منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 01 Dec 2010, 12:26 PM
عبد الكريم الوهراني عبد الكريم الوهراني غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 57
افتراضي فوائد غض البصر

الحمد لله والصلاة والسّلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:
فهذه فوائد غض البصر تذكرة لنفسي وإخواني من كلام الإمام
محمد بن أحمد بن سالم السفاريني الحنبلي
في كتابه المنيف: «غذاء الألباب شرح منظومة الآداب»
قال رحمه الله تعالى: ( الْمَقَامُ الأَوَّلُ ) فِي فَوَائِدِ غَضِّ الْبَصَرِ
( إحْدَاهَا ) تَخْلِيصُ الْقَلْبِ مِنْ الْحَسْرَةِ فَإِنَّ مَنْ أَطْلَقَ نَظَرَهُ دَامَتْ حَسْرَتُهُ ، فَأَضَرُّ شَيْءٍ عَلَى الْقَلْبِ إرْسَالُ الْبَصَرِ ، فَإِنَّهُ يُرِيهِ مَا لا سَبِيلَ إلَى وُصُولِهِ وَلا صَبْرَ لَهُ عَنْهُ ، وَذَلِكَ غَايَةُ الأَلَمِ .
قَالَ الْفَرَزْدَقُ :
تَزَوَّدَ مِنْهَا نَظْرَةً لَمْ تَدَعْ لَهُ فُؤَادًا وَلَمْ يَشْعُرْ بِمَا قَدْ تَزَوَّدَا

فَلَمْ أَرَ مَقْتُولا وَلَمْ أَرَ قَاتِلا بِغَيْرِ سِلاحِ مِثْلَهَا حِينَ أَقْصِدَا

وَقَالَ آخَرُ :
وَمَنْ كَانَ يُؤْتَى مِنْ عَدُوٍّ وَحَاسِدٍ فَإِنِّي مِنْ عَيْنِي أُتِيت وَمِنْ قَلْبِي
هُمَا اعْتَوَرَانِي نَظْرَةً ثُمَّ فِكْرَةً فَمَا أَبْقَيَا لِي مِنْ رُقَادٍ وَلا لُبِّ
وَقَالَ ابْنُ الْمُعْتَزِّ :
مُتَيَّمٌ يَرْعَى نُجُومَ الدُّجَى يَبْكِي عَلَيْهِ رَحْمَةً عَاذِلُهْ

عَيْنِي أَشَاطَتْ بِدَمِي فِي الْهَوَى فَابْكُوا قَتِيلا بَعْضُهُ قَاتِلُهْ
وَلابْنِ الْقَيِّمِ :
أَلَمْ أَقُلْ لَك لا تَسْرِقْ مَلاحِظَهُ فَسَارِقُ اللَّحْظِ لا يَنْجُو مِنْ الدَّرَكِ
نَصَبْت طَرْفِي لَهُ لَمَّا بَدَا شَرَكًا فَكَانَ قَلْبِي أَوْلَى مِنْهُ بِالشَّرَك
( الثَّانِيَةُ ) أَنَّ غَضَّ الطَّرْفِ يُورِثُ الْقَلْبَ نُورًا وَإِشْرَاقًا يَظْهَرُ فِي الْعَيْنِ وَفِي الْوَجْهِ وَفِي الْجَوَارِحِ ، كَمَا أَنَّ إطْلاقَ الْبَصَرِ يُورِثُ ذَلِكَ ظُلْمَةً وَكَآبَةً .
قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي كِتَابِهِ رَوْضَةِ الْمُحِبِّينَ وَنُزْهَةِ الْمُشْتَاقِينَ لَمَّا ذَكَرَ هَذِهِ الْفَائِدَةَ:« وَلِهَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ذَكَرَ سُبْحَانَهُ آيَةَ النُّورِ فِي قَوْلِهِ
(اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ) عَقِبَ قَوْلِهِ :(قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ)»
وَتَقَدَّمَ حَدِيثُ ( النَّظَرُ سَهْمٌ مَسْمُومٌ مِنْ سِهَامِ إبْلِيسَ ) وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِهِ ( فَمَنْ غَضَّ بَصَرَهُ عَنْ مَحَاسِنِ امْرَأَةٍ أَوْرَثَ اللَّهُ قَلْبَهُ نُورًا ) .
( الثَّالِثَةُ ) أَنَّهُ يُورَثُ صِحَّةَ الْفِرَاسَةِ فَإِنَّهَا مِنْ النُّورِ وَثَمَرَاتِهِ ، فَإِذَا اسْتَنَارَ الْقَلْبُ صَحَّتْ الْفِرَاسَةُ ، فَإِنَّهُ يَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ الْمِرْآةِ الْمَجْلُوَّةِ تَظْهَرُ فِيهَا الْمَعْلُومَاتُ كَمَا هِيَ ، وَالنَّظَرُ بِمَنْزِلَةِ التَّنَفُّسِ فِيهَا ، فَإِذَا أَطْلَقَ الْعَبْدُ نَظَرَهُ تَنَفَّسَتْ الصُّعَدَاءَ فِي مِرْآةِ قَلْبِهِ فَطَمَسَتْ نُورَهَا، كَمَا قِيلَ فِي ذَلِكَ :
مِرْآةُ قَلْبِك لا تُرِيك صَلاحَهُ وَالنَّفْسُ فِيهَا دَائِمًا تَتَنَفَّسُ
وَقَالَ شُجَاعٌ الْكَرْمَانِيُّ رحمه الله تعالى : «مَنْ عَمَّرَ ظَاهِرَهُ بِاتِّبَاعِ السُّنَّةِ ، وَبَاطِنَهُ بِدَوَامِ الْمُرَاقَبَةِ ، وَغَضَّ بَصَرَهُ عَنْ الْمَحَارِمِ ، وَكَفَّ نَفْسَهُ عَنْ الشَّهَوَاتِ وَأَكَلَ مِنْ الْحَلالِ ، لَمْ تُخْطِئْ فِرَاسَتُهُ».
وَكَانَ شُجَاعًا لا تُخْطِئُ لَهُ فِرَاسَةٌ فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ يَجْزِي الْعَبْدَ مِنْ جِنْسِ عَمَلِهِ ، فَمَنْ غَضَّ بَصَرَهُ عَنْ الْمَحَارِمِ عَوَّضَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ إطْلاقَ نُورِ بَصِيرَتِهِ ، فَلَمَّا حَبَسَ بَصَرَهُ لَهُ تَعَالَى ، أَطْلَقَ لَهُ بَصِيرَتَهُ جَزَاءً وِفَاقًا.
( الرَّابِعَةُ ) أَنَّهُ يَفْتَحُ لَهُ طُرُقَ الْعِلْمِ وَأَبْوَابَهُ ، وَيُسَهِّلُ عَلَيْهِ أَسْبَابَهُ وَذَلِكَ سَبَبُ نُورِ الْقَلْبِ ، فَإِنَّهُ إذَا اسْتَنَارَ ظَهَرَتْ فِيهِ حَقَائِقُ الْمَعْلُومَاتِ، وَانْكَشَفَ لَهُ بِسُرْعَةٍ ، وَنَفَذَ مِنْ بَعْضِهَا إلَى بَعْضٍ .
وَمَنْ أَرْسَلَ بَصَرَهُ تَكَدَّرَ عَلَيْهِ قَلْبُهُ ، وَأَظْلَمَ ، وَانْسَدَّ عَلَيْهِ بَابُ الْعِلْمِ وَأُحْجِمَ .
( الْخَامِسَةُ ) أَنَّهُ يُورِثُ قُوَّةَ الْقَلْبِ وَثَبَاتَهُ وَشَجَاعَتَهُ ، فَيَجْعَلُ اللَّهُ لَهُ سُلْطَانَ الْبَصِيرَةِ مَعَ سُلْطَانِ الْحُجَّةِ .
وَفِي أَثَرٍ أَنَّ الَّذِي يُخَالِفُ هَوَاهُ يَفْرَقُ الشَّيْطَانُ مِنْ ظِلِّهِ ، وَلِذَا يُوجَدُ فِي الْمُتَّبِعِ لِهَوَاهُ مِنْ ذُلِّ الْقَلْبِ وَضَعْفِهِ وَمَهَانَةِ النَّفْسِ وَحَقَارَتِهَا مَا جَعَلَهُ اللَّهُ لِمُؤْثِرٍ هَوَاهُ عَلَى رِضَاهُ ، بِخِلافِ مَنْ آثَرَ رِضَا مَوْلاهُ عَلَى هَوَاهُ ، فَإِنَّهُ فِي عِزِّ الطَّاعَةِ وَحِصْنِ التَّقْوَى ، بِخِلافِ أَهْلِ الْمَعَاصِي وَالأَهْوَاءِ .
قَالَ الْحَسَنُ : إنَّهُمْ وَإِنْ هَمْلَجْت بِهِمْ الْبِغَالُ ، وَطَقْطَقْت بِهِمْ الْبَرَاذِينُ ، فَإِنَّ ذُلَّ الْمَعْصِيَةِ لَفِي قُلُوبِهِمْ ، أَبَى اللَّهُ إلا أَنْ يُذِلَّ مَنْ عَصَاهُ .
وَقَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ : النَّاسُ يَطْلُبُونَ الْعِزَّ فِي أَبْوَابِ الْمُلُوكِ، وَلا يَجِدُونَهُ إلا فِي طَاعَةِ اللَّهِ ، فَمَنْ أَطَاعَ اللَّهَ فَقَدْ وَالاهُ فِيمَا أَطَاعَهُ فِيهِ، وَمَنْ عَصَاهُ عَادَاهُ فِيمَا عَصَاهُ فِيهِ .
وَفِي دُعَاءِ الْقُنُوتِ : «إنَّهُ لا يُذَلُّ مِنْ وَالَيْت ، وَلا يُعَزُّ مَنْ عَادَيْت».
( السَّادِسَةُ ) أَنَّهُ يُورِثُ الْقَلْبَ سُرُورًا وَفَرْحَةً أَعْظَمَ مِنْ الالْتِذَاذِ بِالنَّظَرِ ، وَذَلِكَ لِقَهْرِهِ عَدُوَّهُ وَقَمْعِهِ شَهْوَتَهُ وَنُصْرَتِهِ عَلَى نَفْسِهِ ، فَإِنَّهُ لَمَّا كَفَّ لَذَّتَهُ وَحَبَسَ شَهْوَتَهُ لِلَّهِ تَعَالَى وَفِيهِمَا مَضَرَّةُ نَفْسِهِ الأَمَّارَةِ بِالسُّوءِ ، أَعَاضَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مَسَرَّةً وَلَذَّةً أَكْمَلَ مِنْهُمَا ، كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ : وَاَللَّهِ لَلَذَّةُ الْعِفَّةِ أَعْظَمُ مِنْ لَذَّةِ الذَّنْبِ .
وَلا رَيْبَ أَنَّ النَّفْسَ إذَا خَالَفَتْ هَوَاهَا أَعْقَبَهَا ذَلِكَ فَرَحًا وَسُرُورًا وَلَذَّةً أَكْمَلَ مِنْ لَذَّةِ مُوَافَقَةِ الْهَوَى بِمَا لا نِسْبَةَ بَيْنَهُمَا .
وَهُنَا يَمْتَازُ الْعَقْلُ مِنْ الْهَوَى .
( السَّابِعَةُ ) أَنَّهُ يُخَلِّصُ الْقَلْبَ مِنْ أَسْرِ الشَّهْوَةِ ، فَلا أَسْرَ أَشَدُّ مِنْ أَسْرِ الشَّهْوَةِ وَالْهَوَى ، قَدْ سَلَبَ الْحَوْلَ وَالْقُوَّةَ ، وَعَزَّ عَلَيْهِ الدَّوَاءُ ، فَهُوَ كَمَا قِيلَ :
كَعُصْفُورَةٍ فِي كَفِّ طِفْلٍ يَسُومُهَا حِيَاضَ الرَّدَى وَالطِّفْلُ يَلْهُو وَيَلْعَبُ
( الثَّامِنَةُ ) أَنَّهُ يَسُدُّ عَنْهُ بَابًا مِنْ أَبْوَابِ جَهَنَّمَ ، فَإِنَّ النَّظَرَ بَابُ الشَّهْوَةِ الْحَامِلَةِ عَلَى مُوَاقَعَةِ الْفِعْلِ ، وَتَحْرِيمُ الرَّبِّ تَعَالَى وَشَرْعُهُ حِجَابٌ مَانِعٌ مِنْ الْوُصُولِ ، فَمَتَى هَتَكَ الْحِجَابُ تَجَرَّأَ عَلَى الْمَحْظُورِ ، وَلَمْ تَقِفْ نَفْسُهُ مِنْهُ عِنْدَ غَايَةٍ ، لأَنَّ النَّفْسَ فِي هَذَا الْبَابِ لا تَقْنَعُ بِغَايَةٍ تَقِفُ عِنْدَهَا ، وَذَلِكَ أَنَّ لَذَّتَهُ فِي الشَّيْءِ الْجَدِيدِ .
فَصَاحِبُ الطَّارِفِ لا يُقْنِعُهُ التَّلِيدُ ، وَإِنْ كَانَ أَحْسَنَ مِنْهُ مَنْظَرًا أَوْ أَطْيَبَ مَخْبَرًا .
فَغَضُّ الْبَصَرِ يَسُدُّ عَنْهُ هَذَا الْبَابَ ، الَّذِي عَجَزَتْ الْمُلُوكُ عَنْ اسْتِيفَاءِ أَغْرَاضِهِمْ فِيهِ ، وَفِيهِ غَضَبُ رَبِّ الأَرْبَابِ .
( التَّاسِعَةُ ) أَنَّهُ يُقَوِّي عَقْلَهُ وَيُثَبِّتُهُ وَيَزِيدُهُ ، فَإِرْسَالُ الْبَصَرِ لا يَحْصُلُ إلا مِنْ قِلَّةٍ فِي الْعَقْلِ ، وَطَيْشٍ فِي اللُّبِّ ، وَخَوَرٍ فِي الْقَلْبِ ، وَعَدَمِ مُلاحَظَةٍ لِلْعَوَاقِبِ ، فَإِنَّ خَاصَّةَ الْعَقْلِ مُلاحَظَةُ الْعَوَاقِبِ ، وَمُرْسِلُ الطَّرْفِ لَوْ عَلِمَ مَا تَجْنِي عَوَاقِبُ طَرْفِهِ عَلَيْهِ لَمَا أَطْلَقَ بَصَرَهُ ، وَلِذَا قَالَ بَعْضُهُمْ :
وَأَعْقَلُ النَّاسِ مَنْ لَمْ يَرْتَكِبْ سَبَبًا حَتَّى يُفَكِّرَ مَا تَجْنِي عَوَاقِبُهُ

( الْعَاشِرَةُ ) أَنَّهُ يُخَلِّصُ الْقَلْبَ مِنْ سَكْرَةِ الشَّهْوَةِ وَرَقْدَةِ الْغَفْلَةِ ، فَإِنَّ إطْلاقَ الْبَصَرِ يُوجِبُ اسْتِحْكَامَ الْغَفْلَةِ عَنْ اللَّهِ وَالدَّارِ الآخِرَةِ، وَيُوقِعُ فِي سَكْرَةِ الْعِشْقِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي عُشَّاقِ الصُّوَرِ
(لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ )، فَالنَّظْرَةُ كَأْسٌ مِنْ خَمْرٍ ، وَالْعِشْقُ سُكْرُ ذَلِكَ الشَّرَابِ .
وَآفَاتُ الْعِشْقِ تَكَادُ تُقَارِبُ الشِّرْكَ ، فَإِنَّ الْعِشْقَ يَتَعَبَّدُ الْقَلْبَ الَّذِي هُوَ بَيْتُ الرَّبِّ لِلْمَعْشُوقِ .
وَفَوَائِدُ غَضِّ الْبَصَرِ وَآفَاتِ إطْلاقِهِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُذْكَرَ ، وَفِيمَا ذَكَرْنَا كِفَايَةٌ.

رد مع اقتباس
 

الكلمات الدلالية (Tags)
مميز, آداب, تزكية, غض البصر


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013