أحسن الله إليك أخي مراد وجزاك خيرا على تلك المشاعر الطيبة والعاطفة الصادقة التي بثثتها في قصيدتك التي نشرتها بعنوان "إلى كل أحبتي من أهل هذا المنتدى المبارك"، وأنا بدوري يسرني أن أهدي لك ولسائر إخواننا هذه الفتوى* القيمة من العلامة الجِهبَذ، الشيخ الإمام ربيع بن هادي حفظه الله تعالى وأيده، حيث كان قد سئل عن الشعر بقصد خدمة الإسلام والسنة؛ فأجاب بما يلي جزاه الله عنا وعن المسلمين خيرا.
السؤال:
إذا انبرى الشاعر في شعره إلى الرد على أهل البدع والأهواء، ونقل كلام العلماء المعتبرين في مجانبة أهل البدع والتحذير منهم، فهل يعد هذا أمرًا محمودًا يُشجع عليه أم لا؟
الجواب:
نعم، هذا أمر محمود، ألم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم يحث شعراءه، ومنهم حسان رضي الله عنهى على نقد أهل الكفر، تجريحهم، وسل سيوف النقد عليهم"أهج المشركين؛ فإن روح القدس معك"1 وحديث "فوالذي نفسي بيده لكلامه أشد عليهم من وقع النبل2. وقال "أهج قريشا"، وكان أبو بكر عالما بأنساب العرب وبأنساب قريش فخذ منه فأخذ منه أنساب قريش حتى يسل رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تُسلّ الشعرة من العجين، وينصب الهجاء على أبي سفيان بن الحارث ابن عم رسول الله عليه الصلاة والسلام، ثم أسلم أبو سفيان رضي الله عنه3.
فحث على هجوهم، فالشعر يخدم الإسلام ((والشعراء يتبعهم الغاوون● ألم تر أنهم في كل واد يهيمون● وأنهم يقولون ما لا يفعلون● إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون)) ]الشعراء 224-227[.
كان الشعر من الوسائل القوية التي توظف في نصرة الحق وإعلاء كلمة الله. والرسول عليه الصلاة والسلام استخدم هذا السلاح فإذا كان الشاعر موحدا سلفيا يذب عن السنة وعن المنهج السلفي فجزاه الله خيرا، شريطة أن يصلح، وقصده نصرة الإسلام، وقصده نصر دين الله، وليس له قصد آخر.
...................
* المصدر: "المنتقى من فتاوى فضيلة الشيخ العلامة ربيع بن هادي عمير المدخلي"، ج1، ص 285-286، طبعة دار الإمام أحمد.
1. أخرجه البخاري في الصلاة، حديث (453)، وبدء الخلق، حديث (3212)، وفي الأدب، حديث (6153)، ومسلم في فضائل الصحابة (2485)، (2486)، وأحمد (4/298)، وأبو داود في الأدب، حديث (5015)، كلهم من حديث أبي هريرة والبراء بن عازب وعائشة رضي الله عنهم.
2. أخرجه النسائي، حديث (2993).
3. أخرجه البخاري في المناقب (3338)، وفي المغازي (3914)، ومسلم في فضائل الصحابة (2489) و(2490)، وكلاهما من حديث عائشة رضي الله عنها.