عليك باعتقاد أهل السنة وبمنهاج النبوة ، عليك بالقص عليك بآثار من سلف ، فإن النجاة فيه ، وإن الهلاك في مخالفته والحيود عنه
احذر ... فإنك إن حدت عنه ترديت من هوة النار وبئس القرار. فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلـم لما سئل عن الفرقة الناجية ، قال : من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي. صلى الله عليه وسلـم ورضي الله تعالى عنهم.
وصفها نبينا صلى الله عليه وآله وسلـم بالفرقة الناجية وبالطائفة المنصورة ، لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله.
قال صلى الله عليه وآله وسلـم : ستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ، وهي من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي.
أهل السنة والجماعة ...
والسنة : الطريقة التي كان عليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلـم وكان عليها أصحابه قبل ظهور البدع والمقالات .
وأما الجماعة : ففي الأصل القوم المجتمعون ، والمراد بهم هنا : سلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين الذين اجتمعوا على الحق الصريح من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلـم
أهل السنة : الذين اعتقدوها باطنا ونطقوا بها لفظا ظاهرا ، وعملوا بها عملا محققا ، ودعوا إليها وثبتوا عليها
والجماعة : هم المجتمعون على ذلك ، فهم أهل السنة والجماعة ، ومن عداهم أهل الأهواء والبدع ... أسأل الله أن يعيذنا منهم أجمعين
قال العلامة الحافظ بن أحمد الحكمي ، أخبرنا الصادق المصدوق صلى الله عليه وآله وسلـم أن الفرق الناجية هم من كان على مثل ما كان عليه هو وأصحابه ، وليس أحد من هؤلاء المخالفين الخالفين المتخلفين كذلك. بل إنهم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل
وذلك لأنه لا يُعرف ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلـم وأصحابه إلا من طريق سننه المروية وآثاره المصطفوية التي هي الشريعة الغراء والمحجة البيضاء ... وهؤلاء من أبعد الناس عنها وأنفرهم منها ، وإنما تصلح هذه الصفة لحملتها وحفاظها ونقادها المنقادين لها المتمسكين بها الذابين عنها ، يقفون عندها ويسيرون بسيرها ، لا ينحرفون عنها يمينا ولا شمالا ، ولا يقدمون عليها لأحد مقالا ، ولا يبالون من خالفهم ولا من خذلهم ، ولا يضرهم ذلك حتى يأتي أمر الله ، قال : أعني بذلك أئمة الحديث وجهابذة السنة وجيش دولتها المرابطين على ثغورها ، الحافظين حدودها الحامين حوذتها ، وفقهم الله عزوجل للاستضاءة بنورها والاهتداء بهديها القويم ، وهداهم لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه ، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ، فآمنوا بما أخبر الله به من كتابه وأخبر به عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلـم في سنته ، وتلقوه بالقبول والتسليم إثباتا بلا تكييف ولا تمثيل وتنزيها بلا تحريف ولا تعطيل ، فهم الوسط في فرق هذه الأمة ، كما أن هذه الأمة هي الوسط في الأمم .. وهم وسط في باب صفات الله تعالى بين أهل التعطيل ـ الجهمية ـ وأهل التمثيل ـ المشبهة.
وهم وسط في باب أفعال الله تعالى بين الجبرية والقدرية
وفي باب وعيد الله تعالى بين المرجئة والوعيدية من القدرية وغيرهم
وفي باب الإيمان والدين بين الحرورية والمعتزلة ، وبين المرجئة والجهمية
وفي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلـم بين الرافضة والخوارج
فهم والله أهل السنة والجماعة ، وهم الطائفة المنصورة إلى قيام الساعة ، الذين لم تزل قلوبهم على الحق متفقة مؤتلفة ، وأقوالهم وأعمالهم وعقائدهم على الوحي لا مفترقة ولا مختلفة .. فانتدبوا لنصرة الدين دعوة وجهادا وقاموا أعداءهم جماعة وفرادى .. ولم يخشوا في الله لومة لائم ولم يبالوا بعداوة من عادى ... فقهروا البدع المُضلة ، وشردوا بأهلها واجتثوا شجرة الالحاد بمعاول السنة من أصلها
يا خيبة من لم يكن منهم ، ولم يحذ حذوهم ، ولم يتمسك بحبلهم ولم يقف أثرهم .
مفرغ من خطبة نعود بالله من الفتن