رد مفحم على الخوراج في مسألة الموالاة
قال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بعد ذكره لقصة حاطب ونزول صدر سورة الممتحنة: '' يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ ''
الآيات في شأن حاطب، قال: (فدخل حاطب في المخاطبة باسم الإيمان، ووصفه به، وتناوله النهي بعمومه، وله خصوص السبب، الدال على إرادته، مع أن في الآية الكريمة ما يشعر أن فعل حاطب نوع موالاة، وأنه أبلغ إليهم بالمودة، وأن فاعل ذلك قد ضل سواء السبيل، لكن قوله: (صدقكم، خلوا سبيله) ظاهر في أنه لا يكفر بذلك، إذ كان مؤمنا بالله ورسوله، غير شاك ولا مرتاب، وإنما فعل ذلك لغرض دنيوي، ولو كفر لما قال: خلوا سبيله. ولا يقال، قوله - صلى الله عليه وسلم -: ما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم، فقد غفرت لكم هو المانع من تكفيره؛ لأنا نقول: لو كفر لما بقي من حسناته ما يمنع من لحاق الكفر وأحكامه؛ فإن الكفر يهدم ما قبله، لقوله تعالى: وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ ، وقوله: وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ والكفر محبط للحسنات والإيمان بالإجماع؛ فلا يظن هذا.
وأما قوله تعالى: '' وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ، وقوله: لاَ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وقوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ''
فقد فسَّرته السنة وقيدته وخصته بالموالاة المطلقة العامة.
وأصل الموالاة هو: الحب، والنصرة، والصداقة، ودون ذلك، مراتب متعددة، ولكل ذنب حظه وقسط من الوعيد والذم و هذا عند السلف الراسخين في العلم من الصحابة و التابعين معروف في هذا الباب و في غيره , و إنما أشكل الأمر و إلتبست الأحكام على خلوف من العجم و المولَّدين الذين لا دراية لهم بهذا الشأن و لا مُمارسة لهم بمعاني السنة و القرآن .
الدرر السنّية (1/474)
التعديل الأخير تم بواسطة طه صدّيق ; 27 Dec 2014 الساعة 11:58 AM
|