منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23 Jul 2011, 09:39 PM
أبو الحارث وليد الجزائري أبو الحارث وليد الجزائري غير متواجد حالياً
وفقه الله وغفر له
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
الدولة: الجزائر
المشاركات: 473
إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو الحارث وليد الجزائري
افتراضي في حكم مسائل الآرائيين - لفضيلة الشيخ الأستاذ محمد علي فركوس -حفظه الله-

.:: في حكم مسائل الآرائيين ::.
للشّيخ الفَاضِل أبي عَبدِ المعِزّ مُحمَّد عَلي فَركُوس - حفظه الله -

السؤال:
ما مذهب شيخنا في الآرائيات، والآرائيون كما تعلمون هم الذين يفترضون المسائل قبل وقوعها، فيقولون: أرأيت لو حدث كذا وكذا، فما حكم السؤال عن هذه المقدَّرات والاشتغال بها وبمعضلات المسائل والتفريعات والألغاز ونحو ذلك ؟ وكُتُبُ متأخِّري المذاهب طافحةٌ بمثل هذه المسائل التي هي في بعض الأحايين أغرب من الخيال؟ وجزاكم الله عنَّا خير الجزاء.


الجواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فإنه يجوز للمجتهد أو العالم الكلامُ في المسائل التي ورد النصُّ فيها من كتابٍ أو سُنَّةٍ أو أثرٍ عن الصحابة من غير كراهة، ويُستحبُّ الجواب لطالب العلم أو لمن أراد الإحاطة بعلم مسائلَ غيرِ نادرةِ الوقوع، ليكون على بيِّنةٍ من أمرها، وعلى بصيرة بخلفيَّاتها، وبخاصَّةٍ إن كانت بغيتُه التدرُّجَ في الفقه، ليفرِّع عليها ترجيحًا لمصلحة الجواب على الامتناع عنه.

وكذلك ما كان على وجه التعليم في أمور الدين ممَّا كانت الحاجة إليه قائمة، فهو مأمور به، لقوله تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾ [النحل، الأنبياء: 7].
وإنما يُكره الكلام في المسائلِ البعيدةِ الوقوع، أو غيرِ المُمكنةِ الوقوع، المبنيَّةِ على الرأي التقديري، وبخاصَّةٍ إن وردتْ على وجه التعنُّت والتكلُّف، إذ الفتوى بالرأي إنما تجوز للحاجة أو الضرورة، وتنتفي الحاجة إلى مثل هذه المسائل، ففي قصَّة ذبح البقرة عاب الله تعالى على بني إسرائيل كثرة سؤالهم فيما لا حاجة إليه ولا فائدة منه سوى إعنات أنفسهم، ولو اكْتَفَوْا بالمأمور لكان خيرًا لهم، لكنْ شدَّدوا فشدَّد الله عليهم.

وقد ورد الزجر عن ذلك في الحديث الذي أخرجه أبو داود وأحمد، من حديث معاوية رضي الله عنه:«أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الغُلُوطَاتِ»)، والحديث -وإن كان ضعيفَ السند- إلاَّ أنه صحيح المعنى، يشهد له ما ثبت عن السلف من ذَمِّهم للأغلوطات، وقد بيَّن الأوزاعي أنها «شواذُّ المسائل». وقال -أيضًا-:«إِنَّ اللهَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَحْرِمَ عَبْدَهُ بَرَكَةَ العِلْمِ أَلْقَى عَلَى لِسَانِهِ المَغَالِيطَ، فَلَقَدْ رَأَيْتُهُمْ أَقَلَّ النَّاسِ عِلْمًا»).
وجاء عن المناوي قوله: «الأغلوطات، جمع أغلوطة، كأعجوبة، أي: ما يُغَالَط به العالم من المسائل المشكلة لتُشوِّش فكرَه، ويُستَنْزَل ويُسْتَسْقَطَ رأيُه لما فيه من إيذاء المسئول وإظهار فضل السائل مع عدم نفعها في الدِّين»).
كما يُكره من جهةٍ أخرى للعامِّيِّ والمستفتي السؤالُ عنها؛ لأنها لا تعنيه بحال في سلوكٍ ولا في عملٍ، وقد قال صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «مِنْ حُسْنِ إِسْلاَمِ المَرْءِ تَرْكُهُ مَا لاَ يَعْنِيهِ»). لذلك كان السلف يكرهون الكلام فيما لم يقع من النوازل، ورأوا أنَّ الاشتغال بذلك من اللغو والتعمُّق في الدِّين لكونه غيرَ نافعٍ.
وما كان كذلك فالواجب الإعراض عنه، والحرص على ما ينفع؛ لقوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَلاَ تَعْجِزْ»)، إذ الاشتغال بما لا ينفع مُضِرٌّ ومنهيٌّ عنه، ومثلُه الاشتغال بالألغاز الشرعية وغيرها، لما يترتَّب عليه من إهدارٍ للطاقة الفكرية الواجبِ صرفُها فيما يُصْلِحُ به دينَه ودنياه.
وهو مسئولٌ فوق ذلك عن إضاعة الوقت والمجهود كما في الحديث: «لاَ تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ القِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ: فِيمَ فَعَلَ، وَعَنْ مَالِهِ: مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ، وَعَنْ جِسْمِهِ: فِيمَ أَبْلاَهُ»).
قال ابن القيِّم -رحمه الله-: «ولكنْ إنما كانوا -أي: الصحابة رضي الله عنهم- يسألونه -أي: النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم- عمَّا ينفعهم من الواقعات، ولم يكونوا يسألونه عن المقدَّرات والأغلوطات، وعُضَلِ المسائل، ولم يكونوا يشتغلون بتفريع المسائل وتوليدها؛ بل كانت هِمَمُهم مقصورةً على تنفيذ ما أمرهم به، فإذا وقع بهم أمرٌ سألوا عنه فأجابهم، وقد قال الله تعالى:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ. قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ﴾ [المائدة: 101- 102]، … ولم ينقطع حكمُ هذه الآية؛ بل لا ينبغي للعبد أن يتعرَّض للسؤال عمَّا إن بَدَا له ساءه، بل يستعفي ما أمكنه، ويأخذ بعفو الله...»).
والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: 14 شعبان 1432ﻫ
المـوافق ﻟ: 15 جويلية 2011م

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١-أخرجه أبو داود برقم (3656)، وأحمد (23688)، من حديث معاوية رضي الله عنه، والحديث ضعَّفه الألباني في «ضعيف الجامع» (6035).
٢- «فتح الباري» لابن حجر (13/ 263).
٣- «فيض القدير» للمناوي (12/6191)، رقم (9328).
٤- أخرجه الترمذي (2317)، وابن ماجه (3976)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، والحديث حسَّنه النووي في «الأربعين» (82)، وصحَّحه الألباني في «صحيح الجامع» (5911).
٥- جزء من حديث أخرجه مسلم (2664)، وابن ماجه (79)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
٦- رواه الدارمي (1/44)، والترمذي (2417)، والخطيب البغدادي في «اقتضاء العلم العمل» (16، 17)، من حديث أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه، انظر: «السلسلة الصحيحة» (2/629) رقم (946).
٧- انظر: «إعلام الموقعين» لابن القيم (1/71، 72).



رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الآرائييون, عقيدة, فركوس


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013