فوارق مفيدة وألفاظ دقيقة لفضيلة الشيخ بن عثيمين رحمه الله تعالى
الحمد لله رب العالمين و صلى الله على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين.
و بعد، فمنَ المعلومِ أنّ الأنبياءَ لم يورثُوا دينارًا و لا درهمًا و إنما ورثُوا العلمَ، و إنّ من الناسِ مِن هذه الأمةِ نالَ حظًا وافرًا من ميراثِ النبوةِ، و هو فضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى، الذي نفعَ الله به و بشروحاته الأمةَ الإسلاميةَ، فقد برزَ في كلّ الفنونِ و العلوم، و إنّ مما اهتم به الشيخُ رحمه الله تعالى و غيره من أئمةِ السنة :كتبُ العقيدةِ و شروحها فقد اعتنى بها اعتناءً كبيرا رحمه الله تعالى، و لا زلنا نستفيدُ منْ شروحاته، بل يكادُ لا يستغني الواحدُ عنها، فجزاه الله خيرا.
و إنّ مما تميزَ به الشيخُ رحمه الله تعالى دقة الألفاظِ في هذا البابِ و حسن التعابير، فإنّ الشيخَ رحمه الله تعالى كثيرًا ما ينبه على أَوْلَوِيةِ لفظٍ على الآخر و يعللُ ذلك و يأتي بالفوارقِ بينهما، و هذا موضوعُ المقالِ، و سأنقل لإخواني ثلاثَ أمثلة من كتابٍ نفيس و هو شرحُ العقيدةِ الواسطيةِ لشيخ الإسلام بنِ تيمية رحمه الله تعالى، و سأنقلها باختصارٍ إن شاء الله تعالى.
المثال الأول: التعبيرُ بالتحريفِ أولى من التعبيرِ بالتأويلِ في بابِ الأسماء و الصفات و ذلك من قول شيخ الإسلام "من غيرِ تحريفٍ" و هذا لأربعةِ وجوه : 1 ـ أنه اللفظُ الذي جاءَ به القرآنُ، و التعبيرُ الذي عبر به القرآنُ أولى من غيره، لأنه أدلُّ على المعنى، فإنّ الله تعالى قال {يحرفونَ الكلمَ عن مواضعِه}. 2 ـ أنه أدلُّ على الحالِ، و أقربُ إلى العدلِ، فليس من العدلِ أن نسمي التأويلَ بغير دليلٍ تأويلًا، بل حقُّه أن يسمى تحريفا. 3 ـ أنّ التأويلَ بغير دليلٍ باطلٌ، يجب البعد عنه و التنفيرُ منه، و لفظُ التحريفِ أبلغُ في التنفيرِ إذ لا يقبله أحد، و استعماله أليقُ في حقِّ المخالفين للسلف، كما أن لفظَ التأويلِ ألينُ و يحتاج إلى تفصيل. 4 ـ التأويلُ ليس مذمومًا كله، قال الله تعالى {و ما يعلم تأويله إلا الله و الراسخون في العلم} فامتدحهم الله بأنهم يعلمون التأويل، و قال صلى الله عليه و سلم "اللهم فقهه في الدين، و علمه التأويل". المثال الثاني : الفرقُ بين الكييفِ و التمثيلِ : 1 ـ التمثيلُ هو ذكرُ الصفةِ مقيدةً بمماثلٍ، و التكييفُ هو ذكر الصفةٍ غير مقيدة بماثل، فالتكييفُ أعم إذ كلّ ممثلٍ مكيف و لا عكس. 2 ـ التكييفُ لا يكون إلا في الصفةِ و الهيئة، و التمثيلُ يكون فيهما و يكون في العددِ كقوله تعالى {الله الذي خلقَ سبع سمواتٍ و من الأرضِ مثلهن}، فالتمثيل هنا أعم.
فيتضحُ لنا أن بيهما عموم و خصوص وجهي. المثال الثالث : التعبيرُ بالآياتِ أولى من التعبير بالمعجزاتِ، لأمورٍ ثلاثة هي : 1 ـ أنّ الآياتِ هي التي يُعبَرُ عنها في الكتابِ و السنةِ. 2 ـ أنّ المعجزاتِ قد تقعُ من ساحرٍ و مشعوذ و ما أشبهِ ذلك تُعجزُ غيره. 3 ـ أنّ كلمةَ" آيات" أدلّ على المعنى المقصودِ من كلمةِ "معجزات"، فآياتُ الله هي العلاماتُ الدالةُ عليه،فتكون خاصةً به، و لولا أنها خاصةٌ ما صارت آية له.
هذا ما يسر الله تعالى جمعه و نقله، و أسأله سبحانه أن ينفعني به و إخواني المؤمنين، كما أشكر من أرشد إلى هذا الصنيع فجزاه الله خيرا و أدخله الجنة بغير حساب.
و صلى الله على نبينا و على آله و صحبه و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
للتحميل على شكل ملف وورد http://ar.salafishare.com/Lp6
بارك الله فيك والشيخ ابن عثيمين فقيه الزمان بحق رحمه الله ونحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحد
الشيخ ترك تراثا ثريا شرح أهم المتون العلمية وأهمهم قبل ذلك كتاب الله عزوجل وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم