تخريج حديث : (( من أعان على قتل مؤمن بشطر كلمة ... )) .
الحمد لله و حده ، و الصّلاة ، و السّلام ، على من لا نبيّ بعده .
أمّا بعد :
فهذا تخريج لحديث :
(( من أعان على قتل مؤمن بشطر كلمة ؛ لقيَ الله – عزّ و جلّ – مكتوب بين عينيه : آيس من رحمة الله )) .
و قد رُوي عن جماعة من الصّحابة على اختلاف بين ألفاظهم ، و فيه عن :
أبي هريرة ، و عمر بن الخطّاب ، و ابن عمر ، و ابن عبّاس ، و أبي سعيد – رضي الله تعالى عنهم جميعا – .
أمّا حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – :
فرواه ابن ماجه في ( سننه ) ( 2 / 874 ) برقم : ( 2620 ) ، و أبو يعلى الموصلي في ( مسنده ) ( 10 / 306 ) برقم : ( 5900 ) ، و ابن أبي عاصم في ( الدّيات ) ( ص : 74 ) برقم : ( 9 ) ، و العقيلي في ( الضعفاء ) (4/1495) برقم : ( 1998) ، و البيهقي في ( الكبري ) ( 8 / 41 ) برقم : ( 15865 و 15866 ) ، و ابن عساكر في ( تاريخ دمشق ) (65 / 193 ) برقم : ( 13224 و 13225 ) ، و ابن عدي في ( الكامل ) ( 9 / 134 ) ، و من طريقه ابن الجوزي في ( الموضوعات ) برقم : (1551 )
من طرق ؛ جميعهم :
عن مروان بن معاوية عن يزيد بن زياد عن الزّهريّ عن سعيد بن المسيّب عن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم – به .
و هذا سند ضعيف جدّا لأجل يزيد .
فمروان بن معاوية هو ابن الحارث الفزاري ؛ كما في ( تهذيب التّهذيب ) ( 4 / 52 و 53 ) لابن حجر – رحمه الله – قال عنه : وثّقه أحمد و ابن معين و النّسائي و الدّارمي و ابن سعد و ابن حبّان ، و قال ابن المديني ثقة فيما يرويه عن الثّقات ؛ ضعيف فيما يرويه عن المجهولين ، وقال ابن معين : ما رأيت أحْيل للتّدليس منه ، و قال عنه الذّهبي : كان عالما يروي عمن دبّ ودرج .
و يزيد بن زياد الشّامي و يقال عنه أبو زياد الشّامي ، و يسمّى كذلك يزيد بن أبي زياد القرشي الدّمشقي ، و هو غير يزيد بن أبي زياد القرشي الهاشمي .
قال ابن الجوزي في ( الضّعفاء والمتروكين ) ( 4 / 209 ) : اسم أبيه ميسرة .
وقال ابن عساكر في ( تاريخ دمشق ) (65 / 193 ) : وفرّق الخطيب بينه وبين الذي يروي عن سليمان بن حبيب ، و روى عنه يحي بن صالح ، و عندي أنّهما واحد .
قال عن حديثه ابن المبارك : ارم به .
و قال عنه ابن نمير كما في ( تهذيب التّهذيب ) ( 4 / 413 ) لابن حجر – رحمه الله – : ليس بشيئ .
و قال عنه أبو حاتم : منكر الحديث .
و قال مرّة : ذاهب الحديث .
و قال كذلك : ضعيف الحديث ، كأنّ حديثه موضوع ، ( الجرح والتّعديل ) ( 9 / 262 ) ( 1109 ) .
و قالا فيه البخاري و ابن أبي عاصم : منكر الحديث .
و قال عنه التّرمذي : ضعيف في الحديث .
و قال النّسائيّ في ( الضعفاء و المتروكين ) ( ص : 251 ) : متروك الحديث .
و أعلّ العقيلي في ( الضعفاء ) (4/1495) حديثه هذا به و قال : ولا يتابعه إلاّ من هو مثله .
و قال ابن عدي في ( الكامل ) (9 / 134 ) عن حديثه هذا : ليس بمحفوظ ، وكلّ رواياته ممّا لا يتابع عليه في مقدار ما يرويه .
و عدّ الذّهبي في ( الميزان ) ( 7 / 243 ) هذا الحديث من مناكيره فقال عند ترجمته : سئل أبو حاتم عن هذا الحديث فقال : باطل موضوع ، و قال عنه في ( الترتيب ) (ص : 65 ) و ( التّلخيص ) ( ص : 288 ) : متروك .
و قال البوصيري في ( الزّوائد ) عن حديثه هذا : و فيه يزيد بن أبي زياد ، بالغوا في تضعيفه حتّى قيل كأنّ حديثه موضوع .
وقال ابن الجوزي في ( الموضوعات ) :
قَال أَحمد بن حنبل : لَيْسَ هَذَا الْحَدِيث بِصَحِيح .
و قَال أبو حاتم بن حِبان : هَذَا حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ لَا أَصْلَ لَهُ من حَدِيث الثقاة .
و أمّا حديث عمر بن الخطّاب – رضي الله عنه – :
فرُوي من طريقين عن سعيد بن المسيّب عنه .
فرواه أبو نعيم في ( الحلية ) ( 5 / 74 ) ، و ابن الجوزي في ( الموضوعات ) برقم : ( 1547 ) :
عن حكيم بن نافع عن خلف بن حوشب عن الحكم بن عتيبة عن سعيد بن المسيّب عن عمر بن الخطّاب – رضي الله عنه – عن رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم – .
و هذا سند ضعيف لأجل حكيم .
و رواه ابن حبّان في ( المجروحين ) ( 2 / 75 ) ، و ابن الجوزي في ( الموضوعات ) برقم : ( 1548 ) :
عن عمرو بن محمّد الأعشم عن يحي بن سالم الأفطس عن سعيد بن المسيّب عن عمر بن الخطّاب عن رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم – .
وهذا سند واه شديد الضّعف لأجل عمرو فهو متهوم بالوضع .
فحكيم بن نافع الرّقّي كما في ( الميزان ) ( 2 / 354 ) و ( اللّسان ) ( 3 / 262 ) :
قالا عنه أبو زرعة و النّفيلي : ليس بشيئ .
وقال أبوحاتم : ضعيف الحديث ، منكر الحديث .
وقال السّاجيّ : عنده مناكير .
و وثّقه ابن معين مرّة .
و قال الذّهبي : جاء عن ابن معين تليينه .
وقال أبونعيم بعد أن ساق الحديث : غريب تفرّد به حكيم عن خلف .
و خلف بن حوشب الكوفي روى له البخاري حديثا واحدا في ( صحيحه ) ، و كذا النّسائيّ في ( مسند علي ) .
قال ابن حجر في ( التّهذيب ) (1 / 546 ) :
وثّقه العجلي و ذكره ابن حبّان في ( الثّقات ) ، و قال النّسائي : ليس به بأس ، و أثنى عليه ابن عيينة .
و أمّا عمرو بن محمّد الأعشم هو الأعسم الزّمن كما في ( الميزان ) ( 5 / 343 ) و ( التّاريخ ) ( 15 / 327 ) للذهبي ، و ( اللّسان ) ( 7 / 226 ) لابن حجر .
قال عنه الدّارقطني في ( سننه ) ( 1 / 51 ) : منكر الحديث .
وقال عنه أبو نعيم في ( مستخرجه ) ( 1 / 75 ) : ساقط الحديث .
و قال عنه القيسراني في ( تذكرته ) ( 1 / 109 ) : متروك الحديث .
و قال عنه ابن طاهر المقدسي في ( معرفة التّذكرة ) : كذّاب .
وقال عنه الحاكم : ساقط ، روى أحاديث موضوعة ، و كذا قال النّقاش روى أحاديث موضوعة .
و قَال ابن حِبَّانَ : كان يَرْوِي عن الثقاة المناكير و يضع أسامي المحدثين و لا يجوز الِاحتجاج به بحال .
و أمّا حديث ابن عمر – رضي الله عنهما – :
فروي من طريقين عن نافع .
رواه الأصبهاني في ( التّرغيب و التّرهيب ) ( 3 / 189 ) برقم : ( 2329 ) ، و البيهقي في ( شعب الإيمان ) ( 7 / 256 ) برقم : ( 4962 ) .
عن أحمد بن إبراهيم بن كثير الدورقي عن عبيد الله بن حفص بن ثروان عن سلمة بن العيار عن الأوزاعي عن نافع عن ابن عمر – رضي الله عنه – عن رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم – .
و في إسناده عبيد الله بن حفص بن ثروان ، لم أجد له ترجمة ، غير ما ذكره ابن حبّان في ( ثقاته ) ( 8/ 430 ) قال : كوفيّ يروي عن عمر بن شمر والكوفيّين ، و روى عنه أحمد بن موسى بن إسحاق الحمار و أهل الكوفة .
و عند البيهقي وقع اسمه هكذا : شروان ، و يبدوا أنّه تصحيف ، حيث انقلب كذلك اسم عيّار إلى عمّار .
و أمّا الطّريق الثّانية :
فرواها أبو نعيم في ( أخبار أصبهان ) ( 1 / 152 ) .
عن سهل الرملي عن داود بن المحبّر عن صخر بن جويرية عن نافع به .
و داود بن المحبّر هو ابن قحذم الطّائي كما في ( التّهذيب ) ( 1 / 570 ) .
قال البخاري : قال أحمد : شبه لا شيئ ؛ كان لا يدري ما الحديث .
وقال ابن معين : كان معروفا بالحديث ؛ فأفسده المعتزلة .
و قال ابن المديني : ذهب حديثه .
و قال أبوزرعة : ضغيف الحديث .
و قال أبو حاتم : ذاهب الحديث غير ثقة .
و قال النّسائي : ضعيف .
وقال صالح بن محمّد : يكذب .
وقال الدّارقطني : متروك الحديث .
و أمّا حديث ابن عبّاس – رضي الله عنه – :
فقد روي من طريقين :
الأولى رواها الطبراني في (الكبير ) ( 11 / 79 ) .
من طريق عبد الله بن خراش عن عمّه العوّام بن حوشب عن مجاهد عن ابن عباس – رضي الله عنه – عن عن رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم – .
وهذا سند واه تالف لأجل عبد الله بن خراش فقد رمي بالكذب .
قال عنه أبو زرعة : ليس بشيئ ، ضغيف .
وقال أبوحاتم : منكر الحديث ، ذاهب الحديث ، ضعيف الحديث .
و قال البخاري : منكر الحديث .
و قال الساجي : كان يضع الحديث .
و قال النّسائي : ليس بثقة .
وقال الدّارقطني : ضعيف .
و قال محمد بن عمّار الموصلي : كذّاب .
و العجيب أنّ ابن حبّان ذكره في ( الثّقات ) و قال : ربّما أخطأ !
و أمّا الطريق الثّانية :
أخرجها ابن الجوزي في ( الموضوعات ) برقم : ( 1549 ) .
من طريق ابن عدي عن جعفر بن أحمد بن علي عن سعيد بن كثير بن عفير عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن داود بن أبي هند عن الشّعبي عن ابن عباس – رضي الله عنه – .
و هذا السّند حديثه موضوع لأجل جعفر بن أحمد بن علي فهو ابن بيان المعروف بابن المسّاح جعفر بن أبي العلاء ، و هو رافضي خبيث كذّاب كما في ( اللّسان ) لابن حجر ( 2 / 441 ) .
قال ابن عدي : كنّا نتّهمه بالوضع ، بل نتيقّن ذلك .
وقال مرّة : لاشكّ أنّه وضع حديث النّخلة خلقت من طين آدم !
و قال ابن يونس : كان رافضيّا يضع الحديث .
و قال عبد الغني : هذا الرّجل مشهور ببلدنا بالكذب .
و قال الدّارقطني كان يضع الحديث .
وقال ابن النّقّاش : حدّث بالموضوعات .
و أمّا حديث أبي سعيد – رضي الله عنه – :
فقد رواه الخطيب البغدادي في ( تاريخ بغداد ) ( 9 / 355 ) و عن طريقه ابن الجوزي في ( الموضوعات ) برقم : ( 1550 ) .
عن محمّد بن عثمان بن أبي شيبة عن محمّد بن عمران بن أبي ليلى عن أبيه عن ابن أبي ليلى عن عطيّة عن أبي سعيد – رضي الله عنه – .
و هذا سند ضعيف لأجل محمّد بن عثمان و عطية .
فمحمّد بن عثمان هو أبو جعفر العبسي كما في ( اللّسان ) ( 7 / 340 ) .
وثّقه صالح جزرة و ابن عدي .
و أمّا أحمد بن حنبل فقال عنه : كذّاب .
و قال ابن خراش : كان يضع الحديث .
و قال مطين : هو عصى موسى ؛ يتلقّف ما يأفكون .
وقال البرقاني : لم أزل أسمعهم يذكرونه أنّه مقدوح فيه .
و قال محمد بن جعفر : كان كذّابا .
وعطيّة هذا هو ابن سعد العوفي كما في ( التّهذيب ) ( 3 / 114 ) .
كثيرا ما تستدلّ بأحاديثه الشيعة ، بل كان يعدّ من شيعة الكوفى .
قال عنه أحمد : ضعيف الحديث .
و قال ابن معين : صالح .
و قال أبو زرعة ليّن .
و قال أبو حاتم : ضعيف يكتب حديثه و أبو نضرة أحبّ إليّ منه .
و قال الجوزجاني : مائل .
و قال النّسائيّ ضعيف .
و خلاصة القول :
أنّ هذا الحديث ضعيف جدا كما حكم عليه شيخنا الألباني في ( ضعيف ابن ماجه ) ، و طرقه واهية شديدة الضّعف ، ولا تصلح للمتابعات .
و قد ضعّفها البوصيري و الزّيلعي و ابن حجر و السّيوطي .
و قال أحمد : ليس هذا الحديث بصحيح .
و قال ابن حبان : هذا حديث موضوع لا أصل له من حديث الثقات .
و قال ابن الجوزي : هذه الأحاديث ليس فيها ما يصحّ .
ثمّ لقد استشكلت متن هذا الحديث ، ففيه ما يوهم أنّ قاتل النّفس البريئة عن عمد كافر بالله العظيم ، فقول أنّ : (( من أعان على قتل مؤمن بشطر كلمة ؛ لقيَ الله – عزّ و جلّ – مكتوب بين عينيه : آيس من رحمة الله )) كناية على ذلك ، لأنّ الله تعالى يقول : {{ إنّه لا ييأس من روح الله إلّا القوم الكافرون }} .
هذا ؛ والله أعلم ، والحمد لله ربّ العالمين .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
نورالدّين بن العربيّ آل خليفة
- غفرالله له ولوالديه -
هو كذلك أخي الفاضل العكرمي ، و قد حسّنه دعيّ في جُحْرِهِ الذي يتنفّس منه و فيه ، فهو ليس بأجلّ من أن يستشهد و يستكثر بالواهيات و الواهنات ، تهويلا للعلم تارة ؛ و تشويشا على السّلفية تارات ... و لكن هيهات .
فبارك الله فيك أخي الحبيب العكرمي ، و الأخوين الفاضلين : مقراني ، و يوسف ، و شكر الله لكم جميعا مروركم و تعليقكم الطّيب .
جزاك الله خيرا على هذه الفائدة الحديثية وهذا البيان فأنا كنت ممن يستدل بهذا الحديث، ولكن هل نستطيع أن نقول أن معناه يدخل تحت أصل صحيح وهو قوله تعالى: (( ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)) هذا بالنسبة للشطر الأول، أما بالتسبة للشطر الثاتي فهوى كما تفضلت أي نوردين خليفة مما استتشكلته من المتن. وبارك الله في الإخوة الأفاضل.
التعديل الأخير تم بواسطة يوسف بن عومر ; 22 Sep 2013 الساعة 05:46 PM