منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 13 Dec 2015, 03:44 PM
أبو ربيع زبير مبخوتي أبو ربيع زبير مبخوتي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2015
المشاركات: 103
افتراضي تجربة الإمام الشَّوْكَانِيّ مَعَ الِاجْتِهَاد


✍ الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد: فهذه تجربة الإمام الشَّوْكَانِيّ مَعَ الِاجْتِهَاد يحكيها عن نفسِه تعليمًا لغيره ممن سلك طريق العلم، بأن يترك التقليد والتعصب، وألا يكتفي بما يتلقاه من شيخه في الدرس، بل لا بدَّ له من البحث و الفهمِ والسُؤال والمراجعة والمذاكرة وضبط المسائل والجِد في طلب، و قبل ذلك اللُجوء إلى الله وإظهار الإفتقار إليه والدعاء بالتوفيق وطلب العون منه… والله الموفق والمستعان.



•قال الإمام الشوكاني في كتابه «أدبُ الطلبِ ومُنتهى الأدبِ»:


وَإِنِّي أخْبرك أَيُّهَا الطَّالِب عَن نَفسِي تحدثًا بِنِعْمَة الله سُبْحَانَهُ ثمَّ تَقْرِيبًا لما ذكرت لَك من أَن هَذَا الْأَمر كامنٌ فِي طبائع النَّاس ثَابت فِي غرائزهم وَأَنه من الْفطْرَة الَّتِي فطر الله النَّاس عَلَيْهَا.
إِنِّي لما أردْتُ الشُّرُوع فِي طلب الْعلم وَلم أكن إِذ ذَاك قد عرفت شَيْئا مِنْهُ، حَتَّى مَا يتَعَلَّق بِالطَّهَارَةِ وَالصَّلَاة إِلَّا مُجَرّد مَا يتلقاه الصَّغِير من تَعْلِيم الْكَبِير لكيفية الصَّلَاة وَالطَّهَارَة وَنَحْوهمَا، فَكَانَ أول بحث طالعته، بحث كَون الفرجين من أَعْضَاء الْوضُوء فِي «الأزهار» وَشَرحه لِأَن الشَّيْخ الَّذِي أردْت الْقِرَاءَة عَلَيْهِ وَالْأَخْذ عَنهُ كَانَ قد بلغ فِي تدريس تلامذته إِلَى هَذَا الْبَحْث، فَلَمَّا طالعت هَذَا الْبَحْث قبل الْحُضُور عِنْد الشَّيْخ رَأَيْت اخْتِلَاف الْأَقْوَال فِيهِ، سَأَلت وَالِدي رَحمَه الله عَن تِلْكَ الْأَقْوَال أَيهَا يكون الْعَمَل عَلَيْهِ، فَقَالَ يكون الْعَمَل على مَا فِي الأزهار
فَقلتُ: صَاحب الأزهار أَكثرُ علمًا من هَؤُلَاءِ؟
قَالَ: لَا
قلت: فَكيف كَانَ اتِّبَاع قَوْله دون أَقْوَالهم لَازِما؟
فَقَالَ: إصنع كَمَا يصنع النَّاس فَإِن فتح الله عَلَيْك فستعرف مَا يُؤْخَذ بِهِ وَمَا يتْرك.
فَسَأَلت الله عِنْد ذَلِك أَن يفتح عَليّ من معارفه مَا يتَمَيَّز لي بِهِ الرَّاجِح من الْمَرْجُوح وَكَانَ هَذَا فِي أول بحثٍ نظرته وَأول مَوْضُوع درسته وَقَعَدت فِيهِ بَين يَدي الْعلم، فَاعْتبر بِهَذَا وَلَا تستبعد مَا أرشدتك إِلَيْهِ فَتحرم بركَة الْعلم وتمحق فَائِدَته،
ثمَّ مَا زلتُ بعد كَمَا وصفت لَك أنظر فِي مسَائِل الْخلاف وأدرسها على الشُّيُوخ وَلَا أعتقد مَا يَعْتَقِدهُ أهل التَّقْلِيد من حقية بَعضهم بِمُجَرَّد الإلف وَالْعَادَة والاعتقاد الْفَاسِد والاقتداء بِمن لَا يَقْتَدِي بِهِ، بل أسأَل من عندهُ علم بالأدلة على الرَّاجِح وأبحث فِي كتب الْأَدِلَّة عَن مَاله تعلق بذلك أستروح إِلَيْهِ وأتعلل بِهِ مَعَ الْجد فِي الطّلب واستغراق الْأَوْقَات فِي الْعلم خُصُوصًا عُلُوم الِاجْتِهَاد وَمَا يلْتَحق بهَا، فَإِنِّي نشطت إِلَيْهَا نشاطا زَائِدا لما كنت أتصوره من الِانْتِفَاع بهَا حَتَّى فتح الله بِمَا فتح ومنح مَا منح فَلهُ الْحَمد كثيرا حمدًا لَا يحاط بِهِ وَلَا يُمكن الْوُقُوف على كنهه، فَإِن وطنت نَفسك أَيهَا الطَّالِب على الْإِنْصَاف وَعدم التعصب لمَذْهَب من الْمذَاهب، وَلَا لعالم من الْعلمَاء بل جعلت النَّاس جَمِيعًا بِمَنْزِلَة وَاحِدَة فِي كَونهم منتمين إِلَى الشَّرِيعَة مَحْكُومًا عَلَيْهِم بِمَا لَا يَجدوا لأَنْفُسِهِمْ عَنْهَا مخرجا وَلَا يَسْتَطِيعُونَ تحولا فضلا عَن أَن يرتقوا إِلَى وَاحِد مِنْهُم أَو يلْزمه تَقْلِيده وقبول قَوْله فقد فزت بأعظم فَوَائِد الْعلم وربحت بأنفس فرائده.
ولأمرٍ مَا جعل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمنصف أعلم النَّاس وَإِن كَانَ مقصرا فَإِنَّهُ أخرج الْحَاكِم فِي «الْمُسْتَدْرك» وَصَححهُ مَرْفُوعا: أعرف النَّاس أبصرهم بِالْحَقِّ إِذا اخْتلف النَّاس وَإِن كَانَ مقصرا فِي الْعَمَل وَإِن كَانَ يزحف على أستة، هَكَذَا فِي حفظي فَليُرَاجع «الْمُسْتَدْرك» فَانْظُر كَيفَ جعل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمنصف أعلم النَّاس وَجعل ذَلِك هُوَ الْخصْلَة الْمُوجبَة للأعلمية وَلم يعْتَبر غَيرهَا وَإِنَّمَا كَانَ أبْصر النَّاس بِالْحَقِّ إِذا اخْتلف النَّاس لِأَنَّهُ لم يكن لَدَيْهِ هوى وَلَا حمية وَلَا عصبية لمَذْهَب من الْمذَاهب أَو عَالم من الْعلمَاء فصفت غريزته عَن أَن تتكدر بِشَيْء من ذَلِك فَلم يكن لَهُ مأرب وَلَا مقصد إِلَّا مُجَرّد معرفَة مَا جَاءَ عَن الشَّارِع فظفر بذلك بسهولة من غير مشقة وَلَا تَعب لِأَنَّهُ مَوْجُود إِمَّا فِي كتاب الله وَهُوَ بَين أظهُرنَا فِي الْمَصَاحِف الشَّرِيفَة مُفَسّرٌ بتفاسير الْعلمَاء الموثوق بهم، وَإِمَّا فِي سنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهِي أَيْضا مَوْجُودَة قد ألف أهل الْعلم فِي أَدِلَّة الْمسَائِل من السّنة كتبًا متنوعة ، مِنْهَا مَا هُوَ على أَبْوَاب الْفِقْه وَمِنْهَا مَا هُوَ على حُرُوف المعجم فَكَانَ تنَاوله يَسِيرا ثمَّ قد تكلم الْأَئِمَّة على صِحَّتهَا وحسنها فجاؤوا بِمَا لَا يحْتَاج النَّاظر مَعَه إِلَى غَيره وَوَضَعُوا فِي ذَلِك مؤلفات مُشْتَمِلَة على ذَلِك اشتمالاً على أحسن وَجه وأبدع أسلوب ثمَّ أوضحُوا مَا فِي السّنة من الغَرِيب، بل جمعُوا بَين المتعارضات ورجحوا مَا هُوَ رَاجِح وَلم يَدَعُوا شَيْئا تَدْعُو إِلَيْهِ الْحَاجة فَإِذا وقف على ذَلِك من قد تأهل للِاجْتِهَاد وظفر بِعُلُومِهِ ،أَخذه أَخذًا غير أَخذِ من لم يكن كَذَلِك وَعمل عَلَيْهِ مطمئنة بِهِ نَفسه سَاكِنة إِلَيْهِ، نافرة عَن غَيره هاربة مِنْهُ. اهـ


و صلى الله و سلم على نبيِّنا محمد و على آله و صحبه و سلم.

——————

فائدة:

وقال الكلاباذي: «الكبراء، أي: ذوو الأسنان والشيوخ الذين لهم تجارب، وقد كملت عقولهم، وسكنت حدَّتُهم، وكملت آدابهم، وزالت عنهم خفَّة الصِّبى، وحدَّة الشَّباب، وأحكموا التجارب، فمن جالسهم تأدب بآدابهم وانتفع بتجاربهم، فكان سكونهم ووقارهم حاجزا لمن جالسهم وزاجرا لهم عما يتولد من طباعهم» [بحر الفوائد 129/1 ]


——————

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 15 Dec 2015, 09:08 PM
حبيب تومي البجائي حبيب تومي البجائي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
الدولة: بجاية/ الجزائر
المشاركات: 24
افتراضي

بارك الله فيك أخي على هذه الفائدة التي تشحذ الهمم.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 16 Dec 2015, 10:43 AM
أبو ربيع زبير مبخوتي أبو ربيع زبير مبخوتي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2015
المشاركات: 103
افتراضي

وفيكم بارك الله أخي حبيب
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013