منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 20 Apr 2018, 08:49 AM
أبو إكرام وليد فتحون أبو إكرام وليد فتحون غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
الدولة: الجزائر
المشاركات: 1,798
افتراضي دور ولاة الأمور في حماية المجتمعات من الجرائم /للشيخ علي بن يحي الحدادي - حفظه الله

بسم الله الرحمن الرحيم

دور ولاة الأمور في حماية المجتمعات من الجرائم
للشيخ علي بن يحي الحدادي - حفظه الله

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:

فإن مما لا شك فيه أن لأولي الأمر دوراً عظيماً في حماية المجتمعات التي ولاهم الله أمرها من الجرائم بجميع أنواعها وأشكالها وذلك بما آتاهم الله من الأسباب التي ليست لغيرهم من العامة.

وأول ذلك وأعظمه حماية المجتمع ووقايته من الشرك وأسبابه ووسائله فإن الشرك بالله وصرف العبادة لغيره هو أعظم الجرائم قال تعالى (إن الله لا يغفر أن يشرك به _ أي لمن مات عليه_ ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء). وقال تعالى (إن الشرك لظلم عظيم).

ويكون ذلك بأمرهم للرعية بإفراد الله بالعبادة وترك عبادة ما سواه كما كان يباشر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بنفسه ويبعث غيره أيضاً للقيام به. ومن الشواهد حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذاً إلى اليمن فقال له «إنك ستأتي قوما أهل كتاب، فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ” وفي رواية (إنك تَقدَمُ على قوم من أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه: عبادة الله عز وجل).

ومن حماية المجتمع من جريمة الشرك قيام أولي الأمر بالقضاء على أسبابه كمنع بناء الأضرحة والمشاهد وإزالة ما كان منها قائماً متى كانت الظروف مهيأة لذلك كما بادر إليه النبي صلى الله عليه وسلم حين تهيأت له الأسباب فباشر بنفسه إسقاط الأوثان التي نصبت حول الكعبة و أرسل جريراً وخالداً رضي الله عنهما وغيرهما لهدم جملة من الأوثان التي كانت تعبد من دون الله في أنحاء متفرقة من جزيرة العرب.

وبعث علياً رضي الله عنه وأمره أن لا يدع صورة إلا طمسها ولا قبراً مشرفاً إلا سواه. ثم فعل علي رضي الله عنه ذلك في خلافته فبعث أبا الهياج الأسدي لهذه المهمة العظيمة. ولا عجب في ذلك فإن من شأن الأضرحة و المشاهد أن الفتنة تعظم بها حتى تعبد من دون الله كما حصل ذلك من قبل وإلى الآن في كثير من الأرض.

كما كان صلى الله عليه وسلم يشتد نكيره على من يحلف بغير الله أو يعلق تميمة أو ودعة أو يلبس خيطاً أو حلقة. كل ذلك حماية منه صلى الله عليه وسلم لجناب التوحيد فإن هذه الأفعال والأقوال وسائل تفضي إلى الشرك الأكبر إضافة لما تسببه من التفات القلب إلى غير الله وتعلقه بما لم يجعله الله سبباً في جلب خير أو دفع ضر.

ومن حماية ولاة الأمور للرعية من الجرائم حمايتهم لهم من السحرة والمشعوذين والكهنة الذين يفسدون العقائد والعقول، والأبدان والأموال وذلك بمنعهم وتتبعهم وتخليص العباد والبلاد من شرهم فقد جاء في الحديث (حد الساحر ضربة بالسيف).

فكم فتنوا من جاهل فصدقهم في دعوى علم الغيب وكما فرقوا بين أزواج وكم أفسدوا من بيوت وكم قطعوا من أرحام وكم آذوا من مسلم في عقله أو قلبه أو صحته. نعوذ بالله من شر كل ذي شر.

ومنها أيضاً وقاية المجتمع من أرباب المقالات الفاسدة الذين يسعون إلى إفساد العقائد ونشر البدع والضلالات وتغيير معالم السنة وإسقاط الثقة في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وإعلان الذم والطعن في السلف الصالح فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحذر في خطبه من محدثات الأمور ويخبر أمته أن كل محدثة ضلالة وكل ضلالة في النار وكان يأمر بلزوم سنته وسنة الخلفاء الراشدين من بعده . عن عائشة رضي الله عنها قالت : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم : (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وآخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ) ثم قال :«فإذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه ، فأولئكِ الذين سمى الله فاحذروهم».

ولما أخذ صبيغ في عهد عمر رضي الله عنه يتتبع مشكل القرآن ويلبّس على الناس كتاب ربهم عاقبه عمر عقوبة بليغة ونهى الناس عن كلامه ومجالسته. فعل ذلك نصحاً لله ولكتابه ونصحاً منه لرعيته ألا يستشري فيهم مرضه وفساده.

ومنها أيضاً وقاية المجتمع وحمايته من المناهج التي تهدف إلى تكفير المسلمين وسفك دمائهم وتفريق كلمتهم وتقويض مجتمعهم فقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من هذه العقيدة الفاسدة وحذر من أهلها وتوعدهم بالقتل المستأصل ولو كانوا أهل اجتهاد ونصَب في بعض نوافل العبادات. عن علي رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول :« سيخرج قوم في آخر الزمان حدثاء الأسنان ، سفهاء الأحلام ، يقولون من قول خير البرية ، يقرؤون القرآن ، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم ، فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم عند الله يوم القيامة» أخرجه البخاري ومسلم

ومنها أيضاً حماية المجتمع ووقايته من دعاة الرذيلة الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في المجتمع المسلم من دعاة التبرج والاختلاط، والتمرد على القيم والحياء، والعفة والحشمة فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحذر أمته من فتنة الفواحش وينهى عنها وعن أسبابها ويبدئ في ذلك ويعيد صلوات الله وسلامه عليه، لهذا جاءت الشريعة آمرةً المرأة بالقرار في بيتها وأن لا تخرج إلا محتشمة غير متبرجة بزينة وأن لا تخضع بالقول وأن لا تسافر مع غير ذي محرم وأن لا تخلو بأجنبي ولا تصافح أجنبياً عنها إلى غير ذلك مما جاء في هذا الباب مما يراد منه إكرام المرأة أن تكون لعبة في أيدي السفهاء.

وكان من سياسته صلى الله عليه وسلم في هذا الباب وهديِه معالجةُ ما قد يقع من خلل غير مقصود في هذا الباب فقد روي عن مالك بن ربيعة رضي الله عنه : أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو خارج من المسجد ، وقد اختلط الرجال مع النساء في الطريق : «استأخرن ، فليس لكن أن تحققن الطريق، عليكن بحافات الطريق. فكانت المرأة تلصق بالجدار ، حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به». أخرجه أبو داود.

كما كان يستغل الفرص المناسبة للتحذير من الفواحش فقد خطب الناس يوم كسفت الشمس فقال (يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ إِنْ مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرَ مِنَ اللَّهِ أَنْ يَزْنِىَ عَبْدُهُ أَوْ تَزْنِىَ أَمَتُهُ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا وَلَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ).

وكان مع ذلك يحث الشباب على الزواج ويحث الأولياء على المبادرة إلى تزويج مولياتهم إذا تقدم لهن من يرضى. ويحث على تخفيف مؤنة النكاح وذلك لما في النكاح من المصالح العظيمة ومنها أنه سبيل لحفظ الفروج عن الحرام.

ومن حماية ولاة الأمور للرعية من الجرائم أن يعنوا بجانب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتعيين جماعة من الناس يتولون القيام به على الوجه الشرعي دون إفراط ولا تفريط قال تعالى: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (104) فإن الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مما يوقظ الله به القلوب ويزيح به الغفلة عنها وإذا استيقظ القلب وفعل المعروف واستكثر من الخير كان ذلك رادعاً له عن الشر إن شاء الله قال تعالى (وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو سفينة النجاة من العقوبات العامة كما في حديث السفينة المعروف.

ومن حماية ولاة الأمور للرعية من الجرائم العناية بتنفيذ العقوبات الشرعية في جرائم القصاص والحدود والتعزير وتنفيذها على من وجبت عليه دون محاباة قوي لقوته أو قريب لقرابته أو حبيب لمحبته كما قال صلى الله عليه وسلم (إنما أهلك الذين قبلكم : أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد. وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها) فبهذا يهاب الناس حدود الله فتقل الجرائم ويشيع الأمن ويطمئن الناس على أنفسهم وأعراضهم وأموالهم فإن الله تعالى شرع من العقوبات ما هو كفيل بزجر أكثر النفوس عن العدوان والبغي بغير الحق فإنه لا أحد أعلمُ بالخلق من خالقهم ولا أعلم بما يصلحهم منه سبحانه (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير) (ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون) .

المصدر :موقع الشيخ علي بن يحي الحدادي - حفظه الله

[ألقيت هذه الكلمة في جامع الإمام تركي بن عبد الله بالرياض بين يدي سماحة مفتي عام المملكة العربية السعودية حفظه الله ضمن ندوة (منهج الإسلام في مكافحة الجريمة ذلك يوم الخميس الموافق 12/5/1430هـ ]

رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
منهج, مسائل, دورولاةالأمور

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013