منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 11 Jul 2011, 09:30 PM
أبو عبدالرحمن حمدي آل زيد أبو عبدالرحمن حمدي آل زيد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jul 2011
الدولة: مصر
المشاركات: 147
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى أبو عبدالرحمن حمدي آل زيد
افتراضي [تفريغ] خطبة جمعة: (إنهم طاعون القلوب) لفضيلة الشيخ محمد سعيد رسلان-حفظه الله (كاملة ومنسقة)

السلام عليكم ورحمة الله.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومَن اتبع هداه... وبعدُ:



تم بحمد الله الانتهاء من تفريغ وتنسيق خطبة الجمعة: (إنهم طاعون القلوب)
لفضيلة الشيخ محمد سعيد رسلان-حفظه الله وجعله شوكةً في حُلوق المبتدعة.

الخطبة ماتعة للغاية استهلها الشيخ بقوله: ( فإن الردَّ على المُخالِف أصلٌ من أصول الدين، وقاعدةٌ من قواعد شريعة -رب العالمين )اهـ.

وذكر فيها الشيخ-حفظه الله- أمثلة وآثار عن السلف في ذم البدعة وأهلها وإقصائهم وإخذائهم والحذر من مجالستهم وتحذير الناس منهم، وذكر في شأنهم: (المبتدعُ ذليلٌ؛ إنهم وإن هَمْلَجَتْ بهم البَراذِين، وطَقْطَقَتْ بهم البغالُ، هم أذل من الذباب، لا تغرنكم كثرتهم بكلِ سبيلٍ فليسوا بشيء إذ ليسوا على الجادة المستقيمة)اهـ.

ونسف الشيخ-حفظه الله- قاعدة الموازنات نسفاً..واستشهد بقولٍ للعلامة الألباني-رحمه الله-: (إذا كان المقامُ مقامَ جرحٍ لا تُذكر حسنةٌ وإلا أضعفت الجرح كما قال العلامةُ المحدث الألباني -رحمه الله تعالى-.)

وختاماً ذكر الشيخ عدة أضرار للبدعة وأهلها.

وبالجملة؛ فالخطبة مليئة بالفوائد الزوائد، وقد نزلت برداً وسلاماً على أهل السنة وأقرّت عيونهم، وفي المقابل جحيماً وصواعق مرسلة على أهل الأهواء والبدعة والضلال.

نعتذرُ عن التأخير فالخطبة كانت طويلة.. تخطت الساعة.
صورة توضح التنسيق:


(بصيغة PDFجاهزة للطباعة والنشر- 13 ورقة)
اضغط هنــــا للتحميل.
أو
اضغط هنــــا للتحميل.

للقراءة المباشرة:

إن الحمدَ لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذُ بالله مِن شرور أنفسنا ومِن سيئات أعمالنا، مَن يهده اللهُ فلا مضل له، ومَن يُضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلّم.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران:102].
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء:1].
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب:70].
أمّا بعدُ؛ فإن أصدقَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهدي هديُ محمد -صلى الله عليه وعلى آله وسلّم-، وشرّ الأمور محدثاتها وكلَّ محدثة بدعة وكلَّ بدعة ضلالة وكلَّ ضلالة في النار.
أمّا بعدُ:
فإن الردَّ على المُخالِف أصلٌ من أصول الدين، وقاعدةٌ من قواعد شريعة -رب العالمين- دلّ على ذلك الكتابُ المبين وسنةُ النبي الأمين -صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين- ودلّ عليه إجماعُ السلفِ الماضين، ومَن تبعهم من علماء السنة أجمعين، وهو بابٌ عظيمٌ من أبواب الجهاد؛ كما بيّن شيخُ الإسلامِ -رحمه الله تعالى- ذلك في مواضع من كلامه؛ فبيّن أن بيانَ أخطاء أصحاب المقولات الباطلة التي تخالفُ الكتابَ والسّنةَ مع تجلية حالهم وتحذير الأمة منهم، كل ذلك واجبٌ باتفاقِ المسلمين.
وذكر ابنُ مُفْلِحٍ في (الآثار الشرعية): (أنه قِيل للإمام المُبَجَّل أحمد بن محمد بن حَنْبَل -رحمه الله تعالى-: الرجلُ يصوم ويصلي ويعتكف أحبُّ إليكَ أو يتكلمُ في أهلِ البدعِ؟ فقال الإمام أحمد -رحمه الله تعالى-: إذا صلّى وصام واعتكف فإنما هو لنفسه، وإذا تكلّم في أهل البدع فإنما هو للمسلمين، هذا أفضل).
وذكر الخطيبُ في (الكِفاية) وفي (الجامع) أيضاً: (أنه قِيل لأحمد -رحمه الله تعالى-: إنَّه يَثْقُلُ علي أن أقول فلانٌ كذا وفلانٌ كذا، فقال الإمام أبو عبدالله أحمد بن حنبل -رحمه الله-: إذا سكتَّ أنتَ وسكتُّ أنا فمتى يعرفُ الجاهلُ الصحيحَ من السَّقيم؟!)
فكلامُه -رحمه الله- يدل على أنّ تبيين الفارقَ بين أهل السنة وأهل البدعة، وأنَّ توضيح المُشْتَبِهِ من الأمر من أهم المُهمّات في دين ربّ العالمين كما بيّن ذلك كتابُ ربنا -جلّ وعلا- وسنة نبينا -صلى الله عليه وآله وسلّم- وعليه إجماع السلف الماضيين، وجعلوا ذلك من أعظم أنواع الجهاد في سبيل ربِّ العالمين.
في كتابِ الردِ على المُخالفِ (لبكر أبي زيد)، قال: (الردُّ على المخالف أصلٌ من أصول الإسلام؛ ولهذا إذا رأيتَ مَن ردّ على مخالفٍ في شذوذٍ فقهي أو قولٍ بِدْعِيّ فاشكرْ له، فاشكر له دفاعه بقدر ما وسعه ولا تُخَذِّله بتلك المقولة المهينة: لماذا لا يردُّ على العَلْمانيين؟! فالناسُ قدراتٌ ومواهبٌ، وردّ الباطل واجب مهما كانت رتبته، وكلُ مسلمٍ على ثَغْرٍ من ثُغور مِلّته).
هذا الكلامُ كما ترى كلامٌ متين، اسمعه مرةً أخرى وانسبه إلى قائله لكي تعلم حقيقة التلبيس والتدليس التي سِيقت إلى أبناء الأمّة، فَحَرَفَت لجماهيرهم عن المَحَجَّة وأضلتهم عن الصراط المستقيم.
قال: (الردُّ على المُخالِف أصلٌ من أصول الإسلام؛ ولهذا إذا رأيتَ مَن رد على مخالفٍ في شذوذٍ فقهي أو قولٍ بِدْعِيّ فاشكرْ له، فاشكر له دفاعه بقدر ما وسعه ولا تُخَذِّله بتلك المقولة المَهينة: لماذا لا يردُّ على العَلْمانيين؟! فالناسُ قدراتٌ ومواهبٌ، وردّ الباطل واجب مهما كانت رتبته، وكلُ مسلمٍ على ثَغْرٍ من ثُغور مِلّته).
كلامُه وتَقْعِيدُه في الرد على المخالف قويٌّ متينٌ من الجهة العلمية النظرية، وإن كان قد تخلّف عنده تخلفاً عظيماً من الجهة التطبيقية العملية -غفر الله له-، ولكنه -أعني كلامه في الرد على المخالف وفي هجر المبتدع وفي تبرئة أهل السّنة- كلامه في ذلك ينسف ما أسّس عليه كتابه الذي يتعلق به المبتدعة الحزبيون تَعَلُّق الغَريقِ بالقَشّة لا تُغني عنه شيئاً وهو تصنيف الناس بين الظن واليقين.
المقولات الباطلة من مِثْل: (لا تصدّعوا الصف من الداخل)، (لا تثيروا الغُبار من الخارج)، مِن مِثْل: (نلتقي فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضُنا بعضاً فيما اختلفنا فيه)، ومِن مِثْل قولهم: (لا تُحركوا الخلاف بين المسلمين)، ومِن مِثْل قولهم: (ليس المهم أن نتعاونَ لكن لا نتعادى)، ومِن مِثْل: (وحدة الصف قبل وحدة الرأي).
هذه المقولاتُ كلُّها باطلةٌ مردودةُ على قائليها، بل الردُّ إذا استوفى شروطه واستكمل آدابه ينتفع به حتى المردودُ نفسه!
فالمردودُ عليه ينتفع بالرد عليه إذا كان الردُّ مؤسساً على قواعد الشريعة وحاجزاً له عن الإيغال في الباطل والمُضي في طريق البدعة؛ فإنه يستفيد من ذلك استفادةً عظيمةً وينتفع به انتفاعاً كبيراً.
ذكر الذهبي -رحمه الله- في (سِيَر أعلام النُّبلاء) عن أبي صالحٍ الفّراء قال: (حكيتُ ليُوسف بن أسباط عن وكيعٍ شيئاً من أمر الفتن؛ فقال:ذلك أستاذه -يعني الحسن بن صالح- قال: فقلتُ ليُوسف:أما تخافُ أن تكونَ هذه غِيبةٌ، قال:ذاك أستاذه -يعني الحسن بن صالح- فتورّع الرجلُ، فقال: أما تخشى أن تكونَ غِيبةٌ! أتغتاب المسلمين؟!)
كما قِيل لابن أبي حاتم وهو يقرأ على القوم كتابه الجليل (الجرح والتعديل)، فدخل عليه رجلٌ صوفيّ؛ فقال: أما تستحي أما تخاف من الله!؛ تذكر هؤلاء الناس -يعني مَن مات منذ مائة سنة ومائتي سنة- يقول: ولعلّمهم حطوا رجالهم في الجنة منذ ماتوا! أما تخشى أن تكون غيبة! فارتعدت فرائصُه وسقط الكتابُ من يده ثم فاء إلى سبيل الهُدى والرشاد، إلى طريقة النبي -صلى الله عليه وآله وسلّم- وطريقة الأصحاب -رضي الله تبارك وتعالى عنهم-.
وترجم ذلك الإمام أحمد فيما مرَّ ذِكرُه؛ إذا سكتَّ أنتَ وسكتُّ أنا، فمتى يعرف الجاهلُ الصحيحَ من السّقيمِ؟!
تشتبه المَعالِم وتختلط الدُّروب ويصير الناس في حال فوضى؛ يتلقى الواحد منهم مقولات أهل الزيغ والبدعة والضلال على أنها صَريحُ الدين وحقيقة الإسلام العظيم الذي جاء به نبيه الأمين -صلى الله عليه وآله وسلّم-.
(قال: قلتُ ليُوسفَ: أما تخافُ أن تكونَ هذه غِيبةً، فقال لي: لِمَ يا أحمق!؛ أنا خيرٌ لهؤلاء من آبائهم وأمهاتهم؛ أنا أنهى الناس أن يعملوا بما أحدثوا فتتبعهم أوزارُهم ومَن أطراهم كان أضرَّ عليهم).
مَن أطراهم كان أضرَّ عليهم، مَن قال له: أنتَ أميرُ السفهاء خيرٌ له ممَن قال له: أنتَ أميرُ الفقهاء!
أنا خيرٌ لهم من آبائهم وأمهاتهم؛ أنا أنهى الناسَ أن يعملوا بما أحدثوا فتتبعهم أوزارُهم، ومَن أطراهم كان أضرَّ عليهم!
أخرج أبو نُعَيمٍ في (الحِلية) قال: (قال عاصمٌ الأحول: جلستُ إلى قتادة فذكر عمرو بن عُبيد فوقع فيه ونال منه، فقلتُ: أبا الخَطّاب، ألا أرى العلماء يقع بعضهم في بعض! -اشتبه عليه، غفر الله له، وما زالت هذه تتلقفها الألسنُ إلى هذا العصر وستظل!-قال: ألا أرى العلماء يقع بعضهم في بعض!، فقال: يا أحولُ، أولا تدري أن الرجل إذا ابتدع ينبغي له أن يُذكر حتى يُحذر -قال يا أحول، كما قال يُوسف بن أسباط لأبي صالحٍ الفرّاء: لِمَ يا أحمقُ، وإذا وقفتَ فَقَلْقِلِ القاف؛ إذ تقع ساكنةً. لِمَ يا أحمق، أنا خيرٌ لهؤلاء من آبائهم وأمهاتهم إلى آخر ما قال- وهنا يقول: يا أحول، أولا تدري أن الرجل إذا ابتدع ينبغي له أن يُذكر حتى يُحذر).
هذا صراطُ اللهِ مستقيماً فاتبعوه. هذا دين -محمد صلى الله عليه وآله وسلّم-، وسبيلُ رسولِ الله -محمد صلى الله عليه وآله وسلّم-.
قال الشاطبي -رحمه الله- مُعلّقاً على هذا الأثر -عينه-: (فَمَثَلُ هؤلاء لابدّ من ذكرهم، والتشريد بهم؛ لأن ما يعود على المسلمين من ضررهم إذا تُركوا أعظمُ من الضرر الحاصل بذكرهم والتنفير عنهم، إذا كان سبب ترك التعيين الخوف من التفرق والعداوة، فلا شك أن التفرق بين المسلمين والداعين إلى البدعة وحدهم إذا أُقيم عليهم أسهل من التفرق بين المسلمين وبين الدّاعين ومَن شايعهم واتّبعهم) -يعني إذا كثر سوادهم فإن الفُرقة حينئذٍ تكون أشدّ ولأن الخصام يكون أعظم وهذا ضررٌ وهذا ضررٌ-قال: إذا تعارض الضرران يُرتكب أخفهما وأسهلهما وبعض الشر أهون من جميعه؛ فقطع اليد المتآكلة، إتلافها أسهل من إتلاف النفس، فهذا شأنُ الشّرع أبداً: أن يُطرح حُكم الأخف وقاية من الأثقل). انتهى كلام الشاطبي -رحمه الله- في كتابه الجليل (الاعتصام).
بيّن شيخُ الإسلامِ -رحمه الله- معنى كلام الإمام أحمد في الرد على أهل البدع؛ فقال: (بيّن -رحمه الله- أن نفع هذا عامٌ للمسلمين في دينهم من جنس الجهاد في سبيل الله؛ إذ تطهير سبيل الله ودينه ومنهاجه وشريعته ودفع بغي هؤلاء وعدوانهم على ذلك واجبٌ على الكفاية باتفاق المسلمين، ولولا مَن يقيمه الله لدفع ضرر هؤلاء لفسد الدين وكان فسادُه أعظمَ من فساد استيلاء العدو من أهل الحرب؛ فإن العدو من أهل الحرب إذا استولوا لم يفسدوا القلوبَ إلا تَبَعَاً، وأمّا أولئك فهم يُفسدون القلوبَ ابتداءً)
يحرّفون الدين ويشوهون حقيقة اليقين، وما جاء به النبي الأمين -صلى الله عليه وآله وسلّم- يفعلون ذلك ابتداءً؛ لأنهم يدخلون باسم الدين ويتسللون باسم الإسلام العظيم ويفسدون وهم يلبسون مُسوح الإصلاحيين، وأما أهل الحرب من الخارج فمعلومٌ خطرهم، معلومةٌ عداوتهم؛ وعليه فالمسلمون منهم في حَذَرٍ يتوقون ويحذرون لا يُطاوعون ولا يستجيبون وإن فعلوا فإن ذلك يأتي تبعاً لا ابتداءً!
توارد كلامُ أئمة السّنة الذين صنّفوا في اعتقاد أهل السنة والجماعة على أن من أخص خصائص أهل السّنة ومن أعظم أصولهم وأبرز علاماتهم: أنهم يُبغضون البدع وأهلها، ويقومون على أهل البدعة أعظم قيامٍ وأكبره.
هذا من أعظم وأجلّ وأكبر علامات وشعائر أهل السّنة، شعارهم أنهم يحاربون الشرك وأهله، ويطاردون البدعة وأهلها، ولا يهادنون في ذلك ولا يُسالمون.
والأئمة الذين صنّفوا في اعتقاد أهل السّنة تواردوا جميعاً على إثبات هذا الأصل من أصول أهل السنة والجماعة وبيّنوا هذه العلامة العظيمة من علامات أهل السّنة، وهي فارقةٌ بين السّني ومَن تشبه بالسّني وليس منه في قليلٍ ولا كثيرٍ.
مِن هؤلاء الأئمة: الإمام أحمد، وولده عبدالله، والخلال، والبربهاري، والآجري، واللالكائي، والصابوني، والأصبهاني، وأبو الحسن الأشعري، وغيرهم لا تكادُ تخلو مصنفاتهم من النص على هذا الأصل مع تأصيله وسَوق الأدلة عليه وإيراد كلام السّلف من الصحابة ومَن تبعهم بإحسانٍ على تأسيسه وتقعيده ورفع شاراته ووضع دعائمه.
قال أبو عثمان الصابوني -رحمه الله- في (عقيدة السلف) في بيان علامات أهل السنة، في بيان علامات أهل السنة، قال: (ويُبغضون أهلَ البدع الذين أحدثوا في الدين ما ليس منه ولا يحبونهم ولا يصحبونهم ولا يسمعون كلامهم ولا يجالسونهم ولا يجادلونهم في الدين - ولا يجادلونهم في الدين -ولا يناظرونهم، ويرون صَون آذانهم عن سماع أباطيلهم التي إذا مرّت بالآذان وقرّت في القلوب ضرّت وجرّت إليها من الوساوس والخَطرات الفاسدة ما جرّت، وفيه أنزل الله -عز وجل- قوله: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ﴾ [الشورى:21].
وذكر -رحمه الله- ما اتفق عليه أهل السنة من ذلك ؛فقال: (واتفقوا -يعني أهل السنة- على القول بقهر أهل البدع وإذلالهم وإخذائهم وإبعادهم وإقصائهم والتباعد منهم ومن مصاحبتهم ومعاشرتهم والتقرّب إلى الله بمجانبتهم ومهاجرتهم).
هذا عقيدة السلف للإمام الصابوني -رحمه الله- يذكر هذا الاتفاق -هذا الإجماع-، قال: واتفقوا -يعني أهل السنة- على القول بقهر أهل البدع وإذلالهم وإخذائهم وإبعادهم وإقصائهم والتباعد منهم ومن مصاحبتهم ومعاشرتهم والتقرّب إلى الله بمجانبتهم ومهاجرتهم.
وقال الأصبهاني -رحمه الله- في كتابه الجليل (الحُجة في بَيان المَحَجّة): (وعلى المرء محبة أهل السنة أي موضعٍ كانوا رجاء محبة الله له -إنه يحب أولياء الله فيحبه الله- فعلى المرء محبة أهل السنة أي موضعٍ كانوا -من الأرض من شرقٍ وغربٍ من شمال وجنوب- رجاء محبة الله له، وعليه بُغض أهل البدع أي موضعٍ كانوا حتى يكونَ ممَن أحب لله وأبغضَ لله، وعليه ترك مجالسة أهل البدع ومعاشرتهم؛ لأن ترك مجالسة أهل البدع وترك معاشرتهم سنة).
يقول الأصبهاني الإمام -رحمه الله-: (وترك مجالسة أهل البدع ومعاشرتهم سنة، لئلا تعلق بقلوب ضعفاء المسلمين بعض بدعتهم وحتى يعلم الناس أنهم أهل البدعة، ولئلا تكون مجالستهم ذريعة إلى ظهور بدعتهم).
وحكى أبو الحسن الأشعري -رحمه الله تعالى- في كتابه (مقالات الإسلاميين)- حكى جملة معتقد أهل السنة أصحاب الحديث- ومما قال: (ويرون مجانبة كل داعٍ إلى بدعة، والتشاغلَ بقراءة القرآن وكتابة الآثار والنظر في الفقه).
وقال ابنُ أبي زَمَنِينَ -رحمه الله تعالى-: (ولم يزل أهلُ السنة يعيبون أهلَ الأهواء المضلة، وينهون عن مجالستهم ويخوّفون فتنتهم ويخبرون بخلافهم ولا يرون ذلك غِيبةً لهم).
ولا يرون ذلك غيبةً لهم، بل هو من أعظم ما يُتقرب به إلى الله إن استقامت الطريقة وخلصت النية؛ لأن المرء ربما رد على مبتدع مُشاقٍ معاند بما هو فيه وكما ينبغي أن يردّ ولكنه لا يردّ حين يردّ لله وإن كان كلامه حقاً في حقيقته مستقيماً على طريقته ولكنه يكون راداً عليه لبغضٍ له في قلبه أو منافسةٍ له على رئاسة أو ما أشبه فلا يكون رده لله.
وما من عملٍ يُقبل عند الله حتى يكون خالصاً لله؛ فلابدّ من إخلاص النية في الرد أولاً ثم يكون الرد على منهاج النبوة كما جاء به رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلّم-.
وذكر البربهاري في (شرح السنة) وأبو نُعيمٍ في (الحلية) وابن بطة في (الإبانة الكبرى) واللالكائي في (شرح أصول الاعتقاد) عن سفيان الثوري -رحمه الله- قال: (مَن أصغى بأذنه إلى صاحب بدعةٍ خرج من عصمة الله، ووكُل إليها -يعني إلى البدع-).
وذكر البربهاري وابن بطة واللالكائي بإسنادٍ صحيح عن الفضيل بن عياض -رحمه الله- قال: (لا تجلس إلى صاحب بدعة؛ فإني أخاف أن تنزلَ عليك اللعنة).
قال: لا تجلس إلى صاحب بدعة؛ فإني أخاف أن تنزل عليك اللعنة، هم أعظم السّراق؛ لأن السّراق الذين يعتدون على مالك ويَسْتَلِبُون أشياءك إنما يأخذون عَرَضَاً من عَرَض الدنيا، وأما الذي يسرق قلبك ويسلب روحك فإنه يدمر آخرتك، هم أعظم السّراق.
قال الفضيل -رحمه الله-: (مَن أحب صاحب بدعةٍ أحبط اللهُ عمله وأخرج نور الإسلام من قلبه). أخرجه أبو نُعيمٍ وابنُ بَطّة واللالكائي بإسنادٍ صحيحٍ.
وقال -رحمه الله- كما ذكر البربهاري وأبو نعيم وابن الجوزي في (تلبس إبليس): (مَن عظّم صاحب بدعةٍ، فقد أعان على هدم الإسلام، ومَن تبسّم في وجه مبتدع فقد استخفّ بما أنزل اللهُ على محمد -صلى الله عليه وآله وسلّم-، ومَن زوّج كريمته من مبتدعٍ فقد قطع رحمها، ومَن تَبِعَ جنازة مبتدع لم يزل في سَخَط الله حتى يرجع).
هذا أصلٌ من أصولِ الديانة، ومَعْلَمٌ من معالم الشريعة، وهو أمس ما يكون رحماً بعقيدة المرء المسلم، وهو من دعائم وعلائم منهاج النبوة كما جاء به رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-.
ولم يكن السلف من الصحابة ومَن تبعهم بإحسان يغترون بزهد الرجل ولا بحسن ألفاظه وتتبعه لآثار أهل العلم ولا بكثرة وعظه الناسَ ولا بغير ذلك ما لم يكن على السّنة النبوية والجادة السلفية، ما كانوا يأبهون له ولا يعبئون به، بل يجعلونه وراءهم ظهرياً مع التنفير من طريقته والتحذير من سلوك منهجه.
وكيف يغترون وعندهم الفُرقان الذي جاء عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلّم-، وقد أخبر الصحابةَ عن حال الخوارج ومدى عبادتهم وزهدهم، وبيّن للصحابة أنهم يحقرون صلاتَهم مع صلاتِهم وصيامَهم مع صيامِهم وتلاوتَهم مع تلاوتِهم، وهذا الإخبار بهذه الكثرة الكاثِرة والعبادة المفرطة جاء في سياق التحذير منهم والذمّ لهم وعدم الاغترار باجتهادهم فَذُكر تحذيراً، وذُكر تنفيراً لم يُذكر مدحاً ولا إرشاداً لسبيلهم ومنهجهم، إنما ذُكر تنفيراً عنه وتشريداً بهم.
وصف رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلّم- الخوارج بحالهم وبيّن أن قتلاهم شر قتلى تحت أديم السماء، وأنه إن أدركهم ليقتلنهم قَتْلَ عادٍ، وأنّ خيرَ قتيلٍ تحت أديم السماء مَن قتلوه وأنهم يَمْرُقون من الدين كما يَمْرُق السهم من الرمية، وأنهم كانوا كذلك -مع كثرة عبادتهم- لأنهم انطووا على البدعة؛ فلم تُغْنِ عنهم عبادتهم شيئاً؛ لأن الله -جل وعلا- لا يقبل من صاحب بدعة صرفاً ولا عدلاً، لا يقبل الله -رب العالمين- من صاحب بدعة صرفاً ولا عدلاً حتى يدع بدعته.
والله -رب العالمين- لا يتوبُ على صاحبِ بدعة فتوبته بعيدة؛ لأن المسكين يحسب -بل يعتقد- أنه على الجادة، وإذا قيل له: تُبْ. قال: أتوبُ من الطاعة! أتوبُ من المعروف! استهجن كلامَ ناصحه جداً فيبقى على ما هو عليه مُقيماً حتى يرد الموارد نسألُ اللهَ السلامةَ والعافيةَ.
فهم الصحابةُ -رضي الله عنهم- عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلّم- فلم يغتروا بحال الخوارج لمّا ظهروا ولم يغتروا بمقالهم، بل أدركوا مواطن التلبيسِ في كلامهم، فلمّا رفع الخوارجُ شِعارهم وقالوا: لا حُكم إلا لله. قال علي -رضي الله عنه-: كلمةُ حقٍ أُريدَ بها باطلٌ!
إن رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وآله وسلّم- وصف أقواماً بنعتهم، وإن هؤلاء منهم ما اغترّ واحدٌ من سلفنا الصالحين من الصحابة ومَن تبعهم بإحسان بحالِ مُبتدع ولا بمقاله، فقال علي ما قال -رضي الله عنه- وقاتلهم وقتلهم وأظهره الله تعالى عليهم، ولم يُخدع ولا أحدٌ من الصحابة بحالهم ولا بحال غيرهم من أهل البدع.
جاء يحيى بن يَعْمَر وحميد بن عبدالرحمن الحِمْيَرِي إلى عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- فأخبراه عن حال القَدَرِيَّة الذين يقولون: الأمر أُنُف، وإنه لا قَدَر -إلى غير ذلك من مقولاتهم الباطلة- وأظهروا هذا الأمر -يعني القَدَرِيَّة - بالبصرةِ؛ فقالا لمّا سألا ابن عمر -رضي الله عنهما-: إنه ظهر قِبَلنا أقوامٌ يقرءون القرآن -والخوارج يحقر الصحابة تلاوتَهم مع تلاوتِهم- والقَدَرِيَّة يقرءون القرآن ويتقفرون العِلم -أي يطلبونه ويتتبعونه- وذكرا من شأنهم –أي من شأن القَدَرِيَّة ومن صفاتهم- وأنهم مع ذلك يزعمون أنه لا قدر وأن الأمر أُنُف.
لم يغتر ابن عمر -رضي الله عنهما- بتلك الأعمال ولا بطلب العلم وتتبعه ولا بِشَقْشَقَات اللسان؛ لأن هؤلاء أظهروا البدعة، فقال -رضي الله عنه-: إذا لقيت هؤلاء فأخبرهم أني بريء منهم وأنهم بُرَآء مني، والذي يحلف به عبد الله بن عمر لو أنّ لأحدهم مثل أُحُدٍ ذهباً فأنفقه ما قَبِل اللهُ منه حتى يُؤمن بالقدر. والحديثُ أخرجه مسلمٌ في صححيه.
لا تغني عنهم عبادتهم شيئاً، لا يغني عنهم اجتهادهم شيئاً، ولا وَعْظُهم يغني عنهم شيئاً ما داموا على البدعة؛ فإن استقاموا فالقليل يُجزئ واليسير مجزئٌ والبركةُ فيه حينئذ؛ لأنه على جادة رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلّم-.
قال البربهاري -رحمه الله- في (شرح السّنة): (واعلم رحمك الله أنّ العلم ليس بكثرة الرواية والكُتُب؛ إنما العالمُ مَن اتّبع العِلم والسنن وإن كان قليل العِلم والكتب، ومَن خالف الكِتاب والسّنة فهو صاحبُ بدعة وإن كان كثير العلم والكتب)
لا تغترنّ بحال أحد حتى تضعه على المَحَك: على الكتاب والسنة بفهم الصحابة ومَن تبعهم بإحسان، فإن استقام حالُه فبها ونُعْمَى عين، وإن لم يستقم حالُه فاجعله دَبْرَ أذنيكَ وراءكَ ظهرياً ولا تلتفت إليه ولا تعرّج عليه وإلاّ أضلكَ وحَرَفَكَ عن الصراط المستقيم.
ذكر أبو يعلى في (طبقات الحنابلة) مراجعة جارِ علي بن أبي خالد للإمام أحمد لمّا حذره من حارثٍ المُحاسَبي، قال الرجل: يا أبا عبدالله يروي الحديثَ ساكنٌ خاشعٌ من قصته ومن قصته، قال: فغضب أبو عبدالله وجعل يقول: لا يغرّك خشوعه ولينه، ويقول: لا تغترّ بتنكيس رأسه؛ فإنه رجلُ سُوءٍ، ذلك لا يعرفه إلا مَن خبره! لا تكلمه، لا كرامة له ولا نُعْمَى عين، وجعل يقول: ذاك! ذاك! رحمة الله عليه.
لم يُخدع الصحابة -رضي الله عنهم- ولم يُخدع مَن تبعهم بإحسان من أئمة الهدى والخير، لم يُخدعوا جميعاً بأحوال مَن خالف السنة ،وأحدث في دين الله ما ليس منه وإن بلغت أحوالهم ما بلغت، وكيف يُخدعون وعندهم الفُرقان وقد جاءهم من ربهم الهدى.
لم يغترّ السلفُ بأعمال أهل البدع ولا بزهدهم ولا بطلبهم العلم بل كان ذلك داعيةً لاجتهادهم في التحذير منهم وهجرهم لاغترار كثير من الناس بحالهم وجهلهم بحقيقة ما هم عليه وما يدعون إليه.
ولم يلتبس على طلاب العلم ما كانت الدنيا تموج به صنيعُ الأئمة، فلم يخلط طلاب العلم بين ترجمة الرجل وجرحه، ثم خَلَفَ من بعدهم خُلوف اتبعوا أهواءهم وتنكبوا سبيل سلفهم وجانبوا الصراط المستقيم، وقاموا على بُنيّات الطريق فخلطوا بين ترجمة الراوي وجرحه وأتوا بالموازنات فضلوا وأضلوا وحادوا عن الصراط المستقيم، نسألُ اللهَ أن يهدينا إلى الرشدِ والطريق القويم، إنه على كل شيء قدير، وصلى الله وسلّم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
الخطبة الثانية
الحمدُ لله ربّ العالمين، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له هُو يتولّى الصالحين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله -صلى الله عليه وآله وسلّم- صلاةً وسلاماً دائمين متلازمين إلى يوم الدين.
أمّا بعدُ:
فإنه في مسيرة هذا العِلم الشريف عِلم الشريعة- الذي أسسه رسولُ الله -صلى الله عليه وآله وسلّم- بوحي الله على الكِتاب والسنة، لم يكن يوماً من الدهر مُلتبساً على أحدٍ من طلاب العلم صنيعُ الأئمة بل كانوا بصنيعهم واعين ولحقيقة ما قرروه مدركين، لم يخلطوا بين ترجمة الرجل وجرحه.
كتب التراجم والتاريخ (كتاريخ الإسلام، وسير أعلام النبلاء، والبداية والنهاية) وغيرها تذكر ما للرجل وما عليه -وما عليه إن كان مجروحاً-.
أمّا كتب الجرح والتعديل (كالجرح والتعديل) لابن أبي حاتم و (تهذيب الكمال) للمِزّي و(ميزان الاعتدال) للذهبي، هذه الكتب لا يُذكر للمجروح فيها إلا جرحه. فرقٌ بين ترجمة الرجل وجرحه! والخلط بين هذين الأمرين مَعيبٌ مَعيبٌ.
قال الذهبي -رحمه الله- في (سير أعلام النبلاء) في ترجمة ابن أبي دؤاد -وابن أبي دؤاد لم يكن من النبلاء أصلاً حتى يُسلك في سِلك أعلامهم! ولكن الذهبي -رحمه الله- ذكره في سير أعلام النبلاء، وقد كان ابن أبي دؤاد داعية التّجهّم الأكبر وكان حاملاً لواء البدعة في حرب أهل السنة وفي إيذاء أعلامها- قال الذهبي -رحمه الله- في ترجمته في السير:( القاضي الكبير أبو عبدالله أحمد بن أبي دؤاد الجَهمي عدو أحمد بن حنبل كان داعيةً إلى خلق القرآن، له كرمٌ وسَخاءٌ وأدبٌ وافرٌ ومكارم ولم يُضف إلى كرمه كرم، قال أبو العيناء‏ كان شاعراً مجيداً، فصيحاً بليغاً) وذكر الذهبي -رحمه الله- بعضَ ما جُرح به.
هذا كله في ترجمته: كرمٌ وسخاءٌ وأدبٌ وافرٌ وعطاءٌ وذكر جرحه؛ يُترجم له، فيذكر ما له وما عليه، فلمّا ذكره في (ميزان الاعتدال) قال: (أحمد بن أبي دؤاد، القاضي، جَهْمِيّ بغيض، هلك سنة أربعين ومائتين، قلّ ما روى). لم يزد على ذلك حرفاً! فجرحه: جَهْمِيّ بغيض، وَسَمَه بما ينبغي أن يُوسَم به فصار خارج إطار القبول.
وإن كان له -كما قال في السير- : كرمٌ وسخاءٌ. ما ينفعنا هذا وما علاقتنا به؛ إنما ننظر في التراث الذي خلّفه لأنه حق الأمّة ويجب على الأمّة أن تنظر فيه لتزيّف زائفه وتنفي باطله وتحذّر منه، وأمّا أن تقبله على عِلّاته فما هذا من منهاج سلفنا المتقدمين، ولا هو من شأن طلاب العلم الجادين بل ولا من شأن العقلاء الفاهمين.
وأمّا القوم فيخلطون عمداً كي يمرروا أئمة البدعة الذين جعلوهم أئمة! ويدّعون أنهم في السّنة أئمة ﴿كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا﴾ [الكهف:5].
وهذا صنيعُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما أخرج مسلمٌ في صحيحه من رواية فاطمة بنت قيس -رضي الله عنها- جاءت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- تستشيره. قالت: يا رسول الله إن مُعاوية بن أبي سفيان وأبا جَهْمٍ خطباني -تريد أن يختار لها صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عنها- فماذا قال رسول الله؟
قال -صلى الله عليه وآله وسلّم-: أمّا أبو جَهْمٍ فلا يضع عصاه عن عاتِقه؛ وفيها لأهل العلم من أهل الحديث قولان: قالوا: إنه لا يضع عصاه عن عاتِقه أي هو لا يكفُّ عن الرحلة أبداً؛ جوابُ آفاق، هذا قولٌ، والثاني أنه ضَرّابٌ للنساء لا يضع عصاه عن عاتِقه، وأمّا مُعاوية فصُعلوكٌ لا مالَ له.
هذا كلام النبي -صلى الله عليه وسلّم- ألم يكن في مُعاوية وهو كاتب الوحي بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلّم-، ألم يكن فيه من الفضائل ما يذكره النبي -صلى الله عليه وسلّم- قُبالة ما ذكر فيه؟! ألم يكن في أبي جَهْمٍ -رضي الله عنه- من الفضائل والفَواضِل ما يذكره رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- عاقداً الموازنة بين الحسنات والسيئات؟!
أين هذا في كلام الرسول؟! هذا كلام أهل البدعة الذين حَرَفُوا الأمة عن الصراط المستقيم وأضلوا الشباب عن الطريق القويم، طريق النبي الكريم -صلى الله عليه وسلّم-. هذا صنيعه؛ أمّا أبو جَهْمٍ فإنه لا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصُعلوكٌ لا مالَ له، ولكن انكِحي أسامةَ بن زيد. هذا صنيع الرسول -صلى الله عليه وسلّم-.
وعند البخاري في الصحيح عن عائشة -رضي الله عنها-: أن رجلاً استأذن على النبي -صلى الله عليه وآله وسلّم- فقال -صلى الله عليه وسلّم-: ائذنوا له، بئس أخو العشيرة أو بئس ابن العشيرة - هذا كلام الرسول -صلى الله عليه وآله وسلّم- هل التزم أن يذكر ما له في مقابل ما عليه؟!
لقد ذكر الله الكفار في القرآن وحذّر منهم وذكرهم بما هم له أهلٌ، وبيّن مآلهم ومصيرهم دنيا وآخرة، وكانت لهم فضائل؛ كانوا أهل نَجْدَة يغيثون الملهوف وبعضهم ينصر المظلوم وكانوا يُطعمون ويبذلون الأموال ولهم بعضُ الأخلاق الصالحة مما كان قَبْلُ مما توارثوه. فهل ذكر ربنا جلّت قدرته لهؤلاء شيئاً من ذلك؟!
هذا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلّم- كما أخرج البخاري في الصحيح لمّا جاءت هندُ بنت عُتْبَة -رضي الله عنها- فقالت: يا رسولَ الله إن أبا سفيان رجلٌ شَحيحٌ، وإنه لا يعطيني ما يكفيني وولدي، أفأخذ من ماله من غير علمه؟ فقال: نعم خذي ما يكفيك ويكفي ولدك بالمعروف.
لم يقل لها ولكن يا هند هو وإن كان شحيحاً إلا أنه فيه من الخير ما فيه وفيه من الفَواضِل ما فيه ويعدُّ ما له من الحسناتِ -رضي الله عنه-؛ هل فعل النبي شيئاً من ذلك؟! -صلى الله عليه وآله وسلّم-.
إذا كان المقامُ مقامَ جرحٍ لا تُذكر حسنةٌ وإلا أضعفت الجرح كما قال العلامةُ المحدث الألباني -رحمه الله تعالى-.
هذا طريقُ السلف ومنهاجُ النبوة، عند جرح الرجل: لا تُذكر حسناته. عند الترجمة: اذكر ما له وما عليه. ما لنا ولترجمته نحن في وصف حاله مجروحاً؛ إذ نحذر منه الأمّة.
أرأيتَ لو أن رجلاً به طاعون وكان جَواداً كريماً فارساً باسلاً مِعطاءً آمراً بالمعروف ناهياً عن المُنكر، فأصابه طاعون فعزلناه، أن نقول: لا نعزله لأن ما به من الطاعون لا يقوم بإيذاء ما فيه من الفضل والخير فنطلقه في المجتمع، ولا نأخذ بما قال رسولنا -صلى الله عليه وآله وسلّم-: (إذا نزل وأنتم بأرضٍ فلا تخرجوا منها، وإذا كنتم خارجها فلا تدخلوها -يريد الطاعون-).
صاحبُ البدعةِ أشد فتكاً بالمسلمين من صاحب الطاعون بهم؛ هذا طاعون القلوب، طاعون الأرواح، هذا مُبير الآخرة، مهلك المآل، هذا الذي يَحْرِفُ الناسَ عن الصراط المستقيم.
إذا تركته في المجتمع طليقاً -أو بذريعة أن له حسنات وهذا الذي به لا يقاوم حسناته- إذا أطلقته في المجتمع أهلكتَ المجتمع، وهذا كله في الأبدان فكيف بالقلوب والأفئدة والأرواح، هذا في الحياة الدنيا فكيف بالحياة الباقية الأخرى.
الأمر لا يلتبس على ذي عقل ولكن إذا أضلّ الله -تبارك وتعالى- قوماً، فلا هادي لهم، نسألُ اللهَ رب العالمين أن يهدينا وأن يجنبنا الضلال والإضلال.
هذا كله لِمَ؟! لأن البدعة شأنها خطير؛ فهي أحب إلى إبليس من المعصية -أي التي ليست ببدعة- هي بريد الكفر.
البدعةُ لا يُتاب منها والمعصية يُتاب منها، العاصي على رجاء التوبة والإنابة، وأمّا المبتدع فإنه مستمرٌ في عَماية الغواية.
المبتدعُ ماسخٌ للدين، محرّفٌ للشريعة، وأمّا العاصي فواقعٌ في أمرٍ هو معصية يقرّ بأنه معصية والناس يعلمون وعلى رجاء أن يتوبَ.
والبدعة تنقسم باعتبار تعلقها بالاعتقاد إلى: عمليةٍ واعتقاديةٍ.
فالعملية ما كانت عملاً من أعمال الجوارح؛ كالذكر أمام الجنازة وكصلاة الرغائب وصلاة النصف من شعبان إلى غير ذلك من البدع العملية.
وأما البدعة العَقَدية؛ فما كان اعتقاداً للشيء على خلاف ما هو عليه المعروفُ عن الرسول -صلى الله عليه وآله وسلّم- لا بمعاندةٍ ولكن بنوع شبهة سواءٌ كان مع الاعتقاد عملٌ أو لا.
البدعة الاعتقادية من أخطر ما يُصيب القلوب، ولذلك حذّر منها الكتاب والسنة ﴿يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ﴾ [آل عمران:106]. قال ابن عباسٍ -رضي الله عنهما-: (تبيض وجوه أهل السنة والجماعة، وتسود وجوه أهل البدعة والفُرقة).
البدعة لا يُقبل معها عملٌ كما بيّن الرسول -صلى الله عليه وآله وسلّم- في شأن الخوارج يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، أين التلاوة؟! أين العبادة؟! من صلاةٍ وصيامٍ وغيرِ ذلك يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، وكما قال ابن عمر في شأن القَدَريّة: (لو أن لأحدهم مِثل أُحُدٍ ذهباً فأنفقه لم يُقبل منه حتى يؤمن بالقدر).
البدعةُ لا يُقبل معها عملٌ مهما بلغ، وتذكّر الخوارج كما وصفهم رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- في عبادتهم، هل أغنى عنهم ذلك شيئاً؟! لا يُقبل منهم عملٌ.
وصاحبُ البدعةِ ملعونٌ على لسان الشريعة كما بيّن رسولُ الله -صلى الله عليه وسلّم- في الحديث الذي رواه عليٌّ وأخرجه مسلمٌ: إن الذين لعنهم النبي -صلى الله عليه وآله وسلّم- ولعن اللهُ مَن آوى مُحْدِثاً -والمُحْدِثُ إما أن يكون محدثاً بجناية، وإما على الأصل أن يكون محدثاً لبدعة فهو ملعونٌ على لسان رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلّم-.
إيّاك أن تغتر؛ لأنك لا تضع الأمور مواضعها بحقيقة الأمر وما عليه القومُ؛ لأنهم يضلون المسلمين.
والبدعةُ الاعتقادية أكبر من الزنا، ومن إتيان الذكران من العالمين، ومن شرب الخمر، ومن قتل النفس التي حرّم الله إلا بالحق.
البدعةُ الاعتقادية أمرها كبير، مَن وقّر صاحبها فهو معينٌ على هدم الإسلام، مَن وقّر صاحب بدعةٍ فقد أعان على هدم الإسلام!
والابتداع في الدين يفرّق الأمّة ويمزّق وحدتها وتأمّل في الواقع اليومَ عندما يدعو أهلُ السّنة طوائف الأمّة إلى العودةِ إلى الأصلِ والنبع الصافي النمير، إلى كتاب الله وسنة رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلّم- بفهم أصحاب النبي ومَن تبعهم بإحسانٍ.
تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نحكّم إلا كتاب الله وسنة رسول الله بفهم أصحاب رسول الله ومَن تبعهم بإحسانٍ.
تأمّل في هذه الدعوة والدعوة المقابلة التي تدعو إلى المنهج الأرحب إلى العباءة التي تضم كل ذي بدعة وتجعلهم جميعاً في فُسطاطٍ واحدٍ ليتهارجوا تهارج الحمر وليتهارشوا تهارش السباع ولينهقوا نهيق الحمير. وأمّا أهل السنة فعلى الجادة المستقيمة.
تأمّل في دعوةٍ ودعوةٍ وقل لي بربك ﴿الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ ﴾ [الإنفطار:7-8]. أي الدعوتين أحرى بالاتباع؟ وأجدى بالنفع؟ وأولى بالقبول؟
أأدعوةُ إلى كتاب الله وسنة رسول الله بفهم أصحاب رسول الله ومَن تبعهم بإحسانٍ؟ أم اتباع الرجال في دين الله؟ اتباع الآراء من دون الوحي المعصوم: التقعيد والتنظير والتأصيل بوحي الشياطين، شياطين الإنس والجن.
قل لي بربك أيهما أعدلُ، أيهما أولى بالقبول وأحرى وأجدى بالنفع الحقيق؟
البدعة رافعةٌ للسنن التي تقابلها؛ البدع ترفع السنن التي تقابلها، كلما استقرت بدعة رُفعت سنة تقابلها.
الابتداع في الدين يمزّق الأمة ويمزّق وحدتها ويحطم كِيانها ويبدد طاقات أبنائها.
وصاحب البدعة عليه وزرها ووزر مَن عمل بها إلى يوم القيامة، ولو تأمّل المتكلمون في هذا وحده لأمسكوا شيئاً من انفلات ألسنتهم.
إن استطعتَ ألا تحكّ جلدكَ بظفركَ إلا بأثرٍ وسنةٍ فافعل، إياكَ أن تتكلم في مسألةٍ ليس لكَ فيها إمامٌ.
إنما يُسأل عن النّوازِل مَن يُحسن الاستنباط من كتاب الله وسنة رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلّم- وأمّا مَن حَسِبَ كلّ مُدَوَّرٍ رغيفاً، وكلّ بيضاء شَحْمَة، وروى عن كَسْتُور بن ضَمُّور وهَيَّان بن بَيَّان، فهذا لا يُسأل عن شيء ولو عن شَرْوَى نَقِير! فضلاً عن الدين فضلاً عن النّوازِل تنزل بالأمّة لا ينتصبُ لها إلا أهلُ الاستنباط من الأئمة.
صاحبُ البدعة لا يزداد من الله إلا بُعداً؛ فالخوارج لا يزدادون بعبادتهم من الله إلا بُعداً كما قرر الرسول -صلى الله عليه وسلّم-.
لا يرد الحوض ولا يحظى بشفاعة النبي -صلى الله عليه وآله وسلّم- مُبتدع؛ إن النبي -صلى الله عليه وآله وسلّم- يرى أقواماً يعرفهم ينادي عليهم وهم يُزادون زود غرائب الإبل عن حوض رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- فيناديهم فَيُقال: إنكَ لا تدري ما أحدثوا بعدكَ، فأقول سُحقاً سُحقاً لمَن أحدث بعدي. المبتدع لا يرد حوض النبي ولا يشرب من يده.
المبتدع يُنزع منه التوفيق ويُوكل إلى نفسه وليس لصاحب بدعةٍ توبة ويٌلقى على المبتدع في الدنيا الذُلّ والغضب من الله -جلّ وعلا- لأن النبي -صلى الله عليه وآله وسلّم- قال: وجُعل الذّلة والصغار على مَن خالف أمري -صلى الله عليه وآله وسلّم-.
المبتدعُ ذليلٌ؛ إنهم وإن هَمْلَجَتْ بهم البَراذِين، وطَقْطَقَتْ بهم البغالُ، هم أذل من الذباب، لا تغرنكم كثرتهم بكلِ سبيلٍ فليسوا بشيء إذ ليسوا على الجادة المستقيمة.
المبتدع يَسْوَدُّ وجهه في الآخرة، تُخشى عليه الفتنة، وبيّن لنا ربّنا في كتابه المجيد أنّ مَن خالف أمر النبي الكريم -صلى الله عليه وآله وسلّم- تُخشى عليه الفتنة.
وترجمة ذلك بالواقع العملي المنظور في عهد السّلف: الرجل الذي جاء إلى مالك -رحمه الله- فقال: يا أبا عبد الله إني أريدُ أن أحجّ، وأريدُ أن أُحْرِمَ من عند قبر رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلّم- قال: لا تفعل؛ فإني أخشى عليكَ الفتنةَ.
قال: يا أبا عبدالله وأي فتنة هي؟! وإنما هي أميالٌ أزيدها -الأصل أن يُحرم من ميقات أهل المدينة، أمّا هذا فتعبّد بأن يُحرم من عند قبر رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلّم- فخالفه -فقال: أخشى عليكَ الفتنة! قال أي فتنة؛ إنما هي أميالٌ أزيدها! قال: وأي فتنة هي أعظم من أن تظنّ أنكَ جئتَ بأمرٍ هو أعدل مما جاء به رسولُ الله -صلى الله عليه وآله وسلّم-.
تُخشى عليه الفتنةُ، الفتنةُ زيغٌ في القلب يُخشى على المبتدع زيغُ القلبِ حتى الكفر نسأل الله السلامة والثبات ويخافُ عليه سوء الخاتمة.
والمبتدع المسكين يُعَسِّر على الأمّة ما سهله رب العالمين، يعسّر عليها ما يُسِّر ويُصَعِّب عليها ما سُهِّل؛ لأن الدين جاء برفع الحَرج وإزالة المشقة ودفع العَنَت، فيجيء المبتدع؛ يأتي إلينا بأفكاره هو يُعَسِّر الدين ويعقّد الأمور على الأمة والمخرج واضح لا يلتبس.
ومَن ظنّ فضلاً عمَن اعتقد أنّ الله -جلّ وعلا- لم يجعل الحُجة في كتابه قائمة وعلى لسان نبيه -صلى الله عليه وآله وسلّم- ظاهرة إلى يوم الدين فقد أساء الظن بربه وأساء الظن بدينه وأساء الظن بنبيه -صلى الله عليه وسلّم-.
اعتقدْ أنه ما من نازلةٍ تنزل بالأمّة مهما بلغت -ولا نازلةَ هي أكبرُ من ظهور الدّجال فيها، هو أعظم فتنة تنزل منذ خلق الله -ربّ العالمين- السموات والأرض إلى آخر الدنيا، ومع ذلك جعل لنا نبينا -صلى الله عليه وسلّم- لائحةً المسالك، ودلّنا على النجاة من المهالك، فكيف بما دون ذلك- اعتقد اعتقاداً جازماً لا يتحلل أنه مهما نزلت بالأمة من نازلة، مهما بلغت ففي كتاب الله -رب العالمين- حَلُّ إشكاِلها، وكذا في سنة رسوله بيانُ بيانِها، ولكن عَلِمَ ذلك مَن علمه وجهله مَن جهله، فالله المستعان وعليه التّكلان وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

وفرغه/
أبو عبدالرحمن حمدي آل زيد المصري
10 مِنْ شعبان 1432هـ، الموافق 11/7/2011م.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 18 Jul 2011, 11:38 PM
سفيان بن عثمان سفيان بن عثمان غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
الدولة: دلس حرسها الله.
المشاركات: 362
افتراضي

بارك الله فيك أخي على هذا الجهد.

اللهم احفظ الشيخ محمدا، وبارك اللهم في عمره وعلمه.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 19 Jul 2011, 10:07 AM
أبو عبد الرحمان يونس شرقي أبو عبد الرحمان يونس شرقي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jul 2011
المشاركات: 25
افتراضي

نسال الله ان يبارك في ناصري السنة
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 19 Jul 2011, 10:10 AM
أبو همام وليد مقراني أبو همام وليد مقراني غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Mar 2010
الدولة: الجزائر العاصمة
المشاركات: 748
افتراضي

بارك الله في الشيخ و الكاتب و الناقل و القارئ و الإخوة جميعا
و حفظهم الله من كل سؤ آمين آمين
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 20 Jul 2011, 04:39 PM
أبو عبدالرحمن حمدي آل زيد أبو عبدالرحمن حمدي آل زيد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jul 2011
الدولة: مصر
المشاركات: 147
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى أبو عبدالرحمن حمدي آل زيد
افتراضي

آمين. ولكم بمثل إخوتي.

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013