منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16 Feb 2018, 07:28 PM
أسامة لعمارة أسامة لعمارة غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: May 2017
الدولة: عين الكبيرة سطيف
المشاركات: 82
افتراضي جمع ما صدّره العلّامة البسّام في كتابه: -تيسير العلام شرح عمدة الأحكام- بقوله:"فائدة"...[الجزء الأخير].

بسم الله الرحمن الرحيم.


الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:



فهذا الجزء الأخير مما صدره العلامة البسام في تيسير العلام بقوله: فائدة.

فائدة 49: إذا تأملت ما تقدم من الاستنباطات و خلاف العلماء وجدت أن بعضهم مستمسك بظاهر الحديث، وآخذ بما دل عليه لفظه، وبعضهم الآخر قد قيده ببعض القيود، تخصيصا أو تعميما.
وهذا، كما قال تقي الدين ابن دقيق العيد: دائر بين اتباع المعنى، واتباع اللفظ. والأحسن أن ينظر في المعنى إلى الظهور والخفاء، فحيث يظهر ظهورا كثيرا، فلا بأس باتباعه.
وتخصيص النص به، أو تعميمه على قواعد القياس، وحيث يخفى أو لا يظهر ظهورا قويا، فاتباع اللفظ أولى.
على أني لم أذكر إلا قليلا مما لم يدل عليه ظاهر الحديث، وذلك حين يقوى الأخذ بالمعنى جدا، كتقييد إطلاق بيع البائع للبادي بتلك الشروط الثلاثة، فإنها- عند تأمل معنى الحديث، ومقصود النهى منه- معتبرة، وكذلك تعميم الحكم في تصرية بهيمة الأنعام، مع أن الوارد في هذا الحديث الغنم، لأن المعنى مفهوم وظاهر عمومه في جميعها.
وكذلك تقييد " خيار الجالب " بالغبن عادة، رجوعا إلى المعنى الواضح في ذلك، وهو إزالة الضرر عنه.
وأعرضت عن شيئين هما:
1- إما تمسك حرفي متقيد باللفظ، كمن جمد على قصر حكم التصرية في الغنم خاصة، لأنها المنصوص عليها، وغفل عن المعنى الواضح المقصود.
2- وإما ابتعاد عن ظاهر الحديث إلى معنى بعيد، كمن شرط في بطلان بيع الحاضر للبادي، أن يقصده الحاضر، فإن لم يقصده بل قصده البادي فلا تحريم، والبيع صحيح، على أني ذكرته عن مذهب الحنابلة لبيان المذهب فقط.
وبهذا أرى أني توسطت بين الوجهتين، وسلكت طريقا متوسطة مرضية.[ باب ما نهى الله عنه من البيوع، الحديث253، ص515-516].

فائدة 50: في تحريم تلقي الركبان، وبيع الحاضر للبادي يعلم كيف أن الإسلام يراعى المصالح العامة على المصالح الخاصة، كما هو مقتضى العقل الصحيح.
فإن انتفاع أهل البلد بشرائهم السلع رخيصة، قُدِّم على انتفاع الواحد ببيعه سلعته غالية.
كذلك منعت مصلحة فرد يتلقى الركبان، لأجل مصلحة أهل البلد الذين لهم الحق في أن ينتفعوا جميعا بالشراء من الجالب مباشرة، مع ما فيه من دفع الضرر عن الجالب أيضا. [ باب ما نهى الله عنه من البيوع، الحديث253، ص516].

فائدة51: تقدم التحريم في بيع المزابنة الذي هو إحدى صور الربا المحرم، واستثني من هذا التحريم مسألة العرايا، فلما جاءت على خلاف الأصل اشترط العلماء للرخصة فيها شروطا، بعضها مأخوذ من أحاديثها، وبعضها باق على أصل معاملة الربا:
1- أن تخرص النخلة بما تؤول إليه تمرا لطلب المماثلة.
2- أن تكون لمحتاج إلى الرطب ليأكله رطبا.
والمشهور من مذهبنا المنع في عكس هذه المسألة؛ وهو أن يشترى المحتاج إلى التمر برطبه تمرا وفي وجه يجوز، لأنه إذا جاز لمن يريد التفكه بالرطب، فكيف لا يجوز لمن احتاج إلى التمر ليأكل؟!
3- أن لا يكون معه نقود يشترى بها.
4- أن يتقابضا قبل التفرق، فالتمر بكيله، والنخلة بتخليتها.
5- أن لا تزيد عن خمسة أوسق، ويأتي في الحديث الذي بعد هذا.
6- إذا اشترى اثنان فأكثر من الرطب لكل واحد خمس أوسق من رجل واحد صح، ولو اشترى شخص من بائعين فأكثر خمسة أوسق صح أيضا. أما إذا اشترى من اثنين فأكثر أزيد من خمسة أوسق فلا يصح.[باب العرايا، الحديث 261، ص 530].

الفائدة52: الجمهور من العلماء يقصرون الجواز على النخل خاصة، ورخص به طائفة من العلماء -ومنهم شيخ الإسلام- في سائر الثمار، لأن الرطب فاكهة المدينة، ولكل بلد فاكهة، والحكمة المرخصة موجودة فيها كلها، والرخصة عامة. [باب العرايا، الحديث 261، ص 530].

الفائدة53: فقهاء المذاهب يجعلون ضمان التلف في الآفة السماوية، هي ما لا صنع لآدمي فيها، كالحر، والبرد، والجراد، ونحو ذلك من الجوائح، فما يصح عندهم تصرُّف المشتري فيه قبل القبض بالبيع يكون ضمانه عليه، إذا تلف أو تعيَّب. وما لا يصح تصرفه فيه فمن ضمان البائع على حسب اختلافهم المتقدم في ذلك.[باب نهي المشتري عن بيع الطعام قبل قبضه، الحديث264،ص537].

الفائدة 54: في صفة قبض المبيعات: يحصل قبض ما يبيع بكيل بكيله. وما بيع بوزن بوزنه، وما بيع بعدّ بعدِّه. وما بيع بذرع بذرعه، وما ينقل بنقله، وما يتناول بتناوله، والعقار والثمر على الشجر بتخليته، بأن يرفع البائع يده، ويضعها المشتري. .[باب نهي المشتري عن بيع الطعام قبل قبضه، الحديث264،ص537-538].

الفائدة55: الشرط في البيع قسمان:
أحدهما: ما هو منفعة في المبيع يستثنيها البائع، أو نفع من البائع في المبيع، يشترطه المشترى. وهذه هي مواطن الخلاف بين العلماء، وتقدم الكلام فيها.
والقسم الثاني: ما هو من مقتضى العقد، كالتقابض، وحلول الثمن، أو من مصلحة العقد، كاشتراط تأجيل الثمن، أو الرهن، أو الضمين، أو صفة في المبيع مقصودة، ككون العبد كاتبا أو صانعا، أو الأمة بكرا، أو خياطة، ونحو ذلك. فهذه الشروط لا خلاف في جوازها، كثرت أو قلّت.[باب الشروط في البيع، الحديث268، ص557].

فائدة56: يرى بعض العلماء- ومنهم الفقهاء المتابعون للمشهور من مذهب الحنابلة- سقوطها إن علم الشفيع ببيع الشِّقص ولم يشفع على الفور، ولم يجعلوا له مهلة إلا لعمل الأشياء الضرورية، من أكل، وشرب، وصلاة، ونحو ذلك، بناء منهم على أن الأصل في المعاملات الرضا.
والشفيع يريد انتزاع الشِّقص بغير رضا المشترى فحاربوه، واستأنسوا على ذلك بأحاديث ضعيفة كحديث " الشفعة كحلِّ العِقال ".
والحق أنه يرجع في ذلك إلى العرف في التحديد، ويعطى مهلة متعارفة للتفكير والمشاورة.[باب الشفعة، الحديث278، ص583]

فائدة 57: يحرم التحيل لإسقاط الشفعة، ولإبطال حق مسلم، كما قال ذلك الإمام أحمد رحمه الله.
وقد يعمد من لا يراعى حدود دينه، وحقوق إخوانه إلى محاولة إسقاطها بشيء من الحيل، كأن يعطى الشقص بصورة من الصور، التي لا تثبت فيها، أو لا يثبتها الحكام فيها، أو يضر الشفيع بإظهار زيادة في الثمن، أو بوقف الشِّقص حيلة لإسقاطها.
فهذه حيل لا تسقط فيها الشفعة عند الأئمة الأربعة، كما قال ذلك صاحب "الفائق" رحمه الله تعالى.
وقال شيخ الإسلام: الاحتيال على إسقاط الشفعة بعد وجوبها لا يجوز بالاتفاق، وإنما اختلف الناس في الاحتيال عليها قبل وجوبها، وبعد انعقاد السبب؛ وهو ما إذا أراد المالك بيع الشقص المشفوع. مع أن الصواب أنه لا يجوز الاحتيال على إسقاط حق مسلم، وما وجد من التصرفات لأجل الاحتيال المحرم فهو باطل .[باب الشفعة، الحديث278، ص583-584].

فائدة58:
قال في "المغني": وما كان في الشوارع والطرقات والرحبات بين العمران فليس لأحد إحياؤه، سواء كان واسعا أو ضيقا، وسواء ضيق على الناس بذلك أو لم يضيق، لأن ذلك يشترك فيه المسلمون، وتتعلق به مصلحتهم، فأشبه مساجدهم، ويجوز الارتفاق بالقعود في الواسع من ذلك للبيع، والشراء على وجه لا يضيق على أحد، ولا يضر بالمارة، لاتفاق أهل الأمصار في جميع الأعصار على إقرار الناس على ذلك من غير إنكار، ولأنه ارتفاق بمباح من غير إضرار، فلم يمنع، كالاجتياز.[باب الغصب، الحديث 280، ص 592].

فائدة59: قال شيخ الإسلام:
الجمهور يقولون: الشركة نوعان: شركة أملاك، وشركة عقود.
وشركة العقود أصلا لا تفتقر إلى شركة الأملاك، كما أن شركة الأملاك لا تفتقر إلى شركة العقود، وإن كانا قد يجتمعان.
والمضاربة شركة عقود بالإجماع، والمساقاة والمزارعة وإن كان من الفقهاء من يزعم أنهما من باب الإجارة، وأنهما على خلاف القياس؛ فالصواب أنهما أصل مستقل، وهو من باب المشاركة، لا من باب الإجارة، وهي على وفق قياس المشاركات.[باب المساقاة والمزارعة، الحديث281، ص 599].

فائدة60: ذكر وجوب العدل بين الأولاد في الهبة، وتحريم التخصيص أو التفضيل ما لم يكن ثم سبب موجب لذلك.
فإن كان هناك ما يدعو إلى التفضيل أو التخصيص، فلا بأس، كأن يكون أحدهم مريضا، أو أعمى، أو زمنا، أو كان ذا أسرة كبيرة، أو طالب علم، ونحو ذلك من الأسباب، فلا بأس بتفضيله لشيء من هذه المقاصد.
وقد أشار إلى ذلك الإمام أحمد بقوله- في تخصيص بعضهم بالوقف-: لا بأس إذا كان لحاجة، وكرهه إذا كان على سبيل الأثرة.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: والحديث والآثار تدل على وجوب العدل ... ثم هنا نوعان:
1- نوع يحتاجون إليه من النفقة في الصحة، والمرض ونحو ذلك، فالعدل فيه أن يعطي كل واحد ما يحتاج إليه، ولا فرق بين محتاج قليل أو كثير.
2- ونوع تشترك حاجتهم إليه، من عطية، أو نفقة، أو تزويج. فهذا لا ريب في تحريم التفاضل فيه.
وينشأ من بينهما نوع ثالث، وهو أن ينفرد أحدهم بحاجة غير معتادة، مثل أن يقضي عن أحدهم دينا وجب عليه من أرش جناية، أو يعطي عنه المهر، أو يعطيه نفقة الزوجة، ونحو ذلك، ففي وجوب إعطاء الآخر مثل ذلك نظر. اهـ من "الاختيارات".[باب العدل بين الأولاد في الهبة، الحديث 287، ص614-615].

الفائدة61: في حاشية الصنعاني على "شرح العمدة" ما يلي:
أخاف على الزاهد أن تكون شهوته انقلبت إلى الترك، فصار يشتتهي ألا يتناول. وللنفس في هذا مكر خفي، ورياء دقيق، فإن سلمت من الرياء للخلق كانت إلى خير.
ولقد دخل المتزهدون في طرق لم يسلكها النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أصحابه؛ من إظهار التخشع الزائد عن الحد، وتخشين الملبس، وأشياء صار العوام يستحسنونها، وصارت لأقوام كالمعاش، يجتنون من ثمراتها تقبيل اليد والتوقير، وأكثرهم في خلوته على غير حالته في جلوته، يتناول في خلوته الشهوات، ويعكف على اللذات، ويرى الناس أنه متزهد، وما تزهد إلا القميص، وإذا نظرت إلى أحواله فعنده كبر فرعون.[كتاب النكاح، الحديث299، ص646].

الفائدة 62: الجمع بين الأختين، وبين المرأة وعمتها، والمرأة وخالتها: قال ابن المنذر: لست أعلم في ذلك خلافا اليوم، واتفق أهل العلم على القول به. ونقل ابن عبد البر، وابن حزم، والقرطبي، والنووي الإجماع.
قال ابن دقيق العيد: وهو مما أخذ من السنة، وإن كان إطلاق الكتاب يقتضي الإباحة لقوله تعالى: {وأحل لكم ما وراء ذلكم}، إلا أن الأئمة من علماء الأمصار خصوا ذلك العموم بهذا الحديث، وهو دليل على جواز تخصيص عموم الكتاب بخبر الواحد، وهو مذهب الأئمة الأربعة.
قال الصنعاني: ليس المراد بالواحد الفرد، بل ماعدا المتواتر، فالحافظ ابن حجر ذكر أن هذا الحديث رواه من الصحابة ثلاثة عشر نفرا، وعدهم، ففيه رد على من زعم أنه لم يروه إلا أبو هريرة. [باب المحرمات في النكاح، الحديث 301،ص 651].

الفائدة 63: نكاح الكتابية جائز بآية المائدة، وهو مذهب جماهير السلف والخلف من الأئمة الأربعة وغيرهم.
فإن قيل: فقد وصفهم - أي أهل الكتاب- بالشرك بقوله: {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ... }.
قيل: إن أهل الكتاب ليس في أصل دينهم شرك، وحيث وصفوا بأنهم أشركوا فلأجل ما ابتدعوا من الشرك، فأصل دينهم اتباع الكتب المنزلة التي جاءت بالتوحيد لا بالشرك. اهـ من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية. [باب المحرمات في النكاح، الحديث 301،ص 651].

الفائدة 64: سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى عن رجل يسير في البلاد، ويخاف أن يقع في المعصية، فهل له أن يتزوج في مدة إقامته في تلك البلدة، فإذا سافر طلق من تزوجها؟
فأجاب: بأن له أن يتزوج، ولكن على أن ينكح نكاحا مطلقا، يمكنه من إمساكها أو تطليقها إن شاء، وإن نوى طلاقها حتما عند انقضاء سفره كره في مثل ذلك، وفي صحة النكاح نزاع.
ثم ببّن رحمه الله رأيه في نكاح المنعة، فقال: إن قصد أن يستمتع بها إلى مدة ثم يفارقها، مثل المسافر إلى بلد يقيم به مدة، فيتزوج وفي نيته إذا عاد إلى وطنه أن يطلقها، ولكن النكاح عقده عقدا مطلقا؛ فهذا فيه ثلاثة أقوال في مذهب أحمد:
1- قيل: هو نكاح جائز، وهو اختيار الموفق، وقول الجمهور.
2- وقيل: إنه نكاح تحليل لا يجوز، وروي عن الأوزاعي، ونصر القاضي وأصحابه.
3- وقيل مكروه، وليس بمحرم.
والصحيح أن هذا ليس بنكاح متعة ولا يحرم، وذلك أنه قاصد للنكاح وراغب فيه، بخلاف المحلل، لكن لا يريد دوام المرأة معه، وهذا ليس بشرط، فإن دوام المرأة معه ليس بواجب، بل له أن يطلقها، فإذا قصد أن يطلقها بعد مدة فقد قصد أمرا جائزا، بخلاف نكاح المتعة، فإنه مثل الإجارة تنقضي فيه بانقضاء المدة، ولا ملك له عليها بعد انقضاء الأجل، وأما هذا فملكه ثابت مطلق، وقد تتغير نيته فيمسكها دائما، وذلك جائز له، كما لو تزوج بنية إمساكها دائما، ثم بدا له طلاقها جاز ذلك.[باب الشروط في النكاح، الحديث 304، ص656].

الفائدة65: قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: وأما العزل فقد حرمه طائفة من العلماء، لكن مذهب الأئمة الأربعة أنه يجوز بإذن المرأة.[باب عشرة النساء، الحديث 308، ص 669]

الفائدة 66: وقال أيضا: المرأة إذا تزوجت كان زوجها أملك بها من أبويها، وطاعة زوجها عليها أوجب، فليس لها أن تخرج من منزله إلا بإذنه، سواء أمرها أبوها، أو أمها باتفاق الأئمة. وإذا أراد الرجل أن ينتقل بها من مكان إلى مكان آخر مع قيامه بما يجب عليه، وحفظ حدود الله فيها، ونهاها أبوها عن طاعته في ذلك، فعليها أن تطيع زوجها دون أبويها، فإن الأبوين هما ظالمان، ليس لهما أن ينهياها عن طاعة مثل هذا الزوج .[باب عشرة النساء، الحديث 308، ص 669-670].

فائدة67: سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن رجل ترك زوجته ست سنين، ولم يترك لها نفقة، ثم بعد ذلك تزوجت رجلا ودخل بها، ثم حضر الزوج.
فأجاب: إن النكاح الأول فسد لتعذر النفقة من جهة الزوج، وانقضت عدتها، ثم تزوجت الثاني فنكاحه صحيح، وإن كانت تزوجت الثاني قبل فسخ نكاح الأول فنكاحه باطل.[باب العدة، الحديث315، ص 692].

فائدة68: ما هي الرضعة التي يحصل بها العدد، وما مقدارها؟
الشارع ذكر الرضعة، وأطلقها إلى ما يعرفه الناس ويعدونه رضعة، والرضعة معناها: المرة من الرضعات، كالأكلة من الأكلات، والشربة من الشربات.
والناس لا يعدون الأكلة إلا الوجبة التامة، سواء تخللها قيام، أو اشتغال يسير، أو قطعها لعارض، ثم رجع إليها، لأنه لم يكملها. فهكذا الرضعة.
فالصحيح أنها لا تحسب رضعة إلا ما رضعه الصبي، ثم تركه لغير عارض ولا شاغل، بل عن طيب نفس وريّ.
وهو مذهب الشافعي، وهى الرواية الثانية عن الإمام أحمد، ونصرها ابن القيم في "الهدي"، واختارها شيخنا عبد الرحمن آل سعدي.
أما إذا نقلته المرضعة من ثدي إلى ثدي، أو جاءه ما يلهيه ثم تركه، أو نحو ذلك، فالصحيح أن هذه المصة، لا تعد رضعة.
واختلف العلماء في وقت الرضاع الذي يتعلق به التحريم، ولهم في ذلك أقوال، ولكن التي تصلح للبحث والمناقشة، ويستند إلى الأدلة، أربعة مذاهب هي:
الأول: أن الرضاع المعتبر، هو ما كان في الحولين فقط.
الثاني: هو ما كان في الصغر، ولم يقدروه بزمان.
الثالث: أن الرضاع يحرِّم ولو كان للكبير البالغ، أو الشيخ.
الرابع: أن الرضاع لا يكون محرما إلا ما كان في الصغر، إلا إذا دعت الحاجة إلى رضاع الكبير، الذي لا يستغنى عن دخوله، ويشق الاحتجاب منه.
فذهب إلى الأول الشافعي، وأحمد، وصاحبا أبي حنيفة أبو يوسف، ومحمد بن الحسن. وصح عن عمر، وابن مسعود، وأبي هريرة، وابن عباس، وابن عمر. وروي عن الشعبي، وهو قول سفيان، وإسحاق، وابن المنذر.
واستدلوا على ذلك بقوله تعالى: {والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة} فجعل تمام الرضاعة حولين، فلا حكم لما بعدهما، فلا يتعلق به تحريم.
وحديث " إنما الرضاعة من المجاعة " المتقدم، ومدة المجاعة هي ما كان في الحولين.
وما رواه الدارقطني بإسناد صحيح عن ابن عباس يرفعه: "لا رضاع إلا ما كان في الحولين ".
وفي سنن أبي داود من حديث ابن مسعود يرفعه: "لا يحرم من الرضاع إلا ما أنبت اللحم وأنشز العظم". ورضاع الكبير لا ينبت اللحم ولا ينشز العظم.
وذهب إلى القول الثاني أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، خلا عائشة، وروي عن ابن عمر، وابن المسيب، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية.
ودليل هؤلاء ما في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال: "إنما الرضاعة من المجاعة"، فيقتضي عمومه أن مادام الطفل غذاؤه اللبن أن ذلك الرضاع محرِّم، وهو نظر جيد، ومأخذه قوي.
وذهب إلى القول الثالث طائفة من السلف والخلف، منهم عائشة، وروي عن علي، وعروة، وعطاء، وقال به الليث بن سعد، وداود، وابن حزم، ونصره في كتابه "المحلى"، ورد حجج المخالفين.
وكانت عائشة إذا أحبت أن يدخل عليها أحد من الرجال أمرت أختها أم كلثوم، أو بنات أخيها فأرضعته.
ودليل هؤلاء، ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم : أن سهلة بنت سهيل قالت: يا رسول الله، إن سالما مولى أبي حذيفة معنا في بيتنا، وقد بلغ ما يبلغ الرجال، فقال: "أرضعيه تحرمي عليه". فكان بمنزلة ولدها من الرضاعة. رواه مسلم.
وهذا حديث صحيح ليس في ثبوته كلام، ولكن أصحاب القول بالحولين يجيبون عنه بأحد جوابين:
الأول: أنه منسوخ، ولكن دعوى النسخ تحتاج إلى معرفة التأريخ بين النصوص، وليس هناك علم بالمتقدم منها والمتأخر، ولو كان منسوخا، لقاله الذين يُحاجُّون عائشة في هذه المسألة، ويناظرونها من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهن.
الجواب الثاني: دعوى الخصوصية، فيرون هذه رخصة خاصة لسالم وسهلة، وليست لأحد غيرهما.
وتخريج هذا المسلك لهم أنهم يقولون: جاءت سهلة شاكية، متحرجة من الإثم والضيق لما نزلت آية الحجاب فرخص لها النبي صلى الله عليه وسلم، فكأنه استثناها عن عموم الحكم.
قالوا: ويتعين هذا المسلك، وإلا لزمَنا أحد مسلكين: إما نسخ هذا الحديث بالأحاديث الدالة على اعتبار الصغر في التحريم، أو نسخها به. ولا يمكن هذا، لأننا لا نعلم تاريخ السابق منها واللاحق. وبهذا المسلك نتمكن من العمل بالأحاديث كلها، فيكون هذا الحديث خاصا بسالم و سهلة، وسائر الأحاديث لعامة الأمة.
وذهب إلى القول الرابع - وهو أن تأييد رضاع الكبير رخصة عامة لكل من هو في مثل حال سهلة- شيخ الإسلام ابن تيمية وجعله توسطا بين الأدلة، وجمعا بينها، حيث إن النسخ لا يمكن بين هذه النصوص، لعدم العلم بالتاريخ، والخصوصية لـسالم وحده لم تثبت، فتكون خصوصية في مثل من هو في حال سالم وزوج أبي حذيفة، حيث يشق الاحتجاب عنه، ولا يستغني عن دخوله، والخلوة به.
ورجح هذا المسلك ابن القيم في "الهدى"، فقال: وهذا أولى من النسخ ودعوى الخصوصية لشخص بعينه، وأقرب إلى العمل بجميع الأحاديث من الجانبين، وقواعد الشرع تشهد له. والله الموفق.[كتاب الرضاع، الحديث 330، ص 723-726].

فائدة69: ينبغي حفظ الرضاع وضبطه في حينه، وكتابته؛ فيحفظ من رضع منه ولده، ومن شاركه في الرضاع، ومن رضع من لبنه، ويبين مقدار الرضاع، ووقته، حتى لا تقع المشكلات بعد النكاح، فيحصل التفرق والندم، وتشتت الأولاد، والأسف على الماضي، وغير ذلك من المفاسد الكثيرة.[كتاب الرضاع، الحديث 331، ص 728].

الفائدة70: قال الخطابي : كل ما شككت فيه فالورع اجتنابه، والذي شككت فيه هو محل الريبة، فإن الريبة الشك والتردد، وحديث "دع ما يريبك" أفاد أنك إذا شككت في شيء فدعه، واترك ما تشك فيه.
قال الغزالي: الورع أقسام: ورع الصديقين: وهو ترك ما يتناول لغير نية القوة على العبادة. وورع المتقين: وهو ترك مالا شبهة فيه، ولكن يخشى أن يجر إلى الحرام. وورع الصالحين: وهو ترك مالا يتطرق إليه احتمال التحريم، بشرط أن يكون لذلك الاحتمال موقع، فإن لم يكن له موقع فهو ورع الموسوسين.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: الفرق بين الزهد والورع أن الزهد ترك مالا ينفع في الآخرة، والورع ترك ما يخاف ضرره في الآخرة.
قال ابن القيم: إن هذه العبارة من أحسن ما قيل في الزهد والورع وأجمعها.
وقال أيضا: التحقيق أنها (أي النعم) إن شغلته عن الله تعالى فالزهد فيها أفضل، وإن لم تشغله عن الله بل كان شاكرا فيها فحاله أفضل، والزهد فيها: تجريد القلب عن التعلق بها والطمأنينة إليها.
قال الصنعاني: واعلم أنه يجمع الورع كله قوله صلى الله عليه وسلم: " من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه". والحديث يعم الترك لما لا يعنى من الكلام، والنظر، والاستماع، والبطش، والمشي، وسائر الحركات الباطنة والظاهرة، فهذه الحكمة النبوية شافية في الورع كافية. [كتاب الأطعمة، الحديث 373، ص 824].

هذا آخر الجمع، أسأل الله أن يكون الإخوة قد انتفعوا به، وإلى سلسة أخرى إن شاء الله بعنوان: جمع ما نقله العلّامة البسام من فوائد عن شيخ الإسلام في كتابه تيسير العلّام شرح عمدة الأحكام، نسأل الله التوفيق.

وصلى الله على النبي المصطفى المختار وآله وصحبه الأطهار.

أبو أمامة أسامة بن الساسي لعمارة.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 16 Feb 2018, 10:45 PM
عز الدين بن سالم أبو زخار عز الدين بن سالم أبو زخار غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2015
الدولة: ليبيا
المشاركات: 548
افتراضي

جزاك الله خيرا أخي الفاضل أبا أمامة على هذا الجمع الطيب وعلى هذا الجهد المبارك، فحري أن تنشر هذه الفوائد في مواقع التواصل كل يوم فائدة لتصل إلى أكبر قدر من المسلمين ويستفاد منها.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 17 Feb 2018, 06:33 AM
أبو صهيب منير الجزائري أبو صهيب منير الجزائري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jul 2014
المشاركات: 208
افتراضي

بارك الله فيك أخي الحبيب على نقل مثل هذه المواضيع التي تربط النصوص بقواعد الاستنباط والاستدلال مع ذكر الفروق، زيادة للفائدة على ما ذكر، هناك علاقة بين الفائدة 51 52، في مسألة جواز العرايا ، لما صنفها الجمهور من المستثنيات من الأصل لم يقيسوا عليها سائر الرطب، وأما شيخ الإسلام كان يرى بيع العرايا من الأصول فقاس عليها والله أعلم.
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 17 Feb 2018, 06:45 AM
أبو صهيب منير الجزائري أبو صهيب منير الجزائري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jul 2014
المشاركات: 208
افتراضي

الفائدة 62، المقصود من تخصيص عموم القرآن بالسنة الآحاد، مسألة أن ينكح الرجل المرأة مع عمتها أو وخالتها، أما الجمع بين الاختين فهو من تخصيص القرآن بالقرآن ذكرت هذا لأن السياق في الفائدة جاء جامعا بين الحالتين.
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 17 Feb 2018, 09:11 AM
يوسف عمر يوسف عمر غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Dec 2017
المشاركات: 91
افتراضي

جزاك الله خيرا أخي أبا أسامة أسأل الله عز وجل أن يبارك فيك.
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 18 Feb 2018, 04:34 PM
أسامة لعمارة أسامة لعمارة غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: May 2017
الدولة: عين الكبيرة سطيف
المشاركات: 82
افتراضي

جزاكم الله خيرا إخواني الفضلاء على مروركم وتشجيعكم.
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 19 Feb 2018, 09:46 PM
أبو معاوية محمد أنور زروقي أبو معاوية محمد أنور زروقي غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Sep 2017
الدولة: مدينة سطيف
المشاركات: 64
افتراضي

جزاك الله خيرا أخي أسامة ،أسأل الله أن ينفع بهذا الجمع الطيب ونحن بانتظار الجمع الجديد.
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 22 Feb 2018, 04:52 PM
أسامة لعمارة أسامة لعمارة غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: May 2017
الدولة: عين الكبيرة سطيف
المشاركات: 82
افتراضي

وإياك أخي أنور.
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
جمع, فوائد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013