُنُودُهُ﴾، فجمعت بين اسمه وعينه وعرفته بهما وعرفت جنوده وقائدها ثم قالت ﴿وهم لا يشعرون﴾ فكأنّها جمعت بين الاعتذار عن مضرّة الجيش بكونهم لا يشعرون وبين لوم أمّة النّمل حيث لم يأخذوا حذرهم ويدخلوا مساكنهم، ولذلك تبسّم نبي الله ضاحكا من قولها وإنّه لموضع تعجّب وتبسّم.

وقد روى الزهري عن عبد الله بن عبد الله بن عيينة عن ابن عباس أن رسول الله ﷺ: "نهى عن قتل النمل والنحلة والهدهد والصرد" وفي الصحيح عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: "نزل بني من الأنبياء تحت شجرة فقرصته نملة فأمر بجهازه فأخرج وأمر بقرية النمل فأحرقت فأوحى الله إليه أمن أجل أن قرصتك نملة أحرقت أمّة من الأمم تسبّح، فهلا نملة واحدة" وذكر هشام بن حسان: "أنّ أهل الأحنف بن قيس لقوا من النّمل شدّة فأمر الأحنف بكرسي فوضع عند تنورين فجلس عليه ثم تشهد ثم قال: لتنتهن أو ليحرقن عليكن ونفعل ونفعل، قال: فذهبن"

وروى عوف بن أبي جميلة عن قسامة بن زهير قال قال أبو موسى الأشعري: "إنّ لكل شيء سادة حتى للنمل سادة، ومن عجيب هدايتها أنّها تعرف ربّها بأنّه فوق سماواته على عرشه كما رواه الإمام أحمد في كتاب الزهد من حديث أبي هريرة يرفعه قال: "خرج نبي من الأنبياء بالناس يستسقون فإذا هم بنملة رافعة قوائمها إلى السماء تدعو مستلقية على ظهرها فقال ارجعوا فقد كفيتم أو سقيتم بغيركم" ولهذا الأثر عدة طرق ورواه الطحاوي في التهذيب وغيره وقال الإمام أحمد حدثنا قال: "خرج سليمان بن داؤد يستسقي فرأى نملة مستلقية على ظهرها رافعة قوائمها إلى السماء وهي تقول: اللّهم إنّا خلق من خلقك ليس بنا غنى عن سقياك ورزقك. فإمّا أن تسقينا وترزقنا وإمّا أن تهلكنا. فقال: ارجعوا فقد سقيتم بدعوة غيركم".
ولقد حدثني أنّ نملة خرجت من بيتها فصادفت شق جرادة، فحاولت أن تحمله فلم تطق، فذهبت وجاءت معها بـأعوان يحملنه معها، قال: فرفعت ذلك من الأرض فطافت في مكانه فلم تجده، فانصرفوا وتركوها قال: فوضعته، فعادت تحاول حمله فلم تقدر، فذهبت وجاءت بهم فرفعته، فطافت فلم تجده، فانصرفوا، قال: فعلت ذلك مرارا، فلمّا كان في المرة الأخرى استدار النمل حلقة ووضعوها في وسطها وقطعوها عضوا عضوا.
قال شيخنا: وقد حكيت له هذه الحكاية فقال هذه النمل فطرها الله سبحانه على قبح الكذب وعقوبة الكذب. والنّمل من أحرص الحيوان، ويضرب بـحرصه المثل. ويذكر أنّ سليمان صلوات الله وسلامه عليه لمّا رأى حرص النّملة وشدّة ادّخارها للغذاء استحضر نملة وسألها: كم تأكل النملة من الطعام كل سنة، قالت: ثلاث حبّات من الحنطة، فأمر بـإلقائها في قارورة وسدّ فم القارورة وجعل معها ثلاث حبّات حنطة وتركها سنة بعد ما قالت. ثم أمر بـفتح القارورة عند فراغ السنة، فوجد حبّة ونصف حبّة. فقال: أين زعمك؟ أنتِ زعمت أنّ قوتك كل سنة ثلاث حبّات، فقالت: نعم ولكن لمّا رأيتك مشغولا بمصالح أبناء جنسك، حسبت الذي بقي من عمري فوجدته أكثر من المدة المضروبة، فاقتصرت على نصف القوت، واستبقيت نصفه استبقاء لنفسي. فعجب سليمان من شدّة حرصها وهذا من أعجب الهداية والعطية.
ومن حرصها أنّها تكد طوال الصيف وتجمع للشتاء علما منها بإعواز الطلب في الشتاء وتعذر الكسب فيه وهي على ضعفها، شديدة القوى فإنها تحمل أضعاف أضعاف وزنها وتجرّه إلى بيتها. ومن عجيب أمرها، أنّك إذا أخذت عضو كزبرة يابس فأدنيته إلى أنفك لم تشم له رائحة، فإذا وضعته على الأرض أقبلت النملة من مكان بعيد إليه، فإن عجزت عن حمله ذهبت وأتت معها بصف من النمل يحتملونه، فكيف وجدت رائحة ذلك من جوف بيتها حتى أقبلت بسرعة إليه، فهي تدرك بالشم من البعد ما يدركه غيرها بالبصر أو بالسمع، فتأتي من مكان بعيد إلى موضع أكل فيه الإنسان وبقي فيه فتات من الخبز أو غيره، فتحمله وتذهب به وإن كان أكبر منها، فإن عجزت عن حمله ذهبت إلى جحرها وجاءت معها بطائفة من أصحابها فجاؤوا كـخيط أسود، يتبع بعضهم بعضا، حتى يتساعدوا على حمله ونقله وهي تأتي إلى السنبلة فتشمّها، فإن وجدتها حنطة قطعتها ومزّقتها وحملتها. وإن وجدتها شعيرا فلا. ولها صدق الشم وبُعد الهِمَّة وشدّة الحرص والجرأة على محاولة نقل ما هو أضعاف أضعاف وزنها.
وليس للنّمل قائد ورئيس يدبرها، كما يكون للنحل إلاّ أنّ لها رائدا يطلب الرزق، فإذا وقف عليه أخبر أصحابه، فيخرجن مجتمعات. وكلّ نملة تجتهد في صلاح العامة منها غير مختلسة من الحب شيئا لنفسها دون صواحباتها.
ومن عجيب أمرها أنّ الرجل إذا أراد أن يحترز من النمل لا يسقط في عسل أو نحوه، فإنّه يحفر حفيرة ويجعل حولها ماء أو يتخذ إناء كبيرا ويملأه ماء ثم يضع فيه ذلك الشيء، فيأتي الذي يطيف به فلا يقدر عليه فيتسلق في الحائط ويمشي على السقف إلى أن يحاذي ذلك الشيء فتلقي نفسها عليه. وجربنا نحن ذلك وأحمى صانع مرة طوقا بالنار ورماه على الأرض ليبرد، واتفق أن اشتمل الطوق على نمل، فتوجّه في الجهات ليخرج فلحقه وهج النار فلزم المركز ووسط الطوق وكان ذلك مركزا له، وهو أبعد مكان من المحيط.


(من تفسير ابن باديس رحمه الله لسورة النمل.) (1)

قصّة الهدهد والنّبيّ سليمان عليه السّلام

* (فصل)

وهذا الهدهد من أهدى الحيوان وأبصره بمواضع الماء تحت الأرض، لا يراه غيره. ومن هدايته ما حكاه الله عنه في كتابه أن قال لنبي الله سليمان، وقد فقده وتوعّده. فلمّا جاءه بدره بـالعذر قبل أن ينذره سليمان بالعقوبة. وخاطبه خطابا هيّجه به على الإصغاء إليه والقبول منه، فقال أحطت بما لم تحط به، وفي ضمن هذا أنّي أتيتك بأمر قد عرفته حقّ المعرفة بحيث أحطت به وهو خبر عظيم له شأن فلذلك قال ﴿وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ
والنّبأ هو الخبر الذي له شأن والنّفوس متطلّعة إلى معرفته، ثم وصفه بأنّه نبأ يقين، لا شك فيه ولا ريب. فهذه مقدمة بين يدي إخباره لنبي الله بذلك النبأ، استفرغت قلب المخبر لتلقّي الخبر، وأوجبت له التّشوّف التّام إلى سماعه ومعرفته وهذا نوع من براعة الاستهلال وخطاب التهييج ثم كشف عن حقيقة الخبر كشفا مؤكدا بأدلّة التأكيد فقال: إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ، ثم أخبر عن شأن تلك الملكة وأنّها من أجلّ الملوك، بحيث وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يصلح أن تؤتاه الملوك، ثم زاد في تعظيم شأنها، بذكر عرشها التي تجلس عليه وأنّه عرش عظيم ثم أخبره بما يدعوهم إلى قصدهم وغزوهم في عقر دارهم بعد دعوتهم إلى الله فقال: ﴿وَجَدْتُها وقَوْمَها يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ﴾.

وحذف أداة العطف من هذه الجملة وأتى بها مستقلّة غير معطوفة على ما قبلها، إيذانا بأنّها هي المقصودة، وما قبلها توطئة لها، ثم أخبر عن المغوي لهم الحامل لهم على ذلك وهو تزيين الشيطان لهم أعمالهم حتى صدّهم عن السبيل المستقيم وهو السّجود لله وحده، ثم أخبر أنّ ذلك الصدّ حال بينهم وبين الهداية والسجود لله، الذي لا ينبغي السجود إلاّ له، ثم ذكر من أفعاله سبحانه: إخراج الخبء في السماوات والأرض، وهو المخبوء فيهما من المطر والنبات والمعادن وأنواع ما ينزل من السماء وما يخرج من الأرض.
وفي ذكر الهدهد هذا الشأن من أفعال الربّ تعالى بخصوصه إشعار بما خصّه الله به، من إخراج الماء المخبوء تحت الأرض. قال صاحب الكشاف: "وفي إخراج الخبء أمارة على أنّه من كلام الهدهد لـهندسته ومعرفته الماء تحت الأرض وذلك بـإلهام مَن يخرج الخبء في السّماوات والأرض (جلّت قدرته ولطف علمه). ولا يكاد يخفى على ذي الفراسة الناظر بنور الله مخايل كل شخص بصناعة أو فن من العلم في روائه ومنطقه وشمائله. فما عمل آدمي عملاً إلاّ ألقى الله عليه رداء عمله".



(من تفسير ابن باديس رحمه الله لسورة النمل.) (2)
-------------------------------------------------
(1) (2) -تفسير ابن باديس (في مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير.


للتّنبيه فقط على ما جاء في اهتداء النّملة والهدهد:

-النّملة حين قالت لقومها عن سليمان عليه السّلام وجنوده "وهم لايشعرون"، وقد قال المفسّرون أنّه اعتذار عمّا يتسبّب فيه سليمان عليه السلام وجنوده من تحطيم مساكن النّمل، حيث نبّهت النّملة قومها أن يأخذوا حيطتهم حتّى لايقعوا في هذا الضّرر، وهنا، بهذا التّنبيه والاعتذار، تشير النّملة إلى أنّ النبي سليمان عليه السلام لايقصد أذيّتهم، وقد أوضحت هذه الإشارة بقولها:"وهم لايشعرون".
وهذا يدلّ على أنّ أنبياء الله ورسله، عليهم الصّلاة والسّلام، قد أرسلوا رحمةً للعالمين، وأنّهم لايغترّون بقوّتهم وملكهم ومكانتهم في الأرض، و سواء كانوا ملوكا أو قادة، فهم أفضل النّاس، تواضعًا ولينًا وشفقةً بِمَن هم دونهم،. صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

الهدهد الصغير الذي أحاط بما لم يحط به النبي سليمان عليه السلام، هو نوع من الاهتداء كما يقول الإمام الشيخ ابن باديس رحمه الله، يمنحه الله لمَن يشاء من خلقه.

تعليق: أم وحيد بهية صابرين

الصور المصغرة للصور المرفقة
اضغط على الصورة لعرض أكبر

الاســـم:	عزّ العلم وسلطانه حوارالهدهد مع سليمان.png‏
المشاهدات:	2096
الحجـــم:	89.3 كيلوبايت
الرقم:	7732   اضغط على الصورة لعرض أكبر

الاســـم:	قالت نملة1.png‏
المشاهدات:	7503
الحجـــم:	650.8 كيلوبايت
الرقم:	7731   اضغط على الصورة لعرض أكبر

الاســـم:	عمل الهدهد دليل عظمة الخالق.png‏
المشاهدات:	1652
الحجـــم:	83.5 كيلوبايت
الرقم:	7733  
رد مع اقتباس
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013