منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 14 May 2013, 11:04 PM
فتحي إدريس
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي استخراج الأسرار المتفرقة في الأسفار / من كتب العلامة ابن القيم -رحمه الله-

اِستخراج الأسرار المتفرقة في الأسفار




إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور من أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

أما بعد:

فهذه نكت لطيفة، للعلامة الهمام ابن القيم –رحمه الله-، وجدت متفرقة في كتبه والجامع بينها أنه -رحمه الله- كان يصدرها بقوله: «وهذا –والله أعلم- هو السِّرُّ»، أو بقوله: «وهذا هو السِّرُّ» فكانت هذه التعليلات، والاستنباطات من هذا العالم متفرقة في كتبه مع ندرتها، فرأيت أن أجمع ما يسر الله تعالى منها في موضوع واحد يسهل تناولها، والوقوف عليها، والله تعالى ولي التوفيق.




الموضع الأول:



قال –رحمه الله- في "روضة المحبين ونزهة المشتاقين"[(ص101-102) طبعة: دار عالم الفوائد]:
«...فحينئذ ينطق الكون بأجمعه بحمده تبارك وتعالى فالا وحالا، كما قال سبحانه وتعالى: ﴿وَتَرَى الـمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ العَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالحَقِّ وَقِيلَ الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ﴾[الزمر: 75]، فحذف فاعل القول لأنه غير معين، بل كل أحد يحمده على ذلك الحكم الذي حكم به، فيحمده أهل السموات وأهل الأرض، والأبرار والفجار، والإنس والجن، حتى أهل النار.
قال الحسن أو غيره: «لقد دخلوا النار وإن حمده لفي قلوبهم ما وجدوا عليه سبيلا».
وهذا -والله أعلم- هو السر الذي حذف لأجله الفاعل في قوله: ﴿قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا﴾[الزمر: 72]، وقوله: ﴿وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ﴾[التحريم: 10]، كأن الكون كله نطق بذلك وقاله لهم. والله أعلم بالصواب».




الموضع الثاني:





قال –رحمه الله- في "المصدر السابق" (ص378-380) وهو يتحدث عن علامات المحبة وشواهدها:
«ومنها: محبة دار المحبوب وبيته، حتى محبة الموضع الذي حل به، وهذا هو السِّرُّ الذي لأجله عكفت القلوب على محبة الكعبة البيت الحرام، حتى استطاب المحبون في الوصول إليها هجر الأوطان والأحباب، ولذَّ لهم فيها السفر الذي هو قطعة من العذاب، فركبوا الأخطار، وجابوا المفاوز والقفار، واحتملوا في الوصول غاية المشاق، ولو أمكنهم لسعوا إليها على الجفون والأحداق.

نعم أسعى إليك على جفوني//وإن بعدت لمسراك الطريق

وسِرُّ هذه المحبة هي إضافة الرب سبحانه له إلى نفسه بقوله: ﴿وَطَهِّرْ بَيْتِي﴾[الحج: 26].

لما انتسبت إليك صرت معظما//وعلوت قدرا دون من لم ينتسب

وكل ما نسب إلى المحبوب فهو محبوب ﴿وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا﴾[الجن: 19]، ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ﴾[الإسراء: 1]، ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ﴾[الفرقان: 1]، ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا﴾[البقرة: 23].
ومن فهم هذا المعنى، فهم معنة قوله تعالى: ﴿بِيَدِكَ الخَيْرُ﴾[آل عمران: 26]، وقول عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم: «لبيك، وسعيدك، والخير في يديك، والشر ليس إليك».
وإذا كان من يحب مخلوقا مثله، يحب داره، كما قال:

أمر على الديار ديار ليلى//أقبل ذا الجدار وذا الجدارا


وما حب الديار شغفن قلبي//ولكن حب من سكن الديارا

فكيف بمن ليس كمثله شيء، ومن ليس كمثل محبته محبة؟!».




الموضع الثالث:




قال -رحمه الله- في "طريق الهجرتين وباب السعادتين"[(ص454-455) طبعة: دار عالم الفوائد]:
«...كما قال أبو الدرداء: «إذا نام العبد المؤمن عرج بروحه حتى تسجد تحت العرش، فإن كان طاهرا أذن لها بالسجود، وإن كان جنبا لم يؤذن لها».
وهذا –والله أعلم- هو السِّرُّ الذي لأجله أمر النبي صلى الله عليه وسلم والجنب إذا أراد النوم أن يتوضأ، وهو إما واجب على أحد القولين، أو مؤكد الاستحباب على القول الآخر. فإن الوضوء يخفف حدث الجنابة، ويجعله طاهرا من بعض الوجوه. ولهذا روى الإمام أحمد وسعيد بن منصور وغيرهما عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم إذا كان أحدهم جنبا ثم أراد أن يجلس في المسجد توضأ ثم جلس فيه. وهذا مذهب الإمام أحمد وغيره، مع أن المساجد لا تحل لجنب. فدل على أن وضوءه رفع حكم الجنابة المطلقة الكاملة التي تمنع الجسد من الجلوس في بيت الله، وتمنع الروح من السجود بين يدي الله.
فتأمل هذه المسألة وفقهها، واعرف بها مقدار فقه الصحابة وعمق علومهم. فهل ترى أحدا من المتأخرين وصل إلى مبلغ هذا الفقه الذي خص الله به خيار عباده، وهم أصحاب نبيه؟ وذلك فضل الله، يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم».



الموضع الرابع:




قال –رحمه الله- في "بدائع الفوائد"[(1168-1169) طبعة: دار عالم الفوائد]:
«السِّرُّ –والله أعلم- في خروج الخلافة عن أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر وعمر وعثمان: أن عليا لو تولى الخلافة بعد موته لأوشك أن يقول المبطلون: إنه مَلِك ورث ملكه أهل بيته، فصان الله منصب رسالته ونبوته عن هذه الشبهة، وتأمل قول هرقل لأبي سفيان: هل كان في آبائه من ملِك؟ قال: لا، فقال: لو كان في آبائه ملِك لقلت: رجل يطلب ملك آبائه، فصان الله منصبه العلي من شبهة الملك في آبائه وأهل بيته.
وهذا –والله أعلم- هو السر في كونه لم يورث هو والأنبياء، قطعا لهذه الشبهة، لئلا يظن المبطل أن الأنبياء طلبوا جمع الدنيا لأولادهم وورثتهم كما يفعله الإنسان من زهده في نفسه وتوريثه ماله لولده وذريته، فصانهم الله من ذلك، ومنعهم من توريث ورثتهم شيئا من المال، لئلا تتطرق التهمة إلى حجج الله ورسله، فلا يبقى في نبوتهم ورسالتهم شبهة أصلا.
ولا يقال: فقد وليها علي وأهل بيته، لأن الأمر لما استقر أنها ليست بملك موروث، وإنما هي خلافة نبوة تستحق بالسبق والتقدم، كان علي في وقته هو سابق الأمة وأفضلها، ولم يكن فيهم حين وليها أولى بها منه، ولا خيرا منه، فلم يحصل لمبطل بذلك شبهة والحمد لله تعالى».




الموضع الخامس:





قال –رحمه الله- في "مدارج السالكين"[(3/31-32) طبعة: دار الكتب العلمية] في كلامه على مراتب المحبة:
«والخلة هي المحبة التي تخللت روح المحب وقلبه، حتى لم يبق فيه موضع لغير المحبوب، كما قيل:

قد تخللت مسلك الروح مني//ولذا سمي الخليل خليلا

وهذا هو السِّرُّ الذي لأجله –والله أعلم- أمر الخليل بذبح ولده، وثمرة فؤاده، وفلذة كبده، لأنه لما سأل الولد فأعطيه، تعلقت به شعبة من قلبه والخلة منصب لا يقبل الشركة والقسمة، فغار الخليل على خليله أن يكون في قلبه موضع لغيره، فأمره بذبح الولد، ليخرج المزاحم من قلبه، فلما وطن نفسه على ذلك، وعزم عليه عزما جازما، حصل مقصود الأمر، فلم يبق في إزهاق نفس الولد مصلحة، فحال بينه وبينه، وفداه بالذبح العظيم...».




الموضع السادس:




وقال -رحمه الله- في "المصدر السابق" (324/1-325) وهو يتكلم عن مسألة تفضيل الطائع على التائب توبة نصوحا:
«...وتأمل قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه عز وجل أنه يقول يوم القيامة: «يا ابن آدم، استطعمتك فلم تطعمني، قال: يا رب، كيف أطعمك وأنت رب العالمين؟ قال: استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه، أما لو أطعمته لوجدت ذلك عندي، ابن آدم، استسقيتك فلم تسقني، قال: يا رب، كيف أسقيك، وأنت رب العالمين؟ قال: استسقاك عبدي فلان فلم تسقه، أما لو سقيته لوجدت ذلك عندي، ابن آدم مرضت فلم تعدني، قال: يا رب، كيف أعودك وأنت رب العالمين؟ قال: أما إن عبدي فلانا مرض فلم تعده، أما لو عدته لوجدتني عنده».
فقال في عيادة المريض: «لوجدتني عنده» وقال في الإطعام والإسقاء «لوجدت ذلك عندي» ففرق بينهما، فإن المريض مكسور القلب ،ولو كان من كان، فلا بد أن يكسره المرض فإذا كان مؤمنا قد انكسر قلبه بالمرض كان الله عنده.
وهذا –والله أعلم- هو السِّرُّ في استجابة دعوة الثلاثة: المظلوم، والمسافر، والصائم، للكسرة التي في قلب كل واحد منهم، فإن غربة المسافر وكسرته مما يجده العبد في نفسه، وكذلك الصوم، فإنه يكسر سورة النفس السبعية الحيوانية ويذلها...».




إلى هنا ينتهي المقصود، وهذا ما تم جمعه، ومن وجد من الإخوة الأفاضل غير هذه المواضع فليتحفنا بها مشكورا مأجورا.




جمع وترتيب
أبي حذيفة
فتحي بن محمد إدريس


التعديل الأخير تم بواسطة فتحي إدريس ; 14 May 2013 الساعة 11:19 PM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 14 May 2013, 11:18 PM
سفيان بن محمد بلوزان سفيان بن محمد بلوزان غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
الدولة: الجزائر
المشاركات: 74
إرسال رسالة عبر MSN إلى سفيان بن محمد بلوزان
افتراضي

جزاك الله خيرًا أبا حذيفة
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 15 May 2013, 10:07 AM
أبو عبد المحسن عبد الله بن أعراب أبو عبد المحسن عبد الله بن أعراب غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
الدولة: الجزائر حسين داي
المشاركات: 80
افتراضي

بوركت أخي فتحي ...مرحبا
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 16 May 2013, 12:00 AM
فتحي إدريس
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

آمين وإياك أخي سفيان.
وأهلا وسهلا بك أخي الكريم عبد الله.
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 14 Jun 2014, 04:48 PM
أبو البراء
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

يُرفــــــع، لإيقاظ الهمم النَّائمة.
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 14 Jun 2014, 04:48 PM
أبو البراء
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

يُرفــــــع، لإيقاظ الهمم النَّائمة.
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الجوزية, فوائد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013