أوجه الإعجاز في القرآن الكريم

[وسيم بن معن]

بسم الله الرحمن الرحيم

أوجه الإعجاز في القرآن

( وأغلب ما في هذه المادة استفدته من شريط الشيخ صالح آل الشيخ إعجاز القرآن وكتاب إعجاز القرآن للباقلاني )

•إن هذه المسألة متصلة ببحث عظيم وهو بحث دلائل النبوة فالقرآن كان دليلا على نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم

•وهو متعلق بالتوحيد بأنه ليس قول البشر بل هو كلام الله تبارك وتعالى

•لفظ الإعجاز هو لفظ محدث ولا بأس به إن أريد به المعنى الصحيح

•العلماء استعملوا لفظ الإعجاز لسبب وهو أن الله تبارك وتعالى تحدى به العرب بأن يأتوا بمثله , فلما تحداهم ولم يأتوا بمثله دل ذلك على عجزهم
قال الله تعالى :" أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ "
وقال تعالى :" أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين فإن لم يستجيبوا لكم فاعلموا انما أنزل بعلم الله وأن لا إله إلا هو فهل أنتم مسلمون"

قال الإمام الباقلاني:
"فجعل عجزهم عن الإتيان بمثله دليلا على أنه منه ودليلا على وحدانيته وذلك يدل عندنا على بطلان قول من زعم أنه لا يمكن أن تعلم بالقرآن الوحدانية وزعم أن ذلك مما لا سبيل إليه إلا من جهة العقل لأن القرآن كلام الله عز وجل ولا يصح أن يعلم الكلام حتى يعلم المتكلم أولا
فقلنا إذا ثبت بما نبينه إعجازه وان الخلق لا يقدرون عليه - ثبت أن الذي أتى به غيرهم وأنه إنما يختص بالقدرة عليه من يختص بالقدرة عليهم وانه صدق وإذا كان كذلك كان ما يتضمنه صدقا وليس إذا أمكن معرفته من جهة العقل امتنع أن يعرف من طريق القرآن بل يمكن عندنا أن يعرف من الوجهين" إعجاز القرآن [ جزء 1 - صفحة 17 ]

• وأجعل أوجه الإعجاز في القرآن في مسائل :

•كلام الله لا يشبه كلام البشر
===================
.فالذي يسمع القرآن يوقن أنه ليس بكلام البشر .

قال الباقلاني:""وله أسلوب يختص به ويتميز في تصرفه عن أساليب الكلام المعتاد...."

• علو القرآن على كلام العرب :
===================
فهو تام في فصاحته تام في معانيه وتركيب الكلام والجمل يدل أنه وصل الغاية في البيان وقد ترابطت معانيه وألفظه فكانت عقدا من الفصاحة والبلاغة.
لذلك قال الله تعالى :" أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا"
قال الباقلاني:
"ليس للعرب كلام مشتمل على هذه الفصاحة ... وإنما تنسب إلى حكيمهم كلمات معدودة وألفاظ قليلة, وإلى شاعرهم قصائد محصورة يقع فيها ما نبينه بعد هذا من الاختلال ويعترضها ما نكشفه من الاختلاف ويشملها ما نبديه من التعمل والتكلف والتجوز والتعسف.

وقد حصل القران على كثرته وطوله متناسبا في الفصاحة على ما وصفه الله تعالى به فقال عز من قائل" الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله"
وقوله ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا" فأخبر سبحانه أن كلام الآدمي إن امتد وقع فيه التفاوت وبان عليه الاختلال"

•للقرآن سلطان على النفوس
====================
وله سلطان حتى على المشركين ألم يقل الوليد بن المغيرة " ماذا أقول فيه؟ فوالله ما منكم رجل أعلم بالأشعار مني، ولا أعلم برجزه ولا بقصيده ولا بأشعار الجن، والله ما يشبه الذي يقوله شيئًا من ذلك. والله إن لقوله الذي يقول لحلاوة، وإنه ليحطم ما تحته، وإنه ليعلو وما يعلى"

•من الإعجاز أن آيات القرآن في السورة الواحدة لم تجعل آيات العقيدة على حدة وآيات الشريعة على حدة بل هناك تنوع فهذه آية في العقيدة , يليها آية في التشريع ثم في وصف الجنة والنعيم وترغيب بها ,ووصف للنار وحال أهلها وترهيب منها...

ثم هو مع هذا لا يشعر القارئ أن الأمور مضطربة بل هي متناسقة متناغمة , تأخذك حروفه خفضا ورفعا فإذا النفوس تتأثر به غاية التأثر , وخصوصا لمن كان في نفسه شفافية وذوق.

_والأنفس مختلفة فهذا الذي يصلح له الترغيب وهذا الذي يصلح له الترهيب وهذا الذي يصلح له وصف الجنة ...فخطاب القرآن للناس جميعا على تنوع أنفسهم فهذا دليل ثان على أن للقرآن سلطان على النفوس ,بل النفس الواحدة لا تثبت على حال .

وله سلطان على الذين يتأثرون برنات الكلام واللحن بالصعود والنزول في نغمة الكلام فهذا النوع من الناس يجد في القرآن ما يجبره على أن يستسلم له

•الإعجاز بالإعلام بالغيب وتحقق ذلك
======================
قال الباقلاني:" وذلك مما لا يقدر عليه البشر ولا سبيل لهم إليه فمن ذلك ما وعد الله تعالى نبيه عليه السلام أنه سيظهر دينه على الأديان بقوله عز وجل "هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون" ففعل ذلك......

•و من أوجه الإعجاز أنه اخبر بأمور غيبية لم يظهر وجه بيانها وحجتها في وقتها
وهو ما اعتنت به طائفة وهو ما يسمى بالإعجاز العلمي في القرآن.

قال الشيخ صالح :" وهو حق [أي الإعجاز العلمي ] لكن له ضوابط توسع فيها بعضهم
فخرجوا به عن المقصود إلى أن جعلوا آيات الله خاضعة للنظريات وهذا باطل بل النظريات خاضعة للقرآن , فثم أشياء من الإعجاز العلمي حق لم يكن يعلمها الصحابة على كمال معناها وإنما علموا أصل المعنى .فظهرت في العصر الحاضر , الإعجاز الإقتصادي, الإعجاز التشريعي ,الإعجاز العقدي أشياء تكلم بها الناس في هذا العصر وكل منها دال على أنه من عند الله جل وعلى "

•ومن أوجه إعجازه ان كلما ازداد المؤمن من القرآن ازداد حبا لله جل وعلا ,

قال الله تعالى " قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ"

وقال تعالى " يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ"
وأن المؤمن الذي يعلم القرآن ويعلم معانيه عنده الفصل في المسائل العلمية والعملية

_أمية الرسول دليل على الإعجاز
=======================
قال الباقلاني : والوجه الثاني[ أي من الإعجاز]
أنه كان معلوما من حال النبي أنه كان أميا لا يكتب ولا يحسن ان يقرأ
وكذلك كان معروفا من حاله أنه لم يكن يعرف شيئا من كتب المتقدمين وأقاصيصهم وأنبائهم وسيرهم , ثم أتى بجمل ما وقع وحدث من عظيمات الأمور ومهمات السير من حين خلق الله آدم عليه السلام إلى حين مبعثه....
ونحن نعلم ضرورة أن هذا مما لا سبيل إليه، إلا عن تعلم، وإذ كان معروفا أنه لم يكن ملابسا لاهل الآثار وحملة الاخبار، ولا مترددا إلى التعلم منهم، ولا كان ممن يقرأ، فيجوز أن يقع إليه كتاب فيأخذ منه - علم أنه لا يصل إلى علم ذلك إلا بتأييد من جهة الوحى.
ولذلك قال الله عز وجل: (وما كنت تتلوا من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لا رتاب المبطلون) (5) وقال: (وكذلك نصرف الآيات وليقولوا درست) (6)."

تم بحمد الله تبارك وتعالى