منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 20 Feb 2015, 06:06 PM
فتحي إدريس
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي فائدة في حديث: "دخل رجل النار في ذباب..."

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم



الحمد لله ربِّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.

أمَّا بعد:

فبينما أنا أتدارس مع إخوان لي كتاب "فتح المجيد شرح كتاب التوحيد" لعبد الرحمن بن حسن آل الشَّيخ –رحمه الله- في الباب الَّذي عقده المصنِّف محمد بن عبد الوهَّاب –رحمه الله- في بيان "ما جاء في الذبح لغير الله تعالى" وقد ختمه بحديثِ طارق بن شهاب أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «دخل رجل الجنة في ذباب، ودخل النار رجل في ذباب. قالوا: وكيف ذلك يا رسول الله؟! قال: مر رجلان على قوم لهم صنم لا يجوزه أحد حتى يقرب له شيئا، فقالوا لأحدهما: قرب، قال: ليس عندي شيء. فقالوا له: قرب ولو ذبابا. فقرب ذبابا. فخلوا سبيله. قال: فدخل النار. وقالوا للآخر: قرب ولو ذبابا. قال: ما كنت لأقرب لأحد شيئا دون الله عز وجل. قال فضربوا عنقه، قال: فدخل الجنة» ومن الفوائد الَّتي استنبطها الإمام المجدد –رحمه الله- قوله: «أنَّ الَّذي دخل النَّار مسلم، لأنه لو كان كافرا لم يقل: «دخل النار في ذباب»»؛ ففرحت بهذه الفائدة وولجت قلبي من غير استئذان ولم أكن أعلم درجة الحديث ولا كلام العلماء –رحمهم الله- عليه ومرَّ في الشَّرح أن ابن القيِّم –رحمه الله- أسنده للإمام أحمد –رحمه الله- وأطلق ابن عبد الوهاب رواية الإمام أحمد –رحمه الله- للحديث؛ فوقفت بعد توفيق الله تعالى وطلب من أحد الإخوان جزاه الله خيرًا استفصالا عن درجة الحديث، عن كلام للإمام محدِّث العصر الألبانيِّ –رحمه الله- عن درجة الحديث وعن الفائدة الَّتي فرحت لها وطربت، فتضاعف فرحي بوقوفي على كلام الألباني –رحمه الله- وأحببت أن أشارك إخواني بتخريج العلامة الألباني –رحمه الله- للحديث، وكلامه عن الفائدة، إذ العلماء وطلبة العلم لهم عنايةٌ خاصَّة وشغفٌ بهذا الكتاب النَّفيس ممَّا يحسِّن الوقوف على كلام الألباني –رحمه الله- واستشكاله، وختمه بما يزول به الإشكال من كلام العلامة الشنقيطي –رحمه الله-.

أورد العلَّامة الألبانيُّ –رحمه الله- الحديث في «سلسلة الأحاديث الضَّعيفة» برقم (5829) فقال:
«(دخل رجل الجنة في ذباب، ودخل النار رجل في ذباب. قالوا: وكيف ذلك؛ قال: مر رجلان [مسلمان] [ممن كان قبلكم] على قوم لهم صنم (وفي رواية: يعكفون على صنم لهم) لا يجوزه أحد حتى يقرب له شيئا، فقالوا لأحدهما: قرب [شيئا] ، قال: ليس عندي شيء. فقالوا له: قرب ولو ذبابا. فقرب ذبابا. فخلوا سبيله. قال: فدخل النار. وقالوا للآخر: قرب ولو ذبابا. قال: ما كنت لأقرب لأحد شيئا دون الله عز وجل. قال فضربوا عنقه، قال: فدخل الجنة).
موقوف. أخرجه أحمد في " الزهد " (ص 15 - 16) : حدثنا أبو معاوية: حدثنا الأعمش عن سليمان بن ميسرة عن طارق بن شهاب عن سلمان قال:. . . فذكره موقوفا عليه. وقال ابنه عبد الله في كتاب " العلل " (1 / 240) لأبيه:
"سمعته يقول في حديث أبي معاوية عن الأعمش عن سليمان بن ميسرة عن طارق بن شهاب عن سلمان قال: " دخل رجل الجنة في ذباب. . . "؛ قال الأعمش: " ذباب "؛ يعني: أن سلمان كان في لسانه عجمة ".
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير سليمان بن ميسرة؛ قال ابن معين:
" ثقة " كما في " الجرح والتعديل " (2 / 1 / 143 - 144) ، وذكره ابن حبان في " الثقات " (4 / 310) وقال: "يروي عن طارق بن شهاب الأحمسي، وله صحبة، وعنه الأعمش"؛ وروى عنه حبيب بن أبي ثابت أيضا، ووثقه آخرون. انظر " التعجيل " (ص 168 / 423) ، فالإسناد صحيح.
وقد تابع أبا معاوية: جرير - وهو ابن عبد الحميد الضبي -: عند أبي نعيم في" الحلية " (1 / 203) ؛ قرنه بأبي معاوية، وقال عقبه:
"رواه شعبة عن قيس بن مسلم عن طارق مثله. ورواه جرير عن منصور عن المنهال بن عمرو عن حبان بن مرثد عن سلمان نحوه ".
والزيادة الثانية لأبي نعيم.
وللأعمش فيه شيخ آخر؛ فقال ابن الأعرابي في " معجمه " (ق 177 / 1) : نا عباس: نا محاضر بن المورع: نا الأعمش عن الحارث بن شبيل عن طارق بن شهاب قال: قال سلمان:. . . فذكره موقوفا أيضا. وفيه الزيادة الأولى.
قلت: وهذا إسناد صحيح أيضا. رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير عباس – وهو ابن محمد الدوري -، وهو ثقة حافظ.
وقد توبع هذان الشيخان من قيس بن مسلم؛ كما تقدم عن أبي نعيم معلقا.
وتابعهم أيضا مخارق بن خليفة؛ فقال ابن أبي شيبة في " مصنفه " (12 / 358) : حدثنا وكيع قال: ثنا سفيان عن مخارق بن خليفة عن طارق بن شهاب عن سلمان قال:. . . فذكره موقوفا أيضا.
وهذا صحيح أيضا. رجاله رجال الشيخين؛ غير مخارق هذا، وهو ثقة من رجال البخاري. وفيه الزيادة الثالثة، والرواية الثانية. وهذه عند ابن الأعرابي أيضا.
وبالجملة؛ فالحديث صحيح موقوفا على سلمان الفارسي رضي الله عنه؛ إلا أنه يظهر لي أنه من الإسرائيليات التي كان تلقاها عن أسياده حينما كان نصرانيا.
ولقد كان الداعي إلى تخريجه هنا وبيان كونه موقوفا: أنه كثر السؤال عنه في كثير من البلاد الإسلامية، وشاع تداوله؛ وذلك لأنه ذكره الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى في كتابه النافع " التوحيد " مرفوعا معزوا لأحمد! فقال:
" وعن طارق بن شهاب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال. . . (فذكره) . رواه أحمد ".
وقال شارحه الشيخ سليمان: حفيد محمد بن عبد الوهاب رحمهما الله تبارك وتعالى في " التيسير " (ص 160) :
" هذا الحديث ذكره المصنف معزوا لأحمد، وأظنه تبع ابن القيم في عزوه لأحمد؛ قال ابن القيم: قال الإمام أحمد: حدثنا أبو معاوية. . . عن طارق بن شهاب يرفعه. . . وقد طالعت " المسند " فما رأيته فيه، فلعل الإمام رواه في " كتاب الزهد " أو غيره ".
قلت: وفي هذا العزو أمور:
أولا: قوله: " يرفعه " خطأ واضح كما يتبين من تخريجنا هذا.
ثانيا: إطلاق العزو لأحمد فيه نظر! لأنه يوهم بإطلاقه أنه في " مسنده "،
وليس فيه كما قال الشيخ سليمان رحمه الله تعالى، ولو كان فيه؛ لأورده الهيثمي في " مجمع الزوائد "، وليس فيه أيصآ، وإنما هو في " الزهد " له كما تقدم. ثالثا: لم يتعد في إسناده طارق بن شهاب، فأوهم أنه من مسنده! وإنما هو من روايته عن سلمان موقوفا؛ كما رأيت عند مخرجيه ومن جميع طرقه.
هذا؛ وإني لأستنكر من هذا الحديث: دخول الرجل النار في ذباب؛ لأن ظاهر سياقه أنه إنما فعل ذلك خوفا من القتل الذي وقع لصاحبه، كما أنني استنكرت قول الإمام محمد بن عبد الوهاب في المسألة: " الحادية عشر: أن الذي دخل النار مسلم؛ لأنه لو كان كافرا؛ لم يقل: " دخل النار في ذباب " "!
فأقول: وجه الاستنكار أن هذا الرجل لا يخلو حاله من أمرين:
الأول: أنه لما قدم الذباب للصنم، إنما قدمه عبادة له وتعظيما، فهو في هذه الحالة لا يكون مسلما؛ بل هو مشرك، وهو ظاهر كلام الشارح الشيخ سليمان رحمه الله (ص 161) :
" في هذا بيان عظمة الشرك ولو في شيء قليل وأنه يوجب النار، ألا ترى إلى هذا لما قرب لهذا الصنم أرذل الحيوان وأخسه وهو الذباب كان جزاؤه النار؛ لإشراكه في عبادة الله " إذ الذبح على سبيل القربة والتعظيم عبادة، وهذا مطابق لقوله تعالى: (إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار) ".
والآخر: أنه فعل ذلك خوفا من القتل كما تقدم مني، وهو في هذه الحالة لا تجب له النار، فالحكم عليه بأنه مسلم دخل النار في ذباب يأباه قوله تعالى: (من كفر بالله بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان. . .) الآية، وقد نزلت في عمار بن ياسر حين عذبه المشركون حتى يكفر به صلى الله عليه وسلم، فوافقهم على ذلك مكرها، وجاء معتذرا إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ كما في " تفسير ابن كثير " وغيره، وأخرجها في " الدر " (4 / 132) من طرق.
فإن قيل: إنما أراد الإمام أنه كان مسلما ثم كفر بتقديمه الذباب كما تقدم في الأمر الأول؛ وحينئذ يرد عليه ما ذكرته في الأمر الآخر، وقصة عمار. ويشبهها ما روى ابن أبي شيبة (12 / 357 - 358) بسند صحيح عن الحسن - وهو البصري -: أن عيونا لمسيلمة أخذوا رجلين من المسلمين فأتوه بهما، فقال لأحدهما: أتشهد أن محمدا رسول الله؛ قال: نعم. فقال: أتشهد أن محمدا رسول الله؛ قال: نعم. قال: أتشهد أني رسول الله؛ قال: فأهوى إلى أذنيه فقال: إني أصم! قال: ما لك إذا قلت لك: تشهد أني رسول الله قلت: إني أصم؟ ! فأمر به فقتل. وقال للآخر: أتشهد أن محمدا رسول الله؛ قال: نعم. فقال: أتشهد أني رسول الله؛ قال: نعم. فأرسله. فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! هلكت. قال:
" وما شأنك "؛ فأخبروه بقصته وقصة صاحبه، فقال:" أما صاحبك؛ فمضى على إيمانه، وأما أنت؛ فأخذت بالرخصة ".
قلت: وهذه قصة جيدة، لولا أنها من مراسيل الحسن البصري؛ لكن الآية السابقة وسبب نزولها يشهدان لصحتها. والله أعلم. وقد روى الشطر الأول منها ابن إسحاق في " السيرة " (2 / 74 - 75) بسند حسن عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة مرسلا أيضا، وسمى صاحبها حبيب بن زيد؛ أي: ابن عاصم الأنصاري المازني شهد العقبة، وقد ذكرها ابن كثير في تفسير الآية، وابن حجر في ترجمة حبيب من " الإصابة " جازمين بها. والله سبحانه وتعالى أعلم» اهـ.

ويزول الإشكال المتعلِّق بمؤاخذته مع الإكراه بما ذكره العلَّامة الشنقيطيُّ –رحمه الله- في "مذكرته"(286) أنَّ الأمم السَّابقة مؤاخذةٌ بالإكراه لقوله تعالى عن أصحاب الكهف: ï´؟إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهمï´¾ فهذا صريح في الإكراه، مع أنَّهم قالوا: ï´؟ولن تفلحوا إذا أبداï´¾ فدلَّ على عدم عذرهم به.

فيتلخَّص من الأقوال الَّتي نقلت أنَّ الحديث موقوف على سلمان رضي الله عنه فإن كان من الإسرائيليات فهي لا تصدَّق ولا تكذَّب وإلَّا فلا إشكال على ما ذكره الشنقيطي –رحمه الله- من أنَّ الأمم السَّابقة مؤاخذة بالإكراه بخلاف أمَّتنا والله تعالى أعلم.
جزى خيرًا من كان سببًا في الوقوف على هذه الفوائد والدُّرر بالإحالة أو الإشارة؛ رزقنا الله علما نافعا ووفقنا للعمل الصَّالح.


جمع وترتيب
فتحي إدريس
30/ربيع الثاني/1436


التعديل الأخير تم بواسطة فتحي إدريس ; 22 Feb 2015 الساعة 02:17 AM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 20 Feb 2015, 08:41 PM
أبو سهيل محمد القبي أبو سهيل محمد القبي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2014
المشاركات: 207
افتراضي

لِيَهْنِكَ طلبُ الْعِلْم أخي فتحي ...
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 20 Feb 2015, 09:08 PM
فتحي إدريس
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

حفظك الله أخي الفاضل أبا سهيل؛ وبارك فيك على مرورك الخفيف الظَّريف؛ بلغنا الله في العلم أعلى المراتب وفقنا لصالح العمل.
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 21 Feb 2015, 10:07 PM
عبد المالك البودواوي عبد المالك البودواوي غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Sep 2013
المشاركات: 123
افتراضي

بارك الله فيك
بخصوص دخول رجل النار في ذباب في أحد الشروحات قيل أنه كان مسلم وأكره على تقديم الذباب ولكن حين قدمه اطمئن قلبه ورضي وبالتالي كفر
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 22 Feb 2015, 02:20 AM
فتحي إدريس
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

وفيك أخي عبد الملك، وجزيت خيرًا على الإضافة.
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 22 Feb 2015, 12:51 PM
أبو عبد الله ياسين بن محمد الساوري أبو عبد الله ياسين بن محمد الساوري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2012
المشاركات: 33
افتراضي

بارك الله فيك أخي على هذه الفائدة النفيسة
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 22 Feb 2015, 01:07 PM
سليم حموني سليم حموني غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2014
المشاركات: 67
افتراضي

بوركت على حسن الإفادة.
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 24 Feb 2015, 02:19 AM
فتحي إدريس
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

وفيكما يبارك الله: أبا عبد الله وسليما؛ جزاكم الله خيرًا على مروركم العطر.
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 24 Feb 2015, 11:15 AM
يوسف صفصاف يوسف صفصاف غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2012
الدولة: اسطاوالي الجزائر العاصمة
المشاركات: 1,199
إرسال رسالة عبر MSN إلى يوسف صفصاف إرسال رسالة عبر Skype إلى يوسف صفصاف
افتراضي

بارك الله فيك أخي الحبيب فتحي.
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013