من نُكت المحدثين-الحمادان أنموذجا-:فَضْلُ حماد بن سَلَمَةَ عَلَى حماد بْنِ زَيْدٍ، كَفَضْلِ الدِّيْنَارِ عَلَى الدِّرْهَمِ.

من نُكت المحدثين-الحمادان أنموذجا-:فَضْلُ حماد بن سَلَمَةَ عَلَى حماد بْنِ زَيْدٍ، كَفَضْلِ الدِّيْنَارِ عَلَى الدِّرْهَمِ.

الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:


فإن علم المتفق والمفترق من أجل و أشرف أنواع علوم الحديث التي اعتنى بها علماء الحديث فبينوا مهملها وضبطوا متشابهها وحلوا مشكلها ونظموا نثرها تيسيرا لحفظها، ومما يندرج تحت هذا العلم إمامان نجمان يتلألآن في سماء علم الحديث أولهما:

حماد بن زيد بن درهم الأزدي أبو إسماعيل الأزرق البصري الحافظ مَوْلَى جرير بن حازم، وأحد الأعلام، عن أنس بن سيرين، وثابت، وعاصم بن بَهْدَلة، وابن واسع، وأيوب، وخلق كثير. وعنه إبراهيم بن أبي عَبْلة، والثوري، وابن مهدي وأبو الربيع الزهراني وابن المديني، وخلائق. قال ابن مهدي: ما رأيت أحفظ منه، ولا أعلم بالسنة، ولا أفقه بالبصرة منه. وقال أحمد: من أئمة المسلمين. اهـ.(1)


وثانيهما:

(حماد بن سلمة) بفتح اللام - بن دينار البصري، أبو سلمة مولى تميم، ويقال مولى قريش، وقيل غير ذلك.
روى عن ثابت البناني، وقتادة، وخاله حميد الطويل، وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، وأنس بن سيرين، وأبي الزبير، وعمرو بن دينار وغيرهم.
وعنه ابن جريج، والثوري، وشعبة، وهم أكبر منه، وابن المبارك، وابن مهدي، والقطان، وأبو داود، وأبو الوليد الطيالسيان، وسليمان ابن حرب، وأبو سلمة التبوذكي، وغيرهم.(2)


ومن طريف ما ذُكر وظريف ما نُشر في سيرتهما ما ذكره الذهبي عن عَبْدُ اللهِ بنُ مُعَاوِيَةَ الجُمَحي: حَدَّثَنَا الحَمَّادَانِ، وفَضْلُ بن سَلَمَةَ عَلَى ابْنِ زَيْدٍ، كَفَضْلِ الدِّيْنَارِ عَلَى الدِّرْهَمِ -يَعْنِي: الَّذِي اسْمُ جَدِّهِ دِيْنَارٌ، أَفْضَلُ مِنْ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ الَّذِي اسْمُ جَدِّهِ دِرْهَمٌ. (3)

ومما يحسن التنبيه عليه،ويتعين الإشارة إليه أن هذا التفضيل بين الحمادين محمول على الجلالة والديانة والزهادة والورع كما ذكره الذهبي معلقا على كلام عبدالله بن معاوية الجمحي فقال:

وَهَذَا مَحْمُوْلٌ عَلَى جَلاَلتِهِ وَدِيْنِهِ، وَأَمَّا الإِتقَانُ، فمسلَّم إِلَى ابْنِ زَيْدٍ، هُوَ نَظِيْرُ مَالِكٍ فِي التَّثَبُّتِ. (4)

و يؤيد ما ذهب إليه الذهبي قول ابن حبان رحمه الله في الثقات:

وقد وَهمَ من زعم أن بينهما كما بين الدينار والدرهم، إلا أن يكون القائل أراد فضل ما بينهما مثل الدينار والدرهم في الفضل والدين؛ لأن حماد بن سلمة كان أفضل وأدين، وأورع من حماد بن زيد. (5)

وقد نص الأئمة رحمهم الله على تفضيل حماد بن زيد في الرواية والإتقان والحفظ والصحة على حماد بن سلمة ودونك بعض ما قالوا في هذا:

وقال محمد بن المنهال الضرير: سمعت يزيد بن زريع، وسئل: ما تقول في حماد بن زيد، وحماد بن سلمة، أيهما أثبت؟ قال: حماد بن زيد، وكان الآخر رجلا صالحا، وقال وكيعِ: وقيل له أيهما أحفظ؟ فقال: حماد بن زيد، ما كنا نشبهه إلا بمسْعَر، وقال يحيى بن يحيى النيسابوري: ما رأيت أحفظ منه، وقال أحمد بن حنبل: حماد بن زيد أحب إلينا من عبد الوارث، حماد من أئمة المسلمين من أهل الدين والإسلام، وهو أحب إلى من حماد بن سلمة، وقال يحيى بن معين: حماد بن زيد أثبت من عبد الوارث، وابن عُليَّة، والثقفي، وابن عيينة.

وقال أيضا: ليس أحد أثبت في أيوب منه، وقال أيضا: من خالفه من الناس جميعا، فالقول قوله في أيوب، وقال أبو زرعة: حماد بن زيد أثبت من حماد بن سلمة بكثير، وأصح حديثا وأتقن. (6)

وقد سُئل أحمد رحمه الله عن الحمادين كما في تهذيب الكمال (7):

وَقَال مُحَمَّد بن حبيب: سمعت أبا عَبد الله، وسئل عَن حماد بْن زيد، وحماد بْن سلمة أيهما أحب إليك؟ قال: كلاهما. ووصف حماد بن زيد بوقار، وهدي، وعقل.

قال الذهبي في السير(8): كان حماد بن سلمة بَحْراً مِنْ بُحُورِ العِلْمِ، وَلَهُ أَوهَامٌ فِي سَعَةِ مَا رَوَى، وَهُوَ صَدُوْقٌ، حُجَّةٌ -إِنْ شَاءَ اللهُ- وَلَيْسَ هُوَ فِي الإِتقَانِ كَحَمَّادِ بنِ زَيْدٍ.

وفي ختام القول فقد قال الشيخ مصطفى مبرم في تعليقه على نخبة الفكر لابن حجر جوابا على سؤال طرح عليه جاء فيه:

إذا تساوى ثقتان في الضبط والعدالة واختلفا في زيادة رواية معينة ولم توجد طرق أخرى إلا عليهما فكيف يكون الترجيح؟

فكان جوابه حفظه الله:

يكون الترجيح بالنظر في الاختصاص في المروي عنه مثلا يعني عندنا حماد الحمدلله حضرني المثال الذي يناسب سؤالك تماما عندنا الحمادان حماد بن زيد وحماد بن سلمة كلاهما يروي عن ثابت البناني حماد بن زيد أوثق من جهة العموم من حماد بن سلمة كما هو معروف إلا أن حماد بن سلمة أوثق وأثبت من حماد بن زيد في ثابت البناني رحمهم الله. (9)

هذا والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.





-----------------------------------------------------------------------------


1-ذخيرة العقبى في شرح المجتبى لمحمد علي آدم الاتيوبي(233/1).
2-ذخيرة العقبى في شرح المجتبى لمحمد علي آدم الاتيوبي(37/5).
3-سير أعلام النبلاء (7/ 107).
4- سير أعلام النبلاء (7/ 107).
5- ذخيرة العقبى في شرح المجتبى لمحمد علي آدم الاتيوبي
(437-436/2).
6- ذخيرة العقبى في شرح المجتبى لمحمد علي آدم الاتيوبي
(436/2).
7- تهذيب الكمال في أسماء الرجال (259/7).
8- سير أعلام النبلاء (7/ 107).
9- أسئلة الدرس السادس بتصرف يسير.