العشر الأواخر من رمضان

[أم عبد الرحمن العاصمية]

الخطبة الثانية

الحمد لله وحده, والصلاة والسلام على رسوله وعبده؛ نبينا محمد وعلى آله وصحبه .



أما بعد؛ عباد الله:



فمن الواجبات المفروضة التي تجب في آخر هذا الشهر زكاة الفطر؛ وزكاة الفطر فريضة على المسلمين, قال ابن عمر ب: « فرض رسول الله r زكاة الفطر صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين؛ وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة »


تأملوا يا عباد الله: فهذا الحديث يبيِّن أموراً مهمة تتعلق بزكاة الفطر .



فلا بدَّ أن يؤدِّي المسلمُ زكاة الفطر من الطعام, فلا يجزئ أداؤها من الأموال النقدية أو الأواني وما شابه ذلك .



وتُؤدَّى هذه الزكاة من قوت أهل البلد؛ ويدل على ذلك قول أبي سعيد الخدريt: « كنا نُخرِجُ زكاة الفطر في عهد رسول اللهr صاعاً من طعام, وكان طعامُنا يومئذٍ الشعير والزبيب والإقط والتمر »([10]) .



والواجب أن تُؤدَّى هذه الزكاة في وقت محدد معلوم, فأفضل الأوقات الذي تُؤدَّى فيه هذه الزكاة أن يؤدِّيها قبل صلاة العيد, قال ابن عباسب:« فرض رسول الله r زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين؛ من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة؛ ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات »([11]) .



ويجوز أن تُؤدَّى هذه الزكاة في آخر يومين من رمضان لفعل بعض الصحابةy.



ولا يجوز تأخيرها إلى ما بعد صلاة العيد إلا لعذرٍ قاهر كأن يكون في مكان بعيد وليس عنده أحدٌ من الفقراء, أو أن يغلبَه النوم فلم يستيقظ إلا بعد الصلاة؛ أو أن ينساها؛ فهنا يجوز له أن يخرجها ولو بعد الصلاة؛ وعليه أن يبادر بذلك دون تأخير .



أما تأخيرها بعد صلاة العيد من أجل انتظار فقيرٍ بعينه؛ فإن هذا لا يجوز لأنها عبادة مؤقتة بوقت .



وتجب هذه الزكاة على من أدرك غروبَ شمسِ ليلة العيد وهو حيٌّ .



فلو وُلِد له مولودٌ قبل غروب شمس ليلة العيد فقد وجبت عليه الزكاة؛ ولو مات رجلٌ قبل الغروب فإنها لا تجب عليه زكاة الفطر؛ فالحكم يتعلق بليلة الفطر, وليلةُ الفطر تبدأ بغروب شمس اليوم الذي قبلها .



فعليكم عباد الله بالاجتهاد في هذه العشر, واعلموا أنها غنيمة ساقها الله إليكم؛ فأروا الله من أنفسكم خيراً واشتغلوا بعبادة الله؛ فإنما هي أيام معدودة توشك أن ترتحل, فيُغبَط فيها الرابحون, وإنما الخسارة العظيمة على من فاتته هذه الأيام ولم يحصل منها على خير قال r: « رَغِمَ أنفُ امرئٍ أدرك رمضان ثم انسلخ فلم يغفر له »([12]).



نسأل الله أن يفقهنا في ديننا؛ وأن يوفقنا لطاعته, وأن يسلك بنا سبيل مرضاته وأن يجعلنا هداة مهتدين, غير ضالين ولا مضلين .

) رواه: البخاري 1884 ؛ ومسلم2008 .


([2]) رواه مسلم1235 .


([3]) رواه: البخاري 1768 ؛ ومسلم 1268 .


([4]) رواه الترمذي؛ وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة 602 .


([5]) رواه أحمد؛ وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة 190 .


([6]) رواه: البخاري1878 ؛ ومسلم 1998 .


([7]) رواه البخاري1881 .


([8]) رواه مسلم1994 .


([9]) رواه: البخاري1407 ؛ ومسلم 1645 .


([10]) رواه البخاري1414 .



([11]) رواه أبو داود؛ وحسنه الألباني في إرواء الغليل 843 .


([12]) رواه الترمذي؛ وصححه الألباني في المشكاة 927 .

أخوكم

الفقير إلى ربه الغني

سالم العجمي