منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 16 Feb 2018, 09:06 PM
أبو معاوية محمد أنور زروقي أبو معاوية محمد أنور زروقي غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Sep 2017
الدولة: مدينة سطيف
المشاركات: 64
افتراضي جمع صغير في مسألة تعارض الجرح والتعديل

جمع صغير في مسألة تعارض الجرح والتعديل


الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد :

فهذا جمع صغير في مسألة من مسائل العلم الكبير علم الجرح والتعديل ، هذا العلم الذي حمى الله به الدين بأيدي أئمة مصلحين ، نفوا عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ، قال الذهبي -رحمه الله- في سير أعلام النبلاء (11|82): «ونحن لا ندعي العصمة في أئمة الجرح والتعديل. لكنهم أكثر الناس صواباً وأندرهم خطأً وأشدهم إنصافاً وأبعدهم عن التحامل».إلى أن قال رحمه الله :«فوالله لولا الحفاظ الأكابر لخطبت الزنادقة على المنابر. ولئن خطب خاطبٌ من أهل البدع، فإنما هو بسيف الإسلام وبلسان الشريعة وبجاه السنة وبإظهار متابعة ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فنعوذ بالله من الخذلان».
فأحببت جمع بعض الكلام لأئمة محققين وعلماء محدثين حول مسألة تعارض الجرح والتعديل ، ومتى يقدم الجرح إذا صدر من عدة أطراف في شخص أو أشخاص ، ومتى يقدم التعديل أيضا ، وأتبعت أقوالهم بكلام لبعض علمائنا المعاصرين .
واخترت هذا الموضوع لأهميته البالغة ولأن هناك أقواما«ذهبوا يقابلون-حينئذ- الجرح المفسر بالتعديل وهذا خلاف ما أطبق عليه علماء الفن»[محاضرة مراتب العلم للعلامة محمد بن هادي ].وللاضطراب الذي وقع فيه الكثير، إما بسبب جهلهم بالتفصيل في المسألة، وإما بسبب ضعف في العمل بها لأن وراءها ما وراءها من نصرة للحق وأهله ، وإما بسبب دسيسة وتلاعب بالقواعد فتعمل في فلان ولاتعمل في الآخر والله المستعان ، وقد ذكرت الخلاف في قول العلامة الإتيوبي في الإيضاح ، واكتفيت بذكر القول المعول عليه و الراجح الذي رجحه الأئمة المحققون في باقي الأقوال خشية الإطالة ، ومن أراد التفصيل أكثر فليرجع لأصول هذا المنقول وتركت حواشيه حتى لا يطول ، وتخطيت أجزاء في الفصل الأول لها علاقة بالفصل الثاني لأتجنب تكرارها ، والله الموفق وحده.


الفصل الأول : في تقديم الجرح المفسر على التعديل .

قال العلامة ابن الصلاح الشُهرزوري -رحمه الله- في فصل من تقبل روايته ومن ترد من مقدمته : «الخامسة :‏ اجتمع في شخص جرح وتعديل، فالجرح مقدم، لأن المعدل يخبر عما ظهر من حاله، والجارح يخبر عن باطن خفي على المعدل‏.‏ فإن كان عدد المعدلين أكثر‏:‏ فقد قيل‏:‏ التعديل أولى‏.‏ والصحيح - والذي عليه الجمهور - أن الجرح أولى، لما ذكرناه، والله أعلم‏.‏»«معرفة أنواع علوم الحديث»(109) ط.دار الفكر

وقال الأسيوطيُ -رحمه الله- في التدريب في شرحه لنفس الفصل الذي لخصه النووي في التقريب :
« (وإذا اجتمعَ فيه) أي الرَّاوي (جرحٌ) مُفسَّر (وتعديل،فالجَرْح مُقَّدم) ولو زاد عدد المُعدِّل، هذا هو الأصح عندَ الفُقهاء والأصُوليين، ونقلهُ الخطيب عن جُمهور العُلماء ؛ لأن مع الجارح زيادة علم لم يطَّلع عليها المُعدِّل، ولأنَّه مُصدِّق للمعدِّل فيما أخبر به عن ظاهر حاله، إلاَّ أنَّه يُخبر عن أمر باطن خفي عنه. »«تدريب الراوي »(468-469/ 1) ط.ابن الجوزي

وقال السخاوي-رحمه الله- كما في الفتح شارحا لبيت :
وقدموا الجرح وقيل ان ظهر.... من عدل الأكثر فهو المعتبر
قال -رحمه الله- :«الخامس :
في تعارض الجرح والتعديل في راوٍ واحد.
(وقدموا) أي : جمهور العلماء -أيضا-(الجرح) على التَّعديل مطلقا ،استوى الطَّرفان في العدد أم لا، قال ابن الصَّلاح : إنَّه الصَّحيح.

وكذا صححه الأصوليون ، كالفخر ، و الآمدي ؛ بل حكى الخطيب اتِّفاق أهل العلم عليه ، إذا استوى العددان ، وصنيع ابن الصَّلاح مُشعِرٌ بذلك.

وعليه يحمل قول ابن عساكر : أجمع أهل العلم على تقديم قول من جرح راوياً على قول من عدَّله، واقتضت حكايةُ الاتفاق في التَّساوي كون ذلك أولى فيما إذا زاد عدد الجارحين.

قال الخطيب : والعلة في ذلك أنَّ الجارح مُخْبِرٌ عن أمر باطنيٍّ قد علمه،ويصدِّق المعدِّلَ ،ويقول له :قد علمتُ من حاله الظّاهر ماعلمتَه، وتفردتُّ بعلم لم تعلمه من اختبار أمره، يعني: فمعه زيادة علم.
قال: وإخبارُ المعدِّلِ عن العدالة الظَّاهرة، لا ينفي صدقَ قول الجارح فيما أخبر به، فوجب لذلك أن يكون الجرح أولى من التعديل.

وغاية قول المعدل -كما قال العضد - إنه لم يعلم فسقا ،ولم يظنَّه، فظنَّ عدالته، إذ العلم بالعدم لا يتصور ، والجارح يقول : أنا علمتُ فسقَه، فلو حكمنا بعدم فسقه كان الجارح كاذباً، ولو حكمنا بفسقه كانا صادقين فيما أخبرا به، والجمع أولى ما أمكن، لأن تكذيب العدل خلاف الظَّاهر. انتهى.

وإلى ذلك أشار الخطيب بما حاصله أنَّ العمل بقول الجارح غير متضّمن لتهمة المزكِّي*،
بخلاف مقابله، قال: ولأجل هذا وجب إذا شهد شاهدان على رجل بحقٍّ، وشهد له آخران أنَّه قد خرج منه، أن يكون العمل بشهادة من شهد بالقضاء أولى ؛ لأنَّ شاهدي القضاء يصدقان الآخرين ، ويقولان علمنا خروجه من الحقّ الذي كان عليه ، وأنتما لم تعلما ذلك ، ولو قال شاهدا ثبوتِ الحقِّ: نشهد أنّه لم يخرج من الحقّ لكانت شهادة باطلة.
لكن ينبغي تقييد الحكم بتقديم الجرح بما إذا فُسِّر، وما تقدم قريباً يساعده، وعليه يحمل قول من قدم التَّعديل، كالقاضي أبي الطيب الطبري وغيره، أما إذا تعارضا من غير تفسير ،فالتعديل كما قاله المِزِّي وغيره.
وقال ابن دقيق العيد: إن الأقوى –حينئذٍ- أن يطلب التَّرجيح ، لأن كلاًّ منهما ينفي قول الآخر ، وتعليله يخدش فيه بما تقدم.

ثم جاء بكلام حول تقديم التعديل يخص الفصل القادم إلى أن قال :

(وقيل: إن ظهر من عدل الأكثر) بالنصب حالاً، باعتقاد تنكيره، يعني: إن كان المعدلون أكثر عدداً (فهو)أي: التَّعديل (المعتبر) حكاه الخطيب عن طائفة ، وصاحب المحصول ؛ لأنَّ الكثرة تقوي الظنَّ، والعمل بأقوى الظنَّين واجب، كما في تعارض الحديثين.


قال الخطيب: وهذا خطأ وبُعد مِمَّن توهمه، لأنَّ المعِّدلين وإن كثروا ليسوا يخبرون عن عدم ما أخبر به الجارحون، ولو أخبروا بذلك، وقالوا: نشهد أن هذا لم يقع منه لخرجوا بذلك عن أن يكونوا أهلَ تعديل أو جرح؛ لأنَّها شهادة باطلة على نفي ما يصح ، ويجوز وقوعه وإن لم يعلموه ، فثبت ماذكرناه ، وإن تقديم الجرح إنَّما هو لتضمنه زيادة خفيت على المعدِّل، وذلك موجود مع زيادة عدد المعدِّل ونقصه ومساواته! فلو جرحه واحد وعدله مائة قُدِّم الواحد لذلك»«فتح المغيث» (191-188/ 2) ط.دار المنهاج



وقال العلامة المحدث الإتيوبي -حفظه الله تعالى- في شرحه لنظمه الماتع لضوابط الجرح والتعديل في فصل : بيان تعارض الجرح والتعديل ومايتعلق بذلك :

«أقول: اختلف العلماء فيما إذا تعارض الجرح والتعديل على أقوال :
(أحدها): مذهب الجمهور،وهو أنه يقدم الجرح على التعديل؛ لأن الجارح عنده زيادة علم، حيث علم من الراوي مالم يعلمه المعدّل،والزيادة من الثقة مقبولة.
(الثاني):أنه يقدم العدد الزائد منهما.
(الثالث) :يقدّم الأحفظ.
(الرابع) :يُحكم بالتعارض،فيُطلب الترجيح لأحدهما بطريق من الطرق المعتبرة للترجيح.
(الخامس) :-وهو الراجح- أنه يقدم الجرح المفسّر على التعديل ،ولكن ذلك ليس على سبيل الإطلاق ، بل هو مقيّد بما يأتي من ضوابط الجرح والتعديل.» «إيضاح السبيل في شرح إتحاف النبيل»(46-47) ط.ابن الجوزي

قال الشيخ عبد العزيز بن محمد العبد اللطيف-رحمه الله- في فصل : تعارض الجرح والتعديل :«فإذا تعارض الجرح المفسر مع التعديل بصدورهما من إمامين فأكثر فمذهب الجمهور تقديم الجرح على التعديل مطلقا ،سواء زاد عدد المُعدِّلين على عدد المُجرِّحين أو نقص عنه أو استويا.
وذلك لأن مع الجارح زيادةَ علمٍ بخفي حال الراوي لم يطَّلع عليها المعدِّل فالجارح مصدِّقٌ للمعدِّل في الحال الظاهرة ومبيّن لحال الراوي الخفية». «ضوابط الجرح والتعديل»(67) ط.العبيكان


قال الحافظ بن حجر في مقدمة لسان الميزان: «إذا اختلف العُلماء في جرحِ رَجل وتعديله؛ فالصَّواب التفصيلُ؛ فإذا كان الجَرحُ ، والحالة هذه مفسراً قُبل وإلا عُمل بالتعديلِ ، فأما من جهل ولم يُعلمْ فيه سوى قول إمام من أئمة الحديث أنه ضعيف أو متروك ونحو ذلك، فإنَّ القولَ قولُه ولا نطالبه بتفسير ذلك، فوجهُ قولهم : - أن الجرحَ لا يُقبل إلا مفسَّرا - هو فيمن اُختلف في توثيقه وتجريحه. »(1/15)(ت:أبو غدة)



وهذه فصول من فتاوى الإمام العلامة المحدث ربيع بن هدي -حفظه الله- ورعاه يتحدث فيها عن هذه القواعد واعمالها ;


قال ربيع السنة -حفظه الله-:
فكم من إنسان زكَّاه الإمام أحمد فقال تلاميذه الذين لا يصلون إلى شيء من فضله ، عرفوا ما عند هؤلاء وما فيهم من قدح وما فيهم من جرح فأسقطوهم؛ وإن كان قد زكاهم أحمد رحمه الله.
وزكَّى الشافعي أناساً وجرحهم آخرون؛ وقدّم جرح هؤلاء المفسر القائم على معرفة الحقيقة على أقوال الأئمة الذين زكوا بناء على ما ظهر لهم؟
لأنه قد يأتي إنسان يعني عنده طلب علم يتظاهر بالدين والنسك والأخلاق الطيبة ويلازمك أيام: فتبنيه على الظاهر.
أنا والله زكَّيتُ أناساً في هذا العام، والله لازموني، وما شاء الله تنسَّك، وكذا، وكذا، وكذا، ثم ظهر لي جرحهم، أنا إذا صلَّى معي وزكى وكذا وذكر الله وسافر معي وإلى آخره؛ أشهد بناء على ما رأيتُ، لا أزكي على الله أحداً، لكن يأتي إنسان آخر عرفه أكثر مني، كشف عنه أخطاء، وكشف عنده أشياء تقدح في عدالته، فيجرح، فيجرحه بعلم ويبرهن على جرحه بالأدلة ويفسِّر جرحه، فيُقدَّم جرحه على تعديلي، وأنا أستسلم صراحة، قَدَّم الأدلة على جرح هذا الإنسان أقول: خلاص الحق معك.

وقال -حفظه الله-: «لو كان هناك أهل سنة واعين؛ والله لو زكَّاهم ابن باز والألباني ما نفعهم هذا ما دام هم جرَّحوا أنفسهم بمواقفهم وبأفكارهم وبالمناهج الملتوية التي سلكوها في محاربة أهل السنة، فوقفوا لهم بالمرصاد، يشوِّهونهم ويؤلفون مناهج، ويجرئون الشباب على الطعن والتشويه لمن ينتقد أئمة الضلال.»

وقال -حفظه الله - :«وقد وجدنا يحيى بن معين وهو يقال من أشد الناس في الجرح، وجدنا فيه تساهلاً، ووجدنا العلماء يخالفونه ممن هم أعلى منه وممن هم دونه، فكم جرَّح وخالفوه؟ وكم عـدَّل وخالفوه؟ وأحمد ابن حنبل جرَّح وعدَّل وخالفوه في التعديل والتجريح؟ لماذا؟ لأنه عندهم منهج.
والمنهج ليس فلان، كل عالم فهو مكلَّف باتباع هذا المنهج، فإذا أخطأ وخالف هذا المنهج، يجب أن تحاكم أقواله بهذا المنهج، هذا ما كان من إجابة على هذا السؤال.
ولهذا يجب أن يُتعلَّم العلم الصحيح، ويعلموا مناهج السلف في الجرح والتعديل، ومتى ينتفع الإنسان من التزكية، ومتى لا تنفعه التزكية. بارك اللـــه فيــكم.»(منقول من مشاركة في شبكة سحاب السلفية بعنوان : الجرح المفسر مقدم على التعديل)

وبضبط السلفي لمثل هذه القواعد تنتفي عنه الحيرة والاضطراب إذا رأى تعارضا لكلام العلماء جرحا وتعديلا في شخص أو أشخاص ويجتنب ما نهى عنه العلامة الحافظ محمد بن هادي -حفظه الله تعالى- حيث قال :

~ يا أسفاه كثير من طلبة العلم يعاني هذه المسائل ويباشرها هو بنفسه ويسمع من المشايخ شرحهم لهذه العلوم التي قرئت عليهم إما منه أو بغيره وهو يسمع ويبين المشايخ هذا العلم ولكن إذا خرج من الدرس وجاءت عاصفة، عصفت به كأنه لم يتعلم فما كأنه إلا من عامة الناس ما فضل عليهم بشيء!

• باب الجرح والتعديل .. ولنكن فيه صريحين، كم يعالج الآن طلاب العلم: الجرح الجرح ويقعون في الجرح ويحضرون دروس المصطلح في الجرح والتعديل وقوانين الرواية وووو قل ما شئت.
فإذا جاء أول عاصف ما رأيت هؤلاء الذين بالأمس قد دوخوك بكثرة السؤال والكلام والشرح لهم إلا كأنهم عوام تحت الصفر لا يعرفون كيف التطبيق! مع أنك شرحت وبينت ومثلت وطبقت وكأن الفائدة هذه ما وجدت أبدا فهذا يدل على عدم العلم حقيقة.

• اليوم نرى ونسمع العجائب في هذا الباب [باب الجرح والتعديل]
واحد يجرح والثاني يعدل .

[المرحلة الأولى]

القول بالجرح مقدم مطلقا ما في كلمة (تفسير) لاحظ
ولو عارضه ألف معدل
هذا موجود مكتوب ومنشور
يرى بالأعين ويقرأ بالألسن

طيب .. خلاص مشينا مع أنه ليس على إطلاقه لكن مشينا!

• جاءت مرحلة أخرى
جاء الجرح فيمن لا يحبون أن يجرح فقالوا لابد أن يكون الجرح مقابل التعديل مفسرا
طيب ماشي
هذا القول والله صحيح وهذا هو التحذير لكنهم قالوه هنا لماذا؟
لأنه جاء ماسا جانبهم
جاء الجرح مفسرا قالوا: لا، يحتاج إلى تفسير طيب كيف:

• أحمق يحتاج تفسير
• وشر يحتاج تفسير
• وكذاب يحتاج تفسير

وخذ من هذا القبيل فأنا لا أدري بأية لغة يتكلم المتكلم!

o الآن كذاب يحتاج إلى تفسير؟!
o الآن أحمق يحتاج إلى تفسير لأنه صدر منا!
o إذا كنا نتحدث بلغة عربية واحدة فأحمق في القواميس واحد.
o وكذاب في القواميس واحد.

• ذهبوا يقابلون حينئذ الجرح المفسر بالتعديل وهذا خلاف ما أطبق عليه علماء الفن.
- فعلم أن الدعوة هوى.
- وليست تطبيقا للعلم ولا لقواعد العلم .

• هنا يظهر الصادق الذي تعلم فطبق ما تعلم.
• ويظهر الجاهل الذي لا علم عنده.
• ويظهر الأجنبي عن الصناعة الذي يردد مثل الببغاء، مقلد، وهذا لا كلام عليه
• ويظهر صاحب الهوى.

o الذي أوصيكم به معشر الأحبة وإياي أن نطبق القواعد العلمية التي أورثناها أئمتنا -رحمهم الله- على الصغير والكبير والجليل والحقير فحينئذ تنضبط .

[محاضرة مراتب العلم بمسجد بدري العتيبي - ليلة الخميس 16 ربيع الآخر 1439ه]


الفصل الثاني : متى يقدم التعديل على الجرح ؟

التعديل لا يقدم على الجرح المفسر إلا في حالات خاصة سيأتي ذكرها ، لا كما يظنه البعض أن كل تزكية تأتي متأخرة عن الجرح يرد بها الجرح !فهذا خلط يؤدي لخبط في المسائل المنهجية ودونك تفصيل العلماء :

قال جلال الدين السيوطي في التدريب: «وقيد الفقهاء ذلك -أي تقديم الجرح على التعديل- بما إذا لم يقل المعدل ((عرفت السَّبب الَّذي ذكرهُ الجارح، ولكنَّه تابَ وحَسُنت حالته)) فإنَّه حينئذ يُقدم المُعدِّل، قاله البُلْقيني ، ويأتي ذلكَ أيضاً هنا، إلَّا في الكذب كما سيأتي.
ثم قال:
واستثنى أيضا ما إذا عيَّن سبباً، فنفاهُ المُعدِّل بطريق مُعتبر، بأن قال : ((قتل غُلاماً ظُلماً يوم كذا)) فقال المُعدِّل: ((رأيتهُ حيًّا بعد ذلك)) أو ((كان القاتل في ذلك الوقت عندي)) فإنَّهما يتعارضان ، وتقييد الجَرْح بكونِه مُفسراً جار على ما صحَّحه المُصنِّف وغيره، كما صرَّح به ابن دقيق العِيد وغيره.»«تدريب الراوي»(1/469)ط.ابن الجوزي

قال المحدث الإتيوبي في معرض كلامه عن المسألتين اللتين تستثنيان من تقديم الجرح على التعديل في التعارض :« لكن يُستثنى من هذه القاعدة مسألتان:

إحداهما: ما إذا كان نَقَضَ المعدِّل قول الجارح بأن قال : عرفت السبب، ولكنه تاب منه، وحَسُنت حاله، فإنه يقدَّم المعدَّل، وقيّده البلقيني بغير الكذب على النبي -صلى الله عليه وسلم- ، فإنه لا يقدَّم فيه قول المعدِّل...

الثانية:ما إذا عينَّ الجارح سبباً فنفاه المعدِّل بطريق معتبَر، فإنه يقدَّم فيه قول المعدِّل أيضاً.»«إسعاف ذوي الوطر بشرح نظم الدرر»(1/395) ط.ابن الجوزي

قال سراج الدين البلقيني في «محاسن الاصطلاح» :«فان قال المعدل : "عرفت السبب الذي ذكره الجارح ، لكنه تاب منه وحسنت حالته" فإنه يقدم المعدل.ومحل هذا في الرواية ، في غير الكذب على النبي –صلى الله عليه وسلم- ، فإنه لا تقبل روايته وإن تاب.»(294) ط.دار المعارف

قال الحافظ المؤرخ السخاوي:«لكن ينبغي تقييد الحكم بتقديم الجرح بما إذا فُسِّر، وما تقدم قريباً يساعده، وعليه يحمل قول من قدم التَّعديل، كالقاضي أبي الطيب الطبري وغيره، أما إذا تعارضا من غير تفسير، فالتّعديل كما قاله المِزِّي وغيره.

وقال ابن دقيق العيد: إنّ الأقوى حينئذٍ أن يطلب التَّرجيح، لأنّ كلاًّ منهما ينفي قول الآخر ، وتعليله يخدش فيه بما تقدم.
وكذا قَيَّده الفقهاء –أي تقديم الجرح على التعديل- بما إذا أطلق التَّعديل ، أما إذا قال المعدِّلُ: عرفت السَّبب الذي ذكره الجارح ، لكنَّه تاب منه، وحسنت توبته، فإنّه يقدَّم المعدل، ما لم يكن في الكذب على النَّبي -صلى الله عليه وسلم- كما سيأتي في محله.
وكذا لو نفاه بطريق معتبر ، كأن يقول المعدّل عند التَّجريح بقتله لفلان في يوم كذا : إنَّ فلاناً المشار إليه قد رأيته بعد هذا اليوم وهو حي، فإنَّه حينئذٍ يقع التَّعارض، لعدم إمكان الجمع! ويصار إلى التَّرجيح ، ولذا قال ابن الحاجب: أمَّا عند إثبات معين ونفيه باليقين فالترجيح. »«فتح المغيث»(2/190) ط. دار المنهاج


وسئل فضيلة الشيخ الدكتور محمد بازمول السؤال التالي :

- ماهي ضوابط قاعدة الجرح المفسر المقدم على التعديل، وهل إذا تعارض الجرح المفسر مع التعديل المفسر يقدم التعديل المفسر على الجرح المفسر؟

الجواب:
العلماء نصوا على أن الجرح مقدم على التعديل وقالوا مَنْ ثبتت عدالته أي نصَّ الأئمة على تعديله وتوثيقه لايُقبل في حقه إلا الجرح المفسَّر‘ فأفاد قولُهم أن من لم تثبت عدالته و لم يَنص الأئمة على توثيقه يُقبل في حقه الجرح المجمل ،أما من ثبتت عدالته فلا يقبل في حقه إلا الجرح المفسر، ثم قالوا إذ تعارض الجرح المفسر مع التعديل المفسر مثلما أنتم ذكرتم في السؤال قالوا لا يُردُّ الجرح إلا إذا ذَكَرَ المُعدلُ سبب الجرح وَرَدَّهُ؛ كأن يكون مثلًا الجارحُ جرَّح الرجلَ لأمرٍ في عقيدته فيقول المُعدِّل نعم هو كان على هذا الاعتقاد ثم تركه ولم يَعُدْ عليه أو يقول الجارح هو لايحفظ هذه الصحيفة كان يُحدِّث بها من حفظه فيقول المعدل نعم هو كان كذلك ولكنه عاد فسَمِعَ من الشيخ وثبتتْ أصوله فيها ثم ما صار يُحَدِّثُ إلا من أصوله فإذا ذكر المُعدِّل سبب الجرح وردَّه قُبل بشرط ألا يُعرف عن هذا الرجل المُتكلَّم فيه التلاعب واتِّباع الهوى والغرور، فإنه قد ثبت أن بعض الناس يُعدِّلون تفصيلًا من جرَّحه العلماء تفصيلًا، وهذا الذي جرَّحه العلماء تفصيلًا ثبت في حقه أنه من أهل التلاعب و اتِّباع الهوى ومن أهل الغرور لايرضخ للحق ولايرجع للحق، فهذا كلام المُعدِّل وإن كان مفصلًا في حقه لا نقبله لِمَا علمناه من حال هذا الرجل.والله أعلم .

المصدر: ( أسئلة منهجية على الهاتف ) الموقع الرسمي للشيخ

هذا بعض كلام علمائنا حول هذه المسألة أحببت جمعه لأهمية ضبط مثل هذه التفاصيل ، وعسى أن أستفيد منه ويستفيد منه اخواني ، نسأل الله أن يرزقنا العمل بالعلم .

والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على رسوله صلى الله عليه وسلم.



(*) وهذا فيه رد على المقالة الصعفوقية الجديدة أنك اذا أخذت بالجرح المفسر للمجرح فهذا يعد طعنا في المعدل !!


محمد أنور زروقي


التعديل الأخير تم بواسطة أبو معاوية محمد أنور زروقي ; 17 Feb 2018 الساعة 08:30 PM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 17 Feb 2018, 11:25 AM
يوسف عمر يوسف عمر غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Dec 2017
المشاركات: 91
افتراضي

جزاك الله خيرا أخي أبا معاوية على هذا الجمع، أسأل الله الكريم أن ينفع به.

التعديل الأخير تم بواسطة يوسف عمر ; 19 Feb 2018 الساعة 08:12 AM
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 17 Feb 2018, 11:05 PM
أبو معاوية محمد أنور زروقي أبو معاوية محمد أنور زروقي غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Sep 2017
الدولة: مدينة سطيف
المشاركات: 64
افتراضي

آمين ، بارك الله فيك وأحسن إليك أخي يوسف.
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 18 Feb 2018, 09:36 PM
لزهر سنيقرة لزهر سنيقرة غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2009
المشاركات: 343
افتراضي

فكم من إنسان زكَّاه الإمام أحمد فقال تلاميذه الذين لا يصلون إلى شيء من فضله ، عرفوا ما عند هؤلاء وما فيهم من قدح وما فيهم من جرح فأسقطوهم؛ وإن كان قد زكاهم أحمد رحمه الله.
وزكَّى الشافعي أناساً وجرحهم آخرون؛ وقدّم جرح هؤلاء المفسر القائم على معرفة الحقيقة على أقوال الأئمة الذين زكوا بناء على ما ظهر لهم؟
جزاك الله خيرا أبا معاوية على حسن اختيار الموضوع والوقت.
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 19 Feb 2018, 10:31 AM
خالد أبو علي خالد أبو علي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2011
الدولة: الجزائر
المشاركات: 473
افتراضي

وفقكم الله تعالى
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 19 Feb 2018, 11:46 AM
أبو معاوية محمد أنور زروقي أبو معاوية محمد أنور زروقي غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Sep 2017
الدولة: مدينة سطيف
المشاركات: 64
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لزهر سنيقرة مشاهدة المشاركة
فكم من إنسان زكَّاه الإمام أحمد فقال تلاميذه الذين لا يصلون إلى شيء من فضله ، عرفوا ما عند هؤلاء وما فيهم من قدح وما فيهم من جرح فأسقطوهم؛ وإن كان قد زكاهم أحمد رحمه الله.
وزكَّى الشافعي أناساً وجرحهم آخرون؛ وقدّم جرح هؤلاء المفسر القائم على معرفة الحقيقة على أقوال الأئمة الذين زكوا بناء على ما ظهر لهم؟
جزاك الله خيرا أبا معاوية على حسن اختيار الموضوع والوقت.

جزاكم الله خيراً شيخنا وأزهرنا ووالدنا الحبيب ، نصر الله بكم السنة وأهلها وثبتكم على ماأنتم عليه من رباط وجهاد ، نسأل الله أن يجمعنا بكم في الفردوس الأعلى.
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
منهج, مسائل

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013