منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10 Jan 2008, 11:50 PM
الـــــنـاصـــح
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي العلامة الفوزان ::: الولاء والبراء في الإسلام :::

فَصْلٌ فِي الوَلاَء وَالبَرَاء


هذا؛ وبعد انتهائنا من هذا البيان المختصر لأصول العقيدة الإسلامية نشير إلى أنه يجب على كل مسلم يدين بهذه العقيدة أن يوالي أهلها ويعادي أعداءها؛ فيحب أهل التوحيد والإخلاص ويواليهم، ويبغض أهل الإشراك ويعاديهم‏.‏
وذلك من ملة إبراهيم والذين معه، الذين أمرنا بالاقتداء بهم؛ حيث يقول سبحانه وتعالى‏:‏ ﴿ ‏قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ﴾‏‏ [ الممتحنة: ٤ ]
وهو من دين محمد عليه الصلاة والسلام‏:‏
قال تعالى‏:‏ ﴿ ‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾‏‏ [المائدة: ٥١ ] وهذه في تحريم موالاة أهل الكتاب خصوصا‏.‏
وقال في تحريم موالاة الكفار عموما‏:‏ ﴿ ‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ ﴾‏‏ [ الممتحنة: 1 ]
بل لقد حرم الله على المؤمن موالاة الكفار ولو كانوا من أقرب الناس نسبا؛ قال تعالى‏:‏ ﴿ ‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾‏‏ [التوبة: 23 ] وقال تعالى‏:‏ ﴿ ‏لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ﴾‏‏ ‏[ المجادلة: 22 ].‏
وقد جهل كثير من الناس هذا الأصل العظيم، حتى لقد سمعت بعض المنتسبين إلى العلم والدعوة في إذاعة عربية يقول عن النصارى‏:‏ إنهم إخواننا‏!‏ ويا لها من كلمة خطيرة‏!‏‏!‏
وكما أن الله سبحانه حرم موالاة الكفار أعداء العقيدة الإسلامية؛ فقد أوجب سبحانه موالاة المؤمنين ومحبتهم؛ قال تعالى‏:‏ ﴿ ‏إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ﴾‏‏ [ المائدة: 65 - 66 ] وقال تعالى‏:‏ ﴿ ‏مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ﴾‏‏ [ الفتح: 29 ] وقال تعالى‏:‏ ﴿ ‏إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾‏‏ [ الحجرات: 10 ]
فالمؤمنون إخوة في الدين والعقيدة، وإن تباعدت أنسابهم وأوطانهم وأزمانهم؛ قال تعالى‏:‏ ﴿ ‏وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾‏‏ [ الحشر: 10 ]
فالمؤمنون من أول الخليقة إلى آخرها مهما تباعدت أوطانهم وامتدت أزمانهم إخوة متحابون؛ يقتدي آخرهم بأولهم، ويدعوا بعضهم لبعض، ويستغفر بعضهم لبعض‏.‏

وللولاء والبراء مظاهر تدل عليهما‏:‏

مَظَاهِرُ مُوَالاَةِ الكُفَّارِ

مظاهر موالاة الكفار قد بينها الكتاب والسنة، ومنها‏:‏
1- التشبه بهم في الملبس والكلام وغيرهما؛ لأن التشبه بهم في الملبس والكلام وغيرهما يدل على محبة المتشبِّه للمتشبَّه به، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏« من تشبه بقوم؛ فهو منهم »‏ (1)؛ فيحرم التشبه بالكفار فيما هو من خصائصهم ومن عاداتهم وعباداتهم وسمتهم وأخلاقهم؛ كحلق اللحى، وإطالة الشوارب، والرطانة بلغتهم إلا عند الحاجة، وفي هيئة اللباس والأكل والشرب وغير ذلك‏.‏
2- الإقامة في بلادهم وعدم الانتقال منها إلى بلد المسلمين لأجل الفرار بالدين؛ لأن الهجرة بهذا المعنى ولهذا الغرض واجبة على المسلم؛ لأن إقامته في بلاد الكفر تدل على موالاة الكافرين‏.‏
ومن هنا حرم الله إقامة المسلم بين الكفار إذا كان يقدر على الهجرة، قال تعالى‏:‏ ﴿ ‏إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا ﴾‏‏ [ النساء: 97 - 99 ] فلم يعذر الله في الإقامة في بلاد الكفار إلا المستضعفين الذين لا يستطيعون الهجرة، وكذلك من كان في إقامته مصلحة دينية؛ كالدعوة إلى الله ونشر الإسلام في بلادهم‏.‏
3- ومن مظاهر موالاة الكفار السفر إلى بلادهم لغرض النزهة ومتعة النفس، والسفر إلى بلاد الكفار محرم إلا عند الضرورة -كالعلاج والتجارة والتعلم للتخصصات النافعة التي لا يمكن الحصول عليها إلا بالسفر إليهم- فيجوز بقدر الحاجة، وإذا انتهت الحاجة؛ وجب الرجوع إلى بلاد المسلمين، ويشترط كذلك لجواز هذا السفر أن يكون مُظهِرا لدينه، معتزا بإسلامه، مبتعدا عن مواطن الشر، حذرا من دسائس الأعداء ومكائدهم، وكذلك يجوز السفر أو يجب إلى بلادهم إذا كان لأجل نشر الدعوة إلى الله ونشر الإسلام‏.‏
4- ومن مظاهر موالاة الكفار إعانتهم ومناصرتهم على المسلمين، ومدحهم والذب عنهم، وهذا من نواقض الإسلام وأسباب الردة؛ نعوذ بالله من ذلك‏.‏
5- ومن مظاهر موالاة الكفار الاستعانة بهم‏(*)‏ والثقة بهم وتوليتهم المناصب التي فيها أسرار المسلمين واتخاذهم بطانة ومستشارين‏:‏
قال الله تعالى‏:‏ ﴿ ‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتْ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ إِنَّ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا ﴾‏‏ [ آل عمران: 118 - 120 ]
فهذه الآيات الكريمة تشرح دخائل الكفار، وما يكنونه نحو المسلمين من بغض، وما يدبرونه ضدهم من مكر وخيانة، وما يحبونه من مضرة المسلمين وإيصال الأذى إليهم بكل وسيلة، وأنهم يستغلون ثقة المسلمين بهم فيخططون للإضرار بهم والنيل منهم‏.‏
روى الإمام أحمد عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه؛ قال‏:‏ قلت لعمر رضي الله عنه‏:‏ لي كاتب نصراني‏!‏ قال‏:‏ ما لك قاتلك الله‏؟‏ أما سمعت الله يقول‏:‏ ﴿ ‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾‏‏ [ المائدة: 51 ] ألا اتخذت حنيفا‏؟‏ قال‏:‏ قلت‏:‏ يا أمير المؤمنين‏!‏ لي كتابته، وله دينه‏.‏ قال‏:‏ لا أكرمهم إذ أهانهم الله، ولا أعزهم إذ أذلهم الله، ولا أدنيهم إذ أقصاهم الله‏.‏
وروى الإمام أحمد ومسلم‏:‏ « ‏أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى بدر، فتبعه رجل من المشركين، فلحقه عند الحرة، فقال إني أردت أن أتبعك وأصيب معك قال تؤمن بالله ورسوله‏؟‏ قال لا قال ارجع؛ فلن أستعين بمشرك »‏ (2)‏(**)‏‏.‏
ومن هذه النصوص يتبين لنا تحريم تولية الكفار أعمال المسلمين التي يتمكنون بواسطتها من الاطلاع على أحوال المسلمين وأسرارهم ويكيدون لهم بإلحاق الضرر بهم‏.‏
ومن هذا ما وقع في هذا الزمان من استقدام الكفار إلى بلاد المسلمين -بلاد الحرمين الشريفين- وجعلهم عمالا وسائقين ومستخدمين ومربين في البيوت، وخلطهم مع العوائل أو خلطهم مع المسلمين في بلادهم‏.‏
6- ومن مظاهر موالاة الكفار التأريخ بتأريخهم، خصوصا التاريخ الذي يعبر عن طقوسهم وأعيادهم؛ كالتاريخ الميلادي، والذي هو عبارة عن ذكرى مولد المسيح عليه السلام، والذي ابتدعوه من أنفسهم، وليس هو من دين المسيح عليه السلام؛ فاستعمال هذا التاريخ فيه مشاركة في إحياء شعارهم وعيدهم‏.‏
ولتجنب هذا لما أراد الصحابة رضي الله عنهم وضع تاريخ للمسلمين في عهد عمر رضي الله عنه؛ عدلوا عن تواريخ الكفار، وأرخوا بهجرة الرسول صلى الله عليه وسلم، مما يدل على وجوب مخالفة الكفار في هذا وفي غيره مما هو من خصائصهم‏.‏ والله المستعان‏.‏
7- ومن مظاهر موالاة الكفار‏:‏ مشاركتهم في أعيادهم، أو مساعدتهم في إقامتها، أو تهنئتهم بمناسبتها، أو حضور إقامتها، وقد فسر قوله سبحانه وتعالى‏:‏ ﴿ ‏وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ ﴾‏‏ [ الفرقان: 72 ] أي‏:‏ ومن صفات عباد الرحمن أنهم لا يحضرون أعياد الكفار‏.‏
8- ومن مظاهر موالاة الكفار مدحهم والإشادة بما هم عليه من المدنية والحضارة والإعجاب بأخلاقهم ومهاراتهم دون نظر إلى عقائدهم الباطلة ودينهم الفاسد؛ قال تعالى‏:‏ ﴿ ‏وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴾‏‏ [ طه: 131 ]
وليس معنى ذلك أن المسلمين لا يتخذون أسباب القوة من تعلم الصناعات ومقومات الاقتصاد المباح والأساليب العسكرية، بل ذلك مطلوب؛ قال تعالى‏:‏ ﴿ ‏وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ﴾‏‏ [ الأنفال: 60 ] وهذه المنافع والأسرار الكونية هي في الأصل للمسلمين؛ قال تعالى‏:‏ ﴿ ‏قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾‏‏ [ الأعراف: 32 ] وقال تعالى‏:‏ ﴿ ‏وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ ﴾‏‏ [ الجاثية: 13 ] وقال تعالى‏:‏ ﴿ ‏هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ﴾‏‏ [ البقرة: 29 ] فالواجب أن يكون المسلمون سباقين إلى استغلال هذه المنافع وهذه الطاقات، ولا يستجدون الكفار في الحصول عليها، يجب أن تكون لهم مصانع وتقنيات‏.‏
9- ومن مظاهر موالاة الكفار التسمي بأسمائهم؛ بحيث يسمون أبناءهم وبناتهم بأسماء أجنبية، ويتركون أسماء آبائهم وأمهاتهم وأجدادهم وجداتهم والأسماء المعروفة في مجتمعهم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏« ‏خير الأسماء عبد الله وعبد الرحمن‏ »‏ ‏(3).‏
وبسبب تغيير الأسماء؛ فقد وجد جيل يحمل أسماء غريبة، مما يسبب الانفصال بين هذا الجيل والأجيال السابقة، ويقطع التعارف بين الأسر التي كانت تعرف بأسمائها الخاصة‏.‏
10- ومن مظاهر موالاة الكفار الاستغفار لهم والترحم عليهم، وقد حرم الله ذلك بقوله تعالى‏:‏ ﴿ ‏مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ﴾‏‏ [ التوبة:113 ] لأن هذا يتضمن حبهم وتصحيح ما هم عليه‏.‏

مَظَاهِرُ مُوَالاَةِ المُؤْمِنِين

مظاهر موالاة المؤمنين قد بينها الكتاب والسنة، ومنها‏:‏
1- الهجرة إلى بلاد المسلمين وهجر بلاد الكافرين‏.‏ والهجرة؛ هي الانتقال من بلاد الكفار إلى بلاد المسلمين لأجل الفرار بالدين‏.‏
والهجرة بهذا المعنى ولأجل هذا الغرض واجبة وباقية إلى طلوع الشمس من مغربها عند قيام الساعة، وقد تبرأ النبي صلى الله عليه وسلم من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين، فتحرم على المسلم الإقامة في بلاد الكفار إلا إذا كان لا يستطيع الهجرة منها أو كان في إقامته مصلحة دينية؛ كالدعوة إلى الله ونشر الإسلام‏.‏
قال تعالى‏:‏ ﴿ ‏إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظُالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فَيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا ﴾‏‏ [ النساء: 97-99 ]
2- مناصرة المسلمين ومعاونتهم بالنفس والمال واللسان فيما يحتاجون إليه في دينهم ودنياهم؛ قال تعالى‏:‏ ‏﴿ ‏وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾‏‏ [ التوبة: 71 ] وقال تعالى‏:‏ ﴿ ‏وَإِنْ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمْ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بِيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ ﴾‏‏ [ الأنفال: 72 ]
3- التألم لألمهم والسرور بسرورهم؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ « ‏مثل المسلمين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو؛ تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر »‏ (4)، وقال أيضا عليه الصلاة والسلام‏:‏ ‏« المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا، وشبك بين أصابعه صلى الله عليه وسلم » (5)‏.‏
4- النصح لهم، ومحبة الخير لهم، وعدم غشهم وخديعتهم؛ قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏« ‏لا يؤمن أحدكم حتى يحبَّ لأخيه ما يحب لنفسه‏ »‏ (6)، وقال‏:‏ « ‏المسلم أخو المسلم؛ لا يحقره ولا يخذله ولا يسلمه، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام؛ دمه وماله وعرضه »‏ (7)، وقال عليه الصلاة والسلام‏:‏ ‏« ‏لا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا تناجشوا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا‏ »‏ (8)‏.‏
5- احترامهم وتوقيرهم وعدم تنقصهم وعيبهم؛ قال تعالى‏:‏ ﴿ ‏يَا أَيُّهَا الِّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أُنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ يَا أَيُّهَا الِّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ﴾‏‏ [ الحجرات: 11-12 ]
6- أن يكون معهم في حال العسر واليسر والشدة والرخاء، بخلاف أهل النفاق، الذين يكونون مع المؤمنين في حالة اليسر والرخاء، ويتخلون عنهم في حال الشدة؛ قال تعالى‏:‏ ﴿ ‏الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾‏‏ [ النساء: 141 ]
7- زيارتهم ومحبة الالتقاء بهم والاجتماع معهم، وفي الحديث القدسي‏:‏ ‏« ‏وجبت محبتي للمتزاورين فيَّ‏ »‏ (9)، وفي حديث آخر‏:‏ ‏« ‏أن رجلا زار أخا له في الله، فأرصد الله على مدرجته ملكا، فسأله أين تريد‏؟‏ قال أزور أخا لي في الله قال هل لك عليه من نعمة تربها عليه‏؟‏ قال لا؛ غير أنني أحببته في الله قال فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه‏ » (10)‏.‏
8- احترام حقوقهم؛ فلا يبيع على بيعهم، ولا يسوم على سومهم، ولا يخطب على خطبتهم، ولا يتعرض لما سبقوا إليه من المباحات؛ قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏« ‏لا يبع الرجل على بيع أخيه، ولا يخطب على خطبته‏ »‏ ‏(11) وفي رواية‏:‏ « ولا يسم على سومه » ‏‏(12).‏
9- الرفق بضعفائهم؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏« ‏ليس منا من لم يوقِّر كبيرَنا ويرحمْ صغيرَنا‏ »‏ (13)، وقال عليه الصلاة والسلام‏:‏ « ‏هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم‏ » (14)، وقال تعالى‏:‏ ﴿ ‏وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾‏‏ [ الكهف: 28 ]
10- الدعاء لهم والاستغفار لهم؛ قال تعالى‏:‏ ﴿ ‏وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ﴾‏‏ [ محمد: 19 ] ﴿ ‏رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ ﴾‏‏ [ الحشر: 10 ]

تنبيــه
وأما قوله تعالى‏:‏ ﴿ ‏لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾‏‏ [ الممتحنة: 8 ] فمعناه أن من كف أذاه من الكفار، فلم يقاتل المسلمين، ولم يخرجهم من ديارهم؛ فإن المسلمين يقابلون ذلك بمكافأته بالإحسان والعدل معه في التعامل الدنيوي، ولا يحبونه بقلوبهم؛ لأن الله قال‏:‏ ﴿ ‏تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ﴾‏‏ [ الممتحنة: 8] ، ولم يقل‏:‏ توالونهم وتحبونهم‏.‏
ونظير هذا قوله تعالى في الوالدين الكافرين‏:‏ ﴿ ‏وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ﴾‏‏ [ لقمان: 15 ]
وقد جاءت أم أسماء إليها تطلب صلتها وهي كافرة، فاستأذنت أسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، فقال لها‏:‏ ‏"‏صلي أمك‏"‏‏.‏
وقد قال الله تعالى‏:‏ ﴿ ‏لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ ﴾‏‏ ‏.‏‏.‏‏. الآية [ المجادلة: 22 ]‏
فالصلة والمكافأة الدنيوية شيء، والمودة شيء آخر؛ لأن في الصلة وحسن المعاملة ترغيبا للكافر في الإسلام، فهما من وسائل الدعوة؛ بخلاف المودة والموالاة؛ فهما يدلان على إقرار الكافر على ما هو عليه والرضى عنه، وذلك يسبب عدم دعوته إلى الإسلام‏.‏
وكذلك تحريم موالاة الكفار لا يعني تحريم التعامل معهم بالتجارة المباحة واستيراد البضائع والمصنوعات النافعة والاستفادة من خبراتهم ومخترعاتهم؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم استأجر ابن أريقط الليثي ليدله على الطريق وهو كافر، واستدان من بعض اليهود، وما زال المسلمون يستوردون البضائع والمصنوعات من الكفار، وهذا من باب الشراء منهم بالثمن، وليس لهم علينا فيه فضل ومنة، وليس هو من أسباب محبتهم وموالاتهم؛ فإن الله أوجب محبة المؤمنين وموالاتهم وبغض الكافرين ومعاداتهم‏.‏
قال الله تعالى‏:‏ ﴿ ‏إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾‏‏ ‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ إلى قوله تعالى‏:‏ ﴿ ‏وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ ﴾‏‏ [ الأنفال: 72-73 ]
قال الحافظ ابن كثير‏:‏ ‏"‏ومعنى قوله‏:‏ ﴿ ‏إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ ﴾‏‏ [ الأنفال: 73 ] ؛ أي‏:‏ إن لم تجانبوا المشركين وتوالوا المؤمنين، وإلا؛ وقعت فتنة في الناس، وهو التباس الأمر واختلاط المؤمنين بالكافرين، فيقع بين الناس فساد منتشر عريض طويل‏.‏‏.‏‏.‏‏"‏انتهى‏.‏
قلت‏:‏ وهذا ما حصل في هذا الزمان‏.‏ والله المستعان‏.‏

أَقْسَامُ النَّاسِ فِيمَا يَجِبُ فِي حَقِّهِمْ مِنَ الوَلاَء وَالبَرَاء

الناس في الولاء والبراء على ثلاثة أقسام‏:‏
القسم الأول
من يحب محبة خالصة لا معاداة معها، وهم المؤمنون الخلَّص من الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين، وفي مقدمتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإنه تجب محبته أعظم من محبة النفس والولد والوالد والناس أجمعين، ثم زوجاته أمهات المؤمنين، وأهل بيته الطيبين، وصحابته الكرام، خصوصا الخلفاء الراشدين، وبقية العشرة، والمهاجرين والأنصار، وأهل بدر، وأهل بيعة الرضوان، ثم بقية الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، ثم التابعون والقرون المفضلة وسلف هذه الأمة وأئمتها؛ كالأئمة الأربعة‏.‏
قال تعالى‏:‏ ﴿ ‏وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾‏‏ [ الحشر: 10 ]‏.‏
ولا يبغض الصحابة وسلف هذه الأمة من في قلبه إيمان، وإنما يبغضهم أهل الزيغ والنفاق وأعداء الإسلام، كالرافضة والخوارج، نسأل الله العافية‏.‏
القسم الثاني
من يبغض ويعادي بغضا ومعاداة خالصين لا محبة ولا موالاة معهما، وهم الكفار الخلص من الكفار والمشركين والمنافقين والمرتدين والملحدين على اختلاف أجناسهم؛ كما قال تعالى‏:‏ ﴿ ‏لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ﴾‏‏ [ المجادلة: 22 ]، وقال تعالى عائبا على بني إسرائيل‏:‏ ﴿ ‏تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ﴾‏‏ [ المائدة: 80-81 ]‏.‏
القسم الثالث
من يحب من وجه ويبغض من وجه، فيجتمع فيه المحبة والعداوة، وهم عصاة المؤمنين؛ يحبون لما فيهم من الإيمان، ويبغضون لما فيهم من المعصية التي هي دون الكفر والشرك‏.‏
ومحبتهم تقتضي مناصحتهم والإنكار عليهم؛ فلا يجوز السكوت على معاصيهم، بل ينكر عليهم، ويؤمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، وتقام عليهم الحدود والتعزيرات حتى يكفوا عن معاصيهم ويتوبوا من سيئاتهم، لكن لا يُبْغَضون بغضا خالصا ويتبرأ منهم؛ كما تقوله الخوارج في مرتكب الكبيرة التي هي دون الشرك، ولا يُحَبُّون ويوالون حبا وموالاة خالصين كما تقوله المرجئة، بل يعتدل في شأنهم على ما ذكرنا؛ كما هو مذهب أهل السنة والجماعة‏.‏
والحب في الله والبغض في الله أوثق عرى الإيمان، « والمرء مع من أحب يوم القيامة » (15)؛ كما في الحديث‏.‏
وقد تغير الوضع وصار غالب موالاة الناس ومعاداتهم لأجل الدنيا؛ فمن كان عنده مطمع من مطامع الدنيا؛ والوه، وإن كان عدوا لله ولرسوله ولدين المسلمين، ومن لم يكن عنده مطمع من مطامع الدنيا؛ عادوه، ولو كان وليًّا لله ولرسوله عند أدنى سبب، وضايقوه واحتقروه‏.‏
وقد قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما‏:‏ ‏"‏من أحب في الله، وأبغض في الله، ووالى في الله، وعادى في الله؛ فإنما تنال ولاية الله بذلك، وقد صارت عامة مؤاخاة الناس على أمر الدنيا، وذلك لا يجدي على أهله شيئا‏"‏‏.‏ رواه ابن جرير‏.‏
وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏« إن الله تعالى قال من عادى لي وليًّا؛ فقد آذنته بالحرب‏ » (16)الحديث‏.‏ رواه البخاري‏.‏
وأشد الناس محاربة لله من عادى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسبهم وتنقصهم، وقد قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏« ‏الله الله في أصحابي، لا تتخذوهم غرضا؛ فمن آذاهم؛ فقد آذاني، ومن آذاني؛ فقد آذى الله، ومن آذى الله؛ يوشك أن يأخذه‏ »‏ ‏(17).‏ أخرجه الترمذي وغيره‏.‏
وقد صارت معاداة الصحابة وسبهم دينا وعقيدة عند بعض الطوائف الضالة‏!‏‏!‏ نعوذ بالله من غضبه وأليم عقابه، ونسأله العفو والعافية‏.‏



الإِرْشَاد
إِلَى صَحِيحِ الاِعْتِقَاد
وَالرَّدُّ عَلَى أَهْلِ الشِّرْكِ وَالإِلْحَاد

٣١٤-٣٢٨

ــــــــــــــ
(*) في غير حالة الضرورة
(**) هذا محمول على غير حالة الضرورة ، وقيل : إنه منسوخ -والله أعلم - لما ثبت من استعانته ببعض الكفار في ذلك.
(1) أبو داود اللباس ( ٤٠٣١ ).
(2) مسلم الجهاد والسير ( ١٨١٧ ) ، الترمذي السير ( ١٥٥٨ ) ، أبو داود الجهاد ( ٢٧٣٢ ) ، ابن ماجه الجهاد الجهاد ( ٢٨٣٢ (،أحمد ( ٦/ ١٤٩ ) ، الدارمي السير ( ٢٤٩٦ ).
(3) مسلم الآداب ( ٢١٣٢ ) ، الترمذي الأدب ( ٢٨٣٣ ) ، أبو داود الأدب ( ٤٩٤٩ ) ، ابن ماجه الأدب ( ٣٧٢٨ (، أحمد (٢/ ١٢٨ ) ، الدارمي الاستئذان ( ٢٦٩٥ ).
(4) البخاري الأدب ( ٥٦٦٥ ) ، مسلم البر والصلة والآداب ( ٢٥٨٦ ) ، أحمد (٤/٢٧٠).
(5) البخاري المظالم والغصب ( ٢٣١٤ ) ، مسلم البر والصلة والآداب ( ٢٥٨٥ ) ، الترمذي البر والصلة ( ١٩٢٨) ، النسائي الزكاة (٢٥٦٠ ) ، أحمد ( ٤/ ٤٠٥).
(6) البخاري الإيمان ( ١٣ )، مسلم الإيمان ( ٤٥ )، الترمذي صفة القيامة والرقائق والورع ( ٢٥١٥ )، النسائي الإيمان وشرائعه ( ٥٠١٦ ) ، ابن ماجه المقدمة ( ٦٦ ) ، أحمد ( ٣/ ٢٧٢ ) ، الدارمي الرقاق (٢٧٤٠ ).
(7) مسلم البر والصلة والآداب ( ٢٥٦٤ ).
(8) البخاري الأدب ( ٥٧١٩ ) ، مسلم النكاح ( ١٤١٣ ) ، النسائي النكاح ( ٣٢٣٩ ) ، أحمد ( ٢/٣٩٤ ) ، مالك الجامع (١٦٨٤).
(9) أحمد (٥/٢٣٧) ، مالك الجامع (١٧٧٩).
(10) مسلم البر والصلة والآداب ( ٢٥٦٧ ) ، أحمد ( ٢/٥٠٨).
(11) البخاري النكاح (٤٨٤٨) ، مسلم النكاح (١٤١٢) ، الترمذي البيوع ( ١٢٩٢) ، النسائي النكاح ( ٣٢٤٣ ) ، أبو داود البيوع (٣٤٣٦) ، ابن ماجه التجارات (٢١٧١) ، مالك النكاح ( ١١١٢) ، الدارمي البيوع (٢٥٦٧).
(12) الترمذي البر والصلة (١٩٢٠) ، أبو داود الأدب (٤٩٤٣) ، أحمد ( ٢/٢٠٧).
(13) البخاري الجهاد والسير (٢٧٣٩) ، النسائي الجهاد (٣١٧٨) ، أحمد (١/١٧٣).
(14) البخاري الهبة وفضلها والتحريض عليها (٢٤٧٧) ، مسلم الزكاة (١٠٠٣) ، أبو داود الزكاة (١٦٦٨) ، أحمد (٦/٣٤٧).
(15) البخاري الرقاق (٦١٣٧).
(16) الترمذي الدعوات (٣٥٣٥).
(17) الترمذي المناقب (٣٨٦٢) ، أحمد (٤/٨٧).






__________________
للمراسلة elbouleidi@hotmail.com

رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الإسلام لا الإنسانية بشير ابو عبد الرحمن الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام 5 29 Jan 2008 08:57 AM
نبذة صغيرة عن "الفتوى الحموية لشيخ الإسلام" من كلام العلامة أمان الجامي -رحمهما الله- أبو أنس عبد الهادي الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام 4 16 Dec 2007 11:14 PM
ضعف أمة الإسلام اليوم أبو البراء إلياس الباتني الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام 1 11 Dec 2007 04:38 PM
هذا ما قاله العلامة السحيمي في اخيه العلامة الالباني ابوعبدالله الجزائري الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام 4 29 Oct 2007 03:03 PM
الولاء والبراء في الإسلام للشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان ( 1409هـ .) محمود الليبي السلفي الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام 0 06 Oct 2007 10:36 PM


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013