منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21 Aug 2016, 08:39 PM
أبوعبدالرحمن عبدالله بادي
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي صدى النقد: بين الاستاذ احمد صقر والمحدث أحمد محمد شاكر رحمهما الله تعالى.


..:: صدى النقد ::..
تعقيب على نقد ودرس للمنقود قبل الناقد

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:

فقد قال الشيخ العلامة محدث الديار المصرية أبو الأشبال أحمد محمد شاكر رحمه الله في مقدمة تحقيقه لكتاب الشعر والشعراء لابن قتيبة رحمه لله:

أعتذر للأخ الأستاذ السيد صقر عن تأخير التحية له بمناسبة نقده إياى. وكلنا طالب علم، وكلنا طالب حقيقة، وكلنا رائد معرفة، ونرجو أن يكون ذلك خالصاً لوجه الله وحده. وليس بعد الاعتراف اعتذار.

والأستاذ السيد أحمد صقر منى بمنزلة الأخ الأصغر، نشأ معى، وعرفته وعرفنى، وتأدبنا بأدب واحد فى العلم والبحث، وفى فقه المسائل، والحرص على التقصى ما استطعنا.
فإذا ما نقد كتابى فإنما يقوم ببعض ما يجب عليه نحو أخ أقدم منه سنّا، ويراه هو أنه أكثر منه خبرة، أو أوسع إطلاعاً. وما أدرى: أصحيح ما يراه، أم هو حسن الظن فقط؟ فإن له مدى مديداً فى الاطلاع والتقصى، ونفذات صادقة فى الدقائق والمعضلات، يندر أن توجد فى أنداده، بل فى كثير من شيوخه وأستاذيه.
وقد نقد الكتاب الذى أخرجته بتحقيقى «الشعر والشعراء لابن قتيبة» فى مقالين بمجلة «الكتاب» الغراء فى عدد يونية سنة 1946 م بعد ظهور الجزء الأول، ثم فى عدد ديسمبر سنة 1950 م بعد ظهور الجزء الثانى.
وما أحب أن أدير مناظرة أو جدالا حول المآخذ التى أخذها علىّ. فما زعمت قط وما زعم لى أحد أنى لا أخطئ، وكلنا نخطئ ونصيب. ثم هو قد يكون أنفذ بصراً منى فى «الشعر» وما إليه بل هو كذلك فيما أعتقد. وليس وراء الجدال من فائدة، إلا المراء، وقد نهينا عنه أشد النهى.

وقد عتب علىّ الأستاذ السيد صقر أن لم أف بوعدى له بنشر نقده للجزء الأول فى آخر الجزء الثانى. وله العتبى فى ذلك، وقد أشار هو إلى بعض عذرى: أن مشاغلى حالت دون الوفاء بما وعدت، وقد صدق. فإنى وعدته وحرصت على الوفاء بوعدى، ثم أنسيته حين رجوت أخى الأستاذ عبد السلام هارون أن يتم الكتاب فى أواخر الجزء الثانى، إذ اعتزمت السفر مع أهلى إلى الحج. فشغلنى ذلك عن كل شىء، حتى أنسانى ما وعدته به.

ووعدٌ بوعد: فكما وعدت الأستاذ السيد صقر بنشر نقده الجزء الأول فى آخر الجزء الثانى، وعدنى هو- بعد رجائى- أن يقابل النسخة المطبوعة بتحقيقى على النسخ المخطوطة التى أشار إليها فى مقاله الأول، وعلى ما قد عساه يوجد من مخطوطات أخر من الكتاب، ويثبت ما يجده من تصويب أو اختلاف، تمهيداً لتحقيق الكتاب مرة أخرى، لنخرجه فى الطبعة القادمة إن شاء الله متعاونين مشتركين. حتى نؤدى الأمانة حقها. ولعله حريص على الوفاء إن شاء الله [1] .

ولقد زعم كثير من إخواننا، ووصل إلىّ ذلك: أنى ضقت بنقد الأستاذ السيد صقر فى المرتين. وما أظن الذى زعم ذلك أو توهمه يعرف شيئا من خلقى. فما ضاق صدرى بشىء من نقد قط، لَانَ أو قسا، والعلم أمانة.
بل إنى لأرى أن الضيق بالنقد والتسامى عليه ليس من أخلاق العلماء، وليس من أخلاق المؤمن. إنما هو الغرور العلمى، والكبرياء الكاذبة. وحسبنا فى ذلك قول الله تعالى: { وَإِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ }
[البقرة: 206] . وما قال أمير المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب، إذ ردّت عليه امرأة، وهو على المنبر يخطب خير مجتمع ظهر على وجه الأرض، قال كلمة صريحة بينة: «امرأة أصابت ورجل أخطأ» . لم تأخذه العزة بالإثم، وتسامى على الكبرياء والغرور العلمى، وعمر هو عمر.

ثم ما هذه الفاشية المنكرة التى فشت بين المنتسبين للعلم؟ سأتحدث عن نفسى مضطرا حتى لا أمسَّ غيرى:
أنا أرى أن من حقى أن أنقد من أشاء، وأن أقسو فى النقد ما أشاء، فمن ذا الذى يزعم لى، أو يزعم لنفسه، أن ينقد الناس، وأن يقسو عليهم فى النقد، ثم يرى من حقه عليهم أن لا ينقدوه، وأن لا يتحدثوا عنه- إن أذن لهم فى الحديث- إلا برفق ولين وملَق ونفاق، مما يسمونه فى هذا العصر العجيب «مجاملة» !!

لقد رجوت الأستاذ السيد صقر أن ينقد الجزء الأول من «الشعر والشعراء» حين صدوره، وقرأت نقده قبل أن يطبع فى مجلة «الكتاب» الغراء، ولم أجد فى هذا غضاضة علىّ قط، وإن كثيراً من إخوانى ليعرفون هذا الذى أقول، وقد عجبوا منه فى حينه، ولم أره موضعاً للعجب. ثم رجوته أن ينقد الجزء الثانى حين صدوره أيضاً. ولم أر فى نقده ما يمسنى من قريب أو من بعيد.
وهذا رأيى الذى رُبيت عليه واعتنقته طول حياتى: أن لى أن أنقد آراء الناس فى حدود ما أستطيع من علم، وأن لهم أن ينقدوا آرائى فى حدود ما يستطيعون من علم.

وسأذكر بعض المثل، عسى أن يكون فيها عظة وعبرة:

يذكر الناس ما يدور كل عام مراراً من جدال حول إثبات أوائل الشهور العربية: أبالرؤية أم بالحساب. وكتب الناس فى هذا كثيراً، وكتبت مراراً. وكان من رأيى التمسك بالرؤية وحدها، وكان هذا رأى والدى الشيخ محمد شاكر رحمه الله، وكتب فيه وشدد. ثم بدا لى غير ذلك، فى حياة أبى. فنشرت رسالة صغيرة فى شهر ذى الحجة سنة 1357 هـ (فبراير سنة 1939 م) ، اسمها «أوائل الشهور العربية» . وكان مما قلت فيها (ص 15) بالحرف الواحد: «لقد كان للأستاذ الأكبر الشيخ المراغى- منذ أكثر من عشر سنين، حين كان رئيس المحكمة العليا الشرعية- رأى فى رد شهادة الشهود، إذا كان الحساب يقطع بعدم إمكان الرؤية، كالرأى الذى نقلته هنا عن تقى الدين السبكى. وأثار رأيه هذا جدالاً شديداً، وكان والدى وكنت أنا وبعض إخوانى ممن خالف الأستاذ الأكبر فى رأيه. ولكنى أصرح الآن بأنه كان على صواب، وأزيد عليه وجوب إثبات الأهلة بالحساب، فى كل الأحوال، إلا لمن استعصى عليه العلم به» . فلم أجد غضاضة على والدى رحمه الله- فى علمه وفضله الذى يعرفه الجم الغفير من الناس- أن أعلن فى كتاب منشور خلاف رأيه ورأيى، والردَّ عليه وعلى نفسى.

بل أنا أخرج منذ بضع سنين، كتاب (المسند) للإمام أحمد بن حنبل، بتحقيقى وشرحى، وقد أخرجت منه إلى الآن 8 مجلدات [2] ، رأيت بعد إتمام المجلد الثانى منها أنه فاتنى شىء كثير، من الشرح والتخريج، ومن التحقيق والتعليل، وأنه ندت عنى أخطاء علمية مهمة، وأن مثل ذلك سيكون فى الأجزاء القادمة، مهما أحرص على أن لا يكون. وأن الأمانة أن أبين كل شىء ما استطعت. فاستحدثت فى آخر الجزء الثالث، ثم فى آخر كل جزء ظهر أو سيظهر إن شاء الله، بابا فى «الاستدراك والتعقيب» ، رجوت فى أوله إخوانى من علماء الحديث فى أقطار الأرض أن يرسلوا لى كل ما يجدون من ملاحظة أو استدراك أو تعقيب أو بحث. وجعلت لهذه الاستدراكات أرقاما متتابعة. وقد بلغ عدد الأحاديث التى نشرت فى المجلدات السبعة 5580 حديثا، وبلغ عدد الاستدراكات عليها، التى نشرت فى آخر المجلد الثامن 1789 استدراكا، كلها مما تعقبته على عملى ونقدته.

إن كثيراً من الناس تغرهم المناصب والرتب وتخدعهم الألقاب العلمية الضخمة. وما كان شىء من هذا ميزاناً صحيحاً للعلم. ولقد نقدت كثيراً من أمثال هؤلاء، فتعاظموا واستكبروا، فمنهم من أنف أن يرد على، ومنهم من سلط بعض أذنابه يشتمنى، فما عبأت بهذا ولا بهذا، لا استكباراً ولا تعاظماً، ولكن لأنى طالب علم ورائد حقيقة، ولكن لأنى لم أضع نفسى فى موازينهم قط.

ومثال آخر من أروع الأمثلة فى آداب المتقدمين من الأئمة:

هذا ابن حزم الإمام العظيم، وكل من سمع به يعرف قسوة قلمه، وبديع نقده، وطريف تشنيعه إذا ما بدا له أن يشنع على خصم. بحث بحثاً فقهياً فى (المحلى) ، ليس من مجال القول هنا أن نفصله. فذكر فيه (6: 66- 74) مسألة استدل فيها بعض العلماء بحديث رواه ابن وهب عن جرير بن حازم عن أبى إسحق عن عاصم بن ضمرة والحرث الأعور عن على. ثم رد صحة الحديث بأن جرير بن حازم قرن فى الإسناد بين عاصم بن ضمرة، وهو ثقة، وبين الحرث الأعور، وهو كذاب، وقال (ص 70) : «وكثير من الشيوخ يجوز عليهم مثل هذا، وهو أن الحرث أسنده، وعاصم لم يسنده، فجمعهما جرير، وأدخل حديث أحدهما فى الآخر» . وغلا ابن حزم غلواً شديداً بعد ذلك، فقال: «هو حديث هالك. ولو أن جريراً أسنده عن عاصم وحده لأخذنا به» .

وابن حزم كان يؤلف قبل عصر المطبعة، وكتابه فى يده، فكان مستطيعاً إذا شاء أن يعرض عما كتبه كله فى هذه المسألة الطويلة، ويستأنف كتابتها على النحو الذى يريده بعد أن تغير اجتهاده وتغير رأيه. ولكنه أبى إلا أن يبقى ما كتب على ما كتب، ثم يرد على نفسه، على طريقته وبقوته، فيقول فى آخر المسألة (ص 74) : «ثم استدركنا فرأينا أن حديث جرير بن حازم مسند صحيح لا يجوز خلافه، وأن الاعتلال فيه بأن عاصم بن ضمرة أو أبا إسحق أو جريراً خلط إسناد الحرث بإرسال عاصم- هو الظن الباطل الذى لا يجوز. وما علينا من مشاركة الحرث لعاصم، ولا لإرسال من أرسله، ولا لشك زهير فيه شىء وجرير ثقة، فالأخذ بما أسنده لازم» .
وهذا الجزء من (المحلى) طبع منذ أكثر من عشرين سنة، سنة (1349 هجرية) بتحقيقى. وقد كتبت فيه تعليقا على صنيع ابن حزم هذا ما نصه:
«لله درّ أبى محمد بن حزم، رأى خطأه فسارع إلى تداركه، وحكم بأنه الظن الباطل الذى لا يجوز. وهذا شأن المنصفين من أتباع السنة الكريمة وأنصار الحق، وهم الهداة القادة. وقليل ما هم» .
وأظن فى هذا مقنعاً لمن أراد أن يقتنع أو يهتدى.

أحمد محمد شاكر

[1] وهو إلى الآن لم يفعل، أحمد محمد شاكر.
[2] صارت الآن 15 مجلدا، وأسأل الله التوفيق لإتمامه. أحمد محمد شاكر.

المصدر :
مقدمة العلامة أحمد شاكر لتحقيقه كتاب الشعر والشعراء لابن قتيبة رحمهما الله [ من 33 إلى 37 ]

منقول من صفحة الشيخ فواز المدخلي حفظه الله على الفيس بوك.

رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013