إلى عمومِ المسلمين وأهلي في عَينْ مْرَانْ: نَصيحةٌ قبلَ الفَوتِ في بيانِ وصِيَّة نُوحٍ عندَ الموتِ

[إسماعيل القارئ]

نَصيحةٌ قبلَ الفَوتِ في بيانِ وصِيَّة نُوحٍٍ عندَ الموتِ عليه الصلّاة السّلام
إلى عمومِ المسلمينَ وأهلِي فِي "عَينْ مْرَانْ"

أبدأُ بقولِ الله سُبحانهُ توجيهاً وإرشاداً ( أُولَئِكَ الذين هَدَى اللهُ فبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ ).الآية، وأُثنِِّي بكلامِ رسوله صلّى الله عليه وسلّم إقراراً وتوحيداً مُذكِراً نفسي وإخواني عسىَ اللهُ أن ينفعنا به جميعا إنه وليُّ ذلك ومَولاَه.
فعن عبد الله بن عَمرُو رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ نَبيَّ الله نوحاً - عليه السَّلام -لمَّا حَضَرتهُ الوفاةُ، قال لابنه: إنِّي قاصٌ عليك الوصيةَ : آمرك باثنتينن وأنهاك عن اثنتين، آمرك ب (لآ إله إلاَّ الله) ، فإن السماوات السبع والأرضين السبع لو وضعت في كفّةٍ، ووضِعت لا إله إلا الله في كفةٍ ، رجَحت بهن لا إله إلا الله، ولو أن السماوات السبع والأرضين السبع كنَّ حَلْقةً مُبهَمةً ، إلا قَصَمَتْهُنَّ لا إله إلا الله ، وسبحان الله وبحمده ، فإنَّها صلاةُ كل شيئ ، وبها يُرزقُ الخَلقُ . وأنهاك عن الشِّرك والكِبرِ ، قال : قلت - أو : قيل - يا رسول الله ! هذا الشرك قد عرفناه ، فما الكِبرْ؟ - قال - أن يكون لأحدِنا نعلانِ حسَنَتَان لهما شِراكَان حَسَنَانِ ؟ قال : لا . قال : هو أن يكون لأَحدِنا أصحابٌ يجلسونَ إليه؟ قال: لا. قيل يا رسول الله! فما الكِبر؟ قال : سفهُ الحقِّ ، وغَمصُ النَّاس)]. (١)
غريب ألفاظ الحديث:
مبهمة: مغلقة
قصمتهن: كسرتهن
سفه الحق: أو بطر الحق: جهله ، والاستخفاف به .
غمص الناس: أو غمط، احتقارهم ، والطعن فيهم ، والاستخفاف بهم .
من فوائد الحديث:
١ - فيه مشروعية الوصيّة عند الموت .
٢ - عناية الأنبياء بالتوحيد عند الموت وصيّةً وتحذيراً من الشرك ، كما هي وصية نبينا محمد صلى الله عليه وسلم عند آخر حياته : "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحذر ماصنعوا " الحديث .
٣ - فيه عظم كلمة التوحيد لمن حققها ، ولا شيئ يقابلها .
٤ - ثبوت وحقيقة الميزان بكفتيه يوم القيامة خلافا لأهل الضلال من المعتزلة وأفراخهم .
٥ - فيه أن الأرضين سبع كالسماوات في الخلق والعدد .
٦ - وفيه فضل ذكره ودعائه بكلمة "سبحان الله وبحمده" وأنها مجلبة للرزق .
٧ - التحذير من الشرك مطلقا ، وما كان منه سببا للخلود في النار .
٨ - وفيه خطورة الكبر لاقترانه بالشرك وبيان معناه .
٩ - دراية الصحابة رضي عنهم بالشرك وخطره ، وحسن سؤالهم ومثالهم في التفريق بين المعتاد من النفس وما يدخل عليها من الشر .
١٠ - فيه مشروعية التزين والاعتناء بالمظهر ولو شراكا، وليس ذلك من الكبر، بل من مقاصد الشرع لأن الله جميل يحب الجمال.
١١ - وفيه أن من اشتهر بالخير واجتمع إليه الناس وخلصت نيته أن ذلك لا يضره، مع لزوم حسن الظن.
١٢ - وفيه ذم رد الحق وجهله وعدم قبوله والاستخفاف به . وخاصة فيما تعلق بجناب توحيد الله.
١٣ - وفيه حرمة احتقار الناس والطعن في الأبرياء بغير حق .
هدايةُ الحديث:
أهم ما يوصي به المسلم عند الموت توحيد الله مع التحذير من الشرك وما يراه مستلزما لغضب الله عز وجل فمثل هذه الوصايا ينبغي للحي أن ينفذها ويعمل بها ولها ويرجو بها رحمة الله، وما دونها مما يضادها كوصية الميت بدفنه في المسجد فهذه وصية جائرة لا تنفذ لأنها تضر بجناب توحيد الله تعالى كما أنها تضر بالميت وتنبئ عن عدم علمه وأتباعه بمقاصد التوحيد وفضله ومفاسد الشرك وشره . تحية سلام لأهلنا ب ( عين مران ). والله أعلى وأعلم وأجلّ وأكرم .
محبكم إسماعيل القارئ

الهامش:
(١) أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " والبيهقي في "الأسماء" وأحمد في " المسند " وأورده في " الصحيحة " ( ١ /١ / ص: ٢٥٩ / رقم ١٣٤ ) .