منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 20 Dec 2018, 01:10 PM
أم وحيد أم وحيد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2018
المشاركات: 365
افتراضي وهل يزعجكِ أن يَقُودَكِ رَجُلٌ، يـاامرأة؟!!!














وهل يزعجكِ أن يَقُودَكِ رَجُلٌ، يـاامرأة؟!!!


وفي مواقف بلقيس عِبَرٌ للنّساء تأخذُ منها النُّصْحَ النّفيس.


هناك من النّساء مَن يزعجها القول بأنّ الرّجل قائدها وهي المَقُودَة، وهو رئيسها وهي المَرْؤُوسَة في الحياة. مع أنّ ملكة سبأ "بلقيس"، خضعت للنّبي سليمان عليه السّلام، بِعِظم مكانتها في قومها، ورجاحة عقلها وحسن تدبيرها لملكها. وأخضعت قلبها لـربّ سليمان حين قالت: "رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ" (1).

ومفتاح باب الخضوع بإذن الله جاء به طيرٌ اسمه "الهُدْهُد" حين أخبر سليمان عليه السلام أنّ هناك امرأة تملك "سبأ" وما فيها من خيرات وقوّة وعتاد. وكان ذلك الخبر ذريعة لغيابه عن مجلس سليمان عليه السلام، الّذي وهبه الله ملكًا عظيمًا، وأخضع له الإنس والجنّ والرّيح. وأفهمه لغة الطّير والحيوان. فكانوا جنودًا له يخدمونه. وهذا من نِعَمة الله عليه وفضله، حين قال:" وعُلِّمْنَا منطق الطّير وأُتِينا من كل شيء، إنّ هذا لهو الفضل العظيم "(2)

فاستمع سليمان عليه السلام لخبر الهدهد. وعلى حسب تفسير الإمام الطبري رحمه الله لآية "إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ"(3)، كان سليمان عليه السلام لايَرى لأحدٍ في الأرض مملكة معه، فاندهش لخبر وجود امرأة لها نفوذ وملك وكلّ قوّة يُؤتاها ملك من الملوك المتمكّنين والمسيطرين على الأرض. وأخبره الهدهد أنّها تسجد هي وقومها للشمس من دون الله. فعزم على غزوها فبعث مع ذلك الطّير كتابًا .

وعندما وصل إليها الطير، ألقى الكتاب الّذي تلقّته الملكة بلقيس باستغراب ما رأته من أمر الهدهد -من سلوكٍ- لم تعهده قبلُ من طير. وربّما كانت أوّل قناعة تدخل عقل تلك المرأة حتّى تخضع لمثل سليمان عليه السلام. ذلك الرَّجُل -الموحّد لله-، الّذي لم يعتقد -الملك و-القوّة و-النّصر إلاّ من الله سبحانه.

رجلٌ اختصر رسالته ببعض الجمل، غيّرت مجرى حياة الملكة. قال فيها: "إنّه من سليمان وإنّه باسم الله الرّحمن الرّحيم* ألاَّ تَعْلُوا عليّ وأْتُونِي مسلمين".(4)

قرارٌ برأي سليمان عليه السلام -لا رجوع فيه- وإلاّ كان الأمر بالقُوّة.

كيف تمّت توبة ملكة سبأ "بلقيس" ورجوعها إلى الحقّ بعد أن كانت من قومٍ كافرين؟

فحين دعاها سليمان عليه السلام للإسلام، أخبرت قومها أنّه أُلْقِيَ إليها كتابٌ كريم: "إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ* أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ" (5).

كتابٌ أُرْسِلَ إليها من ملك اسمه سليمان يبتدىء بـ"بسم الله الرّحمن الرّحيم" تعظيمًا لربّه المعبود، ويُختصر بـتنبيه محذّرٍ عن الوقوع فيما لايحمده ذلك الملك: "أَلاَّ تَعْلُو عليّ واْتُونِي مسلمين".

وبـنَبَاهَتِهَا وحِنْكَتِها في تسيير ملكها أن جعلت المشورة في قومها، أهلها رجال. حيث قالت: "يأيّها الملأ أفتوني في أمري، ماكنتُ قاطعةً أمرًا حتّى تشهدون".(6)

وكلامها هذا يدلّ على سِعة إدراكها لصِعاب الأمور، وتعلم أنّها لاتصلح كامرأة وحدها لِأَنْ تدير مواقف سياسية ترى فيها قوّة مَن يتصدّى لها ويريد أن يحتويها بملكها ولايخشى الهزيمة، مع أنّها على حسب مفسّري القرآن، كانت تستخدم النّساء لخدمتها الأخرى (7)، ولم يكن منهنّ مَن كانت طرفًا في تلك المشورة.

وأهل مشورتها الرّجال وعدوها أن يصدّوا مَنْ يهاجم مملكتهم بالقوّة والحزم ولكنّهم أعادوا إليها اتّخاذ القرار النّهائي والفصل في الأمر لما رأوا منها الحِنكة والدّراية والفطنة والبراعة في النُّصح والرأي الّذي تسديه إليهم.

فعارضت بلقيس رأي الرّجال حين اقترحوا القتال. وقد فهمت رسالة سليمان عليه السلام.حتّى أنّها تصوّرت النتائج قبل قدوم المرسل إليها بالخطاب حين قالت لقومها: "إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً، وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ"(8)



وبحسن تدبيرها للأمور أن جعلت الهدية وسيلة تختبر بها مخطّطات ومطامح سليمان عليه السلام إلى أين يذهب برسالته تلك. حين قالت: "وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ". والملوك كما هو معروف أنّهم يُفتنون بـالهدايا والعطايا.(9)





قال الشيخ السعدي رحمه الله في تفسيره للآيات التي تتحدّث عن القصّة في سورة النمل على لسان بلقيس في اقتراحها إرسال الهدية لسليمان عليه السلام: هل يستمر على رأيه وقوله؟ أم تخدعه الهدية وتتبدل فكرته وكيف أحواله وجنوده؟.انتهـ.كلامه.

لكنّ رجلاً بعقيدة: "لاإله إلاّ الله وحده لاشريك له في الملك والخلق والتّسيير والتّدبير لهذا الكون الفسيح. ولامعبود بحقٍّ سواه"، لاتستطيع أن تهزمه أو تمكر به. أو تراوده في التّنازل عمّا دبّر له وقرّر. لأنّ غايته ليست لدنيا يصيبها. حين ردّ عليها قائلاً: "أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ"(10)

رجلٌ أخضع الله له وطوّع أغلب الكائنات. تريد أن تغريه امرأة بمالها. ولم تفلح.

فكانت ردّة فعله أن أرجع الرسول برسالة الغزو. فلمّا أُخْبِرَت الملكة والقوم بما قاله سليمان عليه السلام و تجهّزوا للمسير إليه. طلب من جنوده أن يأتوه بعرشها قبل أن يأتوه مسلمين. فتنافسوا أيّهم أقدر على الإتيان به بصورة أكثر براعة وخفّة واختزالاً للوقت. فأتاه به مَن عنده علمٌ بالكتاب. وقال المفسّرون أنّه رجل صالح(11) عند سليمان كان يعرف اسم الله الأعظم الذي إذا دعا به الله أجاب وإذا سأله به أعطاه. فلمّا رأى سليمان عليه السلام استقرار عرش بلقيس عنده، حمد الله على نعمه في تيسير أموره. فقال: " هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ، وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ، وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ "(12)

سليمان عليه السلام رسول ربّ العالمين. رجلٌ اختاره الله لرسالة الإسلام من ذريّة داود عليه السلام. ومَن يختاره الله لأمرٍ يهيّء له أسباب النّصر والرّفعة والسّداد وحسن الإنقياد.

قال الشيخ السعدي متحدّثًا عن عرش بلقيس وكيف عاينه سليمان عليه السلام: ["فَلَمَّا رَآهُ سليمان مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ" حمد الله تعالى على إقداره وملكه وتيسير الأمور له و "قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ "أي: ليختبرني بذلك. فلم يغترّ عليه السلام بملكه وسلطانه وقدرته كما هو دأب الملوك الجاهلين، بل علم أنّ ذلك اختبار من ربّه فخاف أن لا يقوم بشكر هذه النعمة، ثم بيّن أنّ هذا الشكر لا ينتفع الله به وإنّما يرجع نفعه إلى صاحبه فقال: "وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ": غني عن أعماله كريم كثير الخير يعمّ به الشاكر والكافر، إلاّ أنّ شكر نعمه داع للمزيد منها وكفرها داع لزوالها.).انتهـ كلامه.


هكذا هي الرّجولة، في شكر المولى سبحانه عند حلول النِّعَم. وهكذا هي مواقف الرّجال، لاتتزعزع بـشهوة. ولاتتأثّر بـمالٍ ولانزوة. مواقف كلّها عزيمة وقوّة. تسير نحو الهدف المنشود دون الرّجوع إلى الوراء، فتقع عجزًا وخورًا، في الهُوَّة.

بلقيس امرأة نبيهة في أهلها. والرّجل إذا أعطاه الله الحكمة والفِطنة كان أكثر قدرة تمكّنه من السّيطرة على زمام الأمور وإخضاعها لما يريد -فضلاً من الله ونعمة-.

فكما أرادت الملكة أن تختبر سليمان عليه السلام، حاول هو أن يمتحن ذكاءها وقوّة إداركها للتّغييرات التي ألحقها بعرشها فقال عليه السلام: "نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ"(13).

قال الشيخ السعدي في قول سليمان عليه السلام في عرش بلقيس: "غيّروه بزيادة ونقص، ونحو ذلك نَنْظُرْ مختبرين لعقلها أَتَهْتَدِي للصواب ويكون عندها ذكاء وفطنة تليق بملكها "أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ" .

فلمّا وصلت بلقيس إلى سليمان وقد تركت عرشها في موطنها، قيل لها أهكذا عرشك؟ قالت: كأنّه هو، بمعنى أنّه يشبهه تمامًا لأنّ العرش قد حصل له تغيير وتعديل من قِبَل جنود سليمان عليه السلام بـأمرٍ منه كما أسلفت الآية في قول الله تعالى: "نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ"

وعلى هذا الإنتباه الشّديد من بلقيس في تشبيه العرش إلى عرشها ولم تجزم أنّه عرشها، يقول الشيخ السعدي أنّها قالت: (" كأنّه هو" ولم تقل: "هو"، هذا من ذكائها وفطنتها )انتهـ كلامه .

وهذا التّصريح الذكيّ والفطن من الملكة بلقيس، وهي -إمرأة- دفع سليمان عليه السلام، بعزّة الرَّجُل الواثق بالله، أن يقول ممتنًّا وشاكرًا لأنعم ربّه عليه التي تفوق ما أعطى الملكة بلقيس من علمٍ وحكمة، أن هداه إلى طريق الرّشاد: "وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ". يقول الشيخ السعدي: " فقال سليمان متعجّبا من هدايتها وعقلها وشاكرا لله أن أعطاه أعظم منها: "وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا" (14) أي: الهداية والعقل والحزم من قبل هذه الملكة،" وَكُنَّا مُسْلِمِينَ" (15)وهي الهداية النافعة الأصلية".انتهـ. كلامه.

ومع فطنتها ورجاحة عقلها لم يكن يمنعها من الإيمان بالله سوى أنّ: العقيدة الباطلة حين يتبنّاها الشخص ويعتنقها، تمنع قلبه من رؤية الأمور على حقيقتها، تدعّمها وسوسة الشيطان والهوى والنّفس الأمّارة بالسّوء. نسأل الله العافية، رغم أنّها امرأة لها إدراك واسع تميّز به بين الحقّ والباطل والخطأ والصّواب.(16)، ولكن كما قال ربّنا سبحانه :" أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا، فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ".(17)

وإنّما لـشرح صدور النّاس وبعث الأمل فيهم. فإنّ النبي محمد صلى الله عليه وسلم يقول في حديثٍ أنّ الله إذا أراد بعبدٍ خيرًا هيّأه لأسباب الهداية والتوفيق إلى الطّريق المستقيم حيث قال صلى الله عليه وسلم : "إذا أراد الله بِعَبْدٍ خيرًا استعمله. فقيل : كيف يستعمله؟ قال: يوفّقه لعملٍ صالح قبل الموت"(18).

فقد كانت الملكة بلقيس ممّن هيّأهم الله للتّوبة بعد أن كانت من قومٍ كافرين حيث كان سبب رجوعها إلى الله انبهارها بما أُوتِيَ سليمان عليه السلام. إِذْ حين دعاها لدخول الصّرح الذي يملكه حسبته لُجَّة من ماء وكشفت عن ساقيها فأخبرها أنّه صرحٌ ممرّدٌ من قوارير. وعلى زجاجيته وشفافيته، يحسب الرّائي أنّ الماء يتدفّق فوقه وينساب بكلّ جماله وروعته.

قال الشيخ السعدي رحمه الله وهو يختم قصّة ملكة "سبأ" بلقيس مع سليمان عليه السّلام: (فحينئذ لمّا وصلت إلى سليمان وشاهدت ما شاهدت وعلمت نبوّته ورسالته تابت ورجعت عن كفرها و:" قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين (19)").

ومن قول الله سبحانه وتعالى: "وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا" نتأمّل أدبًا جميلاً تميّزت به المرأة الفاضلة في العصور الغابرة مع رجاحة عقولهنّ وسموّهنّ عن الرّذيلة بالتّفكير الإيجابي الذي يدلّ على شخصيّة سويّة، وإن لم تكن من أهل الإسلام. فقد كانت تستر جسدها إلى أسفل القدمين، عن طواعيةً منها. وهذه العادة الجميلة، بدأت تنقرض في نساء عصرنا حتّى وهي في حضن الإسلام، وترفع راية: لاإله إلاّ الله محمد رسول الله"، اعتقادًا منها وبسفاهة عقلها أنّها تزيد حضارةً ورقيًّا ورفعة. في حين لاتدري المسكينة أنّها تقع بهذه السّلوكات في أوحال عرض الأجساد في سوق الرّذيلة والخَنا والفساد.


وهكذا كانت قصّة الملكة بلقيس الّتي تواضعت لله -عِبْرةً- لكلّ امرأة تغترّ بعلمها وحكمتها وتَرَى نفسها أعلى من مقام الحقّ والخضوع إليه حين يبلغها. والمثل يقول: "الرّجوع إلى الحقّ فضيلة". إِذْ زاد خضوع الملكة بلقيس لسليمان ودخولها للإسلام فضيلةً لها تضيفها إلى ما آتاها الله من علم وحكمة ومُلْكٍ - كريمةً في الدُّنيا. عزيزةً مؤمنةً يوم يقوم النّاس لربّ العالمين.

ومهما بلغت المرأة من قوّة وبراعة وذكاء وفطنة تظلّ تخضع للرّجل الذي يملّكه الله الحكمة والعلم والسيطرة على كلّ مايمكن أن يذعن له ويرضخ في هذه الأرض .

وقد قيل : " رحم الله امرءً عرف قدر نفسه "

ويبقى جمال المرأة في رجوعها واعترافها أنّها امرأة. ولم تُخلق سِوَى لأُنُوثةٍ تضيف لـرجولة العبد الفقير إلى الله من نصفها الثّاني -جمالاً- في الطّبيعة الإنسانيّة، و رَوْنَقًا. وإيمانًا بالواحد الأحد الّذي لم يخلقهما في تعمير الأرض سوى لـعبادته ونشر هذه العقيدة في نفوس الأجيال التي تليهما. فينبت الخير ويستتبّ الأمن في أرضٍ وحّدت الخالق. وأخضعت كلّ أركانها لهذا التّوحيد.

قال تعالى: "الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ" (20)

وقال تعالى: "وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا، يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا"(21)

أسأل الله أن يوفّقنا لمرضاته وأن يجعلنا هداة مهتدين على صراط مستقيم.

وسبحانك اللّهمّ وبحمدك أشهد أن لاإله إلاّ أنتَ أستغفرك وأتوب إليك.

بقلم: أم وحيد بهية صابرين

الجمعة 13 جمادى الأولى 1438 هـ الموافق لـ 10 فبراير 2017 م

----------------------------------------------------------

(1) سورة النمل: آية 44

(2) نفس السورة: آية 16

(3) نفس السورة : آية 23

(4) نفس السورة: آية 31.

(5)نفس السورة : الآية 30، 31.

(6) نفس السورة : آية 32.

(7) من تفسير ابن كثير للآية: " إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ "

(8) نفس السورة : آية 34

(9) الآية : 35.

(10) الآية : 36

(11)هكذا قال الشيخ السعدي في التفسير ،وقال الطبري : قيل أنّه من بني إسرائيل ، ووكذا ابن كثير (انظر تفسير سورة النمل وبالذات الآيات التي تحكي عن قصة بلقيس وسليمان عليه السلام ، لهؤلاء المفسّرين)

(12) سورة النمل : الآية 40.

(13)نفس السورة : الآية 41

(14) و (15) نفس السورة ونفس الآية : 42

(16) استخلصتُ الكلام من تفسير السعدي رحمه الله للآية : " وصدّها ماكانت تعبد من دون الله ، إنّها كانت من قومٍ كافرين " الآية 43.

(17) الآية 46 من سورة الحج

(18) حديث أخرجه أحمد 3/106 ، 120،230 ،والترمذي 4/450 (برقم 2142) ، وأبويعلى 6/402 ، 440، 452 (برقم 3756 ،3821 ، 3840) ، وابن حبان 53/2 (برقم 341) ، والطبراني في (الأوسط) 2/561 (برقم 1962) (ت: الطحان ) ، وابن أبي عاصم 283/1 ، 285 (برقم 402،406-408) (ت: الجوابرة ) ، والآجري في (الشريعة) 2/88 (برقم 368) ، واللالكائي في (شرح أصول اعتقاد أهل السنة ) 674/4 برقم (1089) ، والبيهقي في (الأسماء والصفات ) 1/386 برقم (312).

(19) سورة النمل : الآية 44

(20) سورة الأنعام الآية 82

(21) سورة النور : الآية 55.






سيأتي -إن شاء الله- في الموضوع تفصيل، لنقاش دار حول مسألة خضوع المرأة للرجل. وإلى أين ينتهي حدّه؟. وبالله التّوفيق للحقّ والصّواب.


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 20 Dec 2018, 10:50 PM
أم وحيد أم وحيد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2018
المشاركات: 365
افتراضي



هذه المشاركة، اجتهاد شخصي، حاولتُ فيه البحث عن الحقّ وإظهاره. والتّعليق الخاصّ بي، إن كان يشوبه نقص أو علّة تنافي الحقيقة، فلينبّهني مَن وجد شيئا من ذلك. بارك الله فيكم جميعا.

والإجتهاد تمّ عبر محاورة إحدى الأخوات في الإسلام.

لقد قامت أستاذة متخصّصة في علم السلوك، واللغة العربيّة والأدب، بطرح سؤال، بعد قراءة مقالي، حول خضوع الملكة بلقيس إلى سليمان عليه السّلام.

ولأنّني أعلم يقينًا بإذن الله أنّ المرأة التي رضيت بالله ربًّا وبالإسلام دينا وبمحمّدِ صلى الله عليه وسلّم نبيّا رسولاً، سوف لن يزعجها الخضوع لرجلٍ، أمرها الله أن تطيعه في المعروف، وأن لاتعتقد -باستقامتها على الإسلام-، أنّها تساوي الرّجل في جميع الحقوق والواجبات. إلاّ ما حدّده الشّرع الحكيم ليشمل الذّكر والأنثى. مثل قوله سبحانه وتعالى:"مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ(97)"النحل.

وهنا سوف أطرح عليكم أهمّ النّقاط التّي جاءت في المحاورة.

تسأل الأستاذة عن أيّ خضوع أتحدّث في قصّة بلقيس مع سليمان عليه السّلام؟ ثمّ قالت مجيبة: [وخضوعها له ليس خضوع امرأة لرجل. أي أنّها لم تخضع له بوصفه رجلاً. بل دعاها للإسلام دين الحق، وقبلت دعوته، لأنّها صدقته وصدَّقت نبوّته، وآمنت بما دعاها إليه من الحق.

ثم تأمّلي قولها: قالت: "رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ" .

أرأيت إلى دلالة حرف الجر (مع)؟ فإنّه يدلّ على المعيَّة والنديَّة في الإسلام . فلا فرق بين رجل وامرأة في اتّباع الحق.فبلقيس وسليمان في الإسلام والإيمان سيَّان .وكلاهما خاضعان معاً لله رب العالمين "]انتهـ كلامها.

ثمّ عندما أجبتها، حاولتُ أن أعطيها أهميّة المحاورة، وماتثمره من فوائد، إذا كان القصد منها تبصير النّاس وتعليمهم. فقلتُ لها:

أهلاً أستاذتي (...). وإنّي سعيدة جدًّا بمحاورتكِ. والحوار عندي أعذب جلسة أمكث فيها مع المحاور ولو أطال المدّة فيها. لأنّ فيها ما يزيد المرء من فوائد تنمّي قدراته الفكريّة. وتضيف إليه معلومات قد يكون مفتقرًا إليها. وإن كان يحمل أعلى الشهادات. والشاعر يقول: قُل لِمَن يدّعي في العلمِ معرفةً ** حفظتَ شيئًا وغابت عنكَ أشياءُ.

لاأحد يدّعي لنفسه الإحاطة بكلّ جوانب القضية التي يطرحها. والملاحظ القارىء هو الّذي يضيف إلى تلك الكتابة ما يمكن أن يسدّ به الفجوات التي قد تشوب الموضوع.

وقد أعجبتني مقالة الإمام الزاهد عبدالله بن المبارك رحمه الله حين قال:"أوّل منفعةِ العلم أن يُفِيدَ بعضكم بعضا" تاريخ دمشق لابن عساكر: 442/32.

فالحوار الذي لايضيف إلينا منفعة. نحنُ في غِنًى عنه.

وإنّ إدراك النّصيحة يبدأ من فهم معناها الحقيقي الذي يذهب إليه النّاصح. وقد ركّزتِ على نقطة:"خضوع بلقيس لسليمان عليه السلام" وتساءلتِ:"..عن أيّ خضوعٍ تتحدّثين؟ واستدللتِ بدليل ضدّك.

لماذا؟ لأنّني أعتقد أنّكِ قرأتِ موضوعي دون تدقيق في الكلام. وهذا خطأ يصدر منكِ تجاه مواقفي في القضية التي تدور بين الرجل والمرأة ومسألة الخضوع إلى أين ينتهي حدّها.


فأنا في مقالي قلتُ:"خضعت للنّبي سليمان عليه السّلام، بِعِظم مكانتها في قومها، ورجاحة عقلها وحسن تدبيرها لملكها. وأخضعت قلبها لربّ سليمان حين قالت: "رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ" (1).

لم أتوقّف في كلامي عند خضوع بلقيس لسليمان، وإنّما تابعتُه بقولي:"وأخضعت قلبها لربّ سليمان...ثمّ قلتُ:"....وأسلمتُ مع...."

وهذا دليل أنّني لاأقصد خضوع امرأة لأيّ رجل. وإنّما خضعت لرجل خضع لله. ومعنى خضوعها لسليمان: خضوع اتّباع وليس خضوع ضعف وهوان.

تأمّلي جيّدًا كلامي وأعيدي القراءة عدّة مرّات، تفقهي إلى أين أذهب في تنبيه الناس إلى خضوع بلقيس لسليمان عليه السّلام.

ومعنى ذلك أنّ المرأة الصالحة لاتخضع لأيّ رجل والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:"لاطاعة لمخلوق في معصية الخالق" و"إنّما الطّاعة في المعروف".

وخضوع الإتّباع، معروف. ومعناه أن يتّبع طريقه أو منهجه وهو مسلم لله. كما نقول في شريعتنا السّمحاء أنّنا نخضع لرسول الله صلى الله عليه وسلم خضوع اتّباع الذي يضحى (عبادة) على أنّه رسول مَن نعبده وليس خضوع مَن نعبده. ولماذا ذكرتُ العبادة؟ لأنّ هناك من الفرق الضّالّة في الإسلام، مَن تقدّس النبي صلى الله عليه وسلم إلى درجة التّأليه.

والدليل أنّني أقصد خضوع الإتّباع أوالمتابعة هو ذكري لـخضوعها لله ربّ سليمان. وقد أعطيتُ الآية تقويةً لما أذهب إليه.

قولك: "مع" حرف الجرّ هذا، يعني مساواة الرجل والمرأة في طاعة الله. لكن هل هذا يثبت تساويهما في كثيرٍ من نواحي الحياة؟ أقصد أنّ (حياتنا كلّها لله) والله يقول:"الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ".

يقول الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسير الآية:

يقول تعالى : ( الرّجال قوّامون على النساء ) أي : الرجل قيّم على المرأة ، أي هو رئيسها وكبيرها والحاكم عليها ومؤدّبها إذا اعوجّت ( بما فضّل الله بعضهم على بعض ) أي : لأنّ الرّجال أفضل من النساء ، والرّجل خير من المرأة; ولهذا كانت النبوّة مختصّة بالرّجال وكذلك الملك الأعظم; لقوله صلى الله عليه وسلم : " لن يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة " رواه البخاري من حديث عبد الرحمن بن أبي بكرة ، عن أبيه وكذا منصب القضاء وغير ذلك ....."انتهـى كلامه.

أقول:

والأفضليّة هذه والخيرية للرجال على النّساء، قد فصّلها الإمام رحمه الله. ويلحظها الشخص الموضوعي في التركيبة البيولوجية لكليهما، والتركيبة النفسيّة. ما يجعل كلّ واحد منهما يناسب المكان الذي هيّأه الله له، من قوّة وقدرة وعلم وعاطفة تؤهّل كل واحد لأن يلعب دوره الذي يليق به في هذه الحياة.

أمّا قولكِ:

فهل كان سليمان -عليه السلام- يعترض على حكم الملكة بلقيس وقيادتها لقومها لأنها امرأة ؟

وهل تنازلت بلقيس لسليمان -عليه السلام- عن الحكم لأنها امرأة ولأنه رجل؟

أقول:

ماذا يعني تخوّفها هذا:

فعارضت بلقيس رأي الرّجال حين اقترحوا القتال. وقد فهمت رسالة سليمان عليه السلام. حتّى أنّها تصوّرت النتائج قبل قدوم المرسل إليها بالخطاب حين قالت لقومها: "إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً، وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ"(8)

وماذا فعل سليمان عليه السلام حين عرف أنّ هناك امرأة تملك عرشا عظيمًا؟ لقد أرسل إليها خطابًا يقول فيه""إنّه من سليمان وإنّه باسم الله الرّحمن الرّحيم * ألاَّ تَعْلُوا عليّ وأْتُونِي مسلمين".

نعم أراد لها الخضوع للإسلام.

أمّا قضية الملك، فحتّى في شريعة الإسلام لايجوز للرجل أن يأخذ مال زوجته إلاّ إذا وهبته له. هذه في الزوجة، فمابالك أن تكون أجنبيّة عنه. وهذه هي سماحة الإسلام وحقّ المرأة فيه.

أمّا كون بلقيس بقيت في ملكها. هذا الذي نجهله في القصّة. غير قول المفسّرين:

قال الشيخ السعدي رحمه الله مفسّرا للآية:" أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (31)" النمل.

أَلا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ أي: لا تكونوا فوقي بل اخضعوا تحت سلطاني، وانقادوا لأوامري وأقبلوا إليّ مسلمين.

وقد قال الشيخ السعدي رحمه الله آخر ما قال عند تفسير الآية:"قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ* فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا* قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ* قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ" قال رحمه الله: ".......فهذا ما قصّه الله علينا من قصّة ملكة سبأ وما جرى لها مع سليمان، وما عدا ذلك من الفروع المولدة والقصص الإسرائيلية فإنّه لا يتعلّق بالتفسير لكلام الله وهو من الأمور التي يقف الجزم بها، على الدليل المعلوم عن المعصوم، والمنقولات في هذا الباب كلّها أو أكثرها ليس كذلك، فالحزم كل الحزم، الإعراض عنها وعدم إدخالها في التفاسير. والله أعلم."






..يتبع...إن شاء الله....

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 22 Dec 2018, 10:17 PM
أم وحيد أم وحيد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2018
المشاركات: 365
افتراضي



بسم الله الرّحمن الرّحيم

سأكمل إن شاء الله، الآن، النّقاش الّذي دار بيني وبين الأستاذة، على ما تمّ التّطرّق إليه بتدرّج التقاط النّقاط المهمّة التي تتحدّث عن حدّ المساواة بين المرأة والرجل في طاعة الله. (مع إضافة بعض كلامي الذي لم أتوسّع فيه عند مناقشة الأستاذة، وأريد الآن أن أدرجه في هذا الموضوع. زيادةً لتوضيح ما أريد إيصاله رسالة إلى مَن يقرأ ردودي)

ثمّ أعود إن شاء الله لمناقشة حرف "مع" الذي ورد في الآية القرآنيّة التي تمّ الإشارة فيها إلى الملكة بلقيس وسليمان عليه السّلام.

"رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ (مَعَ) سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ"


قلتُ للأستاذة:

وأمّا قولك في قولي: "وأهل مشورتها الرّجال"

اقتباس:

[وما يعنيه كلامك أعلاه : أنّ المرأة لا تستشار في القضايا المصيرية . ويتوجب علينا كمسلمين رجالاً ونساءً عدم استشارة النساء.آخذين العبرة من سلوك بلقيس ومقتدين بها ...هذا إذا ثبت لديكِ حقاً، وبالوثائق التاريخية التي تقطع الشك باليقين، أنها استشارت الرجال فقط، وامتنعت عن استشارة النساء كنوع من الاستهانة بهن ، مع أنها امرأة مثلهن ،وتجد في نفسها الثقة التي تؤهلها للحكم ، والرجوع إلى رأيها من بعد كل استشارة ، وكان من أمر ثقتها بصواب رأيها وهي امرأة، أنها لم تأخذ بما أشار به عليها الرجال، واعترضت عليهم .

وإن في معاني كلامك أعلاه استهانة بمكانة المرأة وحقها في الإسلام، ومخالفة لسنة خاتم النبيين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم. ونقض لمنطق الأمور . إذ ليس في اتباعها أسلوب الشورى في الحكم دليلٌ على أنها تعلم أنها لا تصلح وحدها كامرأة للحكم . إلا إذا كان في اتباع أسلوب الشورى عندما يمارسه الرجل الحاكم دليل على أنه كرجل لا يصلح وحده للحكم .فهذه بتلك .

وردي على هذا باختصار: أننا كمسلمين ، نساء ورجالاً، نقتدي في المقام الأول بنبينا -محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم -والدليل على عدم صحة الاقتداء بسلوك بلقيس ( ولا أراه موثَّقاً تاريخياً )ما جاء في قصة الحديبية ، فإن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما صالح قريشاً على الرجوع ، وعدم دخول مكة عامهم هذا ، قال لأصحابه : ( قُومُوا فَانْحَرُوا )، قال الراوي : " فَوَاللَّهِ مَا قَامَ مِنْهُمْ رَجُلٌ حَتَّى قَالَ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ، فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ ، فَذَكَرَ لَهَا مَا لَقِيَ مِنَ النَّاسِ ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، أَتُحِبُّ ذَلِكَ ، اخْرُجْ ثُمَّ لاَ تُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ كَلِمَةً ، حَتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ ، وَتَدْعُوَ حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ . فلما فعل ذلك ، قاموا فنحروا " .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله معلقا : " فيه جواز مشاورة المرأة الفاضلة " .
انتهى من " فتح الباري " لابن حجر (5 / 347) بتصرف .

وقال الخطابي في " معالم السنن " (2 / 333): " وفي قبول رسول الله صلى الله عليه وسلم إشارة أم سلمة عليه بأن يبدأ بنحر هديه ، وحلق رأسه : دليل على جواز مشاورة النساء ، وقبول قولهن إذا كن مصيبات فيما يشرن به " انتهى .

وقال ابن بطال في شرحه لصحيح البخارى (8 / 133) : " وفيه : جواز مشاورة النساء ذوات الفضل والرأي " انتهى.

وقال ابن الجوزي في " كشف المشكل من حديث الصحيحين " (4 / 58): " وَأما مُشَاورَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أم سَلمَة ، وَقبُول قَوْلهَا : فَفِيهِ دَلِيل على جَوَاز الْعَمَل بمشاورة النِّسَاء" انتهى.]


وهل هذا الذي قصدتُه أنا في كلامي؟

هل تقصدين أنّني أرمي إلى عدم استشارة المرأة في القضايا المصيريّة؟ وهل استشارتها يعني علوّها في الحكم وتنصيبها حاكمة أو مستشارة؟

من الخطأ الفادح الذي يمارسه النّاقد: أن يَرَ الموضوع بعينه الخاصّة وتوجّهه في الحياة. وهذا الذي هم فيه (بعض النقّاد) أوالأكثريّة. لأنّ النقد يستحيل أن يخلو من النظرة الشخصية الذاتية. والإنسان بطبعه غير معصوم وذاتيّ أنانيّ في غالب تفكيره إلاّ أن يخضع لتعاليم جماعة يعيش معها ويتّفق في توجّهه مع مبادئها.

اعْطِنِي دليلاً يثبت تنصيب امرأة في الحكم عند أهل الإسلام في القرون الخيرية؟ وهذا هو السؤال الذي أوجّهه إليك وليس أنا التي تعطيك الدليل على عدم استشارة المرأة في القضايا المصيرية للأمّة.


ودليلك عن أم سلمة لاأنكره وأعرفه، ولم أقصد مثل هذا في مقالي. وإنّما الأولويّة في الكلام للرجال. وأم سلمة أعطت رأيها للنبي صلى الله عليه وسلم وهي في عقر دارها ولم يخرجها تشارك الرجال في الرأي.

وعائشة رضي الله عنها كانت تفتي الرجال من وراء حجاب وتحدّثهم عن النبيّ صلى الله عليه وسلم (أقواله وأفعاله) التي عرفتها منه. وهي أفقه الناس في عصرها. وكان الرجال الصّحابة يقصدونها لأجل ذلك. فهل أنا أعارض هذا؟

ومن الفائدة القيّمة التي أضيفها في هذا المنتدى المحترم (منتديات التصفية والتربية) :


يقول الشيخ حسن بوقليل حفظه الله في مقال: "فضل أم الـمؤمنين عائشة رضي الله عنها، ومنزلتها عند أهل السنة والجماعة"

[وكَانَت رضي الله عنها فَاضِلَةً، عَالِمةً، كَامِلَةً؛ قَالَ عُروَةُ رضي الله عنه: «مَا رَأَيتُ أَحَدًا أَعلَمَ بالفِقهِ، وَلا طِبٍّ، ولا شِعرٍ مِن عَائِشَة» وقال مَسرُوقٌ رحمه الله: «رَأَيتُ مَشيَخَةَ أَصحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الأَكَابِرِ يَسأَلُونَهَا عَنِ الفَرائِضِ» وقَالَ عَطَاءٌ رضي الله عنه: «كَانَت عَائِشَةُ أَفقَهَ النَّاسِ، وَأَحسَنَ النَّاسِ رَأيًا في العَامَّة» وقَالَ الزُّهرِيُّ رحمه الله: «لَو جُمِعَ عِلمُ عَائِشَةَ إِلَى عِلمِ أَزواجِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وعِلمِ جَميعِ النِّساءِ لَكَانَ عِلمُ عائِشَةَ أَفضلَ».

وجُملة ما رَوَت عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَلفَانِ ومِائَتَانِ وعَشَرَةُ أَحَادِيثَ (2210)؛ اتَّفَقَ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ عَلَى مِائَةٍ وَأَربَعَةٍ وَسَبعِينَ حَدِيثًا، وَانفَرَدَ البُخَارِيُّ بأَربَعَةٍ وَخَمسِينَ، وَانفَرَدَ مُسلِمٌ بتِسعَةٍ وَسِتِّينَ.]انتهـ.


ثمّ قلتُ للأستاذة:

لكنّني تكلمت عن: (مَن) شاورتهم الملكة بلقيس، وأنا أكتب مواقفها الحازمة في تسيير ملكها. ولم يكن دليل على أنّ هناك امرأة منهم. وإلاّ، كان لزامًا على المفسّرين أن ينقلوه بأمانة، ويحدّثوا به الناس. لاينقصوا من القصّة شيئًا. وإنّما قال المفسّرون "أهل شورتها: أشراف قومها.". كان بإمكانهم القول: "ومعهم امرأة أو امرأتان".

فمثلاً: في بيعة العقبة الثانية للنبي صلى الله عليه وسلم قد ذكر الرواة أنّه كان فيها 70 رجلا ومعهم امرأتان من النساء. ويعني ذلك أنّه قد تمّ الإشارة إلى النساء، لمّا بلغهم الخبر الصّحيح.

هل أنا أعارض مشاورة المرأة ؟.

وأعود وأقول: المشاورة لاتعني تولّي الحكم. أمّا قول الأستاذة:

اقتباس:

[مع أنّها امرأة مثلهن ،وتجد في نفسها الثقة التي تؤهلها للحكم ، والرجوع إلى رأيها من بعد كل استشارة، وكان من أمر ثقتها بصواب رأيها وهي امرأة، أنها لم تأخذ بما أشار به عليها الرجال، واعترضت عليهم....].
لم تأخذ بلقيس بمشورة الرّجال لأنّها كانت تحكم عن ملكٍ ورثته. وقد تمتنع عن قبول مشورتهم حتّى وإن كانت سفيهة في تدبير وتسيير ملكها. وقد ذكر الله سبحانه رأيها الّذي اختارته لمواجهة سليمان عليه السلام، وقد كان في إرسال هديّة التي رُدَّت إليها، من قِبل رجل عقيدة لايتزعزع بملذات الدنيا وزخارفها.

أمّا انتقاد الأستاذة لقولي: لاتصلح كامرأة (وحدها) لتسيير دواليب الحكم. هل عندك قول يخالف هذا. ولاأظنّك تجدين دليلاً يظهر استغناء المرأة عن الرجال في القضايا الحسّاسة للأمّة.

وأدلّتكِ من شريعة الإسلام تبيّن أنّ المرأة كانت تشارك من بيتها. ولم أسمع أنّها تولّت الحكم بدلاً من الرّجل.

ثمّ سألتها:

وهل أشرتُ في مقالي إلى إعراض بلقيس عن مشاورة النّساء. أم قلتُ أنّه ليس هناك ما يدلّ على أنّ نساءً، قد دخلن طرفًا في المشاورة. على حسب تتبّعي للقصّة.

فهل هذا يجعلكِ ترين أنّ كلامي يدلّ على احتقاري للمرأة وعدم إعطاء لها الفرصة للمشاورة؟

إذا كان هذا الأمر صحيحًا. وأنا أردتُ إيصاله للنّاس، فأنا صرتُ حينها من أغبى النّساء، إذ أنّني ذبحتُ كرامة المرأة وقيمتها (من الوريد إلى الوريد)، وأنا امرأة مثلها.

ثمّ بعدها قالت:

اقتباس:

يتساوى النساء والرجال في مسألة خضوع الاتباع . وعندما يتساوى النساء والرجال في مسألةٍ ما، فلا ينبغي للكاتب أن يخص النساء بالذكر . فإذا كان قصدك بخضوع بلقيس لسليمان خضوع الاتباع حصراً ، فما كان ينبغي لك التمهيد لهذا النوع من الخضوع بهذه العبارات " هناك من النّساء مَن يزعجها القول بأنّ الرّجل قائدها وهي المَقُودَة، وهو رئيسها وهي المَرْؤُوسَة في الحياة. " فهذه العبارات تحصر فكرة الخضوع وتحدده بخضوع النساء للرجال . وليس ثمة مجال لتحويل معنى العبارات الواضح إلى معنى آخر مختلف هو خضوع الاتباع الذي يتساوى فيه الرجال والنساء .


فقلتُ لها:

في مسألة خضوع الرجال والنساء للدّين على السّواء.

لماذا الله سبحانه ذكر في القرآن الكريم قصّة بلقيس التي أذعنت لرسوله سليمان عليه السلام وهي ملكة -إمرأة-، ولم يذكر رجلاً من الملوك أذعن لرسولٍ من رسله عليهم الصلاة والسلام.

هل تجدين في القرآن مَن الملوك الرّجال، مَن أذعن وتابع أحدًا من رسل الله في دينه وعقيدته؟. إذا كان هناك واحدٌ، فدلّيني عليه أسلّم معك على المعنى الذي ذهبتِ إليه في الخضوع.

في مسألة خضوع بلقيس، قد سألتِ فأجبتكِ بتوضيح الذي ذهبتُ إليه.

أمّا خضوع النّساء والرّجال للشّرع، أنا لم أكن بصدد الكتابة عنه في هذه القصّة. وقد كانت القصة تركّز على امرأة خضعت لرجل خضع لله. وعن طواعيةٍ من أمرها. ولاأحد أجبرها. وقد رأيتُ منه خضوع امرأة عاقلة فطنة أريبة لرجل رشيد.

والله لايصطفي من رسله وأنبيائه إلاّ أهل الرشاد والأخلاق العالية والقوّة والحزم. وهذه من أجمل الصّفات التي ينبهر بها النّاس أجمعين وخاصّة المرأة بطبيعتها تميل إلى هذا النوع من الرّجال.

وقد أرادت أن ترسل إليه بهدية، لِتَرَى نسبة تعلّقه بالمصالح الدنيويّة وملذّاتها. فكان أن ردّ إليها هديّتها وأكّد لها أنّ له ما أفضل منها وقال:"بل أنتم بهديّتكم تفرحون". وهو يشير إلى إعجابها بما أرسلت به إليه. على عادة الملوك الذين يفرحون بالعطاء.

قال الله تعالى:"فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ (36) "

ماالذي جعل بلقيس ترغب في الخضوع لسليمان ودينه وقد كانت من قومٍ كافرين؟

قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسير الآية: وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ (35) من بين ما قال: "....وقال ابن عباس وغير واحد : قالت لقومها : إن قبل الهدية فهو ملك فقاتلوه ، وإن لم يقبلها فهو نبيّ فاتّبعوه" .

لماذا على حسب الرواية عن ابن عباس رضي الله عنه، دعت بلقيس قومها إلى قتال الملوك مع علمها أنّهم يمارسون التخريب والدمار للمكان الذي يدخلونه . ودعتهم إلى اتّباع سليمان مع قدرتها على قتال الملوك؟. ربّما رفضت طمع الملوك وجشعهم. واستأنست بـقناعة سليمان عليه السلام بما أعطاه الله. وقد رأت منه تمسّكًا شديدًا بالأصل الذي دعاها إليه. والنبوّة والرّسالة أعلى مقام يناله العبد من ربّه.

قال الإمام ابن كثير رحمه الله آخر ما قال في تفسير الآية: "قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ* فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا* قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ* قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ" (44)

"والغرض أنّ سليمان عليه السلام ، اتّخذ قصرا عظيما منيفا من زجاج لهذه الملكة ; ليريها عظمة سلطانه وتمكّنه ، فلمّا رأت ما آتاه الله تعالى ، وجلالة ما هو فيه ، وتبصرت في أمره، انقادت لأمر الله وعرفت أنّه نبي كريم ، وملك عظيم ، فأسلمت لله عز وجل ، وقالت : ( ربّ إني ظلمت نفسي ) أي : بما سلف من كفرها وشركها وعبادتها وقومها الشمس من دون الله ، ( وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين ) أي : متابعة لدين سليمان في عبادته لله وحده ، لا شريك له ، الذي خلق كل شيء فقدره تقديرا ."انتهـ.كلامه.

ألم يكن سليمان عليه السلام (نبيّ ورسول) قائدها وهي المقودة (بِعِظَمِ مكانتها في قومها). بإذعانها إليه. ومتابعة لدينه؟


فأين هذا في فئة من نساء المسلمين. رغم أنّهنّ يدّعين الإسلام ويشهدن بأن لاإله إلاّ الله محمد رسول الله. ولكنّهنّ يحاربن كلّ مَن يدعو إلى دين الإسلام من أحكام ترى فيها الظلم والتّعسّف في حقّها.

وهاهنّ يطالبن بتعديل الفقرات الموجودة في قانون الأسرة: حقّ الطلاق. والتعدّد. وتقسيم الميراث بالتساوي مع الرجال. مع أنّ الرجل في ماله لها حقّ النفقة. وفي مالها لايجوز له التصرف فيه حتّى تأذن له.

والطبيعة البشرية التي خلقنا الله بها، تحتّم علينا أن نجزم أنّ هناك فوارق كبيرة بين الرجل والمرأة في كثير من المميّزات، الّتي تجعل المرأة تخضع للرجل فيها عن طواعية. مثل القدرة والقوّة والحزم والإقدام على الصعاب.

وللتّنبيه أستاذة أنا لم أتكلّم عن كلّ النساء. وإنّما قلتُ:"هناك من النّساء مَن يزعجها" ويعني ذلك أنّ هناك فئة معيّنة ونسبة من النّساء، ولم أعاين الكلّ. وهذا الذي لم تفهميه من أوّل كلام في مقالي.

وأنا لم أخرج عن الموضوع بإعطاء آية القوامة وأنا أتكلّم عن خضوع المرأة للرجل خضوع شرعي لايمنعها حقّها ولايظلمها ولايحقرها. وأنا أضرب مثل الرجل الخاضع لله في كلّ تصرّفاته. ما يجعله يمتنع عن كلّ فعلٍ مشين يؤذي به الذي خُلِق من ضلعه وهي المرأة. ومعنى ذلك أنّها أقلّ من الرجل وقد خرجت من ضلعه الذي هو عظمة من عظام القفص الصدري كما يعرفه القاموس.

سئل الشيخ ابن باز رحمه الله:

في الحديث: (استوصوا بالنساء خيراً فإن المرأة خلقت من ضلع أعوج، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه..) إلى آخر الحديث، الرجاء توضيح معنى الحديث مع توضيح أعوج ما في الضلع أعلاه؟

الجواب:

هذا الحديث صحيح ورواه الشيخان في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (استوصوا بالنساء خيراً) هذا أمر للأزواج والآباء والإخوة وغيرهم أن يستوصوا بالنساء خيراً ,وأن يحسنوا إليهن وأن لا يضربوهن, وأن يعطوهن حقوقهن هذا واجب على الرجال من الآباء, والإخوة والأزواج أن يتقوا الله في النساء, وأن يعطوهن حقوقهن هذا هو الواجب ولهذا قال: (استوصوا بالنساء خيراً) وينبغي أن لا يمنع من ذلك كونها قد تسيء إلى زوجها أو إلى أقاربها بلسانها, أو بغير ذلك لأنهن خلقن من ضلع كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - "وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه", فمعلوم أنّ "أعلاه": ما يلي منبت الضلع. فإنّ الضلع يكون في اعوجاج هذا المعروف فيه, فالمعنى أنه لا بد يكون في خلقها شيء من العوج, والنقص, ولهذا في الحديث الآخر في الصحيحين (ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن) فبين - صلى الله عليه وسلم - أنهن ناقصات عقل ودين, وإن كن لا يرضين بذلك في الغالب يكرهن أن يسمعن هذا الكلام إلا من هداها الله ووفقها.

فالمقصود أنّ هذا حكم النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو ثابت في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - ومعنى ناقصات العقل كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - أن شهادة إحداهن بنصف الرجل, والمرأتان برجل هذا من نقصان العقل, وبـنقص الدّين كما قال - صلى الله عليه وسلم - تمرّ الأيام والليالي لا تصلي من أجل الحيض, وهكذا في النفاس, وهذا نقصٌ كتبه الله عليها، فينبغي لها أن تعترف بذلك ولا يمنع من هذا كون بعضهن عندها حذق عندها معرفة وعندها بصيرة لكن لا يمنع ذلك من كون النقص موجود.
فهي مهما بلغت من العلم, ومهما بلغت من الذكاء والبصيرة فهذا النقص لازم لها, وهذا النقص لا بد منه فشاهدة المرأتين برجل وهكذا ما يصيبها من حيض ونفاس هذا واقع, فينبغي للمرأة أن تعرف قدرها وأن تقف عند حدها, وأن تسأل الله التوفيق, وأن تجتهد في الخير.

أما أن تحاول مخالفة الشريعة: ما بيّن الله ورسوله. فهذا غلط منها ونقص عليها وهو من نقصها أيضاً والله المستعان. جزاكم الله خيراً .انتهـ كلامه. (المصدر: موقعه الرسمي)

أسأل الله أن يرينا الحقّ حقًّا ويرزقنا اتّباعه ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه.


(...يُتبع..إن شاء الله..)


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 23 Dec 2018, 08:06 PM
أم وحيد أم وحيد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2018
المشاركات: 365
افتراضي




قام أحد الإخوة بالتّدخّل للتّعليق على كلام الأستاذة، قائلاً:


اقتباس:
أستاذتنا الفاضلة .........وأنا لا أجد غضاضة في أن أعترف بأنّك رأيت ما لم أره، وقدمت لنا رأيا أحترمه، في سبب خضوع بلقيس لسليمان عليه السلام، فقد كان خضوعا للحق وللدّين الصحيح.


فقمتُ بعد أيّام بالردّ عليه، قائلةً:

انتظرتُ ردّ الرّجال من أهل اللّغة العربيّة والفصاحة، على تعليقكم الأستاذ... وقناعة الأستاذة...، على أنّ الملكة بلقيس خضعت لسليمان خضوعا للحق وللدّين الصحيح.


ولكن للأسف لم يتدخّل أحد للتّعليق، مع أنّه كان بإمكان أحدهم أن يدلي برأيه في هذه القضيّة الحسّاسةالتي تمنع بعض النّساء من رؤية القوّة عند الرجل في إخضاع المرأة إليه. ليس بسبب التّجبّر. ولكن قوّة فطريّة خلقها الله في الرّجال يعلون بها على النّساء.

وعلى هذا أؤكّد -بإذن الله- للأستاذ... والأستاذة ...، أنّ خضوع بلقيس لسليمان، لم يكن -في بادىء الأمر- خضوعًا للحقّ والدّين الصّحيح، كما يزعمون (ان)، وإنّما كان خضوع بلقيس لسليمان خضوع ضعيف لقويّ. والدّليل على هذا، قول الله تعالى: "قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً"

وقد كان الله سبحانه في كلامه يعني الملكة بلقيس وهي تخاطب أهل مشورتها. على أنّها خافت على نفسها وعلى ملكها من سيطرة الدّخيل الغاصب للممتلكات والمذلّ للرّقاب.

يقول الشيخ السعدي مفسّرا للآية: "قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً": [فقالت لهم -مقنعة لهم عن رأيهم ومبينة سوء مغبة القتال- "إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا" قتلا وأسرا ونهبا لأموالها، وتخريبا لديارها، "وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً" أي: جعلوا الرؤساء السادة أشراف الناس من الأذلّين، أي: فهذا رأي غير سديد، وأيضا فلست بمطيعة له قبل الاختبار وإرسال مَن يكشف عن أحواله ويتدبرها، وحينئذ نكون على بصيرة من أمرنا] انتهـ.كلامه رحمه الله


ومن هذه الآية نستخلص فائدتين:

-الأولى: أنّ الملك الضعيف إذا ألزمه ملكٌ أقوى منه في العدّة النفسيّة والماديّة، استسلم له استسلام ضعف وذلّ.

-الثانية: إذا كان الملك -الرّجل- في حالة ضعف مواجهة، استسلم عن طواعيّة، فما بالك أن تكون امرأة، ضعفها -البدني- فطريّ مقارنةً بهيئة الرّجل وتركيبته الفيزيولوجيّة، وتملك المرأة -الضعف النّفسي- ما يجعلها تستكين لمن هو أقوى منها. وهذا مشاهد ملموس واقعًا.

ولكن (قد) يعترض على كلامي أحد القرّاء بقوله: [إنّ الملكة بلقيس على ما فسّره ابن عباس رضي الله عنهما: "قالت لقومها : إن قبل الهدية فهو ملك فقاتلوه ، وإن لم يقبلها فهو نبيّ فاتّبعوه". وهذا الكلام يظهر أنّ الملكة بلقيس خضعت خضوع طاعة للحقّ والدّين الصّحيح].

أسأل الّذي يراوده هذا الكلام والقناعة: إذا كانت بلقيس ترَى أنّ النبوّة أهلها -أهل كرامة- ولاتريد أن تقاتلهم. وقد كانت في ذلك العهد تعبد الشمس مع قومها.

ماالّذي منعها من اعتناق دين هؤلاء الأنبياء، وهي تعرف مسبّقًا أنّ هناك أنبياء مرّوا عبر القرون والأزمان. ولكنّها مع هذا كانت تعبد الشمس؟!!

فإذا كانت تعلم (مسبّقًا) أنّ النبوّة أهلها صادقون في مساعيهم، لماذا لم تتّبعهم قبل دخول سليمان (عليه السلام) عليها بالغزو؟ على الأقل تكون كرامتها أعلى، ولايتجرّأ النبي سليمان عليه السلام من اقتحام ملكها والسيطرة عليه.

وعلى هذا، يظهر هذا الكلام لتقوية الدّليل على أنّ الملكة بلقيس خضعت أوّل أمرها لسليمان عليه السلام، -خضوع امرأة ضعيفة- تخشى -على نفسها وملكها- الهلاك.


وقد أدلت بتفسيرها، اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، حين سُئلت: هل يجوز لجماعة من المسلمات، اللائي هن أكثر ثقافة من الرجال، أن يصبحن قادة للرجال؟ بالإضافة إلى عدم قيام المرأة بإمامة الناس في الصلاة، ما هي الموانع الأخرى من تولي المرأة للمناصب أو الزعامة، ولماذا؟

قالت اللجنة:".... من تولّي بلقيس الملك باليمن ، فإنّها ضعفت نفسها، وانهارت أعصابها حينما وصلها كتاب نبي الله سليمان عليه الصلاة والسلام، رغم أنّ قومهـا قد بيّنوا لها أنّهم أولو قوة وأولو بأس شديد، وأنهم على استعداد لحرب من تحدثه نفسه بمناوأتهم، والاعتداء على دولتهم؛ دفاعًا عنها، وحفظًا على ملكها، وأن يردوا كيده في نحره، فلم يذهب ذلك ما بنفسها من اضطراب وخور؛ خوفًا على ملكها أن يسلب، وعلى عزها ومجدها أن يذهب، وجبنت عن الجهاد، وحماية ملكها، وردّ العدوان على بلادها بقوة السلاح، ورأت أن ترسل إلى سليمان بهدية؛ عسى أن يرضى ويكف عن الهجوم على بلادها، ويحقق السلم والسلام لملكها ولبلادها......." ثمّ قالت اللّجنة:"....أضف إلى ذلك ما أصابها من دهشة جعلتها تشك في عرشها، ومن إعجاب بالغ بملك سليمان عليه السلام ملكت عليها مجامع قلبها، شأنها في ذلك شأن أخواتها من النساء اللاتي يتأثرن بالمظاهر لقوّة عاطفتهن، فخضعت لـسليمان عليه السلام وانقادت لدعوته، وأسلمت وجهها معه لله ربّ العالمين...."انتهـ.(1)

والملاحظ هنا أنّ الملكة بلقيس قالت:"إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً" قبل أن تقول: "رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ" ومعنى ذلك خضوعها الأوّلي كان خضوعًا عن ضعفٍ نفسيّ ولأسباب دنيويّة محضة، ثم ما كان لها إلاّ أن استسلمت للّذي هو أقوى منها عُدَّةً وإِيمَانًا.

قال الله تعالى وهو يشير إلى قول سليمان عليه السلام: "وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ (42) وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ اللَّهِ* إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ (43)"

قال الإمام ابن كثير رحمه الله: "وقوله :"وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ". قال مجاهد: سليمان يقوله . وقوله : "وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ اللَّهِ* إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ": هذا من تمام كلام سليمان عليه السلام - في قول مجاهد، وسعيد بن جبير، رحمهما الله - أي: قال سليمان : " وأوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين"، وهي كانت قد صدّها، أي: منعها من عبادة الله وحده، "ما كانت تعبد من دون الله إنها كانت من قوم كافرين" . وهذا الذي قاله مجاهد وسعيد حسن ، وقاله ابن جرير أيضا .
ثم قال ابن جرير : ويحتمل أن يكون في قوله : (وصدّها) ضمير يعود إلى سليمان، أو إلى الله عز وجل، تقديره: ومنعها ( ما كانت تعبد من دون الله ) أي : صدّها عن عبادة غير الله "إنّها كانت من قوم كافرين".

قلت : ويؤيد قول مجاهد: أنّها إنّما أظهرت الإسلام بعد دخولها إلى الصرح، كما سيأتي .]انتهـ.


وقد احتمل الشيخ السعدي رحمه الله معنى الآية: "وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ" على تفسيرين:

-الإحتمال الأوّل: حين تعرّفت الملكة بلقيس على عرشها، وقالت:"كأنّه هو"، قال الشيخ السعدي رحمه الله: "وهذا من ذكائها وفطنتها لم تقل "هو" لوجود التغيير فيه والتنكير ولم تنف أنّه هو، لأنّها عرفته، فأتت بلفظ محتمل للأمرين صادق على الحالين، فقال سليمان متعجبا من هدايتها وعقلها وشاكرا لله أن أعطاه أعظم منها: "وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا" أي: الهداية والعقل والحزم من قبل هذه الملكة، وَكُنَّا مُسْلِمِينَ وهي الهداية النافعة الأصلية] انتهـ .

-الإحتمال الثاني قال فيه الشيخ رحمه الله: ويحتمل أنّ هذا من قول ملكة سبأ: "وأوتينا العلم عن ملك سليمان وسلطانه وزيادة اقتداره من قبل هذه الحالة التي رأينا فيها قدرته على إحضار العرش من المسافة البعيدة فأذعنا له وجئنا مسلمين له خاضعين لسلطانه "انتهـ.

وقد مِلتُ إلى التّفسير الأوّل. ورأيتُه أقوى على أنّ سليمان يملك العلم والإيمان والقوّة والحزم. ويدعّم التّفسير الأول، تفسيره رحمه الله للآية: "وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَعْبُدُ مِن دُونِ اللَّهِ* إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ (43)"، قال الشيخ السعدي رحمه الله: [قال الله تعالى: وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أي: عن الإسلام، وإلاّ فلها من الذكاء والفطنة ما به تعرف الحق من الباطل ولكن العقائد الباطلة تذهب بصيرة القلب. "إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ" فاستمرّت على دينهم، وانفراد الواحد عن أهل الدّين والعادة المستمرّة بأمر يراه بعقله من ضلالهم وخطئهم من أندر ما يكون. فلهذا لا يستغرب بقاؤها على الكفر، ثم إنّ سليمان أراد أن ترى من سلطانه ما يبهر العقول فأمرها أن تدخل الصرح وهي المجلس المرتفع المتّسع وكان مجلسا من قوارير تجري تحته الأنهار.

ثمّ قال الشيخ السعدي مفسّرًا للآية:"قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (44)": [فحينئذ لمّا وصلت إلى سليمان وشاهدت ما شاهدت وعلمت نبوته ورسالته تابت ورجعت عن كفرها و قَالَتْ: رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ (مَعَ) سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ].

وعلى هذه الآية الأخيرة بَنَت الأستاذة....اعتقادها في تساوي الملكة بلقيس مع سليمان عليه السّلام، وجعلتها دليل مساواة النّساء للرّجال في طاعة الله، قائلةً:

اقتباس:

[ثم تأمّلي قولها : قالت: "رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ (مَعَ) سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ" .

أرأيت إلى دلالة حرف الجر ( مع )؟ فإنّه يدل على المعيَّة والنديَّة في الإسلام . فلا فرق بين رجل وامرأة في اتّباع الحق.فبلقيس وسليمان في الإسلام والإيمان سيَّان .وكلاهما خاضعان معاً لله رب العالمين].

إذا كان هناك تساوي في الطّاعة بين الرّجل والمرأة، فهذا يستلزم تساوي المثوبة لتحقيق العدل بينهما. فقد قلتُ في آخر ردّي عليها:

في نظرك أستاذة ثناء المتخصّصة في اللّغة العربيّة، هل (مَعَ) تعمل دائمًا على تساوي الأطراف؟ فإذا كان الردّ بـ:نعم.

أذكر مثالاً: الأب أسلم (مع) ابنه ودخل معه في الإستقامة العمليّة للأحكام الشّرعيّة.

هل يتساوى الابن مع أبيه في درجة الإيمان ودرجة العمل. والكلّ يعمل على حسب طاقته وقدرته على بلوغ الكمال الإنساني الذي يخلو من الكمال التّام، ويعتريه النّقص بحسب درجة كلّ واحد منهما في استيعاب ذلك العمل وفقهه؟

إذا قلتِ: لايتساوى الطرفان. وهما على نفس خصائص الرّجل. فكيف تتساوى المرأة مع الرّجل في الإيمان والعمل، وقد يفوقها بكثير من الأعمال التي لاتستطيعها، لعجزها الفيزيولوجي والنّفسي (الفطري) عن القيام بها؟ مثل تسيير مهام الحج، الجهاد ومواجهة الأعداء والمعتدين، والصّلاة بالنّاس جماعة في المسجد كما ذكر علماء السُنَّة، وكلّ هذه الأعمال الصّعبة هي من وظائف الرّجال وتدخل ضمن الأعمال الصّالحة التي يُثَاب عليها صاحبها؟ فهل تتساوى المرأة مع الرجل في درجة المثوبة عن أشياء تعجز عن القيام بها كامرأة؟!!.

(مع) أي مثله

بغضّ النّظر عن عدم تساوي الملكة بلقيس مع سليمان عليه السّلام في درجة الإيمان ودرجة القدرة على صدّ الأعداء. وقد ذكر الله عجزها عن مواجهة سليمان عليه السّلام، وبغضّ النّظر عن كونها امرأة عادية أمام نبيّ. ولايمكن أن يتساوى عبد عادي مع نبيّ. ولكن سقتُ المثال بالنبيّ سليمان لأنّ القرآن ذكر -امرأة- تملك عرشا عظيما وأُوتِيت من كلّ أنواع القوّة الماديّة. وذكر عجزها عن مواجهة سليمان عليه السّلام رغم حنكتها وفطنتها ومهارتها السياسيّة. وقد فضّلت مواجهته بالهدية على أن تقاتله. لأنّ المرأة ترى في الهدايا أجمل التّقرّب إلى قلوب النّاس. ومطامع أغلب النّساء أكثرها على دنيا تصيبها. ولكن تعلم أنّ الرجل الحازم (بغضّ النظر عن كونه نبيّ) الذي يعتنق مبدأ معيّنا لاتغريه الهدايا. وهو الّذي يطمح إلى ترسيخ مبدئه في قلوب مَن أراد غزوهم. فضلاً عن أن يكون نبيًّا لايريد دنيا وزخرفها. ورسالته إلى الله -رسالة التّوحيد- أعظم من أن يحقّق حلما ماديًّا ملك سليمان عليه السلام أفضل منه.

و هذا المطمح العميق في الهدف والسّامي في تحقيق إنسانيّة صالحة لبقاء أثرها، يضيف للرّجل قوّة التّمكين والصّدارة على المرأة الحازمة التي تصبو إلى إصلاح المجتمعات بالقدر الذي منحها الله سبحانه، ولايكلّف الله نفسًا إلاّ وسعها.

وقول الله سبحانه:"أسلمتُ (مع) سليمان" ليست معيّة النِدِّيَّة وإنّما معيّة المرافقة والمصاحبة والمشاكلة في اعتناق (نفس الدّيانة). ويمكن أن نشرحها لغويًّا بقولنا:"وأسلمتُ (مِثل) سليمان لله ربّ العالمين".

بغضّ النّظر أيضا عن أنّ (مع) تستخدم في الكلام لتحقيق كثير من المعاني:

تحدثتُ (مع) زميلتي، سافرتُ (مع) أخي، تسوّقتُ (مع) جارتي. وكثير منها، فهل هذه (مع) تقتضي التّساوي في الدرجة بين الأطراف المذكورة؟

"قمتُ بعمل خيري (مع) زميلتي". قد تكون زميلتي أفضل منّي في المجهود، وأفضل منّي في طريقة المساهمة. ولكن اجتمعنا على عمل يتشابه ونتّفق عليه في الهدف والمضمون.

وليكن صدركِ رحبًا إن قلتُ لكِ أنّ أكثر أهل النّار هم النّساء، على ما حدّثنا به نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم في قوله:"يا معشر النساء! تصدقن وأكثرن الاستغفار فإني رأيتكن أكثر أهل النار"

قال الشيخ ابن باز رحمه الله في ذكر سبب ذلك:

[أمّا كون النساء أكثر أهل النار كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم، فقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، قال في خطبته، قال: يا معشر النساء! تصدقن وأكثرن الاستغفار فإني رأيتكن أكثر أهل النار. فقالت امرأة: ولم يا رسول الله؟ قال: لأنكن تكثرن اللعن وتكفرن العشير -يعني: الزوج- لو أحسن إلى إحداكن الدهر ثم رأت منه شيئًا قالت: ما رأيت منك خيرًا قط.

فهذا عبارة عن الأكثر، وهذا مشاهد نعرف هذا ويعرفه الناس أنّ المرأة إذا رأت من زوجها ما يكدرها نسيت إحسانه الأول وقالت: أنت اللي فيك .... ولا رأيت منك كذا، ولا رأيت منك كذا، إلا من هداه الله منهن. واللعن والكذب فيهن كثير، والسب للأزواج وللأولاد وللناس، ولذا قال: تكثرن اللعن يعني: الشتم والسب والكلام السيئ، اللعن: يطلق على الكلام السيئ ولو ما فيه: لعن الله فلان، كما قال الله في القرآن: وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ [الإسراء:60] وهي مذمومة في القرآن، ذمها الله وعابها، قال: إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الأَثِيمِ*كَالْمُهْلِ [الدخان:45] ، فذمّها، فسمّى هذا لعنًا، فالذم للشيء وسبه بالكلام اللي ما هو بزين، مثل: أخزاه الله، مثل: ما فيه خير، مثل: فلان بخيل، فلان جبان، كل هذا يسمّى سبّ، ولو ما قال: لعنه الله، يسمّى: سب.

فالمقصود: أنّهن يكثرن اللّعن، يعني: يكثرن الكلام السيئ والأذى مع الزوج ومع الأولاد، وربّما فعلت ذلك مع الأقارب ومع الجيران، والغالب أنّ هذا من جهل وقلّة الدّين وضعفه، ولكن فيهنّ خيّرات طيّبات......].

المصدر: الموقع الرسمي بعنوان: الرد على شبهة أن الإسلام شدد على المرأة

---------------------------------------------------------------------------------------

(1) سيتم ذكر الفتوى كاملة إن شاء الله.


....يُتبع...إن شاء الله...


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 24 Dec 2018, 11:25 AM
أم وحيد أم وحيد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2018
المشاركات: 365
افتراضي




بسم الله الرّحمن الرّحيم


ولأنّ -البحث عن الحقّ- بُغية كلّ مَن يريد النّجاة في الدّنيا والآخرة. فإنّني أتقدّم إلى القرّاء بمزيد من الفوائد التي ترشدنا إلى التّمييز بين الرّجل والمرأة في كثير من الخصائص التي يتفوّق فيها الرّجل عن المرأة، -فضلاً من الله ونعمة- للرّجل، و -عدلاً وحكمة- للنّساء. مَن رضيت منهنّ فلها الرِّضا، ومَنْ سخطت فلها السّخط.





قال الله تعالى: "وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا ۖ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ ۚ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِن فَضْلِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (32)" النّساء.

قال الإمام الطبري رحمه الله في تفسير الآية: [ القول في تأويل قوله : "وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ"

قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: ولا تشتهوا ما فضل الله به بعضكم على بعض. (102)
* * *
وذكر أن ذلك نـزل في نساءٍ تمنين منازلَ الرجال، وأن يكون لهم ما لهم، فنهى الله عباده عن الأماني الباطلة، وأمرهم أن يسألوه من فضله، إذ كانت الأمانيّ تورِث أهلها الحسد والبغي بغير الحق. (103)............] مختصرًا.





ويفسّر الآية: "وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا* وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ ۚ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِن فَضْلِهِ* إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (32)" النّساء.، باختصار واضح مفيد، الشيخ السعدي رحمه الله، قائلاً:

[ ينهى تعالى المؤمنين عن أن يتمنّى بعضهم ما فضّل الله به غيره من الأمور الممكنة وغير الممكنة. فلا تتمنى النساء خصائص الرجال التي بها فضلهم على النساء، ولا صاحب الفقر والنقص حالة الغنى والكمال تمنيا مجردا لأنّ هذا هو الحسد بعينه، تمني نعمة الله على غيرك أن تكون لك ويسلب إياها. ولأنّه يقتضي السّخط على قدر الله والإخلاد إلى الكسل والأماني الباطلة التي لا يقترن بها عمل ولا كسب. وإنّما المحمود أمران: أن يسعى العبد على حسب قدرته بما ينفعه من مصالحه الدينية والدنيوية، ويسأل الله تعالى من فضله، فلا يتّكل على نفسه ولا على غير ربّه. ولهذا قال تعالى: { لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا } أي: من أعمالهم المنتجة للمطلوب. { وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ } فكل منهم لا يناله غير ما كسبه وتعب فيه. { وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ } أي: من جميع مصالحكم في الدين والدنيا. فهذا كمال العبد وعنوان سعادته لا من يترك العمل، أو يتكل على نفسه غير مفتقر لربه، أو يجمع بين الأمرين فإن هذا مخذول خاسر. وقوله: { إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا } فيعطي من يعلمه أهلا لذلك، ويمنع من يعلمه غير مستحق.]انتهـ كلامه.




ومن المواضيع الّتي رأيتها جيّدة في مسألة استشارة المرأة ومكانتها في المجتمع من المنظور الشّرعي، موضوع الأخ الفاضل فتحي إدريس وفّقه الله للحقّ والصّواب (عضو من أعضاء التصفية والتربية).

بعنوان: الإنباء بأن لا غضاضة على الرَّجل الكامل في استشارة النِّساء

ورابطه: http://www.tasfiatarbia.org/vb/showthread.php?t=14643


ولمن أراد المزيد في: معرفة الحقّ في حكم تولية المرأة للحكم:


الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله (صوتيات مهمّة بارك الله فيكم) :


شرح حديث لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة


https://archive.org/download/Tawliya...%20%285%29.mp3


الردّ على شبهة أنّ هناك ولّوا أمرهم امرأة وقد أفلحوا


https://archive.org/download/Tawliya...%20%281%29.mp3







-اللّجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء:

هل يجوز لجماعة من المسلمات، اللائي هن أكثر ثقافة من الرجال، أن يصبحن قادة للرجال؟ بالإضافة إلى عدم قيام المرأة بإمامة الناس في الصلاة، ما هي الموانع الأخرى من تولي المرأة للمناصب أو الزعامة، ولماذا؟

ج 7، 8: دلت السنة ومقاصد الشريعة والإجماع والواقع، على أن المرأة لا تتولى منصب الإمارة ولا منصب القضاء؛ لعموم حديث أبي بكرة: "أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بلغه أنّ فارسًا ولَّوا أمرهم امرأة قال: "لن يفلح قوم ولَّوا أمرهم امرأة" ، فإن كلاًّ من كلمة (قوم) وكلمة (امرأة) نكرة، وقعت في سياق النفي فتعمّ، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، كما هو معروف في الأصول، وذلك أن الشأن في النساء نقص عقولهن، وضعف فكرهن، وقوة عاطفتهن، فتطغى على تفكيرهن. ولأن الشأن في الإمارة أن يتفقد متوليها أحوال الرعية، ويتولى شؤونها العامة اللازمة لإصلاحها، فيضطر إلى الأسفار في الولايات، والاختلاط بأفراد الأمة وجماعاتها، وإلى قيادة الجيش أحيانًا في الجهاد، وإلى مواجهة الأعداء في إبرام عقود ومعاهدات، وإلى عقد بيعات مع أفراد الأمة وجماعاتها، رجالاً ونساء، في السلم والحرب، ونحو ذلك مما لا يتناسب مع أحوال المرأة، وما يتعلق بها من أحكام شرعت لحماية عرضها، والحفاظ عليها من التبذل الممقوت.

ويشهد لذلك أيضًا إجماع الأمة في عصر الخلفاء الراشدين، وأئمة القرون الثلاثة المشهود لها بالخير، إجماعًا عمليًّا على عدم إسناد الإمارة والقضاء إلى امرأة،، وقد كان منهن المثقفات في علوم الدين اللائي يرجع إليهن في علوم القرآن والحديث والأحكام، بل لم تتطلع النساء في تلك القرون إلى تولّي الإمارة وما يتّصل بها من المناصب والزعامات العامة.

ويشهد كذلك أيضًا ما دلت عليه التجربة، فيما وقع قديمًا قبل هذه الأمّة، مع قلّته ووجود المُلجئ الداعي إليه، من تولّي بلقيس الملك باليمن ، فإنّها ضعفت نفسها، وانهارت أعصابها حينما وصلها كتاب نبي الله سليمان عليه الصلاة والسلام، رغم أن قومهـا قد بينوا لها أنهم أولو قوة وأولو بأس شديد، وأنهم على
استعداد لحرب من تحدثه نفسه بمناوأتهم، والاعتداء على دولتهم؛ دفاعًا عنها، وحفظًا على ملكها، وأن يردوا كيده في نحره، فلم يذهب ذلك ما بنفسها من اضطراب وخور؛ خوفًا على ملكها أن يسلب، وعلى عزها ومجدها أن يذهب، وجبنت عن الجهاد، وحماية ملكها، ورد العدوان على بلادها بقوة السلاح، ورأت أن ترسل إلى سليمان بهدية؛ عسى أن يرضى ويكف عن الهجوم على بلادها، ويحقق السلم والسلام لملكها ولبلادها. ولكن نبي الله سليمان عليه السلام رجل الإصلاح والهداية، وشدة البأس وقوة السلطان، لم ينخدع بهدية المال، بل قال ما قصه الله عنه في القرآن: " بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ "، ثم أمر سليمان عليه السلام بإحضار عرشها فأحضر، فلما جاءت قيل لها: "أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ" ، وقيل لها: ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ".

فأنت ترى من هذه القصة ما أصاب بلقيس من ذعر وخوف حينما جاءها كتاب سليمان عليه السلام، وفيه تهديد وإنذار، وأمر بالاستسلام، فجبنت عن مواجهته في ميدان، مع أن قومها أعلنوا إليها أنهم أولو قوة وبأس شديد، ومع أن شأن الملوك الأنفة والتعالي والغيرة على الملك والحرص عليه، ولجأت إلى طريق المخادعة بالمال شأن الضعفاء، عسى أن تسلم ويسلم لها ملكها. أضف إلى ذلك ما أصابها من دهشة جعلتها تشك في عرشها، ومن إعجاب بالغ بملك سليمان عليه السلام ملكت عليها مجامع قلبها، شأنها في ذلك شأن أخواتها من النساء اللاتي يتأثرن بالمظاهر لقوة عاطفتهن، فخضعت لسليمان عليه السلام وانقادت لدعوته، وأسلمت وجهها معه لله رب العالمين.


وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.


المصدر:


اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو/ نائب الرئيس/ الرئيس
عبد الله بن غديان/ عبد الرزاق عفيفي/ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

الرئاسة العامة للبحوث العلمية والافتاء




رد مع اقتباس
  #6  
قديم 24 Dec 2018, 11:42 AM
أم وحيد أم وحيد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2018
المشاركات: 365
افتراضي




بسم الله الرّحمن الرّحيم


شرح نفيس لحديث : «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً» للشيخ العلامة عبد الحميد بن باديس رحمه الله.


http://www.tasfiatarbia.org/vb/showthread.php?t=14013













رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013