منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 12 Apr 2022, 07:05 PM
أم وحيد أم وحيد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2018
المشاركات: 365
افتراضي فَوائِدُ تَدَبُّرِ القُرْآنِ وتَأمُّلِ مَعانِيهِ.







﴿كِتَـٰبٌ أَنزَلۡنَـٰهُ إِلَیۡكَ مُبَـٰرَكࣱ لِّیَدَّبَّرُوۤا۟ ءَایَـٰتِهِۦ وَلِیَتَذَكَّرَ أُو۟لُوا۟ ٱلۡأَلۡبَـٰبِ[ص ٢٩]



فَوائِدُ تَدَبُّرِ القُرْآنِ وتَأمُّلِ مَعانِيهِ


لابن القيم الجوزية رحمه الله


وَأمّا التَّأمُّلُ في القُرْآنِ فَهو تَحْدِيقُ ناظِرِ القَلْبِ إلى مَعانِيهِ، وجَمْعُ الفِكْرِ عَلى تَدَبُّرِهِ وتَعَقُّلِهِ، وهو المَقْصُودُ بِـإنْزالِهِ، لا مُجَرَّدُ تِلاوَتِهِ بِلا فَهْمٍ ولا تَدَبُّرٍ، قالَ اللَّهُ تَعالى ﴿كِتابٌ أنْزَلْناهُ إلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ ولِيَتَذَكَّرَ أُولُو الألْبابِ﴾ [ص: ٢٩] وَقالَ تَعالى ﴿أفَلا يَتَدَبَّرُونَ القُرْآنَ أمْ عَلى قُلُوبٍ أقْفالُها﴾ [محمد: ٢٤] وَقالَ تَعالى ﴿أفَلَمْ يَدَّبَّرُوا القَوْلَ﴾ [المؤمنون: ٦٨] وَقالَ تَعالى ﴿إنّا جَعَلْناهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكم تَعْقِلُونَ﴾ [الزخرف: ٣]

وَقالَ الحَسَنُ: نَزَلَ القُرْآنُ لِيُتَدَبَّرَ ويُعْمَلَ بِهِ. فاتَّخِذُوا تِلاوَتَهُ عَمَلًا.

فَلَيْسَ شَيْءٌ أنْفَعَ لِلْعَبْدِ في مَعاشِهِ ومَعادِهِ، وأقْرَبَ إلى نَجاتِهِ مِن تَدَبُّرِ القُرْآنِ، وإطالَةِ التَّأمُّلِ فِيهِ، وجَمْعِ الفِكْرِ عَلى مَعانِي آياتِهِ، فَإنَّها تُطْلِعُ العَبْدَ عَلى مَعالِمِ الخَيْرِ والشَّرِّ بِـحَذافِيرِهِما، وعَلى طُرُقاتِهِما وأسْبابِهِما وغاياتِهِما وثَمَراتِهِما، ومَآلِ أهْلِهِما، وتَتُلُّ في يَدِهِ مَفاتِيحَ كُنُوزِ السَّعادَةِ والعُلُومِ النّافِعَةِ، وتُثَبِّتُ قَواعِدَ الإيمانِ في قَلْبِهِ، وتُشَيِّدُ بُنْيانَهُ وتُوَطِّدُ أرْكانَهُ، وتُرِيهِ صُورَةَ الدُّنْيا والآخِرَةِ والجَنَّةِ والنّارِ في قَلْبِهِ، وتُحْضِرُهُ بَيْنَ الأُمَمِ، وتُرِيهِ أيّامَ اللَّهِ فِيهِمْ، وتُبَصِّرُهُ مَواقِعَ العِبَرِ، وتُشْهِدُهُ عَدْلَ اللَّهِ وفَضْلَهُ، وتُعَرِّفُهُ ذاتَهُ، وأسْماءَهُ وصِفاتِهِ وأفْعالَهُ، و مَا يُحِبُّهُ ومَا يُبْغِضُهُ، وصِراطَهُ المُوصِلَ إلَيْهِ، وما لِسالِكِيهِ بَعْدَ الوُصُولِ والقُدُومِ عَلَيْهِ، وقَواطِعَ الطَّرِيقِ وآفاتِها، وتُعَرِّفُهُ النَّفْسَ وصِفاتِها، ومُفْسِداتِ الأعْمالِ ومُصَحِّحاتِها وتُعَرِّفُهُ طَرِيقَ أهْلِ الجَنَّةِ وأهْلِ النّارِ وأعْمالَهُمْ، وأحْوالَهم وسِيماهُمْ، ومَراتِبَ أهْلِ السَّعادَةِ وأهْلِ الشَّقاوَةِ، وأقْسامَ الخَلْقِ واجْتِماعَهم فِيما يَجْتَمِعُونَ فِيهِ، وافْتِراقَهم فِيما يَفْتَرِقُونَ فِيهِ.

وَبِالجُمْلَةِ تُعَرِّفُهُ الرَّبَّ المَدْعُوَّ إلَيْهِ، وطَرِيقَ الوُصُولِ إلَيْهِ، وما لَهُ مِنَ الكَرامَةِ إذا قَدِمَ عَلَيْهِ.

وَتُعَرِّفُهُ في مُقابِلِ ذَلِكَ ثَلاثَةً أُخْرى: ما يَدْعُو إلَيْهِ الشَّيْطانُ، والطَّرِيقَ المُوصِلَةَ إلَيْهِ، وما لِلْمُسْتَجِيبِ لِدَعْوَتِهِ مِنَ الإهانَةِ والعَذابِ بَعْدَ الوُصُولِ إلَيْهِ.

فَهَذِهِ سِتَّةُ أُمُورٍ ضَرُورِيٌّ لِلْعَبْدِ مَعْرِفَتُها، ومُشاهَدَتُها ومُطالَعَتُها، فَتُشْهِدُهُ الآخِرَةَ حَتّى كَأنَّهُ فِيها، وتَغَيِّبُهُ عَنِ الدُّنْيا حَتّى كَأنَّهُ لَيْسَ فِيها، وتُمَيِّزُ لَهُ بَيْنَ الحَقِّ والباطِلِ في كُلِّ ما اخْتَلَفَ فِيهِ العالَمُ. فَتُرِيهِ الحَقَّ حَقًّا، والباطِلَ باطِلًا، وتُعْطِيهِ فُرْقانًا ونُورًا يُفَرِّقُ بِهِ بَيْنَ الهُدى والضَّلالِ، والغَيِّ والرَّشادِ، وتُعْطِيهِ قُوَّةً في قَلْبِهِ، وحَياةً، وسَعَةً وانْشِراحًا وبَهْجَةً وسُرُورًا، فَيَصِيرُ في شَأْنٍ والنّاسُ في شَأْنٍ آخَرَ.

فَإنَّ مَعانِيَ القُرْآنِ دائِرَةٌ عَلى التَّوْحِيدِ وبَراهِينِهِ، والعِلْمِ بِاللَّهِ وما لَهُ مِن أوْصافِ الكَمالِ، وما يُنَزَّهُ عَنْهُ مِن سِماتِ النَّقْصِ، وعَلى الإيمانِ بِالرُّسُلِ، وذِكْرِ بَراهِينِ صِدْقِهِمْ، وأدِلَّةِ صِحَّةِ نُبُوَّتِهِمْ، والتَّعْرِيفِ بِـحُقُوقِهِمْ، وحُقُوقِ مُرْسِلِهِمْ، وعَلى الإيمانِ بِمَلائِكَتِهِ، وهم رُسُلُهُ في خَلْقِهِ وأمْرِهِ، وتَدْبِيرِهِمُ الأُمُورَ بِإذْنِهِ ومَشِيئَتِهِ، وما جُعِلُوا عَلَيْهِ مِن أمْرِ العالَمِ العُلْوِيِّ والسُّفْلِيِّ، وما يَخْتَصُّ بِالنَّوْعِ الإنْسانِيِّ مِنهُمْ، مِن حِينِ يَسْتَقِرُّ في رَحِمِ أُمِّهِ إلى يَوْمِ يُوافِي رَبَّهُ ويَقْدَمُ عَلَيْهِ، وعَلى الإيمانِ بِاليَوْمِ الآخِرِ وما أعَدَّ اللَّهُ فِيهِ لِأوْلِيائِهِ مِن دارِ النَّعِيمِ المُطْلَقِ الَّتِي لا يَشْعُرُونَ فِيها بِألَمٍ ولا نَكَدٍ وتَنْغِيصٍ، وما أعَدَّ لِأعْدائِهِ مِن دارِ العِقابِ الوَبِيلِ الَّتِي لا يُخالِطُها سُرُورٌ ولا رَخاءٌ ولا راحَةٌ ولا فَرَحٌ.

وَتَفاصِيلِ ذَلِكَ أتَمَّ تَفْصِيلٍ وأبْيَنَهُ، وعَلى تَفاصِيلِ الأمْرِ والنَّهْيِ، والشَّرْعِ والقَدَرِ، والحَلالِ والحَرامِ، والمَواعِظِ والعِبَرِ، والقَصَصِ والأمْثالِ، والأسْبابِ والحِكَمِ، والمَبادِئِ والغاياتِ في خَلْقِهِ وأمْرِهِ.

فَلا تَزالُ مَعانِيهِ تُنْهِضُ العَبْدَ إلى رَبِّهِ بِالوَعْدِ الجَمِيلِ، وتُحَذِّرُهُ وتُخَوِّفُهُ بِوَعِيدِهِ مِنَ العَذابِ الوَبِيلِ، وتَحُثُّهُ عَلى التَّضَمُّرِ والتَّخَفُّفِ لِلِقاءِ اليَوْمِ الثَّقِيلِ، وتَهْدِيهِ في ظُلَمِ الآراءِ والمَذاهِبِ إلى سَواءِ السَّبِيلِ، وتَصُدُّهُ عَنِ اقْتِحامِ طُرُقِ البِدَعِ والأضالِيلِ وتَبْعَثُهُ عَلى الِازْدِيادِ مِنَ النِّعَمِ بِشُكْرِ رَبِّهِ الجَلِيلِ، وتُبَصِّرُهُ بِـحُدُودِ الحَلالِ والحَرامِ، وتُوقِفُهُ عَلَيْها لِئَلّا يَتَعَدّاها فَيَقَعَ في العَناءِ الطَّوِيلِ، وتُثَبِّتُ قَلْبَهُ عَنِ الزَّيْغِ والمَيْلِ عَنِ الحَقِّ والتَّحْوِيلِ، وتُسَهِّلُ عَلَيْهِ الأُمُورَ الصِّعابَ والعَقَباتِ الشّاقَّةَ غايَةَ التَّسْهِيلِ، وتُنادِيهِ كُلَّما فَتَرَتْ عَزَماتُهُ ووَنى في سَيْرِهِ تَقَدَّمَ الرَّكْبُ وفاتَكَ الدَّلِيلُ، فاللِّحاقَ اللِّحاقَ، والرَّحِيلَ الرَّحِيلَ، وتَحْدُو بِهِ وتَسِيرُ أمامَهُ سَيْرَ الدَّلِيلِ، وكُلَّما خَرَجَ عَلَيْهِ كَمِينٌ مِن كَمائِنِ العَدُوِّ، أوْ قاطِعٌ مِن قُطّاعِ الطَّرِيقِ نادَتْهُ: الحَذَرَ الحَذَرَ! فاعْتَصِمْ بِاللَّهِ، واسْتَعِنْ بِهِ، وقُلْ: حَسْبِيَ اللَّهُ ونِعْمَ الوَكِيلُ.

وَفِي تَأمُّلِ القُرْآنِ وتَدَبُّرِهِ، وتَفَهُّمِهِ، أضْعافُ أضْعافِ ما ذَكَرْنا مِنَ الحِكَمِ والفَوائِدِ.

وَبِالجُمْلَةِ فَهو أعْظَمُ الكُنُوزِ، طَلْسَمُهُ الغَوْصُ بِالفِكْرِ إلى قَرارِ مَعانِيهِ.

نَزِّهْ فُؤادَكَ عَنْ سِوى رَوْضاتِهِ ∗∗∗ فَرِياضُهُ حِلٌّ لِكُلِّ مُنَزَّهِ

والفَهْمُ طَلْسَمٌ لِكَنْزِ عُلُومِهِ ∗∗∗ فاقْصِدْ إلى الطَّلْسَمِ تَحْظَ بِكَنْزِهِ

لا تَخْشَ مِن بِدَعٍ لَهم وحَوادِثِ ∗∗∗ ما دُمْتَ في كَنَفِ الكِتابِ وحِرْزِهِ

مَن كانَ حارِسَهُ الكِتابُ ودِرْعَهُ ∗∗∗ لَمْ يَخْشَ مِن طَعْنِ العَدُوِّ ووَخْزِهِ

لا تَخْشَ مِن شُبُهاتِهِمْ واحْمِلْ إذا ∗∗∗ ما قابَلَتْكَ بِنَصْرِهِ وبِعِزِّهِ

واللَّهِ ما هابَ امْرُؤٌ شُبُهاتِهِمْ ∗∗∗ إلّا لِضَعْفِ القَلْبِ مِنهُ وعَجْزِهِ

يا ويْحَ تَيْسٍ ظالِعٍ يَبْغِي مُسا ∗∗∗ بَقَةَ الهِزَبْرِ بِعَدْوِهِ وبِجَمْزِهِ

وَدُخانِ زِبْلٍ يَرْتَقِي لِلشَّمْسِ يَسْ ∗∗∗ تُرُ عَيْنَها لَمّا سَرى في أزِّهِ

وَجَبانِ قَلْبٍ أعْزَلٍ قَدْ رامَ يَأْسِ ∗∗∗ رُ فارِسًا شاكِي السِّلاحِ بِهَزِّهِ










الصور المصغرة للصور المرفقة
اضغط على الصورة لعرض أكبر

الاســـم:	أغناه عن السماع الشيطاني.png‏
المشاهدات:	488
الحجـــم:	611.9 كيلوبايت
الرقم:	8476   اضغط على الصورة لعرض أكبر

الاســـم:	هذا الكتاب أي القرآن.png‏
المشاهدات:	539
الحجـــم:	688.6 كيلوبايت
الرقم:	8471   اضغط على الصورة لعرض أكبر

الاســـم:	من أصغى إلى كلام الله.jpg‏
المشاهدات:	503
الحجـــم:	61.5 كيلوبايت
الرقم:	8472   اضغط على الصورة لعرض أكبر

الاســـم:	تلاوة القرآن بالتدبر.jpg‏
المشاهدات:	505
الحجـــم:	62.4 كيلوبايت
الرقم:	8473   اضغط على الصورة لعرض أكبر

الاســـم:	أنفع شيء للعبد.png‏
المشاهدات:	513
الحجـــم:	502.5 كيلوبايت
الرقم:	8475  
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013