منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08 May 2015, 06:21 PM
أبو جميل الرحمن طارق الجزائري أبو جميل الرحمن طارق الجزائري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
الدولة: الجزائر
المشاركات: 414
افتراضي براءة الدعوة السلفية من أصول وسلوك المُميِّعة وقواعد وغلو الحدَّادية حث على نشرها العلامة عبيد الجابري

براءة الدعوة السلفية من أصول وسلوك المُميِّعة وقواعد وغلو الحدَّادية


اطلع عليها فضيلة الشيخ العلاّمة الوالد ربيع بن هادي المدخلي

وحثَّ على نشرها فضيلة شيخنا العلاّمة الوالد عبيد الجابري.


إعداد
أبي معاذ
حسن العراقي



حدثني الشيخ عبد الله بن مهاوش الزوبعي أنّه عرض رسالة (براءة الدعوة السلفية ) على الشيخ الوالد ربيع بن هادي المدخلي (فقرأها وقال عنها جيدة ) وذلك في موسم حج عام 1434 هــ.
وحدثني مرةً أخرى بحضور جمعٍ من طلبة العلم في المدينة النبوية في شهر 24 جمادى الآخرة عام 1436هــ، وطلب مني نشرها .
وفي زيارتي إلى المدينة النبوية التقيت ُ بشيخنا الوالد " عبيد الجابري – سدده الله – في بيته في المدينة النبوية 27/ جمادى الآخرة عام 1436 ، فقرأتُها عليه فحثَّ على نشرها ، وكان ذلك بحضور مجموعة من طلبة العلم .





درر من كلام العلماء
• قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -:
«لابد أن يكون مع الإنسان أصول كلية تُرد إليها الجزئيات ليتكلم بعلم وعدل، ثم يعرف الجزئيات كيف وقعت؟ وإلا فيبقى في كذب وجهل في الجزئيات، وجهل وظلم في الكليات؛ فيتولد فساد عظيم»( ).
• وقال: «فرب قاعدة لو علم صاحبها ما تفضي إليه لم يقلها»( ).
• وقال ابن القيم - رحمه الله -: «إن القلب الحي هو الذي يعرف الحق ويقبله ويحبه ويؤثره على غيره؛ فإذا مات القلب لم يبق فيه إحساس ولا تمييز بين الحق والباطل، ولا إرادة للحق وكراهة للباطل، بمنزلة الجسد الميت الذي لا يحس بلذة الطعام والشراب وألم فَقْدِهما؛ وكذلك وصف سبحانه كتابه ووحيه بأنَّه روح لحصول حياة القلب به، فيكون القلب حيًّا ويزداد حياة بروح الوحي فيحصل له حياة على حياة، ونور على نور»( ).
• وقال العلَّامة ابن عثيمين - رحمه الله - : «يقول العلماء: من حُرم الأصول حُرم الوصول؛ لذلك ينبغي لنا أن نحرص على معرفة القواعد، وعلى معرفة ما تتضمنه، وأن نتباحث فيها، وأن نسأل من هو أعلم منّا حتى نحصل على المقصود». انتهى( ).
• وقال: «وإنَّما على المرء أن ينظر في كلام من ردَّ عليه؛ فإن تبين أن الصواب معه وجب عليه أن يحمد الله تعالى؛ حيث هيأ له من يبين له الصواب ويفتح له باب الحق، ووجب عليه أن يرجع إلى الصواب؛ فإن الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل»( ).
قال الشيخ العلاّمة ربيع بن هادي المدخلي .
• «والعاقل المنصف البصير يدرك متى يجب أو يجوز الكلام، ومتى يجب أو يجوز السكوت» «المجموع» (9/145).
• وقال: «فعلى من يتصدى لنقد البدع وأهلها أن يسلك طريق الكتاب والسنة، ويسلك مسلك السلف الصالح في الدقة في النقد والجرح» «المجموع» (9/159).


الهدف من الرسالة
• الدفاع عن المنهج السلفي وبيان براءته من غلو الغالين وتفريط المضيعين المتهاونين.
• الدفاع عن علماء المنهج السلفي؛ وذلك لأن أهل الغلو –الحدَّاديةء يتهمون العلماء بالتمييع والتفريط، وأهل التمييع يتهمون علماء أهل السنة بالغلو والتشدد.
• تحذير المسلمين عمومًا وطلبة العلم خصوصًا من الوقوع في هذين المنهجين.

أهمية الرسالة
تتضح أهمية الرسالة من أهمية الموضوع الذي تعالجه، وهو: «خطورة الانحراف المنهجي» الذي أدى إلى كثرة الاختلافات بين طلبة العلم خصوصًا؛ حيث انقسم طلبة العلم في أكثر البلاد الإسلامية إلى طرفين ووسط.

قسمٌ: غلا وتعنت وتعصب لذوات أشخاص، يعتقد أن عندهم غيرة على السُّنة، أكثر من غيرهم، فقلدوهم في تبديع من لا يستحق التبديع، وهجر من لا ينبغي هجره، والطعن فيمن يحرم الطعن فيه، وهم من نهج المنهج الحدادي وسار عليه وارتضاه منهجًا وسلوكًا.

وقسم آخر: تعصب وتحزب حول أُناس، اعتقد أنَّهم أحرص على جمع الصف، وأرأف حالًا بالناس، وأبلغ مقالًا، وأعدل أصولًا من غيرهم.
فقلدوهم في توثيق من لا ينبغي توثيقه، وتعديل من يجب تجريحه، والدفاع عمَّن اتضح وافتضح أمره، وشاع بين العالمين انحرافه، وهم من نهج منهج الحلبي وسار عليه، وارتضاه منهجًا وسلوكًا.

وبسبب هذين المنهجين ضاع كثير من الشباب، الذين كانت الأمة الإسلامية تنتظرهم ليحملوا عقيدتها ويدافعوا عن صفاء منهج سلفها، والله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وقسم ثالث: وهم أهل الحق الذين أخذوا بمنهج السلف والتفوا حول العلماء؛ فسلكوا المنهج الوسط المبني على الكتاب والسنة على فهم سلف الأمة، من غير إفراط الحدَّادية وغلوهم، ولا تفريط الحلبية وتهاونهم.








بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلله فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
أما بعد:
لا يخفى على طلبة العلم المتابعين لما يحدث في الساحة الدعوية من كثرة المناهج المنحرفة التي تأسست على قواعد وأصول مخالفة لأصول السلف، وكثرة الفتن التي أثمرتها تلك المناهج المنحرفة.

فالسعيد من هُدي إلى الصراط المستقيم والشقي من كُتبت عليه الضلالة.
قال تعالى: ﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ﴾ [هود: ١١٨، 119]. يقول الإمام السعدي في تفسير هذه الآية الكريمة: «اقتضت حكمته، أن لا يزالون مختلفين، مخالفين للصراط المستقيم، متبعين للسبل الموصلة إلى النار، كلٌّ يرى الحق فيما قاله، والضلال في قول غيره.﴿ إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ ﴾ فهداهم إلى العلم بالحق والعمل به، والاتفاق عليه، فهؤلاء سبقت لهم سابقة السعادة، وتداركَتْهم العناية الربانية والتوفيق الإلهي، وأما من عداهم، فهم مخذولون موكولون إلى أنفسهم»( ).

وإنَّ من أبرز أسباب الفتن: هو عدم الالتفاف حول علماء السنة والتقيد بمنهجهم، وعدم الرجوع إليهم في النوازل الكبيرة، على عكس ما كان عليه سلف هذه الأمة حيث ضربوا لنا أروع الأمثلة في احترام العلماء، وإنزالهم المنزلة التي تليق بهم، وأخذ أحكامهم وخصوصًا في باب الجرح والتعديل، ومعرفة الرجال والطوائف.

ومن فتن العصر التي أحرقت كثيرًا من الشباب، فتنة الحلبي ، وقواعده الباطلة الجائرة، والتي هي امتداد للقواعد الإخوانية، العرعورية، المأربية، وإن أبى وأنكر، وموَّه وتفلسف وتفلت عن أصول السلف!
فالأصول التي سار عليها الحلبي هي نفس الأصول التي سار عليها حسن البنا المصري، وعرعور الشامي، والمأربي المصري، مع تغير في ألفاظ بعض القواعد، مع بقاء المضمون.
فقاعدة المعذرة: «نجتمع فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه».
التي طورها عرعور إلى: «نصحح ولا نجرح».
ثم جاء المأربي فألبسها ثوبًا جديدًا فقال: «نبني ولا نهدم الأشخاص».
ثم انتهت السلسلة بالحلبي ليلبسها ثوبًا حلبيًّا برَّاقًا يسر الناظرين! فقال: «لا نجعل الخلاف في غيرنا سببًا للخلاف بيننا» .

ثم «قاعدة التثبت العرعورية المأربية»، التي انتهت بقاعدة الحلبي «اشتراط الإقناع في الجرح حتى يقبل، أو إجماع معتبر ورد خبر الثقة أو التشكيك فيه، والتفريق بين أحكام الثقات، وأخبارهم في الجرح والتعديل على الإطلاق، وبدون تفصيل .
والذي نعتقده وندين الله به: أنَّ هذه القواعد باطلة مصادمة لمنهج السلف.
وليس هذا من باب التقليد الأعمى، كما يزعمون!
إنّما هذا المنهج هو الذي سار عليه علماء السلف قديمًا وحديثًا.

ولا يسع المقام هنا لذكر أقوالهم في هذا الباب، لكني سأقتصر على ذكر ما قرره إمام من أئمة الجرح والتعديل وهو: عبد الرحمن بن أبي حاتم في مقدمة كتابه «الجرح والتعديل» وما نقله أيضا السخاوي - رحمه الله - عن حال

السلف مع أحكام علمائهم وأئمتهم في العصور الأولى، وكيف كانوا يُنزِلونها منزلتها؛ لاعتقادي أن كلام السخاوي ينقل الصورة المشرقة التي كان عليها سلف هذه الأمة من احترام العلماء والالتفاف حولهم، وأخذ أحكامهم والعمل بها؛ لأنّهم يتكلمون بعلم وعدل، ونصحًا للأمة وتحذيرًا لها من المتلاعبين وقواعدهم.

ثم أذكر أمثلة من أقوال علماء الجرح والتعديل المعاصرين؛ لأبرهن أن هذا هو
المنهج السلفي الذي سار ويسير عليه العلماء الأمناء جيلٌ بعد جيل إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، تصديقًا لحديث النبيِّ صلى الله عليه وسلم : «لا يزال طائفة من أمتي ظاهرين حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون». أخرجه البخاري ومسلم.

ولفظ مسلم: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم»( ).
أولًا: ما قرره عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي في مقدمته النفيسة لكتابه( ) «الجرح والتعديل» من أحكام الجرح والتعديل وقوانين الرواية، ومنها:
«فمنهم الثبت الحافظ الورع المتقن الجهبذ الناقد للحديث؛ فهذا الذي لا يختلف فيه، ويعتمد على جرحه وتعديله، ويحتج بحديثه وكلامه في الرجال»().

ثانيا: قال السخاوي - رحمه الله - : «ثم انتدب في زمانهم أيضًا لنقد الرجال الحافظان الحجتان يحيى بن سعيد القطان وابن مهدي؛ فمن جرحاه لا يكاد يندمل جرحه، ومن وثقاه فهو المقبول، ومن اختلفا فيه -وذلك قليل- اجتهد في أمره»( ).

ثالثًا: الإمام بن باز - رحمه الله - ( ).
جوابًا على سؤال إذا تعارض الجرح والتعديل أيهما يقدم؟ قال - رحمه الله - : «يقدم الجرح إذا صدر مبينًا من عالم من الأئمة العارفين بالأسباب، مبين - سيئ الحفظ ، كذاب - يبين أسباب الجرح ويكون الجارح إمامًا معروفًا.
قال السائل: أحسن الله إليك يا شيخ، وإذا عرف بالشدة كالنسائي؟
فأجاب الشيخ: ولو... إذا بين السبب( ).

رابعًا: قول الشيخ ربيع إمام الجرح والتعديل في هذا العصر.
قال - سدده الله -: «إن أقوال أئمة الجرح والتعديل الأمناء الصادقين العادلين من باب الأخبار؛ لأنها قائمة على دراسات لأحوال الرواة ورواياتهم، وعلى معرفتهم بسيرهم وأخلاقهم وصدقهم وضبطهم وإتقانهم، أو كذبهم أو سوء حفظهم أو سوء معتقدهم، ومن طرق كثيرة توصلهم إلى معرفة مراتب الرجال ومراتب رواياتهم؛ لأن الله الذي تعهد بحفظ دينه أحلهم هذه المنزلة.
فيجب على المسلمين قبول أخبارهم عن أحوال الرجال وعن أحوال رواياتهم وعقائدهم، هذا هو الأصل.

ومن الأدلة على أن أقوال العلماء في الجرح والتعديل من باب الأخبار الحديثان النبويان الآتيان:
عن أنس بن مالك ﭬ قال: مُر بجنازة فأثني عليها خيرًا فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم : «وجبت وجبت وجبت» ومُر بجنازة فأثني عليها شرًّا فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم : «وجبت وجبت وجبت» قال عمر: فدًى لك أبي وأمي، مُر بجنازة فأثني عليها خيرًا فقلت: «وجبت وجبت وجبت» ومُر بجنازة فأُثني عليها شرًّا فقلت: «وجبت وجبت وجبت» فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من أثنيتم عليه خيرًا وجبت له الجنة ومن أثنيتم عليه شرًّا وجبت له النار؛ أنتم شهداء الله في الأرض، أنتم شهداء الله في الأرض، أنتم شهداء الله في الأرض». متفق عليه. أخرجه البخاري في «صحيحه» حديث (1367)، ومسلم حديث (949)، واللفظ لمسلم.
الشاهد من هذا الحديث:
1- إقرار النبي شهادة بعض أصحابه على أناس بالخير والشر»( ).
ثم ذكر الشيخ ربيع - سدده الله - حديث عمر بن الخطاب وهو بنفس معنى الحديث المتقدم.

خامسًا: قول الشيخ عبيد وهو من علماء الجرح والتعديل الأمناء الثقات العالمين بالرجال والمناهج.
سُئل الشيخ عبيد الجابري -سدده الله- هل هناك فرق بين خبر الثقة، وحكم الثقة؟
فأجاب الشيخ: الحكم قضاء والخبر نقل:
فمثلًا حينما يأتيك رجل ثقة عندك لا تشك فيه ويذكر لك خبرًا ما، في قريتك أو في غيرها فأنت تقبله، هذا هو السبب، ولا تحتاج إلى تثبت، ومن الأدلة على قبول خبر العدل، وأنه لا يحتاج إلى تثبت قول الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا }الحجرات: ٦ .
﴾ [الحجرات: ٦].
فهذه الآية بمنطوقها قاضية بوجوب التبيُّن والتثبت في خبر الفاسق أصحيح هو أو لا؟ هذا بمنطوقها، وبمفهومها قاضية على عدم التثبت في خبر العدل وإن كان واحدًا.
أما الحكم فهو قضاء، يعني: أحيانا يكون فتوى، عالم يصدر كلامًا فيقبله الناس يجب عليهم قبوله، وقد يطلبون منه الدليل، وقد يكون عندهم من الثقة ما يكفيهم، إلا إذا عارضه قول عالم آخر؛ فنحتاج هنا إلى إقامة الدليل.
عالم زكى رجلًا وعالم جرحه، فهنا نحتاج إلى الدليل؛ لأن ذلك ثبتت عندنا عدالته، زكاه رجل عالم فاضل موثوق بعلمه زكاه، والآخر جرحه فنطلب منه الدليل، أما المستور والمجهول فإذا جرحه عالم من العلماء يكفي لا يلزم طلب الدليل منه؛ لأنه مستور أصلًا أو مجهول، فهذا خبر وحكم في آنٍ واحد»( )

انتهى.

وسُئل الشيخ عبيد -حفظه الله- أيضًا:
«ما قولكم فيمن يقول: لابد من التفريق بين حكم الثقة وخبر الثقة، فحكمه لا يلزمنا وخبره يلزمنا؟
الجواب: لا أعلم لهذا أصلا عند السلف أبدًا، فهذه من الفلسفات والتقعيدات الحديثة من إفراز قاعدة المعذرة والتعاون فيما أظن، هي تؤدي إلى تلطيف البدع وأهلها، حكم الثقة وخبر الثقة معمول بها عند السلف إذا ثبت نقل الدليل حكم عليه أولًا، فمن ثبتت عدالته حكم له بها يقال عدل، ومن ثبت جرحه حكم بجرحه بناء على ما ثبت بالدليل فنحن أمة الدليل»( ).
قلتُ «حسن»: وفي آخر لقاء جمعني بالشيخ عبيد الجابري -سدده الله- في بيته دار النقاش حول هذا الموضوع ضمن مجموعة أسئلة سألتُها له منها السؤال الآتي:
سؤال: في جلسة علمية جمعت بعض الإخوة دار النقاش حول موضوع «حكم قبول خبر الثقة» و«حكم الثقة»، وذلك لأن بعض الإخوة غير ضابط لهذه المسألة، ومعلوم كلامكم، وكلام الأئمة أنه قد يخرج الحكم مخرج الخبر إذا كان من عالم ناقد يقوم بنقد الرجال يخرج مخرج الخبر يجب قبوله، لكن الأصل: أن الحكم قضاء والخبر نقل، هل هذا التفصيل فيه شيء يا شيخ؟
الجواب:
أولًا: نحن لسنا قضاة، ولا نلزم أحدًا بأقوالنا أبدًا، وإنما نحن مفتون فإذا بلغنا أمر أصدرنا فيه من القول ما ندين الله به من حيث الصحة والضعف، وإذا كان عن الرجال من حيث الجرح والتعديل بالدليل، وهذا هو الملزم، الملزم ما هو؟ الملزم: الدليل!
وقد يختلف العلماء في رجل، أو في رجال إلى طائفتين إحداهما تجرح وأخرى تعدل، فقول هؤلاء المختلفين ليس ملزمًا بحد ذاته للطرف الآخر، وإنما يلزم الطرف الآخر الدليل الذي لا يقبل التأويل، هذه القاعدة التي تقررت عندي من خلال النظر في أقوال علمائنا المتقدمين والمعاصرين.
س2: هل عندكم كلام آخر يا شيخ قديم هو: الذي يقول بهذا التفصيل قد شابه أقوال المميِّعة مع أن المميِّعة معروف أنهم إنما فرقوا لا ، لأجل التفريق وإنما لرد كلام العلماء.
الجواب: هذا مثلًا للذي خالفنا في هذا قد يكون مميِّعًا ويمكن يسمَّى المُخذِّل المُثبّط.
مسألة ظهر فيها الدليل أنا أقول نعم هذا مثبِّط؛ لأن الدليل ظاهر ليس بمحتمل، وقد يكون عالمًا صاحب سُّنّة لكن ما بلغه ما بلغنا من الدليل!
يعني المسألة تحتاج إلى نظر وتفصيل، ولسنا على قاعدة الحلبي «لا نجعل الخلاف في غيرنا سببا للخلاف بيننا».
فهذا ليس بصحيح، هذا الرجل معروف من المُثبِّطة من المُخذّلة والمُميّعة والجانحة إلى السياسة.
لكن قد يكون الرجل الذي عدَّله فلان من الناس يعني خفي عليه ما علمته أنا، هنا يقال أنا أريد أنا أدافع عمَّا وصلتُ إليه، ومن قَبِل قولي كذلك، هذا الدفاع من قاعدة: «من علم حجة على من لم يعلم».
سؤال: يعني يا شيخ من جهة اللغة هناك فرق بين الحكم والخبر.
الجواب: الحكم هو القضاء.
لكن الحكم على المقالة نفسِها، هذا يمكن لعالم من العلماء يقول هذه المقولة كفر، وقائل هذا كافر على سبيل العموم، لكن على سبيل التقييد والتعيين ، لابد من اجتماع الشروط وانتفاء الموانع.
ثم الحكم الذي يوجب الحد أو التعزير، هذا للقاضي، لكن أنا أحكم على المقالة ، وأحكم على القائل على سبيل العموم، وقد أحكم على شخص بعينه بأنه قال ما هو معلوم من الدين بالضرورة بأنه كفر، مثل قول السويدان أنّه «ليس عنده مشكلة في الاعتراض على الله»واستدل بما هو فاسد ثم قال أنا ما أردتُ!
القائل أو الفاعل لا يسأل عن مراده أبدًا، العبرة بالظاهر من الأقوال والأفعال، فإن كانت حسنة حُكم لهذا الذي أظهر قولًا أو فعلًا بأنه صائب، وإن كانت سيئة يحكم عليه بالإساءة.
هذا واضح؟ واضح للجميع...» انتهى. سجل هذا اللقاء في بيت الشيخ عبيد الجابري في المدينة النبوية: (7/5/1434 هجرية).

وقد دلَّ كلام العلماء على عدة أمور منها:
أولًا: حتى يكون الحكم على الشخص من باب الخبر؛ فلابد أن يصدر من عالم صادق أمين عارف بأسباب الجرح والتعديل، «وخصوصًا في المسائل الخفية»، وأما المسائل الواضحة الظاهرة «كالرفض مثلًا» فهذه للعلماء ومن دونَهم كطلبة العلم .
وإذا تخلفت هذه الشروط ، فلا ينطبق عليه هذا التأصيل كأن تتخلف عنه العدالة، أو الضبط، أو العلم بأسباب الجرح والتعديل، وذلك حتى لا نقع من جهة أخرى بمشابهة الحدَّادية فنجرِّح من لا يستحق التجريح، أو نُبَدع من ليس بمبتدع، بناءً على حكم أي ثقة؛ لأن منهج أئمة النقد المتقدمين ومنهم ابن أبي حاتم الذي نقله السخاوي، والعلماء المعاصرين والمتمثل بكلام الشيخ بن باز، والشيخ ربيع، والشيخ عبيد، مقيد بأحكام العلماء الأمناء العالمين بأسباب الجرح والتعديل مع معرفتهم بالرجال، وأقوالهم، ومقالاتهم، وخبرتهم الطويلة بأصولهم المعوجة وخطورتها وخطورة لوازمها( ).
ولا يلزم من كلامي هنا أن الجرح والتعديل خاص بالعلماء فقط!
فهذا ليس محور الرسالة، وهذا الموضوع له بحث خاص، وتكلم فيه العلماء كثيرًا، وفرقوا بين البدع الظاهرة الواضحة وبين البدع الخفية.

وتأكيدًا على هذا الكلام؛ فقد أخبرني الشيخ عبد الله بن مهاوش أنَّه سأل فضيلة الشيخ ربيع بن هادي المدخلي -سدده الله- في (23 صفر عام 1435) بعد أذان المغرب في مكة المكرمة.حول هذا الموضوع: السؤال التالي: (هل حكم الثقة كخبره) يختص بالعلماء. أو: هو لكل ثقة وإن لم يكن عالمًا كطلبة العلم مثلًا ؟ قال الشيخ ربيع – حفظه الله - الجواب:
«هذا السؤال أفصل فيه، فإن كان الأمر ظاهرًا كالرافضة فنعم لطلبة العلم...
وأما المسائل المُشكلة والتي تحتاج بحث فهذه خاصة بالعلماء»( ).
ثانيًا: ومن ثمرات كلام العلماء ، هو عدم الوقوع في أصول المميِّعة والمفرِّطة ومنهجهم الذي بَنوه على قاعدة «لا يلزمني»، أو «لابد من الإجماع أو الإقناع في الجرح حتى يُقبل ،! أو تفريقهم بين خبر الثقة وحكم الثقة في الحكم على الأشخاص على الإطلاق، الذي أرادوا به عدم قبول أحكام العلماء الثقات الأمناء النُّقاد بالمجروحين.
ثالثًا: أن أحكام العلماء مبنية على الاستقراء التام لأحوال المُتكلم فيهم، وسبر أقوالهم، ومعرفة مضمونها وما دلت عليه، مع الاستشهاد بنصوص الكتاب والسُّنَّة على إبطالها؛ فهي ليست من مسائل الاجتهاد التي لا يثرَّب على عدم الأخذ بها كما يدندن حوله الحلبي والحلبيون.
رابعًا: المنهج الوسط أن الأصل لغةً وشرعًا أن هناك فرق بين الحكم والخبر، لكن الحكم قد يخرج مخرج الخبر بالشروط التي ذكرتُها، وعلى هذا تلقت الأمة أحكام أئمة الجرح والتعديل في الرجال بمثابة الأخبار.

براءة الدعوة السلفية من أصول وسلوك الحدادية .

حاولت في رسالتي هذه بيان الآثار الخطيرة للدعوة الحدَّادية على المجتمع المسلم عمومًا وعلى طلبة العلم خصوصًا( ).

فمن المعلوم: أن أهل السُّنة والجماعة هم أرأف الناس بالناس، فأحكامهم مبنية على العلم والعدل، والدافع لها النصح للأمة وللمنصوح أو المردود عليه، ويقصدون في ذلك التعبد لله تعالى، وتحقيق الولاء والبراء، الذي هو "من أصول " العقيدة الإسلامية، إلى غيرها من مقاصد الهجر التي ذكرها أهل العلم في كتبهم ورسائلهم، ويسلكون في ذلك الوسط من غير إفراط ولا تفريط؛ فلا يظلمون من ظلمهم، ولا يجهلون على من جهل عليهم، مع استخدام النصيحة للمخالف سرًّا، وعلنًا حسب ما يقتضية المقام، مع الصبر الطويل على المخالف خصوصًا إذا كان يدعي السُّنّة.

قال الشيخ ربيع بن هادي المدخلي - سدده الله -: «وأنا أقول للإخوان: الذي يقصر ما نسقطه - نهلكه -، الذي يخطئ منَّا ما نهلكه - بارك الله فيكم -، نعالجه باللطف والحكمة، ونوجه له المحبة والمودة إلى آخره، حتى يئوب، وإن بقي فيه ضعف ما نستعجل عليه، وإلا والله ما يبقى أحد، ما يبقى أحد.
الناس الآن يطاردون، يطاردون السلفيين حتى أتوا إلى العلماء وسموهم مُميِّعين، - بارك الله فيكم - ، الآن ما بقي في الساحة عالم تقريبًا إلا - طبعًا هي طريقة الإخوان - طريقة أهل بدع - طريقة أهل البدع من أسلحتهم أن يبدءوا بإسقاط العلماء، بل هي طريقة يهودية، هي طريقة يهودية ماسونية، إذا أردت إسقاط فكرة فأسقط علماءها أو شخصياتها - بارك الله فيكم - »( ).
ومن الفتن الكبيرة الفتنة التي أطلَّت على الناس في هذا الزمان «فتنة الحدَّادية».
تلك الفتنة التي أوقعت شباب المسلمين في أصول أهل الغلو والتعنت، والتجريح غير المنضبط بضوابط المنهج السلفي، والتي كان الحداد رأسًا لها، ومن سار على شاكلته.

حيث ابتدأت الطعن في النووي وابن حجر والبيهقي والطحاوي، ثم التبديع لكل من لم يبدع هؤلاء على قاعدتهم «كل من لم يبدع المبتدع فهو مبتدع»، دون تفصيل، أو قيود.
ثم الطعن في أئمة الدعوة السلفية كشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - ورميه بموافقة المرجئة.

ثم الطعن في علماء الدعوة السلفية المعاصرين؛ حيث بدءوا بالمُحدِّث الألباني، وتضافرت جهودهم في ذلك، ورميه بالإرجاء تارة، وبالتحزب تارة أخرى.
ثم انتقل طعنهم إلى علماء المدينة النبوية ورميهم بالتحزب والتقليد للشيخ الألباني، ورميهم بالإرجاء وغيرها، من الطعونات الجائرة المبنية على الهوى والجهل.

وغمزهم ولمزهم لعلماء كبار أيضًا كالشيخ ابن باز، والشيخ العثيمين، تارة تصريحًا وتارة من طرف خفي.
ولا زالت حربهم قائمة مُستعِرَة ضد المنهج السلفي وعلمائه، يعلنون ذلك ويكتبونه في مواقعهم المنحرفة كموقع «الآفاق» و منتدى «الأثري»، ومنتدى وموقع «عماد فراج»( ) الحدادي... وغيرها.

نسأل الله العافية والسلامة من الانحراف العقدي والمنهجي والسلوكي( ).
ومن هنا يعلم براءة الدعوة السلفية من منهج الحدَّادية الغالي، ومنهج المُميِّعة الحلبية المُفرِّط.

فأسأل الله العظيم أن يتقبل منَّا، ويجعل ذلك في ميزان حسناتنا، ونعوذ بالله من الحور بعد الكور، ومن الضلال بعد الهدى، ومن الغي بعد الرشد، وأن يجمع كلمة أهل السنة على الحق والهدى وأن يعيذنا وإيَّاهم من نزغات الشيطان.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 08 May 2015, 08:13 PM
أبو جميل الرحمن طارق الجزائري أبو جميل الرحمن طارق الجزائري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
الدولة: الجزائر
المشاركات: 414
افتراضي

حمل المقال من هنا
http://www.filedropper.com/---33
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الحلبية المميعة الحدادية


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013