زوج هات

[عز الدين بن سالم أبو زخار]

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلَّم وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
فهل سمعتم بمثل هؤلاء الأزواج؟
زوج هات، لا يفهم من الحياة الزوجية إلا تحقيق أوامره، وتجهيز طلباته، وإشباع غريزته، ولا يلتفت لتلك الأسيرة، ولا ينظر لطلباتها ورغباتها.
قال الله عز وجل: {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف} [البقرة: 228].
يظن ذاك المسكين أن المعاشرة بالمعروف تفضلا منه، وهو واجب من الواجبات التي فرضها الله عز وجل عليه.
قال الله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 19].
وفي هذا أمر من الله عز وجل، والأمر يفيد الوجوب ما لم يصرفه صارف ولا صارف.
قال الإمام السعدي رحمه الله في ((تفسيره)): ((وهذا يشمل المعاشرة القولية والفعلية، فعلى الزوج أن يعاشر زوجته بالمعروف، من الصحبة الجميلة، وكف الأذى وبذل الإحسان، وحسن المعاملة، ويدخل في ذلك النفقة والكسوة ونحوهما، فيجب على الزوج لزوجته المعروف من مثله لمثلها في ذلك الزمان والمكان، وهذا يتفاوت بتفاوت الأحوال)) اهـ.
وقال الإمام الألباني رحمه الله في ((آداب الزفاف)): ((وجوب إحسان عشرة الزوجة:
ويجب عليه أن يحسن عشرتها ويسايرها فيما أحل الله لها - لا فيما حرم - ولاسيما إذا كانت حديثة السن وفي ذلك أحاديث)) اهـ.
ومثل هذا الزوج الذي لا يعرف إلا (هات) هل عاشر أهله بالمعروف؟
وهل كان من خيرنا؟
لا، والله.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي)).
أخرجه الترمذي والدارمي وصححه الألباني.
قال الإمام ابن كثير رحمه الله في ((تفسيره)): ((وكان من أخلاقه صلى الله عليه وسلم أنه جَمِيل العِشْرَة دائم البِشْرِ، يُداعِبُ أهلَه، ويَتَلَطَّفُ بهم، ويُوسِّعُهُم نَفَقَته، ويُضاحِك نساءَه، حتى إنه كان يسابق عائشة أم المؤمنين يَتَوَدَّدُ إليها بذلك)) اهــ.
فتشبهوا
ومن تتبع قصص هؤلاء الأزواج لجمع سفرا عظيما في بخلهم وإساءتهم لأهلهم، وحسبي أن أذكر قصتين:
القصة الأولي: رجل يشتري الفاكهة ويضعها في سيارته ولا يدخلها أهله، وإذا احتاج شيئا أحضره من سيارته، ولا يرى أهله إلا بقايا الفاكهة.
القصة الثانية: رجل حديث عهد بالزواج يأتي بأصدقائه للبيت ويحضر وجبات جاهزة، وزوجته ما لها إلا أن تلقي الأوراق والأكياس والعلب في القمامة بعد خروجهم.
أمثل هؤلاء رجال؟!
أما عَلمَ هذا المسكين وأمثاله أن خير الدراهم أجرا الذي ينفه على أهله، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجرا الذي أنفقته على أهلك)).
أخرجه مسلم.
هذا والله أعلم وبالله التوفيق وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم السبت 18 ذي الحجة سنة 1438 هـ
الموافق لـ: 9 سبتمبر سنة 2017 ف