منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 11 Jan 2012, 12:20 PM
نورالدين أبو الوليد المستغانمي نورالدين أبو الوليد المستغانمي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 131
افتراضي "وصايا ذهبية لطلاب العلم المبتدئين" للشيخ عبد الله بن عبد الرحيم البخاري سلمه الله

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 14 Jan 2012, 01:36 PM
أبو عبد الله يوسف بن الصدّيق أبو عبد الله يوسف بن الصدّيق غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2011
الدولة: مدينة تقرت، الجزائر
المشاركات: 320
إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو عبد الله يوسف بن الصدّيق
افتراضي

هنا أو هذا اللقاء لقاء استثنائي كما يقال، أو هذه الكلمة التي سأتكلم بها هي استثنائية خاضعة لِمَا مضى-متعلقة بِمَا مضى-.

وسببها: ما ورد إليَّ من أسئلة عديدة وكثيرة متعلقة بما مضى من الدروس وببعض ما جال عند الإخوة من إشكالات أو استشكالات.

وهنا أريد أن أنبِّه إلى ثلاثة أمور:

الأمر الأول-بارك الله فيكم-: قد ذكرت، أقول: قد ذكرت في اللقاء الأول أن طريقة تدارس العلم أو دراسة العلم على ما تقدم أنها على ثلاثة طرائق وبينتها باختصار، أو ذكرتها باختصار، وقلت أننا سنسير-بإذن الله تعالى-على الطريقة الثانية أليس كذلك؟، تذكرون؟، نعم.

ولكن!! ما دار وما جرى وما تناقله بعض الطلبة فيما بينهم من حيث يعني: الإيرادات والاستشكالات التي هم فيها يتنافى مع ماذا؟، مع هذا الذي قررناه، يتنافى مع الذي قررناه، بهذا التشويش وبهذا التشتيت وبهذا التشغيب لا يمكن أن يستقر عندك علم، خذها من الآن، هذا التشويش وهذا التشغيب وتشتت الذهن يشوش عليك.

وطريقة العلم كما قلت: وصفها الحافظ أو العلَّامة ابن خلدون في مقدمته يحسن أن اقرأها عليكم حتى تتنبهوا لها.

يقول-رحمه الله تعالى-: (...في وجه الصواب في تعليم العلوم و طريق إفادته: اعلم أن تلقين العلوم للمتعلمين إنما يكون مفيدًا إذا كان على التدريج...) إذا كان على ماذا؟، على التدريج، (..شيئًا فشيئًا وقليلًا قليلًا، يلقي عليه أولًا مسائل من كل باب من الفن هي أصول ذلك الباب...)، إذ الأصل يبنى عليه إيش؟، غيره.

(...ويقرب له في شرحها على سبيل الإجمال، ويراعى في ذلك قوة عقله...) يعني: قوة عقل المستمع، وقوة إدراكه.

(...واستعداده لقبول ما يرد عليه...) هل عنده استعداد أو لا، الإفادة لا بد أن تكون، ويشترط فيها:
(صلاح المحـل) هذا واحــد.
(خلوه من الضد) وهذا هو الثاني.
لا بد أن يصادف محلًا قابلًا وخاليًا من الضد، ما يمكن إذا كان يوجد الضد فلا يمكن أن يجتمع الضِّدُ مع الضِّدِ إذ الأضداد لا تجتمع.

قال: (...واستعداده لقبول ما يرد عليه حتى ينتهي إلى آخر الفن...).

قال: (...وعند ذلك يحصل له ملكة...) أي: الطالب، تحصل له إيش؟، ملكة، (...ملكة في ذلك العلم...) أي: الذي درسه.

(...إلا أنها جزئية وضعيفة...) لماذا هي جزئية وضعيفة؟، لماذا؟، لأنها على سبيل الإجمال، على سبيل إيش؟، الإجمال، أو كما تقول: المعنى الإجمالي للباب.

(...وغايتها أنها هيأته لفهم الفن وتحصيل مسائله...) هيأت المكان وهيأت الطالب ليتقبل.

قال، واستمع إلى هذا: (...ثم يرجع به...) أي: بالطالب (...إلى الفن ثانية، فيرفعه في التلقين...) يرفع الطالب في تلقينه (...في التلقين عن تلك الرتبة إلى أعلى منها ويستوفى الشرح والبيان ويخرج عن الإجمال...) ما هو يبتعد ويتفرع! إنَّمَا يشرح ويبين بحيث الطالب يستوعب استيعابًا تامًا
(...ويخرج عن الإجمال ويذكر له ما هنالك من الخلاف ووجهه، إلى أن ينتهي إلى آخر الفن فتجود ملكته...) الطالب ملكته إيش؟، تكون جيدة أحسن من الأولى.

(...ثم يرجع به وقد شدا...) قوي، قوي الطالب شوية، تحسن، فهم، ذهنه صار وقَّات، ما أن تصل به المرحلة الثالثة وأنت يحتاج منك أن تشرح له معنى توحيد الإلوهية مثلًا مع أهميته، لأن هذا يأخذه ابتداءً.

قال: (...ثم يرجع به وقد شدا فلا يترك عويصًا ولا مبهمًا ولا منغلقًا إلا وضحه وفتح له مقفله، فيخلص من الفن وقد استولى على ملكته...).

قال: (...هذا وجه التعليم المفيد، وهو كما رأيت إنما يحصل في ثلاث تكرارات.

يقول: (...وقد يحصل للبعض في أقل من ذلك...) يعني: ليس بالضرورة أن الكل في ثلاثة مراحل، نحن ما بدأنا معكم بالمرحلة الأولى، قفزنا بكم إلى المرحلة الثانية، للظن أنكم اقل الأحوال قرأتم، أو تلقيتم تعليقًا.

قال: (...وقد يحصل للبعض في أقل من ذلك بحسب ما يخلق له ويتيسر عليه، وقد شاهدنا كثيرًا من المعلمين لهذا العهد...) الذي كان فيه، (...الذي أدركنا يجهلون طرق هذا التعليم وإفاداته...) ماذا يتولد إذا جهل المعلم طرق التعليم؟، وبالتالي إذا جهل الطالب في أي مرحلة يجب أن يكون؟.

قال: (...يجهلون طرق هذا التعليم وإفاداته ويحضرون للمتعلم في أول تعليمه المسائل المقفلة من العلم...) أول ما يبدأ معه بالمسائل المغلقة والمستغلقة والعويصة، (...ويطالبونه بإحضار ذهنه في حلها...).

قال: (...ويحسبون ذلك مرانًا على التعليم وصوابًا فيه، ويكلفونه رعي ذلك وتحصيله...) يراعي: ينبغي أن يتنبه، وينبغي أن إيش؟، يراجع.

(...فيخلطون عليه بما يلقون له من غايات الفنون في مبادئها، وقبل أن يستعد لفهمها، فإن قبول العلم والاستعدادات لفهمه تنشأ تدريجيًا...).

يا أخي: أنا أقرب لك هذا أكثر، هناك مادة تُدَرَّس في الأولى الابتدائي وفي السادسة الابتدائي تسمَّى مادة مثلًا: (الرياضيات)، ما أدري أنتم إيش تسمّونها في بلدانكم؟!، (الرياضيات) مثلًا، يتعلم الطالب في الأول الابتدائي كيف يرسم الواحد صحيح؟، كيف يكتب والاثنين، ويجلس في هذا زمنًا، حتى إذا قيل له: ما هذا؟، يقول: واحد، والمادة (رياضيات)، ثمَّ يتدرَّج يعرَّف أن واحد زائد واحد يساوي كم؟، اثنين، ويأخذ فترة، وهكذا يتدرَّج معه إلى أن يصل في المرحلة السادسة الخامسة إلى آخره يتعلم علوم أخرى متفرعة عن الرياضيات في الجمع والطرح والقسمة و...و...والتقسيم وغير ذلك، صحيح؟.

طيب، لَمَّا يأتي الطالب الذي في الأولى الابتدائي أعطيه درسًا في الرياضيات لِمَن هو في السادسة هل يمكن أن يستوعب؟، هو ما تعرَّف رسمه كيف يستوعبه!!، ما يستطيع، بل هذا يكون سببًا في صدِّه ونفرته، صحيح؟.

طيب، وفي المقابل: لو جئت لِمَن هو في السادسة ودرَّسته ما أخذ في الأولى، كيف يرسم الواحد وكيف يرسم الإثنين، هذا فيه ماذا؟، استخفاف به، وبعقله، وتحقير لشأنه، صحيح؟.

إذًا: يجب أن يعطى الطالب في كل مرحلة ما يناسبه، التدرج، هذا سنة السلف، إذا أردت أن تخرق هذه السنة فلست منهم، وضح؟.

إذًا: لَمَّا قال الإمام الزهري-رحمه الله-: (...من أخذ العلم جملة فاته جملة).

إذًا: يجب أن يتدرج به الطالب حتى يهضم العلم ليعبد الله على بصيرة، لا يتعلم ليقال عالم، إنَّما يتعلم ليتعبد الله-عز وجل-على بصيرة ويدعو غيره على بصيرة بإخلاص واتباع.

يقول هنا-رحمه الله-: (...ويكون المتعلم أول الأمر عاجزًا عن الفهم بالجملة إلا في الأقل...) قليل الذين يدركون، (...وعلى سبيل التقريب والإجمال بالمثل الحسية، ثم لا يزال الاستعداد فيه) في الطالب، (...يتدرج قليلًا قليلًا بمخالطة مسائل...) يعني: القراءة فيها، النظر، سماعها، طرحها، طريقة عرض المسألة.

يقول-رحمه الله-: (...بمخالطة مسائل ذلك الفن، وتكرارها عليه، والانتقال فيها من التقريب إلى الاستيعاب الذي فوقه، حتى تتم الملكة في الاستعداد، ثم في التحصيل، ويحيط بمسائل الفن، وإذا ألقيت عليه الغايات في البدايات وهو حينئذ عاجز عن الفهم والوعي وبعيد عن الاستعداد له كلَّ ذهنه عنها...) كَلّ، تعب، مسدود الذهن، مرهق، يريد الغايات وهو ما حضر البدايات، فذهنه دائمًا إيش؟، مسدود، يكِلُّ الذهن، يتعب، يَمَل.

قال: (...كلَّ ذهنه عنها، وحسب ذلك من صعوبة العلم في نفسه...) ظنَّ أن هذا هو العلم خلاص هكذا، ولهذا تجد أن كثيرًا مِمَّن لا يعرف معنى العلم يتشقق فيه، فيما يلقيه على الطلاب ويظن أن ذلك من العلم، هو ما هضمه، ولذلك لا يمكنه إيش؟، أن يعطيه غيره، فاقد الشيء لا يعطيه.
وقد ذمَّ الإمام ابن رجب[1] هؤلاء المشقشقين في الكلام في كتابه فضل علم السلف على علم الخلف، راجعوه.

قال-رحمه الله-: (...وحسب ذلك من صعوبة العلم في نفسه...).

معلش، اليوم هنا هذا الدرس هذا هو-بارك الله فيك-، أنا قلت تنبيهات ثلاث هذا أولها، لأن الذي يرد لا يمكن أن يتقبل أبدًا، أنا قلت لك: إن مشيت على هذا التشتيت والتشتت هذا نذير شر، إلَّا من رحمه الله وهداه.

ومن واجبنا عليكم ولكم ديانة ونصيحة: أن نبذل لكم ما نعتقد أنه الصواب، والموافق لِمَا كان عليه السلف، فلو لم أقل هذا والله قد خنتكم، وأبرأ إلى الله من الخيانة.
يقول-رحمه الله-: (...فتكاسل عنه...) لّمَّا ضعف وكَلَّ ذهنه قال: (......فتكاسل عنه وانحرف عن قبوله...) انحرف، (...وتمادى في هجران العلم) هجر العلم خلاص، ما ترى بعض الناس يبدأ ثم بعدين ينسحب!، ينقطع!.

كما قال الإمام الزهري ليونس بن يزيد الأيلي لَمَّا أكثر عليه، قال: (...يا بني: إن هذا العلم أودية فلعل الوادي...) يعني: (...يقطعك قبل أن تقطعه ولكن خذه مع الليالي والأيام...)، ومن رام العلم جملة فاته جملة، الصبر.

(...وإنما أتى ذلك من سوء التعليم...) لماذا انصرف؟، من سوء تعليم المعلِّم، لأنه لا يعرف كيف يعلِّم، بعض الطلبة أخبروني بألسنتهم نعم، أنهم حضروا بعض الدروس لبعض الناس، قالوا: كنَّا نكتب كل ما يقول، كتابة، معه الدفتر مثلك في الدرس، يقول: لو خرجت من الباب وسألتني ماذا قال أقول لك: لا أدري، يقول: بس هكذا أظهر أني أكتب، أكتب كل شيء ماني فاهم ولا شيء، هذا من سوء التعليم، وعدم هضم المعلم لِمَا يعلِّم، فليست الشقشقة وتشتيت العلم من الذهن أبدًا.

هذا القرآن تبيان، والنبي-عليه الصلاة والسلام-يعني: من وظيفته أن يبين للناس ما نزِّل إليه، فإذا أغلق عليهم ما نزِّل إليهم هل كان مبينًا؟، ما كان وحاشاه-عليه الصلاة والسلام-.

قال: (...ولا ينبغي للمعلم أن يزيد متعلمه على فهم كتابه الذي أكب على التعليم منه بحسب طبقته، وعلى نسبة قبوله للتعليم مبتدئًا كان أو منتهيًا، ولا يخلط مسائل الكتاب بغيرها حتى يعيه من أوله إلى أخره ويحصل أغراضه ويستولي منه على ملكة بها ينفذ في غيره، لأن المتعلم إذا حصل ملكة ما في علم من العلوم استعد بها لقبول ما بقي...) أي من العلوم الأخرى.

قال: (...وحصل له نشاط في طلب المزيد والنهوض إلى ما فوق حتى يستولي على غايات العلم، وإذا خلط عليه الأمر عجز عن الفهم و إدراكه الكلال وانطمس فكره ويئس من التحصيل وهجر العلم والتعليم، و الله يهدي من يشاء.

وكذلك ينبغي لك أن لا يطول على المتعلم في الفن الواحد والكتاب الواحد بتقطيع المجالس...) يبدأ اليوم ينقطع بكرة، ثمَّ بعد عشرة أشهر تجده يرجع، ما ينفع، الانقطاع-تقطيع الدرس-لغير عذر صحيح ليس بنافع، يكلُّ به الطالب، نعم.

قال: (...وتفريق ما بينها لأنه ذريعة إلى النسيان وانقطاع مسائل الفن بعضها عن بعض، فيعسر حصول الملكة بتفريقها، وإذا كانت أوائل العلم وأواخره حاضرة عند الفكرة مجانبة للنسيان كانت الملكة أيسر حصولًا وأحكم ارتباطًا وأقرب صبغة، لأن الملكات إنما تحصل بتتابع الفعل و تكرره، وإذا تنوسي الفعل تنوسيت الملكة الناشئة عنه، والله علمكم ما لم تكونوا تعلمون...).

قال: (...ومن المذاهب الجميلة والطرق الواجبة في التعليم أن لا يخلط على المتعلم علمان معًا...) في آنٍ واحد (...فإنه حينئذ قل أن يظفر بواحد منهما لما فيه من تقسيم البال وانصرافه عن كل واحد منهما إلى تفهم الآخر، فيستغلقان معًا ويستصعبان ويعود منهما بالخيبة، وإذا تفرغ الفكر لتعلم ما هو بسبيله مقتصرًا عليه فربما كان ذلك أجدر بتحصيله، والله-سبحانه وتعالى-الموفق للصواب...).

أقول-بارك الله فيكم-: هذا الذي ذكرته أو نقلناه عن العلَّامة ابن خلدون-رحمه الله في المقدمة-هو السبيل في ماذا؟، في التعلُّم، ما أكثر الطلاب الذين يسألون: بماذا نبدأ؟، كيف نبدأ؟، إلى آخره.

سؤال يتكرر يوميًا، وكثيرًا: حفظت كذا ماذا أحفظ؟، أحفظ كذا ولَّا ما أحفظ كذا؟، إلى آخره، وهذا موجود، تريد أن تتعلم يجب أن تسلك هذا السبيل، وهذا الذي قاله العلَّامة ابن خلدون هو الذي دَرَجَ عليه الأئمة، وضح؟، بهذا انتفعوا، بهذا نبغوا، بعد توفيق الله-جل وعلا-لهم، وإخلاصهم لله في طلب العلم.

وبناءً على هذا، ومعلوم-بارك الله فيك-: أن هذا الذي دفعني للكلام كما قلت سببه ماذا؟، سببه إيش؟، ما خطته أنامل بعضكم، أقول: الذي خطته أنامل بعضكم، فالكتابة تظهر ما يحويه نفس الكاتب، هذا ليس من ضروب السحر، ولكن واضح السؤال، نوعية ماذا؟، الكاتب وعقلية الكاتب.

كما قال الخطيب-رحمه الله-: (...من ألَّف فكأنما وضع عقله في إناء والناس ينظرون إليه...).

هذا الذي ورد، وكما قلت: هذا من النصيحة والله لكم يا إخوتاه، وهي نصيحة مشفق.

وهي: أن بعض إخواننا الطلبة ما سار على الطريقة الصحيحة في التدرج، طيب، وبالتالي ما فهم ما قلت في أول لقاء!، نجم عن هذا هذه الأسئلة.

سبب هذه الأسئلة: كثرة التشتت الذي يعيشه-تشتت الذهن وشروده-، بل أقول: وأكثر من هذا.

كثير من الطلبة أو كثير من الإخوة لو جئت فنخلته نخلًا لا تحصل عنده إلا جمع الشبه، إلَّا جمع إيش؟، الشبه، يجعل أذنه قمعًا للشبه، إذا قالوا كيف نقول؟، كيف نقول؟، بماذا نجيب؟، كيف....؟، صحيح؟، همُّه ما أن جاءته شبهة يبحث كيف إيش؟، كيف الجواب عنها، بس، يريد أن يجيب على من أورد، وبهذا يرتاح وينتهي العلم، خلاص أخونا حصَّل العلم كله، وهذا غلط.

وما علم هذا الأخ الفاضل، والمسكين الجاهل.

أقول: ما علم أن الرد على الشبه إنَّما هو بتحصيل العلم المنجي، وقد تكلمت في هذا المسجد في رمضان لعله ليس الذي مضى الذي قبله، وعلَّقت على كلام للإمام ابن القيم-رحمه الله-في أقسام الناس في معرفة الحق والباطل وهو منشور-مسجل ونشر-.

يا إخوتاه: كثير من، أقول: من الطلبة هذا مبلغ علمهم، جمع إيش؟، الشبه والنظر، بل ما يكتفي، هو يبحث عن الشبهة وهذا غلط كبير ناتج عن قلة العلم وقلة الفقه في الدين.

واستمع: الطالب تأتي إليه مرحلة-يمر بهذا-يمر، أقول: ليس بالضرورة أنه خلاص من نعومة أظفاره لا تمر عليه، يمر بعض الناس بهذه إيش؟، بهذه المرحلة، لكن الواجب أن يقف إذا وجه الـ إيش؟، أن يقف ما يستمر، لا يستمر في الغلط.

من هؤلاء الذين كان كذلك: الإمام ابن القيم-رحمه الله-شيخ الإسلام الثاني تلميذ شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-، يقول-رحمه الله-في مفتاح دار السعادة، هنا أقرأ لكم الكلام بنصه وفصه، يقول يعني: مبينًا أن القدح في الشك في قلب المرء يقول: (...إنَّمَا يصدر هذا...) الشك، قال: (...إنما يصدر هذا لضعف علمه وَقلة بصيرته إِذا وَردت على قلبه أدنى شُبْهَة قدحت فِيهِ الشَّك...).

يعني: إذا كان هو على السنة ويلازم الطريقة جاءه واحد بس رمى عليه شبهة من النافذة بس هكذا خلاص ترنح، ويرميه إلى القلب مباشرة أيوة، نعم، إيش هذا، كيف هذا؟، ماذا نقول؟، ماذا نفعل؟، تراه كإيش؟، كالصريع، ما ينفع.

قال: (...إِذا وَردت على قلبه ادنى شُبْهَة قدحت فِيهِ الشَّك والريب بِخِلَاف الراسخ فِي الْعلم لَو وَردت عَلَيْهِ من الشّبَه بِعَدَد امواج الْبَحْر) هل لك أن تحصي عدد أمواج البحر؟، لا تستطيع، لا يعلم عدَّها إلَّا الله.

قال: (...لَو وَردت عَلَيْهِ من الشّبَه بِعَدَد امواج الْبَحْر مَا ازالت يقينه...) لأن القاعدة الكبرى: (أن اليقين لا يزول بالشك).

قال: (...مَا ازالت يقينه وَلَا قدحت فِيهِ شكا لانه قد رسخ فِي الْعلم فَلَا تستفزه الشُّبُهَات بل إِذا وَردت عَلَيْهِ ردهَا حرس الْعلم وجيشه مغلولة مغلوبة...) ردَّها حرس العلم، وجيش العلم، وسيف السنة، وسلطان العلم ردوا هذه الشبهة مقهورة مغلولة.

قال: (...والشبهة وَارِد يرد على الْقلب يحول بَينه وَبَين انكشاف الْحق لَهُ...) الشبهة تحول بين انكشاف الحق، بين الطالب وبين الحق وانكشافه.
(...فَمَتَى بَاشر الْقلب حَقِيقَة الْعلم لم تُؤثر تِلْكَ الشُّبْهَة فِيهِ بل يقوى علمه ويقينه بردهَا وَمَعْرِفَة بُطْلَانهَا وَمَتى لم يُبَاشر حَقِيقَة الْعلم بِالْحَقِّ قلبه قدحت فِيهِ الشَّك بِأول وهلة فإن تداركها وإلَّا تَتَابَعَت على قلبه أمثالها...) جاءته واحدة وراء أخرى.

(...حَتَّى يصير شاكًا مُرْتَابًا وَالْقلب يتوارده جيشان من الْبَاطِل...) القلب يتوارده جيشان، طيب أنت إذا جاءك جيش يغزوك تستقبل هكذا؟، لا، الجيش مال الذي-الغازي-ما الذي يجب أن تفعله؟، (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ...)(الأنفال/60)، وأين السلاح الذي تقاتل به وهو: العلم؟.

يقول: (...وَالْقلب يتوارده جيشان من الْبَاطِل جَيش شهوات الغي وجيش شُبُهَات الْبَاطِل فأيما قلب صغا اليها وركن إليها تشربها وامتلأ بهَا فينضح لِسَانه وجوارحه بموجبها فَإِن أشرب شُبُهَات الْبَاطِل تَفَجَّرَتْ...) إذا أشرب خلاص امتلأ وارتوى بالباطل (...تَفَجَّرَتْ على لِسَانه الشكوك والشبهات والإيرادات فيظن الْجَاهِل ان ذَلِك لسعة علمه وَإِنَّمَا ذَلِك من عدم علمه ويقينه...).

بل بعض هؤلاء المفتونين الذين أشرب بالشبهات يقول: إن كثيرًا من المسائل المتعلقة بالسلف لم تحقق!!، لم تحقق تحتاج إلى تحقيق، وإعادة إيش؟، تدقيق!.

أقول: اغتر هذا المسكين ببعض الأحرف فظنَّها أنها إيش؟، تنجيه، وما درى هذا المسكين أنه ماذا؟، قد نطق بالجهل وهو نذير شر عليه.

يقول، واسمع إلى هذه النصيحة: (...وَقَالَ لي شيخ الاسلام-رضى الله عَنهُ-...) هذا ابن القيم يقول: (...وَقَالَ لي شيخ الاسلام رضى الله عَنهُ وَقد جعلت أورد عَلَيْهِ إيرادًا بعد إِيرَاد...) يأتي شيخ الإسلام ويعطيه إيرادات يعني: شبه، إيراد بعد إيراد أكثر عليه.

قال له: (...لا تجعل قَلْبك للإيرادات والشبهات مثل السفنجة...) الإسفنج، (...فيتشربها فَلَا ينضح إلا بهَا وَلَكِن اجْعَلْهُ كالزجاجة المصمتة...) المغلقة (...تمر الشُّبُهَات بظاهرها وَلَا تَسْتَقِر فِيهَا فيراها بصفائه ويدفعها بصلابته وَإِلَّا فإذا أشربت قَلْبك كل شُبْهَة تمر عَلَيْهَا صَار مقرًا للشبهات...).

يقول الإمام ابن القيم: (...اَوْ كَمَا قَالَ...) لي، يعني: هذا قريب مِمَّا قال.

يقول: (...فَمَا أعْلَم أني انتفعت بِوَصِيَّة فِي دفع الشُّبُهَات كانتفاعي بذلك...) كانتفاعي بهذه الوصية، وضح لكم يا إخوتاه؟.

فأقول: انتبه يا عبد الله أن يكون قلبك كالسفنجة، فلا تأتي الشبهة إلَّا تستقر كيف نجيب؟، كيف نقول؟، لا تعرها انتباهك أصلًا، تزود من العلم ومن الحق واعرف الحق بالتفصيل، وابتداءً اعرف الباطل بالإجمال ابتداءً ما هو انتهاءً، وكلَّمَا ارتقيت عرفت الحق المفصل والباطل المفصل، وضح؟.


قام بتفريغه: أبو عبيدة منجد بن فضل الحداد
الجمعة الموافق: 12/ صفر/ 1433 للهجرة النبوية الشريفة.



[1] قال الحافظ ابن رجب الحنبلي-رحمه الله-: (...وأما من علمه غير نافع فليس له شغل سوى التكبر بعلمه على الناس وإظهار فضل علمه عليهم ونسبتهم إلى الجهل وتَنَقُّصهم ليرتفع بذلك عليهم وهذا من أقبح الخصال وأرداها، وربما نسب من كان قبله من العلماء إلى الجهل والغفلة والسهو فيوجب له حب نفسه وحب ظهورها إحسان ظنه بها وإساءة ظنه بمن سلف...).
إلى أن قال: (...ومن علمه غير نافع إذا رأى لنفسه فضلًا على من تقدمه في المقال وتشقق الكلام ظن لنفسه عليهم فضلًا في العلوم أو الدرجة عند اللَه لفضل خص به عمن سبق فاحتقر من تقدمه واجترأ عليه بقلة العلم ولا يعلم المسكين أن قلة كلام من سلف إنما كان ورعًا وخشيةً للَّه ولو أراد الكلام وإطالته لما عجز عن ذلك....)
(فضل علم السلف على علم الخلف/ الحافظ ابن رجب الحنبلي البغدادي-رحمه الله-/ دار القبس للنشر والتوزيع/ الطبعة الثانية:1432هـ/ ص: 109-1
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 14 Jan 2012, 01:38 PM
أبو عبد الله يوسف بن الصدّيق أبو عبد الله يوسف بن الصدّيق غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2011
الدولة: مدينة تقرت، الجزائر
المشاركات: 320
إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو عبد الله يوسف بن الصدّيق
افتراضي

جزاك الله خيرا أخي المستغانمي
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 05 Mar 2012, 11:02 AM
نورالدين أبو الوليد المستغانمي نورالدين أبو الوليد المستغانمي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 131
افتراضي

و إياك أخي أبا عبد الله


شكر الله لك تعاونك على الخير
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
آداب, البخاري, وصاياذهبيةلطلبةالعلم

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013